Pure Software code
                       
 
www.puresoftwarecode.com

SOFTWARE Institute
Teach                           YourSelf
100 Software Programming Training                           Courses
For Free                           Download


CHRISTIANITY                           Institute
HUMANITIES                           Institute
more the 400 Subjects,                           All for Free Download.                        
Lebanon  
Humanities Institute
Great Famine of Mount Lebanon       
 
 
 

Menu, Great Famine 1915 (Arabic)

  Home: Humanities Institute,  ابادت المجاعة، 200 الف انسان مسيحي جوعا
Home
المسيحية تاريخيا، تحليلات في المجاعة الكبرى في جبل لبنان 1918-1915
ثلث مات وثلث هاجر وثلث تسمّر بالأرض... ليبقى لبنان
  1- مقدمة، اكانت ابادة!

 يومها وفي الجبل اللبناني، كان اجدادنا اللبنانيون ، ضحية الدولة  العثمانية التي طال احتلالها لبلادنا، ودول تصارعها وتتصارع في ما بينها من أجل مصالحها، على هذه الضفة من المتوسط. فبلغ الأمر إلى أن أطبق الحصار على أهل الجبل، برا وبحرا، فجاعوا وأكلوا مؤونتهم وحيوانهم، وغزاهم الجراد فلم يترك لهم شىء من بذار أرضهم وبعض ما يعطيه الغاب والحقل، فباعوا الأغلى من المقتنيات والأرزاق. الى ان ماتوا جوعا على الطرقات وفي الحقول، من دون أي كرامة إنسانية.  أنها حقا أعظم كارثة عرفها تاريخ لبنان.

في ظل الحكم العثماني، كان جبل لبنان المسيحي اللون نسبيا، يحظى سياسيا، ككيان مستقل تحت اسم متصرفية جبل لبنان، عدا حوالي 450 الف نسمة عام 1915. ومع المجاعة تضرر قاطنيه بشكل كبير، الى درجة تمخض من رحم هذا الضرر هذه المقولة: ثلث مات وثلث هاجر  وثلث تسمّر بالأرض... ليبقى لبنان

في وقت، كان البعض يشكك في الرقم المتداول عن ضحايا المجاعة وهو 200 ألف، وكان يظنه مبالغًا فيه. الى أن وجدت باحثة في أرشيف إحدى دول المحور وثيقة تتحدّث عن أرقام مماثلة. ولواقعية الرقم، نجد أن مقبرة في زغرتا ضمت 3800 ضحية من ضحايا المجاعة.
لكن الحيرة والتساءل ياتيان من سبب نسيان الدولة اللبنانيّة هذه المأساة.

ومع العام 1920،  شكل هذا الجبل نواة الجمهورية اللبنانية  بصيغتها الحالية، فتوسع لبنان والتحمة المناطق الزراعية مثل وادي البقاع الشرقي مع منطقة جبل لبنان و كذلك المناطق الساحلية ضمانًا لاستمرار الجمهورية الفتية.

اما السوال:
  • هل صحيح؟ الكلامٍ الغير المؤاثق المنسوبَ إلى أنور باشا أثناء مروره بسورية في شباط/ فبراير عام 1916،  ومفاده: «ينبغي تنظيف الإمبراطورية من الأرمن واللبنانيين. قضينا على الأرمن بحد السيف، وسندمّر اللبنانيين من خلال المجاعة

  • اليس برضى العثمانيون، اشتر الالمان غالبية الحنطة وغيرها من بلاد الشام وباسعار مرتفعة دون قراءة حاجات السوق المحلي.

  • غزو الجراد في نيسان 1916 الى جبل لبنان، اما هو جريمة عن سابق تصور وتصميم نفذها العثمانيون بجلب بيض الجراد ونشره في جبل لبنان ففقس وتطور في تدمير حياة الجبل. فشهر نيسان  كتاريخ وحياة الجرد وتتطورها العلمي، يجب ان تخضع للتحقيق العلميا.

  •  الامراض التي ضربت جبل لبنان، هل هي بافتعال عثماني او طبيعية، يجب على التحقيق ان يصوب الامور

  • الملكيات العينية  والغير العينية، للمئتي الف ضحية استشهدوا في المجاعة، هل كانت حلال لمن ضمها الى املاكه. هل التغيب والتناسي لجريمة المجاعة خلفيته طمس حقيقة الاملاك وضمها. وتورط العلمانيين والاكليروس بذلك

  • كثيرا من الزعماء والوجهاء وكبار السلطة بلغوا هذه المراكز بعد المجاعة، نتيجة هجرة ثلث سكان الجبل ومن بينهم ذو شان. فخوفا من ان يعود المهاجر وينحيهم عن نفوذهم. تضامنت هذه النخبة لطي الماساة ودفنها في ظلمة النسيان

  • شارك المسلم في لبنان شريكه المسيحي في التعتيم لمصلحة في نفسه،  شرعه يشرع له تعدد الزوجات، ومع تراكم الزمن يصبح المسلم ديموغرافيا متفوق عدديا، فيحكم بعدده. وكما يقال المسلم ينجب الاطفال والمسيحي يربيهم. ولزمنه نطرد المسيحي اونهجره او ناسلمه. هذا هو خبث المشاركة والمصلحة في طي ونسيان الماساة

،
خارطة جبل لبنان بظل العثماني
  2- وقائع المجاعة وأسبابها ونتائجها وأبعادها، 1918-1915
 
  2.1- مأساة  بقيت طي النسيان
  • ظاهريا كما يقال،لانها لم تكن تشكل عامل وحدة في الجمهورية اللبنانية الناشئة حينها، باعتبار انها طالت المسيحيين اكثر من المسلمين، وذكرها الآن لن يخدم وحدة البلاد.

  • باطنيا،  روج في اذهان الناس الشعور بالخجل والذنب من هذه الحقبة، على ضوء المقولة: "ان الموت جوعا ليس عملا بطوليا على غرار الموت خلال الدفاع عن القرية او في الخنادق".
     

  • اما الغايات من بعضها:
    • في تاريخه، كانت الغالبية العظمى من سكان جبل لبنان امميين، وكانت العادة عند المسيحيين او الموارنة في القرى، يعتبرون وجيه او وجهاء العائلة، وشيخ الصلح والمختار، وكاهن الكنيسة، ورئيس ورهبان الاديرة المواتمنون على خصوصياتهم من مراسلات وحجج اراضي واموال وغبره، وبمشورتهم  يتصرفون. ومع المجاعة والموت والهجرة، حصد بعض هؤلاء المواتمنون الاحياء على ملكيات الاموات والمهاجرين. وللحفاظ  على هذه الغنيمة سرا، فسعوا ونجحوا في تغيب الماساة وطيها. 
       

    • بالموت والهجرة، كثيرا من الزعماء والوجهاء وكبار السلطة بلغوا هذه المراكز نتيجة الماساة. فخوفا من ان يعود المهاجر ذو الشان وينحيهم عن نفوذهم. تضامنوا هولاء النخبة لطي الماساة ودفنها في ظلمة النسيان.
       

    • في 1950، قامت الدولة اللبنانية بمسح عقاري عام للبنان، فشرع وضم المواتمنون وغيرهم عقارات الاموات والمهاجرين الى املاكهم. فارتاحوا لان المية مية، وان ظهر للمية وريث، فقانون المساحة اشترط على المعترض منحه فقط زمن عشر سنين من تاريخه للاعترض مع الدليل. اما للمهاجر، وبارغم من الزمن المفتوح للاعتراض، تجاهل المهاجر الاملاك في لبنان، لكي لا يفقد جنسية بلد المهجر، لان القوانين هناك، وفي تاريخه، لا تعترف بتعددية في الجنسية. فكان هولاء المختصبون الجدد الحلفاء الابرز لطي ونسيان الماساة.
       

    • ناسف ان الكنيسة المسيحية في لبنان، كانت وما تزال تشارك في طمر الحقائق، اما ترهيبا او خوفا ولمصلحة. فيوم كانت تتجاهل الاغتراب عندما كانت مداخيلها مرتفعة داخليا، نراها من فترة غير بعيدة تنفتح على الاغتراب لتعويض النقص في مداخيلها. ناهيك لمجاراتها الدولة اللبنانية بالصمت، على الاصدارات المتجددة والمتتالية للهوية اللبنانية وحصرها بالمقيميم فقط، فيشطب ويلغى من دوائر النفوس كل  انسان غاب او هاجر حديثا. وهذا كله من مفاعيل طمث الحقائق الدائمة والمتجددة.
       

    • وكان للشريك المسلم في لبنان مصلحة في هذا التعتيم، لان شرعه يشرع له تعدد الزوجات، وبهذا ومع تراكم الزمن يصبح هو ديموغرافيا الاكثر والمتفوق، فيحكم بعدده. وكما يقال المسلم ينجب الاطفال والمسيحي بربيهم، لزمنن فنطرده اونهجره او ناسلمه. هذا هو خبث المشاركة في طي ونسيان الماساة.
      وينسى الجميع ان المنادات بالديموقراطية اليوم لا يعني اغفال الامس، فالديموغرافيا لا تعني الغاء الاخر. فاذا الشرع الاسلامي يشرع اربع زوجات، فحين الشرع المسيحي يشرع الزوجة الواحدة، فالاحصاء الرسمي الديموقراطي، يكون على الشكل التالي: فيحتسب للاسلام ان العدد الرسمي نتيجة القسمة على اربعة، بالمثل ان تعدد المسلمين مليون بيما الاحصاء الرسمي يعترف ب250 الف فقط. فالنظام نظام موحد عالميا، والا لا يكون. فالشرع والشرائع هي ملك الفرد وحده. اما في الجماعة المتعددة فحق النظام يطبق سواسية على الجميع.   

  2.2- العوامل التي تضافرت للمجاعة في لبنان
 من هذه العوامل في تاريخه، بعضها:
  • الحكم والحاكم من يكن، المسؤول والمتهم الاول عن اي ازمة تصيب رعيته، من كان المنفذ. فالعثماني المحتل لبنان منذ 400 سنة وجمال باشا السفاح الحاكم، هما وراء المجاعة في لبنان. اما لفشلهم في ادارة لبنان او لغاية في ابادة اللبنانيين، 200 الف جريمة قتل ارتكبوا .

  •  الحصار البري الذي فرضه الحاكم العثماني العسكري جمال باشا، العامل الابرز في خنق سكان منطقة جبل لبنان الذين كانوا بمعظمهم من المسيحيين الموارنة المحميين من فرنسا. وادعائه بنظره، الخوف من الموارنة بدعم حملة الحلفاء، لذا كان لزاما تجويعهم قبل ان يتسلحوا.

  • الواقع الجغرافي لجبل لبنان إذ كانت اراضيه لا تؤمن الغذاء الا لاربعة اشهر في السنة

  • شراء المانيا غالبية موارد سوريا ولبنان وفلسطين، وخصوصا الحبوب باسعار مرتفعة، فاستغل المحتكرون من تجار الظرف لجني الارباح ولو بالتضحية باهل بلدانهم.

  • الحصار البحري الذي فرضه الحلفاء على البحر الابيض المتوسط لقطع الامدادات عن العثمانيين

  • نيسان 1915، جحافل من الجراد غزى البلاد والتهم  كل شيء، حتى قيل ان اسرابها غطت قرص الشمس.

  • مصادرة العثمانيون المحاصيل والأملاك الى الحيوانات التي كانت تستخدم في النقل وانتاج المحاصيل وغيره، لخدمة المجهود الحربي العثماني

  • هروب الشباب من الأراضي الزراعية في الريف إلى الاغتراب هربًا من التجنيد الإجباري العثماني وعمل السخرة

  2.3- من مخلافات المجاعة في لبنان
  بعضها:
  • أن السياسة ليست وحدها المسؤولة عن محو القيم الأخلاقيّة، بل إنّ التاجر والمُرابي وصاحب الاحتكار عرفوا جيدًا كيف يستفيدون من المجاعة الكبرى من أجل تجميع ثروة.

  • عدد من العائلات لبنانية اصبحت ثرية من خلال بيع منتجات كانت مخزنة لديها بأسعار باهظة.

  • نساء  باعت اجسادهن للحصول على كسرة خبز - (يا للمعاير، يا لمرضى العقول المنحطين، 200 الف انسان ضحية مجاعة هو حلال وفخر الشرف، امراة او نساء باعوا اجسادهم هو حرام وانتقاص الشرف، رجال اشتروا اجساد نساء وباعوا اجسادهم حلال وفخر الشرف) ،

  • تخلى رجال عن اراضيهم للحصول على برتقالة.

  • اضافت الى الجوع،  قرى باكملها خلت بعد وقوعها فريسة امراض التيفوئيد والكوليرا التي انتشرت كالنار في الهشيم.

  • ونقلا عن شاهد قوله ان الناس وبفعل الجوع والامراض "كانوا ينهارون على الارض ويتقيأون دما". ويضيف "كانت جثث اطفال تلقى بين اكوام النفايات".

  •  ونقلا عن "الناشطة الاصلاحية التركية خالدة اديب": "انها لم تعد تجرؤ على النوم في بيروت لانها كانت تسمع طوال الليل اشخاصا يصرخون: جوعان جوعان (أنا جائع)".

  • وشهادة لكاهن، يقول: عثرت عام 1917 على ارملة ميتة منذ ثلاثة ايام مع طفلها البالغ عشرة اعوام.  ويضف راويا  ان "الفئران (...) قضمت اذنيهما ووجنتيهما وكان بطن الطفل مفتوحا"

  • ناهيك عن حالات أكل لحوم البشر على غرار اقدام رجل على قتل طفليه البالغين ثمانية وعشرة اعوام ليقتات منهما.

  • وصور نادرة صادمة، هي الشاهد المادي الوحيد المتبقي كدليل يثبت هذه المأساة، ، للانسان البطل "ابراهيم نعوم كنعان"، التي كان قد التقطها بالرغم من الرقابة العثمانية المشددة: من بينها امرأة نحيلة برزت عظامها تتناول قطعة من الخبز واخرى لجثث هزيلة مرمية على الارض.  

 
  3- الجراد يغزو لبنان، نيسان 1915

 جغرافيا، مرّ الجراد سريعاً في الجزائر، ففتك بالأراضي الزراعية،و خلّف خسائر مادية كبيرة. ثم انتقل شرقاً حيث ملأ فضاء القاهرة لبضعة أيام، لكن الرياح بعثرته في خريف 1914 ليصل الى فلسطين، الأردن، سوريا ولبنان.
في  1915، كانت نكبة لبنان من الجراد، ما بعدها نكبة.

مع العلم ان  ظلم المجاعة، كان قد انطلق بحكم جمال باشا السفاح ضد اللبناني بسوط الضرائب والخدمة العسكرية. ثم الى سفر برلك حيث حفر اللبنانيون جبال تركيا بأيديهم، وخاضوا حروباً لا ناقة لهم ولا جمل فيها. فمن ذهب منهم الى الحرب من الصعب كان أن يعود.
ومع التراكمات اكتمل الظلم وابادة اللبنانين وبالاخص المسيحيين. حصار تركي بري
، حصار بحري من الحلفاء، المانيا تشتري باسعار مرتفعة موارد سوريا ولبنان وفلسطين خصوصا الحبوب وتنقلها الى بلادها، الجراد يغزو لبنان اكلا الاخضر واليابس، تركيا تفرض الضرائب غير المحدودة على اللبنانين ونظاام السخرية وتصادر الاطباء والدواء والمحاصيل الزراعية والخشب الاخضر واليابس والحيوانات باسم المجهود الحربي حتى الى فرض الخدمة العسكرية وغيره...11111

 3.1- ومع الجراد، اكتمل مشهد المجاعة
 
  • ففي أوائل نيسان 1915، بعد سنة واحدة على اشتعال الحرب العالمية الأولى الكبرى وماسيها، غزا الجراد لبنان، فانتشر في سمائها حتى حجب أشعة الشمس، وقضى على كل ما هو أخضر، فأكل النبات حتى نهش من لحم الناس الذين ارتموا على قوارع الطرقات من الجوع.
  • فارتفعت أسعار الطعام وفقد من بعض القرى والمدن، فأخذ الشعب يموت جوعًا، وراح الإقطاعيون الإغنياء يبيعون القمح مقابل الأراضي الزراعية، فازداد إقطاعهم، في حين فرّ من فاز ببطاقة سفر وتأشيرة هجرة الى ما وراء البحار.
  • وباسم الحرب، انتشرت سياسة قطع الأشجار لتدفئة جنود الجيش العثماني ولاستعمالها بدل الفحم الحجري في القطارات .وسخر العمال في مشاريع عسكرية.
  •  هكذا قضى العثمانيون والجراد على الأخضر واليابسس، ولم يبق للبناني الا البحر، اذا توفر السبيل.
     
  • بالعودة الى الجراد، طفق اللبنانيون في كرومهم وممتلكاتهم يلهجون بالدعاء إلى الله أن يبعث طير السمرمر على أسراب الجراد. لان هذا الطائر مشهور بقدرته القوية في ابادة الجراد مهما عظم تعداده.
    وبالمناسبة راجت هذه المقولة:     
    يا سْمُرْمُر قوم قوم             الجراد تلاّ الكروم
     
  • ويروى:  إذا أوى الناس إلى بيوتهم سدوا كل المنافذ عليهم خوفاً من أن يقتحمها الجراد .
     اما أكثر ضحايا الجوع خلال هجمة الجراد على لبنان في نيسان 1915، هم أهالي كسروان جبيل والبترون حيث قتل الآلاف منهم خلال أشهر الربيع.
     
  • من كتاب االخوري انطوان يمين، لبنان  في  الحرب، انبثق  فجر  اليوم  التاسع  من  نيسان  ولم  نر   لذاك  النهار  شمسا.  فأن  جحافل  الجراد  الجرّارة  حجبتها  عن  الابصار  فصيّرت  النور  ظلاما  .  …وفي  اليوم  الموافق  15  ايار  شاهد  بعضهم  شراذم  تزحف  في  الجهات  الساحلية  فذاع   الخبر  في  البلاد  بسرعة  وبار  القوم  من  كل  النواحي  لمحاربته  واتلافه  … لكن  عجزت  القوى  امام  ذاك  التيّار  الهائل  الذي  محا  عن  ارض  بلادنا  كل  اخضر  ويابس    فتعرّت  المروج  من  مزروعاتها  والحقول  من  خضرتها  والبساتين  من  رونقها  والاشجار  من  ورقها  والكروم  من  عنبها  والفاكهة  من  اثمارها  ولسوء  حظ  جبلنا  المسكين  لم  يكن  اعتداء  العساكر  التركية  المتفرّقة  في  سائر  جهاته  اخف  وطأة  من  مضار  ذلك  الجراد  الفتاك  .  فما  سلم  من  اشجاره  وما  نجا  من  حقوله  وبساتينه  من  أذى  الجراد  وقع  في  ايدي  اولئك  الجنود  السفلة  …الذين  سرّحوا  مواشيهم  في  الحقول  والمروج  ولم  يكن  من  يتجا سر  على  ردعهم . فالتهمت  المواشي  كل  ما  مرّ  امامها  من  المزروعات  .  اما  هم  فاخذوا  يطوفون  في  الكروم  والبساتين   والاحراش  بيدهم  المناجل  والفؤوس  يقطعون  الاشجار  الحرشية  واغراس  العنب  والتين  والزيتون  وكل  شيء  مثمر  …فكانت  مضار  الجراد  وفتكات  العساكر  من  اهم  مسببات  الغلاء  والشقاء  والفقر  والجوع  والموت  في  بلادنا…
     

  • ومع واقع انتشار الجراد في جبل لبنان، "حتى حجبت الشمس كما يقال"، فتح البطريرك الحويك أموال البطريركية المارونية وأمواله الخاصة لمساعدة وإطعام الفقراء. فعمّت المجاعة في لبنان وسوريا. ففي لبنان، مات ثلث السكان من الجوع. ناهيك ان جمال باشا السفّاح، حاول نفي البطريرك الحويك، لكنه فشل في ذلك.
     
  • وقال طبيب أميركي عاد من بيروت سنة 1916 : "كنت أرى في شوراع بيروت وبعض القرى اللبنانية ، الأولاد والنساء والرجال يلتقطون قشر البطيخ والليمون من الأوحال ويأكلونه، وشاهدت بأم عيني التراب وقشر الليمون في معد كثيرين ممن أجريت لهم العمليات الجراحية، في أحد المستشفيات في بيروت.
    حتى أن تلاميذ الكلية الأميركية كانوا يفضلون البقاء في المدرسة، على الذهاب الى بيوتهم لعدم وجود الأكل الكافي فيها. ثم تفشت الأمراض، وقلما شفي أحد منها لنفاذ الأدوية والعقاقير الطبية.
 3.2- شهادة حية عن جراد 1915
ويروي السيد منصور ملحم أبو غانم مواليد 1902، من بمهريه في قضاء عاليه والمقيم في المريجات في البقاع، عن كارثة الجراد:  
"كنت في مطلع شبابي عندما حلت كارثة الجراد، فغطت بلدتي بمهريه ـ قضاء عاليه، يومها كنا نتابع أعمالنا الزراعية والاهتمام بتربية المواشي. تنامت أسراب الجراد حتى حجبت نور الشمس في عز الظهيرة، فيما غطت أسراب أخرى كل ما هو أخضر".
"كانت لحظات مرعبة والأيام الأولى كانت كفيلة بأن يفتك الجراد بالبساتين والمزروعات، وكنا بحاجة إلى بعض الوقت للتأقلم مع هذا الزائر المصيبة وأخذ المبادرة لمكافحته. وهكذا وجهنا والدي لهذه المهمة من خلال العمل فجراً أي قبل أن ترتفع حرارة الشمس ويبدأ بالطيران لمفاجئة الجراد الزحاف، هو الجراد الوليد الجديد للبيض الذي يضعه الجراد الكبير وقد كان يخلفه بكميات كبيرة ومرعبة. وذلك بالزام  كل فرد من العائلة، كما هو حال كل الأهالي، أن يلتقط من الجراد كمية يتراوح وزنها ما بين رطل وثلاثة أرطال. صحيح أن العملية مضنية وليست الحل الجذري للمشكلة لكنها كانت تخفف بعض الشيء من الآثار المدمرة للحشرة".
ويضيف "انه لاشهر عدة طالت تلك الموجة، فقضت على كل ما هو أخضر، وخلفت مآسٍ إنسانية واجتماعية واقتصادية لم يشفَ منها الأهالي خلال السنوات العشر التي أعقبت الكارثة، والأخطر من ذلك أنها لم تبارح مخيلتهم إطلاقاً."
ويتابع قائلا: عام 1929 غز الجراد الساحل اللبناني في منطقة انطلياس. ويومها انا منصور، كنت مسؤولاً في مخفر درك انطلياس، ولابعاد الخطر عن اليساتين المزروعات، تعاونا وأصحاب البساتين، فحفرنا خندق طويل امتد من نهر الكلب الى نهر الموت وبعرض مترين بمحاذاة الشاطئ، وركبنا سياج من الأعشاب اليابسة على أحد طرفي الخندق ولدى محاولة الجراد التقدم من ناحية الشاطئ باتجاه البساتين وقع في المصيدة، لأن الجراد الزحاف لا يستطيع القفز فوق هكذا خندق، وبوقوعه، إشعالنا النيران بعد صب مادة الكاز. وهكذا نجحنا سنتها في القضاء على الجراد".
اما عام 1933، غزا الجراد بعض مناطق البقاع، لكن بنسب اقل.
 
 3.3- في القرن التاسع عشر كان للجراد، الضيف الثقيل، عدة زيارات للبنان

كما يروى قديما، كافح أجدادنا في بيروت الجراد وإتلفوه مستعملين وسائل مختلفة بقيت بعض رواسبها الفولكلورية مختزنة في الذاكرة الشعبية . كالاستعانة بطائر السمرمر وبالأدعية وغيرها.

  • روى المرادي في كتابه، سلك الدرر،  في سنة  1650 قدم الجراد الى الشام، فكافحوه بكتابة له مراسلات ادعية لله علقت في أماكن من الارض، فلم يصر ضرر على الزرع.

  •  وأخبرنا الأمير حيدر الشهابي في كتابه، الغرر الحسان، في تموز 1816 غزا الجراد من يافا الى اللاذقية والشام ووادي التيم وجبل لبنان، وان الله تعالى أرسل طائر السمرمرفأهلك الجراد

  • في  أيار 1812  قدم الجراد الطيار من فلسطين وغزا سواحل لبنان حتى طرابلس فأمر الأمير بشير بأن يجمع كل رجل نصف مدّ من بزره فجمع منه ما يزيد عن خمسين غرارة وأبادوه بالحريق. 

  • في تموز  1816 قدم الجراد وغزا وادي التيم وجبل لبنان وفقس وزحف حتى ملأ الأرض فأدركته العامة بالحريق والقتل وأبادوا منه الكثير.

  • في نيسان 1819 غزاالجراد يافا حتى  عكار ونبه الأمير بشير على الجميع للذهاب ومكافحته حتى أن عبد الله باشا والي عكا توجه بذاته لمكافحة الجراد، وقيل ان ذلك غيرة من الأمير بشير

  • في نيسان 1825 أتى الجراد بكثرة عظيمة من الجنوب وملأ المنطقة من عكا الى طرابلس وبقي ثمانية أيام في مسيرة متواصلة وبعد أربعين يوماً فقس. وخاف الناس ضرره، فالذي فقس في سواحل بيروت أبيد بالحريق أما الذي فقس من عكا الى صيدا فما اعترضه أحد فأكل الزرع والأشجار ولم يبق في تلك الأراضي  شيئاً أخضر.
    وفي السنة نفسها قدم من حوران ووادي التيم جراد صغير، المسمى بأبي زبله، فاكل الزرع والأشجار ولم يبق شيء لا أخضر ولا يابس.

  • في نيسان 1865 انتشر الجراد في نواحي بيروت. فصدرت تنبيهات والي سورية نجيب أفندي الى أهالي بيروت جميعاً بأن يخرجوا لطرد الجراد وإتلافه. فأقفلت حوانيت البلدة وخرج الأهالي جميعاً الى النواحي خارج البلدة، كما ركب الوالي صباحاً الى الحرش مشوقاً الأهالي لهذه المهمة.

  •  وفي أيار 1878 ظهر في أفق بيروت جراد قذفته ريح غربية. ثم تكاثر وفقس وزحف في بيروت، كجيشً جرارً. فخرج الأهالي في عدة أماكن لجمع بذره واتلافها. وقد روينا أن أهالي بحمدون جمعوا في حينه 75 كلغ من بذره، في حين تغافلت السلطة عن مكافحته، فخرج من بذره وزحف واكل كل بقعة خضراء.

  • في شباط 1879 فظهر الجراد في ضواحي بيروت لكن الريح حولته نحو البحر. وتكاثر على الساحل وخاصة بعبدا. فعرضت حكومة لبنان على كل مكلف من الأهلين جمع 8 اقات من بذره، فلبوا الطلب. لك لكثرة الجراد، فكررت أمرها.  وبحسب دفتر البرج وحده بلغ ما جمع من الجراد 18000 أقة ومن بزره 340 مداً.

  • في آذار  1879 أصدرت بلدية بيروت، وكان رئيسها فخري بك، إعلاناً فحوه : «إنه بناء على ورود الجراد مؤخراً وبكمية وافرة من جهة البلدة الجنوبية، وخشيت من ضرره، فقد تقرر على كل نفر ذكر تجاوز سن العشرين من الأهالي من اي طبقة، وبالجبر جمع اقتين من بذور الجراد وتقديمه الى الدائرة البلدية. ومن يتخلف بعد عشرة أيام فقط والذي يتأخر عن تقديم هذا المقدار يدفع بدلاً من ذلك الى الصندوق البلدي ريالاً مجيدياً واحداً لأجل صرفه بإتلاف البذر المذكور». وهب الأهالي لجمع الجراد وإتلافه وقد بيعت الآقة منه بخمسة قروش فمن لم  يستطع جمعه بنفسه ابتاع ما يتوجب عليه.

  • في آذار 1899 ملأت جيوش الجراد الأصفر الطيار ساحات بيروت وطرقاتها وبساتينها وحدائقها إلا أن  ريحاً عاتية تسلطت عليها وبددتها نحو البحر فغطت سطحه على مسافة أربع ساعات. وبعد أيام أعاد الجراد الكرة على بيروت وأخذ يتساقط على الأرض ولا سيما جهـــــــات رأس بيروت. وباتت جيوشه على الأشجار فحولت إخضرارها الى إصفرار وكذلك وجه الأرض وفرض على كل نفر من سكان بيروت تقديم 10 أقات يسلمها للدوائر البلدية أو المختارين وياخذ بها وصلاً وإلا فيلزمه أداء 50 قرشاً جزءاً نقديا.

  • بالخبرة اصبح معلوما، أن أحسن وقت لاهلاك الجراد هو  قرب المغيب أو قبل الشروق، إذ يكون قد تعب من الطيران فيسقط الى الأرض للراحة أو الإلتهام أو التبذير فيكون عندها قليل النشاط ويتراكم فوق بعضه البعض فيسهل إهلاك مقادير وافرة منه. أما خلال النهار من غير المفيد مطاردته لأنه ينشر أجنحته ويطير في الفضاء.

 
الضيف الثقيل، الجراد
 
  3.4- حشرة الجراد، علميا
الجراد حشرة تتميز بالفم القارض‏، والاجنحه المستقيمه‏، وبالقدره الفائقه علي التجمع في اسراب كبيره‏، والهجره لمسافات طويله‏.‏ يوجد ما يزيد على 20,000 نوع من الجراد في العالم. فحشرة الجراد غنية بالبروتين الذي يمثل 62% والدهون 17%.
للجراد أعداء طبيعيين في الطبيعة تتمثل بالطيور والفئران والثعابين والخنافس والعناكب.
يصل عدد الجراد المهاجر في السرب الواحد الي عشرات البلايين تقريبا‏، مما يجعله يغطي مساحه تقدر باكثر من الف كيلومتر مربع‏، بكتله تقدر بالاف الاطنان‏.
للدقة، الجرادة الواحدة تأكل 3-1.5 جرام، الجراد يلتهم في الكيلومتر الواحد من السرب،50 مليون جرادة على الأقل ، حوالي 100 ألف طن من النباتات الخضراء في اليوم، وهو ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة .
تمر دورة حياة حشرات الجراد بثلاث مراحل أساسية هي البيضة بحاجة اقله لشهر لتفقس، والحورية، والحشرة الكاملة وتختلف الفترة الزمنية لكل مرحلة تبعاً للظروف الجوية السائدة، ويختلف طول عمر الجراد المكتمل النمو الفردي، إذا يتراوح ما بين شهرين ونصف إلى خمسة أشهر وبصفة عامة.
 تصل الحشرات الي مرحله البلوغ عاده في الفتره من منتصف شهر يوليو الي منتصف شهر سبتمبر من كل سنه‏.‏ لكن غاراته لا يمكن التنبؤ بها قبل بدئها‏، فقد يبقي الجراد في منابته الاصليه ويقوم بتكاثر محدود دون هجره لفترات طويله واحيانا يسرع تكاثره بشكل ملحوظ وتنظيم اسرابه للمفاجاة ببدء هجرته الجماعيه‏.‏
تتحرك اسراب الجراد بانضباط شديد تحت قياده صارمه‏، فتتحرك مقدمه السرب قبل مؤخرته باستمرار‏، وتحط قبلها‏، حتي تحدد اتجاه السرب ومواقع الهبوط ولحظات الانطلاق.
الجراد له قدرة عضلية كبيرة تمكنه قطع مسافة مئة كيلو متر في اليوم. تهاجر اسراب الجراد علي ارتفاعات مختلفه:
  • لا تتجاوز الثلاثمائه متر فوق مستوي سطح البحر في طبقات مستويه من الجراد المتراص بكثافات تتراوح بين مليون وعشره ملايين جراده في الكيلومتر المربع الواحد‏. ويعرف بالسرب الطبقي
  • والي ارتفاعات تصل الي الف متر فوق مستوي سطح البحر في هيئه تراكميه ياخذ فيها سرب الجراد شكل السحب الركاميه. ويعرف بالسرب الركامي، يرى هذا السرب في أكثر ساعات النهار عند سطوع الشمس وتتراكم أفراده فوق بعضها البعض في الجو بشكل مجموعات تشبه البرج
تبدا دوره حياه الجراد بوضع البيض في اماكن محدده‏، ورعايته حتي يفقس في حدود شهر مايو من كل سنه لتخرج منه الحوريات التي تقوم بعمليه الانسلاخ من جلدها عده مرات حتي تصل الي حجم الحشره البالغه التي تحيا في البداية حياه فرديه‏، ثم تمر بمرحله انتقاليه لتكوين جماعه‏، ثم تنتهي بمرحله الهجره الجماعيه التي تقطع فيها اسراب الجراد المهاجر مسافات شاسعه تمر خلالها بمناطق التكاثر الصيفي‏، والشتوي‏، والربيعي حتي تعود الي مناطق تكاثرها الاولي التي انطلقت منها‏.‏
غالبا ما تهاجر اسراب الجراد في النهار‏، وتحط في الليل علي المزروعات والاشجار تلتهم منها كميات كبيره تعينها علي استئناف الهجره في الصباح التالي‏.
منابت الجراد ليست دائمه باستمرار‏، بل تتغير من فتره الي اخري‏.
من العجيب أن طلائع السرب إذا شعرت بين الحين والآخر أن مؤخرة السرب قد بعدت عن مقدمته وكاد السرب أن يتمزق شمله ، فالمقدمة تبطئ من حركتها حتى يتمكن المتأخرون من اللحاق بها، فيحتفظ السرب دائماً بشكله تنظيمه.
حديثا، من أفضل طرق مكافحة الجراد، الرش بالطائرات من الجو إلى الأرض حينما يكون الجراد مستقراً وجاثماً على الأرض والرش من الجو إلى الجو على أسراب الجراد الطائرة.
 
  4- مؤرخ، يحلل زمن المجاعة في لبنان 1915

المورخ يوسف معوض يقول: كان هناك 200 ألف ضحية في أربع سنوات فقط وهو رقم لا شك كبير. ولكن احدى الباحثات وجدت في أرشيف إحدى دول المحور وثيقة تتحدّث عن أرقام مماثلة.
كان الناس يتضورون جوعا ولم يكن بمقدورهم فعل شيء كما لم يقووا على المقاومة. وخرجوا يهذون في الشوارع ببطونهم المنتفخة.
وتوفيق يوسف عواد في وفي كتابه "الخبز" يصف بعض المشاهد التي رآها:
 "امرأة شعثاء مستلقية على ظهرها رأسها مائل، غزا القمل جسدها، تعلق بها رضيع ذو عيون كبيرة. ومن صدرها برز ثدي ملأته الخدوش يعصره الرضيع بأصابعه الصغيرة وبشفتيه المتلهفتين ليهجره باكيا يائسا من ظهور الحليب".
وكان القمح يباع بأسعار خيالية في السوق السوداء. لم تكن هذه حال اللبنانيين وحدهم فسوريا بأكملها كانت تضربها المجاعة فالوقت وقت حرب.
ولكن ما يجب معرفته والبحث فيه هل كان اللبنانيون يموتون جراء المجاعة أم لأنهم كانوا يعانون من سوء التغذية؟

  4.1- وما هي أسباب هذه المجاعة إذن؟

في البداية كان هناك غزو الجراد في العام 1915 والذي دمرت على إثره معظم المحاصيل الزراعية. وبعده كان هناك الحصار البحري الذي ضربه الحلفاء على لبنان ما منع دخول السلع القادمة من مصر. وكان الحلفاء يخشون من وقوعها في أيدي القوات العثمانية أو الألمانية التي كانت متواجدة هناك. لكن السبب الرئيس وراء هذه المجاعة كان الحصار البري الذي فرضه الحاكم العثماني جمال باشا. ومنع دخول القمح تحديدا إلى جبل لبنان ما أدى إلى تجويع كامل سكان المنطقة. وخاصة أن هذه المنطقة الجبلية لم يكن إنتاجها من المحاصيل الزراعية كافيا لإطعام سكانها إلا أربعة أو خمسة أشهر بالعام.

يرى البعض أن سياسة جمال باشا أدت إلى الإبادة الجماعية. رأي يستند إلى تصريح أدلى به وزير الحربية التركي آنذاك، أنور باشا، في العام 1916 والذي صرح قائلا: "إن الحكومة لا يمكنها استعادة حريتها وشرفها إلا عندما يتم تنظيف الإمبراطورية التركية من الأرمن واللبنانيين. الأوائل دمرناهم بالسيف، أما الآخرون فسنميتهم جوعا." هل توافق على هذا الاتهام؟

أنا أرى أنه لم تكن هذه هي الحالة، ليكون هناك اتهام بحرب إبادة جماعية، لابد من توافر النية المبيتة والمتعمدة للقضاء على سكان شعب ما. وفي هذه الحالة تحديدا يتعذر إثبات هذه النية بالدليل القاطع. وهذه اتهامات مزورة ومنتحلة. من المؤكد أن العثمانيين كانوا سيكونون سعداء باختفاء المسيحيين، لكن لم يفعلوا ذلك بشكل منهجي. جمال باشا لم يقل سوى "أنا لا أريد إدخال السلع الغذائية لجبل لبنان لأن اللبنانيين موالون للفرنسيين، وهو ما سيؤدي إلى سقوطها في أيدي الفرنسيين".

أنا نفسي متحدر من عائلة مسيحية عانت هي الأخرى من المجاعة، ولكنني لا أقول إن ما حدث هو إبادة جماعية، كما حدث للتوتسي أو الأرمن. مات اللبنانيون بسبب الإهمال الشديد والقاسي. والحصار البري هو ما زاد الطين بلة، فعلى الإثر ارتفعت أسعار كل شيء، وكان الناس يهربون بجلدهم عابرين الحدود للمدن القريبة ليلاقوا حتفهم على الطريق أو من التسول في هذه المدن سواء أكانت دمشق أم طرابلس أو غيرهما.

ورغم كل هذه الفظائع إلا أن هذا الفصل من تاريخ لبنان أسدل عليه ستار من النسيان. فهذا البلد يحتفل كل عام بالسادس من مايو/أيار مخلدا ذكرى القوميين اللبنانيين الذين أعدموا على يد جمال باشا في العام 1916. فلماذا يتم إغفال ذكرى المجاعة الكبرى؟

على المستوى الشخصي، أعتقد أن الناس كانوا يشعرون بالخجل من رواية أو معرفة ما حدث. لم يكونوا يريدون الاعتراف بأن نساءهم أجبروا على تقديم خدمات جنسية للضباط الأتراك لسد رمق أطفالهم - (يا للمعاير، يا لمرضى العقول المنحطين، 200 الف انسان ضحية مجاعة هو حلال وفخر الشرف، امراة او نساء باعوا اجسادهم هو حرام وانتقاص الشرف، رجال اشتروا اجساد نساء وباعوا اجسادهم حلال وفخر الشرف).
الأب سليم دكاش، رئيس جامعة القديس يوسف، على سبيل المثال كان يحكي قصة جدته التي اضطرت لمغادرة قريتها، وفي الطريق فقدت طفلها الذي تركته على قارعة الطريق لتذهب للبحث عن خبز على مسيرة ثلاثة أيام سيرا على الأقدام لتطعم طفلها. بالطبع ليست هذه ذكريات تروى للأجيال التالية فهي ليست بحال من الأحول ذكريات بطولية. وفي الجبل، سمعة العائلة فوق كل شيء ويحذر الناس الحديث عن أشياء تحط من قدر وسمعة عائلاتهم. كان الحديث عن هذه المجاعة في العشرينيات [من القرن الماضي] أمرا عاديا أما بعد ذلك فقد دفن هذا التاريخ ولم تعد الأحداث الفظيعة تنقل من جيل إلى جيل.

حقا لقد اختارت الدولة تسليط الضوء على تاريخ 6 مايو/أيار لأنه في حد ذاته رمز على وحدة لبنان لأنه اليوم الذي أعدم فيه وطنيون لبنانيون مسلمون ومسيحيون. ولا تزال الدولة تحتفل به رغم أن الأحداث والحرب الأهلية أثبتت أن هذه الوحدة كانت وهما. هناك أيضا يوم الشهداء الذي يحتفي بموت أربعين شخصا تحت التعذيب. أما ذكرى وفاة 200 ألف شخص فلا تلقى تكريما يذكر. الدولة اللبنانية كانت تبحث عن ذكرى تعيد بناء نسيجها مع عنصرها الإسلامي وتكشف عن وحدة مكونات الدولة. أما هذه المجاعة الكبرى فهي تاريخ يزيد من انقسام البلاد لأن ضحاياها كانوا المسيحيين بالدرجة الأولى فمعظم المناطق التي ضربتها المجاعة، مثل جبل لبنان، مثل المسيحيون أكثر من 80 بالمئة من سكانها.

 
  4.2- هل تعتقد أن هذا التاريخ المنسي سيخرج أخيرا إلى الأضواء مع الاحتفال بمرور مئة عام على اندلاع الحرب العالمية الأولى؟

لا، سوف يكون مصيره دائما البقاء على الهامش فهو حدث مقســِّم أكثر من كونه موحدا. سيظل دائما هناك من يقول إن الأتراك المسلمين هم من جوعونا. وهي أقوال تحي وتنفث في نيران الانقسامات والتوترات في بلد مثل لبنان، حيث لا يزال الناس يحاولون محو الذكريات السيئة التي عاشتها الطوائف فيما بينها. ليس إذن الوقت مناسبا للحديث عن المجاعة الكبرى. ورغم أنني لا أمل من التذكير بهذه الأحداث منذ ما يقرب من عقد من الزمن أدركت أن الناس بدأوا يتذكرون رويدا رويدا بعضا منها.

 
     
 
عائلة ضربتها المجاعة في جبل لبنان
 
التقطت هذه الصورة أثناء المجاعة الكبرى، التقطها إبراهيم كنعان نعوم المدير المسؤول عن المساعدات الحكومية في جبل لبنان. والذي قالت عنه عائلته: "لقد خاطر بحياته على الرغم من تهديد السلطات العثمانية للحفاظ على لقطات من هذه المأساة. 
 
  5- شهود وشهادات عن المجاعة في لبنان 1915
  مجاعة 1915 من أبشع الكوارث التي شهدها لبنان. ومن نجى من المجاعة منذ عام 1920، هم من يشكّلون سكان لبنان الحالي.
ولهول المجاعة وعارها، اشيعت هذه المقولة:
" الموت جوعاً ليس عملاً بطولياً، إنه لا يشبه ذلك الذي يموت مدافعاً عن أرضه".
 
  5.1- شواهد، بالرغم من شح المعلومات في الارشيف المكشوف لتلك الحقبة
  • كان لأرشيف اليسوعيين واكتشافه، اثر ايجابي في الاضاءة على بعض المستتر من تاريخ ذاك الزمن، من رسائل بعثها اليسوعيّون الى أوروبا والى السلطات المحليّة والأجنبيّة، ودفاتر يوميّات يتحدثون فيها عن «سنة الجراد» وأضرارها الهائلة في تعنايل وكسارة، وعن نفاد القمح في بيروت والمجاعة، والى تفشي الأوبئة مثل الملاريا والتيفوئيد والكوليرا والجدري.

  • وفي رسالة جرى نقلها إلى كل الأديرة اليسوعية في جبل لبنان، تنذرهم بأن الحرب دقت أجراسها، وعليهم أن يقللوا من تناولهم للطعام، وتخزين الطحين والخبز، وإن المجاعة آتية لا محالة.
    وان الجنود لا المواطنون لهم الأولية والأحقية في الطعام. فمخزون الطحين والطعام كان ينتقل إلى الجيش العثماني لحاجته للطعام في الحرب، اما الشعب فتُرك ليسد حاجته من أوراق الشجر، وليتساقط الناس واحداً تلو الآخر على جوانب الطرقات من شدة الجوع. فقدت قرى ربع وحتى نصف سكانها بسبب الجوع والمرض.

  • رسالة لكاهن يسوعي: فحواها أن أحد الآباء جاء للكاهن يعترف بخطيئته، وهي أنه أكل أولاده بنفسه من شدة الجوع.

  • رسالة من كاهن بدون إمضاء تقول : " مثلما  أذلوا الأرمن بالسيف، فهم يذلون مسييحيّ جبل لبنان بالجوع"

  • وكتب راهب يسوعي في كانون الثاني 1916، "بالرغم من الثلج ودرجات الحرارة المنخفضة تحت الصفر، حُرمنا من دفء النار، المجاعة هي السائدة، أعداد الجثث على الطرقات لا تُحصى، كل ما يمكننا فعله هو زيارة المرضى فقط."

  • 1915  سنة الجراد: كما وصفها الآباء اليسوعيين. كانت سنة الجراد بلا محالة، إسود الربيع ولم تعد له شمس. لا معنى الحرمان من الحرية، الحرية لا توجعهم كما يؤلمهم الجوع. لقد كان ذاك الربيع أسوداً بحق حينما هاجم الجراد جبل لبنان، ليقضي على الأخضر واليابس. كانت كارثة أخرى تزيد هم اللبنانيين وقتها، فالجراد قضى على ما تبقى لهم من آمال في الحياة. الجراد قضى على كل شيء.
    وعن صيف 1916، فيصفونه كان الأسوأ على الإطلاق، إنتشار مرض الكوليرا والتيفوئيد حتى شاع في الأرجاء، لم يعد العدو هو الجوع فقط، المرض دمر الجميع كما فعل الجراد ومن قبله الجوع، غياب الأطباء والأدوية تسبب في نشر المرض أكثر، أما عن المرضى، فقد تمّ تركهم في غرف معزولة يواجهون الموت البطييء.
     

  • لم يسلم اللبنانيون من الجوع والمرض فحسب، بل شكّل التجار خطراً جديداً لهم لم يكن أبداً في الحسبان، جشع المال هو الآخر وجد منفذاً ليكون مشاركاً أساسياً في تلك المجاعة، يقول المؤرخون أن التجار إستغلوا الأحداث لإشباع جشعهم، فكانوا يأثرون أنفسهم بالطحين والخبز، ليخبئوه ويبيعوه بعدها بأثمان باهظة.
     

  • "خالدة إدب" إحدى الروائيات الأتراك وناشطة سياسية لحقوق المرأة أفادت أنها لم تجرؤ على النوم في "بيروت" بسبب الصرخات المتكررة "جوعان.. جوعان"..التى كانت تسمعها.
     

  • "إدوارد نيكولي" 1917 : عامل الكلية السورية للمسيحيين البروتستانت، او الجامعة الأمريكية في بيروت لاحقا، يكتب في مذكراته:
    " الجثث تملأ الشوارع ، الجوعى ينامون على الطرقات فلا مكان لقدم ، يمكنني أن أسمع في أي وقت بكاء الأطفال ،وأرى النساء تفتش في النفايات ليأكلوا أي شيء تمسكه أيديهم ،الصراخ الذي ملأ الشوارع قد أصمّ آذان الجميع ، البعض يغلق نوافذه وأبواب منازله على أمل عدم سماع صرخات الجوع.
     

  • قال  جمال  باشا  المرسيني العثماني   في  مذكراته  “ كيف جلت القوات  العثمانية  عن  بلاد  العرب” :
     اشتدت  وطأة  الحرّ  في  شهر  تموز 1917، فزادت  في  الألم  الذي  اشعر  به  من  المناظر  البائسة   التي  كانت  تمرّ  امام  انظاري  في  شوارع  بيروت ،  فأن  هذه  المدينة  التي  احببت  شعبها  من  كل  قلبي،  كانت  خالية  تقريبا  من  السكاّن،  لا  ترى  في  شوارعها  الا  نفرا  قليلا  من  الأغنياء  الذين  اشتروا  حياتهم  بالمال،  أو  بعض  الفقراء  يتقلّبون  على  بلاط  الشوارع  هنا  وهناك ،  يطلبون  لقمة  ليسدوّا  بها  رمقهم  فلا  يجدون  ما  يقتاتون  به،  ويلتصقون  في  اماكنهم  الى  ان  يذهبوا  ضحية  الجوع،  فيأتي  عمال  البلدية  في  اليوم  التالي،  وينقلونهم  جثثا  هامدة  الى  المدافن
    وبين  كبار  الموظفين  من  عمدوا  الى  الاشتراك  مع  زمرة  جشعة  من  اهل  البلاد،  في  احتكار  مواد  التموين  من  قمح  وسكّر  وبترول،  وتقاسموا  المنافع ، وملأوا  جيوبهم  بالاموال  على  حساب  قوت  الشعب. وقد  تردّت  الأحوال، في  نهاية  الامر،  الى  درجة  ان  الشعب  العربي،  بمسلميه  ومسيحييه  بلا  استثناء،  قد  تمنّوا  لو  يأتي  اي  كان: حتى  ولو  كانت  فرنسا  او  انكلترا ،  لأنقاّذهم  من  المصير  القاتم  الذي  آلت  حالتهم  اليه  “
     

  •  في كتاب الخوري  يمين يقول:  “  شاهدنا  وشاهد  الكثيرون  مرارا  متعددة، جماعة  الفقراء  امام   مطحنة  الطويل  ومطحنة  البراج ( في  بيروت )  ينقبّون  في  براز  الخيل  والبغال  والحمير  لالتقاط  بعض  الحبوب  التي  كانوا  يتناولنها  حاسبين  ذلك  افخر  طعام  لهم. 
    وكم  من  مرة  التقينا  بالبعض  يتزاحمون  على  قشور  الفاكهة  وحسك  السمك! 
    وفي  احد  الايام  عثروا  في طريق  الحدث  على  جثة  لبناني  مطروحة  بالقرب  من  شجرة  زيتون. فاعلموا  بذلك  مدير  الساحل  فاستدعى  هذا  طبيبا،  ففحص  الجثّة  وقرر  ان  ذلك  الشاب  مات  متأثرا  من  كثرة  أكله  قشر  الليمون  الحامض.
    ولم  نزل  نذكر  ويذكر  معنا  كل  من هو  حي  من  اهالي  مزرعة  القنيطري، مديرية  القاطع-قضاء  المتن،  ان  المدعوة  هيلانة  ابنة  صليبي  عبد  أكلت  جثة  ابنة  اخيها  نجيب . 
    ووصل  اليأس والجوع،  بالمدعو  بطرس  نصر  من  عمارة  شلهوب  ان  يأخذ  ابنه  وابنته  حييّن  الى  نهر  الموت  حيث  دفنهما  في  احدى  الحفائر.  وكان  الصبي  ابن  سنتين  واخته  ابنة  اربع  سنوات.
    وعن  حادثة  طرابلس  التي  اشتهر  امرها وهي :  ان  اربع  نساء  من  حردين  نزلن  الى  ميناء  طرابلس  واقمن  في  النقطة  المعروفة  بمحلّة  فوق  الريح، حيث ذبحن  باوقات  مختلفة  اربعة  من  اطفال  الآدميين،  وأكلنهم  ورمين  عظامهم  في  بئر.  وقد  اجرى  تحقيقات  تلك  الحادثة،  ارسن  بك  الشركسي  احد  قوميسيرية  بوليس  طرابلس،  فزجّ  النساء  الاربع  في  سجن  مظلم  حيث  قضين  نحبهنّ.
     

  • وصورة حية لزمن المجاعة والموت، قصيدة جبران خليل جبران "الموتى هم أهلي""Dead are my People"  :
     
    الراحلون هم أهلي، ولكنني ما زلت هنا، أتباكى عليهم في وحدتي.
    الموتى هم أصدقائي، وحياتي في موتهم لا شيء سوى كارثة.
    هضاب بلادي مغمورة بالدموع والدم،
    وأنا هنا، مازلت حياً كما كنت وكان أحبابي يوماً،
    يستمتعون بعطاء الحياة،
    وبتلال بلادي،
    التلال المغمورة بالضوء.
     

  • كما في قصة "الرغيف" لتوفيق يوسف عواد، والتي صور الأديب اللبناني المأساة واحدثها في ثلاثة محاور رئيسية: المجاعة في لبنان، الشهداء الذين علّقهم جمال باشا على المشانق، والثورة التي قام بها العرب على الأتراك:
    " يا ناس لماذا تموتون جوعا؟ قوموا ! قوموا واقتلوا ظالميكم و احموا الرزق الذي يغتصبونه منكم . أتخافون أن يقتلوكم ؟
    ولكنكم لا تخافون الموت أنتم , لأنكم تموتون كل يوم بالمئات , و تنظرون إلى إخوتكم و آبائكم و أمهاتكم و أولادكم يموتون على مشهد منكم ولا تتحركون، بل أنتم تخافون الحياة "
     

  •  وفي مقابلة مع صائب بك سلام، رئيس الحكومة اللبنانية السابق، أواخر الستينات وأوائل السبعينات، يقول:

    "بأيام جمال باشا عشنا أيام سوداء، من الصعب عليكم أن تتصوّروها. يمكن اليوم عندما تسمعون بالراديو عن المجاعات التي تحدث في أواسط آسيا، نقول احياناً ان هذا كيف بتصير؟
    صارت عندنا. أنا بعده لليوم كناشىء ما بقول طفل أكبر من طفل شوي بأوّل الفتوّة. كم هي مؤثّرة بمشاعري أني أمشي بشوارع البلد وأسمع الأنين من الجوعانين الذين أصبحوا جلدة وعظمة،
    وشوفهم بعيني على وشك تسليم الروح، ويمرّ الطنبر ببغل قدّامه ويحملوهم ويحطّوهم فوق بعضهم بالطنبر ليدفنوهم.
    هذا منظر عشناه ومأساة عشناها أثناء الحرب. وكان يوجد جمال باشا واستبداده الفظيع ودخّل والدي أوّل وثاني إلى السجن، شنق أوّل مجموعة وما تردّد إنهم سيشنقون غيرهم.
    كان عمري على وجه التحديد يومها عشر سنوات. كان أخواتي الذين يكبروني عندهم من جهة بنادق صيد ومن جهة مسدّسات وذخيرة معهم،
    كنت أحمل فردي وأضعه تحت رأسي وأقول: "إذا شنق والدي بدّي طيّر راسه".
    وأذكر حادثة كأنها اليوم قدّامي يوم كان جمال باشا عامل استعراض بالحرش على الطيّوني، كانت الدنيا مفتوحة، ما في هـذه الشوارع وهذهـ الحواجز وغيره،
    وكان جمال باشا راكب حصان أبيض وواقفين قوّاده حوله وهو على حصانه يستعرضهم انا ولد ابن عشر سنين ما حدا اعترضني، وأنا كنت ولد تسلّلت حتّى وصلت تحت حصانه وقلت: "إذا كان شنق والدي فسأقتله".
    هذه تعطي لمحات عن ما عشنا فيه من مآسي أثناء الحكم التركي وما زالت أيام الفرنسويي ليست بافضل.

  5.2- جريمة "سفر برلك" العثمانية عام  1915

كلمة "سفر برلك" تعني بالتركية الترحيل الجماعي، ولم تكن إلا كلمة مرادفة للقتل والشنق والسخرة من أجل السلطنة العثمانية. 
يومها 1915، ترجل الجنود الأتراك في بيروت، قادمين من اسطنبول، مدججين بالسلاح والوحشيّة والأوامر الصارمة بعملية تهجير قسرية ومروعة لكل رجل يلاقونه أو امرأة او طفل. 

وفي ذلك الزمان، كان للعثمانيين مشروع إنشاء قطار الدولة العثمانية، فكانت مرحلة من السبي والتهجير وصورة حيّة عن الجرائم، والإعتقال التعسفي من أجل جلب عمّال لحفر طريق القطار بأيديهم . فالتهجير حصل وتشتت الناس ما بين المقابر والصحاري.

الصحيح ان الجراد هو من قتل الالاف من اللبنانيين عام 1915، انما وبقرار سياسي عثماني لتدمير جبل لبنان وتهجير أهله، جنّدت الدولة المذكورة شباناً وفلاحين ودفعت بهم الى أتون الحرب، وصادرت مؤن السكان لإطعام الجيش، الأمر الذي انزل بالناس ضيقاً، فرمى من بقي حياً بنفسه على متن أول باخرة حملته الى بلاد العم سام، وهكذا بدأت الهجرة اللبنانية الأولى.

ومن فصول أيام سفر برلك " الدفشرمة "  او " الدويشرمة " هي ضريبة الراس التي كان يفرضها العثمانيون على المسيحيين، وهي تجنيد شخص من كل اربعة ليتم تدريبهم أحسن تدريب طبعا بعد دخولهم وخدمتهم في الجيش الانكشاري، اما الباقون في لبنان وسوريا، فكانوا يدفعون ضريبة عينيية بالاضافة لأعمال السخرة المحلية.

 ومع الزمن تطور سفر برلك، بعد ان فقد الناس كل موارد رزقهم، ولم يعد يوجد لديهم ما يدفعون، وبعد ان اصبحت معركة العثمانيين معركة بقاء او فناء تم تجنيدهم بالقوة، وكان اغلبهم يعرف انه لن يعود، فيلوذ بالفرار بين الجبال او يلتحق بالفراريين. اما مع الثوار او الحرامية التي كانت تُغير على القرى لتنهبها، اما الثوار فكانو يقطعون الطرق على القوافل غالبا في تلك الفترة. ولم يبقى في القرى الا الاطفال دون العاشرة وبضعة رجال ممن هربوا في احراش القرية ليختبئوا فيها نهارا ويحرسوها في الليل من الحرامية. وكانت تتم حملات مداهمة للفاريين وملاحقتهم بين الاحراش والصخور.

 
  5.3- من رحم الشر يولد الخير

كثيرون من اصحاب الايدي البيضاء في لبنان،  تحركوا واحتضنوا الماسي واعانوا الاهله. وللمثل ما خلدته هذه الصورة، جمعية خيرية توزع الخبز على الفقراء في البترون شمال لبنان عام 1916 خلال المجاعة الكبرى التي ألمت بسوريا و لبنان إبان الحرب العالمية الأولى

ويظهر بالصورة البطريرك الماروني بولس مسعد
 
  5.4- بالمجاعة مات أهلي ،  وانا الحي اليوم استذكرهم!
2014، وفي قداس الهي على نية من قضى من الاهل في المجاعة في لبنان، قال المونسينور بولس الفغالي: "تنذكر وما تنعاد"، واصفا "تلك الاحداث بالكارثة المشؤومة، فهجرة ثلث سكان لبنان، ومات الثلث وبقي الثلث على قيد الحياة مفتشا عن لقمة عيش يقتات بها، ناقلين جثامين موتاهم الى المقابر وبالصلاة يكرمونهم".
واضاف "ان فعلة الخير الذين ساعدوا الناس، لكان الموت من دونهم قد حصد الجميع"، ذاكرا مقولة تردد الى اليوم عن دير كفيفان "صبولو صحن "رشتا" من حبة دير كفيفان والتي كانت تحتوي على عجينة وعدس، مقدمين الطعام للناس الذين يعانون من الجوع، وكان رؤساء الاديار يقدمون المأكل للناس".
وتحدث عن "دور الراعي الصالح الذي بذل نفسه من اجل الخراف كما فعل السيد المسيح، الذي سلم نفسه لنكمل نحن الرسالة. ومشيرا الى ما علمه رعاة الكنيسة من تضحية، وعدم الهروب من تحمل المسؤوليات مهما كان الظلم والاضطهاد".
 
   6- المجاعة 1915، في قراءة تنظيرية وتوضيحية
 موضعان منفصلين، يصار عرضهما كبحثين، لكن يسب محدوديتهما التحليلية. كان لا بدا من  ادخال ايضاحات بحاجة لاجوبة ليتكامل البحث
  6.1- الاقتصاد العثماني والحرب العالمية الأولى
في وصف للاقتصاد العثماني، مع اندلاع  الحرب العالمية الأولى،  قال الاول، باحث او متطفل:
 أصيب الاقتصاد العثماني بالشلل، فكان اعلان السلطنة تاجيل دفع الديون، وشلل المرافئ، وارتفاع الأسعار، والتهافة على عملية تخزين المواد عند التجار والناس خوفا من فقدانها، والى توقف وسائل النقل البري والعمل في الزراعة، ومصادرة الدواب لخدمة العمل العسكري، بحيث انخفضت المساحات المزروعة في أرض السلطنة من 60 مليون دونم عام 1914 الى 20 مليون عام 1916.
الى الأزمة النقدية الحادة بسبب ضغوطات بريطانية وفرنسية على المصارف، وتدهور قيمة النقد الورقي وارتفع التضخم.

وبسخافة اتحفنا، أن السلطنة واجهت هذا الوضع من خلال إصلاحات قوية وطنية مستقلة على الطريقة الألمانية،. وحاولت بناء إيجاد طبقة رجال أعمال من المسلمين لأن الاقتصاد كان ممسوكا من المسيحيين واليهود والأرمن والعرب.  لكن بر الشام أي سوريا والأردن وفلسطين ولبنان لم يستفد من هذه الإصلاحات مما طبع الحرب العالمية الأولى بطابع مأساوي، وبقيت المأساة والموت في أذهاننا وذاكرتنا الجماعية. 

لكن "هذا الاول"، اتحفنا بالجهل والسخافات والتباكي على السلطنة:
  • بعمر 400 سنة من الغزو والقتل والنهب والاستعمار، استفاقت السلطنة وفي شيخوختها لاجراء الاصلاحات.

  • في سحر ساحر وبعد 400 سنة، انطلق اقتصادها مجددا لحظة اعلنت ابدال الممسكين بالاقتصاد الى التجار المسلمين    

  • الم تلاحظ السلطنة، جشع حليفها المانيا للشراء اللامحدود للمواد الاولية والحبوب وباسعار مرتفعة، كان وراء التدهور الاقتصادي وجشع التجار والاحتكار وارتفاع الاسعار

  • الم يكن للارتجال دور في تدمير الزراعة في السلطنة، من تجنيد الشباب اجباريا ومصادرة الدواب وغيره 

  • اليس من غباء اكبر للسلطنة مبادرتها  اعلان الحرب على الحلف، في وقت مصارفها وموانئها مرتبطة بالحلفاء. فمن يريد الحرب هجوما، عليه ان يكون محصننا من الضغوطات.

  • لكن السوال الاهم ، لباحثنا العيقري، هل فكر او تصور او بحث احد، عن فرضية ان يكون العثمانيون وبطريقة سرية جدا وراء نشر الاوبئات والجراد في جبل لبنان. لان الوقائع التاريخية اقلها تقول ان الجراد ضرب لبنان عدة مرات في القرن التاسع عشر، ومكافحته كانت تحصل بحرق بيضه بعد التبزير وقبل مرحلة التفقيس والتي مدتها اربعين يوما.وهناك في بعض بلديات بيروت وضواحيها دفاتر بالكميات التي جمعت خلال المكافحة.
    فمرحلة الاربعين يوما للتفقيس، زمن طويل لنقل البيض، من مكان ما من صحراء، الى جبل لبنان. اما الداعم لشكي، هو ما كتب، ان الجراد خيم في لبنان لاشهر عديدة، مما يعني ان هناك احد او مجموعة عملت على تجديد الجراد ببيض جديد، ليستمر طول هذه المدة.

  • واخبرا، ساكتفي بالقدر هذا من التحليل. لان العثماني الذي انهار، كان انهياره من صنع يديه.

  6.2- المجاعة الكبرى والاقتصاد الطرفي
 

اما صديقنا الباحث الاخر، قيحدثنا متعجبا، لغياب التاريخ الشفوي عن المجاعة الكبرى، ذاك الحدث الجلل الذي أدى إلى وفاة ثلث سكان جبل لبنان. بينما اقتصر وصف تلك الحقبة على الكثير من السرديات التاريخية أو الأدبية أو التاريخية. 
ويتابع فيخبرنا، عن  تفاجؤ المؤرخين بحجم الموت الذي حصل يومها. مبررا هذا التفاجؤ بالاستناد  إلى سجلات الكنيسة حول الوفيات التي حصلت في زمنه، وذلك عبر اختياره عينات من بلدات ساحلية واخرى من قرى فقيرة ساحلية وجردية. وقال فيها انها حركة وفايات عادبة وطبيعية. 

لكن امام الصور من ارشيف الجامعة اليسوعية الذي كشف عنه، وكشف عملية التدمير الكبيرة التي حصلت من قبل العثمانيين في تاريخه، وظهر بعض مآسي بلدات في البترون وجبيل. انحن باحثنا امام هذه المشاهدات.
فروى لنا، ان هذه الوفيات خلال حقبة الحرب من زاوية الفئات العمرية، قد قضت على شروط النمو الديموغرافي للنمو السكاني.

وخلص في تحليله الى أن نسبة الموت في القرى الريفية كانت أعلى منها في المدن الساحلية وقال: هناك عدة أسباب لا تقتصر فقط على العثمانيين، اذ هناك الأمراض والاوبئة والبنية الاقتصادية في زمن المتصرفية، وكذلك سوء توزيع الملكية العقارية في الزراعة، لافتا الى انهيار القيم الاخلاقية اذ لجأ التجار الى رفع الاسعار وبيع الاملاك مقابل لقمة العيش.

صحيح ان هذا الباحث الاخر، قد اضاء قليلا على تلك الحقبة، لكن حرف وبتر بعض الحقائق. فالبحث، لكي يمنح صاحبه صفة الباحث، عليه ان يكون البحث محددا ومتكاملا، والا فما الا مقال صحفي. من بعض النواقص:
  • فغياب التاريخ الشفوي عن المجاعة الكبرى، يعود لاسباب عدة مذكورة لاحقا: هذه المقولة التي روج لها للشعور بالخجل والذنب في اذهان الناس : "ان الموت جوعا ليس عملا بطوليا على غرار الموت خلال الدفاع عن القرية او في الخنادق".
    الغالبية ممن بقيى حياءا، هم الوجهاء دينيا ودنيويا ومن لف لفهم، وللحفاظ على مدخرات الذين ماتوا او هاجروا لانفسهم وسرا، سعوا ونجحوا في تغيب الماساة وطيها.
    كثر من الزعماء وكبار السلطة، خوفا من عودة المهاجر ذو الشان وينحيهم عن نفوذهم. تضامنوا في ما بينهم وبغطاء احيانا من الكنيسة، فطمروا هذه الماساة ودفنوها في ظلمة النسيان.
    ومع المسح العقاري العام للبنان في 1950، من قبل الدولة اللبنانية، شرع هؤلاء النخبة عقارات الاموات والمهاجرين وضموها الى املاكهم. فكان من الضروري الحفر اعمق لطي ونسيان الماساة.
    يبقى هناك سؤال دون جواب، لماذا الكنيسة والرهبنيات لاذا بالصمت ولا يزالان. بالرغم من ان ارشيفهم يجب ان يكون غني بالشهادات. اهو الخوف او التواطؤ او لمصلحة الرعية.

  • من الجيد ان بعض اصحاب الحقيقة، كتبوا وتركوا سرديات تاريخية اوادبية، لتكون وثائق عامة وحية، ينطلق ويعاد اليها للشهادة.

  • صحيح ان سجلات الكنيسة العامة، شهادات حية في الظروف الطبيعية. اما في ماساة المجاعة، هل تسالنا كم من الضحايا في الماساة، الوف موالفة، دفنوا جماعيا. دون صلاة عليهم ودون تسجبل وما شابه. ومن اراد الاحصاء الحقيقي، فليصعد الى كل قرية في جبل لبنان ويعد البيوت الخراب، او يحقق في المستندات العقارية العثمانية اذا وجدت، او ما شابه.

  • هل احد سال ما كان دور المانيا،عندما اشترت اغلب موارد بلاد الشام ومحيطه، وخصوصا الحنطة، وباسعار مرتفعة. فكان ان غدت المستوداعات فارغة، وارتفعة الاسعار، وقامت الاحتكارات وغيره. وبعدها نبكي على انهيار القيم الاخلاقية.

  • هل سال احد كيف انتشرت الامراض والاوبئة؟ هل حصل تحقيق؟  اكان الاسبب مصادرة العثماني الاطباء والدواء، او ان العثماني نشروا الامراض  ليدمروا منطقة جبل لبنان. كما كان يحصل قديما بنشر مرض ما، في قلعة لم ينجح اقتحامها عسكريا بعد حصار طويل.

  • والسؤال نفسه على الجراد والفترة الطويلة لتواجده في لبنان؟ وهل حقق احد بالموضوع؟  اهم العثمانيون او شركاء لهم كانوا وراء الجراد، وعمدوا على فترات بتجديد الجراد بنقل بيضه، من مكان ما او صحراء ما، الى جبل لبنان. لان بيض الجراد بحاجة لاربعين يوم ليفقس. فالعثماني ذا خبرة قديمة مع الجراد، فدفاتر بعض بلديات بيروت ومحيطها تشهد بالارقام ولمرات متعدة، كيف العثماني كافح الجراد الذي غزا بيروت لمرات عدة، بفرضه على كل شخص في منطقة الجراد ان يجمع كميات كبيرة من بيض الجراد لتحرق للقضاء على الجراد.  
     

  • بعد هذا التعداد الحدود، اليس على الباحث ان يتطرق الى القدر الاكبر من المعطيات في بحثه، وان يظهر ما عصي عليه من حقائق، فياتي في زمن اخر باحث اخر، باكتشافات جديدة فيكمل ما نقص من البحث. 

 
  7- وضع لبنان الاقتصادي اثناء الحرب العالمية الاولى، في التحليل
 في الغالب من عاش الحرب العالمية الاولى من اللبنانيين، يخاف الضيق والجوع، لذا يسرع الى شراء المواد الغذائية. فللخوف مبررات تاريخية كان لاسبابها ونتائحهاالبررات الرهيبة.
  7.1- اسباب  الاازمة الاقتصادية الخانقة
  • كانت متصرفية لبنان تفتقر الى الارض الزراعية بعد فصل سهول عكار والجنوب والبقاع , وزاد الوضع سواءً الحصار الذي فرض على البلاد .
  • الحصار البحري المفروض من قبل الحلفاء : كان اللبنانيون يعتمودون على البحر للاستيراد والتصدير ومنذ القرن التاسع عشر نشطت حركة المهاجر واصبحت اموال المغتربين مصدراً مهماً للبنان , وكانت البلاد تستورد عبر البحر . لكن عندما وقعت الحرب فرض الحلفاء حصاراً على شواطئ سوريا ولبنان :
    كانت سفن الانكليز تنطلق من قواعدها في مصر وقبرص . وتنطلق سفن فرنسا من ارواد ( بعد ان احتلتها سنة 1915 ). فحالت دون وصول السفن العثمانية الى المرفأ. وتوقفت التجارة مع اوروبا، بعد ان اصبحت دولها الكبرى - فرنسا وانكلترا وايطاليا - في حرب ضد السلطانة العثمانية .
  • وصول الجراد : زاد الوضع الاقتصادي سوء مع وصول اسراب الجراد في ربيع سنة 1915 , وتلاحقت جحافلها بكثرة رهيبة ( حجبت نور الشمس عن الارض ) .
    فاكلت الاخضر واليابس . وظلت منها اسراب حتى السنة التالية .
  • السياسة العثمانية : كانت السلطات العثمانية عاجزة فأنهار الوضع الاقتصادي واصدرت الدولة العملة الورقية سن 1916 دون ان تكون لها تغطية ذهبية مناسبة وجعلت الليرة الورقية  بقيمة الليرة الذهبية.
    فكانت الدولة تستوفي بالذهب وتدفع بالعملة الورقية فانهارت قيمتها بسرعة ورفض الناس التعامل بها حرصاً على قيمة مدخراتهم .
  • الحظر المفروض من العثمانيين : فرض العثمانيون حظراً على نقل الغلال بحجة ضعف وسائل النقل لانشغال السكك الحديدية في خدمة الجيش .
    لكن في الواقع كان العثمانيون وحلفائهم الالمان والنمساويون بحاجة الى الغلال وينقلونها من الشرق الى بلادهم .

    اساءت السلطات الى جبل لبنان فمنعت نقل الغلال اليه من الولايات , كما عجزت وسائل النقل بعد انشغال السكة الحديدية في خدمة الجيش , وصادرت الدولة حيوانات النقل ( من حمير وبغال وجمال ) وكان جنود الاتراك يراقبون الجسور والطرقات ويفتشون المارة ويصادرون ما ينقله الناس من مواد غذائية . وبلغت مهزلة الحصار الى حد منع اللبنانيين من الوصول الى البحر لصيد السمك او لاخذ الملح وذلك بحجة الخوف من الاتصال بالعدو
    .
  • المانيا: مع بناء الالمان خطوط سكة حديد بغداد والشام، شرع العثمانين برضا تام للالمان استيراد المواد الزراعية والاولية وبكميات غير محدودة من بلاد الشام، سوريا ولبنان وفلسطين. وهكذا وبواسطة تجار من هذه المنطقة، اشتروا كميات هائلة من المواد وباسعار مرتفعة، وخصوصا الحنطة. فانعكس سلبا وضيقا  على حاجات المنطقة، فاختفت من الاسواق مواد كثيرة، خصوصا الحنطة. ومع العرض الالماني المرتفع للشراء، ارتفعت الاسعار بشكل كبير، واختفت مواد كثيرة في الاسواق.
  • تلاعب التجار والموظفين العثمانيين بالمواد الغذائية : استغل التجار وموظفوا الدولة الظرف , واحتكروا ما بقي من مواد غذائية فارتفعت الاسعار بشكل فاحش .
    هذا فضلاً عن السخرة وسياسة التجويع التي مارسها العثمانيون والحصار البري من الاتراك ومنع ادخال الحبوب من الولاية الى الجبل ومنع الوصول الى البحر لصيد السمك او لاخذ الملح والتجنيد الاجباري للشباب ... وكلها عوامل زادت العوامل الاقتصادية حدَة .
     
  • اما محاولات الانقاذ فكانت، مساعدات المغتربين ونظام الاعاشة، وصلت اخبار المجاع في لبنان الى الخارج فشكل اللبنانيون في بلاد الاغتراب عدة لجان وقاموا بالاتصالات مع المسؤليين وجمعوا التبرعات وراحوا يرسلونها 
    الى لبنان بواسطة الاسطول الفرنسي الذي كان ينقها سراً الى الشاطئ اللبناني . كما تحركت الجمعيات الخيرية الاميركية والفرنسية وارسلت المساعدات بواسطة السفار ة الاميركية والجامعة الاميركية في بيروت.

    ويذكر المؤرخ فيليب حتي ان الاموال التي ارسلها المغتربون اللبنانيون في السنة الاولى للحرب بلغت 259 مليون دولار  لكن توزيعها لم يتم بطريقة سليمة .
    وفي لبنان اهتمت المؤسسات الدينية لمواجهة الوضع، فوضعت املاك الاوقاف في خدمة المحتاجين , فالبطريركية المارونية مثلاً امرت برهن املاك لاديار لاطعام الجياع ودفن الموتى .

    وفي اوروبا هاجمت الصحف جمال باشا واتهمته بتجويع العرب واللبنانيين وتدخلت النمسا فاستدعى جمال باشا البطريرك الماروني وحاول ان ينتزع منه منشوراً يدافع عن اعمال السلطات العثمانية , ولكن البطريرك شرح له ما تعاني البلاد فوعده جمال باشا بمعالجة الوضع .
    واجرى جمال باشا مشاورات مع والي بيروت ( عزمي باشا ) ومتصرف جبل لبنان ( لي منيف ), وتقرر تأسيس نظام للاعاشة في المدن غايته تموين الجيش والموظفين، والسماح لبعض التجار بشراء القمح ونقله الى بيروت، وباقامة مراكز توزيع في المدن والقرى الكبيرة .
    " بدأ مركز بعبدا يوزع القمح منذ 8 حزيران 1916 بسعر 7 قروش للكيلو ( فيما كان يزيد سعره على 70 قرشا في السوق ) وتقرر اعطاء الموظفين واسرهم بمعدل 250 غرام للشخص يومياً . كما تقرر بيع كميات غير محددة من الزيت والسمن والسكر والبطاطا . لكن نظام الاعاشة هذا وقع بيد المحتكرين من موظفين وتجار، فجرى خلط القمح بالتراب والزوان ,واخفي قسم منه لبيعه باسعار غالية حتى فشل نظام الاعاشة وظل الشعب يرزح تحت كابوس الجوع ."
  7.2-  اما في نتائج الازمة الاقتصادية التي عاشها اللبنانيون خلال الحرب العالمية الاولى، فكانت مأسوية
  • المجاعة، نتيجة الاسباب التي ورد ذكرها سابقاً برز شبح المجاعة في لبنان اعتباراً من شتاء سنة 1916 . فقد زرع اللبنانيون ارضهم , لكن الجراد اكل الزرع . واصبحت الماشية افضل مصدر للعيش. لكن من ليس له ارض ولا ماشية باع ما يملك بأسعار بخسة. وكم وردت اخبار عن ناس باعوا الارض والبيت والاثاث برغيف خبز. هجر الكثيرون بيوتهم، وراحوا يبحثون عن اكل، اكلوا ما وصلت اليه يدهم من حبوب واعشاب ولحوم الحيوانات حتى الميتة منها . دبَ الجوع في كل مكان  ومات الناس على الطرقات حتى قدر عدد الناس الذين ماتوا جوعاً بنحو 150 الفاً .
    ولم تقتصر المجاعة على لبنان , بل وصلت الى معظم المناطق العربية . وذكرت المصادر ان البلدان العربية خسرت نحو مليون نسمة خلال الحرب بسبب الجوع والحرب .

    لما اشتعلت الحرب، جفت الموارد، وهبط سعر الحرير وقلت غلاله، واستغلت الارض بزرع الحنطة والشعير وذلك لم يشبع السكان. امسك الاغنياء على ما في ايديهم من المال فخف الشغل، وكسدت الحرف، واقفلت ابواب البحر،فانقطع القوت من المهاجرين، وطغا الجراد في اول سنة من الحرب. ورأت الحكومة العثمانية لبنان وفي جسمه هذا الجرح البليغ، فاجهزت عليه وقطعت نه الحنطة وسائر الحبوب من انحاء سوريا .

    لائحة الاسعار في الحرب العالمية الاولى، في السنة الاولى بلغ ثمن الاقيتين من الحنطة 16 قرشاً ذهباً.
    وفي السنة الثانية ارتفع الى العشرين قرشاً ذهباً و50 ورقاً .
    وفي السنة الثالثة ارتفع السعر الى 34 ق. ذهباً و135 ورقاً
    في السنة الرابعة بلغت 60 ق. ذهباً و250 او 300 ورقاً وفي بعض الاماكن الى اكثر من ذلك .
     
  • الامراض والاوبئة والوفيات ، نتيجة لسوء التغذية والوقاية، انتشرت الاوبئة وكثرت الامراض لا سيما الجدري والحمى والتيفوئيد والتيفوس والطاعون والملاريا، وكان العثمانيون قد صادروا الاطباء من مناطق الولاية والجبل ونقلوهم الى المستشفيات العسكرية والى جبهات القتال لمداواة الجيش. وفقدت الادوية , فأصبح اللبناني بدون طبيب ودواء ومستشفى. وبسبب الجوع والمرض مات اكثر من ثلث سكان لبنان .

     ويقول الذين يتذكرون الام الحرب ان الذي كان يصاب بمرض معد كان يبتعد عن اهله ويعيش في احد الكهوف , وهم يرسلون اليه ما يستطيعون من اكل , فيما ينتظر رحمة ربه فيشفى ويعود الى اهله او يموت بعيداً.
     
  • الهجرة من لبنان واليه، تحت وطأة الضيق والفقر، تاه الكثيرون، فنزحوا الى المناطق الزراعية في عكار، وقصد بعضهم البقاع وحوران وسوريا الشمالية .
    وكانت مظالم الاتراك تشتد في كل مكان , فكما تعرض لبنان للجوع تعرضت مناطق كثيرة من البلدان العربية، كما تعرضت الاقليات للاستبداد لا سيما الارمن والاشوريون والكلدان . فتاه الكثيرون منهم يبحثون عن ملجأ، ووصلت اعداد منهم الى جبل لبنان رغم وضعه السيئ. واستمرت الالام حتى نهاية الحرب .
     
  •  توقف المدارس، بنتيجة الحرب اقفلت المدارس الوطنية والاجنبية من فرنسية وانكليزية وايطالية، وابقى الاتراك على المدارس العثمانية والاميركية , غير ان التلاميذ تركوا الدراسة بسبب الضيق الاقتصادي .
 
 
 www.puresoftwarecode.com  :    HUMANITIES Institute  ART Institute & Others
 SOFTWARE Institute  CHRISTIANITY Institute    
   "Free, 100 Software Programming Training Courses"       Le HANDICAP c'est quoi ?   (in French)  Basilica Architecture, in the Shape of a Cross
 VISUAL STUDIO 2010 in English  Holy BIBLE in 22 Languages and Studies ...  Drugs and Treatment in English, french, Arabic  Old Traditional Lebanese houses
 VISUAL STUDIO .NET, Windows & ASP in English  220 Holy Christian ICONS  Classification of Wastes from the Source in Arabic  5 DRAWING Courses & 3 Galleries
 VISUAL STUDIO 6.0 in English  Catholic Syrian MARONITE Church    Meteora, Christianity Monasteries - En, Ar, Fr
 Microsoft ACCESS in English  HOLY MASS of  Maronite Church - Audio in Arabic  Christianity in the Arabian Peninsula in Arabic  Monasteries of Mount Athos & Pilgrimage
 PHP & MySQL in English  VIRGIN MARY, Mother of JESUS CHRIST GOD  Summary of the Lebanese history in Arabic  Carved Rock Churches, in Lalibela, Ethiopia
 SOFTWARE GAMES in English  SAINTS of the Church  LEBANON EVENTS 1840 & 1860, in Arabic  
 WEB DESIGN in English  Saint SHARBEL - Sharbelogy in 10 languages, Books  Great FAMINE in LEBANON 1916,  in Arabic  my PRODUCTS, and Statistiques ...
 JAVA SCRIPT in English  Catholic RADIO in Arabic, Sawt el Rab  Great FAMINE and Germny Role 1916,  in Arabic  
 FLASH - ANIMATION in English  Читать - БИБЛИЯ и Шарбэль cвятой, in Russe  Armenian Genocide 1915  in Arabic  4 Different STUDIES
 PLAY, 5 GAMES  Apparitions of  Virgin Mary - Ar   Sayfo or Assyrian Genocide 1915 in Arabic  SOLAR Energy & Gas Studies
     Christianity in Turkey in Arabic  WELCOME to LEBANON
 SAADEH BEJJANE Architecture      YAHCHOUCH, my Lebanese Village
 CARLOS SLIM HELU Site.  new design    Prononce English and French and Arabic Letters  ZOUEIN, my Family - History & Trees
       Chucri Simon Zouein, Computer engineer
     
echkzouein@gmail.com
© pure software code - Since 2003