01 |
كتاب التكوين |
فيما بين 1420 1220ق.م. وبوحي من الروح القدس قام موسى
بتدوين هذا الكتاب ليكون سجلاً إلهياً، ووثيقة مقدسة
لكيفية نشوء العالم. إِن ذات لفظة «تكوين» في اللغة
العبرانية تعني «الأصل» أو «البدء». يؤكد لنا هذا
الكتاب أن الله هو خالق الكون ومن جملته الإنسان الذي
أقره الله في أفضل مكان وأحاطه بخير الأجواء والظروف.
ثم يعرض إلى كيفية دخول الخطيئة في حياة الإنسان وما
أسفرت عنه من نكبات وكيف رسم الله خطة خلاص الإنسان
الضائع. وأفرد موسى، بوحي إلهي، صفحات من هذا السِّفر
وصف فيها بداية التاريخ البشري ونشوء الفنون والحرف
وظهور اللهجات واللغات، ومواطن الأُمم الأصلية. ثم
يتركز الحديث حول بداية التاريخ العبراني منذ عهد
إبراهيم، وابنه اسحق وحفيده يعقوب، وينتهي الكتاب بقصة
بيع يوسف وحمله إلى مصر وانتقال يعقوب وأَفراد عائلته
إلى هناك بعد أن استدعاه يوسف للسكنى قريبا منه. تتلخص
الفكرة الرئيسية التي تسري في صفحات هذا الكتاب حول
رحمة الله. فمع أن الله قد خلق كل شيء على أفضل صورة،
ثم جاءت خطيئة الإنسان فشوهت جمال إبداعه، فإن الله
على الرغم من ذلك، لم ييأس من الإنسان بل سعى إلى
خلاصه. وينصب التشديد على سيادة الله المطلقة، وكيف
أنه يوجه سير التاريخ لصالح شعبه المؤْمن به في كل
أُمة وقبيلة ولسان |
02 |
كتاب الخروج |
تم تدوين هذا الكتاب بوحي إلهي في نفس الفتْرة التي
سجل فيها موسى الوحي المُقَدَّس لكتاب التكْوين، وقد
عالج مُوسَى بعض الحقائق الهامة التي لها مساس مباشر
بظهور بني إسرائيل كأُمة. يعرض هذا الكتاب إلى سيرة
موسى وقيادته الرشيدة بعد أن اصطفاه الله ليكون قائدا
لبني إسرائيل يُخرجهم من مصر. ويرد فيه أيضا وصف
للضربات العشر التي أنزلها الله بمصر عقابا لفرعون
الذي لم يذعن لأَمر الرب. وفي أثناء الضربة العاشرة تم
تأسيس الاحتفال بعيد الفِصْحِ ومن ثم أصبح، تذكاراً
لإنقاذ الله الشعب من قيود العبودية وقد احتفل به
الإسرائيليون في مختلف أجيالهم. وعبر بَنُو إسرائيل
البحر الأَحمر وبلغوا جبل سيناء حيث أعطاهم الرب
الوصايا العشر وتصميمات بناء خيمة الاجتماع، كما جدد
عهده معهم. يدور موضوع هذا الكتاب حول قوة الله
وسيادته على البشر. وقد تجلت هذه الحقيقة عندما حرر
الله شعب إسرائيل من العبودية. ولكن الله يتوقع من
المؤمنين به أنْ يعبدوه ويتكلوا عليه ويطيعوه؛ لهذا
فإن العبادة في خيمة الاجتماع وَمُرَاعاة الشريعة كانا
مظهرين من مظاهر طاعة الشعب لله. وفي العهد الجديد كان
المسيح هو حمل الفصح فَصُلب ليكون كفَّارة عنا وفدية
لنفوسنا. |
03 |
كتاب اللاويين |
عمد مُوسَى في كتاب اللاَّوِيِّينَ، بوحي من الروح
القدس، إلى وضع الشَّرائِع والسُّنَنِ التي تُعين
الكهنة واللاَّوِيِّينَ على تنظيم الحياة الدينية
والاجتماعية لبني إسرائيل، ولاَسِيَّما ما يتعلق
بفرائض العبادة وتقديم الذَّبائح. وقد تناول في صفحات
هذا الكتاب موضوع الذبائح الرئيسية وأساليب تقريبها؛
كما عرض إلى الاحتفالات الهامة والأعياد وبحثها بشكل
مُفصل. وخصص أيضا أقساما من هذا الكتاب لِمعالجة وظيفة
الكهنوت والأنظمة والممارسات المتعلقة بالشُّؤُون
الاحتفالية والرسمية. أَمَّا موضوع الكتاب الأساسي
فيتلخص في خطة الله التي اعتمدها للتكفير عن الخطايا
بسفك دم الذبائح وتقديمها قربانا. ولم يكن هذا النظام
التكفيري بكليته إلاَّ رمزا لعملية الفداء العظمى التي
تحققت بصلب المسيح وسفك دمه للتكفير، مرة وإلى الَبد،
عن خطيئة الجنسِ البشري؛ كما نبر هذا الكتاب على ضرورة
هيمنة النظام في العبادة وممارستها على نمط معين اعلنه
الله آنئذ ليكون منسجما مع طبيعة الظُّروف التي أحاطت
بشعب إسرائيل. |
04 |
كتاب العدد |
يعالج هذا الكتاب بالتفصيل، رحلة بني إِسرائيل من جبل
سيناء إلى تخوم أرض كنعان، وتأهبهم لدخول الأرض التي
وعد بها الرب آباءهم؛ ولكنهم لجحودهم، وإثمهم وتمردهم
على الله عوقبوا بالتيه وحرموا من دخول أرض الموعد
وامتلاك الأرض، وظلوا مشردين تائهين في القفر طوال
أربعين سنة بموجب قضاء الرب. ثم بعد أربعين سنة ارتدوا
إلى تخوم أرض كنعان بعد أن تلقنوا درسا قاسيا في
الطاعة والإذعان لوصايا الله ونواهيه. وبعد أن انتصروا
في بعض المعارك شرقي نهر الأُردن، تأهبوا لدخول أرض
كنعان. لقد عكف موسى، بالوحي الإلهي، على إعلان أمانة
الله وإيفائه بمواعيده، كما كشف عن خيانة الإنسان
وغوايته وسهولة استسلامه لإغراء الخطيئة. فعلى الرغم
من أن الشعب الإسرائيلي تنكر لله، بقي الله وفيا لوعده
الذي قطعه على نفسه، فاقتاد الشعب في الصحراء وسد
حاجاتهم من غير أن يغفل عن عقابهم كلما انحرفوا عن
عبادته. إن المؤْمنين المسيحيين، في العهد الجديد،
يماثلون الشعب الإسرائيلي في تيههم، فنحن غرباء في هذه
الأرض في انتظار تحقيق الوعد الإلهي لنا بالدخول إلى
أرض كنعان السماوية. والحياة الأبدية لنا منذ الآن حيث
نمثل دائما في حضرة الرب. |
05 |
كتاب التثنية |
عرض هذا الكتاب إلى مجموعة من الخطب التي ألقاها موسى
بوحي الروح الإلهي، في سهل موآب قبل الدخول إلى أرض
كنعان، بالإضافة إلى طائفة من الشرائع الخاصة، وخلافة
يشوع لموسى في قيادة بني إسرائيل. لخص موسى في خطبه
الأحداث التي مرت بالشعب الإسرائيلي، وحضهم على
الإيمان بالله والاتكال عليه وطاعته؛ وحثهم على إعادة
تكريس أنفسهم لتنفيذ المهام التي عهد بها الرب إِليهم،
ثم قادهم في العبادة والتسبيح. وصعد موسى إلى الجبل
بعد أن تم تكريس يشوع لخلافته وألقى نظرة وداع على أرض
الموعد التي لم يتح له الدخول إليها، ثم مات. وتولى
جيل جديد، بعد وفاة موسى، قيادة الشعب وعلى رأْسهم
يشوع، وبدأت حقبة أُخرى من تاريخ الأُمة اليهودية.
يدور هذا الكتاب حول قدرة الله المخلصة وأمانته، فمن
يدرس ماضي الشعب الإسرائيلي حتى وفاة موسى يرى كيف قاد
الله هذا الشعب في أحلك أيام تاريخهم، وأفعم قلوبهم
بالرجاء بمستقبل أفضل. إن ما فعله الله في الماضي يمكن
أن يفعله الآن، بل في كل عصر وجيل مع المؤمنين به،
لذلك يشدد هذا الكتاب على ضرورة الإيمان بالله والطاعة
الكاملة ليجري الرب معجزات في حياة المؤمنين به. يهب
الله سكيب بركاته للذين يعملون لمجده. |
06 |
كتاب يشوع |
بعد وفاة موسى تسلم يشوع زمام قيادة الأُمة، وأصبح
قائداً لبني إسرائيل طوال الحقبة التي تم فيها
الاستيلاء على معظم أرض كنعان. لقد استطاع يشوع وهو
مازال في سهل موآب، أَن يجند قواته ويجهزها وينظمها
لخوض المعارك التي اشتدت بعد أن اجتاز نهر الأُردن؛
لقد نشبت ثلاث معارك: واحدة في المنطقة الشمالية،
وأُخرى في المنطقة الوسطى، وثالثة في المنطقة الجنوبية،
أسفرت كلها عن انتصار الشعب، وقد ورد وصف هذه المعارك
بصورة إجمالية. وما لبث يشوع بعد هذه المعارك الأولية
أن قسم الأرض بين مختلف أَسباط إِسرائيل، ثم ألقى كلمة
فيهم حثهم فيها على المثابرة على طاعة الله. وحذرهم من
الغواية والضلال. ثم مات بعد أن طعن في السن، ودفن في
أرض كنعان. في هذا الكتاب أظهر يشوع، بوحي من الروح
القدس، أن الله يفي بكل وعد يقطعه على نفسه. وفيه أيضاً
نرى الشعب يدخل الأرض ليمتلكها بعد أن فسد أهلها
وارتكبوا كل الموبقات والرجاسات، من عبادة أصنام
وتقديم ذبائح بشرية لها، غير أن دخولهم إِليها لم يكن
تلقائيّاً إِذ طلب إليهم الرب أن يخوضوا حروبا ضارية
قبل أن يدخلوها، لأن الرب أراد أن يدين خطيئة الشعوب،
ممالك أرض كنعان، فسخر شعب بني إسرائيل لتنفيذ قضائه. |
07 |
كتاب القضاة |
على أثر دخول بني إسرائيل إلى أرض كنعان، وبعد وفاة
يشوع بن نون خليفة موسى، تولى قيادة الشعب طائفة من
الرجال دعوا بالقضاة أو المخَلِّصين. كانت مهمتهم
الأساسية مهمة عسكرية تتلخص في الدفاع عن البلاد ضد
هجوم الأعداء وطردهم من تخومهم وتحرير الشعب من
سيطرتهم كلما تمكنوا من إخضاع الإسرائيليين وإذلالهم.
وفي غضون هذه الحقبة التاريخية من حياة بني إسرائيل
تعرضت البلاد إلى دورات متتالية من المآسي من جراء
الغزوات الأجنبية، فكان الشعب الإسرائيلي يستغيث بالله
لينقذهم من قبضة أَعدائهم، فيصطفي الله قاضيا، ليخلصهم.
وقد تكررت هذه الدورات مرات عديدة في سياق هذا الكتاب.
ومن المؤسف حقا أن الشعب، على الرغم مما تعرض له من
ويلات وعقاب، لم يدرك أن التمرد على الله يفضي حتما
إلى مأْساة. إن الدرس المؤْلم الذي يلقنه هذا السفر هو:
«إن أجرة الخطيئة هي موت» (الرسالة إلى روما 6:3).
وتتخذ الخطيئة أشكالا متعددة، وترتدي أثوابا مختلفة،
بعضها براق كخطايا الملوك المصقولة وبعضها الآخر يتسم
بالوحشية والعنف كالخطايا التي دونت في نهاية فصول
الكتاب، غير أن النتيجة واحدة. فعندما يتصرف كل فرد
على هواه يسود الدمار والفوضى (قضاة 21:25). إلا أن
الله بفضل أمانته، ينقذ المؤمنين به عندما يرجعون إليه
تائبين توبة صادقة. |
08 |
كتاب راعوث |
راعوث الموابية كنة اليمالك
وامراته نعمي والدة عوبيد - وعمت مجاعة في البلاد في ايام حكم القضاة،
فتغرب رجل من بيت لحم يهوذا في ارض موآب مع امراته وابنيه واقاموا فيها.
وكان اسم الرجل اليمالك واسم امراته نعمي، واسما ولديه محلون وكليون. ومات اليمالك زوج نعمي تاركا زوجته وولديه اللذين تزوجا من امراتين موآبيتين،
اسم احداهما عرفة والاخرى راعوث. ثم مات محلون وكليون، وهكذا فقدت المراة زوجها وابنيها واصبحت وحيدة. وسمعت نعمي حينها ان الرب قد بارك شعبه واخصب ارضهم، فقامت وانطلقت نحو بلادها - ارض يهوذا، ورافقتها كنتاها في
طريق العودة. فكان وصولهما الى بيت لحم في مستهل موسم حصاد الشعير. وهكذا مضت راعوث الى حقل وشرعت تلتقط السنابل وراء الحصادين. واتفق ان
قطعة الحقل هذه، كانت ملكا لبوعز من عشيرة اليمالك. وجاء بوعز من بيت لحم والتقى الحصادين. فسال بوعز غلامه
المشرف على الحصادين: «من هذه الفتاة؟» فاجابه: «هي فتاة موآبية، رجعت مع نعمي
من بلاد موآب. وطلبت السماح بالتقاط السنابل المتساقطة بين الحزم وراء الحصادين،
وقد ظلت تلتقط من الصباح الى الآن، لم تسترح في الظل الا قليلا». فقال بوعز
لراعوث: «استمعي ياابنتي، امكثي هنا لتلتقطي السنابل ولا تذهبي الى حقل
آخر، ولازمي فتياتي العاملات فيه. راقبي الحقل الذي يحصده الحصادون واذهبي
وراءهم، فقد اوصيت الغلمان الا يمسوك بسوء. وكانت راعوث الموآبية امراة محلون
من ضمن ما تم شراهه وذلك لاحيي
اسم الميت على ميراثه. فتزوج بوعز من راعوث وعاشرها فحملت منه وانجبت
ابنا. فاخذت نعمي الولد في حضنها، وقامت على تربيته. وقالت جاراتها: «قد ولد
ابن لنعمي». ودعونه عوبيد، وهو ابو يسى ابي الملك داود. |
09 |
كتاب صموئيل الاول |
من المرجح أن هذا الكتاب قد تم تدوينه، بوحي من الروح
القدس، في القرن العاشر قبل الميلاد. وقد اشتملت
التوراة العبرانية على كتابي صموئِيل الأول وصموئِيل
الثاني في كتاب واحد على اعتبار أنهما يكونان تاريخا
متصلا يروي قصة حياة كل من النبي صموئِيل، والملك شاول
والملك داود. أما تقسيمهما في الترجمات الأُخرى فذلك
لاعتبارات شكلية ليس إلا. يستعرض هذا الكتاب سجل
المعارك التي دارت رحاها بين الفلسطينيين وجيش الملك
شاول وهزيمته في المعركة الفاصلة الأخيرة. يستهل
الكتاب تأريخه بوصف للحالة السياسية والعسكرية المهينة
التي كان يعاني منها بَنُو إسرائِيل، ثم ظهور النبي
صموئِيل وتتويج شاول كأول ملك على إِسرائيل. كان
صموئِيل الزعيم الروحي للأُمة، أما شاول فقد تولى زمام
الشؤون المدنية والإدارية والعسكرية، وقد تمكن في
الفترة الأُولى من حياته من هزيمة أعدائه، ولكنه بعد
تدهور حياته الروحية والأخلاقية أُصيب بكارثة رهيبة
أودت بحياته وحياة أبنائه في المعركة الخاسرة الأخيرة.
وفيما كان نجم شاول يميل للأُفول كان نجم داود في صعود
وإشراق على الرغم من صغر سنه. وما لبث داود، بعد مصرع
شاول أن تسلم قيادة البلاد. إن الفكرة الأساسية في هذا
الكتاب هي أن الله لا يهب المؤمنين به مناعة تقيهم
تقلبات الحياة الإنسانية إنما يسبغ عليهم نعمة لكي
يدركوا معنى الاِتكال على الله ويجتازوا في بوتقة
المحن إلى أن يبلغوا ميناء الأمان برعاية الله وإرشاده.
ففي خضم المحن والحروب وقيام ملوك وسقوط آخرين؛ في
أثناء السلام والطمأْنينة والخير، يظل الله قابضا على
زمام التاريخ يوجه الأحداث الإنسانية لصالح الذين
يتكلون عليه فيجدون راحة وشجاعة لتحمل عوادي الدهر. |
10 |
كتاب صموئيل الثاني |
ستعرض هذا الكتاب أحداث نحو أربعين سنة من حكم الملك
داود الذي ابتدأ بتتويجه ملكا وتثبيت دعائم سلطانه في
وجه المطالبين بالعرش. جعل داود أُورشليم عاصمة ملكه
ونقل إليها تابوت العهد المقدس، وتمكن من إخضاع أعدائه
ودحرهم طوال حياته. غير أن سيرة داود لم تخل من أَحداث
خطيرة كادت أن تزعزع عرشه وفي جملتها تمرد ابنه
أبشالوم عليه، وبعض مشكلاته العائلية الخاصة كخطيئة
الزنى التي ارتكبها مع بثشبع زوجة أُوريا الحثي؛ وقد
وردت أوصاف هذه الأَحداث بشيء من التفصيل في طيات
الكتاب، واختتم الكتاب بملخص لسنوات حياة داود الأخيرة.
يرسم لنا هذا الكتاب صورة حية لحياة داود التي توزعها
الخير والشر. ولم يكن فضح خطايا داود سوى تأْكيد على
قصور الطبيعة البشرية وعدم جدوى الاتكال على الإنسان.
ومن ناحية أُخرى فإِن سجل الانتصارات الباهرة التي
حققها داود على أعدائه جسد قدرة الله الفائقة وما يمكن
أن يصنعه في حياة كل من يتكل عليه اتكالا كاملا. لقد
استخدم الرب داود على الرغم من أخطائه لأنه رأى
استعداد داود للتوبة ولبدء حياة جديدة مهما كان موغلا
في انحرافه. |
11 |
كتاب الملوك الاول |
شكل كتاب الملوك الأَول وكتاب الملوك الثاني سفراً
واحداً في التوراة العبرانية، وهما جزءٌ من الأدب
النبوي، وذلك لأن نبياً من الأنبياء قد صنف بوحي من
الروح القدس، هذين الكتابين معا في نحو القرن السادس
قبل الميلاد. يُغطي هذان الكتابان حقبة تاريخية تقارب
ثلاث مئة وخمسين سنة حكم في خلالها عدد من الملوك على
إسرائيل، لهذا دعي هذان الكتابان بهذا الاسم. يُستهل
كتاب الملوك الأول بوفاة داود وخلافة سليمان ابنه ملكا
على بني إسرائيل، ثم بناء الهيكل في أُورشليم، وما
أصاب المملكة من إنقسام بعد موت سليمان، فقامت مملكة
يهوذا في الجنوب ومملكة إسرائيل في الشمال. وينتهي
الكتاب بوصف تفصيلي للصراع الذي نشب بين إيليا النبي
وأخآب ملك إسرائيل. إن هذا الكتاب كتاب نبويّ له مغزاه،
فإنه يبين لنا بوضوح أن الله يعلن إرادته ويخاطبنا من
خلال الماضي كما يخاطبنا من خلال اختبارات المعاصرين.
وقد تم تدْوين هذه الأحداث لكي لا نرتكب نفس تلك
الأخطاء مرة أُخرى. والصراع الذي استمر بين إيليا
وأخآب يكشف لنا عن تدخل الله في الحياة الإنسانية
واهتمامه بالشؤُون البشرية. يبين كتاب الملوك الأول،
بشكل خاص، تأثير المساويء الاجتماعية المفجع على حياة
الأُمة الروحية. |
12 |
كتاب الملوك الثاني |
دُوِّنَ هذا الكتاب، بوحي من الروح القدس، في نحو
القرن السادس قبل الميلاد، وهو يغطي حقبة تاريخية
تقارب مئتين وخمسين سنة حدثت في خلالها كارثتان لبني
إسرائيل. ففي سنة 722ق.م. هاجم الأشوريون مملكة
إسرائيل في الشمال ودمروها؛ وفي سنة 586 ق.م. زحف
الجيش البابلي على مملكة يهوذا في الجنوب وقضوا عليها.
وردت في طيات هذا الكتاب تفاصيل هامة عن حكم طائفة من
الملوك مع التشديد على الأحوال الروحية المتدهورة وما
صدر عن هؤلاء الملوك من شرور وآثام. وفي غضون هذه
الفترة التي حكم فيها ملوك أخيار وأشرار، وفي أثناء
الحرب والسلام، والازدهار والخراب، لم يبرح الله يعمل
في التاريخ وفي حياة الأُمة وبالأخص حين كان يرسل
الأنبياء منذرين ومحذرين من الدينونة الآتية. إن سيطرة
الله على حياة الناس والأُمم ظاهرة بارزة مستمرة في
هذا الكتاب. قد يظن الحكام أنهم قابضون على زمام الملك،
ولكنهم مخطئون، ففي هذا الكتاب نرى كيف سخر الله
الاشوريين والبابليين لتنفيذ قضائه بشعبي مملكتي يهوذا
وإسرائيل المنحرفين. يجب التنويه هنا أن الخطيئة تجلب
الدينونة على الأمة، أما البر فمدعاة لبركة الله. يكشف
لنا كتاب الملوك الثاني أن الله لا يدين أحدا قبل
إنذاره، وقد بعث بأنبيائه أولا ليحذروا الأمة من
العقاب الإلهي. |
13 |
كتاب اخبار الايام الاول |
يؤلف كتابا أخبار الأيام الأول وأخبار الأيام الثاني
في الأصل العبراني سفراً واحداً، ومن المرجح أنه
دُوِّنَ، بوحي من الروح القدس، في القرن الخامس قبل
الميلاد. وقد أعرب هذا الكتاب عن وجهة النظر الكهنوتية
فكان بذلك متمماً لكتاب الملوك الذي عبر عن الوجهة
النبوية. يبدأُ هذا الكتاب بعرض قائمة أنساب وتواريخ
أُسرة الملكِ داود، وقائمة أُخرى بذراري لاوي، ثم
أعقبهما بسيرة شاول ووفاته وحكم داود مع التركيز على
شُؤون الأُمة الدينية، وينتهي الكتاب بتولي سليمان عرش
المملكة. ومن حيث أن كتاب أخبار الأيام الأول قد دون
من وجهة نظر كهنوتية فقد وردت به تفاصيل كثيرة عن
الأحوال الدينية لمملكة يهوذا لاستيفاء التاريخ
المنصوص عليه في كتاب الملوك. ينصب التركيز في هذا
الكتاب على الأهمية المتفوقة لعبادة الله والتأْثير
الإِيجابي على حياة الأُمة. فالله يبارك الأُمم التي
تتكل عليه. إن إيراد ذكر طائفة من الأسماء غير
المأْلوفة التي يبدو أن لاَ علاقة لها بالموضوع، تعكس
مدى اهتمام الله بكل فرد وأنه لا ينسى أحداً. فالذين
يثوون في قبورهم من غير أن يذكرهم الناس، يذكرهم الله
بأسمائهم ولاسيما إن كانوا من أتقيائه المؤمنين به. |
14 |
كتاب اخبار الايام الثاني |
ستوفي كتاب أخبار الأيام الثاني بقية تاريخ مملكة
يهوذا الذي نص عليه كتاب أخبار الملوك الأول. ويستعرض
بشيء من التفصيل أمجاد سليمان مع التركيز الخاص على
عظمة الهيكل وبهائه، وذلك لأن وجهة النظر الكهنوتية هي
الغالبة على هذا الكتاب، أما الفصول الأُخرى فتدور حول
حكم سائر ملوك يهوذا مع تسليط الأضواء على أحوال
الأُمة الدينِية وسير شؤُونها. لقي عهد الملك حزقيا
اهتماماً خاصاً إذ سادت حكمه نهضة روحية رجع فيها
الشعب إلى الله. يصف هذا الكتاب أيضا دمار أُورشليم
وسقوط مملكة يهوذا وسبي الشعبِ إلى بابل، وينتهي
الكتاب بالأمر الذي أصدره الملك الفارسي بالإذن
للمسبيين بالعودة إلى وطنهم. يعمد هذا الكتاب إلى
تقديم وصف واف لتاريخ مملكة يهوذا من وجهة نظر دينية.
وقد أطرى الملوك الأخيار وأثنى على أعمالهم كما أورد
أسماء الملوك الأشرار الذين ضلوا وأضلوا شهادة للتاريخ
ولكل الأُمة، حتى يعرف الجميع من هو المسؤُول عن عظمة
الأُمة وعن سقوطها. لقد تورط رجال الدين في الإثم على
غرارِ ملوكهم فأضافوا إِلى شر الأُمة شراً مما أفضى
إلى خرابهم وهلاكهم أيضا، لأن الرب سمح لأعدائهم أن
يستأْصلوهم ليكونوا مثلاً على مر العصور لعدم تحمل
الله للخطيئة. |
15 |
كتاب عزرا |
عمد عزرا في القرن الخامس قبل الميلاد، بوحي من الروح
القدُس، إلى تدوين هذا الكتاب كوثيقة تاريخية هامة
لأنه يعالج فيه موضوع رجوع بني إسرائيل من السبي في
بابل؛ وبعد أن يصف موجة الرجوع الأُولى وكيفيَّة البدء
في بناء الهيكل يعرض الكاتب للمشكلات التي ثارت في وجه
الشعب وما قاسوه من متاعب ومضايقات ولاسيما في المرحلة
الأُولى التي توقف فيها العمل لفترة ما. ولكن ما لبثوا
أن تابعوا البناء إلى أن تم تشييد الهيكل وتكريسه لمجد
الله. وعني الكتاب أيضا بتقديم وصف مفصل عن خدمات عزرا
وتضرعاته من أجل المنحرفين من الشعب العائدين من السبي.
عندما رجع بنو إسرائيل من السبي رأوا في ذلك تحقيقاً
لوعد الله، فقد قال الله إنه لن يتخلى عنهم نهائياً
ولن يتوقف عن محبته لهم على الرغم مما أنزل بهم من
دينونة من جراء خطاياهم. إنه لمن أعمق الأسرار الإلهية
أن يظل الله يحب العالم ويعتني به إلى هذه الدرجة على
الرغم من معصيته؛ بيد أن الله، لقاء ذلك يطلب منا أن
نواظب على عبادته؛ فعندما كف الشعب عن العمل في بناء
الهيكل بتأْثير خيبة الأمل أرسل الله النبيين حجي
وزكريا ليحثا الشعب على الإسراع في استكمال إقامة
الهيكل. |
16 |
كتاب نحميا |
يتابع كتاب نحميا الوثيقة التاريخية التي ابتدأها عزرا
ويعرض لنواحي حياة الأُمة التي عادت من السبي. تدور
النقطة الرئيسية في كتاب عزرا حول إعادة تدشين الهيكل
بينما يتمحور كتاب نحميا حول إعادة بناء سور أُورشليم.
يستهل الكتاب بتصوير الحاجة الملحة لبناء أسوار
المدينة لتوفير الحماية الكافية لسكانها، ثم تعقبه
فصول في وصف كيفية بناء السور على الرغم مما جابهوه من
مشكلات داخلية وخارجية. ونادوا لتخصيص يوم وطني عام
للتوبة وطلب الصفح والاستغفار، كما استكمل بناء السور.
يتلخص موضوع هذا الكتاب حول الحقيقة المؤْلمة المتعلقة
بتباطوءِ الناس في تلقن الدرس الذي يريد الله أن
يعلمهم إياه. لقد سبي بنو إسرائيل وتشتتوا في أرجاء
الأرض من جرَّاء ذنوبهم، وها هم الآن يرتكبون نفس
المعاصي ويتعرضون لنفس المشكلات التي تعرضوا لها سابقاً.
فقد أهمل الشعب العبادة، والصلاة ودرس الكتاب المقدس،
وظلم الواحد قريبه فاستغل الفقير وباعه عبداً للأجنبي،
بيد أن الله استمر بفضل محبته وطول أناته في إرسال
أنبيائه ومنذريه فاتحاً أمامهم باب التوبة والغفران
ليقبلوا إليه وينجوا من غضبه الماحق. |
17 |
كتاب استير |
يعنى كتاب أستير بحادثة ذات أهمية جرت وقائعها بعد
استيلاء الفرس على مملكة بابل وتدمير العاصمة. كانت
طائفة من اليهود ما برحت مقيمة في أرض السبي ومن بينهم
فتاة اسمها أستير حظيت باستحسان الملك أحشويروش
فتزوجها. غير أن مستشاره الشرير هامان سعى للقضاء على
اليهود وإبادتهم لكي يستولي على أموالهم وممتلكاتهم،
فتدخلت أستير بمهارة وأحبطت خطته وأنقذت قومها من مصير
رهيب. ونفذ حكم الإِعدام بهامان، وهكذا على الباغي
تدور الدوائر. ولا يزال اليهود حتى اليوم يحتفلون
بذكرى هذا الخلاص في يوم عيد الفوريم. إن عناية الله
وقوته هما محور هذا الكتاب، فقد عمل الله على المحافظة
على الشعب وحمايته حتى وهو في أرض السبي، وحول كل شيء
لخيرهم وذلك عندما صلوا إِليه وصاموا واستغاثوا به فلم
يخب لهم رجاء، وأنقذهم من قبضة هامان. ومن الجدير
بالملاحظة أن الله قد استخدم أفرادا من الناس لتنفيذ
إرادته بدلًا من التدخل المباشر بنفسه. علينا أن نكون
دائما متأهبين لتنفيذ إرادة الله حسبما يطلب منا. |
18 |
كتاب ايوب |
تتصدى هذه القصيدة الطويلة لمشكلة هي من أعقد المشاكل
وأعمقها في الحياة الإنسانية. جابه أيوب هذه المشكلة
في نحو القرن العاشر قبل الميلاد وطرح على نفسه، كما
طرح على الله، مجموعات من التساؤُلات التي تدور حول
الألم، إذ كيف نفسر وجود الخطيئة واستشراء الألم على
الرغم من وجود إله قادر على وضع حد نهائي لهما؟ يستهل
هذا الكتاب بقصة الكوارث التي أحاقت بأيوب، ويعرض إلى
خطب ثلاثة من رفاقه الذين قدموا لتعزيته وهم أليفاز
وبلدد وصوفر. وقد حاول كل منهم أن يعلل أسباب ما أصاب
أيوب من ألم من وجهة نظر مختلفة. وأراد شخص رابع يدعى
أليهو أن يلخص الموقف وإذا به يقدم تعليلا رابعا لآلام
أيوب. وأخيرا تكلم الرب نفسه مع أيوب، فأدرك أيوب أننا
في حاجة إلى الله نفسه أكثر من حاجتنا إلى أجوبة
وتعليلات لمشكلات الحياة. وينتهي الكتاب نهاية سعيدة
إذ يُبريء الرب أيوب من قروحه وأَدوائه ويباركه ببركات
مادية وروحية أَكثر مما كان يتمتع به قبل النكبة. إن
الغموض الذي يكتنف الوجود البشري والحاجة المطلقة إلى
الثقة بالله يغلبان على هذا الكتاب. يفتقر الإنسان إلى
المعرفة الكافية التي تعلل أسباب ما نقاسيه من أحداث
أليمة ولماذا وقعت على الوجه الذي وقعت عليه. من
الممكن أن نتخطى حدود إمكانياتنا البشرية بالإيمان
بالله لأن الله يعرف أسباب ما يحدث ويحول كل شيء لخير
الذين يحبونه. وعلينا أن نتعلم هذا الدرس العميق: لو
فقدنا كل شيء ولم يبق معنا سوى الله فالله وحده يكفي
لحياتنا. |
19 |
كتاب المزامير |
مازال كتاب المزامير يحظى حتى اليوم بنفس الشهرة التي
حظي بها في العهود القديمة. فهو يشتمل بين طيات صفحاته
على أساليب مختلفة استخدمها المؤمنون عبر العصور
للتقرب إلى الله في الصلاة والتضرع. وفيه عبرت المشاعر
البشرية عن ذاتها في حالاتها المتباينة من حزن وفرح،
وغضب وصبر، وشك وإيمان، وتوبة وتسبيح. وفيه أيضا تصوير
رائع لذكريات الماضي، وأزمات الصراع في الوجود الحاضر،
وأمجاد رؤى المستقبل. كما انعكست بين سطوره لوحات
نبوية للمسيا، يسوع المسيح، في آلامه وعظمته. يعلم
كتاب المزامير، بصورة رئيسية، أن الله يهتم اهتماما
شخصيا بالمؤمنين، وأنه يطلب إلينا أن نُقبل إليه، كما
نحن، لا بعد أن نجد حلولاً لمشكلاتنا. إننا نَمْثُلُ
في حضرة الله ثقة منا أن نجد لديه الحلول لمشكلاتنا
الروحية والدنيوية، وقد أعرب الله عن محبته لنا
واستعداده الكامل لمساعدتنا، أينما كنا، وكيفما شعرنا،
ومهما فعلنا شريطة أن نسلم إليه أنفسنا ونتوب عن
خطيئتنا، فيمنحنا آنئذ قوة لنحيا من جديد. إن الله هو
المتسلط على الكون وهو قادر على إسعافنا إن استجرنا به
طلبا لخلاصنا. |
20 |
كتاب الامثال |
يقدم كتاب الأمثال عرضاً وافياً لطائفة من التعليمات
والتوجيهات العملية التي تسعف على الحياة الناجحة. وقد
أوحى بها الله لسليمان ولغيره من رجال الله لتكون
مُرَادِفَةً لتعاليم الأنبياء وتحذيراتهم وإنذاراتهم،
وكلها تدعو الناس إلى التوبة؛ كما أنها عملت على
تأْييد خدمة الكهنة التي كانت تقوم بتوجيه الناس في
العبادة. يعلم كتاب الأمثال أن الله قد أَعطى الإِنسان
كلمة إلهية كما أعطاه من لدنه حكمة بشرية، أي حصافة أو
فطرة سليمة، وعلى هاتين الحكمتين أن تلعب دوراً هاماً
في الحياة اليومية. وقد جمعت في هذا الكتاب، بوحي إلهي،
مجموعات من المأْثورات والأمثال العملية القديمة التي
كانت شائعة في العصور السالفة وجميعها تعالج موضوعات
مختلفة كتأْديب الأبناء، والعدل الاجتماعي، وأقوال
الجهال، والأموال، وتنتهي فصول هذا الكتاب بوصف مفصل
عن المرأة الفاضلة وتأْثيرها العميق في حياة الأُسرة.
يلخص العدد السابع من الأصحاح الأول موضوع الكتاب،
بداية أو رأْس الحكمة مخافة الله. أي أن الإنسان
الحكيم حقاً هو الإنسان الذي يخاف الله. لا شك أن
الحكمة البشرية والحصافة أمران ضروريان ومستحسنان،
ولكن مهما كان الإنسان حصيفاً وذكياً فإنه لابد أن يضل
إن لم يتواضع أمام الرب ويُبْدِ استعداده للتعلم منه.
كذلك يشدد الكتاب على قدسية الحياة الإنسانية، ويشير
إلى أن كل شيء يمت بالصلة إلى الحياة الناجحة يدعو
لاهتمام الله ويعزى إليه لأنه يوفر دواعي النجاح. |
21 |
كتاب الجامعة |
من المرجح أن كاتب هذا السفر، بإرشاد من الروح القدس،
هو سليمان؛ ويعتقد أن تاريخ تدوينه يعود إلى القرن
العاشر قبل الميلاد. يعرض هذا الكتاب للناحية المظلمة
من فلسفة إنسان سعى أن يعثر على السلام بمعزل عن الله
ولكنه أدرك في نهاية المطاف أنه لن يجد هناك سوى
الظلام. ويستخلص الكتاب أن الحل الوحيد لمعضلات الحياة
هو في اتقاء الله وممارسة وصاياه (راجع 12:13). يأخذنا
هذا الكتاب إلى هذه النتيجة الإِيجابية بعد عرض لسلسلة
من الصور والمواقف التي تؤدي جميعها إِلى عبثية الحياة
بمعزل عن الله، فالثروة والحكمة والشعبية أو الشهرة
والملذات ليست سوى باطل وكملاحقة الريح. فقط، عندما
يتحول الإنسان عن إغراء هذا العالم ويتجه نحو الله يجد
السعادة الحقيقية. هناك درس سلبي يمكن أن نتلقنه من
هذا الكتاب، وهو يدور حول طائفة من الأُمور التي يجب
أن نتفاداها ولا نعملها. فهو يكشف عن عبثية محاولة
العيش للذات بغرض تحقيق سعادة شخصية أنانية لا تكترث
للآخرين أو تأْبه لله خالقنا. ولكن هناك ناحية
إِيجابية أُخرى تتصف بعدم الأثرة، وتجعل المرء أكثر
وعياً لعبثية الأُمور الدنيوية، عندئذ يمكنه أن يعرف
ما يجب عليه عمله فيكفي نفسه مؤُونة الألم والحياة
المحدودة. |
22 |
كتاب نشيد الانشاد |
ناظم هذه القصيدة المطولة الرائعة، بوحي من الله، هو
سليمان بن داود؛ ويعود تاريخها إلى القرن العاشر ق.م.
يشتمل هذا الكتاب على قصة حب أو على تصوير رائع لعلاقة
حب صافٍ بين سليمان وامرأة اسمها شولميث، وقد صاغ
سليمان مشاعره في قالب شعري يقوم على الحوار الصالح
للغناء أو الإنشاد، لهذا دعي هذا الكتاب بنشيد الأنشاد.
أعرب الشاعر في أناشيده هذه عن تلك الأشواق الكامنة
بين محبين، وعن الصراعات التي يجب التغلب عليها، وعما
أيقظه الحب من أحاسيس رقيقة، وعن السعادة التي يجدها
كل حبيب في لقائه بالآخر. إن «صبايا أُورشليم» اللواتي
يظهرن مع سليمان ومحبوبته يضفين مناخاً مسرحياً مؤَثراً
على القصة ولاسيما حين يرددن بعضاً من ملاحظاتهن على
بعض المواقف. إن المعنى الظاهر لهذه الأناشيد القصصية
هو الحب الإنساني الذي كرسه الله. وهو حب ممتع ومقدس
طالما مارس صاحباه هذا بطاعة كاملة لوصية الله. فضلاً
عن هذا، فإن كثيرين من المفسرين وجدوا في هذا الكتاب
رموزاً تشير إلى محبة المسيح للكنيسة، وهذا يتفق مع
تعليم العهد الجديد بأن الله محبة (1يو 4:8). |
23 |
كتاب اشعياء |
يشتمل هذا الكتاب على نبوءات إشعياء النبي كما دونها
نحو القرن الثامن ق.م. استغرقت خدمة إشعياء نحو ستين
سنة عاصر فيها أربعة ملوك كان آخرهم حزقيا الملك
المُصْلِح. أرسل الله إشعياء، في الدرجة الأُولى إلى
مملكة يهوذا، إلا أن رسالته شملت مملكة إسرائيل في
الشمال أيضاً. عاش إشعياء إبان الحرب الأهلية التي
نشبت بين إسرائيل ويهوذا خلال الفترة الواقعة بين عامي
734 و 732 ق.م. وشهد دمار إسرائيل على يد جيش أشور في
سنة 722 ق.م. ولم يغب عن بال إشعياء الدرس الأليم الذي
أسفر عن سقوط إسرائيل، فاستغله لتشجيع حزقيا على
الاتكال على الله، فأنقذ الله يهوذا من قوات ملك أشور
الرهيبة إذ أصابهم بالوباء فقضى على معسكراتهم. كذلك،
تطلع إشعياء بعين النبوءة إلى ما وراء عصره. إلى حقبة
السبي والخلاص الذي أعده الله لشعبه. كان كتاب إشعياء
أحد الكتب التي حظيت بعناية الرب يسوع فاقتبس منه
بصورة متكررة، لأن محور موضوعه هو الخلاص. إن الصورة
التي يعكسها لنا هذا الكتاب عن الله هي أن الله هو
مخلص شعبه، الذي افتداه من العبودية في أرض مصر، وهو
الذي سيرسل المسيح ليحمل خطايانا جميعاً (6:35). يمنح
الله الغفران مجاناً لكل من يقبل إليه تائباً مؤمناً.
كذلك وصفت مملكة الله المقبلة على الأرض بتفاصيل رائعة
إذ يعم فيها السلام، ويتخلى الناس عن القتال مترنمين
بتسبيح الله ملكهم. |
24 |
كتاب ارميا |
تدور نبوءات هذا الكتاب التي سجلها النبي إرميا في نحو
القرن السادس ق.م. حول ضرورة قبول دينونة الله التي لا
مفر منها؛ لأن قبولها يُفضي إلى حياة جديدة. لقد عاش
إرميا طوال الأربعين سنة الأخيرة من حياة مملكة يهوذا،
وشاهد وعانى من هجوم الجيش الكلداني على أُورشليم
ومملكة يهوذا، واستيلائه عليها، وسبي الشعب، ودمار
الهيكل. كان قد أنذر وحذر الناس مما سيجري عليهم،
وتوسل إليهم أن يرجعوا إلى الرب ويتخلوا عن آثامهم من
غير جدوى. بل تعرض للمهانة والاحتقار والاضطهاد. يشتمل
هذا الكتاب أيضاً على تفاصيل كثيرة لحياة إرميا مما
يجعله أكثر أنبياء العهد القديم وضوحاً. لم يكن لدى
إِرميا، في خضم الأحداث الرهيبة التي ألمت بيهوذا سوى
رسالة واحدة يذيعها على مسامع الشعب: «توبوا وارجعوا
إلى الله». دعاهم إلى التخلي عن الأوهام وإعطاء الله
مكانته اللائقة به والتي هي من حقه، في حياة الأُمة.
لا شيء يمكنه أَن ينقذ الشعب من مصيرهم، لا ثروتهم ولا
جيوشهم، ولا رجال سياستهم، حتى ولا دينهم، إنما الله
وحده هو القادر على إنقاذهم. إِن دمار أُورشليم يبقى
تذكاراً خالداً لكل العصور على مصير الأُمة التي ترفض
الله. ولكن كانت لدى إرميا رسالة أُخرى هي رسالة
الرجاء. فمع أن شعب يهوذا قد نبذ الله، فإن الله لم
ينبذهم، وأنه لابد أن يظهر قوته من أجل إنقاذهم من
أسرهم. |
25 |
كتاب مراثي ارميا |
كتاب مراثي إرميا هو نشيد رثائي جنائزي نظمه إرميا
النبي بوحي من الروح القدس في نحو القرن السادس ق.م.
في أعقاب سقوط مدينة أُورشليم. كان إرميا شاهد عيان
لكل ما حل بالمدينة المقدسة من ويلات وخراب فوصفها
وصفاً رائعاً مليئاً بالتفاصيل الأليمة ليكون ذلك عبرة
لمن اعتبر فلا يسأل من ثم أحد: لماذا لم يخبرنا أحد عن
الثمن الباهظ الذي يجب علينا دفعه نتيجة عصياننا لله.
وتكاد هذه المرثاة أن تخلو من كل عزاء لولا ما نراه في
صلاة إرميا الواردة في الفصل الخامس التي يتخطى فيها
الظروف الراهنة إلى ما بعد الفاجعة، وركام الأتربة
المتكومة على المدينة التي كانت تدعى ذات يوم أُورشليم
المجيدة، رافعاً عينيه إلى الله ذي العرش الخالد،
فهناك فقط يجد إرميا عزاءه. إن كتاب مراثي إرميا هو
إعلان واضح عن غضب الله، فيصور لنا الحقيقة الأليمة
وهي: وعد الله بمعاقبة الخطيئة وإدانتها، وحماقة أهل
يهوذا الذين وضعوا الله على محك الاختبار. والأسوأُ من
كل هذا أنه كان في الإمكان تفادي هذه الكارثة ولكن
الشعب مع زعمائه أصموا أذانهم عن كل تحذير. إن أمانة
الله عظيمة تتجدد في كل يوم ورحمته لا تبيد (3:2223)
ولو وعى أهل يهوذا هذه الحقيقة لتفادوا هذه المأْساة.
إن التحذير والوعد الواردين في هذا الكتاب يتحتم
نقشهما بحروف بارزة في كبد السماء ليراها جميع الناس. |
26 |
كتاب حزقيال |
انتظم حزقيال في سلك الكهنوت وكان أحد الذين سبوا إلى
بابل مع بقية اليهود الذين أُجلوا عن المدينة المجيدة
في سنة 597 ق.م، وهناك اختاره الله ليكون له نبياً.
أوحى إليه الروح القدس بهذه الرسالة لتكون تحذيراً من
الدينونة القادمة على البقية الباقية في أُورشليم. بيد
أن إنذارته لم تلق أُذناً صاغية من اليهود المأسورين
معه؛ وعندما تحققت نبوءاته المحزنة بدمار أُورشليم في
عام 586 ق.م. أقبل عليه الناس ليستمعوا إلى أقواله
بلهفة وصدق. في هذه الفترة طرأ نغم جديد على رسالته
فتحولت من رسالة تنادي بحلول دينونة الله وقضائه إلى
رسالة مفعمة بالتعزية والرجاء. لقد وقع الأسوأُ وحان
الوقت لرسم الخطط تأَهباً لبداية جديدة. رأى حزقيال
نفسه كراع ورقيب على بني إسرائيل. كان عليه كراع أن
يحافظ على شعبه، وكرقيب أن يحذرهم من الخطر المداهم.
إن رسالة حزقيال قائمة على أساس قداسة الله غير
المتحولة. وهي تشتمل على وعد وتحذير في آن واحد. هي
تحذير لأن الله قد وعد بمعاقبة الخطيئة وهذا لابد أن
يتم. وهي وعد لأن الله قد وعد أن يظل وفياً أميناً
لمحبيه وهذا لا يمكن أن ينقض؛ فكتاب حزقيال يظهر تحقق
كلام الله الثابت في الوعد والوعيد: لقد تم خراب
أُورشليم حسب وعيد الله عقاباً لخطيئة أَهل يهوذا. من
هذا يظهر أن نوعية الحياة التي يعيشها شعب الله تقرر
طريقة معاملة الله لهم. |
27 |
كتاب دانيل |
كان دانيآل أحد الذين سبوا إلى بابل ولم يكن بعد قد
بلغ سن الرجولة، ومع أنه كان أسيراً إلا أنه تلقى أفضل
العلوم بعد أن تم اختياره مع بعض رفقائه ليكونوا في
خدمة الملك، وقد استطاع دانيآل بفضل نعمة الرب عليه
وأمانته في عبادته أن يتبوأ أرفع المراكز في الدولتين
البابلية والفارسية. غير أن أمانته للرب عرضته
لاضطهادات قاسية سامه إِياها أعداؤُه الحاقدون عليه
حتى إنه طرح في جب أُسود جائعة ضارية، كما أُلقي ثلاثة
من رفاقه إلى أتون نار، إلا أنهم نجوا من الموت بفضل
قوة الله. إن كتاب دانيآل يعود بتاريخه إلى القرن
السادس ق.م، وقد وضعه النبي دانيآل بإرشاد من الروح
القدس لاشتماله على طائفة من الأحداث التاريخية التي
عاصرها دانيآل، كما أنه يتضمن مجموعة من النبوءات
تتعلق بالمستقبل. فقد شاهد دانيآل، بعين الرؤْيا
امبراطوريات العالم التي لابد أن تقوم في القرون
التالية، وهذا ما تحقق فعلاً في سياق التاريخ. ولكن
هذه النبوءات لم تكن كل شيء، لأنه رأى أيضاً قوة الله
والمسيا، يسوع المسيح الذي تنبأ عن مجيئه ليضع حداً
للشر، وليؤسس في آخر الأيام مملكة البِرِّ التي لا
نهاية لها. إن موضوع كتاب دانيآل الأساسي هو سيادة
الله. إن الله يهيمن على شؤُون العالم، ويوجه مجرى
التاريخ نحو النهايات التي قررها له، مستخدماً لتحقيق
ذلك ما يصدر عن الناس من أعمال. إن ممالك الناس تزدهر
وتزول ولكن الله خالد إلى الأبد. لا يطرأُ عليه تغيير
أبداً، ولا يعتري تصميم الله على خلاص الجنس البشري أي
وهن. لقد تنبأ دانيآل بمجيء المسيح المخلص. وفي الزمن
المعين تحققت النبوءة، وتجسد المسيح ليفتدي الإنسان.
وسيأْتي وقت يندحر فيه الشر وتنتصر إرادة الخير لأن
الله قد شاء ذلك. |
28 |
كتاب هوشيع |
عمد النبي هوشع في القرن الثامن ق.م. إلى تدوين هذا
الكتاب بإرشاد من الله. وهو يشتمل على جزأين غير
متساويين. يعالج الجزء الأَول حياة هوشع (الفصول 13)؛
ويدور الجزء الثاني حول رسالته التي حملها إلى سكان
المملكة الشمالية (الفصول 414). كان هوشع نبي المملكة
الشمالية لبني إسرائيل، وعاش قبل انهيارها في عام 722
ق.م. واستغرقت خدمته طوال 40 سنة، فكان بذلك معاصرا
للأنبياء عاموس وإشعياء وميخا. لقد رمزت حياة هوشع
العائلية التعسة إلى وضع المملكة المزري، فكما هجرته
زوجته لتمارس الدعارة هكذا نبذ بني إسرائيل الله وسعوا
لعبادة أوثان الأُمم. ولكن كما ظل هوشع على حبه لزوجته
الخائنة ثم ردها أخيرا إلى منزله فإن الله ثابر أيضا
على حبه لبني إسرائيل ووعد أن يستردهم إلى عبادته
وتقواه في يوم ما. نقع في هذا الكتاب على أمرين
متناقضين هما أمانة الله ومحبته، وضلال إسرائيل
وخيانتها. إن الصورة التي يرسمها النبي لله هي صورة
حية للأمانة والعناية والغفران والمحبة والرأْفة.
فمحبة الله المستمرة هي موضوع هذا الكتاب. أما صورة
إسرائيل فهي صورة الزوجة الخائنة الخاطئة المتمردة
الخليعة، التي تتسم بالجهل والحماقة لرفضها ما يطلبه
الله منها وعدم رغبتها في مرضاته. ولكن كما انتصر حب
هوشع في نهاية الأمر فإن محبة الله قادرة أن تجري
تغييرا معجزيا في حياة كل من يقبل إليه تائبا. |
29 |
كتاب يوئيل |
يميل معظم دارسي الكتاب المقدس إلى عزو هذا الكتاب إلى
القرن التاسع ق.م؛ وقد عمد النبي يوئيل إلى استخدام
رمز هجوم الجراد ليصف دينونة الله التي لابد أن تحل
بأُورشليم. فكما أن أسراب الجراد قد التهمت كل الأرض
كذلك ستفترس جيوش الأعداء أرض يهوذا إلا إذا تاب الشعب
عن خطاياه ورجعوا جميعا إلى الرب. إن تجاوب الشعب مع
رسالة النبي ورجعوا عن شرهم فإن الفرصة ما برحت
متوافرة لهم ليتمتعوا بالازدهار والحظوة برضى الرب.
والحظوة برضى الرب لا تقتصر في هذا الكتاب الجميل على
الحاضر الراهن بل تتعداه إلى المستقبل، إلى الوقت الذي
يسكب فيه الله روحه على كل بشر (2:2832). وقد تحقق
بعض هذا، كما يبدو من العهد الجديد، في يوم الخمسين (أعمال
2:1621). كانت رسالة يوئيل تتمحور حول دينونة الله
الآتية على أُورشليم إن أبى أهلها التوبة. فكما عَرَّتْ
أسراب الجراد الأرض من كل شجر أخضر وتركتها جرداء،
كذلك سيجعل الله الأرض مقفرة من أهلها؛ ولكن إن تابوا
وأخلصت قلوبهم لربهم، فإنهم لابد أن يرفلوا بنعيم
الرفاهية وينعموا ببركاته. |
30 |
كتاب عاموس |
وحي من الروح القدس قام النبي عاموس في نحو القرن
الثامن ق.م بتدوين هذا الكتاب. كان عاموس معاصراً
للأنبياء هوشع وإشعياء وميخا. كانت رسالة عاموس، مثل
رسالة هوشع، موجهة لمملكة إسرائيل الشمالية، مع أنه
نفسه كان من مواليد المملكة الجنوبية. استهل عاموس
رسالته بإعلان قضاء الله على الأُمم المحيطة، ثم خلص
إلى التركيز على مصير إسرائيل نفسها، وأعقب ذلك بسلسلة
من الاستنكارات القاسية لآثام بني إسرائيل، وعلى الأخص
الآثام الاجتماعية التي شاعت في عهده، ومنها المظالم،
والرشوة والطمع وعبادة الأصنام. وتلاحقت حلقات الرؤى
تحمل في ثناياها نذر تلك الرسالة المخيفة؛ ثم ينتهي
الكتاب بأقل بارقة رجاء بتوبة إسرائيل. تعتمد رسالة
عاموس على الإيمان ببر الله الأَبدي. لأن الله بار
فإنه يطالب شعبه بالبر، فإن أخفقوا في إظهار إيمانهم
وبرهم من جراء الحياة الخاطئة التي يمارسونها فإنهم
لابد أن يقدموا الحساب لله. ومع ذلك، يعرض الرب على
شعبه الصفح (5:6) شرط التوبة. |
31 |
كتاب عوبديا |
في القرن السادس ق.م. أوحى الرب بهذه النبوءة إلى
عوبديا بشأْن خراب أدوم، هذه الأُمة التي تآمرت على
دمار أُورشليم في سنة 856ق.م. تحدر الأدوميون من نسل
عيسو، فهم في الواقع أبناء عم الإسرائيليين ذرية يعقوب
أخي عيسو. ومع ذلك فإن الأدوميين قد أساءوا إلى أبناء
عمومتهم أشد إساءة فأدانهم الله، لأنهم بدلاً من أن
يسرعوا لإغاثة بني إسرائيل تألبوا ضدهم وانضموا إلى
أعدائهم ونهبوا بيوت أُورشليم. استهدف عوبديا في
رسالته هذه أن يظهر سخط الله على ما صدر من أدوم من
خيانة وغدر، فالله يمقت الخطيئة إذ لا يمكن لله أن
يصمت عندما يرى الأخ يعتدي على أخيه أو يتقاعس عن
إغاثته عندما تحدق به الأخطار. لقد أدان الرب أدوم فحل
بها الدمار الذي حل بأُورشليم تنفيذا لقضاء الله
العادل. |
32 |
كتاب يونان |
تمت كتابة هذا السفر بإرشاد من روح الله، في نحو القرن
الثامن ق.م. كان النبي يونان من مواليد إسرائيل (2مل
14:25) وقد دعاه الله ليحمل رسالة التوبة إلى مملكة
أشور التي كانت عاصمتها نينوى، وهي المملكة التي قامت
بتدمير مملكة إسرائيل في سنة 722 ق.م. عندما تسلم
يونان الرسالة من الله أبت عليه روحه الوطنية أن يبشر
بالخلاص أُمة وثنية، فحاول الهرب من الله على ظهر
سفينة، ولكن بعد سلسلة أحداث طُرِحَ يونان إلى أعماق
البحر فابتلعه حوت. ثم ما لبث الحوت أن لفظه عند شاطيء
البحر. وأخيرا أذعن يونان إلى أمر الرب فانطلق إلى
نينوى ليبشر أهلها بالخلاص. بيد أن نجاحه هناك وإقبال
الناس على التوبة أثارا غضبه، فلقنه الله درسا عمليا
مستخدما مثال النبتة. لقد أشار العهد الجديد إلى قصة
يونان واختباره في بطن الحوت (متى 12:3841) واستشهد
بها كرمز لدفن يسوع. نجد خلاصة موضوع هذا الكتاب في
(4:11) حيث عبر الله عن محبته لكل الجنس البشري سواء
كانوا من بني إسرائيل أو من الأمم. لم يكن في وسع
يونان أن يُخْلِص الحب لشعب أشور، غير أن الله لم يشأْ
لهم سوى كل خير وخلاص ، لهذا أرسل لهم نبيا ليعرض
عليهم التوبة فيحيون. كذلك، يجسد هذا الكتاب قوة الله
وتحكمه بقوى الطبيعة |
33 |
كتاب ميخا |
في القرن الثامن ق.م، شرع النبي ميخا كاتب هذا السفر
بإرشاد من الله، في إنذار كل من مملكة يهوذا ومملكة
إسرائيل. كان ميخا يقطن في بلدة صغيرة تقع إلى الجنوب
من أورشليم، ولكنه وجه رسالته إلى عاصمتي المملكتين:
أُورشليم والسامرة. لقد أدان ظلمهما وشرهما وكبرياءهما
وجشعهما وفسادهما وتقواهما الزائفة وغطرستهما. كان على
هاتين المدينتين كأهم مدينتين في المملكتين أن تكونا
مثالا يحتذى في البر والصلاح وليس في ارتكاب المعاصي
والفجور، لهذا أصبحتا في نظر القدوس البار مسئولتين عن
شر أفعالهما. إن محور هذا الكتاب هو بر الله ومطالبة
الله جميع الناس بممارسة البر. يطالب الرب بسيادة
العدل والتواضع والمحبة بين المؤمنين به، فلا تكون
تقواهم تقوى المظاهر الخادعة (6:8). أما الذين يثابرون
على التمرد واقتراف المظالم والكبرياء فإن الله حتما
يدينهم. كذلك يتنبأُ ميخا بمجيء المسيح كما يذكر
المكان الذي سيولد فيه، وقد اقتبس مستشارو هيرودس هذه
النبوءة عندما جاء المجوس يبحثون عن الطفل يسوع(متى
2:46). |
34 |
كتاب ناحوم |
في القرن السابع ق.م.، وبوحي من الله، تنبأ النبي
ناحوم، صاحب هذا الكتاب، بدمار نينوى عاصمة مملكة أشور.
كان الأشوريونَ قد قضوا على السامرة في سنة 722 ق.م.
ولكنهم لاقوا نفس هذا المصير من جراء كبريائهم
ووحشيتهم في سنة 612 ق.م. يصف ناحوم بقسوة أسباب دمار
نينوى فيشير إلى عبادتها للأصنام، وفظاظتها، وجرائمها،
وأكاذيبها، وخيانتها، وخرافاتها، ومظالمها. كانت مدينة
مليئة بالدم (3:1)، ومثل هذه المدينة لا يحق لها
البقاء. تنم رسالة هذا الكتاب عن قداسة الله وعدله
وقوته. يتحكم الله بالأرض قاطبة حتى بأُولئك الذين لا
يعترفون به. هو يعيِّن تخوم الأُمم، وكل أُمة تتعدى
على شريعته مآلها الدمار. ومع ذلك، وعلى الرغم من قضاء
الدينونة فهناك أيضا رسالة رجاء تُومض في ظلمات هذا
الليل المخيف: إن الله بطيء الغضب (1:3)، وصالح (1:7)؛
ويقدِّم البشائر السارَّة لكلِّ من يطلب البركة بدلاً
من دينونة الله (1:15). |
35 |
كتاب حبقوق |
ظهر حبقوق في أثناء السنوات الأخيرة قبل سقوط أُورشليم
في سنة 586 ق.م.، وقد رأى بعين النبوءة، في أواخر
القرن السابع، الدينونة الماحقة التي ستحل بيهوذا،
وتساءل بانزعاج: لماذا سمح الله بشُيُوع الشر في أوساط
يهوذا وكيف يرضى الله أن يستخدم أُمة وثنية كالبابليين
لمعاقبة يهوذا على شرها. وقد أجاب الله عن حيرة حبقوق
وكشف له عن أكثر مما طلب، إذ أعطاه رؤْيا عن ذاته
المقدسة. هذه البصيرة الجديدة لإدراك ذات الله، وتبين
النبي عجزه ونقصه أمام كمال الله، منحاه الشجاعة على
تحمل نكبات تلك الأيام السود بقوة وتصميم. إن سيادة
الله وافتقار الإنسان إلى الاتكال عليه هما محور رسالة
هذا الكتاب الرائع. إن الله يتحكم بجميع الأُمم، ويجري
ما يراه حقا، لهذا فإن الموقف السليم الذي يجب على
الإنسان أن يتخذه هو الثقة به، وليس التشكك في عدله
(2:4). عندما يتخذ الإنسان هذا الموقف يمكنه آنئذ أن
ينظر إلى ما هو أبعد من المظاهر الأليمة للأشياء
ويتأمل في المعنى الحقيقي الأعمق لذات الله فيجد القوة
على تحمل الظروف مهما كانت قاسية. نحن لا نعرف ما
يضمره لنا الغد ولكن الله مطلع على المستقبل فعلينا أن
نتكل عليه كل الاتكال. |
36 |
كتاب صقتيا |
من المرجح أن صفنيا قد دون لنا هذا الكتاب بإرشاد روح
الله في وقت ما سابق لسنة 621 ق.م. كان صفنيا نبياً في
مملكة يهوذا في العقود الأخيرة من وجودها، أي قبل
دمارها في سنة 586 ق.م. وكان يوشيا هو ملك يهوذا
حينذاك، ولا شك أن كرازة صفنيا كان لها بعض الأثر في
حث الملك على إجراء إصلاحات شاملة في سنة 621 ق.م. غير
أن هذه الإصلاحات لم تكن وافية تماما بالغرض، كما أنها
تمت في وقت متأَخر، إذ ما لبث الناس أن غرقوا في
مستنقعات الخطيئة من جديد فسقطت مدينة أُورشليم في
أيدي البابليين الغزاة. رسالة صفنيا اتسمت بالشدة، كما
بينت على دينونة الله العادلة. ولم تقتصر نبوءات صفنيا
على مملكة يهوذا بل تخطتها إلى الممالك المجاورة التي
تحتم عليها أن تقاسي من قضاء الله ودينونته أيضا. لقد
أمل أهل يهوذا أن يترفق بهمِ الله في يوم قضائه على
الرغم مما اقترفوه من آثام، وأن ينصب احتدام غضبه على
أعدائهم. بيد أن صفنيا قال لهم بصريح العبارة إنه
عندما يدين الله الخطيئة فإن الذين يتمتعون بمعرفة
أكثر تكون دينونتهم أعظم. تبدأُ الدينونة بيهوذا
وتنتهي بالأُمم الأُخرى. ولكن إن تاب أهل يهوذا من كل
قلوبهم فإن الله يكف عنهم دينونته وينعم عليهم بالحياة
والبركة. |