Pure Software code
 
www.puresoftwarecode.com

SOFTWARE Institute
Teach YourSelf
100 Software Programming Training Courses
For Free Download


CHRISTIANITY Institute
HUMANITIES Institute
more the 400 Subjects, All for Free Download.
Lebanon  
Humanities Institute
 
 
 
  Home: Humanities Institute, Lebanon 1861-1919 Lebanon 1840-1860   Lebanon 1861-1919  
Home
بروتوكول المتصرّفية 1861، وما بعده
احداث لبنان 1919-1861 | Lebanon Events 1861-1919
 
 1- لبنان في التاريخ بين 1919-1861 في التحليل
ان ما يعرف بامارة الشهابيين بعد العام 1711…كانت السلف التاريخي لمتصرّفية جبل لبنان التي انشئت  في عام 1861 ، والتي اصبحت بدورها السلف التاريخي للجمهورية اللبنانية الحالية.  ومؤرخو لبنان الذين يكتفون بهذه النظرة  الواقعية الى دور عهد الامارة في تاريخ البلاد هم على حق . 
 1.1- عهد المتصرّفية - بروتوكول  1861

أنزل فؤاد باشا العقوبات الصارمة بحق بعض المجرمين في مذابح المسيحيين الاخيرة في الشام  ثمّ عاد الى لبنان. ولكنه لم يتعامل مع الوضع في بيروت كما فعل في دمشق. فاعتبران الدروز والمسيحيين متساوون في المسؤولية عن اثارة الفتنة وارتكاب المجازر.
اما في اوروبا فبعد ان هزّت اخبار المذابح التي حصلت في الشرق. فشعوب القارّة انطلقت في مدنها التظاهرات المستنكرة للهمجية التي اتصفت بها تلك الاحداث. وارتأت بعض حكوماتها. تأليف لجنة دولية  برئاسة تركيا وعضوية الدول الاوروبية الخمس. تكون مهمّتها تحقيق العدالة واغاثة المنكوبين والتعويض عن الخسائر، والسعي الى ايجاد حلّ دائم لقضية الاقليات الدينية في المجتمع الاسلامي، والعمل على ايجاد نظام جديد للبنان بعد الفشل الذريع لنظام القائمقاميتين.
ولكن سرعان ما دبّ الخلاف بين اعضاء اللجنة لان رئيسها فؤاد باشا كان يسعى سرا الى افشال المهمة متحيّنا الفرص للمماطلة وخلق العراقيل . فأدّعى ان رتبته الوزارية لا تسمح له بالجلوس مع مندوبين اقلّ منه درجة ومقاما، متحاشيا حضورالاجتماعات، مرسلا مندوبا عنه ليمثّله في اللجنة وهو المدعو ” ابرو افندي” احد مرؤوسيه، ومحتفظا لنفسه حبك الدسائس ووضع العراقيل من الخارج.
ولما صدرت احكام القضاء في ولاية بيروت العثمانية مخففة بحق الحكام والقادة العثمانيين المتورّطين في المذابح، وقاسيةً بحق الدروز، الذين حُمّلوا وحدهم وزر المجازر التي حصلت، اعترض مندوبو الدول على تلك الاحكام. وادعى فؤاد باشا بان ليس من صلاحياته التدخّل في احكام القضاء وشؤونه، كما طالب المندوب النمساوي باعفاء المسؤولين الاتراك وتركهم احرارا كونهم ابرياء بنظره.
فعارضه المندوبان الفرنسي والبروسي وطالبا باعدامهم . اما المندوب الانكليزي فمع ميله الى انزال العقاب الصارم بحق المسؤولين الاتراك. كان همّه تخفيف العقوبات التي صدرت بحق الدروز وابراء حليفه سعيد جنبلاط . 
 وقد ابدى المندوب الروسي وجهة نظر بلاده  في ان معطيات التحقيق لم تكن كافية، لذا فان حكومته تتحفظ بشأن اصدار الاحكام . وبسبب التضارب الحاصل في الآراء وقع الخلاف الحادّ بين الاعضاء وطالت المناقشات الى عدة اسابيع بدون فائدة.
 استغلّ خلالها  فؤاد باشا الفرصة ليعلن انه بسبب تعدّد المواقف فانه سيحيل الملّف بكامله  الى حكومة السلطان في اسطنبول لتبتّ فيه.
وبمثل هذه الحيلة جرى تمييع مهمة اللجنة في انزال العقوبات الصارمة بحقّ المجرمين والقتلة.
وحصل ما يشبه ذلك عندما حان وقت ايجاد صيغة لنظام جديد في لبنان فقد نشب بين اعضاء اللجنة تباين في المواقف. وكان من بين المتفاوضين من اقترح اعطاء الاستقلال لسورية بما فيها لبنان. فرفضت تركيا هذا الاقتراح لخوفها من بروز قوة جديدة في سورية ضدها كما جرى مع محمد علي باشا. وطالبت روسيا بقيام ثلاث قائمقاميات جديدة تحت سلطة والي بيروت العثماني: مارونية ودرزية وارثوذكسية.
ونشأ خلاف بين الموارنة  وفرنسا التي طالبت بعودة الامارة الشهابية الى لبنان. ولما كان الامير بشير في تلك الاثناء، قد توّفى منذ سنوات في منفاه . وقع الخلاف حول شخص الاميرالمطلوب توليته. فدعمت فرنسا الامير مجيد حفيد الامير بشيرالثاني وايّدت اكثرية شعبية لبنانية تولية يوسف بك كرم اميرا على لبنان .
استغل فؤاد باشا كعادته ما يحدث من تضارب وخلاف في الرأي، واتّهم فرنسا بتأييد عودة الشهابيين اعداء الدروز الالداء، الى الحكم ، وباثارة القلائل مجددا في الجبل اللبناني. وانها ترمي من وراء ذلك الى ابقاء القوات الفرنسية مدة اطول في لبنان. اما اللورد دوفرين المندوب البريطاني فقد ذهب في عدائه للوجود الفرنسي في لبنان الى حدّ القول ان البلاد لن تستعيد امنها الا بمغادرة الحملة الفرنسية الاراضي اللبنانية، مدّعيا ان الحضور الفرنسي في لبنان يشجّع على تعدّي الموارنة على الدروز كما يقلّص من سلطة السلطنة وهيبتها.
وبنتيجة الانقسام في الرأي والمماطلة في اتخاذ الاجراءات اللازمة، استولى السأم على المندوبين ودبّ القرف في صفوفهم. فتقرر نقل اللجنة الى اسطنبول بعيدا عن الساحة اللبنانية.
عندها غادر المندوبون على متن البارجة الفرنسية ” رولان ” في ايار1861. حيث توالت هناك الاجتماعات حتى 9 حزيران 1861. وانتهت المداولات بصدور اعلان عن صيغة جديدة للبنان وقّعها  فؤاد باشا وسائر ممثلي الدول العظمى وذيّلها للتنفيذ الفوري السلطان العثماني.
 فحصل لبنان على نظامه الجديد الذي دعي “نظام المتصرفية ”. لوجود حاكم متصرّف على رأسه. والذي اضيف اليه بعض التعديلات في سنة 1864. ثم انضمت ايطاليا الى الدول الموقّعة عليه سنة 1867.
وقد جاءت هذه الصيغة مرتجلة وموضوعة على عجل. دون تعمّق في كل حاجات لبنان. فنصّت على ترسيم حدود جديدة ضيّقة للوطن اللبناني. ووضعت البلاد تحت حكم  متصرف عثماني مسيحي غير لبناني. يسمّيه الباب العالي. وتوافق عليه الدول لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد. ويكون المتصرّف قابلا للعزل بعد محاكمة. ومنحته السلطنة رتبة الوزارة والمرشالية المعادلة لسلطة الوالي العثماني.
فاصبحت علاقته مباشرة بالباب العالي مثل سائر الولاة العثمانيين. وأسندت اليه صلاحيات ادارية واسعة. فكلف بجباية الضرائب، وجمع السلاح وحفظ الامن، وتعيين القضاة والموظفين وعزلهم. وتنفيذ الاحكام. واقيم الى جانبه مجلس اداري استشاري منتخب حسب التقسيمات الادارية والطائفية المقررة.
فحصلت البلاد بموجب هذا النظام، على استقلالية  ذاتية نسبية بضمانة الدول الست الكبرى. كما حصلت على اعلان المساواة بين جميع اللبنانيين، بالغاء امتيازات رجال الاقطاع.  واعلان استقلالية القضاء. واقرار طريقة الانتخاب الديمقراطي في المجالس الادارية.
ولكن ذلك قد تمّ  بعد سلخ بعض المقاطعات عن لبنان التاريخي التي كانت له في عهد الامارة. كما شجّع على بروز الطائفية. غير أن لبنان قد حقق طيلة فترة المتصرفية  وحتى العام 1915 حكما منظما تحقق في ظله تقدم اجتماعي ملموس وقد قيل في ذلك الوقت ” هنيئا لمن له مرقد عنزة في جبل لبنان “. تجلّت فيه النهضة الثقافية في ابهى مظاهرها.
لكن نزفا لبنانيا اخذ طريقه الى خارج الوطن فابتدأت هجرة اللبنانيين بسبب ضيق العيش في رقعة لبنان الجغرافية الضيقة. وازدادت الهجرة وتسارعت مع قدوم الحرب الكونية الاولى. كما بدأ زحف الناس من الريف اللبناني نحو مدن الساحل وخاصة الى بيروت التي اخذت بعد ذلك طابعا اجتماعيا جديدا هيّأها بعد الحرب الكبرى لان تصبح عاصمة لكل لبنان .

لبنان المتصرّفية او متصرفية جبل لبنان
 
 
 
ميناء بيروت في عهد المتصرفية: انطلق منه المهاجرون.
 
 
 
لبنان المتصرّفية
 
       
الحي المسيحي المدمر في دمشق، 1860 جنود الضابطية اللبنانيين في عهد المتصرّفية بيروت 1860 والأمير عبد القادر الجزائري اللاجئون المسيحيون  بعد صراع 1860 في لبنان.
 
 1.2- في  تطبيق بروتوكول 1861

 ” اني لو قرأت نظام لبنان من قبل مجيئي اليه، لما رضيت بحكمه“    المتصرّف داود باشا

عُرِفَ داود باشا بثقافته العالية، ثم انخرط في السلك الدبلوماسي العثماني، فعيّن سفيرا لتركيا في البلاط البروسي، ومن ثُمّ استُدعي الى الآستانة حيث عُيّن مديرا عاما للاتصالات، فاظهر كفاءة عالية في الادارة مقرونة بالحكمة والشهامة والامانة، فهيّأه ذلك لتبوُّء اعلى المراكز الادارية.
وقد سنحت له الفرصة عندما دعت الحاجة الى تعيين مسؤول عثماني مسيحي كبير، حاكما على جبل لبنان. فرفعته الدولة العثمانية الى رتبة وزير ومنحته لقب مشير، وارسلته الى لبنان لتبوُّء مركزه الجديد. وعندما كان بعدُ على ظهر الباخرة التي تقله الى لبنان. قرأ لاول مرة مواد النظام الجديد، فشعر بعظم المسؤولية التي تنتظره، وباعتلال النظام الذي بين يديه، فصرّح لمرافقيه قائلا انه لولا فوات الاوان، لما ارتضى لنفسه قبول تعيينه في هذا المنصب .

تسلم المتصرّف الجديد مهامه من فؤاد باشا ومن مندوبي الدول الموقعة على البروتوكول. وجرى له احتفال رسمي قدمّه فيه فؤاد باشا الى المسؤولين اللبنانيين في الثامن عشر من تموز 1861. فلم يلق الحفاوة المرجوة بل قابله الجميع ببرودة وحذر.
وقد كان استياء الموارنة باديا من جرّاء تنصيب اجنبي على حكم لبنان. وهم الذين قدّموا قوافل الشهداء في سبيل الحرية والاستقلال. وكان طلبهم الوحيد استقلال بلدهم، وحكم انفسهم بانفسهم وذلك بتعيين امير شهابي على حكم وطنهم. ولم يكونوا قد حصلوا بعد على اي تعويض عن نكباتهم وخسائرهم الفادحة خلال الاحداث الماضية، كما انه لم يجر بعدُ الاقتصاص من المجرمين، الذين تسببوا بالمذابح السابقة.
وكان قد بقي قسم كبير من الدروز تحت السلاح في حوران، يتهيّؤون لاستئناف القتال. كما كان الجنود الاتراك ينتشرون حول الجبل وفي داخله لأول مرة، وقد شعروا بتراجع عما كانوا قد حصلوا عليه بعد احداث 1843و1845 من استقلال.
وخاب امل الاكليروس الماروني بتعيين اجنبي على حكم البلاد. اما الدروز وقد خرجوا من الحرب الاهلية منهكين ومتهمين بارتكاب ابشع الجرائم فقد وجدوا انفسهم في قبضة الحكم التركي. والجنود الاتراك يحتلّون قراهم وقد حرموا من امتيازاتهم كما فقدوا اليد لعاملة المسيحية النشيطة التي كانت سببا في ازدهار مناطقهم واعمارها.
فوجد داود باشا نفسه وحيدا في سدة الحكم، تعترض طريقه صعوبات فائقة في تنظيم الدوائر والاقلام وتعيين الموظفين. فلا الشعب تعاون معه، ولا الاتراك اهتموا بالعمل لوحدة اللبنانيين وازدهارهم، بل كانوا يسعون دوما الى بث روح التفرقة والخصام بين صفوفهم، كما لم يعد لبنان بعد انجاز نظامه وتعيين حاكمه في اولويات معظم الدول الاوروبية.
فاعتبرت انكلترة ان تعيين داود باشا قد حصل دون رغبتها، وجاء مخالفا لمصالحها ولمصالح الدروز. كما لم يلقَ المتصرف الجديد دعما قويا الاّ من سفير فرنسا في الاستانة. وكان على الباشا اخراج لبنان من بين انقاض الحرب الاهلية التي عصفت به خلال العقدين الماضيين واعادة السلم الاهلي وتطمين الناس وحفظ الامن وتامين الاموال اللازمة بعد الدمار الهائل الذي وقع بالبنى التحتية والبنى الاقطاعية والادارية والمالية والقوى النظامية والعدالة في كل البلاد.
اما الشعب المقهور فكان يئنّ من العوز.
ولكنّ الباشا بالرغم من كل تلك المصاعب، اظهر عزما وحنكة في تسيير دفة الامور، فتقرّب من يوسف كرم بقصد استمالته واغرائه عارضا عليه اهم المناصب، مستعينا في استرضائه بفؤاد باشا وبالبطريرك الماروني وبقناصل الدول الاوروبية. فنزل كرم عند رأيهم وقَبِل ان يعيّن قائمقاما على جزين. ثمّ سرعان ما استعفى من هذا المنصب.
وقد زايد الزعماء المسيحيون على موقف كرم برفضهم التعاون مع الباشا. وفي نيتهم بانه تحت الضغوط الشعبية المتزايدة يمكن الغاء المادة الخامسة من النظام التي تنص على” المساواة بين جميع افراد الرعية في شمول احكام القانون ونسخ والغاء كل الامتيازات العائدة الى اعيان البلاد خصوصا اصحاب المقاطعات”.
وانسحب كرم الى اهدن فالتبس على الناس سبب تنازله عن الحكم. اكان ذلك بسبب عدم توليته على كسروان ام بسبب طموحه الى منصب الامارة بعد انتهاء حكم السنوات الثلاث المقررة لداود باشا.
وبدأت مرحلة متبادلة من حملات الابتزاز لاثبات الوجود اتّهم خلالها انصار كرم بتعكير السلام الاهلي. لا سيما في مناطق الكورة وبشري وكسروان. فجرّدت حملات عسكرية على الثائرين. ولكنها ردّت على اعقابها بعد ان منيت بهزائم متلاحقة، وقامت اتهامات متبادلة بين الفريقين لاظهار عدم كفاءة الباشا في حكم البلاد من جهة، او اتهام كرم بتعكير صفو الامن وحثّ الاهالي على عدم دفع الضرائب المتوجبة من جهة ثانية.
وقد اتهم المستفيدون من الاوضاع كرم بانه يعمل على افشال حكم المتصرف وترحيله بادعائه المغرض في المطالبة بحكم البلاد من أحد ابنائها. ولكن نيته المبيتة كانت رغبته في ان يكون هذا المنصب له وحده دون سواه. وبدهاء ظاهر، طلب فؤاد باشا مواجهة يوسف كرم بديوانه في بيروت فلبى هذا الاخير الدعوة رغم تحذير الاميرال الفرنسي “لاغرانديير” له، من ان يكون ذلك فخا لالقاء القبض عليه. ولكنه مضى في سبيله. فما كان من فؤاد باشا الا ان اوقفه في القلعة، ومن ثم استصحبه الى اسطنبول، ليبعده عن داود باشا.
فهدأ بال المتصرّف بعد ذلك وانصرف الى حكم البلاد، وبدأ بالتودد الى اللبنانيين، باذلا جهوده في تهدئة البلاد واشاعة السلام. مطالبا باقرار عفو عام عن جرائم الماضي. وسرعان ما صدر هذا العفو بارادة سنية فاخذ الفارّون من وجه العدالة يعودون الى الوطن ويباشرون حياتهم العادية الهانئة.
وقام الباشا باعمال عمرانية مهمة. وفي سنة 1864 جددت له الولاية بعد ادخال بعض التعديلات الطفيفة على النظام الاساسي. فعاد ذلك على الخير على لبنان.
ولما علم يوسف كرم بتجديد الولاية للباشا. غادرازمير في تركية سرّا عائدا الى طرابلس لبنان فبلغها في 12 من تشرين الثاني 1864. وتوجّه منها ليلا الى زغرتا، حيث انتشر خبر وصوله على وقع قرع الاجراس واطلاق النار في الفضاء سرورا. فاستبدّ عندها القلق الشديد بالمتصرف الذي خاف من عواقب العودة. لا سيما ان مريدي كرم قد اقبلوا من كل جانب لتاييده، وبينهم حشود درزية مستاءة من الوضع، جاءت للتهنئة بسلامة العودة.
فدعا الباشا اعيان البلاد ومطارنتها الموارنة الى عقد اجتماع في دير طاميش في 5 شباط 1865 لأخذ الحيطة.
ولكن بعض المطارنة تمكن من مقابلة كرم وعاد منه برسالة مطمئنة في 17 اذار 1865 وعد البيك فيها بوضع حدّ للتظاهر ودعا اللبنانيين الى الاخلاد للسكينة .

 
       
جنود لبنانيون بسلاحهم الكامل خلال عهد المتصرفية. 5 ليرات عثمانية معدنية عملة ورقية عثمانية من فئة 100 ليرة شرنقة دودة قز، الحرير، اقتصاد المتصرفية
 
 1.3- المتصرفون الذين حكموا لبنان

فصل  نظام المتصرفية عن لبنان موانىء بيروت وصيدا وطرابلس وملحقاتها وسهل  البقاع وبعلبك وجبل الشيخ وحاصبيا وراشيا بحيث  يختنق لبنان اقتصاديا ويقضى  عليه  بالمجاعة  عند  الازمات  الكبرى مثلما حدث  له  لاحقا ابان  الحرب  الكبرى . ولخنق  كل نزعة  الى  الاستقلال .

لائحة بالمتصرفين الذين حكموا لبنان طوال عهد  المتصرفية :  داود  باشا  1868-1861،  نصري  فرنكو  باشا  1873-1868، رستم  باشا 1873-1883  ، واصا  باشا 1892-1883،  نعوم  باشا  1892 – 1902، مظفر  باشا 1907-1902، يوسف  فرنكو باشا  1907-1912، اوهانس  قيومجيان  باشا  1915-1912 وقد  اقيل  هذا  الاخير   من  منصبه  بعد  ان  دخلت  تركيا  الحرب  العالمية  الاولى  واحتلّت  الجيوش  العثمانية  لبنان

 
       
داود  باشا  1868-1861 واصا  باشا 1892-1883 مظفر  باشا 1907-1902 اوهانس  قيومجيان  باشا  1915-1912
 
 1.4- يوسف بك كرم، بطل لبناني

ولد في بلدة إهدن، شمالي لبنان، في منتصف أيار 1833. والده الشيخ بطرس كرم، حاكم إقطاعة إهدن. والدته السيدة مريم ابنة الشيخ أنطونيوس بو خطار من عينطورين.
تعلم مبادئ اللغتين السريانية والعربية، كما درس مبادئ الصرف والنحو، وتعلم الإيطالية والفرنسية. ولم يكتف بذلك بل عمل على تطوير ثقافته حتى أصبح ملما بأمور متنوعة منها الدينية والأدبية والعلمية والتاريخية وحتى الإدارية، كما تعلم الفروسية على يد الشيخ عماد الهاشم العاقوري. واللافت أن كرم عاش حياة التقوى منذ صغره فلم ينقطع يوما عن ممارسة فروضه الدينية وكان يصلي الصلوات في أوقاتها في كل الظروف والأحوال ويحضر القداس في الصباح الباكر وهو ساجد يصلي المسبحة. وقد حرص على أن يحمل في عنقه ذخيرة عود الصليب المقدس. هكذا ومنذ نشأته، استند كرم إلى فروسية مميزة وثقافة رفيعة وإيمانا راسخ، فكان أن شب كرجل دين وإيمان واستقامة وفكر وقلم بدرجة فاقت في كثير من الأحيان كونه رجل سيف وسياسة بمعناها التقليدي.
عام 1849عين مأمورا لقيد النفوس في مقاطعة الجبة وهو كان حينها حاكما لإقطاعة إهدن. وقد حصل أ ن المبشرين الإنكليز المقيمين في طرابلس أرادوا في صيف 18٥۹ إنشاء مركز للبروتستان في إهدن، فاستأجروا منزل بحجة أنهم يريدون تأسيس مدرسة، فعمل على طردهم، قائلا : "إن إهدن هي عرين الإيمان المسيحي الصحيح ولا تحتاج إلى من يهديها إلى طريق المسيح."
في 15 آذار 1857، وكله أهالي إهدن وقسم من أهالي الجبة ليصبح حاكما على المنطقة بصلاحيات إدارية وقضائية وعسكرية واسعة.
في العام  1860، عين وكيل قائمقامية النصارى في جبل لبنان.
في عام 1862، رفض كرم نظام المتصرفية الذي فرضته الدول الأوروبية والسلطنة العثمانية كونه يثبب حكم جبل لبنان في يد حاكم أجنبي، فتم نفيه للمرة الأولى.

     
بلدة إهدن، شمالي لبنان يوسف بك كرم صورة زيتية من معارك يوسف بك كرم

  خاض يوسف معارك عديدة ضد العسكر العثماني من أبرزها معركة بنشعي الكبيرة التي هزم بها كرم ورجاله جحافل الجيش العثماني، ومعركة سبعل وغيرها من المعارك التي انتصر فيها كلها كرم ورجاله. في منفاه الطويل الذي استمر حتى وفاته، لم يتوقف كرم عن المساعي والجهود السياسية والدبلوماسية التي بذلها من أجل تغيير نظام مجحف وظالم بحق بلده وشعبه.

في أواخر أيامه، أنشأ كرم جمعية دينية على اسم القديس يوسف هدفت الى نشر تعاليم الله والكنيسة وإلى مساعدة الفقراء والمحتاجين وتعليم الأحداث والعناية بالمرضى. وكان مركزها في دير مار يوسف عبرا، بين زغرتا وإهدن.

 عام 1845 ، وهو في سن 23، حصلت معه حادثة تدل على شهامته وشجاعته وإيمانه. فقد تصدى كرم لعسكر الدولة العثمانية الذي أراد نزع سلاح الأهالي في الشمال بالقوة وألحق به شر هزيمة، وغنم منه كمية كبيرة من السلاح والذخائر، فوضعت الدولة مكافأة قيمة لمن يأتي بكرم حيا أو ميتا. فلما علم كرم بذلك، قام ونزل بنفسه إلى طرابلس ودخل مقر القائد العثماني. ووسط ذهول القائد، وقف كرم يعرف عن نفسه قائلا : "بلغني أ ن دولتك وضعت جائزة لمن يأتيك برأسي أو يأتي بي إليك حيا، فها أنا بين يديك فافعل ما تشاء على أن تأمر بتوزيع الجائزة على الفقراء. فسأله القائد: "ما الذي دفعك إلى العصيان؟" رد كرم: "علمت أن العسكر قادم إلينا لجمع السلاح بالقوة القاهرة، وإنه سيفعل ببلدي ما قام به بغير أماكن من البلد حيث اعتدى على الأهالي وعاملهم بوحشية وأهان الكهنة والكنائس. فحملني حب بلدي وشعبي والنفور من الجور والظلم على أن أفعل ما فعلت. "عندها أعجب القائد بجرأة كرم وحرية ضميره وقرر العفو عنه وصرفه مكرما.

8 كانون الأول عام 1845، بادر كرم إلى تأسيس أخوية الحبل بلا دنس التي حظيت بمباركة البطريرك ودعم الأهالي. واختار كرم شعار الأخوية القائل: "فليكن مباركا الحبل بسيدتنا مريم العذراء البريئة من دنس الخطيئة الأصلية." وقد حرص كرم على إعداد الرياضات الروحية واهتم بإبطال العادات المستهجنة ومنع الملابس غير المحتشمة وخاصة لدى دخول الكنيسة.

أسس كرم فرقة الكشاف اللبناني ووضع لها قوانين وتعاليم مماثلة لتعاليم الكشافة اليوم. وقد ساهمت جمعية الكشافة هذه في النهضة الوطنية الكبرى وكان لها دورا هاما.
 في أواخر آب 1859، قرر كرم الإبتعاد عن السياسة والإنصراف إلى خدمة الرب من خلال المثابرة مع كهنة علماء على أعمال الرسالة الروحية، لكن أحداث 1860 الدموية دفعته مرغما للعودة إلى معترك السياسة.

في 12 تشرين الثاني 1864، وإثر تجديد ولاية المتصرف الأجنبي داوود باشا، عاد كرم إلى لبنان سرا.

في شباط 1866، وافق كرم مرغما على نفيه الثاني من لبنان وذلك ليجنب رجاله وأهله المزيد من المعارك والدماء والدمار. حينها قال للجماهير التي أبت أن يرحل عبارته الشهيرة: "فلأضح أنا وليعش لبنان".
في العام 1878، أقام كرم في نابولي حيث استأجر فيلا أطلق عليها اسم الدار اللبنانية "فيلا ليبانيزا"، فانقطع كليا عن السياسة ممارسا واجباته المسيحية على أكمل وجه. وأفرد غرفة في الفيلا جاعلا منها معبدا تزينه صور المسيح ومريم العذراء ومار يوسف فوق مذبح من خشب أكملته الأواني الكنسية، فكان كرم يقضي ساعات عدة مصليا ومتعبدا.

توفي كرم في نابولي، في إيطاليا، في 7  نيسان 1889.

شعرا قيل بيوسف بك كرم:  " سل فتى الارز في ناووسه كرما     الم يكن من ضحايا غدرها كرم ؟"               الشاعر القروي
في 12 أيلول 1889، وصل جثمانه إلى بلدته زغرتا. وفي اليوم التالي نقل إلى كنيسة مار جرجس في إهدن. وما زال جثمانه حتى يومنا هذا كما هو رغم مرور 132 سنة على وفاته، مع العلم أن الجثمان دفن في نابولي ومن ثم أعيد نقله عبر البحار إلى لبنان.
 في 11 أيلول 1932أزيل الستار عن تمثال كرم في باحة كنيسة مار جرجس في إهدن.

     
يوسف بك كرم البابا بيوس يلتقي يوسف بك كرم في الفاتيكان يوسف بك كرم

ثورة يوسف بك كرم على ظلم المتصرف داود باشا على اللبنانين بعد احداث 1860:

أمن العدل أن يُضاعف داود باشا الأموال الأميرية على اللبنانيين ويجعل مجموعها سبعة آلاف كيس؟ إثر تلك المذابح، حُرمت ألوف العيال من رجالها، وأثر ذلك الدمار وذلك النهب، وشُلل حركة الصناعة والتجارة والزراعة في لبنان.
أمن العدل أن تُضاعف الأموال الأميرية في الوقت الذي يئن فيه الموارنة من تأجيل دفع التعويضات المتوجبة لهم بسبب المذابح؟ فأين تلك الظروف التي نصت عليها المادة 16 من نظام لبنان؟
وهل أن الشروط التي تُجيز زيادة الضرائب كانت متوفرة وقتئذ؟ ذلك خطأ فادح اقترفه داود باشا في عهد ولايته على لبنان.
فاجتمع اللبنانيون الموارنة على زيادة الضرائب غير المشروعة. فأرسل داود باشا جيشه النظامي إلى كسروان. فالقوا القبض على نسيب كرم الشيخ واكيم باخوس، شقيق الشيخ أنطون بك باخوس زوج الست طروز شقيقة يوسف بك كرم من غزير، وعلى يوسف منصور العضيمي من غزير وجرجي البواري وأخيه وغيرهم وأُودعوا السجن بحجة أنهم أبوا تأدية الضرائب لداود باشا الذي كان همّه مصروفاً إلى جمع المرتّبات الأميرية ويُشدّد في تحصيلها.
وكانت المواسم ماحلة جداً والعسر شديداً في الجبل تلك السنة. فضج اللبنانيون بالشكوى وبلغ صراخ المساكين عنان الجو.
وبلغ هذا الخبر يوسف بك وعرف أن داود يريد تهييجه، والتحرش به فكتب أولاً يقول له: "إن كان المقصود من اعتقال نسيبي تحصيل الأموال الأميرية، فإنه يتعهد بتأديتها، والا فالقانون يقضي بمحاكمته واطلاق سراحه".

أما عُمّال فرنسا الذين لم يظهروا لكرم من قبل لطفاً ولا إنصافاً في قضيته، فقد خالفوا ذلك هذه المرة، حتى دُهِش كرم عندما وردته التهاني من قبل "المسيو ديزسار" قنصل فرنسا على فوزه الذي ناله في هذه الحوادث. غير أن القنصل بعد أن تبيّن العمل الخطير الذي قادت الظروف يوسف بك إليه في غياب المتصرف، خشي أن اسم هذا الزعيم الذي عاد إلى الظهور، ولم يفقد شيئاً من صولته وميل القلوب إليه٬ أن يخمر خمير الثورة، التي كانت كامنة كالنار تحت الرماد. فرأى ضرورة عقد اتفاق يعرف رسمياً بين كرم  وداود. فكان يوسف بك يحتج على هذه الفكرة، والقنصل يحاول إقناعه زاعماً أنه يُقدم له النصائح العائدة لمصلحته غير أن ذلك كله لم يكن ليؤثر فيه. وبقي ثابتاً على عزمه.
ولم يكن له مطمع من الحياة سوى أن يعيش عيشة راضية قانعة. وكان يرى السعادة في عمل الخير إلى من حوله وخدمة الجمهور. وكأنه قد ألقى على ما بينه وبين داود ستار النسيان، كما كتب يومئذ قائلأ: "إن مسألته نائمة نومأً عميقاً".

وبينما كان يُخيّل إلى الناس أن المسألة تبقى نائمة والفتنة لا يوقظها أحد، إذا بداود عائد من الآستانة ومعه عسكر من القوزاق، فكان اللبنانيون ينظرون شراً إلى هذا الحرس التركي ويتساءلون عما إذا كان يصير استخدام هؤلاء الخيالة مكان العسكر الوطني. وكانت هذه الفكرة وحدها كافية لإثارة ساكن الانفعالات في النفوس.

وباسلوب مختلف، يروى " ابلغ داود باشا وعد كرم بعدم ايقاظ الثورة، فارتاح داود باشا للتطمين لكن روح  البيولورديةنفحته، فراقت الاحوال زمنا، ولكن الشماليين كانوا لا يتعرفون الى الحكومة ولا يعملون باوامرها. وكان ذلك يوغر صدر داود  باشا ويرى فيه غضا من كرامته فعوّل على علاجه بالقوة وفي حزيران من  سنة 1865، سافر الى اسطنبول وعرض على الدولة قضية كرم قائلا “ ان الامر لن يستقيم في لبنان الا بعد اذلال كرم وابعاده”. واذا به يعود الى لبنان ومعه 1500 جندي عثماني. وشاء داود باشا ان يتحرّش بكرم ليعلن الحرب عليه فجاء يصرف الشتاء في جونية بعد ان كان يصرفه في بعبدا واستقدم الى ساحل  كسروان الجيش الذي جاء به من  الاستانة. فانتشر رجاله في ارباض جونية والمعاملتين وطبرجا وأخذوا يضايقون الاهلين. فكان لهذا العمل أسوأ الاثر في تلك المناطق المارونية. وبادر الكل من هناك الى الاحتجاج والاستنكار. واستاء البطريرك الماروني بولس مسعد لهذا الاعتداء على عرين  المارونية، وما فيه من تهديد مقنّع. فاحتجّ لدى داود باشا وقناصل الدول، على ما في ادخال اولئك الجنود الغرباء الى لبنان من خرق لنظامه واستقلاله. ومن ثم ابتدأ الشرّ بارسال شراذم من اولئك الجنود لتحصيل الضرائب من القرى المؤيّدة لكرم، وامتنع بعض اهلها عن الدفع، فضرب هؤلاء واودعوا السجن. فاخرجهم كرم منه بالقوة.وتوالت بعد ذلك المناوشات القتالية  بين البك وداود باشا في عدة امكنة اخصّها : البوار ، العفص ، بنشعي ، سبعل ، اهمج ، وادي النسور ، كفرفو ، الحدث ، عين الجوز ، اهدن ، أجبع ، وادي الصليب وكان كرم ورجاله، يخرجون منها منصورين.

“وكان كرم قد توارى مدة حقنا للدماء، ثم ظهر يجمع الرجال. وكان قد بلغ بكفيا.هناك جاءه وفد من قبل قنصل فرنسا يعرض عليه ان يكون مظللا بحماية الامبراطور نابليون الثالث وان يسافر الى فرنسة بضمانتها وتحت رايتها … وتم سفره في 18 كانون الثاني 1867 الى فرنسا ثم تنقل بين عدة دول.وتوفيا في 7 نيسان سنة 1888 ودفن في قرية “رازينا “ قرب نابولي الايطالية "

ورَوى المؤرخ الوطني الشيخ بولس مسعد في كتاب دليل لبنان: "إن قنصل فرنسا فاوض البطريركية المارونية في ذاك الوقت بأمر التوسط بين كرم وداود، بعد حدوث ذلك الغليان في الجبل. فأوعز السيد البطريرك إلى كرم بأن يخلد إلى السكينة، ريثما يجتبمع بداود ويحسم الخلاف القائم بينهما على صورة تنطبق على مصلحة البلاد.

وبعد قليل اجتمع البطريرك بداود في دير اللويزة ليبقى الأمر مكتوماً.
لكن هذه المقابلة لم تسفر عن نتيجة مرضية، لأن داود مع رغبته بفض الإشكال لم يكن يرضى أن يُرد له مطلب. وكان يظن أنه إنما اجتمع بالبطريرك ليُملي عليه تعليماته ويكاشفه بما أن يرغب فيه من خضوع كرم له بلا قيد ولا شرط. فما كاد يقع نظره على غبطته حتى بادره بهذه العبارة: "أما حان لنا أن ننتهي من هذا الرجل الثائر القلق؟ (وهو يعني كرماً)" .فأجابه البطريرك بكل هدوء: "نحن لم نجتمع هنا للتقريع وتوسيع الخرق، بل للتوفيق بين الإثنين على وجه يجمع بين حفظ كرامة الحاكم وضمان حقوق المحكوم".
فغضب لجواب غبطته وخرج من القاعة، وأمائر الغيظ على وجهه، ودخل غرفة كانت أعدت لنزوله فساء عمله هذا غبطته وخرج لساعته، ثم ركب بغلته وعاد إلى بكركي نادماً على مجاراة القنصل إلى هذا الحد. وبعث يخبره بما جرى له مع داود ونفض يده متنصلاً من تبعة ما يجره عناد المتصرف من الويلات عليه وعلى البلاد.
أما داود فإنه عاد إلى مقره وأخذ يعمل على نكاية البطريرك، وبلغ به الحنق إلى حد أنه كان يجول في بعض قرى جرود كسروان وهو يحمل صولجاناً بيده وعلى صدره صليب من ذهب، وهما من مميزات رؤساء الدين، امتهاناً للبطريرك.

     
يوسف بك كرم صورة زيتية ليوسف بك كرم المسيحي يرسم اشارة الصليب تمثال يوسف بك كرم في باحة كنيسة مار جرجس في إهدن.
 
 1.5- هل تطور لبنان بعد المحنة؟ قي التحليل

             اُخرجت طبقة الاقطاع من لباب فعادت من النافذة

 ان الفترة الطويلة الذي امضاها اللبنانيون تحت حكم الاقطاع قد رسّخت في بعضهم كثيرا من العادات والتقاليد. منها  القبول بسلطة المقاطعجيين والاعتراف لهم بقدرتهم على التهدئة والارضاء. وكم كانت انتفاضة الامس على الاستبداد والظلم في كسروان وسائر المقاطعات تبدو بعيدة عندما عمد يوسف بك كرم، وبعده داود باشا الى اعادة ابناء المقاطعجيين السابقين الى سدّة الحكم. فبعدما اخرجهم الامير بشير من البلاد عادوا اليوم اليها. فكانت كسروان والبترون من نصيب الامير مجيد شهاب،  والمتن من نصيب الامير مراد ابي اللمع. كما عيّن الامير ملحم ارسلان على الشوف والامير قيس شهاب على دير القمر والامير عبدالله ابي اللمع على زحلة والشيخ قعدان الخازن على جزّين والامير حسن شهاب على الكورة. وسمّي على رأس قيادة الفرسان يوسف بك ناصيف، وعلى قيادة المشاة الامير سعيد سعد الدين شهاب. اما الاهالي فقد انتخبوا في قراهم شيوخ الصلح الذين بدورهم انتخبوا المجلس الاداري الكبير. وقد درجت العادة ان يكون رئيس هذا المجلس مارونيا وذلك حتى نهاية عهد المتصرفية .

يتبيّن من تقييم هذا النظام انه جرى فصل سلطة الجبل عن سلطة والي صيدا او دمشق وأُلحق المتصرّف مباشرة باسطنبول.  كما تمتعت متصرفية جبل لبنان بضمانات الحماية من دول اوروبة . غير ان وحدة السلطة المسيحية على البلاد جاءت مبتورة اذ حرم اهل الجبل من حكم انفسهم وذلك بتعيين متصرف غير لبناني من التابعية العثمانية حاكما عليهم. لكن تعيين المتصرّف المسيحي الجديد بعد ترقيته الى رتبة مشيراهّلته ان يصبح مساويا لجميع حكام الولايات العامين، لارتباطه المباشر بالباب العالي. وقد حال تاييد انكلترة للباب العالي دون تثبيت المتصرفية بحدود لبنان التاريخية وفي منع النفوذ الفرنسي من تثبيت اقدامه في لبنان .

اما المقاومة العنيفة لهذا النظام فقد جاءت من الموارنة في شمال لبنان الذين كانوا يطمحون الى حكم انفسهم بانفسهم تحت قيادة يوسف بك كرم

“كانت الطائفية بضاعة رائجة في العصور المتعاقبة في لبنان. وهي مجمل العصبيات العتيقة : من طائفية واقطاعية واقليمية واستعمارية وهي من مخلّفات عصور الجهل والانحطاط . وعرف الناس ان الطائفية اصبحت عيبا . فالاقطاعي يدرك اليوم ان الطائفية عيب مثل الاقطاعية لذلك يخفي طائفيته مثلما يخفي اقطاعيته . وعملاء الاستعمار يخافون اعلان طائفيتهم مثلما يخافون اطلاع الشعب على تآمرهم. وخجل رجل السياسة المنغمس في مصالحه ورجل الدين المتحجّر من اعلان طائفيتهما. والطائفية لم تنته لان المتلاعبين بها عثروا على طريقة اخرى يحققون بها طائفيتهم فمارسوها في الخفاء. وحوّلوا الطائفية الى عقيدة. عقيدة كلمات وبرامج ونظريات ودراسات تخفي حقيقة الطائفية في حجب مصطنعة ومزورة . واصبح الطائفي يعرف نفسه بانه رجل عقائد وليس طائفيا . اما عقائده فهي طائفية مستترة فتاكة تفوق باضرارها الطائفية الاقطاعية او الاستعمارية او المذهبية او الاقليمية ”.

عصور جهل وانحطاط، من قال غير ذلك. ولبنان االتعددي، واقع في جزيرة في محيط اسلامي بشريعته الغاء كل انسان ليس بلونه او تخفيفا بفرض الذمة عليه. شريعة اخطبوطية تتلطى بالكلمات الرنانة للقضمي. فاللبنانيون الذين بلونها يبخرون التعددية ظاهرا، وفي الخفاء يبنون التحالفات مع المحيط للقدم والالغاء:
  • شريعتهم تحثهم وتمدهم، اين وجدوا على اي ارض، هم عليهم ان يكونوا الحاكمين بشريعتهم مباشرة او تخفيفا بدستور مستمد من شريعتهم.

  • يستوطنون في بلدان ليست من لونهم، لكن يفرضون في هذه البلدان التي تتقيد بحقوق الانسان، عاداتهم المستمدة من الشريعة، فقط للاعلان عن لونهم. وللجهوزية لزمن ما لفرض اسلامهم.

  • تصرفهم في البلدان التي يستوطنوها، حلال. ام من يعيش من غير لونهم في بلدانهم ممنوع عليه التنفس. والا حكمته الشريعة بالحرام، وما الحرام في شريعتهم، الا اثنين لا ثالث لهما، اما القتل او الاسلمة.

  • صحيح ان الاقتصاد الزمهم للاعتدال قليلا ، لكن شريعتهم تعود وتحثهم على التطرف.

  • شريعتهم تحلل لهم تعددية الزوجات والانجاب. فيستغلونها في البلدان التعددية. لتحطيم الواقع الديموغرافي. على امل بالديموقرطية يحققون مغازي شريعتهم. باسلامهم ينجبون الاولاد والمكونات الاخرى يفرض عليها ان تربي. وباسلوب اخر، المكونات الاخر تدفع الضرائب وهم باسلامهم وشريعتهم يحصدون دون ان يزرعوا  .

  • في وقت في البلدان التعددية، وديمقراطيا ان يحسب شرعي كل انسان ولد من المراة الاولى. اما الباقون من الاولاد لتتحمل الشريعة الاسلامية ايجاد لهم جنسيات من لونهم تحتضنهم. وعكس ذلك، الابادة جلية.

  • بالدمقراطية وبحقوق الانسان تريدون ان تنطقوا تطالبوا. هذا يعني ان حلالكم هو حلال الاخر مهما تلون.

     
أسراب الجراد عند ظهورها في سماء جبل لبنان عام 1915. بساتين زيتون في أميون بالكورة، لإنتاج الزيت والزيتون. كروم عنب بالقرب من مدينة زحلة بالبقاع. لاستخراج النبيذ
 
 1.6- اهوال الحرب الكبرى 1914 -1918
  • ان طالعي كان القتل، نُدِبْتُ لقتال الناشزين من الاتراك.  كما عٌهِدَ اليّ بقتل الناشزين عن الطاعة من العرب                       جمال باشا قائد الجيش العثماني  الرابع
  •  لقد قضينا على الارمن بقوة الحديد، وسنقضي على اللبنانيين بواسطة المجاعة          انور باشا  

في 31 تشرين اول 1914. بعد ان تمّ التحالف سريا مع الرايخ الالماني، اعلنت تركيا الحرب على كل من روسيا وفرنسا وبريطانيا. ساعية بذلك وراء تحقيق رغبتها للمرة الاخيرة، في التخلص من وصاية الحلفاء منذ ايام التنظيمات الاولى.
فكان اول قرار اتخّذ بفرمان صادر عن السلطان محمد رشاد هو الغاء المعاهدات والامتيازات المعطاة للدول الأجنبية ومنها حق حماية المسيحيين على اراضي السلطنة. كما اقفلت المضائق البحرية امام السفن التجارية، ونودي بإعلان حرب الجهاد المقدس الاسلامي ضد الاعداء منعاَ لقيام اي انتفاضة قومية محتملة في بلاد العرب او في ارمينية.
ووضعت تركيا تحت قيادة المثلث الحاكم، المؤلّف من طلعت وانور وجمال، خطة لابادة الارمن المقيمين في تركيا والقضاء على رواد النهضة في سورية ولبنان.  فأجرت بحق الشعب الارمني المقيم في تركيا ابادة تامة في مذبحة بشرية منظمة قضت على مليون ونصف من الارمن الذين اقتلعتهم من مدنهم وقراهم.  ولم ينج من الأرمن إلآ من تمكّن منهم من الهرب مع سائر المسيحيين سكان البلاد الاصليين الى لواء اسكندرون وانطاكية.
ولما ارتأت فرنسا في الحرب العالمية الثانية ان تتخلى لتركيا كسبا لحيادها عن هاتين المنطقتين التجأ من بقي فيهما من المسيحيين والارمن عام 1939 بصورة نهائية الى سورية ولبنان.
وجرى تكليف جمال باشا وزير الحربية بقيادة الجيش العثماني الرابع في سورية
وفلسطين الذي قدم الى سورية مزوداً بسلطان مطلق لتنفيذ أمرين خطيرين أولهما في  القضاء على الامتيازات التي يتمتع بها جبل لبنان منذ 1860، ولأخضاع سكانه كلياً  للسيادة العثمانية المباشرة، وثانيهما العمل على تتريك العرب والقضاء على قوميتهم العربية .
من هو جمال باشا، كردي الاصل كان والده يعمل جلاّدا في خدمة السلطان محمود الثاني.  عرف بذكائه وبشخصيته القوية ، كما عرف بالشدة والعنف والفظاظة وسرعة الانفعال والغطرسة . كان يتمتع بقدرة على اخفاء نواياه. تسلّم ادارة فرع الجاسوسية والفدائيين في جمعية الاتحاد والترقي التركية ، وهو على صلة وثيقة بمذابح اضنه بحق الشعب الارمني سنة 1909 - عن كتاب د توفيق برّو

فبادر من أجل ذلك الى احتلال الجبل اللبناني وإلغاء  نظامه الاستقلالي والخصوصية التي كان يتمتع بها بضمانة الدول الست الكبرى. معتبرا المتصرفية اللبنانية ولاية كسائر الولايات العثمانية، تطبق عليها القوانين العثمانية النافذة في زمن
الحرب.
بلاغ جمال باشا لاهالي لبنان: السلام عليكم يا اهل لبنان المعدودة من اثمن اجزاء الوطن العثماني. اني ادعوكم الى الالتفاف حول العرش العثماني للمدافعة عن الوطن المهدد بخطر غارات العدو الخارجي. وبما ان وجود الاداره العرفيه في جميع انحاء الممالك العثمانية يشمل لبنان ايضا وبما ان وجود الادارة العرفية يستدعي تأجيل بعض احكام القوانين العدلية والملكية موقتا ما دامت الادارة العرفية. أود ان اعلن لكم هذه الحقيقة بكل صراحة واخلاص منعا لحدوث أقلّ سوء تفاهم. واني لادعو اهل لبنان في ما اذا حاول العدو القيام باي مسعى ضد سواحل لبنان وبيروت للانضواء تحت العلم الممثل للجيش الهمايوني . ان كل من يحاول من اللبنانيين كائنا من كان الاخلال يسلامة المملكة والامن العام بأقلّ حركة وكل من أبدى اقلّ مظهر من مظاهر العطف والمحبة نحو اعدائنا الفرنسيس والانكليز والروس يحاكم فورا امام ديوان حرب عرفي ليلقى جزاءه من العقاب ..التوقيع  احمد جمال  قائد الجيش الهمايوني الرابع وناظر البحرية .

وكان جمال باشا قد أعدَّ العدة لغزو قناة السويس بفرض الخدمة العسكرية الاجبارية على اهل البلاد واجبارهم على تقديم المؤونة للجيش الرابع. وفي 2 شباط 1915 قاد هجوما على قناة السويس، آملا تحقيق نصر مفاجىء، غير أنه فشل في تحقيق مبتغاه.

وقد عمد الى حلّ المجلس
الاداري اللبناني القائم ونفى رئيسه الى الاناضول، انه اوهانس باشا قيومجيان، اخر المتصرفين الذين كانت تعينهم تركيا بموافقة الدول الست تحت وطأة الظروف، وخاصة بالنسبة لصفته كأرمني، الى التخلي عن منصبه في 15 حزيران 1915. وطاولت بعض الاجراءات القاسية شخصيات عديدة اخرى مدنية ودينية. وعُيّن علي منيف حاكما تركيا مسلما محل آخر متصرف مسيحي اوهانس باشا.  وظلت سلسلة المتصرفين الاتراك المسلمين تتعاقب حتى انسحاب القوات العثمانية عام 1918
وفي غضون ذلك، كان الحلفاء قد احكموا الحصارعلى العثمانيين وعلى السواحل والشواطىء اللبنانية، فذاق لبنان من جرّاء ذلك مرارة العذاب والجوع طوال مدة الحرب الكبرى ما بين
1914 و1918. وحصار بري على جبل لبنان من قبل الاتراك بامر من جمال باشا، فمنعوع نقل الحبوب من البقاع الى جبل لبنان، الى مصادرة محصيل الحبوب والحيوانات من اللبنانين في جبل لبنان، فكانت السخرية فصادروا الاطباء والصيادلة للمجعود الحربي. وقد تفاقمت المجاعة في الولاية اللبنانية فبلغ عدد ضحايا الجوع في عام 1917 اكثر من نصف السكان الذين كانوا يبلغون في تلك  السنة حوالي الخمسمئة الف  نسمة. وقد زاد من هول الكارثة حلول اسراب من الجراد التي أكلت الآخضر واليابس. مقضية على الغلال والمحاصيل ومنعت الادوية لمكافحة الجراد،. وزاد من جشع التجار المحتكرين
وارتشاء الضباط الاتراك. وجاء قانون النقد العثماني بمساواة بين العملة الورقية والعملة الذهبية. ما أجهز على البقية الباقية من المصداقية المصرفية فقضي ذلك على الطبقتين الفقيرة والمتوسطة في جبل لبنان قضاء تامّاً. وفي نيسان 1916 وضعت الحكومة العثمانية في التداول عملة  ورقية لم تحصل على احترام الناس. وتذكر بعض التقاريرعن فقدان الخبز من الاسواق وان تنكة البترول زاد سعرها من 35-40 قرشا الى 125 قرشا.

وخلاصة القول، ان لبنان قد عانى من ويلات الحرب واهوالها فنكب باقتصاده وببوار مواسم الاصطياف ومن تأخر تحاويل المغتربين المالية الى اهلهم ومن الحصار البحري. وبالرغم من المال الذي كان يرد للناس من ذويهم في المهاجر ومن اعمال الغوث والاحسان الفرنسية والاميركية خاصة فقد برز شبح المجاعة في شتاء 1916 وتفاقمت المخاطر من جوع وانهيار الوضع الصحي العام وانتشار الاوبئة، بحيث انتشرت امراض التيفوس والديزنطاريا في ظل غياب شامل للادوية وغلاء فاحش على السلع الاستهلاكية وفرض ضرائب جديدة ظالمة للمجهودالحربي. وقد اجبرالكثيرون على بيع بيوتهم واملاكهم لقاء مبالغ بخسة.  
وحّلت آفة الجراد وانتشرت في البلاد فقد اذّل الجوع اللبنانيين  بعد ان وقعوا في معاناة اقتصادية واجتماعية مأساوية لم يعرفوا لها مثيلا طوال تاريخهم القديم والحديث . وقد بلغت المجاعة هذه الدرجة المتقدمة بسبب الحظر الذي فرضه جمال باشا على تصدير القمح الى لبنان وكل انحاء الجبل وامتدت الى بيروت والمدن الساحلية الاخرى.
واخذ سكان الجبل يتدفقون على بيروت وطرابلس زرافات اضناها الجوع. وصارت طوابيرهم التي لم يبق منها الا الجلد والعظم تفترش ارض الطرقات على مقربة من القصور التي كان اثرياؤها يقيمون فيها حفلات استقبال زاهرة للضباط وكبار الموظفين الاتراك ولشركائهم والمتواطئين معهم في تدبير الخطط والمؤامرات الليلية. وهكذا خلت قرى بكاملها من اهاليها الذين قضوا نحبهم
ولم تنته تلك المصائب إلا يوم انتصار الحلفاء في 30 تشرين الاول 1918. فعكف الفرنسيون عند عودتهم الى سوريا على انتشال لبنان من بين انقاضه .

 
 1.7- الناشطون  اللبنانيون

ان الوطن الذي شربنا ماءه وتنشقنا هواءه وترعرعنا في ربوعه الفيحاء وتنسمنا نسيم الحرية على جباله الشمّاء.  يتوقّع منا تضحيات عظيمة ، للذود عن حياضه ، والذبّ عن حوزته ، وتهيئة مستقبل مجيد له…فهيا ايها المواطنون الكرام ؛ هبّوا لنصرته فهو يستنجدكم ويستصرخكم. وحققوا الامال التي يعلّقها عليكم. وبرهنوا للملأ كله ان اللبنانيين المهاجرين قوم لا ينسون وطنهم ولا يضّنون بدمائهم في سبيل اعلاء شأنه ورفع منزلته  
                   نعوم مكرزل

تطلع الناشطون اللبنانيون الى مصير الوطن اثناء الحرب الكبرى وبعدها. فقامت جمعيات واحزاب وبرز ناشطون لبنانيون يدافعون عن القضية اللبنانية ويطالبون الدول العظمى باغاثة اللبنايين المنكوبين من جهة، وباعادة حدود لبنان التاريخية اليه وضمان استقلاله من جهة اخرى.
ومن اوائل هؤلاء
نعوم مكرزل 1932-1864. الذي ندّد بقوة من على صفحات جريدته “الهدى” النيويوركية بالسلطنة العثمانية التي اطاحت باستقلال لبنان غير مكترثة بالمواثيق الدولية الضامنة لاستقلاله، مستغلّة ظروف الحرب واعلان الاحكام العرفية في البلاد، للتنكيل باللبنانيين الاحرار وتجويعهم واذلالهم.
فدبّج المقالات النارية محتجّا ضد المظالم الحاصلة. وكان لذلك  اصداء فاعلة في لفت انظار سفراء الدول وفي تحريك مشاعر المجتمع الدولي.
فتأسست الجمعيات الاميركية لاغاثة المنكوبين. وهبّ المهاجرون اللبنانيون يؤلفون الجمعيات الوطنية ويعملون لنصرة لبنان ومساعدته في الخلاص من محنته.
وقد شرح مكرزل مفهومه للاستقلال اللبناني الذاتي وكيفية نقضه من الدولة العثمانية بقوله “منذ العصور الاولى، تمتع لبنان بنوع من الحكم يختلف عن انواع الحكومات التي رضخت لها بقية سوريا. واضحى لبنان بعد الفتح الاسلامي لسوريا ملجأ  للنصارى. وظل اللبنانيون مدة سبعة قرون تقريبا يصدّون غارات متناوبة من الولايات المجاورة ويذودون عن استقلالهم ومعتقدهم الديني لكنهم فقدوا استقلالهم المطلق بانقراض امراء المردة قبل الفتح العثماني…
واكتفت الحكومة العثمانية على عهد المعنيين والشهابيين بتقاضي ضريبة سنوية خفيفة من لبنان. وبعد ان اخلى المصريون سوريا في سنة 1840 ، رأى الاتراك ان الفرصة سانحة لهم لنشر سيطرتهم على لبنان. فشرع عمّالهم بزرع بذور الشقاق بين المسيحيين والمحمديين انتهت بمذابح 1860.
وفي حزيران 1861 وقع ممثلو الدول بروتوكولا يقضي باقامة شكل حكومة جديدة في لبنان تحت مراقبة دول اوروبا الضامنة استقلال لبنان النوعي. فضمن له حكومة ثابتة خالية من تدخل الاتراك. أن الحقائق التاريخية المذكورة آنفا تبرهن ان لبنان لم يكن في وقت من الاوقات مقاطعة عثمانية. بل كان في جميع اطواره حائزا على حكم ذاتي او حكم يشبه الاستقلال المطلق.
اما وان الحكومة التركية باحتلالها لبنان بالقوة المسلّحة وضمها اياه الى املاكها. قد نكست بعهودها. فنحن نرضخ للقوة القاهرة ولكننا نرفع صوتنا احتجاجا. حتى اذا ما كان وقت التسوية نلنا تسوية حقوقنا المهضومة.
وكانت لجنة من لبنانيي الخارج في مصر قد انشأت
“الاتحاد اللبناني سنة 1909. بهدف اثارة رأي عام لبناني في الوطن والمهجر، يدعو الى الحفاظ على استقلال لبنان وعدم الانضمام الى الدولة العثمانية. 
ومع تفاقم المجاعة في لبنان وتوالي اخبار النفي والاعدام بحق اللبنانيين الاحرار ارسل رئيس الاتحاد مذكرة الى الدول الكبرى في 26 شباط 1917 وقعها المطران يوسف دريان العشقوتي، ممثلا البطريركية المارونية في القاهرة، للاحتجاج على الدولة التركية لاقدامها على الغاء نظام لبنان الاستقلالي الذي ضمنته الدول الاوروبية والذي تمسّك به اللبنانيون وما انفكوا يطالبون بصوت جمعياتهم في مصر واوروبا واميركا بالمحافظة عليه.
وقد اعلن يومئذ رئيس الاتحاد يوسف السودا "نحن اليوم امام معاهدة دولية تكفل لنا الاستقلال النوعي بضمانة الدول، وان غاية ما نطلبه هوالاعتراف لنا بالاستقلال التام الذي لم يسعدنا الحظ بالحصول عليه سنة 1861 ضمن حدود بلادنا التاريخية".
وقد رفع الاتحاد اللبناني الى الدول مذكرة باماني الشعب اللبناني الوطنية في كانون الثاني سنة 1918 جاء فيها :” ما دام تقسيم الولايات العثمانية المنتظر يشمل سوريا ولبنان، فالمسألة اللبنانية هي منفصلة عن المسألة السورية، فلبنان كان في عهد الامبراطورية العثمانية امارة تتمتع باستقلالها الداخلي. وقد جعلت معاهدة 1861 ذلك الاستقلال بضمانة الدول الاوروبية الكبرى.
كما ارتفع صوت
داود بركات سنة 1918 قائلا: "ان اجمل ما يملأ القلب حبورا رؤية الاخوة في الوطنية مجتمعين لنداء وطنهم مترابطين باسباب محبته. فباسمه يكونون كالشخص الواحد وبذلك الاسم ينسون الفوارق والفواصل.
فكلنا لبناني واذا ما قيل لبناني احس كل واحد منا انه المراد بهذا الاسم ،
فهو اسم الكبير منا والصغير والغني والفقير هو اسمنا جميعا.
وبهذا الاسم تمحى الفوارق وتزول الفواصل فلا مسيحي ولا درزي ولا مسلم ولا يهودي بل لبناني فقط. فلنجتمع ولنتحد لنقوى
".

وكانت قد تألّفت في باريس سنة 1908 رابطة من اللبنانيين هدفها السعي لتحقيق استقلال لبنان الناجز. وانتخبت شكري غانم رئيسا لها وخيرالله خيرالله امينا عاما. وقد طالبت هذه اللجنة باسترجاع لبنان لسهل البقاع وتعديل سائر حدوده بما يتفق والحدود الطبيعية التاريخية. وفيما كان شكري غانم يؤكد ان لبنان يشكل برأيه جزءا من سورية الطبيعية، وانه مع وصاية فرنسية على سورية بكاملها بقي خيرالله خيرالله الصحافي في جريدة Le  Temps  الفرنسية يطالب  باستقلال لبنان التام وحقه في الحياة الحرّة. ويعقد لهذه الغاية ندوات في المحافل السياسية والاكادمية لطرح القضية اللبنانية

ثانوية برمّانا، 1890، أعرق مدارس لبنان
 
 
 
مجلة الهلال، لللبناني جرجي زيدان في مصر خلال عهد المتصرفية.
 
 
 
نهاية رسالة تحمل توقيع المطران يوسف دريان وتوقيع رئيس الاتحاد اللبناني اسكندر عمون .
 
  2- أسر حكمت أجزاء من لبنان في ظل الحكم العثماني
  • آل علي الصغير
     

  • آل حرفوش ( 1466م- 1880م): حكام بلاد بعلبك ينتهي نسبهم إلى حرفوش الخزاعي، من خزاعة العراق، سار جدهم مع سرايا الفتوح واستقر في غوطة دمشق. ولما توجه أبو عبيدة بن الجراح إلى بعلبك عقد للخزاعي راية بقيادة فرقة.
     حيث دانت من بعلبك وقراها بعد ذلك لحكم الامراء بني الحرفوش وهم عائلة من الشيعة. امتد نفوذ هذه العائلة من حماه حتى صفد، ومارست تأثيراً مباشراً في ولايات حلب ودمشق وطرابلس، كما ذكر البطريرك مار إسطفان الدويهي في كتابه تاريخ الأزمنة، أن حكمهم وصل إلى تدمر بسوريا.
    وهذه العائلة حكمت قسماً كبيراً من لبنان، وربما القسم الأكبر مساحة وسكاناً وجباية، بالإضافة إلى المناطق الوسطى من سوريا في فترات كثيرة. وبرز منهم ساسة وأعلام في الفقه والشعر، وخلفوا آثارا ما تزال باقية من القلاع والحصون والمرابط والمساجد والأوقاف.
    وكان الأمراء الحرافشة يقومون (بالإضافة إلى مهامهم في الحكم) بالولاية الشرعية عليها. وقد غاب ذكر هذه العائلة في التاريخ الرسمي للبنان مع أن تاريخها استمر أكثر من أربعماية عام.
    ويقول البروفسور ستيفان ونتر إزاء هذا التجاهل إن تاريخ أمراء الدولة العثمانية الشيعة هو البديل للروايات الشائعة، عن الملجأ الدرزي الماروني الجبلي، الذي أصبح فيما بعد لبنان، وهو يتحدى المرويات اللبنانية في جوانب مختلفة. إن غموض الصورة التاريخية في لبنان يعود إلى أن المؤرخين المحليين طلبوا من وقائع التاريخ أن تشهد بأن هوية هذه المناطق تعود إلى الدروز والموارنة لا إلى الطارئين.
     

  • آل منكر

  • آل معن
     

  • الأسرة الشهابية: ضم بشير الثاني (1795 - 1840) جبيل في الشمال ووادي البقاع إلى حكمه. وفي 1819 عين حاكم جديد في عكا هو عبد الله باشا، الذي فرض جزية كبيرة على لبنان، فثار الفلاحون ورفضوا دفع الضرائب لبشير الثاني ولم يستطع جمع المبلغ الملطلوب، ولم يستطع السيطرة على الأوضاع إلا بمساعدة الشيخ جنبلاط.
    في عام 1822 هرب بشير إلى مصر واستلم الجنبلاطيون الزمام الفعلي للأمور. ولكن بشير ما لبث أن عاد ونكل بآل جنبلاط وآل أرسلان، وفي عام ،1831 لدى وقوع لبنان في سيطرة محمد علي، كان بشير حليفا وتابعا له حتى عام 1840 حيث إضطر لمغادرة لبنان حيث قامت ثورة فلاحية ضده وضد الحكم المصري.
    عاد ملاك الأراضي الدروز بعد عزل بشير الثاني، فقاومهم الموارنة الذين كانوا قد حلّوا في بعض أراضي الدروز، فتدخلت القوى الأجنبية ودعم الفرنسيون الموارنة ودعم الإنجليز الدروز. وفي أكتوبر 1841 قام الإقطاعيون الدروز بانتفاضة ضد بشير الثالث الذي عينه الباب العالي، وحصلت مجازر متبادلة، فكانت الغلبة للدروز وسيطروا على جنوب لبنان.أرسل الحاكم العثاني قواته إلى لبنان فعزل بشير الثالث وتحولت امارة لبنان إلى ولاية عثمانية عادية.
    وعين عمر باشا واليا على امارة لبنان. قمع عمر باشا الدروز، فأرسل ثمانية من شيوخ الدروز إلى بيروت الى العتقال، وعاد الموارنة الذين هربوا من المناطق الجنوبية بعد أحداث 1841.
    تدخلت القوى الأجنبية في لبنان مرة أخرى، وأجرى الحاكم التركي استفتاء في صيف 1842 أظهر ان الموارنة يريدون إمارة لبنان بحاكم من إسرة الشهاب. اما الدروز فاظهروا رغبتهم بالحكم التركي المباشر، ولكن ما لبثوا ان انتفضوا في أكتوبر 1842 مطالبين بإطلاق سراح الشيوخ واستقالة عمر باشا، فسحق عمر باشا الانتفاضة وأحرق قصر آل جنبلاط.
     

  • آل جنبلاط

  • الحماديين

  • آل سيفا

 
 
 
 www.puresoftwarecode.com  :    HUMANITIES Institute  ART Institute & Others
 SOFTWARE Institute  CHRISTIANITY Institute    
   "Free, 100 Software Programming Training Courses"       Le HANDICAP c'est quoi ?   (in French)  Basilica Architecture, in the Shape of a Cross
 VISUAL STUDIO 2010 in English  Holy BIBLE in 22 Languages and Studies ...  Drugs and Treatment in English, french, Arabic  Old Traditional Lebanese houses
 VISUAL STUDIO .NET, Windows & ASP in English  220 Holy Christian ICONS  Classification of Wastes from the Source in Arabic  5 DRAWING Courses & 3 Galleries
 VISUAL STUDIO 6.0 in English  Catholic Syrian MARONITE Church    Meteora, Christianity Monasteries - En, Ar, Fr
 Microsoft ACCESS in English  HOLY MASS of  Maronite Church - Audio in Arabic  Christianity in the Arabian Peninsula in Arabic  Monasteries of Mount Athos & Pilgrimage
 PHP & MySQL in English  VIRGIN MARY, Mother of JESUS CHRIST GOD  Summary of the Lebanese history in Arabic  Carved Rock Churches, in Lalibela, Ethiopia
 SOFTWARE GAMES in English  SAINTS of the Church  LEBANON EVENTS 1840 & 1860, in Arabic  
 WEB DESIGN in English  Saint SHARBEL - Sharbelogy in 10 languages, Books  Great FAMINE in LEBANON 1916,  in Arabic  my PRODUCTS, and Statistiques ...
 JAVA SCRIPT in English  Catholic RADIO in Arabic, Sawt el Rab  Great FAMINE and Germny Role 1916,  in Arabic  
 FLASH - ANIMATION in English  Читать - БИБЛИЯ и Шарбэль cвятой, in Russe  Armenian Genocide 1915  in Arabic  4 Different STUDIES
 PLAY, 5 GAMES  Apparitions of  Virgin Mary - Ar   Sayfo or Assyrian Genocide 1915 in Arabic  SOLAR Energy & Gas Studies
     Christianity in Turkey in Arabic  WELCOME to LEBANON
 SAADEH BEJJANE Architecture      YAHCHOUCH, my Lebanese Village
 CARLOS SLIM HELU Site.  new design    Prononce English and French and Arabic Letters  ZOUEIN, my Family - History & Trees
       Chucri Simon Zouein, Computer engineer
     
echkzouein@gmail.com
© pure software code - Since 2003