اسماء علم محددة
 من الكتاب المقدس بعهده القديم، الكتب المحتضنة

الايات - القديم 1 2 3 4 5 6  الجديد

الكتب - القديم 1 2 3 4 5 6 7 8 9  الجديد 1 2

العودة الى الاساس

     

الرب

           لائحة بالكتب مع مختصر لمضمون الفصول او الاصحاحات التي تحتضن هذه الكالمة الاسم.
 
  • بالون الاسود - يعني ان هذا الاسم المحتضن له علاقة
  • بالون الاحمر - يعني ان هذا الاسم المحتضن لا علاقة له
 
   الكتاب اسم الكتاب  الفصل   مضمون ...
1 07   كتاب القضاة 001 الرب
1- بعد موت يشوع سال بنو اسرائيل الرب: «من منا يذهب اولا لمحاربة الكنعانيين؟»
2- فاجاب الرب: «يهوذا يذهب، فقد اسلمت الارض الى يده».
3- فقال رجال يهوذا لاخوتهم رجال شمعون: «اخرجوا معنا الى المنطقة التي صارت قرعة لنا لنحارب الكنعانيين معا، ثم نخرج نحن معكم في حربكم لتستولوا على قرعتكم». فذهب رجال شمعون معهم.
4- فانطلق رجال يهوذا لخوض الحرب، فاظفرهم الرب بالكنعانيين والفرزيين، فقتلوا منهم في بازق عشرة آلاف رجل.
5- والتقوا بملكهم ادوني بازق عند بازق، فحاربوه وقهروا الكنعانيين والفرزيين.
6- فهرب ادوني بازق، غير انهم تعقبوه وقبضوا عليه وقطعوا اباهم يديه ورجليه.
7- فقال ادوني بازق: «لقد قطعت اباهم ايدي وارجل سبعين ملكا كانوا يلتقطون الفتات تحت مائدتي، فها الرب قد جازاني بمثل ما فعلت». واتوا به الى اورشليم حيث مات.
 
8- وكان ابناء يهوذا قد هاجموا اورشليم واستولوا عليها، وقتلوا اهلها بحد السيف واحرقوها بالنار.
9- ثم انحدروا لمحاربة الكنعانيين في المناطق الجبلية والنقب والسهول الغربية.
10- فهاجموا الكنعانيين المقيمين في حبرون التي كانت تدعى قبلا قرية اربع، وقضوا على شيشاي واخيمان وتلماي.
11- وتوجهوا من هناك وانقضوا على اهل دبير التي كانت تدعى قبلا قرية سفر.
12- فقال كالب: «الذي يقهر قرية سفر ويستولي عليها، ازوجه ابنتي عكسة».
13- فاستولى عليها عثنيئيل بن قناز، اخو كالب الاصغر منه، فزوجه ابنته عكسة.
14- وعندما زفت اليه حثها على طلب حقل من ابيها، فترجلت عن الحمار، فسالها كالب: «مالك؟»
15- فقالت له: «انعم علي بهبة، فانت قد اعطيتني ارضا في النقب، فاعطني ايضا ينابيع ماء». فوهبها كالب الينابيع العليا والينابيع السفلى.

16- وغادر ابناء القيني حمي موسى مدينة النخل (اريحا) وذهبوا مع سبط يهوذا الى برية يهوذا الواقعة في جنوبي عراد، وسكنوا مع الشعب.
17- وانضم جيش يهوذا الى جيش شمعون، وحاربوا الكنعانيين اهل صفاة ودمروها ودعوا اسم المدينة حرمة (بمعنى خراب).
18- واستولى رجال يهوذا على غزة وتخومها واشقلون وتخومها وعقرون وتخومها.
19- وكان الرب مع ابناء يهوذا فتملكوا الجبل، ولكنهم اخفقوا في طرد سكان الوادي لانهم كانوا يملكون مركبات حديدية.
20- واعطوا حبرون لكالب كما اوصى موسى، فطرد منها بني عناق الثلاثة.
21- واخفق ابناء بنيامين في طرد اليبوسيين سكان اورشليم، فظل اليبوسيون يقيمون بين ذرية بنيامين في اورشليم الى هذا اليوم.
 
22- وهاجم ابناء سبط يوسف بيت ايل، فكان الرب معهم (ونصرهم).
23- وبينما كان فريق الاستكشاف يراقب بيت ايل، التي كانت تدعى قبلا لوز،
24- شاهدوا رجلا خارجا من المدينة (فقبضوا عليه) وقالوا له: «ارشدنا الى مدخل المدينة فنصنع معك معروفا».
25- فارشدهم الى مدخل المدينة، فاقتحموها وقضوا على اهلها بحد السيف، اما الرجل وسائر عشيرته فاطلقوهم.
26- فمضى الرجل الى ديار الحثيين وبنى مدينة دعاها لوز، وهذا هو اسمها حتى الآن.

27- واخفق ابناء سبط منسى في طرد اهل بيت شان وقراها، واهل تعنك وقراها، وسكان دور وقراها، وسكان يبلعام وقراها، وسكان مجدو وقراها. فاستمر الكنعانيون يسكنون فيها.
28- ولما قويت شوكة الاسرائيليين وضعوا الكنعانيين تحت الجزية، ولم يطردوهم قط.
29- وكذلك فشل سبط افرايم في طرد الكنعانيين الساكنين في جازر، فسكن الكنعانيون معهم.

30- ولم يطرد ابناء زبولون الكنعانيين المستوطنين في قطرون ونهلول، فاقام الكنعانيون بينهم، وفرضوا عليهم الجزية.
31- وايضا لم يطرد ابناء سبط اشير سكان عكو ولا سكان صيدون واحلب واكزيب وحلبة وافيق ورحوب.
32- فسكن الاشيريون في وسط الكنعانيين اهل الارض لانهم لم يطردوهم.
33- ولم يطرد ابناء سبط نفتالي سكان بيت شمس وبيت عناة بل اقاموا في وسط الكنعانيين اهل الارض، وفرضوا عليهم الجزية.
34- وحصر الاموريون ابناء دان في الجبل ولم يسمحوا لهم بالنزول الى الوادي.
35- وعزم الاموريون على الاقامة في جبل حارس وفي ايلون وفي شعلبيم. ولكن عندما قويت شوكة سبط يوسف فرضوا عليهم الجزية.
36- وكانت حدود الاموريين تمتد من عقبة عقربيم من سالع الى ما وراءها.
 
2 07   كتاب القضاة 002 الرب
1- واجتاز ملاك الرب من الجلجال الى بوكيم وقال:
«لقد اخرجتكم من مصر وجئت بكم الى الارض التي حلفت ان اهبها لآبائكم، وقلت: لا انقض عهدي معكم الى الابد،
2- وامرتكم ان لا تقطعوا عهدا مع اهل هذه الارض، وان تهدموا مذابحهم. غير انكم لم تطيعوا صوتي. فلماذا فعلتم هذا؟
3- لذلك قلت ايضا: لا اطردهم من امامكم، فيصبحوا شوكا في جنوبكم، وتكون آلهتهم لكم شركا».
4- فما ان نطق ملاك الرب بهذا الكلام امام جميع بني اسرائيل حتى رفع الشعب صوته بالبكاء.
5- ودعوا اسم ذلك الموضع بوكيم (ومعناه: الباكون) وقدموا هناك ذبائح للرب.
 
6- وصرف يشوع الشعب، فمضى كل واحد من بني اسرائيل لامتلاك ميراثه.
7- وظل الشعب يعبد الرب طوال حياة يشوع، وكل ايام الشيوخ الذين عمروا طويلا بعد موته، والذين شهدوا كل المعجزات الخارقة التي اجراها الرب من اجل بني اسرائيل.
8- ومات يشوع بن نون عبد الرب وقد بلغ من العمر مئة وعشر سنوات،
9- فدفنوه في حدود املاكه في تمنة حارس في جبل افرايم شمالي جبل جاعش.
10- وكذلك مات ايضا كل جيل يشوع، واعقبهم جيل آخر لم يعرف الرب ولا كل اعماله التي اجراها من اجل اسرائيل.
 
11- واقترف بنو اسرائيل الشر في عيني الرب وعبدوا البعليم،
12- ونبذوا الرب اله آبائهم الذي اخرجهم من ديار مصر، وغووا وراء آلهة اخرى من اوثان الشعوب المحيطة بهم، وسجدوا لها، فاغاظوا الرب.
13- تركوا الرب وعبدوا البعل وعشتاروث.
14- فاحتدم غضب الرب على اسرائيل وتركهم تحت رحمة الناهبين الغزاة. واسلمهم الى اعدائهم المحيطين بهم فعجزوا عن مقاومتهم.
15- وحيثما خرجوا لخوض الحرب كان الرب ضدهم فينكسرون، تماما كما سبق وحذرهم، فاعتراهم ضيق عظيم جدا.
 
16- واقام الرب من بينهم قضاة فانقذوهم من ايدي غزاتهم.
17- غير انهم عصوا قضاتهم ايضا، وخانوا الرب اذ عبدوا آلهة اخرى وسجدوا لها، وتحولوا سريعا عن الطريق التي سلكها آباؤهم اطاعة لوصايا الرب.
18- وفي كل مرة كان الرب يقيم قاضيا كان يؤيده بقوة طوال حياته فيخلص الشعب من عبودية اعدائه اذ يشفق الرب عليهم مما يسومهم مضايقوهم وظالموهم من عذاب؛ فكان الرب ينقذهم طوال حياة القاضي.
19- ولكن ما ان يموت القاضي حتى يرتدوا عن الرب ويتفاقم فسادهم اكثر من تفاقم فساد آبائهم بالسعي وراء آلهة اخرى ليعبدوها ويسجدوا لها. لم يرتدعوا عن افعالهم وسلوكهم العنيد.
20- فاحتدم غضب الرب على اسرائيل وقال: «من حيث ان هذا الشعب قد نقض عهدي الذي عقدته مع آبائهم، وعصوني،
21- فاني لن اطرد من امامهم اي انسان من الامم الذين تركهم يشوع عند موته.
22- بل سابقي عليهم لامتحن بهم اسرائيل، لارى ايحفظون طريقي ليسلكوا فيها كما حفظها آباؤهم ام لا».
23- وهكذا ترك الرب اولئك الامم ولم يتعجل بطردهم ولم يخضعهم ليشوع.
 
3 07   كتاب القضاة 003 الرب
1- وهؤلاء هم الامم الذين تركهم الرب ليختبر بهم بني اسرائيل الذين لم يخوضوا اي حرب من حروب ارض كنعان.
2- وقد فعل هذا فقط ليدرب ذرية الاسرائيليين على الحرب، ممن لم يمارسوها من قبل.
3- وهؤلاء الامم هم: اقطاب الفلسطينيين الخمسة، وجميع الكنعانيين والصيدونيين والحويين سكان جبل لبنان، من جبل بعل حرمون الى مدخل حماة.
4- وقد ابقاهم الرب ليمتحن اسرائيل بهم: ليرى هل يطيعون اوامره التي اوصى بها آباءهم على لسان موسى.

5- واقام بنو اسرائيل بين الكنعانيين والاموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين.
6- وتزوجوا من بناتهم، وزوجوا بناتهم لابنائهم وعبدوا آلهتهم.
 
7- فارتكب بنو اسرائيل الشر في عيني الرب ونسوا الههم وعبدوا البعليم والعشتاروث.
8- فاحتدم غضب الرب عليهم، فسلط عليهم كوشان رشعتايم ملك ارام النهرين، فاستعبد كوشان رشعتايم بني اسرائيل ثماني سنوات.
9- واستغاث بنو اسرائيل بالرب، فاقام لهم مخلصا انقذهم هو عثنيئيل بن قناز اخو كالب الاصغر.
10- فحل عليه روح الرب وصار قاضيا لاسرائيل. وحين خرج لمحاربة كوشان رشعتايم ملك ارام، تغلب عليه، واظفره الرب به.
11- وعم السلام البلاد حقبة اربعين سنة، الى ان مات عثنيئيل بن قناز.
 
12- فعاد بنو اسرائيل يقترفون الشر في عيني الرب فسلط الرب عليهم عجلون ملك موآب عقابا لهم على شرهم.
13- فالب عليهم بني عمون وعماليق، وهاجمهم، واحتل اريحا مدينة النخل.
14- واستعبد عجلون ملك موآب بني اسرائيل ثماني عشرة سنة.
15- فاستغاث بنو اسرائيل بالرب، فارسل لهم منقذا اهود بن جيرا البنياميني وكان اعسر، فبعث الاسرائيليون معه الجزية لعجلون ملك موآب.
16- فصنع اهود لنفسه سيفا ذا حدين طوله ذراع (نحو نصف متر)، تقلده تحت ثيابه فوق فخذه اليمنى،
17- وقدم الجزية لعجلون ملك موآب. وكان عجلون بدينا جدا.
18- وبعد تقديم الجزية صرف اهود حامليها من القوم،
19- ورجع هو من عند المحاجر المجاورة للجلجال، وقال للملك:
20- «لدي كلام سر لابلغك اياه ايها الملك». فصرف الملك كل الموجودين بمجلسه لينفرد باهود
21- فاقترب آنئذ منه اهود وهو جالس في عليته الخاصة، وقال له: «لدي لك رسالة من الله». فنهض الملك عن سريره. فمد عندئذ اهود يده اليسرى واستل سيفه عن فخذه اليمنى واغمده في بطنه
22- حتى غاص القائم وراء النصل فاطبق الشحم على النصل الذي اخترق ظهر الملك لان اهود لم يجذب السيف من بطن الملك.
23- وغادر اهود الرواق واغلق خلفه ابواب العلية واقفلها.
24- وما لبث ان اقبل خدام الملك فوجدوا ابواب العلية مغلقة فقالوا: «لعله يقضي حاجته في العلية الصيفية».
25- فلبثوا منتظرين حتى اعتراهم القلق. ولكن كما لم يفتح ابواب المخدع اخذوا مفتاحا وفتحوا بابا. واذا سيدهم ساقط على الارض ميتا.
26- وفيما هم مبهوتون فر اهود واجتاز المحاجر ونجا الى سعيرة.
27- وما ان وصل الى جبل افرايم حتى نفخ بالبوق، فاجتمع خلفه بنو اسرائيل من الجبل، فسار في طليعتهم.
28- وقال لهم: «اتبعوني لان الرب قد دفع اعداءكم الموآبيين الى ايديكم» فاحتشدوا وراءه واستولوا على مخاوض الاردن المفضية الى موآب ومنعوا الاعداء من العبور.
29- وهاجموا الموآبيين وقتلوا منهم نحو عشرة آلاف من المحاربين الاشداء.
30- في ذلك اليوم خضع الموآبيون لبني اسرائيل، وعم السلام البلاد ثمانين سنة.

31- وتولى شمجر بن عناة قضاء اسرائيل بعد اهود، فقتل ست مئة رجل من الفلسطينيين بمهماز بقر، وانقذ اسرائيل.
 
4 07   كتاب القضاة 004 الرب
1- وبعد موت اهود عاد بنو اسرائيل يرتكبون الشر في عيني الرب،
2- فاخضعهم الرب ليابين ملك كنعان المقيم في حاصور. وكان سيسرا رئيس جيشه قاطنا في حروشة الامم.
3- فاستغاث بنو اسرائيل بالرب، لانه كان تحت امرة سيسرا تسع مئة مركبة حديدية، وقد اشتد في مضايقة بني اسرائيل عشرين سنة.
 
4- وكانت دبورة زوجة لفيدوت امراة نبية وقاضية لاسرائيل في ذلك الوقت،
5- وكانت تعقد مجلس قضائها تحت نخلة دبورة بين الرامة وبيت ايل. فكان بنو اسرائيل يفدون اليها للقضاء.
6- فارسلت هذه واستدعت باراق بن ابينوعم من قادش نفتالي، وقالت له: «هذا هو امر الرب اله اسرائيل اليك: اذهب وازحف الى جبل تابور بعد ان تجند لك عشرة آلاف رجل من ابناء نفتالي وزبولون،
7- فاجتذب سيسرا رئيس جيش يابين بمركباته الى نهر قيشون واظفرك به».
8- فقال لها باراق: «ان ذهبت معي اذهب، وان لم تذهبي فلا اذهب».
9- فاجابت: «اذهب معك، غير انه لن يكون لك فخر في الطريق التي انت ماض فيها، لان الرب يسلم سيسرا لامراة». فنهضت دبورة ورافقت باراق الى قادش.

10- واستدعى باراق رجال زبولون ونفتالي الى قادش، فانضم اليه عشرة آلاف رجل. وانطلقت دبورة معه ايضا.
 
11- في ذلك الوقت كان حابر القيني من ذرية حوباب حمي موسى، قد انفرد عن بقية عشيرة القينيين وضرب خيامه الى جوار شجرة بلوط في صعنايم القريبة من قادش.
12- وابلغوا سيسرا ان باراق بن ابينوعم قد صعد الى جبل تابور.
13- فحشد سيسرا مركباته الحديدية التسع مئة، وجميع جيشه الذي معه من حروشة الامم حتى نهر قيشون.
14- فقالت دبورة لباراق: «قم، لان هذا هو اليوم الذي فيه يظفرك الرب بسيسرا. الم يتقدمك الرب؟» فانحدر باراق من جبل تابور على راس عشرة آلاف رجل.
15- فارعب الرب سيسرا وكل مركباته وسائر جيشه وقضى عليهم بحد السيف امام باراق. فترجل سيسرا من مركبته وهرب على رجليه.
16- فتعقب باراق المركبات والجيش الى حروشة الامم، وتم القضاء على كل جيش سيسرا بحد السيف فلم يسلم منهم حي.
 
17- واما سيسرا فهرب ماشيا الى خيمة ياعيل امراة حابر القيني الذي كان قد عقد اتفاق صلح بينه وبين يابين ملك حاصور.
18- فخرجت ياعيل لاستقبال سيسرا قائلة: «تعال الى خيمتي ياسيدي ولا تخف». فمال الى خيمتها وغطته بلحاف.
19- ثم قال لها: «اسقيني قليلا من الماء لاني قد عطشت». ففتحت زق اللبن واسقته ثم غطته.
20- وقال لها: «قفي بباب الخيمة، حتى اذا اقبل احدهم وسالك: اهنا احد؟ تقولين: لا».
21- وما لبث ان غط في نوم ثقيل لشدة تعبه. فاخذت ياعيل امراة حابر وتد الخيمة ومطرقة، وتسللت اليه ودقت الوتد في صدغه فنفذ الى الارض ومات.
22- واذا بباراق يطارد سيسرا، فخرجت ياعيل لاستقباله وقالت له: «تعال لاريك الرجل الذي تبحث عنه». فدخل الى خيمتها، واذا بسيسرا طريح ميتا والوتد نافذ في صدغه.
23- في ذلك اليوم اخضع الرب يابين ملك كنعان لبني اسرائيل،
24- واشتدت وطاة سطوة بني اسرائيل عليه وازدادت قوة حتى تمت ابادته كليا.
 
5 07   كتاب القضاة 005 الرب
1- وانشدت دبورة وباراق بن ابينوعم في ذلك اليوم قائلين:
2- باركوا الرب لان الرؤساء تولوا زمام القيادة في اسرائيل ولان الشعب انتدبوا انفسهم متطوعين.
3- فاسمعوا ايها الملوك، واصغوا ايها الامراء، لانني انا اشدو للرب، واغني لاله اسرائيل.
4- يارب، عندما خرجت من سعير وتقدمت من صحراء ادوم، ارتعدت الارض، وسكبت السماء امطارها، وقطرت السحب ماء.
5- تزلزلت الارض امام الرب وارتعد جبل سيناء هذا من حضرة الرب اله اسرائيل.

6- في ايام شمجر بن عناة، وفي ايام ياعيل هجر المسافرون الطرق المعروفة، ولجاوا الى المسالك الملتوية.
7- وتضاءل عدد سكان اسرائيل، الى ان صارت دبورة اما لاسرائيل.
8- عندما اختاروا آلهة اخرى نشبت حرب عند بوابات المدينة، ولم يشاهد ترس او رمح مع اي من الاربعين الفا من اسرائيل.
9- قلبي مع قضاة اسرائيل الذين ضحوا بانفسهم عن رضى من بين الشعب، فباركوا الرب.
10- ايها الراكبون الاتن الشهب، الجالسون على طنافس سرجكم وانتم ايها السائرون في الطريق، تجاوبوا.
11- باصوات المنشدين عند سواقي المياه يتغنون بانتصارات الرب وشعبه في اسرائيل، عندئذ ينزل شعب الرب الى بوابات المدينة.

12- استيقظي يادبورة، استيقظي واهتفي بنشيد. قم ياباراق، وخذ سبيك الى الاسر، ياابن ابينوعم.
13- عندئذ اقبل الناجون الى النبلاء؛ انحدر شعب الرب والتف حولي لمحاربة الاشداء.
14- اقبل بعضهم من ارض افرايم حيث اصولهم بين عماليق، وفي اعقابهم جاء شعب بنيامين. من ماكير تقدم قضاة، ومن زبولون اقبل حاملو عصا القيادة.
15- جاء رؤساء يساكر مع دبورة واخلصوا لباراق، فاقتحموا الوادي في اعقابه. اما ابناء راوبين فقد اعتراهم التخاذل والحيرة.
16- لماذا تخلفتم في حظائركم؟ التسمعوا صفير الرعاة الى القطعان؟ لشد ما تسام عشائر راوبين من عذاب الضمير.
17- اقام جلعاد شرقي الاردن، وانت يادان لماذا استوطنت عند السفن؟ وبقي اشير قابعا عند ساحل البحر، وانطوى عند خلجانه.
18- اما زبولون ونفتالي فقد عرضا حياتهما للموت عند روابي الحقل.

19- احتشد ملوك وحاربوا، حارب ملوك كنعان في تعنك بجوار مياه مجدو، ولكنهم لم يغنموا قطعة فضة واحدة.
20- من السماء حاربت النجوم سيسرا من مساراتها.
21- وفاضت مياه نهر قيشون القديم وجرفت رجاله؛ فتقدمي يانفسي بعز.

22- ثم تردد وقع حوافر خيل العدو، من عدو الجياد الضخمة.
23- غير ان ملاك الرب قال: «العنوا ميروز. العنوا ساكنيها بمرارة، لانهم لم ياتوا للمحاربة في صف الرب ضد الجبابرة.
24- لتكن ياعيل زوجة حابر القيني مباركة. لتكن مباركة اكثر من كل النساء ساكنات الخيام.
25- فقد سالها سيسرا ماء فاعطته لبنا، قدمت له زبدة في وعاء العظماء.
26- ثم تناولت وتد الخيمة بيد، ومدت يمينها الى المطرقة وضربت سيسرا فسحقت راسه وشدخت صدغه وخرقته!
27- فانطرح عند قدميها. سقط، وظل ملقى هناك. انطرح عند قدميها وسقط. وحيث انطرح سقط قتيلا.
28- من الكوة اشرفت ام سيسرا، ومن وراء النافذة المشبكة ولولت: لماذا ابطات مركباته عن المجيء؟ لماذا تاخر صرير وقع مركباته؟
29- فاجابتها احكم نسائها، بل هي اجابت نفسها:
30- «الم يجدوا الغنيمة ويقتسموها؟ فتاة او فتاتين لكل رجل، وغنيمة ثياب مصبوغة لسيسرا، واخرى مصبوغة ومطرزة الوجهين لتكون غنيمة الف بها عنقي؟.
31- هكذا ينقرض جميع اعدائك يارب، اما احباؤك فهم كالشمس المتالقة في جبروتها». ثم خيم السلام على البلاد فترة اربعين سنة.
 
6 07   كتاب القضاة 006 الرب
1- وعاد بنو اسرائيل يقترفون الاثم في عيني الرب فسلط عليهم المديانيين سبع سنوات.
2- واشتدت وطاة المديانيين على اسرائيل حتى لجا الاسرائيليون الى الجبال ليعيشوا في الكهوف والمغائر.
3- وكلما زرع بنو اسرائيل زرعا جاء الناهبون المديانيون والعمالقة وسواهم من ابناء المشرق لينهبوا محاصيلهم،
4- فيغزونهم ويتلفون غلات ارضهم حتى تخوم غزة ولا يتركون للاسرائيليين ما يقتاتون به، ويستولون ايضا على الغنم والبقر والحمير.
5- لانهم كانوا يغزون البلاد بمواشيهم وخيامهم، فكانوا في كثرة الجراد، لا يحصى لهم ولا لجمالهم عدد، فيغزون الارض ويتلفونها.
6- فاذل المديانيون الاسرائيليين جدا، فاستغاث هؤلاء بالرب.
 
7- وعندما استغاث بنو اسرائيل بالرب من ظلم المديانيين،
8- ارسل الرب نبيا الى بني اسرائيل وقال لهم: «هذا ما يقوله الرب اله اسرائيل: لقد اخرجتكم من مصر وحررتكم من نير العبودية.
9- وانقذتكم من قبضة المصريين ومن يد جميع مضايقيكم، وطردتهم من وجهكم ووهبتكم ارضهم.
10- وقلت لكم: انا الرب الهكم. لا تخافوا آلهة الاموريين الذين انتم مقيمون في ارضهم، لكنكم لم تطيعوا قولي».
 
11- ثم جاء ملاك الرب الى قرية عفرة، وجلس تحت شجرة البلوط التي يملكها يوآش الابيعزري. وكان ابنه جدعون يخبط حنطة في المعصرة لكي يهربها من المديانيين.
12- فتجلى له ملاك الرب وقال له: «الرب معك ايها المحارب الجبار».
13- فقال له جدعون: «دعني اسالك ياسيدي: ان كان الرب معنا، فلماذا اصابنا كل هذا البلاء؟ واين كل عجائبه التي حدثنا بها آباؤنا قائلين: الم يخرجنا الرب من مصر؟ والآن قد نبذنا الرب وجعلنا في قبضة مديان».
14- فالتفت اليه الرب واجاب: «اذهب بما تملكه من قوة وانقذ اسرائيل من قبضة المديانيين. الست انا الذي ارسلك؟»
15- فاجاب جدعون: «دعني اسالك ياسيدي: كيف انقذ اسرائيل وعشيرتي هي اضعف عشائر سبط منسى، وانا اقل افراد عائلتي شانا؟»
16- فقال له الرب: «ساكون معك فتقضي على المديانيين وكانك تقضي على رجل واحد».
17- فقال له: «ان كنت حقا قد حظيت برضاك، فاعطني علامة انك انت الذي تخاطبني.
18- ارجوك الا تمضي من هنا حتى ارجع واضع تقدمتي امامك». فاجابه: «سابقى حتى ترجع».
 
19- فدخل جدعون الى بيته واعد جديا وايفة دقيق فطيرا، ووضع اللحم في سل والحساء في قدر، وحملها اليه تحت البلوطة وقدمها له.
20- فقال الملاك له: «خذ اللحم والفطير، وضعهما فوق تلك الصخرة واسكب الحساء» ففعل جدعون ذلك.
21- فمد ملاك الرب طرف العكاز الذي بيده ومس به اللحم والفطير، فاندلعت نار من الصخرة والتهمتهما. وتوارى ملاك الرب عن عينيه.
22- وعندما تبين جدعون انه ملاك الرب، هتف مرتعبا: «آه ياسيدي الرب! لقد رايت ملاك الرب وجها لوجه».
23- فقال له الرب: «السلام لك، لا تخف، فانت لن تموت.
24- فبنى جدعون هناك مذبحا للرب سماه: يهوه شلوم (ومعناه: الرب سلام). ومازال المذبح قائما الى هذا اليوم في عفرة الابيعزريين.
 
25- وقال الرب لجدعون في تلك الليلة: «خذ ثورا كامل النضج من قطيع ابيك: وثورا ثانيا عمره سبع سنوات، واهدم مذبح البعل الذي يعبده ابوك، واقطع نصب عشتاروث الذي الى جواره.
26- وابن مذبحا للرب الهك على راس تلك الصخرة، ورتب حجارته في المكان المعد، وخذ الثور واصعده محرقة على خشب النصب الذي قطعته».
27- عندئذ اخذ جدعون عشرة رجال من عبيده ونفذ ليلا ما امره الرب به، لانه كان يخشى غضب بيت ابيه واهل المدينة، فلم يجرؤ على فعل ذلك نهارا.

28- وفي فجر اليوم التالي اكتشف اهل المدينة ان مذبح البعل متهدم والنصب الذي الى جواره مقطوع، والثور الثاني قد اصعد على المذبح الجديد.
29- فسال الواحد صاحبه: «من صنع هذا الامر؟» وبعد بحث وتحر، اكتشفوا ان جدعون بن يوآش هو الجاني.
30- فقال اهل المدينة ليوآش: «اخرج ابنك. يجب ان يموت لانه هدم مذبح البعل وقطع النصب الذي الى جواره».
31- فقال يوآش لجميع الثائرين عليه: «اعازمون انتم على الدفاع عن البعل؟ ام انتم تحاولون انقاذه؟ ان من يقاتل دفاعا عن البعل حتما يموت في هذا الصباح (لان ذلك اهانة للبعل). ان كان البعل حقا الها فليقاتل عن نفسه لان مذبحه قد هدم».
32- ومنذ ذلك اليوم دعي جدعون يربعل، لان يوآش قال: «ليقاتله بعل»؛ لان جدعون قد هدم مذبحه.
 
33- وتحالفت جيوش مديان وعماليق وسواهم من ابناء المشرق وعسكروا في وادي يزرعيل.
34- وحل روح الرب على جدعون فنفخ البوق فانضم اليه رجال ابيعزر.
35- وارسل جدعون مبعوثين الى اسباط منسى واشير وزبولون ونفتالي يستدعي قواتهم المحاربة، فخفوا اليه.
 
36- وقال جدعون لله: «ان كنت حقا ستنقذ اسرائيل على يدي كما وعدت (فاعطني علامة على ذلك):
37- ساضع الليلة جزة صوف في البيدر، فان ابتلت الجزة وحدها بالندى، وبقيت الارض كلها جافة، ادرك انك تنقذ اسرائيل على يدي كما وعدتني».
38- وهذا ما حدث: فعندما بكر جدعون في الصباح التالي اخذ جزة الصوف وضغطها وعصرها فقطر منها ملء قصعة من الماء.
39- فقال جدعون لله: «لا يحتدم غضبك علي ودعني اتقدم مرة اخرى فقط بطلب واحد. اسمح لي ان اجري اختبارا آخر على هذه الجزة. لتبق هذه الجزة وحدها جافة، اما بقية الارض فليبللها الندى».
40- فصنع الرب ذلك. في تلك الليلة ابتلت الارض كلها بالندى وبقيت الجزة وحدها جافة.
 
7 07   كتاب القضاة 007 الرب
1- وفي الصباح الباكر توجه يربعل (جدعون) وجيشه الى عين حرود وخيموا هناك. وكان جيش المديانيين معسكرا الى الشمال منهم في الوادي عند تل مورة.
2- وقال الرب لجدعون: «ان القوم الذين معك كثيرون علي لطرد المديانيين بيدهم، لئلا يتباهى علي الاسرائيليون قائلين: ان قوتنا انقذتنا.
3- والآن ناد في مسامع القوم قائلا: كل من هو خائف ومرتعد فليرجع منصرفا من جبل جلعاد». فرجع من القوم اثنان وعشرون الفا وبقي عشرة آلاف.
4- وقال الرب لجدعون: «لم يزل عدد المحاربين كبيرا. انزل بهم الى الماء فاغربلهم لك. فيذهب معك من اختاره لك وتصرف عنك من ارفضه.
5- فنزل جدعون بالجيش الى الماء. وقال الرب لجدعون: «كل من يلعق بلسانه من الماء كما يلعق الكلب اوقفه وحده، وكل من جثا على ركبتيه للشرب اوقفه وحده ايضا».
6- فكان عدد الذين غرفوا الماء بايديهم ولعقوه ثلاث مئة رجل. واما باقي الجيش فجثوا على ركبهم لشرب الماء.
7- فقال الرب لجدعون: «ساخلصكم واظفرك بالمديانيين بالثلاث مئة رجل الذين لعقوا الماء. ولينصرف سائر القوم الى اماكن سكناهم.
8- فصرف جدعون بقية الاسرائيليين الى خيامهم بعد ان اخذ مؤونتهم وابواقهم، واحتفظ فقط بالثلاث مئة رجل. وكان مخيم المديانيين تحتهم في الوادي.
 
9- وقال الرب في تلك الليلة لجدعون: «قم وهاجم المعسكر، لانني مزمع ان اسلمه الى يدك
10- وان كنت خائفا من مهاجمة المعسكر فتسلل انت وفورة غلامك اليه،
11- واستمع الى حديثهم، فتتشدد عزيمتك وتهجم على المعسكر». فتسلل هو وفورة خادمه وكمن عند طرف المعسكر قريبا من مقر آخر المتجندين.
12- وكان المديانيون والعمالقة وسائر بني المشرق مخيمين في الوادي، في كثرة الجراد، وجمالهم لا تحصى كالرمل الذي على شاطيء البحر.
13- ولما وصل جدعون الى مكمنه سمع رجلا يحدث صاحبه بحلم رآه قائلا: «رايت في حلمي واذا رغيف خبز شعير يتدحرج في معسكر المديانيين حتى بلغ الخيمة فضربها فسقطت، وقلبها راسا على عقب».
14- فاجاب صاحبه: «ليس ذلك سوى سيف جدعون بن يوآش قائد جيش اسرائيل، لقد اظفره الله على المديانيين وعلى كل الجيش».

15- فلما سمع جدعون حديث الحلم وتفسيره سجد، ورجع الى مخيم اسرائيل وقال: «هبوا، فقد نصركم الرب على جيش المديانيين».
16- وقسم الثلاث مئة رجل الى ثلاث فرق، ووزع على كل منهم بوقا وجرة فارغة في وسطها مصباح.
17- وقال لهم: «انظروا الي وافعلوا مثلي. عندما ابلغ طرف المعسكر، افعلوا تماما كما افعل.
18- ومتى نفخت انا وكل الذين معي بالبوق، انفخوا انتم ايضا بالابواق حول كل المعسكر وقولوا: «للرب ولجدعون».
 
19- فاقبل جدعون وفرقته الى طرف المعسكر في منتصف الليل، بعد تغيير نوبة الحراسة، فنفخوا بالابواق وحطموا الجرار التي بايديهم.
20- وهكذا نفخت الفرق الثلاث بالابواق وحطموا الجرار وامسكوا المصابيح بايديهم اليسرى والابواق بايديهم اليمنى لينفخوا بها صارخين: «سيف للرب ولجدعون».
21- ووقف كل منهم في مكانه حول المعسكر، فدب الذعر في الجيش وتراكضوا هاربين صارخين.
22- وعادت الفرق الثلاث تنفخ في ابواقها، فجعل الرب اعداءهم يقاتلون بعضهم بعضا، واغمد كل واحد سيفه في صاحبه وفروا الى بيت شطة باتجاه صردة حتى بلغوا آبل محولة بالقرب من طباة.
23- فاستدعى جدعون رجال اسرائيل من نفتالي ومن اشير ومن كل منسى وتعقبوا المديانيين.
 
24- وبعث جدعون برسل الى كل جبل افرايم قائلا: «انزلوا للقاء المديانيين واستولوا على مواقع عبور نهر الاردن عند بيت بارة». فاحتشد كل رجال افرايم واستولوا على مياه الاردن عند بيت بارة،
25- واسروا قائدي المديانيين غرابا وذئبا، فقتلوا غرابا على صخرة غراب، واما ذئب فقتلوه عند معصرة ذئب. وتعقبوا المديانيين ثم حملوا راسي غراب وذئب الى جدعون عبر نهر الاردن.
 
8 07   كتاب القضاة 008 الرب
1- وخاصم رجال افرايم جدعون خصاما شديدا قائلين له: «لماذا عاملتنا هكذا؟ لماذا لم تدعنا عند ذهابك لمحاربة المديانيين؟»
2- فاجابهم: «اي شيء فعلته انا يوازي ما انجزتموه انتم؟ اليست لقاطة عنب افرايم خيرا من قطاف ابيعزر؟
3- لقد اوقع الرب غرابا وذئبا قائدي المديانيين في ايديكم. فاي شيء استطعت ان افعله يوازي عملكم هذا؟» وعندما سمعوا حديثه هدات سورة غضبهم.
 
4- واجتاز جدعون ورجاله الثلاث مئة نهر الاردن وقد نال منهم الاعياء من مطاردتهم للعدو.
5- فقال لاهل سكوت: «اعطوا رجالي طعاما فانهم منهكون، وانا مازلت اطارد زبح وصلمناع ملكي مديان».
6- فاجابه رؤساء سكوت: «العل زبح وصلمناع قد وقعا اسيرين في يدك الآن حتى نقدم لرجالك خبزا؟»
7- فقال جدعون: «حسنا! عندما ينصرني الرب عليهما سادرس بالنوارج لحمكم مع اشواك البرية».
8- وتوجه من هناك الى فنوئيل وطلب من اهلها طعاما، فاجابوه بمثل ما اجاب به اهل سكوت.
9- فتوعدهم قائلا: «عند رجوعي بسلام ساهدم هذا البرج».
 
10- وكان زبح وصلمناع معسكرين في قرقر على راس جيش من نحو خمسة عشر الفا هم البقية الباقية من جميع جيش ابناء المشرق بعد ان سقط منهم مئة وعشرون الف رجل من المقاتلين بالسيوف.
11- وسلك جدعون طريق ساكني الخيام شرقي نوبح ويجبهة وهاجم الجيش المدياني على حين غرة
12- فهرب زبح وصلمناع فتعقبهما وقبض عليهما وشتت الجيش كله.
13- ورجع جدعون بن يوآش من الحرب عن طريق عقبة حارس.
14- وقبض على شاب من اهل سكوت وطلب منه ان يسجل له اسماء رؤساء سكوت وشيوخها. فسجل سبعة وسبعين اسما.
15- ثم اقبل جدعون على اهل سكوت قائلا: «هوذا زبح وصلمناع اللذان عيرتموني بهما قائلين: العل زبح وصلمناع قد وقعا اسيرين لديك الآن حتى نقدم لرجالك المنهوكين خبزا؟»
16- وقبض على شيوخ المدينة، واخذ اشواكا من البرية ونوارج وعاقب بها اهل سكوت، فكان ذلك درسا لهم.
17- وهدم برج فنوئيل وقتل رجال المدينة.
 
18- وسال جدعون زبح وصلمناع: «ما هيئة الرجال الذين قتلتماهم في تابور؟» فاجابا: «انهم يشبهونك كل واحد منهم مثل ابن ملك».
19- فقال: هم اخوتي ابناء امي، حي هو الرب، ما كنت لاقتلكما لو ابقيتماهم احياء».
20- وقال ليثر ابنه البكر: «قم اقتلهما». ولكن هذا خاف ان يستل سيفه لانه كان صغير السن.
21- فقال زبح وصلمناع: «قم انت واقتلنا، فخير لنا ان يقتلنا رجل» فقتلهما جدعون. واخذ الحلي التي كانت تزين اعناق جمالهما.
 
22- وقال بنو اسرائيل لجدعون: «تسلط علينا انت وابنك وحفيدك، لانك قد انقذتنا من المديانيين»
23- فاجابهم: «لا اتسلط عليكم، لا انا ولا ابني، انما الرب يتسلط عليكم.
24- ولكن لي لديكم طلبة، وهي ان يعطيني كل واحد اقراط غنيمته، وهي اقراط الذهب التي يتحلى بها عادة الاسماعيليون» (الذين شكلوا جيش المديانيين).
25- فاجابوه: «يسرنا ان نقدمها لك». وفرشوا رداء القى عليه كل واحد اقراط غنيمته.
26- فكان وزن اقراط الذهب التي طلبها الفا وسبع مئة شاقل (نحو عشرين كيلو جراما)، ما عدا الاهلة والحلق والاثواب الارجوانية التي كان يرتديها ملوك مديان، والقلائد التي كانت تزين اعناق جمالهم.
27- فصاغ منها جدعون صنما نصبه في مدينته عفرة، فغوى الاسرائيليون وراءه وعبدوه فكان هذا الصنم شركا لجدعون وعائلته.
28- وذل المديانيون امام بني اسرائيل ولم يعودوا يتطاولون عليهم. وعم السلام البلاد اربعين سنة طوال حياة جدعون.
 
29- ورجع جدعون بن يوآش الى بيته حيث اقام فيه.
30- وكان لجدعون سبعون ولدا جميعهم من صلبه لانه كان مزواجا.
31- وولدت له ايضا سريته التي في شكيم ابنا دعاه ابيمالك.
32- ومات جدعون بن يوآش بعد عمر طويل صالح، ودفن في قبر يوآش ابيه في عفرة، بلدة الابيعزريين.

33- ورجع بنو اسرائيل بعد موت جدعون وغووا وراء البعليم، واتخذوا بعل بريث الها لهم،
34- ونسوا الرب الههم الذي انقذهم من قبضة جميع اعدائهم المحيطين بهم.
35- واساءوا الى بيت يربعل (جدعون) رغم كل الخير الذي اسداه الى اسرائيل.
 
9 07   كتاب القضاة 009 الرب
1- ومضى ابيمالك بن يربعل الى شكيم لزيارة اخواله وقال لعشيرة امه:
2- «اسالوا جميع اهل شكيم: ايهما افضل لهم: ان يحكمهم سبعون رجلا هم ابناء يربعل، ام ان يتسلط عليهم رجل واحد؟ وتذكروا انني من لحمكم وعظمكم».
3- فشرع اخواله يدعون له بين اهل شكيم حتى استمالوا قلوبهم وراء ابيمالك قائلين: «هو اخونا».
4- واعطوه سبعين شاقل فضة (نحو ثمانية كيلو جرامات ونصف) من معبد بعل بريث استاجر بها اتباعا من الاوغاد الطائشين،
5- واقتحم بهم بيت ابيه في عفرة، حيث ذبح اخوته السبعين على حجر واحد، ولم ينج الا يوثام بن يربعل الاصغر الذي تمكن من الاختباء.
6- فاجتمع اهل شكيم وجميع سكان القلعة ونصبوا ابيمالك ملكا عند بلوطة النصب الذي في شكيم.
 
7- وبلغ الخبر يوثام فذهب ووقف على قمة جبل جرزيم ونادى بصوت مرتفع قائلا لهم: «انصتوا لي يااهل شكيم حتى يستمع لكم الله .
8- ذات مرة ذهبت الاشجار لتنصب عليها ملكا، فقالت للزيتونة: «املكي علينا».
9- فاجابت الزيتونة: «ااتخلى عن زيتي الذي يكرمون به الله والناس لكي املك على الاشجار؟».
10- فقالت الاشجار للتينة: «تعالي انت واملكي علينا».
11- فاجابت التينة: «ااهجر حلاوتي وثمري الطيب لاصير ملكة على الاشجار؟».
12- فقالت الاشجار للكرمة: «تعالي انت واملكي علينا».
13- فاجابتهن الكرمة: «اانبذ خمري الذي يفرح الله والناس لكي املك على الاشجار؟»
14- ثم قالت جميع الاشجار للعوسج: «تعال انت وصر علينا ملكا»
15- فقال العوسج: «ان كنتم حقا تنصبونني عليكم ملكا، فتعالوا واحتموا تحت ظلي، والا فان نارا تندلع من العوسج وتلتهم ارز لبنان».
16- والآن، ان كنتم قد تصرفتم بحق وصواب عندما ملكتم عليكم ابيمالك، وان كنتم قد احسنتم الى يربعل والى اهل بيته فكافاتموه خيرا على عمل يديه.
17- فقد حارب ابي عنكم وجازف بحياته وانقذكم من قبضة المديانيين.
18- اما انتم فقد ثرتم اليوم على بيت ابي وذبحتم ابناءه السبعين على حجر واحد، وملكتم ابيمالك ابن جاريته على اهل شكيم لانه اخوكم.
19- فان كنتم قد تصرفتم بحق وصواب مع يربعل واهل بيته في هذا اليوم، فهنيئا لكم بابيمالك وهنيئا له بكم.
20- والا فلتندلع نار من ابيمالك وتلتهم اهل شكيم وسكان القلعة، ولتندلع نار من اهل شكيم ومن سكان القلعة وتلتهم ابيمالك».
21- ثم هرب يوثام الى مدينة بئر خوفا من اخيه، واقام هناك.
 
22- وتسلط ابيمالك على اسرائيل فترة ثلاث سنوات.
23- وما لبث الرب ان جعل العلاقة تسوء بين ابيمالك واهل شكيم، فخان اهل شكيم ابيمالك،
24- عقابا له لما جناه من ظلم بحق ابناء يربعل السبعين الذين سفك دماءهم، وانتقاما من اهل شكيم الذين آزروه على ذبح اخوته.
25- فنصب اهل شكيم لابيمالك كمينا على قمم الجبال وراحوا ينهبون كل عابري الطريق. فابلغ ابيمالك بالامر.

26- وجاء جعل بن عابد مع اخوته الى شكيم فوثق به اهلها.
27- ثم خرجوا الى الحقول وجنوا غلات كرومهم وصنعوا منها خمرا، واحتفلوا ودخلوا الى معبد الههم واكلوا وشربوا ولعنوا ابيمالك.
28- فقال جعل بن عابد: «من هو ابيمالك ومن هو شكيم حتى نخدمه؟ اما هو ابن يربعل وزبول هو وكيله؟ اخدموا رجال حمور ابي شكيم. لماذا علينا ان نخدم ابيمالك؟
29- لو صار هذا الشعب تحت امرتي لعزلت ابيمالك، ولقلت له: جهز جيشك واخرج».
30- وعندما سمع زبول رئيس المدينة كلام جعل بن عابد، احتدم غضبه.
31- وبعث برسل الى ابيمالك في ترمة قائلا: «قد وفد جعل بن عابد واخوته الى مدينة شكيم، واثاروا المدينة ضدك.
32- فالآن قم ليلا انت ومن معك من الجيش واكمن في الحقل،
33- وفي الصباح عند شروق الشمس تبكر باقتحام المدينة. وعندما يخرج جعل ومن معه من المحاربين لقتالك تفعل به كما تشاء».
 
34- فجد ابيمالك وجيشه في السير ليلا وانقسموا في فرق اربع، وكمنوا لاهل شكيم.
35- وعندما خرج جعل بن عابد ووقف عند مدخل بوابة المدينة تحرك ابيمالك ورجاله من مكامنهم.
36- فرآهم جعل، فقال لزبول: «هوذا رجال منحدرون من قمم الجبال». فاجابه زبول: «انك ترى ظلال الجبال وكانها رجال».
37- فعاد جعل يقول ايضا: «هوذا رجال منحدرون من المرتفعات، وها هي فرقة قادمة عن طريق بلوطة العائفين».
38- فاجابه زبول: «اين هو تبجحك الآن حين قلت: من هو ابيمالك حتى نخدمه؟ اليس هؤلاء هم الرجال الذين سخرت منهم؟ فاخرج الآن وحاربه!».
39- فخرج جعل في طليعة اهل شكيم وحارب ابيمالك.
40- غير انه انهزم امامه وسقط عدد غفير من القتلى على طول الطريق الى بوابة المدينة.
41- واستقر ابيمالك في ارومة، وطرد زبول جعلا واخوته من شكيم.

42- وفي اليوم التالي خرج اهل شكيم الى الحقل للحرب، فابلغ ابيمالك بالامر،
43- فقسم جيشه الى ثلاث فرق وكمن في الحقل، واذا باهل شكيم قد برزوا من المدينة فانقض عليهم وكسرهم.
44- واقتحم ابيمالك وفرقته طريقه الى مدخل بوابة المدينة وتمركز هناك. وهاجمت الفرقتان الاخريان كل من كانوا في الحقل وابادتاهم.
45- وظلت رحى الحرب دائرة طوال ذلك اليوم حتى استولى ابيمالك على المدينة وقضى على اهلها وهدمها وزرعها ملحا.
 
46- وحين بلغ الخبر اهل برج شكيم تحصنوا في قلعة معبد ايل بريث.
47- فعلم ابيمالك ان جميع اهل برج شكيم قد تحصنوا في القلعة،
48- فارتقى هو وجيشه جبل صلمون، واخذ فاسا بيده وقطع غصن شجرة ورفعه ووضعه على كتفه، وقال لرجاله: «كل ما ترونني افعله فاسرعوا وافعلوا مثلي».
49- فقطع كل واحد من الجيش غصنا وساروا خلف ابيمالك الى القلعة حيث كوموا الاغصان واحرقوا القلعة بمن فيها. فمات جميع اهل برج شكيم وكانوا نحو الف رجل وامراة.
 
50- ثم توجه ابيمالك الى تاباص وهاجمها واستولى عليها.
51- فلجا جميع الرجال والنساء وسائر اهل المدينة الى برج حصين قائم في وسط المدينة، واغلقوا ابوابه خلفهم، وصعدوا الى سطح البرج.
52- فحاصر ابيمالك البرج وحاربه، واقترب من باب البرج ليحرقه بالنار،
53- فالقت امراة حجر رحى على راسه فشجت جمجمته.
54- فاستدعى على التو حامل سلاحه وقال له: «اخترط سيفك واقتلني لئلا يقولوا عني: قتلته امراة». فطعنه بالسيف فمات.
55- فلما راى رجال ابيمالك ان قائدهم قد مات انصرف كل منهم الى مكانه.
56- وهكذا عاقب الله ابيمالك على جريمته التي ارتكبها بحق ابيه حين قتل اخوته السبعين.
57- وكذلك رد الله شر اهل شكيم على رؤوسهم، وبذلك تحققت لعنة يوثام بن يربعل.
 
10 07   كتاب القضاة 010 الرب
1- وقام بعد موت ابيمالك تولع بن فواة بن دودو من سبط يساكر لانقاذ اسرائيل، وكان هذا قاطنا في شامير في جبل افرايم،
2- وظل قاضيا لاسرائيل مدة ثلاث وعشرين سنة، ثم مات ودفن في شامير.
3- ثم تولى بعده قضاء اسرائيل يائير الجلعادي طوال اثنتين وعشرين سنة.
4- وكان ليائير ثلاثون ابنا يركبون على ثلاثين جحشا ويملكون ثلاثين مدينة في ارض جلعاد، وهي تدعى حووث يائير الى هذا اليوم.
5- ثم مات يائير ودفن في قامون.
 
6- وعاد بنو اسرائيل يرتكبون الاثم في عيني الرب، وعبدوا البعليم وعشتاروث وآلهة ارام وآلهة صيدون وآلهة بني عمون وآلهة الفلسطينيين وتركوا الرب ولم يعبدوه.
7- واحتدم غضب الرب على اسرائيل وسلط عليهم الفلسطينيين وبني عمون،
8- مدة ثماني عشرة سنة، فساموا الاسرائيليين المقيمين في ارض الاموريين في جلعاد. شرقي نهر الاردن، سوء العذاب
9- وعبر العمونيون نهر الاردن لمحاربة اسباط يهوذا وبنيامين وافرايم، فاعترى الاسرائيليين ضيق عظيم.
 
10- فاستغاثوا بالرب قائلين: «لقد اخطانا اليك لاننا تركنا الهنا وعبدنا البعليم».
11- فاجابهم الرب: «الم انقذكم من المصريين والاموريين وبني عمون والفلسطينيين؟
12- وعندما استغثتم بي من الصيدونيين والعمالقة والعمونيين الذين ضايقوكم، الم اخلصكم؟
13- اما انتم فقد تركتموني وعبدتم آلهة اخرى، لهذا لا اعود انقذكم،
14- فهيا استجيروا بالآلهة التي اخترتموها لتخلصكم في وقت ضيقكم».
15- فقال بنو اسرائيل للرب: «لقد اخطانا، فافعل بنا ما تشاء، ولكن انقذنا في هذا اليوم».
16- وازالوا الاوثان الغريبة من وسطهم وعبدوا الرب، فرق قلبه لمشقة اسرائيل.

17- فاحتشد العمونيون وعسكروا في جلعاد، وتجمع بنو اسرائيل وخيموا في المصفاة.
18- فتداول قادة اسرائيل في ما بينهم قائلين: «من يبدا في شن الهجوم على العمونيين، يصبح رئيسا على جميع سكان جلعاد».
 
11 07   كتاب القضاة 011 الرب
1- وكان يفتاح الجلعادي محاربا شديد الباس، انجبه ابوه جلعاد من امراة عاهرة.
2- وانجب جلعاد ايضا عددا من الابناء من زوجته، فلما كبروا طردوا يفتاح قائلين له: «انت ابن عاهرة، ولن ترث شيئا من بيت ابينا».
3- فهرب يفتاح من اخوته واقام في ارض طوب، فاجتمع اليه رجال افاقون وتبعوه.

4- وبعد زمن، حارب بنو عمون اسرائيل،
5- فمضى شيوخ جلعاد لياتوا بيفتاح من ارض طوب،
6- وقالوا له: «تعال وكن قائدا لنا في حربنا مع العمونيين».
7- فاجابهم يفتاح: «الم تبغضوني وتطردوني من بيت ابي؟ فما بالكم تاتون الي في ضيقتكم؟»
8- فاجابوه: «لاننا في ضيق جئنا اليك لترجع معنا وتحارب بني عمون، وتكون رئيسا على كل سكان جلعاد».
9- فقال لهم: «ان ارجعتموني لمحاربة بني عمون وهزمهم الرب امامي، فهل حقا تجعلونني رئيسا عليكم؟»
10- فاجابوه: «الرب شاهد بيننا ان كنا لا نفعل حسب قولك».
11- فانطلق يفتاح مع شيوخ جلعاد فنصبه الشعب عليهم رئيسا وقائدا، وردد يفتاح تعهداته امام الرب في المصفاة.
 
12- ثم بعث يفتاح رسلا الى ملك عمون يساله: «ماذا تضمر ضدنا حتى اتيت لتهاجمنا في بلادنا؟»
13- فاجاب ملك عمون رسل يفتاح: «لان اسرائيل قد استولى على ارضي عند خروجه من مصر من ارنون الى يبوق حتى نهر الاردن. والآن ردها من غير حرب».
14- فعاد يفتاح فبعث رسلا الى ملك بني عمون،
15- قائلين له: «هذا ما يجيبك به يفتاح: ان بني اسرائيل لم يستولوا على ارض موآب ولا على ارض بني عمون،
16- لانه عند خروجهم من مصر ساروا في الصحراء حتى بلغوا البحر الاحمر واتوا الى قادش.
17- ثم بعث الاسرائيليون رسلا الى ملك ادوم يقولون له: دعنا نجتاز في ارضك. فلم ياذن لهم ملك ادوم. ثم بعثوا رسلا ايضا الى ملك موآب فرفض هو الآخر. فمكث الاسرائيليون في قادش.
18- ثم داروا في الصحراء ملتفين حول ارض ادوم وارض موآب قادمين من الشرق الى ارض موآب، وخيموا وراء حدود ارنون، ولم يعبروا الى تخم موآب لان ارنون هي حد موآب.
19- بعد ذلك بعث بنو اسرائيل رسلا الى سيحون ملك الاموريين في عاصمته حشبون يقولون: دعنا نعبر في ارضك الى حيث نحن متوجهون.
20- ولكن سيحون لم يامن ان يعبر الاسرائيليون في ارضه، بل حشد كل جيشه وعسكر في ياهص وحارب بني اسرائيل.
21- فنصر الرب اله اسرائيل شعبه على سيحون وجيشه، فهزموهم واستولوا على كل ارض الاموريين سكان تلك البلاد.
22- فامتلكوا كل بلاد الاموريين من ارنون في الجنوب الى اليبوق في الشمال، ومن الصحراء في الشرق الى نهر الاردن في الغرب.
23- والآن وقد طرد الرب اله اسرائيل الاموريين من امام شعبه اسرائيل،
24- فباي حق تريد انت ان تستردها؟ الست تحتفظ بما اعطاه لك كموش الهك؟ ونحتفظ نحن ايضا بما اعطاه لنا الرب الهنا؟
25- ثم هل انت افضل من بالاق بن صفور ملك موآب؟ هل خاصم بني اسرائيل او اثار عليهم حربا؟
26- لقد اقام بنو اسرائيل في حشبون وقراها، وعروعير وقراها وكل المدن التي على محاذاة نهر ارنون ثلاث مئة سنة، فلماذا لم تستردها طوال تلك الحقبة؟
27- انني لم اسيء اليك، اما انت فترتكب شرا في حقي باثارتك الحرب علي. فليكن الرب اليوم قاضيا بين بني اسرائيل وبين بني عمون».
28- فلم يابه ملك بني عمون لرسالة يفتاح.
 
29- فحل روح الرب على يفتاح، فاجتاز اراضي جلعاد ومنسى ومصفاة جلعاد، ومنها تقدم نحو بني عمون.
30- ونذر يفتاح نذرا للرب وقال: «ان نصرتني على بني عمون،
31- فانني عند رجوعي سالما من محاربة بني عمون اصعد للرب محرقة: اول من يخرج من ابواب بيتي للقائي».
32- ثم تقدم يفتاح لمحاربة بني عمون، فاظفره الرب بهم،
33- وهزمهم هزيمة منكرة من عروعير حتى منيت على امتداد عشرين مدينة الى آبل الكروم. وهكذا اخضع بنو اسرائيل العمونيين.
 
34- ثم رجع يفتاح الى بيته في المصفاة، فخرجت ابنته الوحيدة، اذ لم يكن له ابن او ابنة سواها، للقائه بدفوف ورقص.
35- فلما رآها مزق ثيابه وولول قائلا: «آه ياابنتي، لقد احزنتني وحطمتني، لانني نذرت نذرا للرب ولا سبيل للرجوع عنه».
36- فاجابته: «لقد نذرت نذرك للرب، فافعل بي كما نذرت، ولاسيما ان الرب قد انتقم لك من اعدائك بني عمون».
37- ثم قالت لابيها: «ولكن حقق لي هذا الطلب: امهلني شهرين اتجول فيهما في الجبال واندب عذراويتي مع صاحباتي».
38- فقال لها: «اذهبي». وامهلها شهرين قضتهما هي وصاحباتها على الجبال تندب عذراويتها.
39- ثم رجعت في نهاية الشهرين الى ابيها، فاصعدها محرقة وفاء بنذره، فماتت عذراء،
40- فصار من عادة الاسرائيليات ان يذهبن الى الجبال اربعة ايام في السنة لينحن على ابنة يفتاح الجلعادي.
 
12 07   كتاب القضاة 012 الرب
1- وجهز سبط افرايم جيشا، وتقدموا شمالا نحو زفون قائلين ليفتاح: «لماذا انطلقت لمحاربة العمونيين من غير ان تدعونا للانضمام اليك؟ لنحرقن عليك بيتك بالنار».
2- فاجابهم: «كنت انا وقومي في خصام عنيف مع العمونيين، فاستنجدت بكم فلم تجيروني.
3- وعندما رايت تقاعسكم عن اجارتي جازفت بحياتي، وحاربت بني عمون، فنصرني الرب عليهم. فلماذا تالبتم علي اليوم لمحاربتي؟»
 
4- وحشد يفتاح كل رجال جلعاد وحارب سبط افرايم وهزمهم، لان رجال افرايم استخفوا بالجلعاديين قائلين: «انهم منبوذو افرايم ومنسى».
5- فاستولى الجلعاديون على مخاوض نهر الاردن، وكلما قال احد رجال افرايم الهاربين: «دعوني اعبر»، كان رجال جلعاد يسالونه: «اانت افرايمي؟» فان قال: «لا»
6- كانوا يطلبون منه ان يقول: «شبولت» فيقول: «سبولت» من غير ان يتحفظ في لفظها لفظا صحيحا، فيقبضون عليه ويذبحونه على مخاوض الاردن. فقتل في ذلك الوقت من افرايم اثنان واربعون الفا.
7- وظل يفتاح قاضيا في اسرائيل ست سنوات. وعندما مات دفن في احدى مدن جلعاد.
 
8- وخلف ابصان من بيت لحم، يفتاح قاضيا لاسرائيل.
9- وكان له ثلاثون ابنا وثلاثون ابنة فزوج بناته من غير ابناء عشيرته، كما زوج ابناءه من غير بنات عشيرته، واستمر قاضيا لاسرائيل سبع سنوات.
10- ثم مات ابصان ودفن في بيت لحم.

11- واعقبه في القضاء لاسرائيل ايلون الزبولوني، فظل قاضيا مدة عشر سنوات.
12- ثم مات ايلون الزبولوني فدفن في ايلون في ارض سبط زبولون.

13- وجاء بعده عبدون بن هليل الفرعتوني.
14- وكان له اربعون ابنا وثلاثون حفيدا يركبون على سبعين حمارا. هذا قضى لاسرائيل ثماني سنوات.
15- ثم مات عبدون بن هليل الفرعتوني ودفن في فرعتون في ارض افرايم في جبل العمالقة.
 
13 07   كتاب القضاة 013 الرب
1- ثم عاد بنو اسرائيل يرتكبون الاثم في عيني الرب، فاسلمهم لقبضة الفلسطينيين اربعين سنة.
 
2- وكان هناك رجل من بلدة صرعة من عشيرة الدانيين يدعى منوح، وامراته عاقر لم تنجب.
3- فتجلى ملاك الرب للمراة وقال لها: «انك عاقر لم تنجبي، ولكنك ستحبلين وتلدين ابنا.
4- انما اياك ان تشربي خمرا او مسكرا او تاكلي شيئا محرما
5- لانك ستحملين وتنجبين ابنا. فلا تحلقي شعر راسه لان الصبي يكون نذيرا لله من مولده، وهو يشرع في انقاذ اسرائيل من تسلط الفلسطينيين
6- فاسرعت الى زوجها وقالت: «ظهر لي رجل من عند الله، ومنظره كهيئة ملاك الرب مجلل بالرهبة. لم اساله من اين جاء، ولا هو اخبرني عن اسمه،
7- وقال لي: ها انت ستحبلين وتلدين ابنا، فاياك ان تشربي خمرا ولا مسكرا، ولا تاكلي شيئا محرما، لان الصبي يكون نذيرا للرب منذ مولده حتى يوم وفاته».
 
8- فتضرع منوح الى الرب قائلا: «اتوسل اليك ياسيدي ان ترسل الينا رجل الله الذي بعثته، ليعلمنا كيف نربي الصبي الذي يولد».
9- فاستجاب الله صلاة منوح، فتجلى ملاك الله ايضا للمراة وهي جالسة في الحقل، ولم يكن زوجها منوح معها.
10- فاسرعت واخبرت زوجها قائلة: «تراءى لي الرجل الذي ظهر لي في ذلك اليوم».
11- فهب منوح في اثر زوجته حتى قدم على الرجل وساله: «اانت الرجل الذي خاطب زوجتي من قبل؟» فاجابه: «انا هو».
12- فقال منوح: «عندما يتحقق كلامك فكيف ينبغي ان نقوم بتربية الصبي ومعاملته؟»
13- فاجابه الملاك: «لتحرص المراة على طاعة كل ما امرتها به.
14- واياها ان تاكل من كل نتاج الكرمة او تشرب خمرا او مسكرا، او تاكل طعاما محرما. لتحرص على اطاعة كل ما اوصيتها به».
15- فقال له منوح: «نود ان تمكث معنا ريثما نجهز لك جديا».
16- فاجاب ملاك الرب: «ولو اعقتني لن آكل من خبزك، وان قربت محرقة فللرب قدمها». ولم يكن منوح يدرك ان الرجل هو ملاك الرب.
17- فسال منوح ملاك الرب: «ما اسمك حتى اذا تحقق كلامك نكرمك؟»
18- فاجاب: «لماذا تسال عن اسمي وهو عجيب؟»
19- ثم اخذ منوح جديا وتقدمة حبوب وقربهما على الصخرة للرب. فقام الملاك بعمل عجيب على مشهد من منوح وزوجته
20- فقد صعد في السنة اللهيب المرتفعة من المذبح نحو السماء على مشهد منهما، فخرا على الارض ساجدين.
 
21- ولم يتجل ملاك الرب ثانية لمنوح وزوجته. عندئذ ادرك منوح انه ملاك الرب.
22- فقال منوح لامراته: «اننا لابد مائتان لاننا قد راينا الله»
23- فاجابته: «لو اراد الرب ان يميتنا لما قبل منا محرقة وتقدمة، ولما ارانا كل هذه الامور واخبرنا بها في هذا الوقت».
24- فانجبت المراة ابنا دعته شمشون. وكبر الصبي وباركه الرب.
25- وابتدا روح الرب يحركه في ارض سبط دان بين صرعة واشتاول.
 
14 07   كتاب القضاة 014 الرب
1- وذهب شمشون الى تمنة حيث راقته فتاة من بنات الفلسطينيين
2- فرجع الى والديه واخبرهما قائلا: «راقتني امراة في تمنة من بنات الفلسطينيين فزوجاني منها».
3- فقال له والداه: «الم تجد بين بنات اقربائك وفي قومنا فتاة، حتى تذهب وتتزوج من بنات الفلسطينيين الغلف؟» فاجاب شمشون اباه: «هذه هي الفتاة التي راقتني فزوجني اياها».
4- ولم يدرك والداه ان ذلك الامر كان من الرب، الذي كان يلتمس علة ضد الفلسطينيين الذين كانوا آنئذ متسلطين على اسرائيل.
 
5- فانحدر شمشون ووالداه الى تمنة حتى بلغوا كرومها، واذا بشبل اسد يتحفز مزمجرا للانقضاض عليه،
6- فحل عليه روح الرب فقبض على الاسد وشقه الى نصفين وكانه جدي صغير، من غير ان يكون معه سلاح. ولم ينبيء والديه بما فعل.
7- ثم مضى الى الفتاة وخاطبها فازداد بها اعجابا.
8- وعندما رجع شمشون بعد ايام ليتزوج منها مال ليلقي نظرة على جثة الاسد، فوجد في جوفها سربا من النحل وبعض العسل،
9- فتناول منه قدرا على كفه ومضى وهو ياكل. ثم اقبل على والديه فاعطاهما فاكلا، ولم يخبرهما انه اشتار العسل من جوف الاسد.
 
10- وذهب والده الى بيت العروس، فاقام شمشون هناك وليمة كما تقتضي اعراف الزواج.
11- ودعا الفلسطينيون ثلاثين شابا لينادموه (في فترة الاحتفال بزواجه).
12- فقال لهم شمشون: «سالقي عليكم احجية، فان وجدتم حلها الصحيح في سبعة ايام الوليمة اعطيكم ثلاثين قميصا وثلاثين حلة ثياب.
13- اما ان عجزتم عنها فستعطوني انتم ثلاثين قميصا وثلاثين حلة ثياب». فقالوا له: «هات احجيتك فنسمعها».
14- فقال لهم: «من الآكل خرج اكل، ومن القوي خرجت حلاوة». وانقضت ثلاثة ايام من غير ان يجدوا لها حلا.
 
15- وفي اليوم الرابع قالوا لزوجة شمشون: «تملقي زوجك ليكشف لنا عن حل الاحجية، لئلا نضرم النار فيك وفي بيت ابيك. ادعوتمونا الى الوليمة لتسلبونا؟»
16- فبكت امراة شمشون لديه قائلة: «انت تمقتني ولا تحبني حقا. فقد طرحت على بني قومي احجية ولم تطلعني على حلها». فقال لها: «هوذا ابي وامي لم اطلعهما على حلها، فلماذا اخبرك انت به؟»
17- فظلت تبكي لديه طوال سبعة ايام الوليمة. وفي اليوم السابع اطلعها على الحل لفرط ما ضايقته، فاسرت به لبني قومها.
18- وقبل غروب شمس اليوم السابع قال له رجال المدينة: «اي شيء احلى من العسل، وما هو اقوى من الاسد؟» فقال لهم شمشون: «لولا انكم حرثتم على عجلتي لما وجدتم حل احجيتي».
 
19- وحل عليه روح الرب فانحدر الى مدينة اشقلون وقتل ثلاثين رجلا منهم، واخذ ثيابهم واعطاها للرجال الذين حلوا لغزه. ولكن، اذ احتدم غضبه مضى الى بيت والديه.
20- وما لبثت امراة شمشون ان اصبحت زوجة لصاحبه الذي كان نديما له.
 
15 07   كتاب القضاة 015 الرب
1- وحدث بعد مدة في موسم حصاد القمح، ان شمشون اخذ جديا وذهب ليزور زوجته،
2- وقال لحميه: «انا داخل الى مخدع زوجتي». ولكن اباها منعه وقال: «لقد ظننت انك كرهتها فزوجتها لنديمك. فلماذا لا تتزوج اختها الاصغر منها عوضا عنها؟ اليست هي اجمل منها؟»
3- فاجابه شمشون: «لا لوم علي هذه المرة اذا انتقمت من الفلسطينيين».
4- وانطلق شمشون واصطاد ثلاث مئة ثعلب وربط ذيلي كل ثعلبين معا ووضع بينهما مشعلا،
5- ثم اضرم المشاعل بالنار واطلق الثعالب بين زروع الفلسطينيين، فاحرقت حقول القمح واكداس الحبوب واشجار الزيتون.
6- فسال الفلسطينيون: «من الجاني؟» فقيل لهم: «شمشون صهر التمني، لانه اخذ امراة شمشون وزوجها لنديمه»، فصعد الفلسطينيون واحرقوها مع ابيها بالنار.
7- فقال شمشون: «لانكم هكذا تتصرفون فانني لن اكف حتى انتقم منكم».
8- وهجم عليهم بضراوة وقتل منهم كثيرين، ثم ذهب الى مغارة صخرة عيطم واقام فيها.
 
9- فتقدم جيش الفلسطينيين واحتلوا ارض يهوذا وانتشروا في لحي
10- فسالهم رجال يهوذا: «لماذا جئتم لمحاربتنا؟» فاجابوهم: «جئنا لكي ناسر شمشون ونفعل به مثلما فعل بنا».
11- فذهب ثلاثة آلاف رجل من سبط يهوذا الى مغارة صخرة عيطم وقالوا لشمشون: «الا تعلم ان الفلسطينيين متسلطون علينا، فماذ فعلت بنا؟» فاجابهم: «كما فعلوا بي هكذا فعلت بهم».
12- فقالوا له: «لقد جئنا لنوثقك ونسلمك الى الفلسطينيين». فقال لهم شمشون: «احلفوا لي ان لا تقتلوني بانفسكم».
13- فاجابوه: «لا، لن نقتلك نحن، انما نوثقك ونسلمك اليهم». فاوثقوه بحبلين جديدين واخرجوه من المغارة.
14- فلما وصل الى لحي هب الفلسطينيون صارخين للقائه، فحل عليه روح الرب، وقطع الحبلين اللذين على ذراعيه وكانهما خيوط كتان محترقة.
15- وعثر على فك حمار طري، تناوله وقتل به الف رجل.
16- ثم قال شمشون: «بفك حمار كومت اكداسا فوق اكداس، بفك حمار قضيت على الف رجل».
17- وعندما كف عن الكلام القى فك الحمار من يده، ودعا ذلك الموضع رمت لحي (ومعناه تل عظمة الفك).
 
18- وعطش شمشون عطشا شديدا، فاستغاث بالرب قائلا: «لقد منحت هذا الخلاص العظيم على يد عبدك، فهل اموت الآن من العطش واقع اسيرا في يد الغلف؟»
19- ففجر الله له ينبوع ماء من فتحة في الارض في لحي، فشرب منها وانتعشت نفسه. لذلك دعا اسم الموضع عين هقوري (ومعناه ينبوع الذي دعا). ومازال الينبوع في لحي الى يومنا هذا.
20- وظل شمشون قاضيا لاسرائيل عشرين سنة في اثناء حكم الفلسطينيين.
 
16 07   كتاب القضاة 016 الرب
1- وذات يوم ذهب شمشون الى غزة حيث التقى بامراة عاهرة فدخل اليها.
2- فقيل لاهل غزة: «قد جاء شمشون الى هنا». فحاصروا المنزل وكمنوا له الليل كله عند بوابة المدينة، واعتصموا بالهدوء في اثناء الليل قائلين: «عند بزوغ الصباح نقتله».
3- وظل شمشون راقدا حتى منتصف الليل، ثم هب وخلع مصراعي بوابة المدينة بقائمتيها وقفلها، ووضعها على كتفيه وصعد بها الى قمة الجبل مقابل حبرون.
 
4- وبعد ذلك وقع شمشون في حب امراة في وادي سورق اسمها دليلة،
5- فجاء اليها اقطاب الفلسطينيين وقالوا لها: «تملقي شمشون الى ان تكتشفي منه سر قوته العظيمة، وكيف يمكننا ان نتغلب عليه ونوثقه فنذله فيكافئك كل واحد منا بالف ومئة شاقل من الفضة(نحو مئة واثنين وثلاثين كيلو جراما)».
6- فقالت دليلة لشمشون: «اخبرني ما هو سر قوتك العظيمة وكيف يتسنى تقييدك واذلالك»
7- فاجابها شمشون: «اذا اوثقوني بسبعة اوتار طرية لم تجف بعد، اصبح ضعيفا كاي واحد من الناس».
8- فاحضر لها اقطاب الفلسطينيين سبعة اوتار طرية لم تجف بعد، فاوثقته بها.
9- وكان الكمين متربصا به في حجرتها، فقالت له: «الفلسطينيون قادمون عليك ياشمشون». فقطع الاوتار وكانها خيوط شيطتها النار، ولم يكتشف سر قوته.
 
10- فقالت له دليلة: «لقد خدعتني وكذبت علي. فاخبرني الآن كيف توثق؟»
11- فاجابها: «اذا اوثقوني بحبال جديدة، اصبح ضعيفا كاي واحد من الناس».
12- فاخذت دليلة حبالا جديدة واوثقته بها، وقالت له: «الفلسطينيون قادمون عليك ياشمشون». وكان الكمين يتربص به في الحجرة، فقطع الحبال عن ذراعيه وكانها خيوط.
13- فقالت دليلة لشمشون: «انت مازلت تكذب علي وتخدعني، فاخبرني بماذا توثق؟» فاجابها: «ان ضفرت خصلات شعري السبع بمغزل وثبتها بوتد، فانني اصبح ضعيفا كاي واحد من الناس. وبينما كان يغط في نوم عميق ضفرت دليلة خصلات شعره السبع بمغزل.
14- وثبتتها بوتد، ونادته ثانية: «الفلسطينيون قادمون عليك ياشمشون» فانتبه من نومه وخلع وتد النسيج مع المغزل.
 
15- فقالت له: «كيف تدعي انك تحبني وقلبك لا يثق بي؟ قد خدعتني ثلاث مرات ولم تطلعني على سر قوتك العظيمة».
16- وظلت تلح عليه وتزعجه كل يوم بمثل هذا الكلام حتى ضاقت نفسه الى الموت.
17- فكشف لها عن مكنون قلبه، وقال لها: «انني نذير الرب منذ مولدي، لهذا لم احلق شعري. وان حلقته فان قوتي تفارقني واصبح ضعيفا كاي واحد من الناس».
 
18- ولما ادركت دليلة انه قد اسر لها بمكنون قلبه، استدعت اقطاب الفلسطينيين قائلة: «تعالوا هذه المرة، فقد اطلعني على سر قوته». فاقبل عليها اقطاب الفلسطينيين حاملين معهم الفضة.
19- فاضجعته على ركبتيها واستدعت رجلا حلق له خصلات شعره السبع، وشرعت في اذلاله بعد ان فارقته قوته.
20- وقالت: «الفلسطينيون قادمون عليك ياشمشون» فاستيقظ من نومه وقال: «اقوم مثل كل مرة وانتفض». ولم يعلم ان الرب قد فارقه.
21- فقبض عليه الفلسطينيون وقلعوا عينيه واخذوه الى غزة حيث اوثقوه بسلاسل نحاسية، وسخروه ليطحن الحبوب في السجن.
22- وما لبث شعره ان ابتدا ينمو بعد ان حلق.
 
23- واجتمع اقطاب الفلسطينيين ليحتفلوا بتقديم ذبيحة عظيمة لالههم داجون قائلين: «ان الهنا قد اظفرنا بشمشون عدونا».
24- ولما شاهد الشعب شمشون في ذلة، مجدوا الههم قائلين: «قد اظفرنا الهنا بعدونا الذي خرب ارضنا، واكثر من قتلانا».
25- واذ لعبت بهم النشوة هتفوا: «ادعوا شمشون ليسلينا». فجاءوا بشمشون من السجن فلعب امامهم ثم اوقفوه بين الاعمدة.
26- فقال شمشون للغلام الذي يقوده: «اوقفني حيث يمكنني ان المس الاعمدة التي يقوم عليها المعبد حتى استند اليها».
27- وكان المعبد يكتظ بالرجال والنساء، فضلا عن اقطاب الفلسطينيين الخمسة. وكان على السطح نحو ثلاثة آلاف رجل وامراة يتفرجون على لعب شمشون.
28- فصلى شمشون الى الرب قائلا: «ياسيدي الرب، اذكرني وقوني هذه المرة فقط لانتقم من الفلسطينيين عن قلع عيني بضربة واحدة».
29- وقبض شمشون على العمودين المتوسطين اللذين يرتكز عليهما المعبد وضغط على احدهما بيمينه وعلى الآخر بيساره
30- وهو يقول: «لامت مع الفلسطينيين». ثم دفعهما بكل قوته فانهار المعبد على الاقطاب وعلى الشعب الذي فيه. فكان الذين قتلهم شمشون عند موته اكثر من الذين قتلهم طوال حياته.
31- وجاء اخوته وكل اقرباء ابيه وحملوا جثته حيث دفنوه بين صرعة واشتاول في قبر منوح ابيه، وكان شمشون قد قضى لبني اسرائيل عشرين سنة.
 
17 07   كتاب القضاة 017 الرب
1- وكان رجل اسمه ميخا مقيما في جبل افرايم.
2- قال هذا لامه: «ان الالف والمئة شاقل من الفضة (نحو مئة واثنين وثلاثين كيلو جراما) التي سرقت منك، والتي سمعتك تلعنين سارقها، هي معي، وانا الذي اخذتها». فقالت امه: «ليباركك الرب ياولدي».
3- فرد لها الالف والمئة شاقل من الفضة، فقالت امه: «ساهب هذا المال باسمك للرب، لننحت تمثالا ونصوغ منها صنما، وها انا ارد لك المال».
4- واعطت امه مئتي قطعة فضة للصائغ فنحت وصاغ لها تمثالين، نصبا في بيت ميخا.
5- اذ كان ميخا قد خصص موضعا في بيته ليكون معبدا للآلهة. ثم صنع افودا وترافيم، وكرس واحدا من بنيه كاهنا له.
6- في تلك الايام لم يكن لاسرائيل ملك، فكان كل واحد يتصرف على هواه.
 
7- وكان هناك شاب لاوي من بيت لحم مقيما بين سبط يهوذا.
8- هذا هاجر من مدينة بيت لحم ليتغرب في الارض، فاتى الى جبل افرايم ومر في طريقه ببيت ميخا.
9- فساله ميخا: «من اين اتيت؟» فاجابه: «انا لاوي من بيت لحم يهوذا، وانا ذاهب لاتغرب حيثما اتفق».
10- فقال له ميخا: «اقم عندي وكن لي مرشدا وكاهنا، وانا اعطيك عشرة شواقل فضة (نحو مئة وعشرين جراما) في السنة وحلة ثياب فضلا عن القوت». فوافق اللاوي على عرضه،
11- ورضي بالاقامة معه. وصار اللاوي اثيرا لديه كاحد ابنائه.
12- فكرس ميخا اللاوي، فاصبح له كاهنا واقام في بيته.
13- فقال ميخا: «الآن علمت ان الرب راض عني، لان اللاوي صار لي كاهنا».
 
18 07   كتاب القضاة 018 الرب
1- وفي تلك الايام عندما لم يكن على اسرائيل ملك، شرع ابناء سبط دان يبحثون عن مكان يستوطنون فيه، لانهم لم يكونوا قد ورثوا نصيبهم من الارض بعد وسط اسباط اسرائيل.
2- فارسل الدانيون خمسة رجال من سبطهم من ذوي الباس في مدينتي صرعة واشتاول، لتجسس الارض واستكشافها، وقالوا لهم: «انطلقوا واستطلعوا لنا الارض» فجاءوا الى جبل افرايم الى بيت ميخا وقضوا ليلتهم هناك.
 
3- وعرفوا من لهجة كاهن ميخا انه من سبط لاوي، فانتحوا به جانبا وسالوه: «من جاء بك الى هنا، وماذا تفعل في هذا المكان؟ ولماذا انت هنا؟»
4- فاجابهم: «كذا وكذا صنع لي ميخا، وقد استاجرني فاصبحت له كاهنا».
 
5- فقالوا له: «اسال اذن الله لنعلم ان كانت مهمتنا ستكلل بالنجاح ام لا».
6- فقال لهم الكاهن: «اذهبوا بسلام فطريقكم التي تسلكونها تنعم برعاية الرب».

7- فمضى الرجال الخمسة حتى وصلوا الى لايش، فوجدوا اهلها الصيدونيين مقيمين فيها مطمئنين كعادة الصيدونيين، آمنين، لا يؤذيهم احد في ارضهم، اثرياء ويتمتعون بالاكتفاء الذاتي، وكانوا بعيدين عن الصيدونيين، ولم يعقدوا احلافا مع احد.
8- فعاد الرجال الخمسة الى قومهم في صرعة واشتاول، فسالوهم: «ماذا وجدتم؟»
9- فاجابوهم: «هيا بنا نهجم على اهل لايش فارضهم خصيبة، فما بالكم متقاعسون؟ لا تتكاسلوا عن الهجوم لامتلاك الارض.
10- فانتم عندما تقدمون عليها ستجدون قوما مطمئنين في ارض شاسعة. ان الرب قد وهبها لكم وهي ارض خصيبة لا تفتقر الى شيء».

11- فارتحل من صرعة واشتاول ست مئة رجل مدججين بالسلاح من سبط دان.
12- وعسكروا في قرية يعاريم في يهوذا، فدعي ذلك الموضع مخيم دان الى هذا اليوم، وهو يقع وراء قرية يعاريم.
13- واجتازوا من هناك الى جبل افرايم وجاءوا الى بيت ميخا.
 
14- فقال الرجال الخمسة الذين ذهبوا لاستكشاف ارض لايش لقومهم: «اتعلمون ان في هذه البيوت افودا وترافيم وتمثالا منحوتا وآخر مسبوكا، فانظروا ماذا تفعلون».
15- فاتجهوا نحو البيوت وجاءوا الى منزل الشاب اللاوي في بيت ميخا وسلموا عليه.
16- وبقي الرجال الدانيون المسلحون الست مئة واقفين عند مدخل الباب
17- فدخل الرجال الخمسة الذين ذهبوا لاستكشاف الارض الى موضع المعبد، واخذوا التمثالين المنحوت والمسبوك والافود والترافيم، بينما كان الكاهن واقفا عند مدخل الباب مع الست مئة رجل المدججين بالسلاح.
18- واذ رآهم الكاهن قد دخلوا بيت ميخا واخذوا التمثالين المنحوت والمسبوك والافود والترافيم، سالهم: «ماذا تفعلون؟»
19- فقالوا له: «اصمت. لا تنطق بكلمة. تعال معنا وكن لنا مرشدا وكاهنا. ايهما خير لك: ان تكون كاهنا لبيت رجل واحد، ام تكون كاهنا لسبط وعشيرة في اسرائيل؟»
20- فاغتبط قلب الكاهن للامر، واخذ الافود والترافيم والتمثال المنحوت وانضم الى القوم.
21- ثم انطلقوا في طريقهم بعد ان جعلوا اطفالهم ومواشيهم ومؤونتهم في الطليعة.
 
22- ولما ابتعدوا عن بيت ميخا تالب رجال الحي الذي فيه بيت ميخا وتعقبوا ابناء دان حتى ادركوهم.
23- وصاحوا بهم، فسال الدانيون ميخا: «مالك تصرخ؟ وماذا يزعجك حتى تعقبتنا بهذه الشرذمة من المحاربين؟»
24- فاجاب: «لقد اخذتم آلهتي التي صنعتها، وكذلك الكاهن، ومضيتم. فماذا بقي لي؟ فكيف تسالونني: مالك؟»
25- فقال له الدانيون: «لا ترفع صوتك بيننا لئلا تثير غضب رجال افظاظ الطباع فيهاجموك ويقتلوك مع اهل بيتك».
26- وانطلق الدانيون في طريقهم. ولما راى ميخا انهم اقوى من ان يتغلب عليهم رجع الى بيته.
 
27- اما الدانيون فقد اقبلوا الى لايش ومعهم اصنام ميخا والكاهن، فوجدوا شعبها آمنا مطمئنا مسالما، فهاجموها وقتلوا اهلها بحد السيف واحرقوها.
28- ولم يهب احد لانقاذها لانها كانت بعيدة عن صيدون، ولم يعقد اهلها احلافا مع احد. وكانت المدينة تقع في الوادي الذي فيه بيت رحوب. واعاد الدانيون بناء المدينة واقاموا فيها،
29- ودعوها دان باسم دان ابيهم الذي انجبه اسرائيل، اما اسمها القديم فكان لايش.
30- ونصب ابناء دان لانفسهم التمثال المنحوت، وظل يهوناثان ابن جرشوم بن منسى وبنوه من بعده كهنة لسبط الدانيين الى يوم سبي البلاد.
31- ونصبوا تمثال ميخا المنحوت الذي صنعه، طوال الحقبة التي كان فيها بيت الله في شيلوه.
 
19 07   كتاب القضاة 019 الرب
1- وفي تلك الايام التي لم يكن فيها ملك لبني اسرائيل، كان رجل لاوي متغربا في المنطقة النائية من جبل افرايم، فاتخذ له محظية من بيت لحم يهوذا.
2- ولكنها غضبت منه فلجات الى بيت ابيها في بيت لحم يهوذا حيث مكثت اربعة اشهر.
3- ثم اخذ زوجها خادمه وحمارين وتوجه الى بيت ابيها ليسترضيها، فدعته للدخول الى بيت ابيها الذي سر بلقائه.
4- والح عليه والد الفتاة في البقاء، فمكث معه ثلاثة ايام حيث اكلوا جميعا وشربوا وقضوا لياليهم هناك.
5- وفي اليوم الرابع قام مبكرا للذهاب، فقال والد الفتاة لصهره: «كل لقمة خبز تسند بها قلبك ومن ثم تمضون»
6- فجلسا واكلا وشربا معا، ثم قال له حموه: «ان راق لك الامر، بت عندنا ولتطب نفسك».
7- وعندما هم الرجل بالذهاب الح عليه حموه، فرضخ وقضى ليلته هناك.
8- ثم نهض في اليوم الخامس مبكرا تاهبا للرحيل، فقال ابو الفتاة: «تناول لقمة تسند بها قلبك، وانطلقوا عند الغروب». فبقي الرجل واكلا معا.
9- ثم هب الرجل للارتحال هو ومحظيته وغلامه. فقال له حموه: «لقد مالت الشمس الى المغيب، فبيتوا هنا وليطب قلبك، وغدا ترحلون مبكرين نحو خيمتك».
10- فابى الرجل البقاء، وانطلقوا جميعا حتى جاءوا الى مقابل يبوس التي هي اورشليم ومعه حماران مسرجان ومحظيته.

11- وفيما هم بجوار يبوس وقد كاد النهار ان يغرب، قال الخادم لسيده: «تعال ندخل الى مدينة اليبوسيين ونقضي ليلتنا فيها».
12- فاجابه سيده: «لا، لن ندخل مدينة غريبة لا يقيم فيها اسرائيلي واحد، بل لنعبر الى جبعة.
13- دعنا نتابع تقدمنا فنبيت في جبعة او الرامة».
14- وواصلوا السير حتى بلغوا جبعة بنيامين عند غروب الشمس.
 
15- فدخلوا اليها ليجدوا لهم ماوى فيها، وجلسوا في ساحة المدينة فلم يستضفهم احد في بيته.
16- وفيما هم كذلك اقبل عليهم عجوز قادم من العمل في حقله عند المساء. وكان الرجل اصلا من جبل افرايم، متغربا في جبعة واهل المدينة بنيامينيين.
17- هذا وجدهم جالسين في ساحة المدينة، فسالهم: «الى اين انتم ذاهبون، ومن اين اتيتم؟»
18- فاجابه الرجل المسافر: «نحن في طريقنا من بيت لحم يهوذا الى الجانب النائي من جبل افرايم حيث اقيم، وقد ذهبت الى بيت لحم يهوذا، وانا الآن متوجه الى بيت الرب، وليس احد يستضيفني في بيته،
19- مع ان لدينا علفا وتبنا لحميرنا، وكذلك خبزا لي ولامتك وللغلام، فلسنا في حاجة الى شيء».
20- فقال الشيخ: «اهلا بك في بيتي. لا تبت في الساحة، وانا اقدم لك كل ما تحتاج اليه».
21- واستضافهم في بيته وعلف حميرهم، فغسلوا ارجلهم وتناولوا طعاما وشرابا.
 
22- وفيما هم يتنادمون اذا بجماعة من اوغاد المدينة يحاصرون البيت طارقين على الباب صائحين بالرجل الشيخ صاحب المنزل: «اخرج الينا الرجل الذي استضفته لنعاشره»
23- فخرج اليهم صاحب البيت وقال لهم: «لا يااخوتي. لا ترتكبوا هذا العمل المشين، فالرجل ضيفي وقد دخل بيتي.
24- هوذا ابنتي العذراء ومحظيته، فدعوني اخرجهما لكم فتمتعوا بهما وافعلوا ما يحلو لكم، ولكن لا ترتكبوا هذا العمل القبيح بهذا الرجل».
25- غير ان الرجال الاوغاد رفضوا الاستماع اليه. فما كان من الرجل الضيف الا ان اخرج لهم محظيته، فظلوا يتناوبون على اغتصابها طوال الليل حتى انبلاج الصباح، وعند بزوغ الفجر اطلقوها.
26- واقبلت المراة عند طلوع الصباح الى بيت الرجل الشيخ حيث سيدها مقيم، وتهالكت عند الباب حتى شروق النهار.
27- فنهض سيدها في الصباح، وعندما فتح ابواب البيت وخرج لمتابعة طريقه عثر على محظيته ساقطة عند باب البيت، ويداها على العتبة.
28- فقال لها: «انهضي لنذهب». فلم تجبه (لانها كانت قد فارقت الحياة) فحملها على الحمار وانطلق الى حيث يقطن.
 
29- وما ان بلغ بيته حتى تناول سكينا، وشرع في تقطيع محظيته الى اثنتي عشرة قطعة مع عظامها، ووزعها على جميع اسباط اسرائيل،
30- فقال كل من شاهد احدى هذه القطع: «لم يشهد او يحدث مثل هذا الامر منذ صعود بني اسرائيل من مصر الى هذا اليوم. فتبصروا وتشاوروا واتخذوا قرارا».
 
20 07   كتاب القضاة 020 الرب
1- وتالب بنو اسرائيل جميعهم كرجل واحد قادمين من دان في الشمال الى بئر سبع في الجنوب، ومن ارض جلعاد ايضا، ومثلوا امام الرب في المصفاة.
2- واحتشد زعماء الشعب مع اربع مئة الف من محاربي اسباط اسرائيل.
3- فبلغ النبا سبط بنيامين ان المحاربين الاسرائيليين قد تجمعوا في المصفاة. وقال الاسرائيليون: «قصوا علينا كيف حدثت هذه القباحة؟»
4- فاجاب زوج القتيلة: «دخلت انا ومحظيتي الى جبعة بنيامين لنقضي ليلتنا،
5- فثار علي رجال من جبعة وحاصروني بالبيت ليلا، وهموا بقتلي واغتصبوا محظيتي حتى ماتت.
6- فاخذتها وقطعتها ووزعتها في جميع ارض اسرائيل لانهم ارتكبوا قباحة وفجورا في اسرائيل.
7- والآن تبصروا بالامر ياابناء اسرائيل واحكموا».
8- فهب المحاربون، كرجل واحد، وهتفوا: «لن يرجع احد منا الى خيمته او بيته،
9- قبل ان نعاقب اهل جبعة على ما اقترفوه. سنلقي قرعة
10- لنختار عشرة رجال من كل مئة من محاربي كل سبط، ومئة من كل الف، والفا من كل عشرة آلاف للاشراف على تموين المحاربين بالمؤونة، بينما يقوم بقية الجيش بمعاقبة جبعة بنيامين على القباحة التي ارتكبتها في اسرائيل».
11- وهكذا احتشد كل رجال اسرائيل ضد المدينة، واتحدوا كانهم رجل واحد.
12- وبعث اسباط بني اسرائيل الى جميع عشائر بنيامين قائلين: «ما هذا الشر الذي تفشى بينكم؟
13- لذلك، سلموا الاوغاد بني بليعال المقيمين في جبعة لكي نقتلهم ونستاصل الشر من اسرائيل». فابى البنيامينيون الاستجابة الى طلب اخوتهم بني اسرائيل.
 
14- وتقاطروا من سائر المدن الى جبعة تاهبا لمحاربة الاسرائيليين.
15- وبلغ عدد محاربي بني بنيامين الوافدين من المدن في ذلك اليوم ستة وعشرين الف محارب، فضلا عن اهل جبعة البالغين سبع مئة رجل من خيرة المحاربين.
16- وكان من جملة جيش بنيامين سبع مئة رجل اعسر منتخبون لرمي الحجر بالمقلاع، لمهارتهم في اصابة الهدف من غير ان يخطئوا ولو بمقدار شعرة.

17- اما جيش اسرائيل، باستثناء بنيامين، فقد بلغ عدده اربع مئة الف، وكلهم رجال حرب.
 
18- فانطلق هؤلاء الى بيت ايل ليستشيروا الله قائلين: «من يذهب اولا لمحاربة بنيامين؟» فاجاب الرب: «يهوذا اولا».
19- فبكر الاسرائيليون في الصباح واحاطوا بجبعة.
20- واصطف رجال اسرائيل متاهبين لمحاربة البنيامينيين عند جبعة.
21- فاندفع بنو بنيامين نحوهم، واهلكوا في ذلك اليوم اثنين وعشرين الف رجل.
22- وتشجع جيش اسرائيل، وعادوا فاصطفوا في نفس الموضع الذي اصطفوا فيه في اليوم الاول.
23- وبكوا امام الرب الى المساء طالبين مشورته قائلين: «هل نعود لمحاربة اخوتنا بني بنيامين؟» فقال الرب: «اهجموا عليهم».
24- فتقدم الاسرائيليون لمحاربة البنيامينيين في اليوم التالي.
25- فاندفع البنيامينيون نحوهم وقتلوا منهم ايضا ثمانية عشر الف رجل، وكلهم من المقاتلين بالسيف.
26- فتوجه جميع الشعب من المحاربين الى بيت ايل وبكوا ومثلوا امام الرب صائمين في ذلك اليوم الى المساء، ثم اصعدوا للرب محرقات وذبائح سلام.
27- واستشار بنو اسرائيل الرب. وكان تابوت عهد الرب مازال آنئذ هناك.
28- وفينحاس بن العازار بن هرون هو الكاهن الواقف على خدمته. وسال بنو اسرائيل الرب: «هل نعود لمحاربة اخوتنا بني بنيامين ام نكف عن قتالهم؟» فاجاب الرب: «قاتلوهم لاني غدا انصركم عليهم».
 
29- ونصب الاسرائيليون كمينا حول جبعة،
30- وتقدموا لمحاربة بني بنيامين واصطفوا عند جبعة كالمرتين الاوليين
31- فاندفع البنيامينيون لمهاجمتهم، وابتعدوا عن المدينة وراء الاسرائيليين في الطريق المفضية الى بيت ايل، والطريق الاخرى المؤدية الى جبعة عبر الحقل، وشرعوا يهاجمون الجيش الاسرائيلي كالمرتين السابقتين، فقتلوا منهم نحو ثلاثين رجلا.
32- واعتقد بنو بنيامين ان الاسرائيليين منهزمون امامهم كما حدث سابقا، في حين ان بني اسرائيل تظاهروا بالهرب امامهم قائلين: «لنجتذبهم بعيدا عن المدينة الى الطرق».
33- وهب رجال اسرائيل من اماكنهم واصطفوا في بعل تامار، ووثب كمين بني اسرائيل من مراصده من عراء جبعة.
34- وتقدم عشرة آلاف رجل من خيرة محاربي اسرائيل من مقابل جبعة، فاشتدت المعركة من غير ان يدرك البنيامينيون ان الكارثة قد احاقت بهم.

35- وهزم الرب بنيامين امام اسرائيل فاهلكوا منهم في ذلك اليوم خمسة وعشرين الف رجل ومئة رجل، وكلهم من رجال السيف.
36- عندئذ ادرك البنيامينيون انهم قد هزموا. وكان الاسرائيليون قد تظاهروا بالتقهقر اعتمادا على الكمين الذي نصبوه حول جبعة.
37- وما لبث الكمين ان اقتحم جبعة وضربها بحد السيف.
38- وكان الاتفاق بين رجال اسرائيل وبين الكمين ان يصعد الكمين حال اقتحامه للمدينة عمودا متكاثفا من الدخان.
39- فلما تقهقر الاسرائيليون في الحرب، شرع البنيامينيون في مطاردتهم فقتلوا منهم نحو ثلاثين رجلا، اعتقادا منهم ان الاسرائيليين منهزمون امامهم كما حدث في المعارك الاولى.
40- ولكن عندما ابتدا عمود الدخان يتصاعد من المدينة التفت بنو بنيامين وراءهم واذا بالدخان يرتفع نحو عنان السماء من كل ارجاء المدينة.
41- فانكفا رجال اسرائيل على البنيامينيين الذين فروا مرعوبين لانهم ادركوا ان الكارثة قد احاقت بهم.
42- وتقهقروا امام بني اسرائيل في طريق الصحراء. ولكن الحرب ادركتهم، وخرج رجال الكمين من المدن وقطعوا عليهم الطريق، فهلك البنيامينيون بين الفريقين.
43- وهكذا حاصروا بني بنيامين وتعقبوهم بسهولة، وادركوهم مقابل جبعة شرقا.
44- فقتل منهم ثمانية عشر الف رجل من جبابرة القتال.
45- وعندما ولت فلولهم هاربة الى الصحراء الى صخرة رمون، تمكن الاسرائيليون من القضاء على خمسة آلاف منهم في الطريق، ثم جدوا في تعقبهم الى جدعوم فقتلوا منهم ايضا الفي رجل.
46- فكانت جملة المقتولين من البنيامينيين في ذلك اليوم خمسة وعشرين الف رجل من المحاربين بالسيف، وجميعهم جبابرة قتال.
47- وتمكن ست مئة رجل منهم من الهرب واللجوء الى صخرة رمون فاقاموا هناك اربعة اشهر.
48- وارتد بنو اسرائيل الى مدن بنيامين وقضوا على اهاليها قاطبة بحد السيف، وذبحوا البهائم وكل ما وجد فيها، واحرقوها بالنار.
 
21 07   كتاب القضاة 021 الرب
1- واقسم رجال اسرائيل في المصفاة الا يزوج احد منهم ابنته لاي رجل من سبط بنيامين.
 
2- فاجتمعوا في بيت ايل ومثلوا امام الرب باكين بمرارة حتى المساء،
3- قائلين: «لماذا يارب اله اسرائيل قد حدثت هذه الكارثة في اسرائيل حتى يفنى احد اسباط اسرائيل؟»
4- وبكر القوم في صباح اليوم التالي وبنوا هناك مذبحا قدموا عليه محرقات وذبائح سلام.
5- وقال بنو اسرائيل: «هل تغيب احد من اسباط اسرائيل عن حضور اجتماعنا امام الرب في المصفاة، لاننا اقسمنا يمينا مغلظة ان نقتل كل من تغيب عن الحضور؟»
6- واعترى الندم بني اسرائيل على اخوتهم بني بنيامين قائلين: «قد انقرض اليوم احد اسباط اسرائيل
7- فماذا نعمل للبقية الباقية منهم لنزوجهم، وقد حلفنا نحن بالرب الا نعطيهم بناتنا؟».
 
8- وتساءلوا: «اي سبط من اسباط اسرائيل لم يصعد للمثول امام الرب في المصفاة؟» وتبينوا ان احدا من يابيش جلعاد لم يحضر،
9- لانهم حين احصوا الشعب وجدوا ان اهل يابيش جلعاد جميعهم قد تخلفوا عن الحضور.
10- فارسلت الجماعة حملة من اثني عشر الف رجل من جبابرة القتال واوصوهم قائلين: «انطلقوا واقضوا على اهل يابيش جلعاد بحد السيف رجالا ونساء واطفالا.
11- اقتلوا كل ذكر وكل امراة عاشرت رجلا».
12- فوجدوا بين اهل يابيش جلعاد اربع مئة فتاة عذراء فقط لم يضاجعن رجلا، فجاءوا بهن الى المخيم الى شيلوه التي في ارض كنعان.
 
13- وبعثت الجماعة كلها بوفد وخاطبت ابناء بنيامين المعتصمين في صخرة رمون واستدعتهم للصلح.
14- فرجع البنيامينيون آنئذ، فاعطوهم الفتيات اللواتي استحيوهن من بنات يابيش جلعاد فلم يكفينهم
15- وانتاب الندم الشعب من اجل ما جرى لبنيامين، لان الرب جعل ثغرة في اسباط اسرائيل.
 
16- فقال شيوخ الجماعة: «كيف نحصل على زوجات لرجال بنيامين الباقين بعد ان انقرضت النساء من سبطهم،
17- اذ يجب ان يكون ورثة للناجين من بني بنيامين، فلا ينقرض سبط من اسرائيل،
18- لاننا نحن لا نقدر ان نزوجهم من بناتنا بعد ان اقسمنا قائلين: «ملعون من يزوج امراة لرجل بنياميني».

19- ثم قالوا: «هناك احتفال سنوي في شيلوه شمالي بيت ايل شرقي الطريق المتجهة من بيت ايل الى شكيم وجنوبي لبونة.
20- فاوصوا بني بنيامين قائلين: انطلقوا الى الكروم واكمنوا فيها.
21- وانتظروا حتى اذا خرجت بنات شيلوه للرقص فاندفعوا انتم نحوهن، واخطفوا لانفسكم كل واحد امراة واهربوا بهن الى ارض بنيامين.
22- فاذا جاء آباؤهن او اخوتهن لكي يشكوا الينا نجيبهم: تعطفوا عليهم من اجلنا، لاننا لم نحصل على زوجة لكل واحد منهم في حربنا مع اهل يابيش جلعاد، وانتم لم تزوجوهم من بناتكم عن طيب خاطر فتاثموا».
23- وهكذا صنع رجال بنيامين، فقد اختطفوا العدد الكافي من الراقصات وتزوجوا منهن، ورجعوا الى ديارهم وعمروا المدن واقاموا فيها.
24- ثم انطلق بنو اسرائيل، منذ ذلك الوقت، كل واحد الى سبطه وعشيرته، عائدين الى ارض ميراثهم.
25- في تلك الايام لم يكن ملك على اسرائيل، فكان كل واحد يعمل ما حسن في عينيه.
 
22 08   كتاب راعوث 001 الرب
1- وعمت مجاعة في البلاد في ايام حكم القضاة، فتغرب رجل من بيت لحم يهوذا في ارض موآب مع امراته وابنيه.
2- وكان اسم الرجل اليمالك واسم امراته نعمي، واسما ولديه محلون وكليون، وهم افراتيون من بيت لحم يهوذا، فارتحلوا الى بلاد موآب واقاموا فيها.
3- ومات اليمالك زوج نعمي تاركا زوجته وولديه
4- اللذين تزوجا من امراتين موآبيتين، اسم احداهما عرفة والاخرى راعوث. واقاما هناك نحو عشر سنوات.
5- ثم مات محلون وكليون، وهكذا فقدت المراة زوجها وابنيها واصبحت وحيدة.
 
6- وسمعت نعمي وهي مازالت في ارض موآب ان الرب قد بارك شعبه واخصب ارضهم،
7- فقامت هي وكنتاها وانطلقت من موآب نحو بلادها، ورافقتها كنتاها في طريق العودة الى ارض يهوذا.
8- فقالت نعمي لكنتيها: «هيا لترجع كل منكما الى بيت امها، وليبارككما الرب كما احسنتما الي والى زوجيكما المتوفيين.
9- ولينعم الرب على كل واحدة منكما بزيجة اخرى سعيدة، وقبلتهما وانخرطن جميعا في البكاء بصوت مرتفع.
10- ولكنهما قالتا لها: «لا، سنمضي معك الى شعبك».
11- فاجابت نعمي: «ارجعا يابنتي. لماذا تاتيان معي؟ هل انا قادرة بعد على انجاب بنين حتى يكبروا فيكونوا لكما ازواجا؟
12- عودا يابنتي، واذهبا، فانا قد شخت، ولم اعد صالحة لاكون زوجة رجل. وحتى لو املت ان اتزوج الليلة وانجب بنين ايضا،
13- فهل تنتظران حتى يكبروا؟ وهل تمتنعان عن الزواج من اجلهم؟ لا يابنتي، فانني حزينة جدا من اجلكما لان يد الرب قد عاقبتني فاصابكما الضرر ايضا».
14- ثم اجهشن ثانية في البكاء بصوت مرتفع. وقبلت عرفة حماتها وفارقتها، واما راعوث فالتصقت بها.
 
15- فقالت نعمي لها: «ها سلفتك قد رجعت الى قومها وآلهتها، فافعلي انت مثلها».
16- فاجابتها راعوث: «لا تلحي علي كي اتركك وافارقك، لانه حيثما ذهبت اذهب، وحيثما مكثت امكث. شعبك شعبي، والهك الهي.
17- حيثما مت اموت وادفن. وليعاقبني الرب اشد عقاب ان تخليت عنك، ولن يفرقني عنك سوى الموت».
18- فلما رات انها مصرة على الذهاب معها، كفت عن محاولة اقناعها بالرجوع.
19- وتابعتا سيرهما حتى دخلتا بيت لحم، وما ان بلغتا المدينة حتى اثار رجوعهما اهلها وتساءلوا: «اهذه هي نعمي؟»
20- فقالت لهم: «لا تدعوني نعمي بل مرة، لان الله القدير قد مرر حياتي.
21- لقد خرجت ممتلئة وارجعني الرب فارغة اليدين. فلماذا تدعونني نعمي والرب قد اذلني والقدير قد فجعني؟»
22- وهكذا رجعت نعمي وكنتها راعوث الموآبية من بلاد موآب، فكان وصولهما الى بيت لحم في مستهل موسم حصاد الشعير.

 
23 08   كتاب راعوث 002 الرب
1- وكان لنعمي قريب واسع الثراء والنفوذ، من عشيرة اليمالك زوجها، اسمه بوعز.
2- فقالت راعوث الموآبية لنعمي: «دعيني اذهب الى الحقل والتقط السنابل المتخلفة عن اي واحد احظى برضاه». فاجابتها: «اذهبي يابنتي»
3- فمضت الى حقل وشرعت تلتقط السنابل وراء الحصادين.
 
4- واتفق ان قطعة الحقل التي راحت راعوث تلتقط منها السنابل، كانت ملكا لبوعز من عشيرة اليمالك.
5- وجاء بوعز من بيت لحم وقال للحصادين: «الرب معكم». فاجابوه «يباركك الرب».
6- فسال بوعز غلامه المشرف على الحصادين: «من هذه الفتاة؟» فاجابه: «هي فتاة موآبية، رجعت مع نعمي من بلاد موآب.
7- وطلبت قائلة: دعوني التقط واجمع السنابل المتساقطة بين الحزم وراء الحصادين، وقد ظلت تلتقط من الصباح الى الآن، لم تسترح في الظل الا قليلا».
 
8- فقال بوعز لراعوث: «استمعي ياابنتي، امكثي هنا لتلتقطي السنابل ولا تذهبي الى حقل آخر، ولازمي فتياتي العاملات فيه.
9- راقبي الحقل الذي يحصده الحصادون واذهبي وراءهم، فقد اوصيت الغلمان الا يمسوك بسوء. واذا شعرت بالعطش فاذهبي واشربي من الآنية التي ملاوها».
10- فانحنت براسها الى الارض وقالت له: «كيف لقيت حظوة لديك فاهتممت بي انا الغريبة؟»
11- فاجابها بوعز: «لقد بلغني ما احسنت به الى حماتك بعد موت زوجك، حتى انك تخليت عن ابيك وامك وارض مولدك، وجئت الى شعب لم تعرفيه من قبل.
12- ليكافئك الرب اله اسرائيل، الذي جئت لتحتمي تحت جناحيه، وفقا لاحسانك. وليكن اجرك كاملا من عنده».
13- فقالت: «ليتني اظل متمتعة برضى سيدي، فقد عزيتني وطيبت قلب جاريتك، مع انني لا اساوي واحدة من جواريك».
14- وعندما حل موعد الاكل، قال لها بوعز: «تقدمي وكلي بعض الخبز، واغمسي لقمتك في الخمر». فجلست بجانب الحصادين، فناولها فريكا فاكلت وشبعت وفاض عنها.
15- ثم قامت لتلتقط سنابل. فامر بوعز غلمانه قائلا: «اتركوها تلتقط سنابل بين حزم الشعير ايضا ولا تمسوها باذى،
16- بل انتزعوا بعض السنابل من الحزم واتركوها لها لتلتقطها، ولا تضايقوها».
 
17- وظلت راعوث تلتقط الى المساء. ثم خبطت السنابل التي التقطتها فوجدت انها نحو ايفة شعير (اي نحو اربعة وعشرين لتر شعير)،
18- فحملتها وقدمت بها الى المدينة. فرات حماتها ما التقطته، ثم اخرجت ما فاض عنها من طعام بعد شبعها واعطته لحماتها
19- التي سالتها: «اين التقطت اليوم، وفي اي حقل عملت؟ ليبارك الرب من كان عطوفا عليك». فاخبرت راعوث حماتها عمن اشتغلت في حقله وقالت: «اسم الرجل الذي عملت في حقله اليوم هو بوعز».
20- فقالت نعمي لكنتها: «ليكن الرب مباركا لانه لم يتخل عن الاحسان الى الاحياء والاموات». ثم استطردت: «ان الرجل قريب لنا، وهو من اوليائنا».
21- فقالت راعوث الموآبية: «لقد طلب مني ان الازم عماله حتى يستوفوا حصاده».
22- فقالت نعمي لراعوث كنتها: «خير لك ان تلازمي فتياته لئلا يقع بك اذى لو عملت في حقل آخر».
23- فلازمت راعوث فتيات بوعز اللاقطات السنابل، حتى تم حصاد الشعير والحنطة ايضا واقامت مع حماتها.
 
24 08   كتاب راعوث 003 الرب
1- وذات يوم قالت نعمي لكنتها راعوث: «هل احاول ان اجد لك زوجا يرعاك فتنعمي بالخير؟
2- اليس بوعز الذي عملت مع فتياته قريبا لنا؟ ها هو يذري بيدر الشعير الليلة،
3- فاغتسلي وتطيبي وارتدي اجمل ثيابك واذهبي الى البيدر، ولا تدعي الرجل يكتشف وجودك حتى يفرغ من الاكل والشرب.
4- وعندما يضطجع عايني موضع اضطجاعه، ثم ادخلي اليه وارفعي الغطاء عند قدميه وارقدي هناك، وهو يطلعك عما تفعلين».
5- فاجابتها: «سافعل كل ما تقولين».
 
6- وتوجهت راعوث الى البيدر ونفذت ما اشارت به عليها حماتها.
7- فبعد ان اكل بوعز وشرب وطابت نفسه ومضى ليرقد عند الطرف القصي من كومة الشعير، تسللت راعوث ورفعت الغطاء عند قدميه ونامت.
8- وعند منتصف الليل تقلب الرجل في نومه مضطربا، ثم استيقظ والتفت حوله واذا به يجد امراة راقدة عند قدميه،
9- فتساءل: «من انت؟» فاجابت: «انا راعوث امتك، فابسط هدب ثوبك على امتك لانك قريب وولي».
10- فقال: «ليباركك الرب يابنتي لان ما اظهرته من احسان الآن هو اعظم مما اظهرته سابقا، فانت لم تتهافتي على الشبان، فقراء كانوا او اغنياء.
11- والآن لا تخافي ياابنتي، سافعل كل ما تطلبين، فاهل مدينتي كلهم يعلمون انك امراة فاضلة.
12- صحيح انني قريب ولي، ولكن هناك من هو ولي اقرب مني.
13- نامي الليلة، وفي الصباح ان قام ذلك القريب الاولى بحق الولي وتزوجك، فحسنا يفعل. وان ابى قضاء واجب الولي، فاقسم بالرب الحي ان اتزوجك، فارقدي الآن الى الصباح».
 
14- فنامت عند قدميه حتى الصباح، ثم نهضت مبكرة جدا في وقت لا يتمكن المرء فيه من تمييز صاحبه، وقال لها: «لا تخبري احدا انك جئت الى البيدر».
15- ثم قال لها ايضا: «هاتي الرداء الذي عليك وامسكيه» ففعلت، فكال لها ستة اكيال من الشعير (نحو ستة وثلاثين لترا) وحملها اياها، ثم دخلت الى المدينة.
16- فاقبلت على حماتها، فسالتها: «ماذا حدث ياابنتي؟» فقصت عليها كل ما صنعه الرجل لها.
17- وقالت: «وقد اعطاني ستة اكيال من الشعير قائلا: «لا ترجعي فارغة اليدين الى حماتك».
18- فقالت لها نعمي: «انتظري يابنتي ريثما نتبين نتيجة الامر، لان الرجل لن يقر له قرار حتى ينهي الامر كله اليوم».
 
25 08   كتاب راعوث 004 الرب
1- فانطلق بوعز الى ساحة بوابة المدينة وجلس هناك. فلم يلبث ان مر القريب الولي الذي تحدث عنه بوعز، فقال له: «تعال هنا ياصديقي واجلس». فمال اليه وجلس.
2- واستدعى بوعز عشرة رجال من شيوخ المدينة وقال لهم: «اجلسوا معنا هنا». فجلسوا.
3- ثم التفت الى الولي الاقرب وقال: «ان نعمي التي رجعت من بلاد موآب مزمعة على بيع قطعة الحقل التي لقريبنا اليمالك.
4- فرايت ان اطلعك على الامر قائلا: اشتر الحقل امام الجالسين، وبحضور شيوخ قومي. فان رغبت ففكه وان لم ترغب فقل لي، فانا اولى بالشراء من بعدك». فاجابه الرجل: «اني اشتريه».
5- فقال بوعز: «يوم تشتري الحقل من نعمي، فواجبك يقتضي ان تتزوج راعوث الموآبية لتحيي اسم الميت على ميراثه».
6- فاجابه الولي الاقرب: «لا يمكنني ان اشتري الحقل لئلا افسد ميراثي، فاشتر انت الحقل عوضا عني لانني لا استطيع فكاكه».
 
7- وكانت العادة سابقا في اسرائيل بشان الفكاك والمبادلة لاجل اثبات حق الامر، ان يخلع الرجل نعله ويعطيه للشاري، لاضفاء صفة الشرعية على عقد البيع او المبادلة.
8- واستطرد الولي الاقرب قائلا لبوعز: «اشتر لنفسك» وخلع نعله.

9- فقال بوعز للشيوخ وللجمع الماثل حوله: «انتم شهود اليوم اني اشتريت كل ما لاليمالك وما لابنيه كليون ومحلون من يد نعمي.
10- وكذلك راعوث الموآبية امراة محلون قد اشتريتها لي زوجة، لاحيي اسم الميت على ميراثه، فلا ينقرض اسمه من بين اخوته ومن سجل المدينة. وانتم شهود على ذلك اليوم».
11- فقال الجمع الماثل عند بوابة المدينة والشيوخ ايضا: «نحن شهود. فليجعل الرب المراة الداخلة الى بيتك نظير راحيل وليئة اللتين بنتا بيت يعقوب. فليتسع نفوذك في افراتة، وليذع اسمك في بيت لحم.
12- وليكن نسلك الذي يعطيك اياه الرب من هذه المراة كنسل فارص الذي انجبته ثامار ليهوذا».

13- فتزوج بوعز من راعوث وعاشرها فحملت منه وانجبت ابنا.
14- فقالت النساء لنعمي: «ليكن الرب مباركا الذي لم يحرمك اليوم وليا، وليذع اسمه في اسرائيل،
15- لان كنتك التي احبتك هي اكثر خيرا لك من سبعة ابناء، وقد ولدته ليكون سببا في احياء نفسك ورعايتك في شيخوختك».
16- فاخذت نعمي الولد في حضنها، وقامت على تربيته.
17- وقالت جاراتها: «قد ولد ابن لنعمي». ودعونه عوبيد، وهو ابو يسى ابي الملك داود.
 
18- وهذه هي مواليد فارص: انجب فارص حصرون.
19- وانجب حصرون رام، وانجب رام عميناداب.
20- وانجب عميناداب نحشون، وانجب نحشون سلمون.
21- وانجب سلمون بوعز، وانجب بوعز عوبيد.
22- وانجب عوبيد يسى، وانجب يسى داود.
 
26 09   كتاب صموئيل الاول 001 الرب
1- كان رجل افرايمي اسمه القانة بن يروحام بن اليهو بن توحو بن صوف، يقيم في رامتايم صوفيم من جبل افرايم.
2- وكان متزوجا من امراتين هما حنة وفننة. وكان لفننة اولاد؛ اما حنة فكانت عاقرا.
3- وكان من عادة القانة ان يذهب من مدينته مع عائلته في كل عام ليسجد ويقدم ذبائح للرب القدير في شيلوه، وكان حفني وفينحاس ابنا عالي هما كاهنا الرب في ذلك الوقت.
4- وحين يازف وقت تقديم الذبيحة كان القانة يعطي فننة امراته وجميع ابنائها وبناتها نصيبا واحدا لكل منهم.
5- اما حنة فكان يعطيها نصيب اثنين لانه كان يحبها. غير ان الرب جعلها عاقرا.
6- فكانت ضرتها، حبا في اغاظتها، تعيرها لان الرب جعلها عاقرا.
7- وثابرت على اثارة غيظها سنة بعد سنة كلما ذهبت الى بيت الرب. فبكت حنة وامتنعت عن الاكل.
8- فسالها القانة زوجها: «يا حنة، لماذا تبكين؟ ولماذا تمتنعين عن الاكل؟ ولماذا يكتئب قلبك؟ الست انا خيرا لك من عشرة بنين؟»
 
9- وذات مرة بعد ان فرغوا من تناول الطعام في شيلوه، وفيما كان عالي الكاهن جالسا على الكرسي عند قائمة خيمة الرب، قامت حنة
10- بنفس مرة وصلت الى الرب وبكت بحرقة،
11- ونذرت نذرا للرب قائلة: «يارب الجنود، ان عطفت على مذلة امتك، وذكرتني ولم تنسني، بل وهبت امتك ذرية، فانني اعطيه للرب كل ايام حياته، ولن احلق راسه».
 
12- واطالت حنة صلاتها امام الرب بينما كان عالي يراقب حركة شفتيها.
13- فان حنة كانت تصلي في قلبها ولا يتحرك منها سوى شفتيها، من غير ان يصدر عنهما صوت، فظن عالي انها سكرى.
14- فقال لها عالي: «الى متى تظلين سكرى؟ كفي عن شرب الخمر»
15- فاجابته: «لا يا سيدي: انني امراة حزينة الروح، لم اشرب خمرا ولا مسكرا، بل اسكب نفسي امام الرب.
16- لا تظن امتك ابنة بليعال، فانني من فرط كربتي وغيظي قد اطلت صلاتي الى الآن».
17- فقال لها عالي: «اذهبي بسلام، وليعطك اله اسرائيل ما طلبته من لدنه».
18- فقالت: «ليت امتك تحظى برضاك». ثم انصرفت في سبيلها واكلت، ولم تعد امارات الحزن تكسو وجهها.
 
19- وفي الصباح التالي بكروا بالنهوض وسجدوا امام الرب، ثم عادوا الى بيتهم في الرامة. وعاشر القانة زوجته حنة، واستجاب الرب دعاءها.
20- وفي غضون سنة حبلت حنة وانجبت ابنا دعته صموئيل قائلة: «لاني سالته من الرب».
 
21- وفي موعد الذبيحة السنوية من العام التالي، ذهب القانة واسرته للعبادة.
22- غير ان حنة تخلفت عنهم قائلة لزوجها: «سانتظر حتى افطم الصبي، ثم آخذه ليمثل امام الرب، واتركه هناك الى الابد».
23- فاجابها القانة: «افعلي ما يحلو لك، وامكثي حتى تفطميه، ويكفينا ان الرب يفي بما وعد به». فمكثت حنة في بيتها ترضع ابنها الى ان فطمته.

24- ثم انطلقت بالصبي، على الرغم من صغر سنه، الى الرب في شيلوه، ومعها ثلاثة ثيران وايفة دقيق (نحو اربعة وعشرين لترا) وزق خمر.
25- وبعد ان ذبحوا الثور حملوا الصبي الى عالي،
26- وقالت له: «لتحي نفسك ياسيدي، انا المراة التي مثلت لديك هنا تصلي الى الرب،
27- متضرعة اليه ان يعطيني هذا الصبي، فاستجاب الرب دعائي الذي رفعته اليه.
28- لذلك انا اهبه للرب جميع ايام حياته». وسجدوا هناك للرب.
 
27 09   كتاب صموئيل الاول 002 الرب
1- وصلت حنة قائلة: «ابتهج قلبي بالرب وسمت عزتي به. افتخر على اعدائي لاني فرحت بخلاصك.
2- اذ ليس قدوس نظير الرب، ولا يوجد من يماثلك، وليس صخرة كالهنا.
3- كفوا عن الكبرياء، وكموا افواهكم عن الغرور لان الرب اله عليم وبه توزن الاعمال.
4- لقد تحطمت اقواس الجبابرة وتنطق الضعفاء بالقوة.
5- الذين كانوا شباعى آجروا انفسهم لقاء الطعام، والذين كانوا جياعا ملاهم الشبع. انجبت العاقر سبعة، اما كثيرة الابناء فقد ذبلت.
6- الرب يميت ويحيي، يطرح الى الهاوية ويصعد منها.
7- الرب يفقر ويغني، يذل ويعز.
8- ينهض المسكين من التراب، ويرفع البائس من كومة الرماد، ليجلسه مع النبلاء، ويملكه عرش المجد، لان للرب اساسات الارض التي ارسى عليها المسكونة.
9- هو يحفظ اقدام اتقيائه، اما الاشرار فينطوون في الظلام، لانه ليس بالقوة يتغلب الانسان.
10- مخاصمو الرب يتحطمون، ومن السماء يقذف رعوده عليهم؛ يدين الرب اقاصي الارض، ويمنح عزة لمن يختاره ملكا ويمجد مسيحه».

11- ثم رجع القانة الى بيته في الرامة، وظل الصبي يخدم الرب لدى عالي الكاهن.
 
12- اما ابنا عالي فكانا متورطين في الشر لا يعرفان الرب
13- ولا حق الكهنة المتوجب على الشعب. فكان كلما قدم رجل ذبيحة ياتي غلام الكاهن عند طبخ اللحم حاملا بيده خطافا ذا ثلاث شعب.
14- فيغرزه في اللحم الذي في المرحضة او المرجل او المقلى او القدر، وياخذ الكاهن كل ما يعلق بشعب الخطاف. هكذا كانا يعاملان جميع الاسرائيليين القادمين الى شيلوه.
15- كذلك كان خادم الكاهن ياتي الى ذابح القربان ويقول له قبل احراق الشحم: «اعط لحما للكاهن حتى يشوى، فانه لا يقبل منك لحما مطبوخا بل نيئا».
16- فيجيبه الرجل: «ليحرقوا اولا شحم الذبيحة، ثم خذ ما تشتهيه نفسك». فيقول الخادم: «لا، بل اعطني الآن اللحم والا آخذه بالرغم عنك».
17- فعظمت خطيئة ابناء عالي امام الرب، لان الشعب استهان بذبيحة الرب من جراء تصرفاتهما.
 
18- وكان صموئيل آنئذ يخدم في محضر الرب وهو ما برح صبيا، يرتدي افودا من كتان.
19- وكانت امه تصنع له جبة صغيرة، تحضرها معها كل سنة عند مجيء رجلها لتقريب الذبيحة السنوية،
20- فيبارك عالي القانة وزوجته قائلا: «ليرزقك الرب ذرية من هذه المراة عوضا عن الصبي الذي وهبتماه للرب». ثم يرجعان الى حيث يقيمان.
21- وعندما افتقد الرب حنة، حملت وانجبت ثلاثة ابناء وبنتين. اما صموئيل فقد ترعرع في خدمة الرب.
 
22- وطعن عالي في السن. وبلغه ما ارتكبه بنوه من مساويء بحق جميع الاسرائيليين، وانهم كانوا يضاجعون النساء المجتمعات عند مدخل خيمة الاجتماع.
23- فقال لهم: «لماذا ترتكبون هذه الفواحش، فقد بلغتني اخبار مساوئكم من جميع هذا الشعب؟
24- لا، يا بني، فالاخبار التي بلغتني مشينة، اذ انكم تجعلون الشعب يتعدى على شريعة الرب.
25- فان اخطا انسان نحو انسان، فالله يدينه، ولكن ان اخطا الى الرب فمن يصلي من اجله؟» لكنهم لم يعيروا توبيخ ابيهم اي اهتمام لان الرب شاء ان يميتهم.
26- اما الصبي صموئيل فاستمر ينمو في الصلاح ويحظى برضى الله والناس.
 
27- وذات يوم جاء نبي الى عالي برسالة من الله، قال: «الم اتجل لبيت ابيك وهم ما برحوا في مصر في ديار فرعون،
28- وانتخبت اباكم هرون من بين جميع اسباط اسرائيل ليكون لي كاهنا يصعد على مذبحي قرابين ويوقد بخورا،ويرتدي امامي افودا، ووهبت لبيت ابيك جميع وقائد بني اسرائيل.
29- فلماذا تحتقرون ذبيحتي وتقدمتي التي امرت بها للمسكن، وتفضل ابنيك عني لتكدسوا الشحم على ابدانكم، مما تخيرتموه من قرابين شعبي؟
30- لذلك يقول الرب اله اسرائيل: لقد وعدت ان يظل بيتك وبيت ابيك يخدمون في محضري الى الابد. اما الآن، يقول الرب: فحاشا لي ان افعل ذلك، لانني اكرم الذين يكرمونني، اما الذين يحتقرونني فيصغرون.
31- ها هي ايام مقبلة يخطف فيها الموت رجالكم فلا يبقى شيخ في بيتك.
32- وتشهد ضيقا في مسكني، بينما ينعم الاسرائيليون بالرفاهية ويخلو بيتك من الشيوخ كل الايام.
33- ويكون من استحييه من ذريتك لخدمة مذبحي سببا في اعشاء عينيك بالدموع واذابة قلبك بالحزن، وبقية ذريتك يموتون شبانا.
34- وتصديقا لقولي اعطيك علامة تصيب ابنيك حفني وفينحاس: انهما في يوم واحد يموتان كلاهما.
35- فاختار لنفسي كاهنا مخلصا يعمل بمقتضى ما بقلبي ونفسي فاقيم له بيتا امينا، ويصير كاهنا للملك الذي اختاره.
36- وكل من يبقى من ذريتك ياتي اليه ساجدا متوسلا من اجل قطعة فضة ورغيف خبز، متضرعا اليه قائلا: هبني عملا بين الكهنة لآكل كسرة خبز».
 
28 09   كتاب صموئيل الاول 003 الرب
1- وخدم الصبي صموئيل الرب باشراف عالي. وكانت رسائل الرب نادرة في تلك الايام، والرؤى عزيزة.
2- وحدث ان عالي كان مضطجعا في مكانه المعتاد وقد كل بصره فعجز عن النظر.
3- وبينما كان صموئيل راقدا في هيكل الرب الذي فيه تابوت الله، ولم يكن سراج الله قد انطفا بعد،
4- دعا الرب صموئيل، فاجاب: «نعم».
5- وهرول نحو عالي قائلا: «ها انا قد جئت لانك استدعيتني». فقال عالي: «انني لم ادعك. عد واضطجع». فرجع صموئيل ورقد.
6- ثم دعا الرب صموئيل مرة ثانية، فنهض صموئيل ومضى الى عالي قائلا: «ها انا جئت لانك دعوتني». فاجابه: «انني لم ادعك يا ابني، عد واضطجع».
7- ولم يكن صموئيل قد عرف الرب بعد، ولا تلقى منه اية رسالة.
8- ودعا الرب صموئيل مرة ثالثة، فقام وذهب الى عالي قائلا: «ها انا قد جئت لانك دعوتني». فادرك عالي آنئذ ان الرب هو الذي يدعو الصبي،
9- فقال عالي لصموئيل: «اذهب وارقد، واذا دعاك الرب فقل: تكلم يارب لان عبدك سامع». فذهب صموئيل ورقد في مكانه.
 
10- ودعا الرب كما حدث في المرات السابقة: «صموئيل، صموئيل». فاجاب صموئيل: «تكلم لان عبدك سامع»
11- فقال الرب لصموئيل: «ها انا مزمع ان اجري امرا في اسرائيل تطن اذنا كل من يسمع به.
12- اذ اوقع بعالي كل ما توعدت به بيته بحذافيره.
13- وقد انباته بانني سادين بيته الى الابد، على الشر الذي يعلم ان ابنيه قد اوجبا به اللعنة على نفسيهما، فلم يردعهما.
14- لهذا اقسمت ان لا يكفر عن اثم بيت عالي بذبيحة او تقدمة الى الابد».
 
15- ونام صموئيل الى الصباح، ثم قام وفتح ابواب بيت الرب. وخاف ان يطلع عالي على الرؤيا.
16- فاستدعى عالي اليه صموئيل.
17- وساله: «بماذا خاطبك الرب؟ لا تخف عني. ليضاعف الرب عقابك ان اخفيت عني كلمة مما خاطبك به الرب».
18- فاطلعه صموئيل على جميع الكلام، ولم يخف عنه شيئا. فقال عالي: «انه الرب، وهو يفعل ما يشاء».
 
19- وكبر الصبي. وكان الرب معه. لم يخذله قط.
20- وعرف جميع بني اسرائيل من دان الى بئر سبع ان الرب قد ائتمن صموئيل ليكون له نبيا.
21- وظل الرب يتجلى في شيلوه حيث كان يعلن ذاته لصموئيل من خلال رسائله التي كان صموئيل يبلغها لجميع الشعب.
 
29 09   كتاب صموئيل الاول 004 الرب
1- واحتشد الاسرائيليون عند حجر المعونة لمحاربة الفلسطينيين، وتجمع الفلسطينيون في افيق.
2- واصطف الفلسطينيون للقاء اسرائيل وما لبثت ان دارت رحى الحرب، فانهزم الاسرائيليون امام الفلسطينيين الذين قتلوا منهم في ميدان المعركة نحو اربعة آلاف رجل.
3- ورجع الناجون الى معسكرهم، فتساءل شيوخ اسرائيل: «لماذا هزمنا الرب اليوم امام الفلسطينيين؟ لنات بتابوت عهد الرب من شيلوه وندخله في وسطنا فينقذنا من قبضة اعدائنا».
4- فبعث الجيش الى شيلوه بمن حمل تابوت عهد الرب القدير الجالس على الكروبيم، ورافقه ايضا ابنا عالي: حفني وفينحاس.
 
5- وما ان دخل تابوت عهد الرب الى المعسكر حتى هتف جميع الجيش هتافا عظيما ارتجت له الارض.
6- فسمع الفلسطينيون ضجيج الهتاف فتساءلوا: «ما ضجيج الهتاف هذا في معسكر العبرانيين؟» ولما عرفوا ان تابوت الرب قد جيء به الى المعسكر،
7- اعتراهم الخوف وقالوا: «لقد جاء الله الى المعسكر، فالويل لنا لانه لم يحدث مثل هذا من قبل.
8- ويل لنا! من ينقذنا من يد اولئك الآلهة القادرين، فانهم هم الآلهة الذين انزلوا بمصر كل صنوف الضربات في البرية.
9- تشجعوا، وكونوا ابطالا ايها الفلسطينيون، لئلا يستعبدكم العبرانيون كما استعبدتموهم. كونوا رجالا واستبسلوا في القتال».
 
10- فحارب الفلسطينيون وانهزم الاسرائيليون، وفر كل واحد الى خيمته. وكانت المجزرة عظيمة جدا، وقتل من اسرائيل ثلاثون الف رجل.
11- واستولى الفلسطينيون على تابوت الله، ومات ابنا عالي حفني وفينحاس.
 
12- واقبل في ذلك اليوم رجل من ميدان المعركة الى شيلوه بثياب ممزقة وراس معفر بالتراب.
13- وكان عالي حينذاك جالسا على كرسي الى جوار الطريق يراقب، لان قلبه كان مضطربا على مصير تابوت الله. وما ان دخل الرجل المدينة واذاع النبا حتى ضجت المدينة كلها بالصراخ.
14- فتساءل عالي: «ما سر هذا الضجيج؟» فاسرع الرجل يبلغه الخبر.
15- وكان عالي قد بلغ من العمر ثمان وتسعين سنة، وكانت عيناه قد كلتا جدا، فلم يعد قادرا على الابصار.
16- فقال الرجل: «لقد وصلت لتوي من ميدان القتال هاربا اليوم من لهيب المعركة». فساله: «ماذا جرى يا بني؟»
17- فاجاب: «انهزم الاسرائيليون امام الفلسطينيين، وقتل عدد كبير جدا من الجيش، ومات ايضا هناك ابناك حفني وفينحاس، واخذ تابوت الله».
18- وما ان ذكر الرجل نبا تابوت الله حتى سقط عالي عن الكرسي الى الوراء الى جوار الباب، فانكسرت رقبته ومات لانه كان رجلا شيخا ثقيل الجسم. وقد قضى لبني اسرائيل مدة اربعين سنة.
 
19- وكانت كنته امراة فينحاس حبلى توشك على الولادة، فلما بلغها خبر الاستيلاء على تابوت الله ووفاة حميها ومقتل زوجها، سقطت وولدت، لان آلام المخاض هاجمتها.
20- وعند احتضارها قالت لها النسوة المحيطات بها: «لا تجزعي، فقد رزقت بولد»؛ فلم تجب ولم يابه قلبها للبشرى.
21- ودعت الصبي ايخابود قائلة: «قد زال المجد من اسرائيل»؛ لان تابوت الله قد اخذ ومات حموها وزوجها
22- وهذا ما دعاها للقول: «قد زال المجد من اسرائيل لان تابوت الله قد اخذ».
 
30 09   كتاب صموئيل الاول 005 الرب
1- واخد الفلسطينيون تابوت الله ونقلوه من حجر المعونة الى اشدود،
2- ثم ادخلوه الى معبد داجون الههم، ووضعوه الى جواره.
3- وفي صباح اليوم التالي وجد اهل اشدود صنم الههم داجون مطروحا على وجهه الى الارض امام تابوت الرب، فرفعوه واقاموه في موضعه.
4- وفي صباح اليوم التالي عثروا على صنم داجون مطروحا على وجهه الى الارض امام تابوت الرب، وراسه ويداه مقطوعة وملقاة على العتبة، ولم يبق منه سوى جسم السمكة.
5- لذلك لا يطا كهنة داجون وسائر الداخلين الى معبد داجون على عتبة المعبد في اشدود الى هذا اليوم.
 
6- ثم ثقلت وطاة الرب على الاشدوديين والقرى المحيطة بهم، فاصابهم الخراب، وبلاهم بالبواسير.
7- وعندما تبين اهل اشدود ما يجري قالوا: «لا ينبغي ان يمكث تابوت اله اسرائيل عندنا، لان وطاة يده قد قست علينا وعلى داجون الهنا».
8- فاستدعوا اقطاب الفلسطينيين جميعهم قائلين: «ماذا نصنع بتابوت اله اسرائيل؟» فاجابوهم: «انقلوه الى جت». وعندما نقلوا تابوت اله اسرائيل الى جت،
9- عاقبت يد الرب المدينة، فاصاب اهلها اضطراب عظيم جدا، وتفشى في صغيرهم وكبيرهم داء البواسير.
10- فارسلوا تابوت الله الى عقرون. وما ان دخل المدينة حتى صرخ اهل عقرون قائلين: «قد نقلوا الينا تابوت اله اسرائيل لكي يقضوا علينا وعلى شعبنا».
11- فبعثوا واستدعوا اقطاب الفلسطينيين وقالوا: «اعيدوا تابوت اله اسرائيل فيرجع الى موضعه ولا يفنينا نحن وشعبنا»؛ لان الموت قد ملا المدينة بالرعب، اذ صارت وطاة يد الرب عليهم ثقيلة جدا،
12- ومن لم يمت من الناس تفشت فيهم البواسير، فارتفع صراخ المدينة الى عنان السماء.
 
31 09   كتاب صموئيل الاول 006 الرب
1- وبقي تابوت الله في بلاد الفلسطينيين سبعة اشهر.
2- ثم سال الفلسطينيون الكهنة والعرافين: «ماذا نفعل بتابوت الرب؟ اخبرونا كيف نعيده الى موطنه».
3- فاجابوهم: «اذا اعدتم تابوت اله اسرائيل فلا تعيدوه فارغا بل ارسلوا معه قربان اثم، حينئذ تبراون وتدركون علة ما اصابكم من عقاب».
4- فسالوهم: «وما هو قربان الاثم الذي نرسله؟» فاجابوا: «ارسلوا بحسب عدد اقطاب الفلسطينيين خمسة نماذج ذهبية للبواسير، وخمسة نماذج ذهبية للفيران، لان الكارثة التي ابتليتم بها واحدة عليكم وعلى اقطابكم.
5- واسبكوا نماذج بواسيركم ونماذج فيرانكم التي خربت الارض، ومجدوا اله اسرائيل، لعله يخفف من وطاة يده عنكم وعن آلهتكم وعن ارضكم.
6- فلماذا تصلبون قلوبكم كما صلب المصريون وفرعون قلوبهم؟ الم يطلقوهم على اثر ما اوقع بهم من عقاب؟
7- والآن اصنعوا عربة واحدة جديدة واربطوها الى بقرتين مرضعتين لم يعلهما نير، وردوا عجليهما عنهما الى الحظيرة،
8- ثم ضعوا تابوت الرب على العربة مع صندوق فيه امتعة الذهب التي تردونها له لتكون قربان اثم، واطلقوا العربة بما عليها فتذهب.
9- وراقبوها، فان اتجهت في طريق ارض اسرائيل الى بيت شمس تعلمون آنئذ ان اله اسرائيل هو الذي انزل بنا هذا الشر العظيم، وان مضت في غير هذا الاتجاه، ندرك ان ما اصابنا هو صدفة، ولم يكن عقابا من يده».
 
10- فنفذ الرجال الامر، واخذوا بقرتين مرضعتين ربطوهما الى العربة وحبسوا عجليهما في الحظيرة،
11- ثم وضعوا تابوت الرب على العربة مع الصندوق وفيران الذهب ونماذج بواسيرهم،
12- فاتجهت البقرتان وهما تجاران، مباشرة في طريق بيت شمس في خط مستقيم، لا تحيدان يمينا ولا شمالا. وسار اقطاب الفلسطينيين خلفهما حتى حدود بيت شمس.
13- وكان اهل بيت شمس يقومون بحصاد الحنطة في الوادي، وما ان راوا التابوت حتى غمرت البهجة قلوبهم
14- وتوجهت العربة الى حقل رجل اسمه يهوشع البيتشمسي، ووقفت بجوار حجر كبير. فشق اهل بيت شمس خشب العربة وذبحوا البقرتين وقدموهما محرقة للرب.
15- وانزل بعض اللاويين تابوت الرب والصندوق الذي معه، بما فيه من امتعة الذهب، واقاموهما على الحجر الكبير. في ذلك اليوم اصعد اهل بيت شمس محرقات وقربوا ذبائح للرب.
16- وبعد ان شاهد اقطاب الفلسطينيين الخمسة ما جرى رجعوا الى عقرون في اليوم نفسه.

17- اما قرابين الاثم للرب التي ردها الفلسطينيون من نماذج بواسير الذهب، فكانت واحدا عن اشدود، وواحدا عن غزة، وواحدا عن اشقلون، وواحدا عن جت، وواحدا عن عقرون.
18- وكانت نماذج فيران الذهب على عدد مدن اقطاب الفلسطينيين الخمسة، سواء كانت مدنا محصنة ام قرية في الصحراء. ولا يزال الحجر الكبير الذي وضعوا تابوت الرب عليه باقيا حتى الآن في حقل يهوشع في بيت شمس، شاهدا على هذا.
 
19- وعاقب الرب اهل بيت شمس فقتل منهم سبعين رجلا لانهم نظروا الى ما بداخل تابوت الرب، فناح الشعب لان الرب اوقع بهم كارثة عظيمة.
20- وقال اهل بيت شمس: «من يستطيع ان يقاوم الرب الاله القدوس هذا؟ والى اين نرسل التابوت من هنا؟»
21- وبعثوا برسل الى اهل قرية يعاريم قائلين: «قد اعاد الفلسطينيون تابوت الرب، فتعالوا وخذوه».
 
32 09   كتاب صموئيل الاول 007 الرب
1- وجاء اهل يعاريم واخذوا تابوت الرب حيث وضعوه في بيت ابيناداب القائم على التل، وكرسوا العازار ابنه ليقوم على حراسة التابوت.
2- وطالت مدة بقاء التابوت في قرية يعاريم، اذ انقضت عشرون سنة عليه هناك. تاب فيها كل بني اسرائيل الى الرب نائحين.
 
3- فقال صموئيل لكل شعب اسرائيل: «ان كنتم حقا قد تبتم من كل قلوبكم الى الرب، فانزعوا الآلهة الغريبة واصنام العشتاروث من وسطكم، وهيئوا قلوبكم للرب واعبدوه وحده، فينقذكم من قبضة الفلسطينيين».
4- فتخلص بنو اسرائيل من البعليم واصنام عشتاروث، وعبدوا الرب وحده.
 
5- فقال صموئيل: «ادعوا كل اسرائيل للاجتماع في المصفاة فاصلي لاجلكم الى الرب».
6- فاجتمعوا في المصفاة حيث استقوا ماء وسكبوه امام الرب، وصاموا في ذلك اليوم قائلين هناك: «قد اخطانا الى الرب». وكان صموئيل يقضي لبني اسرائيل في المصفاة.
7- واذ سمع اقطاب الفلسطينيين بتجمع الاسرائيليين في المصفاة، احتشدوا لمحاربتهم. وعندما بلغ الخبر بني اسرائيل اعتراهم الخوف من الفلسطينيين،
8- وقالوا لصموئيل: «لا تكف عن التضرع الى الرب الهنا من اجلنا حتى يخلصنا من قبضة الفلسطينيين».
9- فاخذ صموئيل حملا رضيعا، وقدمه بكامله محرقة للرب، وتضرع اليه من اجل انقاذ اسرائيل، فاستجاب له الرب.
10- وبينما كان صموئيل يقدم المحرقة، اقبل الفلسطينيون لمحاربة اسرائيل، فاطلق الرب صرخة راعدة عظيمة على الفلسطينيين القت فيهم الرعب فانهزموا امام اسرائيل.
11- فاندفع رجال اسرائيل من المصفاة، وتعقبوهم الى ما تحت بيت كار، وقضوا عليهم.
 
12- فاخذ صموئيل حجرا ونصبه بين المصفاة والسن، ودعاه «حجر المعونة» وقال: «الى هنا اعاننا الرب»
13- فانكسرت شوكة الفلسطينيين ولم يجرؤوا على التعدي على تخوم اسرائيل، لان يد الرب كانت ضد الفلسطينيين طوال حياة صموئيل.
14- واسترد بنو اسرائيل كل المدن التي اقتطعها الفلسطينيون منهم من عقرون الى جت، واستعادوا تخومهم من يد الفلسطينيين. كما عقد بنو اسرائيل معاهدة صلح مع الاموريين.

15- وظل صموئيل قاضيا لاسرائيل كل ايام حياته،
16- فكان في كل سنة ينتقل بين بيت ايل والجلجال والمصفاة ليعقد مجلس قضائه فيها،
17- ثم يرجع للرامة حيث يقيم، وهناك يقضي لاسرائيل، كما بنى هناك مذبحا للرب.
 
33 09   كتاب صموئيل الاول 008 الرب
1- ولما طعن صموئيل في السن نصب ابنيه قاضيين لاسرائيل.
2- وكان اسم ابنه البكر يوئيل، واسم الثاني ابيا، وكان مقر قضائهما في بئر سبع.
3- غير انهما لم يسلكا في طريقه، بل غويا وراء المكسب وقبلا الرشوة وحابيا في القضاء.
4- فاجتمع شيوخ اسرائيل وجاءوا الى صموئيل في الرامة،
5- وقالوا له: «ها انت قد شخت، ولم يسلك ابناك في طريقك، فنصب علينا ملكا يحكم علينا كبقية الشعوب».
6- فاستاء صموئيل من طلبهم تنصيب ملك عليهم ليحكم بينهم، وصلى الى الرب،
7- فقال الرب له: «لب للشعب طلبه وانزل عند رغبتهم، لانهم لم يرفضوك انت بل اياي رفضوا، لكي لا املك عليهم.
8- وهم يعاملونك الآن كما عاملوني منذ ان اصعدتهم من ديار مصر الى هذا اليوم، اذ تركوني وعبدوا آلهة اخرى.
9- والآن لب طلبهم، انما اشهد عليهم وحذرهم مما يجريه الملك المتسلط عليهم من قضاء».
 
10- وابلغ صموئيل الشعب بكل ما قاله الرب،
11- وقال: «اسمعوا، هذا ما يقضي به الملك الذي سيحكم عليكم: يجند ابناءكم ويجعلهم فرسانا وخداما وجنودا يركضون امام مركباته
12- ويعين بعضهم قادة الوف وقادة خماسين، يحرثون حقوله ويحصدون غلاته، ويصنعون اسلحته ومركباته الحربية.
13- وياخذ من بناتكم ليجعل منهن طباخات وخبازات وصانعات عطور،
14- ويستولي على اجود حقولكم وكرومكم وزيتونكم ويهبها لعبيده.
15- ويجني عشر محاصيلكم ليوزعها على اصدقائه وحاشيته
16- ويسخر عبيدكم وجواريكم وخيرة شبانكم وحميركم في اعماله.
17- ويستولي على عشر غنمكم ويستعبدكم.
18- فتستغيثون في ذلك اليوم من جور ملككم، الذي اخترتموه لانفسكم، فلا يستجيب لكم الرب».
 
19- ولكن الشعب ابى ان يستمع لتحذيرات صموئيل، واصر قائلا: «لا بل نصب علينا ملكا،
20- فنكون كسائر الشعوب، لنا ملك يقضي بيننا ويقودنا ويحارب معاركنا».
21- فسمع صموئيل لكلام الشعب، وردده امام الرب،
22- فقال الرب لصموئيل: «لب طلبهم ونصب عليهم ملكا». فقال صموئيل لرجال اسرائيل: «لينصرف كل واحد منكم الى مدينته».
 
34 09   كتاب صموئيل الاول 009 الرب
1- وكان رجل من سبط بنيامين من ذوي النفوذ يدعى قيس بن ابيئيل بن صرور بن بكورة بن افيح،
2- وكان له ابن اسمه شاول من اكثر شبان اسرائيل وسامة واكثرهم طولا، لم يزد طول قامة احد من الشعب عن ارتفاع كتفيه.
3- وحدث ان ضلت حمير قيس ابي شاول، فقال له: «خذ معك واحدا من الغلمان وامض باحثا عن الحمير».
4- فراح يبحث عنها في جبل افرايم وفي ارض شليشة، فلم يعثر عليها. فاجتاز مع غلامه الى ارض شعليم، ثم الى ارض بنيامين فلم يجدا لها اثرا.
5- وعندما بلغا ارض صوف قال شاول لرفيقه الغلام: «تعال نرجع لئلا يقلق ابي علينا اكثر من قلقه على الحمير».
6- فاجابه: «في هذه المدينة يقيم نبي يتمتع بالاكرام، وكل ما ينبيء به يتحقق، فلنذهب اليه لعله يخبرنا عن الطريق التي علينا سلوكها».
7- فقال شاول للغلام: «كيف نذهب اليه ونحن لا نحمل معنا هدية نقدمها اليه حتى الخبز الذي كان معنا قد نفد. اننا لا نملك شيئا».
8- فقال الغلام: «معي ربع شاقل (اي ثلاثة جرامات) من الفضة، نقدمها له فيخبرنا عن الطريق التي نتخذها».
9- وكان النبي حينذاك يدعى الرائي، فكان الرجل يقول عند ذهابه ليستشير الرب: «هيا نذهب الى الرائي»
10- فقال شاول لغلامه: «حسنا ما تقول. هلم نذهب». وانطلقا الى المدينة التي فيها رجل الله.

11- وعندما بلغا مشارف المدينة صادفا فتيات خارجات لاستقاء الماء، فسالاهن: «اهنا الرائي؟»
12- فاجبنهما: «نعم. ها هو امامكما. اسرعا الآن لانه قدم اليوم الى المدينة لان الشعب يقرب اليوم ذبيحة على التل.
13- فان دخلتما المدينة على التو، تلحقان به قبل صعوده الى التل لياكل، لان الشعب لا ياكل من الذبيحة حتى ياتي ويباركها. بعد ذلك يتناول المدعوون منها. فاسرعا الآن خلفه ان شئتما اليوم لقاءه».
14- فتوجها نحو المدينة. وفيما هما يجتازان في وسطها، اذا بصموئيل مقبل للقائهما في طريق صعوده الى التل.
 
15- وكان الرب قد اعلن لصموئيل في اليوم السابق لحضور شاول:
16- «غدا في مثل هذا الوقت ابعث اليك رجلا من ارض بنيامين. فامسحه حاكما على شعبي اسرائيل، فيخلصهم من قبضة الفلسطينيين، فقد رق قلبي لشعبي، لان استغاثتهم قد ارتفعت الي».
17- فما ان شاهد صموئيل شاول حتى قال له الرب: «ها هو الرجل الذي اخبرتك عنه. هذا الذي يحكم شعبي».
18- وتقدم شاول الى صموئيل وقال: «اخبرني، اين بيت الرائي؟»
19- فاجاب صموئيل: «انا هو الرائي. اصعد امامي الى التل حيث نتناول الطعام معا، ثم اطلقك صباحا بعد ان اخبرك بكل ما تود معرفته.
20- اما الحمير التي ضلت منذ ثلاثة ايام فلا تقلق بشانها، لانه قد تم العثور عليها. اليس كل نفيس في اسرائيل، هو لك ولكل بيت ابيك؟»
21- فاجاب شاول: «يا سيدي، انا انتمي لسبط بنيامين، اصغر اسباط اسرائيل، وعشيرتي اصغر عشائر بنيامين شانا، فلماذا تحدثني بمثل هذا الكلام؟»
 
22- فاخذ صموئيل شاول وغلامه وادخلهما الى قاعة الطعام، واجلسهما على راس المائدة التي التف حولها نحو ثلاثين رجلا،
23- وقال للطباخ: «احضر قطعة اللحم التي اعطيتك اياها وطلبت منك ان تحتفظ بها عندك».
24- فتناول الطباخ الساق وما عليها ووضعها امام شاول، وقال صموئيل: «هذا ما احتفظت به لك. كل منه لانه قد احتفظ به خصيصا لك منذ ان قلت: انني دعوت ضيوفا». فاكل شاول مع صموئيل في ذلك اليوم.
 
25- وعندما انحدروا من التل الى المدينة تحادث صموئيل وشاول على السطح.
26- وفي فجر اليوم التالي استدعى صموئيل شاول ليصعد الى سطح البيت قائلا: «انهض لاصرفك». فتهيا شاول للانصراف، وشيعه صموئيل الى الخارج.
27- وعندما بلغا طرف المدينة قال صموئيل لشاول: «قل للغلام ان يسبقنا». وعندما سبقهما قال صموئيل لشاول: «قف لاتلو عليك رسالة الله لك».
 
35 09   كتاب صموئيل الاول 010 الرب
1- واخذ صموئيل قنينة زيت وصب على راس شاول وقبله وقال: «لقد مسحك الرب رئيسا على ميراثه.
2- حالما تنصرف من عندي اليوم تصادف رجلين بالقرب من قبر راحيل في صلصح في ارض بنيامين، فيقولان لك: قد تم العثور على الحمير التي ذهبت تبحث عنها، وقد تبدد قلق ابيك بشانها. الا ان القلق استبد به عليكما قائلا: كيف يمكن ان اعثر على ولدي؟
3- وتتابع سيرك من هناك حتى تصل الى بلوطة تابور، فيلتقيك هناك ثلاثة رجال في طريقهم الى بيت ايل ليقدموا قربانا لله، يحمل احدهم ثلاثة جداء، ويحمل الثاني ثلاثة ارغفة خبز، ويحمل الثالث زق خمر،
4- فيحيونك ويقدمون لك رغيفي خبز، فاقبلهما منهم.
5- بعد ذلك تصل الى تل الله في جبعة حيث تعسكر حامية للفلسطينيين. فتصادفك عند مدخل جبعة مجموعة من الانبياء نازلين من التل يعزفون على الرباب والدف والناي والعود وهم يتنباون،
6- فيحل عليك روح الرب فتتنبا معهم وتصير رجلا آخر.
7- وعندما تتحقق هذه العلامات لك، فافعل ما تراه موافقا، لان الرب معك.
8- وعليك ان تسبقني الى الجلجال لانني قادم اليها لاصعد للرب محرقات واقرب ذبائح سلام، فامكث هناك سبعة ايام ريثما آتي اليك لاطلعك عما يتوجب عليك عمله».
 
9- وما ان انصرف من عند صموئيل، وبدا رحلة عودته حتى انعم الله عليه بقلب جديد وتحققت له جميع تلك العلامات.
10- وعندما وصل جبعة قابلته مجموعة من الانبياء، فحل عليه روح الله وتنبا في وسطهم.
11- وحين شاهده الذين كانوا يعرفونه من قبل يتنبا، تساءلوا فيما بينهم: «ماذا جرى لابن قيس؟ اشاول ايضا بين الانبياء؟»
12- فاجاب رجل من المقيمين هناك: «ومن هو ابو الانبياء؟» وهكذا صار القول: «اشاول ايضا بين الانبياء» مثلا.
13- ولما فرغ من التنبوء، صعد الى المرتفع،
14- فرآه عمه، وراى غلامه، فسالهما: «الى اين ذهبتما؟» فاجابه: «للبحث عن الحمير، ولما اخفقنا في العثور عليها قدمنا الى صموئيل».
15- فقال عم شاول: «انبئني ماذا قال لكما صموئيل؟»
16- فاجاب شاول عمه: «اعلمنا ان الحمير قد تم العثور عليها». ولكنه كتم عنه امر المملكة الذي حدثه به صموئيل.
 
17- واستدعى صموئيل الشعب للاجتماع الى الرب في المصفاة.
18- وابلغهم رسالة الرب لهم، التي تقول: «اني قد اخرجت اسرائيل من مصر وانقذتكم من قبضة المصريين ومن جور الممالك الاخرى التي ضايقتكم،
19- ولكنكم اليوم تنكرتم لالهكم، مخلصكم من جميع المسيئين اليكم ومن مضايقيكم، وقلتم له: نصب علينا ملكا. والآن امثلوا امام الرب حسب اسباطكم وعشائركم».
20- وطلب صموئيل من كل سبط ان يتقدم بدوره للمثول امام الرب، فاختار الرب سبط بنيامين.
21- ثم تقدمت عشائر سبط بنيامين، فاختار الرب عشيرة مطري، ومنها وقع الاختيار على شاول بن قيس. فبحثوا عنه فلم يعثروا عليه.
22- فسالوا الرب: «الم يات الرجل الى هنا بعد؟» فاجاب: «هوذا قد اختبا بين الامتعة».
23- فتراكضوا واحضروه من هناك. فوقف بين الشعب، فكان اطولهم قامة من كتفيه فما فوق.
24- فقال صموئيل لجميع الشعب: «اشاهدتم من اختاره الرب ليكون ملكا عليكم؟ ليس له نظير في كل الشعب»؛ فهتفوا: «ليحي الملك!»
25- واطلع صموئيل الشعب على حقوق الملك وواجباته ودونها في كتاب ووضعه امام الرب. ثم صرف صموئيل جميع الشعب الى بيوتهم.
26- ومضى شاول ايضا الى بيته الى جبعة ترافقه الجماعة التي مس الله قلبها.
27- غير ان فئة من الغوغاء قالوا: «كيف ينقذنا هذا؟» فاحتقروه ولم يقدموا له هدايا. اما شاول فاعتصم بالصمت.
 
36 09   كتاب صموئيل الاول 011 الرب
1- وزحف ناحاش العموني على يابيش جلعاد وحاصرها، فقال اهل يابيش لناحاش: «وقع معنا معاهدة فنصبح عبيدا لك»
2- فاجابهم: «حسنا، ولكن بشرط ان اقلع العين اليمنى لكل واحد منكم، فيصبح ذلك عارا على كل اسرائيل».
3- فقال له زعماء يابيش: «امهلنا سبعة ايام، نبعث فيها رسلا الى جميع اراضي اسرائيل طالبين النجدة، فان لم يغثنا احد، نذعن لشرطك».
4- وعندما وصل رسل يابيش الى جبعة شاول، واطلعوا الشعب على الامر، علا بكاء الشعب.
 
5- وفيما هم كذلك، اقبل شاول من الحقل يقود امامه البقر، فتساءل: «ما بال الشعب يبكي؟» فرووا له خبر اهل يابيش،
6- فحل عليه روح الله عندما سمع الخبر وثار غضبه.
7- واخذ ثورين قطعهما الى اجزاء وزعها على كل ارجاء اسرائيل بيد رسل قائلا: «هكذا يحدث لبقر كل من يتخلف عن الخروج وراء شاول ووراء صموئيل». فطغى رعب الرب على قلوبهم، والتفوا حول شاول كرجل واحد.
8- واحصاهم شاول في بازق فبلغ عددهم ثلاث مئة الف، فضلا عن ثلاثين الفا من رجال يهوذا.
9- وقالوا للرسل الوافدين: «اخبروا اهل يابيش ان غدا، عند اشتداد حر الشمس، يتم خلاصكم». وعندما عاد الرسل واخبروا اهل يابيش عمهم الفرح.
10- فقال اهل يابيش للعمونيين: «غدا نخرج اليكم مستسلمين لتصنعوا بنا ما يطيب لكم».
 
11- وفي صباح اليوم التالي قسم شاول جيشه الى ثلاث فرق، وهجموا على معسكر العمونيين عند الفجر واعملوا فيهم تقتيلا حتى اشتد حر النهار. والذين نجوا منهم تشتتوا حتى لم يبق منهم اثنان معا.
12- وقال بنو اسرائيل: «اين هؤلاء الذين تساءلوا: ايملك شاول علينا؟ سلموهم لنا فنقتلهم».
13- فقال شاول: «لا يقتل احد في هذا اليوم، لان الرب قد صنع اليوم خلاصا في اسرائيل».
 
14- وقال صموئيل للشعب: «هيا نذهب الى الجلجال لنجدد هناك عهد الملك».
15- فتوجه الشعب الى الجلجال، وملكوا هناك شاول امام الرب، وقربوا ذبائح سلام في حضرة الرب. وغمرت الفرحة شاول وسائر رجال اسرائيل.
 
37 09   كتاب صموئيل الاول 012 الرب
1- وقال صموئيل لكل الاسرائيليين: «ها انا قد لبيت طلبكم وحققت لكم كل ما سالتم ونصبت عليكم ملكا،
2- وقد صار لكم ملك يسير امامكم، واما انا فقد شخت وغزا الشيب شعر راسي. وها اولادي بينكم، وانا قد خدمتكم منذ صباي.
3- فاشهدوا علي في حضرة الرب، وامام ملكه المختار، ان كنت قد اخذت ثورا او حمارا من احد، او ظلمت او جرت على احد او قبلت رشوة من احد لاغمض عيني عنه، فاعوض ذلك عليكم».
4- فاجابوه:«لم تظلمنا ولم تجر علينا ولا اخذت شيئا من احد».
5- فقال لهم: «ليكن الرب وملكه المختار شاهدين في هذا اليوم على براءتي الكاملة». فقالوا: «يشهد الرب».
 
6- وقال صموئيل للشعب: «ان الرب هو الذي اختار موسى وهرون واخرج آباءكم من ديار مصر.
7- والآن امثلوا امام الرب لاذكركم بجميع معاملاته التي اجراها معكم ومع آبائكم:
8- بعد ان نزل يعقوب ديار مصر، واضطهد المصريون ذريته، استغاث آباؤكم بالرب، فارسل اليهم موسى وهرون فاخرجاهم من ديار مصر وقاداهم للاقامة في هذا الموضع.
9- وعندما تناسوا الرب الههم سلط عليهم سيسرا قائد جيش حاصور والفلسطينيين، وملك موآب فحاربوهم.
 
10- فاستغاثوا بالرب قائلين: اخطانا اذ تركنا الرب وعبدنا البعليم والعشتاروث. فالآن انقذنا من قبضة اعدائنا فنخلص لك العبادة.
11- فاقام الرب جدعون وبدان ويفتاح وصموئيل وانقذكم من قبضة اعدائكم المحيطين بكم، وسكنتم مطمئنين.
12- ولما عاينتم ناحاش ملك عمون زاحفا عليكم قلتم لي: نصب علينا ملكا، مع ان الرب الهكم هو ملككم.
13- والآن ها هو الرجل الذي اخترتم وطلبتم، قد جعله الرب عليكم ملكا.
14- فان اتقيتم الرب وعبدتموه واطعتم وصاياه ولم تعصوا امره واتبعتم الرب الهكم انتم وملككم المتسلط عليكم: فلن يصيبكم مكروه.
 
15- ولكن ان عصيتم وصايا الرب وامره، فان عقاب الرب ينزل بكم كما نزل بآبائكم.
16- والآن قفوا وانظروا ما يجريه الرب من آية عظيمة امامكم:
17- اليس اليوم هو موسم حصاد الحنطة؟ ساصلي الى الرب حتى يرسل عليكم رعودا ومطرا، فتدركون عظم الشر الذي ارتكبتموه في عيني الرب حين طلبتم ان ينصب عليكم ملكا».
18- وصلى صموئيل الى الرب فارسل رعودا ومطرا في ذلك اليوم، فاستولى خوف شديد على الشعب من الرب ومن صموئيل.

19- وتوسل جميع الشعب الى صموئيل قائلين: «صل من اجل عبيدك الى الرب الهك لكي لا نموت، لاننا قد اضفنا الى جميع خطايانا شرا جديدا حين طلبنا ان ينصب علينا ملكا».
 
20- فقال صموئيل للشعب: «لا تخافوا، فانتم حقا قد اقترفتم كل هذا الشر، ولكن اياكم ان تحيدوا عن الرب، بل اعبدوه من كل قلوبكم.
21- ولا تضلوا وراء الاصنام الباطلة التي لا تفيد ولا تنقذ، لانه لا طائل منها.
22- فالرب لا يتخلى عن شعبه اكراما لاسمه العظيم، لانه شاء ان يجعلكم له شعبا.
23- واما انا فحاشا لي ان اخطىء الى الرب، فاكف عن الصلاة من اجلكم، بل اواظب على تعليمكم الطريق الصالح المستقيم.
24- وعليكم بتقوى الرب وعبادته بامانة من كل قلوبكم، متا ملين العظائم التي صنعها معكم.
25- واما ان ارتكبتم الشر فمصيركم انتم وملككم الهلاك».
 
38 09   كتاب صموئيل الاول 013 الرب
1- كان شاول ابن (ثلاثين) سنة حين ملك، وفي السنة الثانية من ملكه،
2- اختار ثلاثة آلاف رجل من اسرائيل، احتفظ بالفين منهم لنفسه في مخماس وفي جبل بيت ايل، وترك الفا مع يوناثان ابنه في جبعة بنيامين. واما بقية الجيش فقد سرحهم ليعود كل الى بيته.
3- وهاجم يوناثان حامية الفلسطينيين المعسكرة في جبع، فبلغ الخبر الفلسطينيين. واطلق شاول البوق في كل الارض قائلا: «ليسمع جميع العبرانيين».
4- فذاع نبا ان شاول هاجم حامية الفلسطينيين، وان الفلسطينيين عازمون على الانتقام من الاسرائيليين، فتحرك جيش اسرائيل كله ولحق بشاول في الجلجال.
5- واحتشد الفلسطينيون لمحاربة اسرائيل بقوة تتالف من ثلاثين الف مركبة حربية، وستة آلاف فارس وجيش كرمل شاطىء البحر في كثرته، وتجمعوا في مخماس شرقي بيت آون.
6- وعندما راى بنو اسرائيل حرج موقفهم اعتراهم الضيق، فاختباوا في المغاور والادغال وبين الصخور والابراج والآبار.
7- واجتاز بعض العبرانيين نهر الاردن الى ارض جاد وجلعاد. اما شاول فظل في الجلجال مع بقية من الجيش ملا قلوبها الذعر.
 
8- ومكث شاول سبعة ايام في الجلجال ينتظر مجيء صموئيل بموجب اتفاق سابق. وعندما تاخر صموئيل عن الحضور وتفرق الجيش عن شاول،
9- قال شاول: «قدموا الي المحرقة وذبائح السلام». وقرب المحرقة.
10- وما ان انتهى من تقديمها حتى اقبل صموئيل، فخرج شاول للقائه ليتلقى بركته.
11- فسال صموئيل: «ماذا فعلت؟» فاجابه شاول: «رايت ان الشعب تفرق عني، وانت لم تحضر في موعدك، والفلسطينيون محتشدون في مخماس،
12- فقلت ان الفلسطينيين متاهبون الآن للهجوم علي في الجلجال وانا لم اتضرع الى الرب بعد طلبا لعونه، فوجدت نفسي مرغما على تقريب المحرقة».
 
13- فقال صموئيل لشاول: «لقد تصرفت بحماقة، فانت قد عصيت وصية الرب الهك التي امرك بها. ولو اطعته لثبت ملكك على اسرائيل الى الابد.
14- اما الآن، فلانك لم تطع ما امرك الرب به فان ملكك لن يدوم، لان الرب قد اختار لنفسه رجلا حسب قلبه وامره ان يصبح رئيسا على شعبه».
 
15- وانطلق صموئيل من الجلجال الى جبعة بنيامين. واحصى شاول من بقي معه من الجيش واذا بهم نحو ست مئة رجل.

16- وكان شاول وابنه يوناثان ومن معهما من الجيش معسكرين في جبع بنيامين، اما الفلسطينيون فكانوا متجمعين في مخماس.
17- وخرجت ثلاث فرق غزاة من معسكر الفلسطينيين توجهت احداها في طريق عفرة الى ارض شوعال،
18- وانطلقت الفرقة الثانية في طريق بيت حورون. اما الفرقة الثالثة فقد اتجهت في طريق الحدود المشرفة على وادي صبوعيم نحو الصحراء.
19- ولم يسمح الفلسطينيون في تلك الايام بوجود حدادين في كل ارض اسرائيل لئلا يصنع العبرانيون سيوفا ورماحا.
20- فكان على الاسرائيليين ان يلجاوا الى ارض الفلسطينيين ليسنوا رؤوس محاريثهم ومناجلهم وفؤوسهم ومعاولهم.
21- فكانت اجرة سن المحراث والمنجل ثلثي شاقل (نحو ثمانية جرامات من الفضة) ولكل مثلثات الاسنان والفؤوس والمناخس ثلث شاقل (اي اربعة جرامات من الفضة).
22- ولم يكن لدى جميع الجيش الباقي مع شاول ويوناثان في يوم الحرب اي سيف او رمح، الا ما كان مع شاول ويوناثان ابنه.
23- ومضت قوة من الفلسطينيين لتعسكر في ممر مخماس.
 
39 09   كتاب صموئيل الاول 014 الرب
1- وذات يوم قال يوناثان بن شاول للغلام حامل سلاحه: «تعال نمض الى حامية الفلسطينيين المعسكرة في ذلك الممر». ولكنه لم يخبر اباه بذلك.
2- وكان شاول ورجاله الست مئة مقيمين في طرف جبعة تحت شجرة الرمان في مغرون.
3- ومن جملتهم كان اخيا بن اخيطوب اخي ايخابود بن فينحاس بن عالي، كاهن الرب في شيلوه، وكان لابسا افودا، ولم يعلم احد من الجيش بذهاب يوناثان.
4- وكان من بين الممرات التي التمس يوناثان عبورها، لكي يتسلل الى حامية الفلسطينيين، ممر ضيق بين صخرتين مسنونتين، تسمى احداهما بوصيص والاخرى تسمى سنه،
5- وكانت احداهما تنتصب كعمود الى الشمال مقابل مخماس، والاخرى الى الجنوب مقابل جبعة.
6- فقال يوناثان للغلام حامل سلاحه: «نذهب الى خطوط هؤلاء الغلف، لعل الله يجري من اجلنا امرا عظيما، اذ لا يمتنع عن الرب ان يخلص بالعدد الكثير او بالقليل».
7- فاجابه: «افعل ما استقر عليه قلبك. تقدم، وها انا معك في كل ما عزمت عليه».
8- فقال يوناثان: «لنعبر صوب القوم ونظهر لهم انفسنا.
9- فان قالوا لنا: انتظروا ريثما ناتي اليكم. نثبت في مكاننا ولا نتقدم نحوهم.
10- ولكن ان قالوا لنا: تقدموا صوبنا، نتجه نحوهم، وتكون هذه علامة الرب لنا انه ينصرنا عليهم».
11- فاظهرا نفسيهما لحامية الفلسطينيين. فقال الفلسطينيون: «ها العبرانيون يبرزون من الجحور التي اختباوا فيها».
12- وقال رجال الحامية ليوناثان وحامل سلاحه: «تقدموا صوبنا لنلقي عليكما درسا». فقال يوناثان لحامل سلاحه: «اتبعني لان الرب قد اسلمهم لاسرائيل».
13- وتسلق يوناثان وحامل سلاحه على ايديهما وارجلهما، وهاجمهم يوناثان. فكان الفلسطينيون يسقطون امامه، فيسرع حامل سلاحه وراءه ويقضي عليهم.
14- فقتل على اثر هذا الهجوم الاول نحو عشرين رجلا تبعثرت جثثهم في حوالي نصف فدان من الارض.
15- فانتاب الرعب المخيم والجيش المنتشر في الحقل وجميع الشعب، وارتعدت الحامية والغزاة، وحدثت هزة رجفت فيها الارض وزادت من رعدتهم العظيمة.

16- وشاهد مراقبو جيش شاول في جبعة بنيامين ما اصاب جيش الفلسطينيين من تبدد وتشتت.
17- فامر شاول رجاله ان يقوموا باحصاء الموجودين لمعرفة الذين انطلقوا لمهاجمة الفلسطينيين فاكتشفوا غياب يوناثان وحامل سلاحه
18- فقال شاول لاخيا: «احضر تابوت الله». لان تابوت الله كان في ذلك اليوم مع بني اسرائيل.
19- وبينما كان شاول يتحدث مع الكاهن تزايد ضجيج معسكر الفلسطينيين، فقال شاول للكاهن: «كف يدك».
20- وهتف شاول وجميع القوم الذين معه واقبلوا على ساحة المعركة، واذا بهم يشهدون سيف كل فلسطيني مسلطا على صاحبه، وقد فشا بينهم اضطراب عظيم.
21- وانضم العبرانيون الذين التحقوا بالفلسطينيين من قبل واقاموا معهم في المعسكر وما حوله الى الاسرائيليين الذين مع شاول ويوناثان.
22- وسمع جميع رجال اسرائيل الذين اختباوا في جبل افرايم ان الفلسطينيين فروا، فجدوا هم ايضا في تعقبهم وقتلهم.
23- وهكذا انقذ الرب اسرائيل في ذلك اليوم، وما لبثت ساحة الحرب ان انتقلت الى ما وراء حدود بيت آون.
 
24- واعيا رجال اسرائيل في ذلك اليوم، لان شاول حلف الشعب قائلا: «ملعون الرجل الذي ياكل طعاما الى المساء حتى انتقم من اعدائي». فلم يذق جميع القوم طعاما.
25- واقبل كل الجيش الى الغابة حيث كان العسل يتقاطر،
26- ولكن لم يجرؤ احد ان يتذوق منه خوفا من لعنة الحلف.
27- اما يوناثان فلم يكن حاضرا عندما استحلف والده القوم، فمد طرف عصاه التي كانت بيده وغمسه في قطر العسل وتذوق منه فانتعشت قوته.
28- فقال له واحد من المحاربين: «قد حلف ابوك القوم قائلا: ملعون الرجل الذي ياكل اليوم طعاما»، فاصاب الشعب الاعياء.
29- فقال يوناثان: «لقد اضر ابي بكل الجيش. انظروا كيف انتعشت قواي لاني ذقت قليلا من العسل.
30- فكيف يكون حال الجيش لو اكل اليوم من غنائم اعدائه التي احرزها؟ الا تكون عندئذ كارثة الفلسطينيين ادهى وامر؟»
31- في ذلك اليوم ظل الاسرائيليون يتعقبون الفلسطينيين ويقتلونهم من مخماس الى ايلون. واصاب الجيش اعياء شديد.
 
32- وهجم الجيش على الغنائم من الماشية واخذوا غنما وبقرا وعجولا، وذبحوا على الارض واكلوا اللحم بدمه.
33- فاخبر بعضهم شاول قائلين: «ان الجيش يرتكب خطيئة بحق الرب، اذ ياكلون اللحم مع الدم». فقال شاول: «لقد نقضتم عهدكم. دحرجوا الي حجرا كبيرا،
34- وتفرقوا بين الجيش وامروهم ان يحضروا بقرهم وشياههم ليذبحوها عند الحجر، ويتركوها لتسيل دماؤها، فلا يرتكبون اثما في حق الرب باكل الدم». وفعل الجنود ما امر شاول به فاحضروا بقرهم وذبحوها هناك.
35- وبنى شاول مذبحا للرب. فكان اول مذبح يشرع في بنائه.

36- وامر شاول: «لنتعقب الفلسطينيين ليلا ونظل ننهبهم الى ضوء الصباح، ولا نبق منهم احدا». فاجابوه: «افعل كل ما يطيب لك». ولكن الكاهن قال: «لنستشر الله هنا».
 
37- فاستشار شاول الله سائلا: «انتعقب الفلسطينيين؟ اتنصرنا عليهم؟» فلم يحظ بجواب في ذلك اليوم.
38- فقال شاول: «اقتربوا الى هنا يا جميع وجوه اسرائيل، وتقصوا اية خطيئة ارتكبت اليوم.
39- لانه حي هو الرب مخلص اسرائيل ان الموت هو جزاء مرتكب الخطيئة حتى لو كان جانيها ابني يوناثان». فاعتصم القوم بالصمت.
40- فقال لكل الجيش: «قفوا انتم في جانب، واقف انا وابني يوناثان في جانب آخر». فاجاب الشعب: «اصنع ما يروق لك».
41- وصلى شاول للرب اله اسرائيل قائلا: «اكشف لي الحق». فوقعت القرعة على شاول ويوناثان، وتبرا القوم.
42- وقال شاول: «القوا القرعة بيني وبين يوناثان ابني». فوقعت القرعة على يوناثان.
43- فقال شاول ليوناثان: «اخبرني ماذا جنيت؟» فقال يوناثان: «ذقت قليلا من العسل بطرف عصاي التي بيدي. امن اجل قليل من العسل ينبغي ان اموت؟»
44- فقال شاول: «ليضاعف الرب عقابي ان لم ينفذ بك حكم الموت».
 
45- فهتف الجيش في وجه شاول: «ايموت يوناثان الذي صنع هذا الخلاص العظيم في اسرائيل؟ هذا لا يمكن! حي هو الرب، لا تسقط شعرة من راسه الى الارض لانه صنع هذا الامر بمعونة الرب اليوم». وهكذا افتدى الشعب يوناثان فلم يمت.
46- وكف شاول عن تعقب الفلسطينيين، فرجع الفلسطينيون الى ارضهم.
 
47- وتولى شاول كرسي الملك على اسرائيل وحارب جميع اعدائه المحيطين به، الموآبيين وبني عمون والادوميين وملوك صوبة والفلسطينيين، فحالفه النصر حيثما توجه.
48- وخاض معارك قاسية، فقهر عماليق وانقذ الاسرائيليين من يد ناهبيهم.
 
49- اما ابناء شاول فهم يوناثان ويشوي وملكيشوع، واسما ابنتيه ميرب وهي الكبرى، وميكال وهي الصغرى.
50- وكانت امراة شاول تدعى اخينوعم بنت اخيمعص، اما رئيس جيشه فكان ابنير بن نير عم شاول،
51- اذ ان قيس ابا شاول ونير ابا ابنير كانا شقيقين، وهما ابنا ابيئيل.
52- وتعرض الفلسطينيون لحرب قاسية طوال ايام حياة شاول. وكلما راى شاول رجلا شجاعا وذا باس كان يضمه اليه.
 
40 09   كتاب صموئيل الاول 015 الرب
1- وقال صموئيل لشاول: «انا الذي ارسلني الرب لانصبك ملكا على اسرائيل، فاسمع الآن كلام الرب.
2- هذا ما يقوله رب الجنود: اني مزمع ان اعاقب عماليق جزاء ما ارتكبه في حق الاسرائيليين حين تصدى لهم في الطريق عند خروجهم من مصر.
3- فاذهب الآن وهاجم عماليق واقض على كل ماله. لا تعف عن احد منهم بل اقتلهم جميعا رجالا ونساء، واطفالا ورضعا، بقرا وغنما، جمالا وحميرا».
 
4- فاستدعى جيشه واحصاه في طلايم، فبلغ عدده مئتي الف راجل، فضلا عن عشرة آلاف رجل من سبط يهوذا.

5- وتوجه شاول الى مدينة عماليق وكمن في الوادي.
6- وبعث شاول الى القينيين قائلا: «انسحبوا من بين العمالقة لئلا اهلككم معهم، فانتم قد احسنتم الى بني اسرائيل عند خروجهم من مصر». فانسحب القينيون من وسط العمالقة.
7- وهجم شاول على العمالقة على طول الطريق من حويلة حتى مشارف شور مقابل مصر.
8- واسر اجاج ملك عماليق حيا، وقضى على جميع الشعب بحد السيف.
9- وعفا شاول عن اجاج وعن خيار الغنم والبقر والعجول والخراف، وعن كل ما هو جيد، وابوا ان يقضوا عليها، ولم يدمروا الا الاملاك والغنائم التي لا قيمة لها.
 
10- وقال الرب لصموئيل:
11- «لقد ندمت لاني جعلت شاول ملكا، فقد ارتد عن اتباعي ولم يطع امري». فحزن صموئيل وصلى الى الرب الليل كله.
12- وفي صباح اليوم التالي باكرا مضى صموئيل للقاء شاول، فقيل له: «لقد جاء شاول الى الكرمل حيث اقام لنفسه نصبا تذكاريا، ثم التف وانحدر نحو الجلجال».
13- وعندما التقى صموئيل بشاول، قال شاول: «ليباركك الرب. لقد نفذت امر الرب»
14- فسال صموئيل: «وماذا تقول عن ثغاء الغنم وصوت الثيران التي تضج في مسامعي؟»
15- فاجاب شاول: «انها من غنائم العمالقة، لان الشعب عفا عن خيار الغنم والبقر ليقدمها ذبائح للرب الهك، واما ما تبقى فقد دمرناه».
16- فقال صموئيل لشاول: «اصمت لانبئك بما تكلم به الرب الي في هذه الليلة». فاجابه: «تكلم».
 
17- فقال صموئيل: «الم تكن تحسب نفسك حقيرا، ولكن الرب جعلك على راس اسباط اسرائيل واقامك ملكا عليهم،
18- وكلفك بمحاربة عماليق والقضاء عليه قضاء مبرما؟
19- فلماذا لم تطع امر الرب، بل تهافت على الغنيمة وارتكبت الشر في عيني الرب؟»
20- فاجاب شاول: «قد اطعت امر الرب ونفذت ما عهد الي به، واسرت اجاج ملك عماليق وقضيت على شعبه.
21- فاختار القوم من الغنيمة افضل الغنم والبقر لتقريبها ذبائح للرب الهك في الجلجال».
22- فقال صموئيل: «هل يسر الرب بالذبائح والمحرقات كسروره بالاستماع الى صوته؟ ان الاستماع افضل من الذبيحة، والاصغاء افضل من شحم الكباش.
23- فالتمرد مماثل لخطيئة العرافة، والعناد شبيه بشر عبادة الوثن والاثم. ولانك رفضت كلام الرب فقد رفضك الرب من الملك».
 
24- فقال شاول: «لقد اخطات لاني عصيت امر الرب ووصيتك، اذ خشيت الشعب فسمعت لقولهم.
25- فاصفح الآن عن خطيئتي وارجع معي لاسجد للرب»
26- فقال صموئيل: «لن ارجع معك؛ لانك رفضت كلام الرب رفضك الرب من ان تكون ملكا على اسرائيل».
27- واستدار صموئيل ليمضي، فتشبث شاول بهدب جبته، فتمزق هدب الجبة.
28- فقال له صموئيل: «يمزق الرب مملكة اسرائيل عنك ويهبها لمن هو خير منك.
29- فان قوة اسرائيل (اي الله) لا يكذب ولا يندم. ليس هو انسانا حتى يغير رايه».
30- فقال شاول: «لقد اخطات، ولكن اكرمني امام شيوخ شعبي وامام الاسرائيليين، وعد معي لاسجد للرب الهك».
31- فانطلق صموئيل مع شاول حيث سجد شاول للرب.
 
32- ثم قال صموئيل: «قدموا الي اجاج ملك العمالقة». فاقبل اليه اجاج فرحا قائلا لنفسه: «حقا قد تلاشت مرارة الموت».
33- وقال له صموئيل: «كما اثكل سيفك النساء لتثكل كذلك امك بين النساء». وقطع صموئيل اجاج اربا امام الرب في الجلجال.
34- ثم مضى صموئيل الى الرامة، اما شاول فتوجه الى بيته في جبعة شاول.
35- وامتنع صموئيل عن رؤية شاول الى يوم وفاته، مع ان قلبه تمزق اسى عليه. اما الرب فقد اسف لانه اقام شاول ملكا على اسرائيل.
 
41 09   كتاب صموئيل الاول 016 الرب
1- وقال الرب لصموئيل: «الى متى تظل تنوح على شاول وانا قد رفضته ان يكون ملكا على اسرائيل؟ املا قرنك بالزيت وتعال ارسلك الى يسى المقيم في بيت لحم، لاني قد اخترت احد ابنائه ليكون ملكا».
2- فقال صموئيل: «كيف اذهب؟ ان بلغ شاول الامر يقتلني». فاجابه الرب: «خذ معك عجلة وقل قد جئت لاذبح للرب.
3- وادع يسى لحضور تقديم الذبيحة وانا القنك ماذا تصنع، فتمسح لي من اقول لك عنه».
4- ففعل صموئيل بموجب ما تكلم به الرب. وذهب الى بيت لحم. فاضطرب شيوخ المدينة لدى استقباله وقالوا له: «هل للسلام حضرت؟»
5- فاجاب: «نعم، للسلام. لقد حضرت لاقرب للرب. طهروا انفسكم وتعالوا معي الى الذبيحة». وقدس يسى ابناءه ودعاهم للذبيحة.
 
6- وعندما اقبلوا وشاهد صموئيل اليآب بن يسى قال: «ان هذا هو مختار الرب».
7- فقال الرب لصموئيل: «لا تلق بالا الى وسامته وطول قامته اذ ليس هذا من اخترته، فنظرة الرب تختلف عن نظرة الانسان، لان الانسان ينظر الى المظهر الخارجي واما الرب فانه ينظر الى القلب».
8- ودعا يسى ابنه ابيناداب واجازه امام صموئيل، فقال: «وهذا ايضا لم يختره الرب».
9- ثم قدم يسى شمة، فقال صموئيل: «وهذا ايضا لم يختره الرب».
10- وعندما انتهى يسى من تقديم ابنائه السبعة، قال صموئيل ليسى: «ان الرب لم يختر واحدا من هؤلاء».
11- ثم استطرد: «هل لك ابناء آخرون؟» فاجاب يسى: «بقي بعد اصغرهم وهو يرعى الغنم». فقال صموئيل ليسى: «ارسل من ياتي به لاننا لن نتكيء حتى يصل الى هنا».
12- فبعث يسى من استدعاه، وكان فتى اشقر، اخاذ العينين وسيم الطلعة. فقال الرب: « قم امسحه، لان هذا هو من اخترته».
13- فتناول صموئيل قرن الز يت ومسحه امام اخوته. ومنذ ذلك اليوم فصاعدا حل روح الرب على داود. ثم رجع صموئيل الى الرامة.
 
14- وفارق روح الرب شاول وهاجمه من عند الرب روح رديء يعذبه.
15- فقال له رجاله: «ان روحا رديئا يعذبك من عند الرب.
16- فليامر سيدنا خدامه الماثلين امامه ان يبحثوا له عن رجل ماهر في العزف على العود، فيعزف امامك كلما هاجمك الروح الرديء من عند الرب فتطيب نفسك».
17- فطلب شاول من خدامه ان يبحثوا له عن رجل ماهر في العزف ويحضروه اليه.
18- فقال واحد من الغلمان: «لقد شاهدت ابنا ليسى البيتلحمي ماهرا في العزف وهو بطل جبار ورجل حرب، فصيح اللسان وبهي الطلعة والرب معه».
19- فاوفد شاول رسلا الى يسى قائلا: «ارسل الي داود ابنك الذي يرعى الغنم».
20- فاعد يسى حمارا حمله خبزا وزق خمر وجدي معزى، وارسلها مع داود الى شاول.
21- فمثل داود امام شاول فاحبه وجعله حامل سلاحه.
22- وارسل شاول الى يسى يقول: «دع داود يبقى في خدمتي لانه قد حظي باعجابي».
23- وحدث عندما هاجم الروح الرديء المرسل من قبل الرب شاول، ان داود تناول العود وعزف عليه، فكان الهدوء يستولي على شاول وتطيب نفسه ويفارقه الروح الرديء.
 
42 09   كتاب صموئيل الاول 017 الرب
1- وحشد الفلسطينيون جيوشهم للحرب واجتمعوا في سوكوه التابعة لسبط يهوذا، وعسكروا ما بين سوكوه وعزيقة في افس دميم.
2- وتجمع شاول ورجاله ونزلوا في وادي البطم واصطفوا للحرب للقاء الفلسطينيين.
3- ووقف الفلسطينيون على جبل من ناحية، والاسرائيليون على جبل آخر مقابلهم، يفصل بينهم واد.
4- فخرج من بين صفوف جيوش الفلسطينيين رجل مبارز من جت يدعى جليات طوله ست اذرع وشبر (نحو ثلاثة امتار)،
5- يضع على راسه خوذة من نحاس، ويرتدي درعا مصفحا وزنه خمسة آلاف شاقل (نحو سبعة وخمسين كيلو جراما) من النحاس
6- وقد لف ساقيه بصفائح من نحاس، كما تدلى رمح نحاسي من كتفيه.
7- وكانت قناة رمحه شبيهة بنول النساجين، وسنانه يزن ست مئة شاقل حديد (نحو سبعة كيلو جرامات)، وكان حامل ترسه يمشي امامه.
8- فوقف جليات ينادي جيش الاسرائيليين: «ما بالكم خرجتم تصطفون للحرب؟ الست انا الفلسطيني، وانتم خدام شاول؟ انتخبوا من بينكم رجلا يبارزني.
9- فان استطاع محاربتي وقتلني نصبح لكم عبيدا، وان قهرته وقتلته تصبحون انتم لنا عبيدا وتخدموننا.
10- انني اعير واتحدى اليوم جيش اسرائيل! ليخرج من بينكم رجل يبارزني!».
11- وعندما سمع شاول وجميع اسرائيل تحديات الفلسطيني ارتعبوا وجزعوا جدا.
 
12- وكان لداود بن يسى الافراتي المقيم في بيت لحم ارض يهوذا، سبعة اخوة اكبر منه. وكان يسى قد شاخ في زمن شاول وتقدم في العمر.
13- وكان بنو يسى الثلاثة الكبار قد التحقوا بجيش شاول وهم اليآب البكر وابيناداب وشمة.
14- اما داود فكان اصغر الابناء جميعا. وانضم الثلاثة الكبار الى صفوف شاول.
15- وكان داود يتردد على شاول ثم يرجع من عنده ليرعى غنم ابيه في بيت لحم.

16- وظل الفلسطيني يخرج متحديا الاسرائيليين كل صباح ومساء، مدة اربعين يوما.
17- وذات يوم قال يسى لداود ابنه: «خذ لاخوتك ايفة (اي اربعة وعشرين لترا) من هذا الفريك، وعشرة ارغفة من الخبز واركض الى المعسكر.
18- وقدم عشر قطع من الجبن الى قائد الالف، واطمئن على سلامة اخوتك واحضر لي منهم ما يدل على سلامتهم».
19- وكان شاول آنئذ مع جيشه ومن جملتهم اخوة داود، معسكرين في وادي البطم، تاهبا لمحاربة الفلسطينيين.

20- فانطلق داود مبكرا في صباح اليوم التالي، بعد ان ترك الغنم في عهدة حارس، محملا بما امره به ابوه، وبلغ المعسكر فيما كان الجيش خارجا للاصطفاف والهتاف للحرب.
21- وما لبثت ان تواجهت صفوف الاسرائيليين والفلسطينيين.
22- فترك داود الطعام الذي يحمله في رعاية حافظ الامتعة، وهرول نحو خط القتال يبحث عن اخوته ليطمئن على سلامتهم.
23- وفيما هو يحادثهم اذا بجليات الفلسطيني المبارز من جت، يخرج من صفوف الفلسطينيين، ويوجه تحدياته الى الاسرائيليين. فاصغى داود الى تهديداته.
 
24- وعندما شاهد جيش اسرائيل الرجل تراجعوا امامه مذعورين جدا.
25- وتحدث رجال اسرائيل فيما بينهم: «ارايتم هذا الرجل المبارز من صفوف الفلسطينيين؟ انه يسعى لتحدينا وتعييرنا. ان من يقتله يغدق عليه الملك ثروة طائلة، ويزوجه من ابنته، ويعفي بيت ابيه من دفع الضرائب ومن التسخير».

26- فسال داود الرجال الواقفين الى جواره: «بماذا يكافا الرجل الذي يقتل ذلك الفلسطيني ويمحو العار عن اسرائيل؟ لانه من هو هذا الفلسطيني الاغلف حتى يعير جيش الله الحي؟»
27- فتلقى داود من الجنود جوابا مماثلا لما سمعه من قبل عن المكافاة التي ينالها الرجل الذي يقتل جليات.
28- وسمع اخوه الاكبر حديثه مع الرجال، فاحتدم غضبه على داود وقال: «لماذا جئت الى هنا؟ وعلى من تركت تلك الغنيمات القليلة في البرية؟ لقد عرفت غرورك وشر قلبك، فانت لم تحضر الى هنا الا لتشهد الحرب».
29- فاجاب داود: «اية جناية ارتكبت الآن؟ الا يحق لي حتى ان اوجه سؤالا؟»
30- وتحول عن اخيه نحو قوم آخرين، اثار معهم نفس الموضوع، فاجابوه بمثل الجواب السابق.
 
31- وبلغ شاول حديث داود، فاستدعاه.
32- وقال داود لشاول: «لا يذوبن قلب احد خوفا من هذا الفلسطيني، فان عبدك يذهب ليحاربه»
33- فقال شاول لداود: «انت لا يمكنك الذهاب لمحاربة هذا الفلسطيني، لانك مازلت فتى، وهو رجل حرب منذ صباه».
34- فقال داود: «كان عبدك يرعى ذات يوم غنم ابيه، فجاء اسد ودب واختطف شاة من القطيع.
35- فسعيت وراءه وهاجمته وانقذتها من انيابه. وعندما انقض علي قبضت عليه من ذقنه وضربته فقتلته.
36- وهكذا قتل عبدك الاسد والدب كليهما، فليكن هذا الفلسطيني الاغلف كواحد منهما لانه عير جيش الله الحي».
37- واستطرد داود: «ان الرب الذي انقذني من مخالب الاسد ومن مخالب الدب، ينقذني ايضا من قبضة هذا الفلسطيني». فقال شاول لداود: «امض وليكن الرب معك».
38- والبس شاول داود سترة حربه، ووضع على راسه خوذة من نحاس ومنطقه بدرع.
39- وتقلد داود سيف شاول، وهم ان يمشي، واذ لم يكن قد تعود عليها من قبل قال لشاول: «لا اقدر ان امشي بعدة الحرب هذه، لانني لست معتادا عليها». وخلعها عنه.
40- وتناول عصاه بيده، ثم التقط خمسة حجارة ملساء من جدول الوادي وجعلها في جرابه، وحمل مقلاعه بيده واتجه نحو جليات.
 
41- وتقدم الفلسطيني نحو داود، وحامل سلاحه يمشي امامه.
42- وما ان شاهد الفلسطيني داود حتى استخف به لانه كان فتى اشقر وسيم الطلعة.
43- فقال الفلسطيني لداود: «العلي كلب حتى تاتي لمحاربتي بعصي؟» وشتم الفلسطيني آلهة داود.
44- ثم قال لداود: «تعال لاجعل لحمك طعاما لطيور السماء ووحوش البرية».
45- فاجابه داود: «انت تبارزني بسيف ورمح وترس، اما انا فآتيك باسم رب الجنود اله جيش اسرائيل الذي تحديته.
46- اليوم يوقعك الرب في يدي، فاقتلك واقطع راسك، واقدم جثث جيش الفلسطينيين هذا اليوم لتكون طعاما لطيور السماء وحيوانات الارض، فتعلم المسكونة كلها ان هناك الها في اسرائيل.
47- وتدرك الجموع المحتشدة هنا انه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب، لان الحرب للرب وهو ينصرنا عليكم».
48- وعندما شاهد داود الفلسطيني يهب متقدما نحوه، اسرع للقائه.
49- ومد يده الى الجراب، وتناول حجرا لوح به بمقلاعه ورماه، فاصاب جبهة الفلسطيني، فغاص الحجر في جبهته وسقط جليات على وجهه الى الارض.
 
50- وهكذا قضى داود على الفلسطيني بالمقلاع والحجر وقتله. واذ لم يكن بيده سيف
51- ركض نحو جليات واخترط سيفه من غمده وقتله وقطع به راسه. فلما راى الفلسطينيون ان جبارهم قد قتل هربوا.
52- فاطلق رجال اسرائيل ويهوذا صيحات الحرب، وتعقبوا الفلسطينيين حتى مشارف الوادي وابواب مدينة عقرون. وانتشرت جثث قتلى الفلسطينيين على طول طريق شعرايم الى جت والى عقرون.
53- وعندما رجع الاسرائيليون من مطاردة الفلسطينيين هجموا على معسكرهم ونهبوه.
54- وحمل داود راس جليات الى اورشليم، ولكنه احتفظ بعدة حربه في خيمته.

55- وكان شاول عندما راى داود خارجا لمحاربة جليات، قد سال ابنير قائد جيشه: «ابن من هذا الفتى يا ابنير؟» فاجابه: «وحياتك ايها الملك لست اعلم».
56- فقال الملك: «اسال ابن من هذا الفتى؟»
57- وحين رجع داود بعد قتل الفلسطيني اخذه ابنير واحضره للمثول امام شاول، وراس الفلسطيني ما برح بيده.
58- فساله شاول: «ابن من انت يا فتى؟» فاجابه داود: «ابن عبدك يسى البيتلحمي».
 
43 09   كتاب صموئيل الاول 018 الرب
1- وعندما فرغ داود من حديثه مع شاول، تعلقت نفس يوناثان بداود واحبه كنفسه.
2- واستبقى شاول داود، ولم يدعه يرجع الى بيت ابيه.
3- وتعاهد يوناثان وداود، لان يوناثان احبه كنفسه.
4- وخلع يوناثان جبته ووهبها لداود مع ثيابه وسيفه وقوسه وحزامه.
5- وكان النجاح حليف داود في كل مهمة كلفه بها شاول، لذلك ولاه شاول امرة رجال الحرب، فحظي ذلك باستحسان الشعب وعبيد شاول ايضا.
 
6- وعند رجوع الجيش بعد مقتل جليات، خرجت النساء من جميع مدن اسرائيل بالغناء والرقص، وبدفوف الفرح وبمثلثات لاستقبال شاول الملك.
7- وراحت النساء الراقصات ينشدن: «قتل شاول الوفه وقتل داود ربواته (اي عشرات الالوف)».
8- فاثار هذا غضب شاول، وساء هذا الغناء في نفسه وقال: «نسبن لداود قتل عشرات الالوف، اما انا فنسبن لي قتل الالوف فقط! لم يبق سوى ان ينعمن عليه بالمملكة».
9- وشرع شاول منذ ذلك اليوم فصاعدا يراقب داود بعين ممتلئة بالغيرة.
 
10- وحدث في اليوم التالي ان هاجم الروح الرديء شاول من قبل الرب، فبدا يهذي جنونا في وسط البيت، بينما كان داود يعزف كعادته في كل يوم. وكان في يد شاول رمح،
11- فاشرع شاول الرمح وقال في نفسه: «ساسمر داود الى الحائط». فراغ داود من امامه مرتين.
12- وصار شاول يخشى داود لان الرب كان معه، وقد فارق شاول.
13- فابعده من حضرته وعينه قائد الف، فكان داود يتقدم دائما في طليعة فرقته.
14- وحالفه الفلاح في كل اعماله لان الرب كان معه.
15- وعندما راى شاول ما يتمتع به داود من فطنة تفاقم فزعه منه.
16- اما جميع اسرائيل ويهوذا فقد ازدادوا حبا له، لانه كان دائما يقودهم في حملاتهم العسكرية الموفقة.
 
17- وقال شاول لداود: «انني ابغي ان ازوجك من ابنتي الكبيرة ميرب، شريطة ان تكون بطلا وتحارب حروب الرب» فقد حدث شاول نفسه قائلا: «لا احمل انا جريرة قتله بل يقتله الفلسطينيون».
18- فاجاب داود: «من انا وما هي حياتي؟ وما هي عائلتي وما هي مكانة عائلتي في اسرائيل حتى اصبح صهرا للملك؟»
19- وعندما اقترب موعد زفاف ميرب لداود، زوجها شاول من عدريئيل المحولي.
 
20- لكن ميكال ابنة شاول الصغرى احبت داود، فعلم شاول بالامر وحظي ذلك برضاه.
21- وقال شاول في نفسه: «ازوجه منها فتكون له فخا، وكذلك يسعى الفلسطينيون الى قتله». وقال شاول لداود مرة ثانية: «يمكنك مصاهرتي اليوم».
22- وامر شاول رجاله ان يسروا في اذن داود ان الملك يحبه، وانه محل اعجاب الحاشية، وان ينصحوه بمصاهرة الملك،
23- فراح عبيد شاول يسرون بهذا الحديث في مسامع داود. فاجاب داود: «اتظنون مصاهرة الملك امرا تافها؟ انا لست سوى رجل مسكين حقير».
24- فاخبر عبيد شاول سيدهم بحديث داود.
25- فقال شاول لهم: «هذا ما تقولونه لداود: ان الملك لا يطمع في مهر، بل في مئة غلفة من غلف الفلسطينيين، انتقاما من اعداء الملك». قال هذا ظنا منه ان يوقع داود في اسر الفلسطينيين.
26- فابلغ عبيد شاول داود بمطلب الملك، فراقه الامر، ولا سيما فكرة مصاهرة الملك. وقبل ان تنتهي المهلة المعطاة له،
27- انطلق مع رجاله وقتل مئتي رجل من الفلسطينيين، واتى بغلفهم وقدمها كاملة لتكون مهرا لمصاهرة الملك. فزوجه شاول عندئذ من ابنته ميكال.
28- وادرك شاول يقينا ان الرب مع داود، وان ابنته ميكال تحبه.
29- فتزايد خوف شاول من داود، واصبح عدوه اللدود طوال حياته.
 
30- وثابر اقطاب الفلسطينيين على محاربة اسرائيل، فكان داود يظفر بهم اكثر من بقية قواد شاول، واصبح اسمه على كل شفة ولسان.
 
44 09   كتاب صموئيل الاول 019 الرب
1- وحض شاول ابنه يوناثان وسائر حاشيته على قتل داود،
2- ولكن يوناثان بن شاول، الذي كان معجبا جدا بداود، اسر اليه قائلا: «ابي يلتمس قتلك، فاحترس لنفسك في الغد واختبىء،
3- وانا اخرج مع ابي الى الحقل الذي تختبيء فيه، واحدثه عنك ثم اخبرك بما يكون».
4- وراح يوناثان يثني على داود امام ابيه وتساءل: «لماذا يسيء الملك الى عبده داود، فانه لم يخطيء اليك، ومآثره عظيمة جدا؟
5- لقد عرض حياته للخطر عندما قتل الفلسطيني، فاجرى الرب خلاصا عظيما لجميع اسرائيل. وقد شهدت ذلك وابتهجت به. فلماذا تقتل داود من غير داع وتسيء الى دم بريء؟»
6- فاقتنع شاول بكلام يوناثان، وقال: «اقسم بالله الحي، لن يقتل داود».
7- فاستدعى يوناثان داود واطلعه على ما دار من حديث،ثم جاء به الى شاول، فمثل في حضرته كما كان يفعل من قبل.
 
8- وعادت الحرب تنشب من جديد، فخرج داود لمحاربة الفلسطينيين وهزمهم هزيمة منكرة، فلاذوا بالفرار من امامه.
9- وذات يوم كان داود يعزف لشاول، فهاجم الروح الرديء شاول من لدى الرب وهو جالس في بيته، ورمحه بيده.
10- فصوب الرمح نحو داود ورماه به ليطعنه ويسمره الى الحائط، فتفادى داود الضربة، وهرب من امام شاول ناجيا بحياته تلك الليلة، اما الرمح فغاص في الحائط.
 
11- فارسل شاول مراقبين الى بيت داود يترصدونه ليقتلوه في الصباح. فاخبرته امراته ميكال قائلة: «اذا لم تنج بنفسك هذه الليلة فانك لا محالة تقتل غدا».
12- ودلته ميكال من النافذة، فانطلق هاربا ونجا.
13- ثم اخذت ميكال تمثالا ووضعته في فراشه، ووضعت تحت راسه لبدة من شعر المعزى وغطته بثوب.
14- وعندما ارسل شاول جنوده للقبض على داود قالت لهم ميكال: «انه مريض».
15- فبعث شاول الجنود ثانية ليروا داود قائلا: «ائتوني به وهو في السرير لاقتله».
16- فاقبل الجنود، واذا في الفراش تمثال ولبدة من شعر المعزى تحت راسه.
17- فقال شاول لابنته ميكال: «لماذا خدعتني فاطلقت عدوي حتى نجا؟» فاجابت: «لقد توعدني قائلا: اطلقيني لئلا اقتلك».
 
18- وعندما هرب داود ونجا بحياته جاء الى صموئيل في الرامة واطلعه عما فعله به شاول، وصحبه صموئيل ومضيا واقاما معا في نايوت.
19- فقيل لشاول: «هوذا داود في نايوت في الرامة».
20- فبعث بجنود للقبض عليه. ولكن عندما شاهدوا جماعة الرب يتنباون برئاسة صموئيل، حل روح الرب على الجنود فتنباوا هم ايضا.
21- فاخبروا شاول بالامر، فبعث بجنود آخرين فتنباوا هم ايضا. ثم عاد شاول فارسل فرقة ثالثة فتنباوا هم ايضا.
22- واخيرا ذهب بنفسه الى الرامة، حتى وصل الى البئر العظيمة التي عند سيخو وسال: «اين صموئيل وداود؟» فقيل له: «هما في نايوت في الرامة».
23- فمضى الى هناك ولكن في اثناء الطريق حل عليه روح الرب، فشرع يتنبا حتى بلغ نايوت في الرامة.
24- فخلع هو ايضا ثيابه وراح يتنبا امام صموئيل، ثم انطرح عاريا طول ذلك النهار والليل، لذلك قيل: «اشاول ايضا بين الانبياء؟».
 
45 09   كتاب صموئيل الاول 020 الرب
1- وهرب داود من نايوت في الرامة والتقى بيوناثان وساله: «ماذا جنيت، وماذا اقترفت من اثم في حق ابيك حتى يصر على قتلي؟»
2- فاجابه: «معاذ الله ان تموت! فان ابي لا يقدم على امر كبير ام صغير من غير ان يطلعني عليه، فلماذا يخفي عني امرا كهذا؟ ان مخاوفك لا اساس لها من الصحة».
3- فاقسم داود قائلا: «ان اباك يدرك انني حظيت برضاك، لذلك قال في نفسه: لاكتمن الامر عن يوناثان لئلا يطغى عليه الغم. ولكني اقسم لك بالله الحي، كما اقسم بحياتك، انه ليس بيني وبين الموت سوى خطوة».
4- فاجاب يوناثان: «مهما تطلبه نفسك افعله لك».
5- فقال داود ليوناثان: «غدا هو الاحتفال باول ايام الشهر، حيث من عادتي ان اجلس مع الملك حول مائدة الاكل ولكن دعني اذهب فاختبيء في الحقل الى مساء اليوم الثالث.
6- فاذا افتقدني ابوك، فقل له: قد استاذن مني في الذهاب الى بيت لحم مدينته للمشاركة في الذبيحة السنوية التي تقام لكل العشيرة.
7- فان قال: حسنا، فمعنى ذلك ان خادمك في امان. ولكن ان اشتعل غيظا فاعلم انه يضمر لي الشر.
8- اما انت فتكون قد صنعت خيرا مع خادمك، وفاء بما قطعت له من عهد اشهدت عليه الرب. وان كان في اثم فخير ان تقتلني انت من ان تسلمني لابيك».
9- فقال يوناثان: «معاذ الله ان يحدث ذلك، لانه لو علمت ان ابي يضمر لك شرا، افما كنت اخبرك؟»
10- وتساءل داود: «من يخبرني ان رد عليك ابوك بجواب فظ؟»
11- فاجابه يوناثان: «تعال نخرج الى الحقل». فانطلقا معا الى الحقل.
 
12- وهناك قال يوناثان لداود: «ليكن الرب اله اسرائيل شاهدا انه ان كشفت عن نية ابي من نحوك غدا او بعد غد، في مثل هذا الوقت، فوجدت انه يكن لك الخير ولم ارسل لاطلعك عليه،
13- فليعاقب الرب يوناثان اشد عقوبة ويزد. وان اضمر لك ابي سوءا فانني اخبرك واطلقك، فتنصرف بسلام، وليكن الرب معك كما كان مع ابي.
14- ولا تقصر خير الرب علي في اثناء حياتي.
15- بل احفظ العهد نفسه مع عائلتي الى الابد، حتى حين يقضي الرب على جميع اعدائك».
16- وهكذا ابرم يوناثان عهدا مع بيت داود قائلا: «وليعاقبك الرب بيد اعدائك ان خنت العهد».
17- ثم عاد يوناثان يستحلف داود بمحبته له لانه احبه كمحبته لنفسه.

18- وقال له يوناثان: «غدا يكون الاحتفال باول الشهر فيفتقدونك لان موضعك يكون خاليا.
19- وفي اليوم الثالث، عند حلول المساء، تاتي مسرعا الى الموضع الذي اختبات فيه عندما لم يكن زمام الامر قد افلت بعد، وتجلس الى جوار حجر الافتراق.
20- فارمي انا ثلاثة سهام الى جانبه وكانني استهدف غرضا.
21- وعندئذ ارسل الغلام قائلا: «اذهب والتقط السهام» فان قلت له: ها السهام الى جانبك فاحضرها تعال، لانه حي هو الرب، انت في امان ولا خطر عليك.
22- ولكن ان قلت للغلام: ها السهام امامك فتقدم فامض لان الرب قد اطلقك.
23- اما ما جرى بيننا من حديث فليكن الرب شاهدا عليه الى الابد.
 
24- فاختبا داود في الحقل. وفي اول يوم من الشهر جلس الملك لتناول الطعام
25- في مقعده المعتاد عند الحائط، وجلس يوناثان في مواجهته. اما ابنير فقد احتل مقعدا الى جوار شاول.
26- ولم يعلق شاول في ذلك اليوم على غياب داود، ظنا منه ان عارضا قد الم به وانه غير طاهر طبقا للشريعة.
27- ولكن عندما خلا موضع داود في اليوم الثاني من الشهر، سال شاول يوناثان ابنه: «لماذا تغيب ابن يسى عن الطعام امس واليوم؟»
28- فاجاب يوناثان: «لقد استاذن داود مني للذهاب الى بيت لحم،
29- وقال: دعني اذهب لان عشيرتي تقدم ذبيحة في المدينة، وقد اوصاني اخي بالحضور. فان حظيت برضاك فدعني امضي لارى اخوتي، لذلك تغيب عن مائدة الملك».
 
30- فاستشاط شاول غضبا على يوناثان وقال له: «يا ابن المتعوجة المتمردة، اتظن انني لم اعلم ان انحيازك لابن يسى يفضي الى خزيك وخزي امك التي انجبتك؟
31- فمادام ابن يسى حيا فانك لا تستقر انت ولا مملكتك. والآن ارسل واقبض عليه، وات به لانه محكوم عليه بالموت».
32- فاجاب يوناثان: «لماذا يقتل، واي ذنب جناه؟»
33- فصوب شاول الرمح نحوه ليطعنه، فادرك يوناثان على الفور ان والده مصر على قتل داود.
34- فغادر المائدة والغضب الجامح يعصف به، من غير ان يقرب الطعام اذ ساءه تصرف والده المخزي من نحو داود. وكان ذلك في اليوم الثاني من اول الشهر.

35- وخرج في صباح اليوم الثالث الى الحقل كما اتفق مع داود، يرافقه غلام صغير.
36- فقال لغلامه: «اسرع والتقط السهام التي ارمي بها». وبينما كان الغلام راكضا رمى السهم حتى جاوز الغلام.
37- وعندما وصل الغلام الى موضع السهم الذي رماه نادى يوناثان الغلام: «اليس السهم امامك؟»
38- ثم عاد يهتف به: «عجل اسرع! لا تقف». فالتقط الغلام السهم وجاء به الى سيده.
39- ولم يعلم الغلام بما يجري، اما يوناثان وداود فهما وحدهما اللذان كانا مطلعين على الامر.
40- فعهد يوناثان بسلاحه الى الغلام قائلا له: «اذهب، وادخل به الى المدينة».
41- وما ان توارى الغلام عن الانظار حتى برز داود من الجهة الجنوبية وسقط على وجهه الى الارض ساجدا ثلاث مرات، وقبل كل منهما صاحبه، وبكيا معا. وكان بكاء داود اشد مرارة.
42- وقال يوناثان لداود: «امض بسلام لاننا كلينا حلفنا على صداقتنا باسم الرب قائلين: ليكن الرب شاهدا بيني وبينك، وبين نسلي ونسلك الى الابد». ثم افترقا. فذهب داود في طريقه، اما يوناثان فرجع الى المدينة.
 
46 09   كتاب صموئيل الاول 021 الرب
1- وقدم داود الى اخيمالك الكاهن في نوب، فارتعد اخيمالك عند لقاء داود وساله: «مالي اراك وحدك وليس معك احد؟».
2- فاجابه داود: «كلفني الملك بمهمة وامرني ان اكتم الامر فلا اخبر به احدا، واما رجالي فقد اتفقت معهم على مقابلتي في مكان معين.
3- والآن ماذا عندك من الطعام؟ اعطني خمسة ارغفة او ما يتوافر لديك».
4- فاجاب الكاهن: «ليس عندي خبز عادي، وانما خبز مقدس، يمكن لرجالك ان ياكلوا منه شريطة ان يكونوا قد حفظوا انفسهم طاهرين ولاسيما من النساء».
5- فقال داود للكاهن: «ان النساء قد منعن عنا منذ امس وما قبل، كما هي العادة عند خروجي في مهمة، اما امتعتهم فهي دائما طاهرة، حتى في اثناء تنفيذ المهمات العادية. فكم بالحري ان كانت المهمة مقدسة؟»
6- فاعطاه الكاهن الخبز المقدس اذ لم يكن لديه سوى خبز الوجوه المرفوع من امام الرب لكي يستبدل بخبز ساخن في اليوم الذي يرفع فيه.
7- وكان هناك رجل من خدم شاول معتكفا في ذلك اليوم امام الرب، يدعى دواغ الادومي، رئيس رعاة شاول.
 
8- وسال داود اخيمالك: «الا يوجد لديك رمح او سيف، لانني لم اتقلد سيفي او احمل سلاحي، اذ ان امر الملك كان ملحا».
9- فاجاب الكاهن: «عندي سيف جليات الفلسطيني الذي قتلته في وادي البطم، وها هو ملفوف في ثوب خلف الافود. فان شئت ان تاخذه فافعل، لانه ليس عندي سواه هنا». فقال داود: «ليس له مثيل، اعطني اياه».

10- في ذلك اليوم هرب داود من امام شاول ولجا الى اخيش ملك جت.
11- فقال رجال حاشية اخيش له: «اليس هذا هو داود ملك بلاده؟ اليس هذا الذي انشدت له النساء راقصات قائلات: قتل شاول الوفا وقتل داود عشرات الالوف؟»
12- فكتم داود هذا الكلام في نفسه وتولاه خوف شديد من اخيش ملك جت،
13- وتظاهر امامهم انه مصاب بعقله، وراح يخربش على الباب وترك لعابه يسيل على لحيته.
14- فقال اخيش لقومه: «الا ترون ان الرجل مجنون، فلماذا جئتم به الي؟
15- الا يكفيني ما عندي من مجانين حتى اتيتم بهذا لكي يظهر جنونه علي؟ ايدخل هذا بيتي؟»
 
47 09   كتاب صموئيل الاول 022 الرب
1- وهرب داود من جت ولجا الى مغارة عدلام، فلما سمع اخوته وسائر بيت ابيه بوجوده هناك جاءوا اليه.
2- وانضم اليه نحو اربع مئة رجل من المتضايقين والمديونين والثائرين، فتراس عليهم.
3- ثم انتقل داود من هناك الى مصفاة موآب، وقال لملك موآب: «دع ابي وامي في عهدتكم ريثما اعلم ما يصنع بي الله».
4- فاودعهما عند ملك موآب، فاقاما عنده طوال مدة اقامة داود في الحصن.
5- فقال جاد النبي لداود «لا تقم في الحصن، بل امض وادخل ارض يهوذا». فانتقل داود الى غابة حارث.
 
6- وبلغ شاول ما اصاب داود ورجاله من شهرة. وكان شاول آنئذ مقيما في جبعة، يجلس تحت الاثلة في الرامة محاطا بافراد حاشيته، ورمحه بيده.
7- فقال شاول لرجاله: «استمعوا يا بنيامينيون: العل ابن يسى يعطيكم جميعا حقولا وكروما او يجعلكم جميعا رؤساء على الوف الجنود او على مئات منهم،
8- حتى تحالفتم كلكم علي، فلم يخبرني احد منكم بالعهد الذي ابرمه ابني مع ابن يسى، وليس بينكم من ياسى لي او ينبئني بان ابني قد اثار خادمي ليكمن لي كما يفعل اليوم؟»
9- فاجاب دواغ الادومي الذي كان واقفا بين حاشية شاول: «لقد شاهدت ابن يسى قادما الى نوب الى اخيمالك بن اخيطوب
10- فاستشار له الرب وزوده بطعام واعطاه سيف جليات».
 
11- فاستدعى الملك اخيمالك وبقية بيت ابيه من كهنة نوب، فاقبلوا جميعا الى الملك.
12- فقال شاول: «اسمع يا ابن اخيطوب». فاجاب: «نعم يا سيدي».
13- فقال له شاول: «لماذا اتفقتم علي انت وابن يسى بتزويدك اياه بالخبز وباعطائه سيفا، واستشرت له الله ليثور علي ويكمن لي كما يفعل هذا اليوم؟»
14- فاجاب اخيمالك: «اي واحد من بين جميع رجالك مثل داود امين وصهر الملك وقائد حرسه وذو مكانة رفيعة في بيتك؟
15- فهل هذه هي اول مرة استشير له فيها الله ؟ معاذ الله ان يتهمني الملك او يتهم جميع بيت ابي بارتكاب شيء».
16- فقال الملك: «انك لا محالة مائت يا اخيمالك، انت وجميع بيت ابيك».
17- وامر الملك حراسه الماثلين لديه: «هيا احيطوا بكهنة الرب واقتلوهم، لانهم ايضا قد تحالفوا مع داود، ولانهم عرفوا انه كان هاربا فلم يخبروني». فلم يرض حراس الملك ان يقتلوا كهنة الرب.
18- فامر الملك دواغ قائلا: «در انت واقتل الكهنة». فهجم دواغ الادومي على الكهنة وقتل منهم في ذلك اليوم خمسة وثمانين رجلا لابسي افود كتان.
19- ثم اقتحم نوب مدينة الكهنة وقتل بحد السيف الرجال والنساء والاطفال والرضع والثيران والحمير والغنم.
 
20- ولم ينج سوى ابن واحد لاخيمالك بن اخيطوب يدعى ابياثار الذي لجا الى داود،
21- واخبره ان شاول قد قتل كهنة الرب.
22- فقال داود لابياثار: «عندما رايت دواغ هناك في ذلك اليوم ادركت انه لابد ان يخبر شاول. انا هو السبب في موت افراد بيت ابيك.
23- امكث معي، لا تخف، فالرجل الذي يسعى لقتلك يسعى لقتلي ايضا، فاقم عندي بامان».
 
48 09   كتاب صموئيل الاول 023 الرب
1- وقيل لداود: «ها الفلسطينيون يهاجمون قعيلة وينهبون بيادر قمحها»
2- فسال الرب: «هل امضي لمحاربة الفلسطينيين؟» فاجابه الرب: «اذهب وحاربهم وانقذ قعيلة».
3- ولكن رجال داود قالوا: «ان كان الخوف يستبد بنا ونحن هنا في يهوذا، فكم بالحري اذا انطلقنا الى قعيلة لمحاربة جيوش الفلسطينيين؟»
4- فعاد داود يستشير الرب، فاجابه: «قم انزل الى قعيلة، فانني اسلم الفلسطينيين الى يدك».
5- فمضى داود ورجاله الى قعيلة حيث حارب الفلسطينيين واستولى على مواشيهم وهزمهم هزيمة منكرة وانقذ اهل قعيلة.
6- وكان ابياثار بن اخيمالك قد حمل معه افودا عند هروبه الى داود.
 
7- فقيل لشاول ان داود قد قدم الى قعيلة، فقال شاول: «قد اسلمه الله الى يدي، لانه لجا الى مدينة ذات بوابات وارتاج».
8- واستدعى شاول قواته للاحاطة بالمدينة ومحاصرة داود ورجاله.
9- ولما ادرك داود ان شاول يتآمر عليه، قال لابياثار الكاهن: «احضر الافود».
10- ثم صلى داود: «يا رب اله اسرائيل، ان عبدك قد سمع ان شاول يحاول ان يحاصر قعيلة ليدمرها
11- فاعلمني هل يسلمني اهل قعيلة لشاول؟ وهل شاول حقا قادم الى قعيلة كما قيل لعبدك؟ يا رب اله اسرائيل اخبر عبدك». فاجاب الرب: «انه قادم».
12- وعاد داود يسال: «هل يسلمني اهل قعيلة مع رجالي لشاول؟» فاجاب الرب: «يسلمون».
13- فغادر داود ورجاله الست مئة قعيلة وهاموا على وجوههم. فاخبر شاول بانسحاب داود من قعيلة، فعدل عن التوجه اليها بقواته.
14- ولجا داود الى حصون برية زيف ومكث في جبلها. وظل شاول يتعقبه طوال ايام حياته، ولكن الرب لم يسلمه ليده.
 
15- وبينما كان داود مختبئا في غابة في برية زيف علم ان شاول قد خرج يبحث عنه،
16- فاقبل يوناثان بن شاول الى داود في الغابة ليقوي من ثقته بالله،
17- وقال له: «لا تخف، لان يد شاول ابي لن تطولك. وانت ستكون ملكا على اسرائيل، وانا اكون الرجل الثاني في المملكة. وابي ايضا يعلم هذا الامر».
18- وجددا عهدهما امام الرب. ومضى يوناثان الى بيته، اما داود فمكث في الغابة.
 
19- وجاء الزيفيون الى شاول في جبعة وقالوا: «اليس داود مختبئا عندنا في حصون الغابة في حخيلة جنوبي الصحراء،
20- فتعال الينا ايها الملك، في اي وقت تشاء، ونحن نضمن ان نسلمه اليك».
21- فاجابهم شاول: «ليبارككم الرب لرافتكم بي؛
22- فاذهبوا وتحروا وتيقنوا من مكان وجوده واقامته ومن رآه هناك، لانه قيل لي ان داود شديد المكر.
23- وتاكدوا لي من جميع المواضع التي يمكن ان يختبيء فيها ثم ارجعوا الي بالخبر اليقين فامضي معكم، ان كان حقا موجودا، فابحث عنه بين عشائر يهوذا».
 
24- فانطلقوا الى زيف متقدمين امام شاول. وكان داود آنئذ في سهل برية معون جنوبي الصحراء.
25- فشرع رجال شاول يبحثون عنه. فبلغ الخبر داود فتوغل في منطقة الصخور في برية معون. وعندما علم شاول بذلك تعقبه الى هناك.
26- فكان شاول يسير على محاذاة احد جانبي الجبل، وداود ورجاله يسيرون على محاذاة الجانب الآخر هربا من شاول، الذي سعى مع قواته لمحاصرة داود ورجاله لياسرهم.
27- وما لبث ان وفد رسول الى شاول قائلا: «اسرع! تعال، فقد اقتحم الفلسطينيون البلاد.
28- فرجع شاول عن مطاردة داود وذهب لمحاربة الفلسطينيين، لذلك دعي ذلك الموضع «تل المفارقة».
29- وتوجه داود من هناك وتمنع في حصون عين جدي.
 
49 09   كتاب صموئيل الاول 024 الرب
1- وبعد ان رجع شاول من مطاردة الفلسطينيين قيل له: «ان داود متحصن في برية عين جدي»
2- فحشد ثلاثة آلاف رجل من خيرة قوات اسرائيل وسعى وراء داود ورجاله في صخور الوعول.
3- ودخل شاول كهفا عند حظيرة غنم على الطريق ليقضي حاجته، وكان داود ورجاله مختبئين في اغوار الكهف.
4- فقال له رجاله: «هذا هو اليوم الذي وعدك الرب ان يسلم فيه عدوك اليك فتصنع به ما تشاء». فانسل داود اليه وقطع طرف جبته سرا.
5- ولكن ما لبث قلبه ان وبخه على قطعه طرف جبة شاول.
6- فقال لرجاله: «معاذ الله ان اقترف هذا الاثم بحق سيدي المختار من الرب فامد يدي واسيء اليه لان الرب قد مسحه ملكا».
7- وهكذا زجر داود رجاله بمثل هذا الكلام، ولم يدعهم يهاجمون شاول. وما لبث شاول ان خرج من الكهف ومضى في سبيله،
8- فتبعه داود الى خارج الكهف ونادى: «يا سيدي الملك». فالتفت شاول خلفه، فانحنى داود الى الارض ساجدا
9- وقال: «لماذا تستمع الى اقاويل الناس: ان داود قد وطد العزم على ايذائك.
10- ها انت قد رايت اليوم بعينيك كيف اوقعك الرب في قبضتي عندما كنت في الكهف، وجاء من يحرضني على قتلك، ولكني اشفقت عليك وقلت: لا! لن امد يدي بالاساءة الى سيدي، لان الرب هو الذي اختاره.
11- فانظر يا ابي ما بيدي، انه طرف جبتك. ان قطعي طرف جبتك وعدم قتلي اياك خير دليل على انني لم ارتكب شرا او ذنبا، ولم اخطيء اليك، بينما انت تتربص بي لتقتلني.
12- فليقض الرب بيني وبينك وينتقم لي الرب منك، اما انا فلن امسك بسوء.
13- وكما قيل في مثل القدماء: عن الاشرار يصدر شر، لذلك فان يدي لن تنالك باذى.
14- ثم وراء من يسعى ملك اسرائيل؟ من هو الذي تطارده؟ اتسعى وراء كلب ميت؟ وراء برغوث واحد؟
15- ليكن الرب هو الديان فيقضي بيني وبينك ويتولى قضيتي ويبرئني وينقذني من قبضتك».
 
16- فلما فرغ داود من الكلام تساءل شاول: «اهذا صوتك يا ابني داود؟» وارتفع صوت شاول بالبكاء.
17- ثم قال لداود: «انك حقا ابر مني لانك كافاتني خيرا وانا جازيتك شرا.
18- وابديت نحوي خيرا اذ ان الرب قد اوقعني في قبضتك ولكنك عفوت عني.
19- ايعفو رجل عن عدوه ويطلقه من غير ان ينتقم منه بعد ان يقع في قبضته؟ فليكافئك الرب جزاء ما صنعت اليوم معي من خير.
20- لقد علمت الآن انك تصبح ملكا وبيدك تثبت مملكة اسرائيل.
21- فاحلف لي الآن بالرب انك لا تبيد نسلي من بعدي ولا تقضي على اسمي من بيت ابي».
22- فحلف داود لشاول ثم مضى شاول الى بيته، اما داود ورجاله فالتجاوا الى الحصن.
 
50 09   كتاب صموئيل الاول 025 الرب
1- ومات صموئيل، فاجتمع جميع بني اسرائيل وناحوا عليه ودفنوه في بيته في الرامة. فانتقل داود الى صحراء فاران.
 
2- وكان هناك رجل ثري مقيم في مدينة معون ذو املاك في الكرمل حيث كان يجز غنمه، وكانت ثروته طائلة جدا، اذ كان يمتلك ثلاثة آلاف راس من الغنم والفا من المعز.
3- وكان اسم الرجل نابال، واسم امراته ابيجايل. وكانت المراة فاتنة الجمال راجحة العقل، اما الرجل فكان قاسيا سييء الاعمال، وهو ينتمي الى عشيرة كالب.
4- فبلغ داود، وهو لا يزال في الصحراء، ان نابال يجز غنمه.
5- فبعث داود بعشرة غلمان اوصاهم ان ينطلقوا الى الكرمل ويدخلوا بيت نابال ويبلغوه تمنيات داود، ويقولوا له:
6- «اطال الله بقاءك، وجعلك انت وبيتك وكل مالك سالما.
7- لقد سمعت ان عندك جزازين. حين كان رعاتك بيننا لم نؤذهم ولم يفقد لهم شيء طوال الايام التي كانوا فيها في الكرمل.
8- تحر الامر من غلمانك فيخبروك. لذلك ليحظ غلماني برضاك، فقد جئنا اليك في يوم عيد، فهب عبيدك وابنك داود ما تجود به نفسك».
9- فقدم الغلمان الى نابال وابلغوه هذا الكلام باسم داود وصمتوا.
10- فاجابهم نابال: «من هو داود؟ ومن هو ابن يسى؟ قد كثر اليوم العبيد الهاربون من اسيادهم.
11- هل آخذ خبزي ومائي وذبيحتي التي جهزتها لجازي واعطيها لقوم لا اعلم من اين هم؟»
12- فانصرف غلمان داود ورجعوا الى داود فاخبروه بكلام نابال.
13- فقال داود لرجاله: «ليتقلد كل منكم سيفه». فتقلدوا سيوفهم، وكذلك فعل داود، وسار على راس اربع مئة رجل بعد ان مكث مئتان لحراسة الامتعة.
 
14- فقال احد الغلمان لابيجايل امراة نابال: «بعث داود من الصحراء رسلا بتحيات الى سيدنا فاهانهم،
15- مع ان الرجال احسنوا الينا جدا فلم نصب باذى او يفقد لنا شيء طوال المدة التي تجاورنا فيها معهم ونحن في المرعى.
16- كانوا سياج امان لنا نهارا وليلا في كل الايام التي كنا نرعى فيها الغنم في جوارهم.
17- ففكري بالامر وانظري ماذا يمكن ان تصنعي، لان كارثة ستحل على سيدنا وعلى بيته، فهو رجل شرير لا يمكن التفاهم معه».

18- فاسرعت ابيجايل واخذت مئتي رغيف خبز وزقي خمر وخمسة خرفان مجهزة مطيبة وخمس كيلات من الفريك ومئتي عنقود زبيب ومئتي قرص تين، وحملتها على الحمير.
19- وقالت لخدامها: «اسبقوني، ها انا قادمة وراءكم». ولم تخبر رجلها نابال بما فعلت.
20- وبينما كانت راكبة على حمارها عند منعطف الجبل صادفت داود ورجاله قادمين للقائها.
21- وكان داود آنئذ يحدث نفسه: «لقد حافظت على كل قطعان هذا الرجل في الصحراء، فكافاني شرا بدل الخير.
22- فليضاعف الرب من عقاب داود، ان لم اقض على كل رجاله قبل طلوع ضوء الصباح».
 
23- وعندما شاهدت ابيجايل داود اسرعت وترجلت عن الحمار وخرت امامه ساجدة،
24- وانطرحت عند رجليه قائلة: «ضع اللوم علي وحدي يا سيدي، ودع امتك تتكلم في مسامعك واصغ الى حديثها.
25- لا يضغن قلب سيدي على هذا الرجل اللئيم نابال، فهو فظ كاسمه والحماقة مقرونة به، اما انا فلم ار رجال سيدي حين ارسلتهم.
26- والآن اقسم لك بالرب الحي وبحياتك، ان الرب قد جنبك سفك الدماء والثار لنفسك، وليكن اعداؤك ومن يسعون في هلاكك، كنابال.
27- فتقبل الآن هذه البركة التي احضرتها جاريتك يا سيدي واعطها لرجالك الملتفين حولك.
28- واعف عن ذنب امتك، لان الرب لابد ان يثبت كرسي ملك سيدي الى الابد، لان سيدي يحارب حروب الرب، فلا يوجد فيك شر كل ايامك.
29- وان قام من يتعقبك ليقتلك، فلتكن نفس سيدي محزومة في حزمة الاحياء مع الرب الهك. واما نفس اعدائك فليقذف بها كما يقذف حجر من وسط كفة مقلاع.
30- وعندما يحقق الرب لسيدي كل هذا الخير الذي وعد به وينصبك رئيسا على اسرائيل،
31- فلن تقاسي من عذاب الضمير لانك سفكت دماء اعتباطا او انتقمت لنفسك. ومتى حقق لك الرب وعده فاذكر امتك».

32- فقال داود لابيجايل: «مبارك الرب اله اسرائيل الذي ارسلك اليوم للقائي،
33- ومباركة فطنتك، ومباركة انت لانك جنبتني اليوم سفك الدماء والانتقام لنفسي.
34- ولكن حي هو الرب الذي منعني من الاساءة اليك، فلو لم تبادري وتاتي لاستقبالي لما بقي لنابال رجل على قيد الحياة عند مطلع ضوء الصباح».
35- وقبل داود منها ما حملته اليه قائلا لها: «امضي الى بيتك بسلام، فها انا قد استمعت لتوسلك واستجبت طلبتك».
 
36- فاقبلت ابيجايل الى نابال، فوجدت انه قد اقام مادبة في بيته كمادبة ملك، وقد اخذته النشوة بعد ان اكثر من احتساء الخمر حتى سكر، فلم تخبره بشيء اطلاقا حتى صباح اليوم التالي.
37- وفي الصباح، بعد ان صحا نابال من سكرته، اخبرته بما جرى، فاصابه الشلل وتجمد كحجر.
38- وبعد عشرة ايام ضربه الله فمات.
 
39- فلما سمع داود بموت نابال قال: «مبارك الرب الذي انتقم لي بذاته من اهانة نابال، وجنبني ارتكاب الشر وعاقب نابال على اثمه». وارسل داود الى ابيجايل يسالها الزواج منه.
40- فوفد رسل داود الى ابيجايل الى الكرمل وقالوا لها: «ارسلنا داود اليك لنسالك الزواج منه».
41- فقامت وسجدت بوجهها الى الارض وقالت: «انا امته المستعدة لخدمته ولغسل ارجل عبيد سيدي».
42- ثم اسرعت ابيجايل وركبت حمارها بعد ان صحبت معها خمس فتيات من جواريها سرن وراءها، وتبعت رسل داود، وصارت له زوجة.
 
43- ثم تزوج داود اخينوعم من يزرعيل فكانتا له زوجتين.
44- عندئذ زوج شاول ميكال ابنته امراة داود من فلطي بن لايش الذي من جليم.
 
51 09   كتاب صموئيل الاول 026 الرب
1- وتوجه الزيفيون الى شاول في جبعة وقالوا: «اليس داود مختبئا في تل حخيلة تجاه الصحراء؟»
2- فاختار شاول ثلاثة آلاف رجل من خيرة جنود اسرائيل وانطلق نحو صحراء زيف ليبحث فيها عن داود.
3- وعسكر شاول ازاء الطريق عند سفح تل حخيلة تجاه الصحراء، وكان داود آنئذ مقيما في الصحراء. فعندما سمع ان شاول تعقبه الى الصحراء
4- ارسل جواسيسه ليتيقن من ان شاول قد تعقبه حقا.
5- ثم قام داود وتسلل الى الموضع المضطجع فيه شاول، وابنير بن نير رئيس جيشه. فراى شاول راقدا عند المتراس محاطا بجنوده.
 
6- فخاطب داود اخيمالك الحثي وابيشاي ابن صروية (شقيق يوآب): «من منكما ينزل معي الى معسكر شاول؟» فقال ابيشاي: «انا انزل معك».
7- فتسلل داود وابيشاي ليلا الى معسكر شاول، واذا بشاول راقد عند المتراس ورمحه مغروس في الارض الى جوار راسه، وابنير والجنود نائمون حوله.
8- فقال ابيشاي لداود: «لقد اوقع الله اليوم عدوك في قبضة يدك، فدعني الآن اطعنه برمحه الى الارض، فاجهز عليه بضربة واحدة».
9- فاجاب داود: «لا تقض عليه، اذ من يمد يده ليسيء لمسيح الرب ويتبرا؟
10- ان الرب نفسه لابد ان يعاقب شاول فيميته ميتة طبيعية، او يقتله في معركة حربية.
11- ولكن معاذ الله ان امد يدي لاسيء الى مسيح الرب. اما الآن فخذ الرمح المغروس عند راسه وكوز الماء وهلم بنا من هنا».
12- وهكذا اخذ داود الرمح وكوز الماء من عند راس شاول وتسللا راجعين، من غير ان يراهما او ينتبه لوجودهما احد، لانهم جميعا كانوا نياما اذ ان الرب اثقلهم بالسبات العميق.

13- واجتاز داود الوادي الى الجبل المقابل وارتقى الى قمته حيث وقف عن بعد، تفصله عن شاول مسافة كبيرة.
14- ونادى داود الجنود وابنير بن نير قائلا: «الا تجيبني يا ابنير؟». فاجاب ابنير: «من هذا الذي ينادي الملك؟»
15- فقال داود لابنير: «الست انت رجلا؟ ومن مثلك في كل اسرائيل؟ فلماذا لم تحرس سيدك الملك؟ فقد جاء من هم بقتل سيدك الملك.
16- ان ما عملته لا يستحق الثناء، فحي هو الرب انكم ابناء الموت، لانكم لم تحرسوا سيدكم مسيح الرب، فانظر حولك الآن، اين هو رمح الملك وكوز الماء اللذان كانا عند راسه؟».
 
17- وتبين شاول صوت داود، فقال: «اهذا صوتك يا ابني داود؟» فاجاب داود: «انه صوتي ياسيدي الملك».
18- ثم تابع حديثه: «لماذا لايزال سيدي يسعى وراء عبده؟ اي ذنب جنيت، واي جرم اقترفت؟
19- فليسمع سيدي الملك كلام عبده الآن: ان كان الرب قد اثارك ضدي فلاقدمن له قربان رضي. وان كان الناس هم الذين اوغروا صدرك علي فليكونوا ملعونين امام الرب، لانهم نفوني من ارض ميراث الرب قائلين: اذهب اعبد آلهة اخرى.
20- والآن لا تدع دمي يهدر على ارض غريبة بعيدا عن حضرة الرب، لان ملك اسرائيل قد خرج ليبحث عن برغوث واحد ويتعقبه كما يتعقب الحجل في الجبال؟».

21- فقال شاول: «لقد اخطات. ارجع ياابني داود فلن اسيء اليك بعد اليوم، لان نفسي كانت عزيزة في عينيك. لشد ما اخطات وضللت!».
22- فاجاب داود: «هوذا رمح الملك. فليات احد الرجال وياخذه.
23- وليكافيء الرب كل واحد على استقامته وامانته، لان الرب قد اوقعك اليوم فى قبضتي، لكني لم اشا ان امد يدي لاسيء الى مختار الرب.
24- وكما كانت نفسك عزيزة في عيني اليوم، لتكن نفسي ايضا عزيزة في عيني الرب، وينقذني من كل ضيق».
25- فقال شاول لداود: «لتكن مباركا يا ابني داود، فانك قادر على القيام بامور عظيمة وتنجح فيها». ثم مضى داود في حال سبيله ورجع شاول الى بيته.
 
52 09   كتاب صموئيل الاول 028 الرب
1- في تلك الايام حشد الفلسطينيون جيوشهم لمحاربة الاسرائيليين، فقال اخيش لداود: «لابد ان تنضم الى الجيش انت ورجالك لخوض الحرب».
2- فاجابه داود: «سترى بعينيك ما يصنع عبدك في الحرب». فقال اخيش لداود: «اذن اجعلك حارسي الشخصي كل الايام».
 
3- وكان صموئيل قد مات وناح عليه الاسرائيليون ودفنوه في الرامة مدينته، وكان شاول قد طرد العرافين ووسطاء الجن من الارض.
4- وعندما تجمعت قوات الفلسطينيين عسكروا في شونم، اما شاول فقد حشد جيوشه وخيم في جلبوع.
5- وحين شاهد شاول جيش الفلسطينيين ملا قلبه الخوف والاضطراب،
6- فاستشار الرب فلم يجبه لا باحلام ولا بالاوريم ولا عن طريق الانبياء.
7- فقال لعبيده: «ابحثوا لي عن امراة عرافة وسيطة، فاذهب اليها واستشيرها». فاجابه عبيده: «هناك عرافة تقيم في عين دور».
8- فتنكر شاول وارتدى ثيابا اخرى وتوجه الى بيت العرافة ليلا بصحبة اثنين من رجاله، وقال لها: «استشيري لي روحا، واستدعي لي من اسميه لك».
9- فقالت له المراة: «انت تعلم ما فعله شاول بالوسطاء الروحانيين والعرافين، وكيف قتلهم، فلماذا تنصب لي فخا وتقتلني؟»
10- فاقسم لها شاول قائلا: «حي هو الرب لن يلحق بك اي اذى من جراء هذا الامر».
11- فسالته المراة: «من استدعي لك؟» فاجابها: «استدعي لي صموئيل».
12- وعندما شاهدت المراة صموئيل صرخت صرخة هائلة وقالت لشاول: «لماذا خدعتني وانت شاول؟»
13- فقال لها: «لا تخافي. ماذا رايت؟» فاجابت: «رايت طيفا صاعدا من الارض»
14- فسالها: «كيف هيئته؟» فقالت: «رجل شيخ صاعد وهو مغطى بجبة». فادرك شاول انه صموئيل فخر على وجهه الى الارض ساجدا.

15- فقال صموئيل لشاول: «لماذا ازعجتني باصعادك لي؟». فاجاب: «انني في ضيق شديد. الفلسطينيون يحاربونني والرب قد نبذني ولم يعد يجيبني لا عن طريق الانبياء ولا بالاحلام. فدعوتك لترشدني».
16- فساله صموئيل: «لماذا تسالني والرب قد نبذك وصار لك عدوا؟
17- وقد حقق الرب ما وعد به على لساني، فانتزع منك الملك واعطاه لقريبك داود.
18- لانك لم تطع امر الرب ولم تنفذ قضاءه في عماليق، لذلك عاقبك الرب في هذا اليوم،
19- وسيجعل الفلسطينيون يهزمونك انت والاسرائيليين، ويقضون على جيشك. اما انت وبنوك فستلحقون غدا بي وتكونون معي».
 
20- فانطرح شاول بطوله على الارض مرعوبا من كلام صموئيل، كما زاد الجوع من اعيائه لانه لم يكن قد تناول طعاما طوال يوم بكامله.

21- وعندما رات المراة ما اصاب شاول من ارتياع شديد، قالت له: «ها قد سمعت جاريتك لصوتك، وحملت روحي في كفي واستجبت لكل ما طلبته مني.
22- فالآن استمع انت ايضا لسؤل جاريتك، ودعني اقدم لك طعاما لتاكل، فتسترد قوتك عندما تنطلق في سبيلك».
23- فابى قائلا: «لن آكل». ولكنها الحت عليه كما الح عليه عبداه، فاذعن لهم وقام عن الارض وجلس على السرير.
24- وكان لدى المراة عجل مسمن فبادرت اليه وذبحته واخذت دقيقا وعجنته وخبزت فطيرا.
25- ثم وضعته امام شاول ورجليه فاكلوا، ثم انصرفوا من عندها في تلك الليلة.
 
53 09   كتاب صموئيل الاول 029 الرب
1- ثم حشد الفلسطينيون جيوشهم في افيق بينما تجمع الاسرائيليون عند العين التي في يزرعيل.
2- وتقدم قادة الفلسطينيين بكتائبهم وسراياهم، اما داود ورجاله فكانوا يسيرون في المؤخرة مع الملك اخيش.
3- فساله قادة الفلسطينيين: «ماذا يفعل هؤلاء العبرانيون هنا؟» فاجابهم اخيش: «اليس هذا داود الذي كان ضابطا عند شاول ملك اسرائيل، وقد مكث معي طوال هذه المدة، فلم اجد فيه علة منذ ان قدم الي وحتى هذا اليوم».
4- غير ان قادة الفلسطينيين ابدوا سخطهم عليه قائلين: «ارجع الرجل الى موضعه الذي حددته له، ولا تدعه يشترك معنا في الحرب لئلا ينقلب علينا. اذ كيف يسترد هذا رضى سيده؟ اليس بقطع رؤوس رجالنا؟
5- اليس هذا هو داود الذي غنت له النساء راقصات قائلات: قتل شاول الوفا، وقتل داود عشرات الالوف؟»

6- فاستدعى اخيش داود وقال له: «اقسم لك بالرب الحي انك مستقيم، ويسرني انضمامك الى جيشي لانني لم اجد فيك علة منذ ان جئت الي حتى هذا اليوم، غير ان قادة جيشي ساخطون عليك.
7- فامض الآن بسلام وعد الى موضعك ولا تقترف ما يسيء الى اقطاب الفلسطينيين».

8- فقال داود: «ماذا جنيت، واي علة وجدت في عبدك منذ ان مثلت امامك الى اليوم حتى لا اشترك في محاربة اعداء سيدي الملك؟»
9- فقال اخيش: «انني واثق انك صالح في عيني، كملاك الله، غير ان رؤساء الفلسطينيين اصروا قائلين: لا يصعد داود معنا لخوض الحرب.
10- لذلك بكر صباحا مع عبيد سيدك الذين وفدوا معك وارجعوا عند طلوع الصباح».
11- فاستيقظ داود ورجاله مبكرين ليرجعوا الى بلاد الفلسطينيين، واما الفلسطينيون فتقدموا نحو يزرعيل.
 
54 09   كتاب صموئيل الاول 030 الرب
1- وما ان وصل داود ورجاله الى صقلغ في اليوم الثالث حتى وجدوا ان العمالقة قد اغاروا على النقب وهاجموا صقلغ واحرقوها بالنار،
2- بعد ان اخذوا كل من فيها من نساء واطفال اسرى حرب، ولم يقتلوا صغيرا ولا كبيرا.
3- وعندما دخل داود ورجاله الى المدينة وجدوها محروقة، واسرت نساؤهم وبناتهم وابناؤهم.
4- فعلت اصواتهم بالبكاء حتى اصابهم الاعياء.
5- وكانت امراتا داود اخينوعم اليزرعيلية وابيجايل ارملة نابال الكرملي من جملة المسبيات.
6- وتفاقم ضيق داود لان الرجال، من فرط ما حل بهم من مرارة واسى على ابنائهم وبناتهم، طالبوا برجمه، غير ان داود تشبث وتقوى بالرب الهه.
 
7- ثم قال داود لابياثار الكاهن ابن اخيمالك: «احضر الي الافود». فاحضره.
8- واستشار داود الرب قائلا: «اذا تعقبت هؤلاء الغزاة فهل ادركهم؟» فقال له: «الحقهم، فانك تدركهم وتنقذ الاسرى».
9- فانطلق داود والست مئة رجل الذين معه حتى بلغوا وادي البسور، فتخلف قوم منهم هناك.
10- اما داود فواصل طريقه مع اربع مئة رجل، بعد ان تخلف مئتا رجل اعياء عن عبور وادي البسور.
11- فصادفوا رجلا مصريا ملقى في الحقل، فاحضروه الى داود، فقدموا اليه طعاما وماء فاكل وشرب.
12- ثم اعطوه قرصا من تين وعنقودين من زبيب. وبعد ان اكلها انتعشت روحه، لانه لم يكن قد اكل طعاما ولا شرب ماء منذ ثلاثة ايام وثلاث ليال.
13- فساله داود: «من هو سيدك ومن اين انت؟» فاجاب: «انا رجل مصري، عبد لرجل عماليقي، وقد تخلى سيدي عني منذ ثلاثة ايام لاني مرضت.
14- فاننا قد اغرنا على جنوبي بلاد الكريتيين وعلى جنوبي ارض يهوذا وجنوبي كالب واحرقنا صقلغ بالنار»
15- فساله داود: «هل تدلني على مكان هؤلاء الغزاة؟» فاجابه: «احلف لي بالله انك لا تقتلني ولا تسلمني الى سيدي، فادلك على مكان هؤلاء الغزاة».
 
16- وقادهم الى معسكر عماليق فوجدوهم منتشرين في الحقول ياكلون ويشربون ويرقصون من جراء ما اصابوه من غنيمة عظيمة نهبوها من ارض الفلسطينيين ومن ارض يهوذا.
17- فهاجمهم داود من الغروب حتى مساء اليوم التالي، ولم ينج منهم احد سوى اربع مئة غلام ركبوا جمالا وهربوا.
18- واسترد داود ما استولى عليه العمالقة وانقذ زوجتيه.
19- ولم يفقد لهم شيء لا صغير ولا كبير، ولا ابناء ولا بنات ولا غنيمة ولا اي شيء مما استولى عليه العمالقة، بل استردها داود جميعها.
20- واخذ داود غنم العمالقة وبقرهم فساقها رجاله امام الماشية الاخرى التي اغتنمها الغزاة قائلين: «هذه غنيمة داود».
 
21- وعاد داود الى المئتي رجل الذين اعيوا عن المسير وراءه فخلفوهم عند وادي البسور، فخرجوا لاستقبال داود ومن معه من الشعب، فتقدم داود اليهم ليطمئن على سلامتهم.
22- غير ان فئة من المشاغبين من رجال داود ممن اشتركوا معه في الحرب اعترضوا قائلين: «لياخذ كل رجل منهم امراته وابناءه ويمض، اما الغنيمة التي استرددناها، فلا نعطيهم منها لانهم لم يذهبوا معنا».
23- فقال داود: «لا تفعلوا هكذا يا اخوتي، لان الرب قد انعم علينا وحفظنا ونصرنا على الغزاة الذين اغاروا علينا.
24- ومن يوافقكم على هذا الامر؟ لان نصيب المقيم عند الامتعة لحراستها كنصيب من خاض الحرب، اذ تقسم الغنيمة بينهم بالسوية».
25- ومنذ ذلك الحين جعل داود هذه الفريضة سنة تسري على اسرائيل الى هذا اليوم.

26- وعندما رجع داود الى صقلغ ارسل جزءا من الغنيمة الى اصحابه من شيوخ يهوذا قائلا: «هذه لكم هدية بركة من غنائم اعداء الرب».
27- وقد بعث بها الى الذين في بيت ايل، وفي راموت الجنوب، وفي يتير.
28- وفي عروعير، وفي سفموث، وفي اشتموع.
29- وفي راخال، وفي مدن اليرحمئيليين، وفي مدن القينيين،
30- وفي حرمة وفي كور عاشان، وفي عتاك،
31- وفي حبرون، والى سائر الاماكن التي تردد عليها داود ورجاله.
 
55 10   كتاب صموئيل الثاني 001 الرب
1- وبعد موت شاول وعودة داود من محاربة العمالقة مكث داود في صقلغ يومين.
2- واقبل رجل في اليوم الثالث من معسكر شاول بثياب ممزقة وراس معفر وخر عند قدمي داود ساجدا.
3- فساله داود: «من اين اقبلت؟» فاجاب: «من معسكر اسرائيل ناجيا بنفسي».
4- فساله داود: «ماذا جرى؟ اخبرني» فقال: «لقد هرب الجيش من ساحة القتال، وقتل جمع غفير منهم، ومات شاول وابنه يوناثان ايضا»
5- فساله داود: «كيف عرفت بموت شاول وابنه يوناثان؟»
6- فاجاب: «صادف انني كنت في جبل جلبوع عندما رايت شاول يتوكا على رمحه وعربات الاعداء وفرسانهم يتعقبونه.
7- ومالبث ان التفت وراءه. وحين شاهدني استدعاني اليه.
8- وسالني: من انت؟ فاجبت: عماليقي
9- فقال لي: قف علي واقتلني لانني اقاسي من فرط الالم، والحياة مازالت تسري في جسدي.
10- فوقفت عليه وقتلته، لانني ادركت انه ميت لا محالة بعد سقوطه، فاخذت الاكليل الذي فوق راسه والسوار الذي على ذراعه واتيت بهما الى سيدي».
11- فمزق داود ورجاله الذين معه ثيابهم.
12- وندبوا وناحوا وصاموا الى المساء على شاول وعلى بني اسرائيل الذين قتلوا في المعركة.
13- ثم قال داود للرجل الذي ابلغه النبا: «من اين انت؟» فقال: «انا ابن رجل غريب، عماليقي»
14- فقال داود: «كيف جرؤت ان تمد يدك لتقتل الملك مختار الرب؟»
15- وامر داود احد رجاله قائلا: «تقدم، واقتله». فاغمد فيه سيفه فمات.
16- وقال داود: «دمك على راسك، لان فمك شهد عليك بعد اعترافك انك قتلت مختار الرب».
 
17- ورثا داود شاول وابنه يوناثان بهذه المرثاة،
18- وامر ان يتعلمها بنو يهوذا، وهي بعنوان: «نشيد القوس» المدونة في سفر ياشر.

19- «مجدك، مجدك يااسرائيل صريع فوق روابيك. كيف تهاوى الابطال؟
20- لا تخبروا في جت، ولا تبشروا في شوارع اشقلون، لئلا تفرح بنات الفلسطينيين، لئلا تشمت بنات الغلف.
21- ياجبال جلبوع، لا يكن عليكن طل ولا مطر، ولا حقول تغل محاصيل تقدمات، لان هناك تهاوى ترس الابطال. ترس شاول لم يعد يلمع بالزيت.
22- من دم القتلى، ومن لحم الشجعان لم يرتد قوس يوناثان، وسيف شاول لم يرجع مخفقا.
23- شاول ويوناثان المحبوبان، ومثارا الاعجاب في حياتهما لم يفترقا حتى في الموت. كانا اخف من النسور، واقوى من الاسود.
24- يابنات اسرائيل، نحن على شاول الذي البسكن ثياب القرمز ورفهكن وزين ثيابكن بالحلي الذهبية.
25- كيف تهاوى الابطال في خضم الحرب؟ يوناثان على روابيك مقتول.
26- لشد ما تضايقت عليك يااخي يوناثان. كنت عزيزا جدا علي، ومحبتك لي كانت محبة عجيبة، اروع من محبة النساء.
27- كيف تهاوى الابطال وفنيت عدة القتال».
 
56 10   كتاب صموئيل الثاني 002 الرب
1- ثم استشار داود الرب: «هل اتوجه الى احدى مدن يهوذا؟» فاجابه الرب: «اذهب». فسال: «الى اية مدينة؟» فاجابه: «الى حبرون».
2- فانطلق داود الى هناك بصحبة زوجتيه اخينوعم اليزرعيلية وابيجايل ارملة نابال الكرملي.
3- واصطحب معه رجاله واهل بيوتهم، فاقاموا في مدن حبرون.

4- وجاء رجال يهوذا فنصبوا داود ملكا عليهم. وعندما علم داود ان رجال يابيش جلعاد هم الذين دفنوا شاول،
5- بعث اليهم برسل قائلا: «لتكونوا مباركين من الرب لانكم صنعتم هذا المعروف بسيدكم شاول فدفنتموه.
6- فليكافئكم الرب احسانا وخيرا، وانا ايضا اجازيكم خيرا لقاء حسن عملكم.
7- والآن تشجعوا وكونوا ابطالا لان سيدكم مات، وقد نصبني بيت يهوذا ملكا عليكم».
 
8- واما ابنير بن نير قائد جيش شاول فاخذ ايشبوشث بن شاول واجتاز به الاردن الى محنايم،
9- واقامه ملكا على الجلعاديين والاشيريين واليزرعيليين وعلى بني افرايم وبني بنيامين وسائر اسرائيل.
10- وكان ايشبوشث بن شاول في الاربعين من عمره حين ملك على اسرائيل، وظل في الحكم سنتين، اما سبط يهوذا فقد التف حول داود.
11- وملك داود في حبرون على سبط يهوذا سبع سنوات وستة اشهر.
 
12- وتوجه ابنير بن نير مع بعض قوات ايشبوشث من محنايم الى جبعون،
13- وكذلك خرج يوآب بن صروية مع بعض قوات داود فالتقوا جميعا عند بركة جبعون، فجلس كل فريق مقابل الآخر على جانبي البركة.
14- فقال ابنير ليوآب: «ليقم جنودنا للمبارزة امامنا». فاجاب يوآب: ليقوموا.
15- فهب اثنا عشر رجلا من بني بنيامين من اتباع ايشبوشث واثنا عشر من قوات داود.
16- واشتبك كل واحد مع نده واغمد سيفه فيه، فماتوا جميعا. ودعي ذلك الموضع «حلقث هصوريم» (ومعناه حقل السيوف). التي هي في جبعون.
17- واشتد القتال في ذلك اليوم، فانكسر ابنير ورجاله امام قوات داود.
 
18- وكان من جملة رجال داود هناك ابناء صروية: يوآب وابيشاي وعسائيل. وكان عسائيل سريع العدو كالغزال البري.
19- فتعقب عسائيل ابنير ولم يمل عنه يمنة او يسرة.
20- فالتفت ابنير وراءه وتساءل: «هل انت عسائيل؟ فاجاب: «انا هو».
21- فقال له: «تنح عني واقبض على احد الرجال الآخرين واسلبه سلاحه». غير ان عسائيل ظل يسعى في اثره.
22- ثم عاد ابنير يلح على عسائيل ان يكف عنه قائلا: «لماذا تدفعني الى قتلك؟ وكيف يمكنني ان اواجه اخاك يوآب اذا قتلتك؟»
23- لكن عسائيل ابى ان يتنحى عنه، فطعنه ابنير بعقب الرمح، فغاص الرمح في بطنه وخرج من ظهره،فوقع صريعا ومات في مكانه. فكان كل من يمر بالموضع الذي صرع فيه عسائيل يتوقف عنده.

24- وطارد يوآب وابيشاي ابنير حتى مغيب الشمس حيث اتيا الى تل امة مقابل جيح الواقعة على طريق صحراء جبعون.
25- فاجتمع ابناء بنيامين وراء ابنير في قوة واحدة واصطفوا على راس تل واحد.
26- فنادى ابنير يوآب قائلا: «اينبغي للسيف ان يظل ينهش الى الابد؟ .. الم تعلم ان عاقبة القتال هي مرارة؟ فالى متى لا تامر جيشك بالارتداد عن اخوتهم؟»
27- فقال يوآب: «حي هو الله فانه لو لم تتكلم لتعقب رجالي في الصباح اخوتهم».
28- ونفخ يوآب بالبوق فكف جميع جيشه عن مطاردة الاسرائيليين وامتنعوا عن المحاربة.
29- فانطلق ابنير ورجاله طوال الليل عبر وادي الاردن وظلوا يجدون في السير الى ان بلغوا محنايم.
30- ورجع يوآب عن ابنير، وجمع جيشه، فوجد ان المفقودين من قوات داود تسعة عشر رجلا بالاضافة الى عسائيل.
31- اما الذين ماتوا من البنيامينيين ومن رجال ابنير على ايدي قوات داود فكانوا ثلاث مئة وستين رجلا.
32- ونقلوا عائيل ودفنوه في قبر ابيه في بيت لحم. وسار يوآب ورجاله الليل كله حتى وصلوا حبرون عند الفجر.
 
57 10   كتاب صموئيل الثاني 003 الرب
1- وطالت الحرب بين بيت شاول وبيت داود، وكان داود يزداد قوة وبيت شاول يتفاقم ضعفا.
2- وانجب داود بنين في حبرون، كان اكبرهم امنون من اخينوعم اليزرعيلية.
3- والثاني كيلآب من ابيجايل ارملة نابال الكرملي، والثالث ابشالوم ابن معكة بنت تلماي ملك جشور،
4- والرابع ادونيا بن حجيث، والخامس شفطيا بن ابيطال،
5- والسادس يثرعام ابن عجلة امراة داود.

6- وفي غضون الحرب التي نشبت بين بيت شاول وبيت داود قوي نفوذ ابنير في اوساط بيت شاول.
7- وكان لشاول محظية اسمها رصفة بنت اية، فقال ايشبوشث لابنير: «لماذا ضاجعت محظية ابي؟»
8- فاستشاط ابنير غيظا من كلام ايشبوشث، وقال له: «هل انا راس كلب ليهوذا! الى هذا اليوم وانا ابذل ولائي في سبيل بيت شاول واخوته واصحابه، ولم اسلمك ليد داود، والآن تتهمني بانتهاك عرض المراة؟
9- ليعاقب الرب ابنير اشد عقاب ان لم اناصر داود كما وعده الرب
10- ان ينقل المملكة من بيت شاول ويوليه على عرش اسرائيل ويهوذا من دان الى بئر سبع».
11- فلم ينبس ايشبوشث بحرف خوفا من ابنير.
 
12- وبعث ابنير على الفور رسلا الى داود قائلا: من هو صاحب البلاد؟ ابرم معي ميثاقا فاناصرك بضم جميع اسباط اسرائيل اليك».
13- فاجابه داود: «حسنا، انا ابرم معك ميثاقا، الا انني اشترط عليك امرا واحدا، هو ان تاتي اولا بميكال بنت شاول حين تاتي لمقابلتي، والا فلن ترى وجهي».
14- وبعث داود رسلا الى ايشبوشث بن شاول قائلا: «اعطني امراتي ميكال التي خطبتها بمئة من غلف الفلسطينيين».
15- فارسل ايشبوشث واخذها من عند رجلها فلطيئيل بن لايش.
16- فراح رجلها يسير معها باكيا وراءها حتى مدينة بحوريم، الى ان امره ابنير: «امض. ارجع». فرجع.
17- وقال ابنير لشيوخ اسرائيل: «منذ زمن وانتم تطالبون ان يكون داود عليكم ملكا.
18- فالآن افعلوا، لان الرب وعد داود قائلا: بقيادة داود عبدي انقذ شعبي اسرائيل من الفلسطينيين ومن سائر اعدائهم».
19- ثم تداول ابنير الامر مع شيوخ سبط بنيامين، وبعد ذلك توجه الى حبرون ليبلغ داود ما تم الاتفاق عليه بينه وبين رؤساء اسرائيل.
20- وجاء ابنير الى داود في حبرون بصحبة عشرين رجلا، فاقام داود مادبة لهم،
21- ثم قال ابنير لداود: «دعني اذهب على الفور لاجمع لسيدي الملك جميع اسباط اسرائيل ليبايعوك ملكا عليهم فيتحقق ما تصبو اليه». فشيعه داود ومضى بسلام.
 
22- وما لبث ان وصل يوآب مع بعض رجاله قادمين من غزوة اصابوا فيها غنيمة عظيمة. وكان ابنير آنئذ قد غادر حبرون بعد ان شيعه داود بسلام.
23- فقيل ليوآب: «قد وفد ابنير بن نير على الملك، فاطلقه الملك مشيعا بالسلامة».
24- فمثل يوآب في حضرة الملك وقال: «ماذا فعلت؟ لقد اقبل اليك ابنير، فلماذا تركته يمضي بسلام؟
25- انت تعلم ان ابنير بن نير لم يات الا ليتملقك ويتجسس عليك ويطلع على كل ما تصنع».
26- ثم خرج يوآب من لدن داود وارسل رسلا وراء ابنير فردوه من بئر السيرة من غير علم داود.
27- وعندما رجع ابنير الى حبرون انتحى به يوآب جانبا عند منتصف بوابة المدينة، وكانه يريد ان يسر اليه بشيء، وطعنه في بطنه فمات انتقاما لدم عسائيل.
28- وما ان علم داود بذلك حتى قال: «بريء انا ومملكتي امام الرب الى الابد من دم ابنير بن نير.
29- ولينصب دمه على راس يوآب وعلى كل بيت ابيه، ولا ينقطع من بيت يوآب مصاب بالسيلان وبالبرص وبالعرج، وصريع بالسيف ومفتقر الى الخبز».
30- وهكذا قتل يوآب وابيشاي اخوه ابنير ثارا لسفكه دم عسائيل اخيهما في جبعون في الحرب.
 
31- وامر داود يوآب وسائر الشعب الذي معه قائلا: «مزقوا ثيابكم وارتدوا المسوح، والطموا وجوهكم نوحا على ابنير». وكان داود الملك يمشي خلف النعش.
32- وتم دفن ابنير في حبرون، وناح الملك بصوت مرتفع على قبر ابنير وبكاه جميع الشعب.
33- ورثا الملك ابنير قائلا: «اهكذا يموت ابنير كموت احمق؟
34- يداك لم تكونا مغلولتين، ورجلاك لم تكونا مصفدتين بسلاسل النحاس. مت كمن يصرعه الاشرار». وعاد جميع الشعب يندبونه من جديد.
35- وعندما جاء من يقدم لداود طعاما في اثناء النهار، اقسم داود قائلا: «ليعاقبني الرب اشد عقاب ويزد، ان كنت اذوق خبزا او اي شيء آخر قبل غروب الشمس».
36- فذاع الامر بين الشعب وحظي داود برضاهم مثلما حظي برضاهم بمآثره السابقة.
37- وادرك كل شعب اسرائيل في ذلك اليوم انه لم يكن للملك يد في مقتل ابنير بن نير.
38- وقال الملك لحاشيته: «الا تعلمون ان قائدا ورجلا عظيما قد سقط اليوم في اسرائيل؟
39- وها انا، على الرغم من انني الملك الممسوح، فانني اضعف من ابناء صروية؟ انهم اقوى مني. ليجاز الرب مرتكب الشر بموجب شره».
 
58 10   كتاب صموئيل الثاني 004 الرب
1- وعندما سمع ايشبوشث بمقتل ابنير في حبرون ارتعب واستولى الخوف على الاسرائيليين.
2- وكان على راس فرق الغزاة التابعة لابن شاول قائدان اخوان، هما بعنة وركاب ابنا رمون البئيروتي من بني بنيامين، لان بئيروت حسبت في عداد ميراث سبط بنيامين،
3- لان اهل بئيروت فروا الى جتايم وتغربوا هناك الى هذا اليوم.
4- وكان ليوناثان بن شاول ابن يدعى مفيبوشث قد اصيب برجليه وهو في الخامسة من عمره، عندما حملته مربيته وهربت به مسرعة بعد ان ذاع خبر مقتل شاول ويوناثان في يزرعيل فوقع من بين يديها واصبح اعرج.
5- وانطلق ركاب وبعنة ابنا رمون البئيروتي ودخلا عند اشتداد وطاة حر النهار الى بيت ايشبوشث وهو نائم وقت القيلولة،
6- فدخلا الى وسط البيت، متظاهرين انهما قد جاءا لياخذا حنطة،
7- وكان ايشبوشث آنئذ مضطجعا على سريره في مخدع نومه، فطعناه وقتلاه وقطعا راسه وحملاه وجدا في الهرب طوال الليل عبر طريق العربة.
8- واتيا براس ايشبوشث الى داود في حبرون وقالا: «ها هو راس ايشبوشث بن شاول، عدوك الذي كان يسعى الى قتلك، وهوذا الرب قد انتقم اليوم لسيدي الملك من شاول ومن نسله».

9- فقال داود لركاب وبعنة اخيه، ابني رمون البئيروتي: «حي هو الرب الذي فدى نفسي من كل ضيق،
10- ان كنت قد قبضت على من خبرني ان شاول قد مات، وقتلته في صقلغ، وقد ظن في نفسه انه يحمل لي بشارة سارة، فكان موته جزاء بشارته،
11- فماذا افعل بالاحرى برجلين باغيين يقتلان رجلا بريئا في بيته وعلى سريره؟ الا اطالب الآن بدمه من ايديكما واستاصلكما من الارض؟»
12- وامر داود رجاله فقتلوهما وقطعوا ايديهما وارجلهما، وعلقوا جثتيهما على البركة في حبرون. واما راس ايشبوشث فاخذوه وواروه في قبر ابنير في حبرون.
 
59 10   كتاب صموئيل الثاني 005 الرب
1- وتوافد جميع رؤساء اسباط اسرائيل الى داود في حبرون قائلين: «اننا لحمك وعظمك.
2- وفي الايام الغابرة عندما كان شاول ملكا علينا كنت انت قائدنا في المعارك، وقد قال الرب لك: «انت ترعى شعبي اسرائيل وتتولى حكمه».
3- وفي حضور شيوخ اسرائيل في حبرون قطع الملك داود معهم عهدا امام الرب، فنصبوه ملكا على اسرائيل.
 
4- وكان داود في الثلاثين من عمره حين توج ملكا.
5- واستمر ملكه اربعين سنة، منها سبع سنوات وستة اشهر ملك فيها على يهوذا في حبرون، وثلاث وثلاثون سنة ملك فيها في اورشليم على جميع اسباط اسرائيل وسبط يهوذا.
6- ثم تقدم الملك بقواته نحو اورشليم لمحاربة اهلها اليبوسيين. فقالوا لداود: «لن تستطيع اقتحام المدينة، لانه حتى في وسع العميان والعرج ان يصدوك عنها».
7- غير ان داود استولى على حصن صهيون المعروف الآن بمدينة داود.
8- وكان داود قد قال لرجاله: «على من يهاجم اليبوسيين ان يستخدم القناة للوصول الى هؤلاء «العمي والعرج» الذين تبغضهم نفسي». لذلك يقال: «لا يدخل بيت الرب اعمى ولا اعرج».
9- واقام داود في الحصن ودعاه مدينة داود.
10- وكان داود يزداد عظمة، لان الرب القدير كان معه.
 
11- وارسل حيرام ملك صور وفدا الى داود محملا بخشب ارز ونجارين وبنائين، فشيدوا لداود قصرا.
12- وادرك داود ان الرب قد ثبته ملكا على اسرائيل، وانه قد عظم من ملكه من اجل شعبه اسرائيل.
13- وبعد ان انتقل داود من حبرون الى اورشليم اتخذ لنفسه زوجات ومحظيات وانجب ابناء وبنات.
14- وهذه هي اسماء ابناء داود الذين ولدوا في اورشليم: شموع وشوباب وناثان وسليمان.
15- ويبحار واليشوع ونافج ويافيع.
16- واليشمع واليداع واليفلط.
 
17- وعندما علم الفلسطينيون ان داود اعتلى عرش اسرائيل خرجوا بقواتهم للبحث عنه. فلما بلغ الخبر داود لجا الى الحصن.
18- وجاء الفلسطينيون وانتشروا في وادي الرفائيين.
19- وسال داود الرب: «هل اصعد لمحاربة الفلسطينيين؟ هل تنصرني عليهم؟» فاجابه الرب: «اصعد لاني انصرك عليهم».
20- فتقدم داود نحو بعل فراصيم وهاجمهم قائلا: «قد اقتحم الرب اعدائي امامي كما تقتحم المياه». لذلك دعي ذلك الموضع بعل فراصيم.
21- وهرب الفلسطينيون مخلفين وراءهم اصنامهم فحطمها داود ورجاله.

22- ثم عاد الفلسطينيون فاحتلوا وادي الرفائيين وانتشروا فيه.
23- فاستشار داود الرب، فقال له: «لا تصعد اليهم مواجهة، بل التف حولهم واهجم عليهم من ورائهم مقابل اشجار البلسم.
24- وعندما تسمع صوت خطوات تنتقل فوق قمم اشجار البلسم فاسرع بالهجوم لان الرب آنئذ يكون قد تقدمك للقضاء على معسكرهم».
25- فنفذ داود اوامر الرب وقضى على الفلسطينيين من جبع الى مدخل جازر.
 
60 10   كتاب صموئيل الثاني 006 الرب
1- وحشد داود ثلاثين الفا من صفوة المختارين من رجال اسرائيل،
2- وانطلق بهم من بعلة يهوذا لينقلوا من هناك تابوت عهد الرب القدير الجالس فوق الكروبيم.
3- فوضعوا تابوت الله على عربة جديدة وحملوه من بيت ابيناداب القائم على التلة، وكان كل من عزة واخيو ابني ابيناداب يسوقان العربة الجديدة
4- التي عليها تابوت الله. وكان اخيو يسير امام التابوت،
5- وداود وسائر مرافقيه من الاسرائيليين يعزفون امام الرب على كل انواع الآلات المصنوعة من خشب السرو، كالعيدان والرباب والدفوف والجنوك والصنوج.
6- وعندما بلغوا بيدر ناخون تعثرت الثيران التي تجر العربة، فمد عزة يده وامسك تابوت الرب خوفا عليه من السقوط.
 
7- فاحتدم غضب الرب عليه، واهلكه لاجل جسارته وجهله، فمات هناك بجوار التابوت.
8- فشق الامر على داود لان الرب اهلك عزة واباده. ودعا ذلك الموضع فارص عزة (ومعناه انكسار عزة) الى هذا اليوم.
9- وانتاب داود الخوف من الرب وقال: «كيف آخذ تابوت الرب عندي؟»
10- ولم يرد ان ينقل تابوت الرب اليه في مدينة داود، فاودعه بيت عوبيد ادوم الجتي.
11- ومكث التابوت في بيت عوبيد ثلاثة اشهر، وبارك الرب عوبيد وكل اهل بيته.
 
12- وقيل لداود ان الرب بارك بيت عوبيد ادوم وجميع ماله بفضل تابوت الرب، فمضى داود واحضر تابوت الرب من بيت عوبيد ادوم الى مدينة داود ببهجة.
13- وكان كلما خطا حاملو التابوت ست خطوات يذبح داود ثورا وعجلا معلوفا.
14- وراح داود يرقص بكل قوته في حضرة الرب وهو متنطق بافود من كتان.
15- وهكذا نقل داود وكل اسرائيل تابوت الرب وسط الهتاف واصوات الابواق.
16- ولما دخل موكب تابوت الرب مدينة داود، اطلت ميكال بنت شاول من الكوة، وشاهدت الملك داود يطفر ويرقص في حضرة الرب، فاحتقرته في نفسها.
17- ثم ادخلوا تابوت الرب الى الخيمة التي نصبها داود، واقاموه في وسطها وقرب داود محرقات امام الرب، وذبائح سلام.
18- وحين فرغ داود من اصعاد المحرقات وذبائح السلام بارك الشعب باسم الرب القدير.
19- ووزع على كل واحد من الاسرائيليين، رجالا ونساء، رغيف خبز وكاس خمر وقرص زبيب، ثم توجه كل واحد الى بيته.
 
20- ورجع داود ليبارك اهل بيته، فخرجت ميكال بنت شاول للقائه قائلة: «ما كان اجل ملك اسرائيل اليوم، حين استعرض نفسه امام عيون اماء خدامه، كما يستعرض احد السفهاء نفسه».
21- فاجابها داود: «انما احتفلت في حضرة الرب الذي اختارني دون ابيك ودون اي من اهل بيته ليقيمني رئيسا على شعب الرب اسرائيل.
22- واني لاتصاغر دون ذلك واكون وضيعا في عيني نفسي، ولكني اتمجد عند الاماء اللواتي ذكرتهن».
23- ولم تنجب ميكال بنت شاول ولدا الى يوم موتها.
 
61 10   كتاب صموئيل الثاني 007 الرب
1- وبعد ان استقر الملك في قصره، واراحه الرب من اعدائه المحيطين به،
2- قال لناثان النبي: «انظر! انا مقيم في بيت مصنوع من خشب ارز، بينما تابوت الرب ساكن في خيمة»
3- فقال ناثان للملك: «قم واصنع كل ما تحدثك به نفسك، لان الرب معك».
4- ولكن في تلك الليلة قال الرب لناثان:
5- «اذهب وقل لعبدي داود: لست انت الذي تبني لي بيتا لاقامتي
6- فمنذ ان اخرجت بني اسرائيل من مصر الى هذا اليوم لم اسكن في بيت، بل كنت اتنقل من مكان الى آخر في خيمة هي مسكن لي.
7- وفي غضون تلك الحقبة التي سرت فيها مع جميع اسرائيل، هل سالت احد قضاة اسرائيل الذين وليتهم رعاية شعبي قائلا: لماذا لم تبنوا لي بيتا من خشب الارز؟
8- والآن قل لعبدي داود: هذا ما يقوله الرب القدير: انا اخذتك من المربض من رعاية الغنم لتكون رئيسا لشعبي اسرائيل،
9- وعضدتك حيثما توجهت، اهلكت جميع اعدائك من امامك، وجعلت لك شهرة عظيمة كشهرة عظماء الارض.
10- واورثت شعبي اسرائيل ارضا معينة وثبته فيها، فسكن في ارضه آمنا، فلم يعد بنو الاثم قادرين على اذلاله كما جرى سابقا،
11- وكما حدث منذ ان اقمت قضاة على شعبي اسرائيل لقد ارحتك من جميع اعدائك، وقد اخبرك الرب انه سيثبت نسلك من بعدك.
12- ومتى استوفيت ايامك ورقدت مع آبائك، فانني اقيم بعدك من نسلك الذي يخرج من صلبك من اثبت مملكته.
13- هو يبني بيتا لاسمي، وانا اثبت عرش مملكته الى الابد.
14- انا اكون له ابا وهو يكون لي ابنا، ان انحرف اسلط عليه الشعوب الاخرى لاقومه بضرباتهم.
15- ولكن لا انزع رحمتي منه كما نزعتها من شاول الذي ازلته من طريقك.
16- ويدوم بيتك ومملكتك الى الابد امامي، فيكون عرشك ثابتا مدى الدهر».
17- فابلغ ناثان داود جميع هذا الكلام بمقتضى الرؤيا التي اعلنت له.
 
18- فدخل الملك الى خيمة الاجتماع ومثل امام الرب قائلا: «من انا ياسيدي ومن هي عائلتي حتى رفعتني الى هذا المقام؟
19- وكان هذا الامر صغر في عينيك ياسيدي الرب، فرحت تتعهد بالحفاظ على ذرية عبدك الى زمن طويل. وهذا ما يتوق اليه قلب الانسان؟
20- واي شيء آخر يمكن لداود ان يخاطبك به؟ فانت تعرف حقيقة عبدك ياسيدي الرب.
21- لقد اجريت هذه العظائم اكراما لكلمتك، وبموجب ارادتك، واطلعت عليها عبدك.
22- لذلك ما اعظمك ايها السيد الرب لانه ليس لك نظير، وليس هناك اله غيرك حسب كل ما سمعناه بآذاننا.
23- واية امة على الارض تماثل شعبك اسرائيل الذي اخترته وافتديته ليكون لك شعبا ويذيع اسمك، واجريت عظائم ومعجزات مذهلة، لتطرد من امام شعبك الذي انقذته من مصر، امما مع آلهتها.
24- وثبته لنفسك ليكون لك شعبا خاصا الى الابد، وانت يارب صرت لهم الها.
25- والآن ايها الرب الاله، احفظ الى الابد الوعود التي قطعتها لعبدك ولاهل بيته، واوف بما نطقت.
26- وليتعظم اسمك الى الابد، فيقول البشر: حقا ان رب الجنود هو اله على اسرائيل. وليكن بيت عبدك داود ثابتا امامك،
27- لانك انت ايها الاله القدير، اله اسرائيل، قد اعلنت لعبدك قائلا: اقيم من صلبك ملوكا، لذلك راى عبدك ان يرفع اليك هذه الصلاة.
28- والآن ياسيدي الرب انت هو الله ، وكلامك حق، وقد وعدت عبدك بهذا الخير.
29- فتعطف وبارك بيت عبدك ليثبت الى الابد امامك، لانك ياسيدي الرب قد وعدت، اذ ببركتك يتبارك بيت عبدك الى الابد».
 
62 10   كتاب صموئيل الثاني 008 الرب
1- وبعد ذلك حارب داود الفلسطينيين واخضعهم واستولى على عاصمتهم جت.
2- وقهر ايضا الموآبيين وجعلهم يرقدون على الارض في صفوف متراصة، وقاسهم بالحبل. فكان يقتل صفين ويستبقي صفا. فاصبح الموآبيون عبيدا لداود يدفعون له الجزية.
 
3- وحين حاول هدد عزر بن رحوب، ملك صوبة ان يسترد سلطته على اعالي نهر الفرات هزمه داود،
4- واسر من جيشه الفا وسبع مئة فارس وعشرين الف راجل، وعرقب داود كل خيول المركبات باستثناء مئة مركبة.
5- وعندما خف ملك ارام دمشق لنجدة هدد عزر ملك صوبة، قتل داود من جيشه اثنين وعشرين الف رجل.
6- واقام داود حاميات عسكرية في ارام دمشق، واصبح الاراميون تابعين لداود يدفعون له الجزية، وكان الرب ينصر داود حيثما توجه.
7- واستولى داود على اتراس الذهب التي كان يرتديها قادة هدد عزر وحملها الى اورشليم.
8- كما نقل داود الملك من باطح ومن بيروثاي مدينتي هدد عزر كمية هائلة من النحاس.
 
9- ولما علم توعي ملك حماة ان داود قد قضى على جيش هدد عزر،
10- بعث ابنه يورام الى الملك داود يستفسر عن سلامته، ويهنئه على انتصاره على هدد عزر، لان هدد عزر كان يشن حروبا على توعي، وحمله هدايا من فضة وذهب ونحاس.
11- فتقبلها داود الملك، ولكنه خصصها للرب مع ما خصصه من الفضة والذهب الذي حصل عليه من جميع الشعوب التي اخضعها
12- من ارام، ومن موآب، ومن بني عمون، ومن الفلسطينيين ومن عماليق؛ وما غنمه من اسلاب هدد عزر ملك صوبة.
13- واصاب داود شهرة واسعة بعد رجوعه من القضاء على ثمانية عشر الف ادومي في وادي الملح.
14- واقام عدة حاميات عسكرية في جميع ارجاء ادوم، فاصبح الادوميون تابعين لداود. وكان الرب ينصر داود حيثما توجه.
 
15- وملك داود على كل اسرائيل فكان يحكم بالحق والعدل لكل شعبه.
16- وتولى يوآب ابن صروية قيادة الجيش، ويهوشافاط بن اخيلود منصب المسجل،
17- وكان صادوق بن اخيطوب واخيمالك بن ابياثار كاهنين، وسرايا كاتبا.
18- كما تراس بناياهو بن يهوياداع على الجلادين والسعاة، وصار ابناء داود مستشارين للملك.
 
63 10   كتاب صموئيل الثاني 010 الرب
1- ثم مات ملك بني عمون، واعتلى العرش ابنه حانون.
2- فقال داود في نفسه: «لاصنعن خيرا لحانون بن ناحاش كما صنع ابوه معي» فبعث داود وفدا ليعزيه في وفاة ابيه. وعندما بلغ وفد داود ارض بني عمون
3- قال رؤساء بني عمون لسيدهم: «اتظن ان داود يستهدف اكرام ابيك في عينيك بارساله هذا الوفد للتعزية؟ انه لم يرسل هذا الوفد الا لاستطلاع احوال المدينة والتجسس عليها وقلبها».
4- فقبض حانون على اعضاء وفد داود وحلق انصاف لحاهم وقص ثيابهم الى منتصف ظهورهم، ثم اطلقهم.
5- ولما علم داود بالامر ارسل من استقبلهم، لان اعضاء الوفد اعتراهم خجل شديد. وامرهم الملك ان يمكثوا في اريحا ريثما تنبت لحاهم ثم يرجعون.
 
6- وعندما تبين العمونيون ان داود قد اضمر لهم البغضاء، استاجروا من ارام بيت رحوب وارام صوبا عشرين الف راجل، ومن ملك معكة الف رجل، ومن رجال طوب اثني عشر الف رجل.
7- فحين بلغ الخبر داود ارسل يوآب وسائر قواته الابطال،
8- فخرج بنو عمون واصطفوا للقتال عند مدخل باب المدينة، اما اراميو صوبا ورحوب ورجال طوب ومعكة فقد احتشدوا في الحقول.
9- وعندما ادرك يوآب انه محاصر بجبهتي قتال من امام ومن خلف، انتخب من صفوة جيشه رجالا صفهم للقاء الاراميين،
10- وعهد ببقية الجيش الى اخيه ابيشاي، فصفهم هذا لمواجهة بني عمون.
11- وقال يوآب: «ان تغلب علي الاراميون تسرع لنجدتي، وان قوي عليك العمونيون اخف لاغاثتك.
12- لتتشجع ولتتقو من اجل شعبنا ومن اجل مدن الهنا، والرب يجري ما يشاء».
 
13- وتقدم يوآب بقواته لمحاربة الاراميين فلاذوا بالفرار.
14- وعندما شاهد العمونيون الاراميين يولون الادبار، هربوا هم ايضا من امام ابيشاي ودخلوا المدينة، فرجع يوآب عن بني عمون وعاد الى اورشليم.
15- وبعد ان راى الاراميون انهم قد انهزموا امام جيش اسرائيل اجتمعوا معا.
16- فارسل هدد عزر واستدعى اراميي نهر الفرات، فتجمعوا في حيلام تحت قيادة شوبك رئيس جيش هدد عزر.
17- فلما علم داود، حشد جيوشه واجتاز نهر الاردن حتى قدم الى حيلام فالتقى الجيشان في حرب ضروس.
18- وما لبث الاراميون ان اندحروا امام الاسرائيليين، فقتلت قوات داود رجال سبع مئة مركبة، واربعين الف فارس. واصيب شوبك رئيس الجيش ومات هناك.
19- وحين ادرك جميع حلفاء هدد عزر انهم اندحروا امام الاسرائيليين، عقدوا صلحا معهم واصبحوا تابعين لهم ولم يجرؤوا على نجدة بني عمون بعد ذلك.
 
64 10   كتاب صموئيل الثاني 011 الرب
1- وفي ربيع العام التالي، في الموسم الذي اعتاد فيه الملوك الخروج للحرب، ارسل داود قائد جيشه يوآب على راس قواته حيث هاجموا بني عمون وقهروهم، وحاصروا مدينة ربة، اما داود فمكث في اورشليم.
2- وفي احدى الامسيات نهض داود عن سريره واخذ يتمشى على سطح قصره، فشاهد امراة ذات جمال اخاذ تستحم.
3- فارسل داود من يتحرى عنها. فابلغه احدهم: «هذه بثشبع بنت اليعام زوجة اوريا الحثي»،
4- فبعث داود يستدعيها. فاقبلت اليه وضاجعها اذ كانت قد تطهرت من طمثها، ثم رجعت الى بيتها.
5- وحملت المراة فارسلت تبلغ داود بذلك.
6- فوجه داود الى يوآب قائلا: «ارسل الي اوريا الحثي». فبعث به يوآب الى داود.
7- وحين مثل لدى داود استفسر منه عن سلامة يوآب والجيش وعن انباء الحرب.
8- ثم قال داود لاوريا: «امض الى بيتك واغسل رجليك». فخرج اوريا من بيت الملك، وارسل له هدية الى بيته.
9- غير ان اوريا لم يتوجه الى بيته، بل نام مع رجال الملك عند باب القصر.
10- فاخبروا داود قائلين: «لم يتوجه اوريا الى بيته». فساله داود: «الم ترجع من سفر؟ فلماذا لم تمض الى بيتك؟»
11- فاجاب: «التابوت وجيش اسرائيل ويهوذا معسكرون في الخيام، وكذلك سيدي يوآب، وبقية قواد الملك مخيمون في العراء، فهل آتي انا الى بيتي لآكل واشرب واضاجع زوجتي؟ اقسم بحياتك، لن افعل هذا الامر».
12- فقال داود لاوريا: «امكث هنا اليوم وغدا اطلقك». فمكث اوريا في اورشليم ذلك اليوم حتى صباح اليوم التالي.
13- ولبى دعوة الملك، فاكل في حضرته وشرب حتى اسكره داود. ثم خرج عند المساء ليرقد في مضجعه الى جوار رجال سيده، ولم يتوجه الى بيته ايضا.
 
14- وفي الصباح كتب داود رسالة الى يوآب، بعث بها مع اوريا،
15- جاء فيها: «اجعلوا اوريا في الخطوط الاولى حيث ينشب القتال الشرس، ثم تراجعوا من ورائه ليلقى حتفه».
16- فعين يوآب اوريا في اثناء محاصرة المدينة، في اشد جبهات القتال ضراوة، حيث احتشد ابطال الاعداء.
17- فاندفع رجال المدينة لمحاربة يوآب فمات بعض رجال داود ومنهم اوريا الحثي.
18- فبعث يوآب رسولا ليطلع داود على انباء الحرب،
19- واوصاه قائلا: «ان رايت ان الملك بعد ابلاغه انباء الحرب
20- قد ثار غضبه وقال لك: لماذا اقتربتم من سور المدينة للقتال؟ اما علمتم انهم يرمون بالسهام من فوق السور؟
21- من صرع ابيمالك بن يربوشث؟ الم ترمه امراة بحجر رحى من على السور فمات في تاباص؟ لماذا اقتربتم من السور؟ فقل له: قد مات عبدك اوريا الحثي ايضا».
 
22- فانطلق الرسول الى داود واطلعه على آخر انباء الحرب التي كلفه بها يوآب.
23- وقال: «لقد قوي علينا القوم وخرجوا لقتالنا في العراء، ولكننا انكفانا عليهم وطاردناهم حتى بوابة المدينة.
24- فرمى الرماة على عبيدك بالسهام، فقتل بعض ضباط الملك، ومات عبدك اوريا الحثي».
25- فقال داود للرسول: «هذا ما تخبر به يوآب: لا يسوءنك هذا الامر، فان السيف يلتهم هذا وذاك. شدد حصارك على المدينة ودمرها. قل هذا لتشجيع يوآب».
 
26- وعندما علمت زوجة اوريا ان زوجها قد قتل ناحت عليه.
27- وحين انقضت فترة الحداد، ارسل داود واحضرها الى القصر وتزوجها وولدت ابنا ولكن الرب استاء من هذا الامر الذي ارتكبه داود.
 
65 10   كتاب صموئيل الثاني 012 الرب
1- وارسل الرب ناثان الى داود. وعندما وفد عليه قال له: «عاش رجلان في مدينة واحدة، احدهما ثري والآخر فقير.
2- وكان الغني يمتلك قطعان بقر وغنم كثيرة.
3- واما الفقير فلم يكن له سوى نعجة واحدة صغيرة، اشتراها ورعاها فكبرت معه ومع ابنائه، تاكل مما ياكل وتشرب من كاسه وتنام في حضنه كانها ابنته.
4- ثم نزل ضيف على الرجل الغني، فامتنع ان يذبح من غنمه ومن بقره ليعد طعاما لضيفه، بل سطا على نعجة الفقير وهياها له».
5- عندئذ احتدم غضب داود على الرجل الغني وقال لناثان: «حي هو الرب، ان الجاني يستوجب الموت،
6- وعليه ان يرد للرجل الفقير اربعة اضعاف لانه ارتكب هذا الذنب ولم يشفق».
 
7- فقال ناثان لداود: «انت هو الرجل! وهذا ما يقوله الرب اله اسرائيل: لقد اخترتك لتكون ملكا على اسرائيل وانقذتك من قبضة شاول،
8- ووهبتك بيت سيدك وزوجاته، ووليتك على بني اسرائيل ويهوذا. ولو كان ذلك قليلا لوهبتك المزيد.
9- فلماذا احتقرت كلام الرب لتقترف الشر امامه؟ قتلت اوريا الحثي بسيف العمونيين وتزوجت امراته.
10- لذلك لن يفارق السيف بيتك الى الابد، لانك احتقرتني واغتصبت امراة اوريا الحثي».
11- واستطرد: «هذا ما يقوله الرب: ساثير عليك من اهل بيتك من ينزل بك البلايا، وآخذ نساءك امام عينيك واعطيهن لقريبك، فيضاجعهن في وضح النهار.
12- انت ارتكبت خطيئتك في السر، وانا افعل هذا الامر على مراى جميع بني اسرائيل وفي وضح النهار».
13- فقال داود لناثان: «قد اخطات الى الرب». فقال ناثان: «والرب قد نقل عنك خطيئتك، فلن تموت.
14- ولكن لانك جعلت اعداء الرب يشمتون من جراء هذا الامر، فان الابن المولود لك يموت».
 
15- وانصرف ناثان الى بيته. وما لبث ان اصاب الرب الطفل الذي انجبته ارملة اوريا الحثي لداود بمرض.
16- فابتهل داود الى الله من اجله، واطال الصيام واعتصم بمخدعه وافترش الارض.
17- فراح وجهاء اهل بيته يحاولون اقناعه لينهض عن الارض، فابى ولم ياكل معهم طعاما.
18- غير ان الطفل مات في اليوم السابع. فخاف رجال حاشية داود ان يخبروه، وقالوا: «عندما كان الولد حيا وحاولنا تعزيته لم يصغ الينا. فكيف نقول له ان الولد مات؟ قد يؤذي نفسه!»
19- واذ شاهد داود رجال حاشيته يتهامسون، ادرك ان الولد قد مات، فسالهم: «هل توفي الولد؟» فاجابوا: «نعم».
20- عندئذ نهض داود عن الارض واغتسل وتطيب وبدل ثيابه ودخل الى بيت الرب وصلى ساجدا، ثم عاد الى قصره وطلب طعاما فاكل.
21- فساله رجال حاشيته: «كيف تتصرف هكذا؟ عندما كان الصبي حيا صمت وبكيت، ولكن ما ان مات حتى قمت وتناولت طعاما؟»
22- فاجاب: «حين كان الطفل حيا صمت وبكيت لاني حدثت نفسي: من يعلم؟ ربما يرحمني الرب ويحيا الولد.
23- اما الآن وقد مات، فلماذا اصوم؟ هل استطيع ان ارده الى الحياة؟ انا ماض اليه، اما هو فلن يرجع الي».
 
24- ثم توجه داود الى بثشبع وواساها وضاجعها، فولدت له ابنا دعاه سليمان. واحب الرب الولد،
25- وامر النبي ناثان ان يسمى الولد يديديا (ومعناه محبوب الرب) لان الرب احبه.
 
26- وهاجم يوآب ربة عمون واستولى على عاصمة المملكة،
27- ثم بعث برسل الى داود قائلا: «لقد حاربت ربة واستوليت على مصادر مائها،
28- فالآن احشد بقية الجيش وتعال هاجم المدينة وافتتحها، لئلا اقهرها انا فيطلقون اسمي عليها».
29- فحشد داود كل الجيش وانطلق الى ربة وهاجمها وافتتحها،
30- واخذ تاج ملكهم عن راسه، ووزنه وزنة (نحو اربعة وثلاثين كيلو جراما) من الذهب والاحجار الكريمة، وتتوج به. كما استولى على غنائم وفيرة.
31- واستعبد اهلها وفرض عليهم العمل بالمعاول والمناشير والفؤوس وافران الطوب. وعامل جميع اهل مدن العمونيين بمثل هذه المعاملة. ثم عاد داود وسائر جيشه الى اورشليم.
 
66 10   كتاب صموئيل الثاني 014 الرب
1- وعلم يوآب بن صروية ان قلب الملك متشوق لابشالوم،
2- فاستدعى يوآب من تقوع امراة حكيمة وقال لها: «تظاهري بالحزن، وارتدي ثياب الحداد، ولا تتطيبي، وتصرفي كامراة قضت اياما طويلة غارقة في احزانها على فقيد.
3- وادخلي لمقابلة الملك، وكلميه بما اسره اليك». ولقنها يوآب ما تقول.

4- ومثلت المراة التقوعية امام الملك، وخرت على وجهها الى الارض وسجدت قائلة: «اغثني ايها الملك»
5- فسالها الملك: «ما شانك؟» فاجابت: «انا ارملة، مات رجلى
6- مخلفا لي ابنين. فتخاصما في الحقل من غير ان يكون هناك من يفرق بينهما. فضرب احدهما الآخر وقتله.
7- وها هي العشيرة قاطبة قد قامت تطالبني بتسليم القايل لمعاقبته جزاء له على قتل اخيه وبذلك يقضون على الوارث. وهكذا يطفئون املي الذي بقي لي، ويمحون اسم زوجي وذكره من على وجه الارض».
8- فقال الملك للمراة: «امضي الى بيتك وانا اصدر قرارا في امرك».
9- فاجابت المراة: «ليقع اللوم علي وعلى بيت ابي، اما الملك وعرشه فهما بريئان من كل شائبة».
10- فقال الملك: «اذا اعترض عليك احد فاحضريه الي فلا يعود يسيء اليك».
11- فقالت المراة: «احلف لي باسم الرب الهك ان تمنع طالب الدم من اراقة مزيد من الدماء لئلا يهلك ابني». فاجابها: «حي هو الرب انه لن تسقط شعرة من راس ابنك الى الارض».
12- فقالت المراة: «دع جاريتك تقول كلمة لسيدي الملك» فقال: «تكلمي».
13- قالت المراة: «اذن، لماذا ارتكبت هذا الامر في حق شعب الله؟ الا يدين الملك نفسه عندما يصدر مثل هذا الحكم لانه لم يرد ابنه من منفاه؟
14- لاننا لابد ان نموت ونكون مثل المياه المتسربة في شقوق الارض التي يتعذر جمعها. ولكن الله لا يستاصل نفسا بل يفكر بشتى الطرق حتى لا يقطع عنه منفيه.
15- وها انا الآن قد جئت لاخاطب سيدي الملك بهذا الامر لان الشعب اخافني. فقلت: ساخاطب الملك لعله يتقبل طلب جاريته.
16- لان الملك قد يوافق على انقاذ جاريته من يد الرجل الذي يحاول ان يقضي علي وعلى ابني ويستولي على الميراث الذي وهبنا اياه الله .
17- وقالت جاريتك: لتحمل كلمة سيدي الملك عزاء لنفسي، لان سيدي الملك هو كملاك الله في التمييز بين الخير والشر، والرب الهك يكون معك».

18- فقال الملك للمراة: «لدي ما اسالك عنه فلا تكتمي الجواب عني». فاجابت: «ليتكلم سيدي الملك».
19- فسالها: «هل ليوآب يد في كل هذا الامر؟» فاجابت: «لتحي نفسك ياسيدي الملك! ان احدا لا يقدر ان يراوغ في امر سيدي الملك. نعم ان عبدك يوآب هو اوصاني ولقنني كل ما نطقت به.
20- وقد قام يوآب بهذا الامر لاحداث تغيير في الوضع الراهن. ان سيدي يتمتع بحكمة مماثلة لحكمة ملاك الله، وعالم بما يحدث في البلاد».
 
21- فقال الملك ليوآب: لقد استقر رايي على تنفيذ هذا الامر. فاذهب الآن واحضر الفتى ابشالوم».
22- فانحنى يوآب بوجهه الى الارض وسجد وبارك الملك قائلا: «اليوم علم عبدك اني قد حظيت برضاك ياسيدي الملك، اذ استجاب الملك لطلب عبده».
23- ثم انطلق يوآب الى جشور واحضر ابشالوم الى اورشليم.
24- فقال الملك: «لينصرف الى بيته ولا ير وجهي». فمضى ابشالوم الى بيته ولم يمثل في حضرة الملك.

25- ولم يكن في كل اسرائيل رجل وسيم المحيا، يحظى بالاعجاب كابشالوم الذي خلا من كل عيب من قمة الراس الى اخمص القدم.
26- وكان يقص شعر راسه مرة في كل عام لانه كان يثقل عليه، اذ كان يزن مئتي شاقل (نحو كيلو جرامين ونصف).
27- وانجب ابشالوم ثلاثة بنين وبنتا واحدة اسمها ثامار، كانت تتمتع بقسط وافر من الجمال.

28- ومكث ابشالوم في اورشليم سنتين من غير ان يحظى بالمثول في حضرة الملك
29- فاستدعى يوآب ليتشفع له عند ابيه، فلم يشا يوآب ان ياتي اليه. ثم ارسل اليه ثانية، فابى ان ياتي ايضا.
30- عندئذ قال ابشالوم لرجاله: «ليوآب حقل شعير مجاور لحقلي، فاذهبوا واحرقوه». فقام رجال ابشالوم باحراق الحقل بالنار.
31- فاقبل يوآب الى ابشالوم في بيته قائلا: «لماذا احرق رجالك حقلي بالنار؟»
32- فاجاب ابشالوم: «ارسلت طالبا اليك ان تاتي الى هنا لاوفدك الى الملك لتساله لماذا استدعاني من جشور خير لي لو بقيت هناك. اني اود ان امثل في حضرة الملك، فان كنت مذنبا فليقتلني».
33- فمضى يوآب الى الملك وابلغه كلام ابشالوم. فاستدعى الملك ابشالوم، فجاء هذا اليه وسجد امامه، فقبل الملك ابشالوم.
 
67 10   كتاب صموئيل الثاني 015 الرب
1- بعد ذلك اتخذ ابشالوم لنفسه مركبة وخيلا واستاجر خمسين رجلا يجرون امامه.
2- وكان يستيقظ مبكرا صباح كل يوم ويقف الى جوار طريق بوابة المدينة، ويدعو اليه كل صاحب دعوى يقصد الملك ليعرض عليه قضيته، فيساله: «من اية مدينة انت؟» فيجيب: «عبدك ينتمي الى احد اسباط اسرائيل».
3- فيقول ابشالوم له: «ان دعواك حق وقويمة، ولكن لا يوجد مندوب عن الملك ليستمع اليك».
4- ثم يقول ابشالوم: «لو صرت قاضيا في الارض لكنت انصف كل انسان له خصومة او دعوى».
5- وكان اذا تقدم احد ليسجد له، يمد يده وينهضه ويقبله.
6- وظل ابشالوم يفعل هذا الامر مع كل قادم بقضية الى الملك، حتى تمكن من اكتساب قلوب رجال اسرائيل.
 
7- وبعد انقضاء اربع سنوات قال ابشالوم للملك: «دعني انطلق الى حبرون لاوفي نذري الذي نذرته للرب.
8- فقد نذر عبدك، عندما كنت مقيما في جشور في ارام، انه ان ردني الرب الى اورشليم فاني اقدم له ذبيحة».
9- فقال الملك له: «اذهب بسلام». فقام ومضى الى حبرون.

10- وبث ابشالوم جواسيس في اوساط جميع اسباط اسرائيل قائلا: «ان سمعتم نفير البوق، فقولوا: قد ملك ابشالوم في حبرون».
11- ورافق ابشالوم مئتا رجل من اورشليم لبوا دعوته عن طيب نية غير عالمين بشيء.
12- وفي اثناء تقريبه ذبائح، استدعى ابشالوم اخيتوفل الجيلوني مشير داود، من بلدته جيلوه. وتفاقمت الفتنة وازداد التفاف الشعب حول ابشالوم.
13- فجاء مخبر قال لداود: «ان قلوب رجال اسرائيل قد مالت نحو ابشالوم».
 
14- فقال داود لرجاله الملتفين حوله في اورشليم: «قوموا بنا نهرب، لانه لا نجاة لنا من ابشالوم. اسرعوا في الهرب لئلا يفوت الوقت، ويدركنا ابشالوم ويدمر المدينة»
15- فاجابه رجاله: «نحن طوع امرك في كل ما تشير به».
16- فخرج الملك وسائر اهل بيته، ولم يترك سوى عشر محظيات لحراسة القصر.
17- وتوقف الملك والشعب السائر في اثره عند آخر بيت في طرف المدينة.
18- واخذ رجاله يمرون امامه من ضباط وحرس خاص، ثم ست مئة رجل من الجتيين الذين تبعوه من جت.
19- فقال الملك لقائدهم اتاي الجتي: «لماذا تذهب انت ايضا معنا؟ ارجع واقم مع الملك الجديد لانك غريب ومنفي ايضا من وطنك.
20- لقد جئت بالامس القريب، فهل اجعلك اليوم تتشرد معنا، مع انني لا ادري الى اين اذهب؟ ارجع وعد بقومك، ولترافقك الرحمة والحق».
21- ولكن اتاي اجاب الملك: «حي هو الرب وحي هو سيدي الملك، انه حيثما يتوجه سيدي الملك، سواء كان للحياة ام للموت، يتوجه عبدك ايضا».
22- فقال داود لاتاي: «تعال، واعبر معنا». فعبر اتاي الجتي وجميع اصحابه وسائر الاطفال الذين كانوا معه.
23- وراح اهالي الارض يبكون بصوت مرتفع فيما كان الملك ومن معه من الشعب يجتازون في وادي قدرون في طريقهم نحو الصحراء.
 
24- وجاء صادوق ايضا ومعه جميع اللاويين حاملين تابوت عهد الرب، ووضعوه الى جانب الطريق. واصعد ابياثار ذبائح حتى انتهى جميع الشعب من اجتياز المدينة.
25- وقال الملك لصادوق: «ارجع تابوت الله الى المدينة، فانني ان حظيت برضى الرب فانه يعيدني فارى التابوت ومسكنه.
26- وان لم استحوذ على رضاه وقال: «اني لم اسر بك، فليفعل بي ما يطيب له».
27- واستطرد الملك قائلا لصادوق الكاهن: «الست انت رائيا؟ هيا ارجع الى المدينة بسلام انت واخيمعص ابنك ويوناثان بن ابياثار. خذا ابنيكما معكما.
28- اما انا فسامكث منتظرا عند مخاوض النهر في الصحراء ريثما يصلني منكم خبر».
29- فارجع صادوق وابياثار تابوت الله الى اورشليم واقاما هناك.
 
30- اما داود فاستمر يرتقي جبل الزيتون باكيا مغطى الراس حافي القدمين. وغطى جميع الشعب الذي معه رؤوسهم وارتقوا مسالك الجبل باكين.
31- وقيل لداود ان اخيتوفل بين المتمردين الذين انضموا الى ابشالوم. فصلى داود: «حمق يارب مشورة اخيتوفل».
 
32- عندما وصل داود الى قمة الجبل سجد للرب، ثم شاهد حوشاي الاركي في انتظاره، ممزق الثياب معفر الراس بالتراب،
33- فقال له داود: «اذا جئت معي تصبح عبئا علي،
34- ولكن اذا رجعت الى المدينة وقلت لابشالوم: انا اكون خادما لك ايها الملك، فقد خدمت اباك منذ زمن، وها انا الآن خادم لك، فانك بذلك تبطل لي مشورة اخيتوفل.
35- وستجد معك صادوق وابياثار الكاهنين فاخبرهما بكل ما تسمعه في مجلس ابشالوم
36- فيرسلا ابنيهما اخيمعص ويوناثان ليبلغاني بكل ما سمعاه».
37- فعاد حوشاي مستشار داود الى المدينة بينما كان ابشالوم يدخلها.
 
68 10   كتاب صموئيل الثاني 016 الرب
1- وعندما عبر داود قمة الجبل لاقاه صيبا خادم مفيبوشث بحمارين محملين بمئتي رغيف خبز ومئة عنقود زبيب ومئة قرص تين وزق خمر.
2- فقال الملك لصيبا: «لمن كل هذا؟» فاجاب صيبا: «الحماران لركوب عائلة الملك، والخبز والتين لياكلها الرجال، والخمر لمن اعيا في الصحراء».
3- فساله الملك: «واين حفيد سيدك؟» فاجاب صيبا: «هو مقيم في اورشليم لانه حدث نفسه قائلا: اليوم يرد لي بيت اسرائيل مملكة جدي».
4- فقال الملك لصيبا: «لقد وهبتك كل ما يمتلكه مفيبوشث». فقال صيبا: «انني انحني امامك بخضوع، لعلني احظى برضى سيدي الملك».
 
5- وعندما وصل الملك داود الى بحوريم خرج رجل من هناك ينتمي الى عشيرة شاول، يدعى شمعي بن جيرا، وراح يكيل له الشتائم،
6- ورشق داود ورجاله والشعب الذي معه والابطال الملتفين عن يمينه ويساره بالحجارة.
7- وهو يردد في شتائمه: «اخرج! اخرج يارجل الدماء ورجل بليعال!
8- لقد رد الرب عليك كل ما سفكته من دماء بيت شاول الذي ملكت عوضا عنه، وقد سلم الرب المملكة الى ابشالوم ابنك. وها انت غارق في شر اعمالك لانك رجل دماء».
9- فقال ابيشاي ابن صروية للملك: «لماذا يشتم هذا الكلب الميت سيدي الملك؟ دعني اهجم عليه فاقطع راسه».
10- فقال الملك: «ليس هذا من شانكم يابني صروية. دعوه يشتم لان الرب قال له اشتم داود. فمن يقدر ان يسال: لماذا تفعل هذا؟»
11- وقال الملك لابيشاي وسائر رجاله: «هوذا ابني الذي خرج من صلبي يسعى لقتلي، فكم بالحري هذا البنياميني. دعوه يشتم لان الرب امره بشتمي.
12- لعل الرب ينظر الى مذلتي، ويكافئني خيرا عوض شتائمه في هذا اليوم».
13- وتابع داود ورجاله المسير في الطريق، ولكن شمعي ظل يمشي بمحاذاتهم على الجانب الآخر من الجبل وهو يكيل لهم الشتائم ويرشقهم بالحجارة ويذري عليهم التراب.
14- وعندما وصل الملك والشعب الذي معه ضفاف الاردن كان الاعياء قد اصابهم، فاستراحوا هناك.
 
15- اما ابشالوم واتباعه من رجال اسرائيل، واخيتوفل، فقد دخلوا اورشليم.
16- وجاء حوشاي الاركي مستشار داود الى ابشالوم هاتفا: «ليحي الملك! ليحي الملك!»
17- فقال له ابشالوم: «ابهذه الطريقة تكافيء صديقك؟ لماذا لم تذهب معه؟»
18- فاجاب: «لا، انني اخدم واقيم مع من اختاره الرب وهذا الشعب وكل رجال اسرائيل.
19- ثم من اخدم؟ الست اخدم ابنه؟ فكما خدمت في حضرة ابيك كذلك اخدم بين يديك».
 
20- وسال ابشالوم اخيتوفل: «اشيروا ماذا نفعل؟»
21- فاجاب اخيتوفل: «ادخل وضاجع محظيات ابيك اللواتي تركهن للمحافظة على القصر، فيسمع جميع بني اسرائيل انك قد صرت مكروها لدى ابيك، فتتشدد ايدي مناصريك».
22- فنصبوا لابشالوم الخيمة على السطح، ودخل لمضاجعة محظيات ابيه على مراى جميع الاسرائيليين.
23- وكانت مشورات اخيتوفل التي يسديها في تلك الايام تحظى بقبول داود وابشالوم لانها كانت في اعتبارهما كانها صادرة عن فم الله
 
69 10   كتاب صموئيل الثاني 017 الرب
1- وقال اخيتوفل لابشالوم: «دعني اختار اثني عشر الف رجل لاقوم واتعقب بهم داود هذه الليلة،
2- فاهاجمه وهو متعب خائر القوى، فاثير الذعر بين رجاله، فينفضون من حوله، واقتل الملك وحده.
3- وارد جميع الشعب اليك، لان موت الرجل الذي تطلبه معناه رجوع الجميع للالتفاف حولك، ولا ينال الاذى اي واحد من الناس».
4- فاستحسن ابشالوم وقادة بني اسرائيل هذا الراي.
 
5- غير ان ابشالوم قال: «استدعوا حوشاي الاركي لنستمع الى ما يرتئي».
6- فلما اقبل حوشاي اطلعه ابشالوم على راي اخيتوفل ثم ساله: «انعمل برايه ام لا؟ تكلم انت».
7- فاجاب حوشاي: «مشورة اخيتوفل ليست صائبة هذه المرة»،
8- ثم اضاف: «انت تعلم ان اباك ورجاله هم ابطال يعصف بهم غضب جامح كدبة متوحشة مثكل، وان اباك رجل قتال متمرس لا يبيت مع قواته.
9- ولعله الآن مختبيء في خندق او مكان آخر. وما ان يقتل بعض رجالك في بدء الحرب ويذيع خبرهم حتى يشيع ان جيش ابشالوم قد كسر،
10- فيذوب قلب من هو في شجاعة الاسد من رجالك، لان جميع بني اسرائيل يعلمون ان اباك جبار حرب، وان رجاله ابطال صناديد.
11- لهذا اقترح ان تجند جيش اسرائيل كله من دان الى بئر سبع، فيكون عدده كرمل البحر في الكثرة، وتقودهم انت الى المعركة.
12- ثم تهاجم اباك حيث هو معسكر، وتسقط عليه كتساقط الندى على الارض، فتقضي عليه وعلى جميع رجاله ولا يسلم احد ممن معه.
13- واذا لجا الى مدينة يحاصر جميع اسرائيل تلك المدينة، ويجرونها بحبال الى الوادي حتى لا يبقى لها اثر».

14- فقال ابشالوم وسائر رجال اسرائيل: «ان راي حوشاي الاركي افضل من راي اخيتوفل». لان الرب اراد ان يبطل مشورة اخيتوفل الصائبة لكي يحل الشر بابشالوم.
 
15- وابلغ حوشاي صادوق وابياثار الكاهنين ما اشار به اخيتوفل على ابشالوم وعلى شيوخ اسرائيل، كما اطلعهما على ما اشار هو به عليهم وقال:
16- «والآن اسرعا بابلاغ داود وقولا له: لا تبت الليلة في سهول الصحراء، بل اعبر النهر، لئلا يتم ابتلاع الملك وجميع الشعب الذي معه».
17- وكان يوناثان واخيمعص منتظرين عند روجل متواريين عن اعين الرقباء. فانطلقت جارية واخبرتهما بما يجري. واذ كانا ماضيين لابلاغ داود
18- شاهدهما غلام واخبر ابشالوم، فاسرعا يختبئان في بيت رجل في بحوريم في بئر في فناء داره.
19- واخذت زوجة الرجل غطاء ووضعته على فم البئر، ونثرت عليه حبوبا لتجف، فلم يشك احد انهما في داخل البئر.
20- فجاء رجال ابشالوم الى البيت وسالوا المراة: «اين اخيمعص ويوناثان؟» فاجابت: «قد اجتازا الجدول وذهبا». وبعد ان اخفقوا في العثور عليهما رجعوا الى اورشليم.

21- وبعد ذهاب اعوان ابشالوم خرجا من البئر ومضيا وقالا للملك داود: «قوموا مسرعين واجتازوا النهر، لان هكذا اشار اخيتوفل ضدكم».
22- فهب داود وجميع من معه من الشعب واجتازوا نهر الاردن. وما ان انبلج الصباح حتى كان الجميع قد عبروا الى ضفة النهر الاخرى.
 
23- وعندما راى اخيتوفل ان مشورته لم يعمل بها، ركب حماره وتوجه الى بيته في مسقط راسه، ثم نظم شؤون عائلته، وخنق نفسه فمات، ودفن في قبر ابيه.
 
24- فوصل داود محنايم، كما اجتاز ابشالوم الاردن مع جميع رجال اسرائيل.
25- وعين ابشالوم عماسا بدل يوآب قائدا للجيش. وكان عماسا ابن رجل يدعى يثرا الاسرائيلي الذي تزوج من ابيجايل بنت ناحاش، اخت صروية ام يوآب.
26- وعسكر ابشالوم والاسرائيليون في ارض جلعاد
27- وما ان وصل داود الى محنايم حتى جاء شوبي بن ناحاش من ربة بني عمون، وماكير بن عميئيل من لودبار، وبرزلاي الجلعادي من روجليم،
28- وقدموا فرشا وطسوسا وآنية خزف وحنطة وشعيرا ودقيقا وفريكا وفولا وعدسا وحمصا مشويا،
29- وعسلا وزبدة وغنما وجبن بقر، لداود وللشعب الذي معه لياكلوا قائلين: «لابد ان الشعب جائع وعطشان وخائر في الصحراء».
 
70 10   كتاب صموئيل الثاني 018 الرب
1- واحصى داود جيشه وعين عليهم قادة الوف ومئات،
2- ثم قسمهم الى ثلاث فرق، جعل يوآب على واحدة منها، وابيشاي ابن صروية اخا يوآب على الثانية، واتاي الجتي على الفرقة الثالثة. وقال الملك لرجاله: «اني ايضا اخرج معكم».
3- لكن الشعب قال: «لا تخرج معنا، لاننا اذا انهزمنا فانهم لا يبالون بنا. واذا مات نصفنا فلا يكترثون بنا ايضا. اما انت فانك تعادل عشرة آلاف منا، ومن الافضل ان تمكث في المدينة وتسعفنا بنجدة ان دعا الامر».
4- فاجابهم الملك: «سافعل ما يروق لكم». ووقف الملك الى جوار بوابة المدينة يشيع مئات والوف الجنود الخارجين للقتال.
5- واوصى الملك يوآب وابيشاي واتاي قائلا: «ترفقوا من اجلي بالفتى ابشالوم»، وسمع الجنود حين اوصى الملك كل قادته بابشالوم.
 
6- وانطلق الجيش الى السهل لمحاربة اسرائيل، فدارت معركة في غابة افرايم،
7- انتهت بهزيمة جيش اسرائيل امام قوات داود، وقتل منهم عشرون الفا في مجزرة ذلك اليوم.
8- واتسعت رقعة القتال، وافترست الغابة من الجيش اكثر من الذين افترسهم السيف في ذلك اليوم.
9- وفي اثناء المعركة التقى ابشالوم ببعض رجال داود، وكان يركب آنئذ على بغل مر به تحت شجرة بلوط ضخمة ذات اغصان كثيفة متشابكة، فعلق شعره باحد فروعها، ومر البغل من تحته وتركه متدليا بين السماء والارض.
10- فرآه رجل واخبر يوآب: «رايت ابشالوم معلقا بشجرة البلوط».
11- فقال له يوآب: «رايته معلقا ولم تقتله؟! لو فعلت، لاعطيتك عشرة قطع من الفضة، وحزام المحارب».
12- فاجاب الرجل: «ولو اعطيتني الفا من الفضة لما كنت امد يدي الى ابن الملك، لان الملك اوصاك على مسمع منا انت وابيشاي واتاي قائلا: ليحرص كل واحد منكم على حياة ابشالوم،
13- ولو قتلت ابنه لكنت قد ارتكبت جناية في حق الملك الذي لا تخفى عليه خافية، ولكنت انت نفسك وقفت ضدي».
14- فقال يوآب: «لا يمكنني ان اصبر هكذا امامك» واخذ بيده ثلاثة سهام انشبها في قلب ابشالوم، وهو ما برح حيا معلقا بشجرة البلوط.
15- ثم احاط بالشجرة عشرة غلمان، حاملي سلاح يوآب، واجهزوا على ابشالوم فمات.
16- ونفخ يوآب بالبوق فارتد جيش داود عن تعقب الاسرائيليين لان يوآب حال دون ذلك.
17- وانزلوا ابشالوم وطرحوه في الغابة في حفرة عميقة، واهالوا عليه رجمة كبيرة جدا من الحجارة. وهرب كل جندي من جيش اسرائيل الى بيته.
18- وكان ابشالوم قد اقام لنفسه في اثناء حياته نصبا تذكاريا في وادي الملك، لانه قال: «ليس لي ابن يحمل اسمي من بعدي». ومازال هذا النصب معروفا بنصب ابشالوم الى هذا اليوم.
 
19- وقال اخيمعص بن صادوق ليوآب: «دعني اهرع لابشر الملك ان الله قد انتقم له من اعدائه».
20- فاجابه يوآب: «لا، لست انت الذي تحمل بشارة في هذا اليوم، دعها لفرصة اخرى اذ لا بشارة في هذا اليوم لان الميت هو ابن الملك».
21- وقال يوآب لرجل كوشي: «اذهب وابلغ الملك بما شاهدت». فسجد الكوشي ليوآب ومضى مسرعا.
22- والح اخيمعص بن صادوق على يوآب قائلا: «مهما حدث، دعني اجر وراء الكوشي ايضا». فقال يوآب: «لماذا تجري انت ياابني، ولست تحمل بشارة تكافا عليها؟»
23- فقال له: «مهما كان الامر دعني اجر». فاذن له، فجرى اخيمعص في طريق الغور وسبق الكوشي.

24- وبينما كان داود جالسا في الساحة الفاصلة بين البوابة الخارجية والبوابة الداخلية طلع الرقيب الى السور فوق سطح الباب، وتلفت حوله واذا به يرى رجلا يركض وحده،
25- فابلغ الرقيب الملك، فقال الملك: «ان كان وحده فهو حامل بشرى». وفي اثناء اقتراب الرسول
26- راى الرقيب رجلا آخر يركض، فقال للبواب: «هوذا رجل آخر يجري وحده». فقال الملك: «وهذا ايضا مبشر».
27- وعاد الرقيب يقول: «اني ارى عدو الاول كعدو اخيمعص بن صادوق». فقال الملك: «هذا رجل صالح يحمل بشرى سارة».
28- وعندما وصل اخيمعص هتف: «سلام للملك» وسجد امامه الى الارض ثم قال: «تبارك الرب الهك الذي اظفرك بالقوم الذين تمردوا على سيدي الملك».
29- فسال الملك: «اسالم الفتى ابشالوم؟» فاجاب اخيمعص: «حين ارسلني اليك عبدك يوآب رايت هناك جلبة لم ادرك دواعيها».
30- فقال له الملك: «تنح جانبا وانتظر هنا». فتنحى ووقف ينتظر.
31- واذا بالكوشي مقبل قائلا: «بشرى لسيدي الملك، لان الرب قد انتقم لك اليوم من جميع الثائرين عليك».
32- فسال الملك الكوشي: «اسالم الفتى ابشالوم؟» فاجابه: «ليكن اعداء سيدي الملك وجميع من ثار عليك عدوانا كالفتى ابشالوم».
33- فارتعش الملك وصعد الى علية البوابة باكيا يذرع ارض الحجرة قائلا: «ياابني، ياابني ابشالوم. ياليتني مت عوضا عنك ياابشالوم ياابني. آه ياابني».
 
71 10   كتاب صموئيل الثاني 019 الرب
1- وقيل ليوآب: «هوذا الملك يبكي وينوح على ابشالوم».
2- فتحول النصر في ذلك اليوم لدى جميع الجيش الى مناحة، اذ شاع بينهم ان الملك قد حزن جدا على مصرع ابنه.
3- فتسلل افراد الجيش عائدين الى المدينة كما يتسلل قوم لحق بهم عار الهزيمة.
4- واخفى الملك وجهه بيديه صارخا بصوت عظيم: «ياابني ابشالوم، ياابشالوم ابني، ابني».
5- فتوجه يوآب الى البيت وقال للملك: «لقد اخجلت اليوم جميع رجالك الذين انقذوك انت وابناءك وبناتك ونساءك ومحظياتك،
6- بمحبتك لمبغضيك وبغضك لمحبيك، فقد ابديت اليوم بوضوح انه لا اعتبار لديك للرؤساء ولا للعبيد، لاني ادركت اليوم انه لو كان ابشالوم حيا وكلنا هلكنا، لطاب الامر لك.
7- فقم الآن واخرج واشرح قلوب رجالك، لاني قد اقسمت بالرب انه ان لم تخرج، فلن يبقى معك احد الليلة، فيكون هذا الامر اسوا عليك من كل كارثة اصابتك منذ صباك الى الآن».
8- فقام الملك وجلس عند بوابة المدينة. فذاع الخبر بين جميع اوساط الجيش ان الملك جالس عند البوابة، فاقبل الجيش اليه. اما الاسرائيليون فهربوا لائذين ببيوتهم.
 
9- ونشبت خصومات بين جميع اسباط اسرائيل قائلين: «ان الملك قد انقذنا من قبضة اعدائنا، وخلصنا من حكم الفلسطينيين، وها هو قد هرب من الارض لينجو من ابشالوم.
10- وابشالوم الذي نصبناه ملكا علينا مات في الحرب. فالآن لماذا انتم متقاعسون عن ارجاع الملك؟»
11- وبعث الملك داود الى صادوق وابياثار الكاهنين قائلا: «اسالا شيوخ اسرائيل لماذا تكونون آخر من يطالب بعودة الملك الى مقره، وقد بلغ مسامع الملك في بيته كل ما قيل في اسرائيل؟
12- انتم اخوتي وعظمي ولحمي، فلماذا تكونون آخر من يطالب بارجاع الملك.
13- وقولا لعماسا: الست انت من لحمي وعظمي؟ فليعاقبني الرب اشد عقاب ويزد، ان لم اجعلك طوال حياتك قائدا لجيشي بدل يوآب».
14- فاستمال بذلك قلوب جميع رجال يهوذا كرجل واحد، فارسلوا اليه يناشدونه الرجوع قائلين: «عد انت وجميع رجالك».
15- فرجع الملك حتى بلغ الاردن، فتوافد رجال يهوذا الى الجلجال لاستقباله والعبور به نهر الاردن.
 
16- واسرع شمعي بن جيرا البنياميني، الذي من بحوريم، ورافق رجال يهوذا لاستقبال الملك داود،
17- ومعه الف رجل من سبط بنيامين، كما جاء صيبا خادم شاول ومعه اولاده الخمسة عشر وعبيده العشرون، وخاضوا نهر الاردن امام الملك.
18- واذ اجتازوا المخاضة لمواكبة بيت الملك وعمل ما يستحوذ على رضاه، مثل شمعي بن جيرا امام الملك عند عبوره الاردن وسجد له متوسلا
19- قائلا: «ليغفر لي سيدي الملك اثمي ولا يذكر افتراء عبده عليه عندما خرج الملك من اورشليم، ولا يكتم ذلك في قلبه،
20- لان عبدك قد ادرك اني قد اخطات، ها انا قد جئت اليوم في طليعة بيت يوسف لاستقبال سيدي الملك».
21- فقال ابيشاي بن صروية: «الا ينبغي ان يقتل شمعي لاجل هذا؟ لقد شتم مختار الرب».
22- فقال داود: «كفا عني ياابني صروية، فلماذا تقاومانني؟ ايقتل اليوم احد في اسرائيل؟ الست انا الآن ملك اسرائيل؟»
23- ثم قال الملك لشمعي: «لن تموت». واقسم له على ذلك.
 
24- وكذلك جاء مفيبوشث حفيد شاول للقاء الملك، وكان قد اهمل الاعتناء برجليه ولحيته، ولم يغسل ثيابه منذ اليوم الذي غادر فيه الملك اورشليم الى حين رجوعه سالما.
25- وعندما جاء للقائه في اورشليم ساله الملك: «لماذا لم تات معي يامفيبوشث؟»
26- فاجاب: «ان عبدك ياسيدي الملك اعرج، فقلت لنفسي. اسرج حماري واركب عليه وامضي مع الملك، ولكن صيبا وكيل اعمالي خدعني،
27- ووشى بعبدك بهتانا الى سيدي الملك، وسيدي الملك كملاك الله. فافعل ما يروق لك.
28- ان كل بيت ابي لا يستحقون منك شيئا سوى الموت، ولكنك اكرمتني، فجعلت عبدك بين الآكلين على مائدتك، فاي حق لي بعد اطالب به الملك؟»
29- فاجابه الملك: «كفاك حديثا عن شؤونك، لقد امرت ان تقسم انت وصيبا الحقول».
30- فقال مفيبوشث: «فلياخذها كلها بعد ان عاد سيدي الملك الى بيته بسلام».
 
31- ونزل برزلاي الجلعادي من روجليم وعبر الاردن مع الملك ليشيعه من هناك.
32- وكان برزلاي قد طعن في السن وبلغ الثمانين عاما، وكان قد عال الملك عند اقامته في محنايم لانه كان رجلا ثريا جدا.
33- فقال الملك لبرزلاي: «تعال معي لاورشليم فاقوم على اعالتك»
34- فاجاب برزلاي: «كم بقي لي من العمر حتى اصعد مع الملك الى اورشليم؟
35- انا اليوم قد بلغت الثمانين، فهل استطيع ان اميز بين الطيب والرديء؟ وهل يلتذ عبدك بما ياكل ويشرب؟ وهل مازلت قادرا على الاستماع الى اصوات المغنين والمغنيات؟ فلماذا يصبح عبدك عبئا على سيدي الملك؟
36- ليرافق عبدك موكبك قليلا بعد عبورك نهر الاردن. ولكن علام يكافئني الملك هذه المكافاة؟
37- دعني ارجع لاموت في مدينتي بجوار ضريح ابي وامي، وها هو ولدي كمهام يذهب مع سيدي الملك فكافئه بما يحلو لك».
38- فاجاب الملك: «ليرافقني كمهام فاجزل له ما يروق لك من مكافاة وكل ما تتمناه مني البيه لك».
39- فاجتاز جميع الشعب نهر الاردن وكذلك فعل الملك. وقبل الملك برزلاي وباركه، ثم قفل هذا راجعا الى محل اقامته.

40- وتوجه الملك الى الجلجال يرافقه كمهام وسائر شعب يهوذا الذين واكبوه مجتازين به نهر الاردن، وكذلك نصف شعب اسرائيل.
 
41- واجتمع رجال اسرائيل وقالوا للملك: «لماذا اخذك اخوتنا رجال يهوذا خفية، وعبروا الاردن بالملك وباهل بيته وبكل رجال داود؟»
42- فاجاب رجال يهوذا رجال اسرائيل: «لان الملك قريب لنا، فماذا يثير غيظكم في هذا الامر؟ هل اكلنا شيئا من مؤونة الملك؟ هل نلنا مكافاة على ذلك؟»
43- فقال رجال اسرائيل لرجال يهوذا: «ان لنا عشرة سهام في الملك، ونحن اولى منكم بداود، فلماذا استخففتم بنا؟ اولم نكن نحن اول من تحدث عن ارجاع ملكنا؟» فكان رد رجال يهوذا اغلظ من كلام رجال اسرائيل.
 
72 10   كتاب صموئيل الثاني 020 الرب
1- وحدث ان كان هناك رجل لئيم يدعى شبع بن بكري من سبط بنيامين، فنفخ هذا بالبوق وقال: «ليس لنا نصيب في داود ولا قسم في ابن يسى، فليرجع كل رجل الى خيمته يااسرائيل».
2- فتخلى كل رجال اسرائيل عن داود وتبعوا شبع بن بكري، واما رجال يهوذا فلازموا ملكهم وواكبوه من الاردن الى اورشليم.
3- وعندما استقر الملك في مقره في اورشليم حجز المحظيات العشر اللواتي تركهن لحفظ القصر وكان يعولهن، ولكنه امتنع عن معاشرتهن، وبقين كالارامل محجوزات حتى يوم وفاتهن.
 
4- وقال الملك لعماسا: «احشد لي رجال يهوذا في ثلاثة ايام واحضر انت الى هنا».
5- فانطلق عماسا ليجند رجال يهوذا، ولكنه تاخر عن الموعد الذي حدده له الملك.
6- فقال داود لابيشاي: «قد يسبب شبع الآن لنا اذى اكثر مما سببه ابشالوم، اسرع خذ حرسي الخاص وتعقبه لئلا يلجا الى مدن حصينة ويفلت من بين ايدينا».
7- فمضى ابيشاي على راس رجال يوآب والجلادين والسعاة والمحاربين الاشداء، واندفعوا من اورشليم ليتعقبوا شبع بن بكري.
8- وعندما وصلوا عند الصخرة العظيمة في جبعون، اقبل اليهم عماسا. وكان يوآب مرتديا ثوبه العسكري متنطقا على حقويه بحزام معلق به سيف في غمده، فلما خرج للقائه اندلق السيف من الغمد.
9- فقال يوآب لعماسا: «اتتمتع بالعافية يااخي؟» وقبضت يد يوآب اليمنى على لحية عماسا وكانه يهم بتقبيله.
10- ولم يحترز عماسا من السيف الذي كان بيد يوآب، فطعنه به، فاندلقت امعاؤه الى الارض ولم يثن عليه لانه مات على الفور، وتابع يوآب وابيشاي تعقبهما لشبع بن بكري.
11- فوقف احد غلمان يوآب عند جثة عماسا صائحا: «من هو معجب بيوآب وولاؤه لداود فليتبع يوآب».
12- وكان عماسا راقدا في وسط الطريق غارقا في دمائه، ولما راى الرجل ان كل الجنود المارين يتوقفون عنده، نقل جثة عماسا من الطريق الى الحقل وغطاها بثوب.
13- وما لبث، بعد نقل الجثة من الطريق، ان لحق كل جندي بيوآب لمطاردة شبع بن بكري.
 
14- ودار شبع على جميع اسباط اسرائيل حتى آبل وبيت معكة وسائر منطقة البيريين فالتفوا حوله وانضموا اليه.
15- وجاءت قوات يوآب وحاصرته في آبل بيت معكة، واقاموا متراسا مرتفعا ازاء المدينة في مواجهة استحكامات السور وشرعوا في هدمه.

16- فنادت امراة حكيمة من المدينة: «اسمعوا، اسمعوا! قولوا ليوآب، ادن من هنا لاكلمك».
17- فتقدم اليها، فقالت المراة: «اانت يوآب؟» فاجاب: «انا هو». فقالت له: «اصغ الى كلام امتك». فقال: «انا سامع»
18- فتكلمت المراة: «كانوا قديما يقولون: ان اردت الحصول على جواب (حكيم) فانك تجده في آبل، وكان هذا يحسم كل جدال.
19- انا واحدة من بين بقية المسالمين في اسرائيل، وانت تبغي تدمير مدينة هي ام في اسرائيل، فلماذا تريد ان تبتلع ميراث الرب؟»
20- فاجاب يوآب: «معاذ الله، معاذ الله ان ابتلع او ان ادمر.
21- ان الامر ليس كذلك، انما هناك رجل من جبل افرايم يدعى شبع بن بكري تطاول على الملك داود. سلموه وحده فانصرف عن المدينة». فقالت المراة ليوآب: «عما قليل يطرح اليك راسه من على السور».
22- وتداولت المراة مع الشعب كله فاقنعتهم بسداد رايها، فقطعوا راس شبع بن بكري والقوه الى يوآب، فنفخ بالبوق، ففكوا الحصار عن المدينة، وعاد كل واحد الى بيته، واما يوآب فرجع الى الملك في اورشليم.

23- وكان يوآب القائد العام على جميع جيش اسرائيل، وبناياهو بن يهوياداع قائد حرس الملك،
24- وادورام مسئولا عن فرق الاشغال الشاقة، ويهوشافاط بن اخيلود المسجل التاريخي،
25- وشيوا كاتب الملك، وصادوق وابياثار كاهنين.
26- اما عيرا اليائيري فكان كاهن داود الخاص.
 
73 10   كتاب صموئيل الثاني 021 الرب
1- وحدثت مجاعة في اثناء حكم داود استمرت ثلاث سنوات متتالية، فالتمس داود وجه الرب. فاجابه الرب: «هذا من اجل ما ارتكبه شاول واهل بيته الملطخة ايديهم بدماء الجبعونيين الذين قتلوهم.
2- فاستدعى الملك الجبعونيين، وهم من بقايا شعب الاموريين الذين وقع معهم الاسرائيليون معاهدة صلح، ولكن شاول سعى للقضاء عليهم من فرط غيرته على بني يهوذا واسرائيل.
3- وقال داود لهم: «ماذا اصنع لكم؟» كيف يمكن ان اعوض عما نالكم من ضرر، فتدعون بالبركة لميراث الرب؟»
4- فاجابه الجبعونيون: «لا نريد مالا ولا فضة من شاول ولا من اهل بيته، ولا نبغي ان نميت احدا في اسرائيل». فقال لهم: «مهما طلبتم افعله لكم»
5- فقالوا للملك: «اعطنا سبعة رجال من بني الرجل الذي افنانا وتآمر علينا ليبيدنا فلا نقيم في كل ارض اسرائيل،
6- فنصلبهم للرب في جبعة شاول مختار الرب». فاجاب الملك: «انا اعطيكم».
7- واشفق الملك على مفيبوشث بن يوناثان من اجل ما بين داود ويوناثان بن شاول من عهد الرب،
8- فاخذ الملك، ارموني ومفبيوشث ابني رصفة ابنة اية اللذين ولدتهما لشاول، وابناء ميكال ابنة شاول الخمسة الذين انجبتهم لعدريئيل ابن برزلاي المحولي.
9- وسلمهم الى الجبعونيين، فصلبوهم على الجبل في حضرة الرب. فقتل السبعة معا في بداية موسم حصاد الشعير.
 
10- فاخذت رصفة ابنة اية مسحا فرشته على الصخر من بداية الحصاد حتى هطول الامطار على الجثث، ومنعت الجوارح من الانقضاض عليها نهارا، والوحوش من افتراسها ليلا.
11- وعندما بلغ داود ما فعلته رصفة ابنة اية محظية شاول،
12- ذهب واخذ عظام شاول وعظام يوناثان ابنه من اهل يابيش جلعاد، الذين سرقوها من شارع بيت شان حيث علقها الفلسطينيون بعد قضائهم عليهما في جلبوع،
13- فاصعد من هناك عظام شاول ويوناثان ابنه، كما تم جمع عظام المصلوبين.
14- ودفنوها في ارض بنيامين في صيلع في قبر قيس ابي شاول. وعندما تم تنفيذ ما امر به الملك استجاب الله الصلاة من اجل اخصاب الارض.
 
15- ودارت حرب بعد ذلك بين الفلسطينيين واسرائيل، فخاض داود ورجاله المعركة لمحاربة الفلسطينيين، ولكن الاعياء اصاب داود.
16- وهم يشبي بن بنوب، احد ابناء رافا، ان يقتل داود، وكان وزن رمحه النحاسي ثلاث مئة شاقل (نحو ثلاثة كيلوجرامات ونصف)، وقد تقلد سيفا جديدا.
17- فانجده ابيشاي بن صروية، وضرب الفلسطيني وقتله. حينئذ اقسم رجال داود عليه قائلين: «لا تخرج معنا بعد الآن الى الحرب، ولا تطفيء بموتك سراج اسرائيل».

18- ونشبت بعد ذلك معركة اخرى مع الفلسطينيين في جوب، فقتل سبكاي الحوشي ساف احد ابناء رافا.

19- ووقعت حرب ثالثة في جوب مع الفلسطينيين قتل فيها الحانان بن يعري البيتلحمي جليات الجتي الذي كانت قناة رمحه في حجم نول النساجين.
20- وجرت معركة رابعة في جت، كان من المحاربين فيها رجل طويل القامة له ست اصابع في كل يد وفي كل قدم. فكانت في جملتها اربعة وعشرين اصبعا، وهو ايضا من ابناء رافا.
21- وعندما حقر اسرائيل، قتله يوناثان بن شمعى اخي داود.
22- وهكذا قتل داود ورجاله هؤلاء الاربعة الذين ولدوا لرافا في جت.
 
74 10   كتاب صموئيل الثاني 022 الرب
1- وخاطب داود الرب بابيات هذا النشيد في اليوم الذي انقذه فيه الرب من كل اعدائه، ومن شاول:
2- «الرب صخرتي وحصني ومنقذي.
3- الهي صخرتي به احتمي، ترسي وركن خلاصي. هو حصني وملجاي ومخلصي. انت تخلصني من الظالمين.
4- ادعو الرب الجدير بكل حمد فيخلصني من اعدائي.
5- طوقتني امواج الموت وسيول الهلاك غمرتني.
6- احاطت بي حبال الهاوية، واطبقت علي فخاخ الموت.
7- في ضيقي دعوت الرب، وبالهي استغثت، فسمع صوتي من هيكله، وبلغ صراخي اذنيه.
8- عندئذ ارتجت الارض وتزلزلت. ارتجفت اساسات السماوات واهتزت لان الرب غضب.
9- نفث انفه دخانا، واندلعت نار آكلة من فمه، فاتقد منها جمر.
10- طاطا السماوات ونزل، فكانت الغيوم المتجهمة تحت قدميه.
11- امتطى مركبة من ملائكة الكروبيم وطار وتجلى على اجنحة الريح.
12- احاطت به الظلمة كالمظلات واكتنفته السحب المتكاثفة واللجج.
13- من بهاء طلعته توهجت جمرات نار.
14- ارعد الرب من السماء واطلق العلي صوته.
15- اطلق سهامه فبدد الاعداء، وارسل بروقه فازعجهم.
16- ظهرت مجاري المياه العميقة وانكشفت اسس المسكونة من زجر الرب ومن ريح انفه اللافحة.
17- مد الرب يده من العلى وامسكني، انتشلني من السيول الغامرة.
18- انقذني من عدوي القوي، وخلصني من مبغضي لانهم كانوا اقوى مني.
19- تصدوا لي في يوم بليتي، فكان الرب سندي.
20- اقتادني الى موضع رحيب، انقذني لانه سر بي.
21- يكافئني الرب حسب بري. ويعوضني حسب طهارة يدي.
22- لاني سلكت دائما في طرق الرب، ولم اعص الهي.
23- جعلت احكامه دائما نصب عيني ولم احد عن فرائضه.
24- فكنت كاملا لديه، وصنت نفسي من الاثم.
25- فيكافئني الرب وفقا لبري، وبحسب طهارتي امام عينيه.

26- مع الرحيم تكون رحيما، ومع الكامل تكون كاملا.
27- مع الطاهر تكون طاهرا، ومع المعوج تكون معوجا.
28- انت تنقذ الشعب المتضايق، اما عيناك فتراقبان المتغطرسين لتخفضهم.
29- يارب انت سراجي. الرب يضيء ظلمتي.
30- لاني بك اقتحم جيشا، وبقوة الهي اخترقت اسوارا.
31- ما اكمل طريق الرب!، ان كلمته نقية، وهو متراس يحمي جميع الملتجئين اليه.
32- لانه من هو اله غير الرب؟ ومن هو صخرة سوى الهنا؟
33- انه الله الذي يسلحني بالقوة، ويجعل طريقي كاملا.
34- يجعل رجلي كرجلي الايل ويقيمني آمنا على المرتفعات.
35- تدرب يدي على فن الحرب فتشد ذراعاي قوسا من نحاس.
36- تعطيني ترس خلاصك، وبلطفك تعظمني.
37- وسعت طريقي تحت قدمي فلم تتعثر رجلاي.
38- اطارد اعدائي فادركهم، ولا ارجع حتى ابيدهم.
39- اقضي عليهم واسحقهم، فلا يستطيعون النهوض، بل يسقطون تحت قدمي.

40- تمنطقني بحزام من القوة تاهبا للقتال وتخضع لسلطاني المتمردين علي.
41- تجعل اعدائي يولون الادبار هربا مني. وافني الذين ييغضونني.
42- يستغيثون ولا من مخلص، ينادون الرب فلا يستجيب لهم.
43- فاسحقهم كغبار الارض، ومثل طين الاسواق ادقهم وادوسهم.
44- تنقذني من مخاصمات الشعب، وتجعلني سيدا للامم حتى صار شعب لم اكن اعرفه عبدا يخدمني.
45- يقبل الغرباء نحوي متذللين، وحالما يسمعون امري يلبونه.
46- الغرباء يخورون، يخرجون من حصونهم مرتعدين.
47- حي هو الرب، ومبارك صخرتي. ومتعال اله خلاصي.
48- الاله المنتقم لي، الذي يخضع الشعوب لسلطاني.
49- منقذي من اعدائي، رافعي على المتمردين ومن الرجل الطاغي يخلصني
50- لذلك اسبحك يارب بين الامم وارنم لاسمك.
51- يامانح الخلاص العظيم لملكه وصانع الرحمة لمسيحه، لداود ونسله الى الابد.
 
75 10   كتاب صموئيل الثاني 023 الرب
1- وهذه كلمات داود الاخيرة: هذا ما اوحي به الى داود بن يسى، وما تنبا به الرجل الذي عظمه العلي، الرجل الذي مسحه اله يعقوب. هذا هو مرتل اسرائيل المحبوب.
2- «تكلم روح الرب بفمي، وكلمته نطق بها لساني.
3- اله اسرائيل تكلم، صخرة اسرائيل قال لي: عندما يحكم انسان بعدل على الناس ويتسلط بمخافة الله،
4- فانه يشرق عليهم كنور الفجر، وكالشمس يشع عليهم في صباح صاف، وكالمطر الذي يستنبت عشب الارض.
5- اليست هكذا علاقة بيتي بالله؟ الم يبرم معي عهدا ابديا كاملا ومؤمنا؟ الا يكلل خلاصي بالفلاح ويضمن تحقيق رغائبي؟
6- اما الاشرار فيطرحون جميعا كالشوك، لانهم (يجرحون) اليد التي تلمسهم.
7- وكل من يمسهم يتسلح بحديد وقناة رمح، وتلتهمهم النار جميعا في مكانهم».
 
8- وهذه اسماء رجال داود الابطال: يوشيب بشبث التحكموني، وكان قائد الثلاثة، هاجم برمحه ثماني مئة وقتلهم دفعة واحدة.
9- ويليه العازار بن دودو بن اخوخي، وهو احد الابطال الثلاثة الذين كانوا مع داود حين عيروا الفلسطينيين (في افس دميم) المجتمعين هناك للحرب، وعندما تقهقر رجال اسرائيل،
10- صمد هو وظل يهاجم الفلسطينيين حتى كلت يده ولصقت بالسيف، ووهبه الرب نصرا مؤزرا في ذلك اليوم، وما لبث ان رجع الشعب لنهب الغنائم فقط.
11- ويعقبه شمة بن اجي الهراري. وكان الفلسطينيون قد حشدوا جيشا في قطعة حقل مزروعة بالعدس، فهرب الاسرائيليون امامهم.
12- لكن شمة ثبت في مكانه وسط قطعة الحقل، وقضى على الفلسطينيين، وانقذ الحقل منهم، فوهبه الله النصر عليهم.
13- وفي موسم الحصاد، اقبل هؤلاء الثلاثة من بين الثلاثين رئيسا الى داود اللاجيء الى مغارة عدلام، وكان جيش الفلسطينيين آنئذ معسكرا في وادي الرفائيين،
14- بينما داود معتصما في الحصن، وحامية الفلسطينيين نازلة في بيت لحم.
15- فتاوه داود قائلا: «من يسقيني ماء من بئر بيت لحم القائمة عند بوابة المدينة؟»
16- فاقتحم الابطال الثلاثة معسكر الفلسطينيين، وجلبوا ماء من بئر بيت لحم القائمة عند البوابة، وحملوه الى داود. فلم يشا ان يشربه بل سكبه للرب،
17- قائلا: «معاذ الله ان افعل هذا! انه دم الرجال الذين جازفوا بانفسهم». وهكذا ابى ان يشربه. هذا ما قام به هؤلاء الابطال الثلاثة.

18- وكان ابيشاي اخو يوآب وابن صروية رئيس ثلاثة ايضا. هذا جابه برمحه ثلاث مئة وقتلهم، فذاعت شهرته بين الثلاثة،
19- وارتفعت مكانته عليهم وصار لهم رئيسا، الا انه لم يصل الى مرتبة الثلاثة الاول.
20- وكان بناياهو بن يهوياداع محاربا مجيدا من قبصئيل، هذا صرع بطلي موآب، ونزل الى وسط جب في يوم مثلج وقتل اسدا،
21- كما قضى على رجل مصري عملاق كان يحمل بيده رمحا، فتصدى له بعصا وخطف الرمح من يده وقتله به.
22- هذا ما صنعه بناياهو بن يهوياداع فذاعت شهرته بين الابطال الثلاثة.
23- وارتفعت مكانته على الثلاثين قائدا، ولكنه لم يبلغ مرتبة الثلاثة الاول فعينه داود قائدا لحرسه الخاص.

24- وكان عسائيل اخو يوآب واحدا من الثلاثين رئيسا، وكذلك الحانان بن دودو من بيت لحم،
25- وشمة الحرودي واليقا الحرودي
26- وحالص الفلطي، وعيرا بن عقيش التقوعي
27- وابيعزر العناثوثي، ومبوناي الحوشاتي.
28- وصلمون الاخوخي، ومهراي النطوفاتي.
29- وخالب بن بعنة النطوفاتي، واتاي بن ريباي من جبعة بني بنيامين،
30- وبنايا الفرعتوني، وهداي من اودية جاعش.
31- وابو علبون العرباتي، وعزموت البرحومي.
32- واليحبا الشعلبوني، ويوناثان من بني ياشن.
33- وشمة الهراري، واخيآم بن شارار الاراري،
34- واليفلط بن احسباي ابن المعكي، واليعام بن اخيتوفل الجيلوني.
35- وحصراي الكرملي، وفعراي الاربي،
36- ويجآل بن ناثان من صوبة، وباني الجادي،
37- وصالق العموني، ونحراي البئيروتي حامل سلاح يوآب بن صروية،
38- وعيرا اليثري، وجارب اليثري،
39- واوريا الحثي. وهم في جملتهم سبعة وثلاثون بطلا.
 
76 10   كتاب صموئيل الثاني 024 الرب
1- ثم عاد فاحتدم غضب الرب على اسرائيل، فاثار داود عليهم قائلا: «هيا قم باحصاء اسرائيل ويهوذا».
2- فقال الملك ليوآب رئيس جيشه: «تجول بين اسباط اسرائيل من دان الى بئر سبع، وقم باحصاء الشعب، فاعرف جملة عددهم»
3- فاجاب يوآب: «ليضاعف الرب الشعب مئة مثل وانت تتمتع بطول العمر، ولكن لماذا يرغب سيدي الملك في مثل هذا الامر؟»
4- ولكن امر الملك غلب على راي يوآب وعلى رؤساء الجيش، فانصرف يوآب وكبار ضباطه من عند الملك لاحصاء شعب اسرائيل.
5- فاجتازوا نهر الاردن واقاموا جنوبي مدينة عروعير الواقعة وسط وادي جاد مقابل يعزير.
6- وقدموا الى جلعاد الى ارض تحتيم في حدشي، ثم توجهوا نحو دان يعن، واستداروا الى صيدون.
7- ثم انطلقوا الى حصن صور وسائر مدن الحويين والكنعانيين، ومن هناك مضوا الى جنوبي يهوذا الى بئر سبع.
8- وبعد ان طافوا في جميع ارجاء ارض اسرائيل، رجعوا في نهاية تسعة اشهر وعشرين يوما الى اورشليم.
9- ورفع يوآب تقريره المتضمن جملة احصاء الشعب الى الملك، فكان عدد الاسرائيليين القادرين على حمل السلاح ثماني مئة الف من اسرائيل، وخمس مئة الف من يهوذا.
 
10- وبعد ان تم احصاء الشعب اعترى الندم قلب داود، فتضرع الى الرب قائلا: «اخطات جدا بما ارتكبته، فارجوك يارب ان تزيل اثم عبدك لانني تصرفت تصرفا احمق».
11- وقبل ان ينهض داود من نومه صباحا، قال الرب لجاد النبي، رائي داود:
12- «اذهب وقل لداود: هذا ما يقوله الرب، انا اعرض عليك ثلاثة امور، فاختر لنفسك واحدا منها فاجريه عليك».
13- فمثل جاد امام داود وقال: «اختر اما ان تجتاح البلاد سبع سني جوع، او تهرب ثلاثة اشهر امام اعدائك وهم يتعقبونك، او يتفشى وبا في ارضك طوال ثلاثة ايام. ففكر في الامر مليا واخبرني عما استقر عليه ردك على من ارسلني؟»
14- فاجاب داود: «قد ضاق بي الامر، ولكن خير لي ان اقع في يد الرب، لان مراحمه كثيرة من ان اقع بين يدي انسان».
 
15- فافشى الرب وبا في اسرائيل من الصباح حتى نهاية ثلاثة ايام، فمات من الشعب من دان الى بئر سبع سبعون الف رجل.
 
16- ومد ملاك الرب يده فوق اورشليم ليهلكها ولكن اخذت الرب رافة على ما اصاب الشعب من شر وقال للملاك المهلك: «كفى، رد يدك». وكان ملاك الرب عندئذ قد بلغ بيدر ارونة اليبوسي.
17- فقال داود للرب عندما شاهد الملاك المهلك «انا هو المخطيء والمذنب، واما هؤلاء الخراف فماذا جنوا؟ ليحل عقابك علي وعلى بيت ابي».
 
18- فجاء جاد الى داود في ذلك اليوم وقال له: «اذهب الى بيدر ارونة اليبوسي وشيد مذبحا للرب فيه».
19- فانطلق داود حسب كلام جاد الذي امره به الرب.
20- وعندما راى ارونة الملك ورجاله قادمين نحوه، خرج للقائه وخر ساجدا بوجهه على الارض،
21- وسال: «لماذا جاء سيدي الملك الى بيت عبده؟» فاجابه داود: «لاشتري منك البيدر حتى ابني للرب مذبحا فتكف الضربة عن الناس».
22- فقال ارونة لداود: «لياخذه سيدي الملك ويقرب عليه ما يروق له. انظر! ها هي البقر للمحرقات، والنوارج وانيار البقر لتكون حطبا؛
23- ان ارونة يقدم كل هذا للملك». ثم اضاف: «ليرض الرب الهك عنك».
24- فقال الملك: «لا، بل اشتري منك كل هذا بثمن، اذ لن اصعد للرب محرقات مجانية». فاشترى داود البيدر والبقر بخمسين شاقلا من الفضة (نحو ست مئة جرام).
25- وشيد داود هناك مذبحا للرب قرب عليه محرقات وذبائح سلام، فاستجاب الرب الصلاة من اجل الارض وكف الوبا عن اسرائيل.
 
 
 

© The Bible ...    pure software code