فصل
26
أنشودة ابتهاج في يهوذا
فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ
يَتَرَدَّدُ هَذَا النَّشِيدُ فِي أَرْضِ يَهُوذَا: «لَنَا مَدِينَةٌ
مَنِيعَةٌ، يَجْعَلُ الرَّبُّ الْخَلاَصَ أَسْوَاراً وَمَتْرَسَةً.
2افْتَحُوا الأَبْوَابَ لِتَدْخُلَ الأُمَّةُ الْبَارَّةُ الَّتِي
حَافَظَتْ عَلَى الأَمَانَةِ. 3أَنْتَ تَحْفَظُ ذَا الرَّأْيِ الثَّابِتِ
سَالِماً لأَنَّهُ عَلَيْكَ تَوَكَّلَ. 4اتَّكِلُوا عَلَى الرَّبِّ إِلَى
الأَبَدِ، لأَنَّ الرَّبَّ اللهَ هُوَ صَخْرُ الدُّهُورِ. 5لَقَدْ أَذَلَّ
السَّاكِنِينَ فِي الْعَلاَءِ، وَخَفَضَ الْمَدِينَةَ الْمُتَشَامِخَةَ.
سَاوَاهَا بِالأَرْضِ وَطَرَحَهَا إِلَى التُّرَابِ، 6فَدَاسَتْهَا
أَقْدَامُ الْبَائِسِ وَالْفَقِيرِ.
7سَبِيلُ الصِّدِّيقِ
اسْتِقَامَةٌ، لأَنَّكَ تَجْعَلُ طَرِيقَ الْبَارِّ مُمَهَّدَةً.
8انْتَظَرْنَاكَ يَارَبُّ بِشَوْقٍ فِي طَرِيقِ أَحْكَامِكَ. تَتُوقُ
النَّفْسُ إِلَى اسْمِكَ وَتَشْتَهِي ذِكْرَكَ. 9تَتُوقُ إِلَيْكَ نَفْسِي
فِي اللَّيْلِ، وَفِي الصَّبَاحِ تَشْتَاقُ إِلَيْكَ رُوحِي. عِنْدَمَا
تَسُودُ أَحْكَامُكَ فِي الأَرْضِ يَتَعَلَّمُ أَهْلُهَا الْعَدْلَ. 10إِنْ
أَبْدَيْتَ رَحْمَتَكَ لِلْمُنَافِقِ فَإِنَّهُ لاَ يَتَعَلَّمُ الْعَدْلَ،
بَلْ يَظَلُّ يَرْتَكِبُ الشَّرَّ حَتَّى فِي أَرْضِ الاسْتِقَامَةِ، وَلاَ
يَعْبَأُ بِجَلاَلِ
الرَّبِّ.
11يَارَبُّ إِنَّ يَدَكَ
مُرْتَفِعَةٌ وَهُمْ لاَ يَرَوْنَهَا، فَدَعْهُمْ يُشَاهِدُونَ غَيْرَتَكَ
عَلَى شَعْبِكَ، وَيَخْزَوْنَ. لِتَلْتَهِمْهُمُ النَّارُ الَّتِي
ادَّخَرْتَهَا لأَعْدَائِكَ. 12يَارَبُّ أَنْتَ تَجْعَلُ سَلاَماً لَنَا
لأَنَّكَ صَنَعْتَ لَنَا كُلَّ أَعْمَالِنَا. 13أَيُّهَا الرَّبُّ
إِلَهُنَا، قَدْ سَادَ عَلَيْنَا أَسْيَادٌ سِوَاكَ، وَلَكِنَّنَا لاَ
نَعْتَرِفُ إِلاَّ بِاسْمِكَ وَحْدَهُ. 14هُمْ أَمْوَاتٌ لاَ يَحْيَوْنَ
وَأَشْبَاحٌ لاَ تَقُومُ. عَاقَبْتَهُمْ وَأَهْلَكْتَهُمْ وَأَبَدْتَ
ذِكْرَهُمْ.
15قَدْ زِدْتَ الأُمَّةَ
يَارَبُّ وَنَمَّيْتَهَا، فَتَمَجَّدَتْ، وَوَسَّعْتَ تُخُومَهَا فِي
الأَرْضِ.
الرجاء في القيامة
16يَارَبُّ قَدْ طَلَبُوكَ
فِي الْمِحْنَةِ، وَسَكَبُوا دُعَاءَهُمْ عِنْدَ تَأَدِيبِكَ لَهُمْ،
17وَكُنَّا فِي حَضْرَتِكَ يَارَبُّ كَالْحُبْلَى الْمُشْرِفَةِ عَلَى
الْوِلاَدَةِ، الَّتِي تَتَلَوَّى وَتَصْرُخُ فِي مَخَاضِهَا. 18حَبِلْنَا
وَتَلَوَّيْنَا وَلَكِنَّنَا كُنَّا كَمَنْ يَتَمَخَّضُ عَنْ رِيحٍ. لَمْ
نُخَلِّصِ الأَرْضَ وَلَمْ يُوْلَدْ مَنْ يُقِيمُ فِيهَا فَتَصِيرُ آهِلَةً
عَامِرَةً. 19وَلَكِنَّ أَمْوَاتَكَ يَحْيَوْنَ، وَتَقُومُ أَجْسَادُهُمْ
فَيَا سُكَّانَ التُّرَابِ اسْتَيْقِظُوا وَاشْدُوا بِفَرَحٍ لأَنَّ
طَلَّكَ هُوَ نَدًى مُتَلَأْلِيءٌ، جَعَلْتَهُ يَهْطُلُ عَلَى أَرْضِ
الأَشْبَاحِ.
20تَعَالَوْا يَا شَعْبِي
وَادْخُلُوا إِلَى مَخَادِعِكُمْ، وَأَوْصِدُوا أَبْوَابَكُمْ خَلْفَكُمْ.
تَوَارَوْا قَلِيلاً حَتَّى يَعْبُرَ السَّخَطُ. 21وَانْظُرُوا فَإِنَّ
الرَّبَّ خَارِجٌ مِنْ مَكَانِهِ لِيُعَاقِبَ سُكَّانَ الأَرْضِ عَلَى
آثَامِهِمْ، فَتَكْشِفُ الأَرْضُ عَمَّا سُفِكَ عَلَيْهَا مِنْ دِمَاءٍ
وَلاَ تُغَطي قَتْلاَهَا فِيمَا بَعْدُ.
فصل
27
عقاب الرب وخلاصه
فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ
يُعَاقِبُ الرَّبُّ بِسَيْفِهِ الْقَاسِي الْعَظِيمِ الْمَتِينِ
لَوِيَاثَانَ الْحَيَّةَ الْهَارِبَةَ الْمُتَلَوِّيَةَ، وَيَقْتُلُ
التِّنِّينَ الَّذِي فِي الْبَحْرِ.
2فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ
غَنُّوا لِشَعْبِي الْكَرْمَةِ الْمُشْتَهَاةِ، 3فَأَنَا الرَّبُّ
رَاعِيهَا أُرْوِيهَا فِي كُلِّ لَحْظَةٍ، وَأَحْرُسُهَا لَيْلَ نَهَارَ
لِئَلاَّ يُتْلِفَهَا أَحَدٌ. 4لَسْتُ أُضْمِرُ غَيْظاً، وَمَنْ قَاوَمَنِي
بِالْشَّوْكِ وَالْحَسَكِ فَإِنَّنِي أَهْجُمُ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً
وَأَحْرِقُهُمْ.5 أَوْ لِيَسْتَجِيرُوا بِحِمَايَتِي وَلْيَعْقِدُوا مَعِي
سَلاَماً؛ أَجَلْ! لِيَعْقِدُوا مَعِي سَلاَماً.
6وَيَتَأَصَّلُ يَعْقُوبُ
فِي الأَيَّامِ الْمُقْبِلَةِ وَيُزْهِرُ إِسْرَائِيلُ، وَيُنْبِتُ
فُرُوعاً تَمْلَأُ الأَرْضَ كُلَّهُا بِالثِّمَارِ. 7هَلْ ضَرَبَهُ
الرَّبُّ كَمَا ضَرَبَ ضَارِبِيهِ، أَمْ هَلَكَ كَمَا هَلَكَ قَاتِلُوهُ؟
8عَاقَبْتَهُ إِذْ خَاصَمْتَهُ وَنَفَيْتَهُ بِنَفْخَةٍ عَاصِفَةٍ فِي
يَوْمِ هُبُوبِ رِيحٍ شَرْقِيَّةٍ. 9لِهَذَا يُكَفَّرُ عَنْ إِثْمِ
يَعْقُوبَ، وَيَكُونُ هَذَا هُوَ كُلُّ ثَمَرِ مَحْوِ خَطِيئَتِهِ،
عِنْدَمَا يَجْعَلُ جَمِيعَ حِجَارَةِ الْمَذْبَحِ كَحِجَارَةِ الْكِلْسِ
الْمَسْحُوقَةِ، وَلاَ يَبْقَى تِمْثَالٌ لِعَشْتَارُوثَ أَوْ مَذْبَحٌ
قَائِماً.
10لأَنَّ الْمَدِينَةَ
الْمَنِيعَةَ تُصْبِحُ مُقْفِرَةً، وَيُصْبِحُ الْمَسْكِنُ مَهْجُوراً
مَتْرُوكاً كَالْقَفْرِ. وَهُنَاكَ يَرْعَى الْعِجْلُ وَيَرْبِضُ
وَيَقْرِضُ أَغْصَانَهَا. 11وَمَتَى يَبِسَتْ فُرُوعُهَا تَتَكَسَّرُ،
فَتُقْبِلُ النِّسَاءُ وَيَسْتَخْدِمْنَهَا وَقُوداً لِلنَّارِ. لأَنَّ
هَذَا شَعْبٌ جَاهِلٌ، لِذَلِكَ لاَ يَرْحَمُهُ صَانِعُهُ وَلاَ يَرْفُقُ
بِهِ خَالِقُهُ.
عودة المسبيين إلى أورشليم
12فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ
يَنْتَقِيكُمُ الرَّبُّ مِنْ مَجْرَى الْفُرَاتِ إِلَى وَادِي النِّيلِ،
كَمَا يُنْتَقَى الْقَمْحُ، وَيَجْمَعُكُمْ وَاحِداً فَوَاحِداً يَا بَنِي
إِسْرَائِيلَ. 13فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَنْفُخُ فِي بُوقٍ عَظِيمٍ
فَيَأْتِي التَّائِهُونَ فِي أَرْضِ أَشُورَ، وَالْمَنْفِيُّونَ إِلَى
دِيَارِ مِصْرَ، لِيَسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي جَبَلِ قُدْسِهِ، فِي
أُورُشَلِيمَ.
فصل
28
الويل لسكارى أفرايم
وَيْلٌ (لِمَدِينَةِ
السَّامِرَةِ) تَاجِ فَخْرِ سكَارَى أَفْرَايِمَ، وَلِزَهْرَةِ جَمَالِهَا
الْمَجِيدَةِ الذَّابِلَةِ الَّتِي تُتَوِّجُ رَأْسَ وَادِي خِصْبِ
الْمَخْمُورِينَ. 2لأَنَّ لِلرَّبِّ مُتَسَلِّطاً قَوِيّاً عَاتِياً
يَنْقَضُّ كَعَاصِفَةِ بَرَدٍ، كَنَوْءٍ مُدَمِّرٍ، كَزَوْبَعَةٍ هَائِلَةٍ
مِنْ مِيَاهٍ جَارِفَةٍ فَيَطْرَحُهَا أَرْضاً بِعُنْفٍ، 3فَتُدَاسُ
السَّامِرَةُ، تَاجُ فَخْرِ سُكَارَى أَفْرَايِمَ بِالأَقْدَامِ.
4وَتَضْحَى زَهْرَةُ جَمَالِهَا الْمَجِيدِ الَّتِي تُكَلِّلُ رَأْسَ
الوَادِي الْخَصِيبِ كَبَاكُورَةِ التِّينِ قَبْلَ مَوْسِمِ الصَّيْفِ
الَّتِي يَرَاهَا النَّاظِرُ فَيَقْتَطِفُهَا وَيَبْتَلِعُهَا. 5فِي ذَلِكَ
الْيَوْمِ يَكُونُ الرَّبُّ القَدِيرُ تَاجَ بَهَاءٍ وَإِكْلِيلَ جَمَالٍ
لِبَقِيَّةِ شَعْبِهِ 6وَيَكُونُ رُوحَ عَدْلٍ لِمَنْ يَتَبَوَّأُ
كُرْسِيَّ القَضَاءِ وَمَصْدَرَ قُوَّةٍ لِمَنْ يُحَارِبُونَ رَادِّينَ
الأَعْدَاءَ عَنْ بَّوابَاتِ الْمَدِينَةِ.
7وَلَكِنَّ هَؤُلاَءِ
أَيْضاً أَضَلَّتْهُمُ الْخَمْرُ وَتَرَنَّحُوا بِالسُّكْرِ، فَسَلَبَ
الْمُسْكِرُ عُقُولَ أَنْبِيَائِهِمْ وَكَهَنَتِهِمْ، فَأَرْبَكَهُمْ
وَرَنَّحَهُمْ، فَأَخْطَأُوا الرُّؤْيَا، وَتَعَثَّرُوا فِي الأَحْكَامِ.
8فَامْتَلَأَتْ مَوَائِدُهُمْ كُلُّهَا بِالْقَيءِ، وَلَمْ يَبْقَ مَكَانٌ
لَمْ يَتَلَوَّثْ. 9فَتَسَاءَلُوا: «لِمَنْ يُلَقِّنُ إِشَعْيَاءُ
الْعِلْمَ، وَلِمَنْ يَشْرَحُ رِسَالَتَهُ؟ هَلْ لِلْمَفْطُومِينَ عَنِ
اللَّبَنِ الْمُبْعَدِينَ عَنِ الثَّدْي؟ 10لأَنَّهُ يُكَرِّرُ عَلَيْنَا
أَوَامِرَهُ كَلِمَةً فَكَلِمَةً، وَوَصِيَّةً فَوَصِيَّةً؛ شَيْئاً مِنْ
هُنَا وَشَيْئاً مِنْ هُنَاكَ. 11سَيُخَاطِبُ الرَّبُّ هَذَا الشَّعْبَ
بِلِسَانٍ غَرِيبٍ أَعْجَمِيٍّ 12وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُمْ: «هَذِهِ
هِيَ أَرْضُ الرَّاحَةِ، فَأَرِيحُوا الْمُنْهَكَ؛ وَهُنَا مَكَانُ
السَّكِينَةِ. وَلَكِنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ. 13لِذَلِكَ
سَيُكَرِّرُ الرَّبُّ عَلَيْهِمْ أَوَامِرَهُ كَلِمَةً فَكَلِمَةً
وَوَصِيَّةً فَوَصِيَّةً؛ شَيْئاً مِنْ هُنَا وَشَيْئاً مِنْ هُنَاكَ،
وَلَكِنَّهُمْ (لِحُمْقِهِمْ) يَتعَثَّرُونَ وَيَسْقُطُونَ
فَيَتَحَطَّمُونَ وَيُؤْسَرُونَ وَيُسْتَعْبَدُونَ.
14لِذَلِكَ اسْمَعُوا
كَلِمَةَ الرَّبِّ أَيُّهَا الْمُسْتَهْزِئُونَ الْمُتَحَكِّمُونَ فِي
شَعْبِ أَورُشَلِيمَ: 15لأَنَّكُمْ قُلْتُمْ: «قَدْ أَبْرَمْنَا عَهْداً
مَعَ الْمَوْتِ، وَعَقَدْنَا مِيثَاقاً مَعَ الْهَاوِيَةِ، فَإِنَّ
الأَشُورِيِّينَ الْمُقْتَحِمِينَ أَرْضَنَا لَنْ يَسْلُخُونَا، لأَنَّ
السُّوطَ الْجَارِفَ إِذَا عَبَرَ لاَ يُصِيبُنَا لأَنَّنَا اعْتَصَمْنَا
بِالْمُرَاوَغَةِ وَلَجَأْنَا إِلَي النِّفَاقِ». 16لِهَذَا يَقُولُ
الرَّبُّ: «هَا أَنَا أَضَعُ حَجَرَ أَسَاسٍ فِي صِهْيَوْنَ، حَجَرَ
زَاوِيَةٍ ثَمِيناً لِيَكُونَ أَسَاساً رَاسِخاً وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ
بِهِ لاَ يَهْرُبُ. 17وَسَأَجْعَلُ الْعَدْلَ خَيْطَ قِيَاسٍ وَالْحَقَّ
مِطْمَاراً (لأَكْشِفَ عَنْ زَيْفِ أَعْمَالِكُمْ) فَيَجْرِفُ البَرَدُ
مُعْتَصَمَ الْكَذِبِ وَتَطْفُو الْمِيَاهُ عَلَى الْمَخَابِيءِ
18عِنْدَئِدٍ يُبْطَلُ عَهْدُكُمْ مَعَ الْمَوْتِ، وَيُلْغَى مِيثَاقُكُمْ
مَعَ الْهَاويَةِ وَيَدُوسُكُمْ أَعْدَاؤُكُمْ عِنْدَ اقْتِحَامِهِمْ
بِلاَدَكُمْ. 19وَيَجْتَاحُونَكُمْ مَرَّةً تِلْوَ مَرَّةٍ، فِي اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ وَمَا إِنْ تُدْرِكُوا مَغْزَى هَذَا الْعِقَابِ حَتَّى
يَطْغَى عَلَيْكُمُ الرُّعْبُ. 20لأَنَّ السَّرِيرَ أَقْصَرُ مِنْ أَنْ
تَتَمَدَّدُوا عَلَيْهِ، وَالغِطَاءَ أَضْيَقُ مِنْ أَنْ تَلْتَفُّوا
بِهِ». 21وَسَيُقْبِلُ الرَّبُّ بِسَخَطٍ، كَمَا أَقْبَلَ فِي جَبَلِ
فَرَاصِيمَ وَفِي وَادِي جِبْعُونَ لِيُجرِيَ أَفْعَالَهُ الغَرِيبَةَ
وَيُعَاقِبَ أَشَدَّ عِقَابٍ. 22لِذَلِكَ لاَ تَتَهَكَّمُوا لِئَلاَّ
يَتَفَاقَمَ عِقَابُكُمْ لأَنَّ رَبَّ كُلِّ الأَرْضِ الْقَدِيرَ قَدْ
أَبْلَغَنِي قَضَاءَهُ بِهَلاَكِكُمْ.
23فَاسْتَمِعُوا إِلَى
صَوْتِي وَاصْغُوا إِلَى قَوْلِي وَأَطِيعُوا: 24أَيُواظِبُ الحَارِثُ
عَلَى حَرْثِ أَرْضِهِ وَتَتْلِيمِهَا وَتَمْهِيدِهَا كُلَّ يَوْمٍ؟
25أَلَيْسَ إِذَا سَوَّى أَرْضَهَا يَبْذُرُ الشُّونِيزَ وَيُذَرِّي
الكَمُّونَ وَيَنْثُرُ الْحِنْطَةَ فِي أَتْلاَمِهَا وَالشَّعِيرَ فِي
مَوَاضِعِهِ، وَالقَطَانِيَّ فِي أَطْرَافِهَا الْمَحْرُوثَةِ؟ 26لأَنَّهُ
قَدْ تَلَقَّى الْمَعْرِفَةَ الصَّحِيحَةَ مِنْ إِلَهِهِ. 27فَيَعْلَمُ
أَنَّ الشُّونِيزَ لاَ يُدْرَسُ بِالنَّوْرَجِ، وَلاَ يُطْحَنُ الكَمُّونُ،
بَلْ يُخْبَطُ كِلاَهُمَا بِالْقَضِيبِ. 28وَيَدُقُّ الحِنْطَةَ لأَنَّهُ
لاَ يُمْكِنُهُ أَنْ
يَظَلَّ يَدْرُسُهَا إِلَى الأَبَدِ، وَإِنْ جَرَّ عَلَيْهَا بَكَرَةَ
عَرَبَتِهِ فَإِنَّ خَيْلَهُ لاَ تَطْحَنُهَا. 29إِنَّ مَصْدَرَ هَذِهِ
الْمَعْرِفَةِ هُوَ الرَّبُّ الْقَدِيرُ العَجِيبُ فِي مَشُورَتِهِ
وَالعَظِيمُ فِي حِكْمَتِهِ.
فصل
29
الويل لأورشليم
وَيْلٌ لأُورُشَلِيمَ
الْمَدِينَةِ الَّتِي اسْتَقَرَّ فِيهَا دَاوُدُ. هَا السَّنَوَاتُ
تَتَعَاقَبُ وَأَنْتُمْ مَازِلْتُمْ تَحْتَفِلُونَ بِالأَعْيَادِ.
2وَلَكِنْ سَأُحَاصِرُ أَورُشَلِيمَ، فَيَمْلَأُهَا الأَنِينُ وَالنَّوْحُ،
فَتَكوُنُ فِي نَظَرِي كَمَذْبَحٍ مُلَطَّخٍ بِالدَّمِ. 3سَأَنْزِلُ
عَلَيْكِ وَأُحِيطُ بِكِ وَأُحَاصِرُكِ بِأَبْرَاجٍ، وَأُقِيمُ عَلَيْكِ
الْمَتَارِيسَ. 4عِنْدَئِذٍ تَنْخَفِضِينَ، وَتَتَكَلَّمِينَ مِنَ
الأَرْضِ، وَمِنَ التُّرَابِ تَصْدُرُ عَنْكِ تَمْتَمَةُ كَلاَمٍ،
فَيَكُونُ صَوْتُكِ كَصَوْتِ خَيَالٍ صَادِرٍ مِنَ الأَرْضِ، وَيَرْتَفِعُ
كَلاَمُكَ هَامِساً مِنَ التُّرَابِ. 5وَلَكِنْ سَرْعَانَ مَا يَصِيرُ
جُمْهُورُ أَعْدَائِكِ كَالْهَبَاءِ، وَجُمْهُورُ الْعُتَاةِ
كَالْعُصَافَةِ الْعَابِرَةِ. ثُمَّ فَجْأَةً، وَفِي لَحْظَةٍ،
6يَفْتَقِدُكِ الرَّبُّ الْقَدِيرُ، فَيَأْتِي بِرَعْدٍ وَزِلْزَالٍ
وَضَجِيجٍ عَظِيمٍ، مَعَ زَوْبَعَةٍ وَعَاصِفَةٍ وَلَهِيبِ نَارٍ آكِلَةٍ،
7وَتُصْبِحُ كُلُّ الشُّعُوبِ الَّتِي تُحَارِبُ أُورُشَلِيمَ، وَتُحَاصِرُ
حُصُونَهَا كَالْحُلْمِ أَوْ كَرُؤْيَا اللَّيْلِ. 8وَكَمَا يَحْلُمُ
الْجَائِعُ أَنَّهُ يَأْكُلُ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْبِعَ
جُوعَهُ، وَكَمَا يَحْلُمُ الظَّامِيءُ أَنَّهُ يَشْرَبُ ثُمَّ يَفِيقُ
مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْتَوِيَ عَطَشُهُ، هَكَذَا يَكُونُ جُمْهُورُ الأُمَمِ
كُلِّهَا الْمُتَأَلِّبِينَ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ.
9ابْهَتُوا وَتَعَجَّبُوا.
تَعَامَوْا وَاعْمَوْا. اسْكَرُوا وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ خَمْرٍ.
تَرَنَّحُوا وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ مُسْكِرٍ، 10لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَكَبَ
عَلَيْكُمْ رُوحَ سَبَاتٍ عَمِيقٍ، فَأَغْلَقَ عُيُونَ أَنْبِيائِكُمْ
وَغَطَّى رُؤُوسَ رَائِيِيكُمْ. 11وَصَارَتْ لَكُمْ هَذِهِ الرُّؤْيَا
جَمِيعُهَا كَكَلِمَاتِ كِتَابٍ مَخْتُومٍ، حِينَ يُنَاوِلُونَهُ لِمَنْ
يُتْقِنُ الْقِرَاءَةَ قَائِلِينَ: اقْرَأْ هَذَا، يُجِيبُ: لاَ
أَسْتَطِيعُ لأَنَّهُ مَخْتُومٌ. 12وَعِنْدَمَا يُنَاوِلُونَهُ لِمَنْ
يَجْهَلُ الْقِرَاءَةَ قَائِلِينَ: اقْرَأْ هَذَا، يُجِيبُ: لاَ
أَسْتَطِيعُ الْقِرَاءَةَ.
الويل للمنافقين
13لِذَلِكَ يَقُولُ
الرَّبُّ: لأَنَّ هَذَا الشَّعْبَ يَقْتَرِبُ مِنِّي بِفَمِهِ
وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، بَيْنَمَا قَلْبُهُ بَعِيدٌ عَنَّى. وَمَا
مَخَافَتُهُمْ مِنِّي سِوَى تَقْلِيدٍ تَلَقَّنُوهُ مِنَ النَّاسِ.
14لِذَلِكَ سَأَنْتَقِمُ مِنْ هَؤُلاَءِ الْمُنَافِقِينَ، فَتَبِيدُ
حِكْمَةُ حُكَمَائِهِ وَتَتَلاَشَى فِطْنَةُ فُهَمَائِهِ. 15وَيْلٌ
لِلَّذِينَ يُوْغِلُونَ فِي الأَعْمَاقِ لِيَكْتُمُوا عَنِ الرَّبِّ
مَشُورَتَهُمْ، فَيَقُومُونَ بِأَعْمَالِهِمْ فِي الظَّلاَمِ قَائِلِينَ:
مَنْ يَرَانَا؟ وَمَنْ يَعْرِفُنَا. 16يَالَتَحْرِيفِكُمْ! أَيُحْسَبُ
الْخَزَّافُ كَالْخَزَفِ، فَيَقُولُ الشَّيءُ الْمَصْنُوعُ لِصَانِعِهِ:
أَنْتَ لَمْ تَصْنَعْنِي؟ أَمْ أَنَّ الْمَجْبُولَ يَقُولُ لِجَابِلِهِ:
أَنْتَ مُجَرَّدٌ مِنَ الْفَهْمِ؟
الخلاص المستقبلي لشعب الله
17أَلاَ تَتَحَوَّلُ
لُبْنَانُ فِي لَحَظَاتٍ إِلَى حَقْلٍ خَصِيبٍ، وَالْحَقْلُ الْخَصْبُ
إِلَى غَابَةٍ؟ 18فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَسْمَعُ الأَصَمُّ أَقْوَالَ
الْكِتَابِ، وَتُبْصِرُ عُيُونُ الْمَكْفُوفِينَ مِنْ وَرَاءِ الظُّلْمَةِ
وَالْكَآبَةِ. 19أَمَّا الْوُدَاعَاءُ فَيَتَجَدَّدُ فَرَحُهُمْ
بِالرَّبِّ، وَيَبْتَهِجُ الْبَائِسُونَ بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، 20لأَنَّ
الْعَاتِيَ قَدِ انْقَرَضَ، وَبَادَ الْمُسْتَهْزِيءُ، وَاسْتُؤْصِلَ
جَمِيعُ السَّاهِرِينَ لِارْتِكَابِ الإِثْمِ، 21الَّذِينَ بِكَلِمَةٍ
جَعَلُوا الإِنْسَانَ يُخْطِيءُ، وَنَصَبُوا فَخّاً لِمَنْ يُفْحِمُهُمْ
فِي سَاحَةِ الْقَضَاءِ، وَصَدُّوا الْبَارَّ بِادِّعَاءَاتِهِمِ
الْجَوْفَاءِ.
22لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ
الرَّبُّ مُفْتَدِي إِبْرَاهِيمَ لِبَيْتِ يَعْقُوبَ: لَنْ يَخْجَلَ
يَعْقُوبُ فِي مَا بَعْدُ، وَلَنْ يَعْلُوَ وَجْهَهُ الشُّحُوبُ،
23لأَنَّهُمْ عِنْدَمَا يَرَوْنَ أَبْنَاءَهُمْ يَتَزَايَدُونَ بِفَضْلِي،
فَإِنَّهُمْ يُقَدِّسُونَ اسْمِي، وَيُقَدِّسُونَ قُدُّوسَ يَعْقُوبَ،
وَيَرْهَبُونَ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ، 24وَيَكْتَسِبُ الضَّالُّونَ فَهْماً
وَيَتَقَبَّلُ الْمُتَذَمِّرُونَ التَّعْلِيمَ.
فصل
30
اللجوء لغير الرب
يَقُولُ الرَّبُّ: «وَيْلٌ
لِلْبَنِينَ الْمُتَمَرِّدينَ الَّذِينَ يَنْصَاعُونَ لِمَشُورَةٍ لَمْ
تَصْدُرْ عَنِّي، وَيُبْرِمُونَ عَهْداً لَيْسَ مِنْ رُوحِي، لِيُضِيفُوا
خَطِيئَةً إِلَى خَطِيئَةٍ. 2الَّذِينَ يَتَأَهَّبُونَ لِلِانْحِدَارِ
إِلَى مِصْرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْجَأُوا إِلَى مَشُورَتِي، لِيَلُوذُوا
بِحِمَى فِرْعَوْنَ وَيَعْتَصِمُوا بِظِلِّ مِصْرَ، 3لِذَلِكَ يَصِيرُ
لَكُمْ حِصْنُ فْرِعَوْنَ عَاراً، وَالاحْتِمَاءُ بِظِلِّ مِصْرَ خِزْياً،
4وَمَعَ أَنَّ سُلْطَانَهُ امْتَدَّ إِلَى صُوعَنَ وَحَانِيسَ حَتَّى
أَقَامَ فِيهَا لِنَفْسِهِ وُلاَةً وَمُمَثَّلِينَ 5فَإِنَّهُمْ
يُلْحِقُونَ بِكُمُ العَارَ وَيَجْلِبُونَ عَلَيْكُمُ الْخِزْيَ لأَنَّهُمْ
شَعْبٌ لاَ جَدْوَى مِنْهُ». 6نُبُؤَةٌ بِشَأْنِ وُحُوشِ النَّقَبِ: عَبْرَ
أَرْضِ العَنَاءِ وَالأَهْوَالِ حَيْثُ تَعِيشُ الأُسُودُ وَالأَفَاعِي،
تَحْمِلُ قَوَافِلُهُمْ أَمْوَالَهُمْ عَلَى ظُهُورِ حَمِيرِهِمْ،
وَكُنُوزَهُمْ عَلَى أَسْنِمَةِ جِمَالِهِمْ إِلَى مِصْرَ الَّتِي لاَ
رَجَاءَ فِيهَا. 7لأَنَّ عَوْنَ مِصْرَ بَاطِلٌ لاَ طَائِلَ مِنْهُ،
لِذَلِكَ دَعَوْتَهَا «التِّنِّينَ الْعَاصِي»
مصير مملكة يهوذا المتمردة
8وَالآنَ، امْضِ وَدَوِّنْ
ذَلِكَ عَلَى لَوْحٍ، وَسَجِّلْهُ فِي كِتَابٍ لِيَكُونَ شَاهِداً
أَبَدِيّاً فِي الأَيَّامِ الآتِيَةِ. 9لأَنَّ إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ
مُتَمَرِّدٌ، أَبْنَاءٌ كَذَبَةٌ، يَأْبُونَ الاسْتِمَاعَ إِلَى شَرِيعَةِ
الرَّبِّ، 10وَيَقُولُونَ لِلأَنْبِياءِ: «لاَ تَتَنَبَّأُوا لَنَا بِمَا
هُوَ حَقٌّ، بَلْ كَلِّمُونَا بِالْكَلاَمِ الْمُدَاهِنِ وَتَنَبَّأُوا
بِالْمُخَادِعَاتِ. 11اعْدِلُوا عَنِ الطَّرِيقِ، حِيدُوا عَنِ السَّبِيلِ،
وَكُفُّوا عَنْ مُجَابَهَتِنَا بِكَلاَمِ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ».
12لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ
قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «لأَنَّكُمُ ازْدَرَيْتُمْ بهَذِهِ الْكَلِمَةِ
وَاتَّكَلْتُمْ عَلَى الْجَوْرِ وَالانْحِرَافِ وَاعْتَمَدْتُمْ
عَلَيْهِمَا، 13لِذَلِكَ يُصْبِحُ هَذَا الذَّنْبُ لَكُمْ كَصَدْعٍ
نَاتِيءٍ فِي سُورٍ عَالٍ مُشْرِفٍ عَلَى الانّهِيَارِ الَّذِي يَحْدُثُ
بَغْتَةً وَفِى لَحْظَةٍ 14وَيَكُونُ انْهِيَارُهُ كَكَسْرِ إِنَاءِ
خَزَّافٍ تَمَّ سَحْقُهُ بِقَسْوَةٍ، فَلَمْ تَبْقَ مِنْهُ شَقْفَةٌ
لِالْتِقَاطِ نَارٍ مِنَ الْمَوْقِدِ أَوْ لِغَرْفِ مَاءٍ مِنَ الْجُبِّ.
15لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ
السَّيِّدُ الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: إِنَّ خَلاَصَكُمْ مَرْهُونٌ
بِالتَّوْبَةِ وَالرُّكُونِ إِلَيَّ، وَقُوَّتَكُمْ فِي الطُّمَأْنِينَةِ
وَالثِّقَةِ، لَكِنَّكُمْ أَبَيْتُمْ ذَلِكَ، 16وَقُلْتُمْ: لاَ بَلْ
نَهْرُبُ عَلَى الْخَيْلِ، أَنْتُمْ حَقّاً تَهْرُبُونَ. وَقُلْتُمْ:
سَنَرْكَبُ عَلَى مُتُونِ جِيَادٍ سَرِيعَةٍ، لِهَذَا فَإٍنَّ
مُطَارِدِيكُمْ يُسْرِعُونَ فِي تَعَقُّبِكُمْ. 17يَهْرُبُ أَلْفٌ مِنْكُمْ
أَمَامَ زَجْرَةِ وَاحِدٍ، وَيَتَشَتَّتُونَ جَمِيعاً أَمَامَ زَجْرَةِ
خَمْسَةٍ، حَتَّى تُتْرَكُوا كَسَارِيَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ أَوْ
كَرَايَةٍ عَلَى قِمَّةِ تَلٍّ».
وعد الله للتائب
18وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ
الرَّبَّ يَنْتَطِرُ حَتَّى يُبْدِيَ نَحْوَكُمْ عَطْفَهُ، لِهَذَا يَقُومُ
لِيَرْحَمَكُمْ، لأَنَّ الرَّبَّ هُوَ إِلَهُ عَدْلٍ، فَطُوبَى لِجَمِيعِ
الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ. 19يَاشَعْبَ صِهْيَوْنَ الْمُقِيمَ فِي
أُورُشَلِيمَ، لَنْ تَبْكِيَ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الرَّبَّ يَرْحَمُكَ
عِنْدَ ارْتِفَاعِ صَوْتِ بُكَائِكَ، وَحَالَمَا يَسْمَعُ يَسْتَجِيبُ
لَكَ. 20وَمَعَ أَنَّهُ يُعْطِيكَ خُبْزاً فِي الْمِحْنَةِ، وَمَاءً فِي
الضَّنْكِ فَإِنَّ مُعَلِّمَكَ لَنْ يَحْجُبَ نَفْسَهُ عَنْكَ مِنْ بَعْدُ،
بَلْ تَرَى عَيْنَاكَ مُعَلِّمَكَ. 21وَتَسْمَعُ أُذْنَاكَ كَلِمَةً
صَادِرَةً مِنْ خَلْفِكَ قَائِلَةً: 22«هَذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ لاَ
تَحِيدُوا عَنْهَا يَمِيناً أَوْ يَسَاراً اسْلُكُوا فِيهَا»
وَتُدَنِّسُونَ كُلَّ أَصْنَامِكُمُ الْفِضِّيَّةِ وَالذَّهَبيَّةِ،
وَتُلْقُونَ بِهَا بَعِيداً كَخِرْقَةٍ مُلَوَّثَةٍ بِدَمِ حَائِضٍ
وَتَقُولُونَ لَهَا: «اذْهَبِي بِلاَ رَجْعَةٍ».
23وَيَسْكُبُ الرَّبُّ
مَطَرَهُ عَلَى بُذُورِكَ الَّتِي تَزْرَعُهَا فِي الأَرْضِ، فَيَكُونُ
الطَّعَامُ الَّذِي تُغِلَّهُ مِنَ الأَرْضِ سَمِيناً دَسِماً، فَتَرْعَى
مَوَاشِيكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي مَرَاعٍ فَسِيحَةٍ، 24وَتَأْكُلُ
ثِيرَانُكَ وَحَمِيرُكَ الَّتِي تَحْرُثُ الأَرْضَ عَلَفاً مُمَلَّحاً
مُذَرًّى بِالرَّفْشِ وَالْمِذْرَاةِ. 25وَفِي يَوْمِ مَجْزَرَةِ
أَعْدَائِكُمْ، حِينَمَا تَنْهَارُ الأَبْرَاجُ، تَتَدَفَّقُ شَلاَّلاَتُ
مِيَاهٍ وَجَدَاوِلُ مِنْ كُلِّ جَبَلٍ وَتَلٍّ، 26وَيُصْبِحُ نُورُ
الْقَمَرِ كَنُورِ الشَّمْسِ، وَيَتَضَاعَفُ نَورُ الشَّمْسِ سَبْعَ
مَرَّاتٍ كَنُورِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، فِي يَوْمٍ يَجْبُرُ الرَّبُّ فِيهِ
كَسْرَ شَعْبِهِ وَيَشْفِي رُضُوضَ ضَرَبَاتِهِ.
27انْظُرُوا هَا هُوَ
الرَّبُّ مُقْبِلٌ مِنْ بَعِيدٍ بِغَضَبٍ مُتَوَهِّجٍ وَدُخَانٍ
مُتَكَاثِفٍ مَتَصَاعِدٍ. شَفَتَاهُ تَفِيضَانِ سَخَطاً،
وَلِسَانُهُ كَنَارٍ
آكِلَةٍ، 28وَنَفْخَتُهُ كَسَيْلٍ جَارِفٍ يَبْلُغُ إِلَى الْعُنُقِ،
لِيُغَرْبِلَ الأُمَمَ بِغُرْبَالِ الْهَلاَكِ، وَلِيَضَعَ لِجَاماً فِي
فُكُوكِ الشُّعُوبِ إِضْلاَلاً لَهُمْ. 29أَمَّا أَنْتُمْ فَتَشْدُونَ
كَمَا فِي لَيْلَةِ الاحْتِفَالِ بِعيدٍ مُقَدَّسٍ، وَتَبْتَهِجُ
قُلَوبُكُمْ كَقَلْبِ مَنْ يَسِيرُ عَلَى أَلْحَانِ نَايٍ، آتِياً إِلَى
جَبَلِ الرَّبِّ وَإِلَى صَخْرِ إِسْرَائِيلَ. 30وَيُسَمِّعُ الرَّبُّ
جَلاَلَ صَوْتِهِ وَيَجْعَلُ النَّاسَ يُعَايِنُونَ امْتِدَادَ ذِرَاعِهِ
عَلَى الأَرْضِ بِلَهِيبِ غَضَبٍ ثَائِرٍ وَنَارٍ آكِلَةٍ، وَانْفِجَارِ
أَمْطَارٍ وَعَوَاصِفَ وَبَرَدٍ. 31فَيَرْتَاعُ أَشُورُ مِنْ زَئِيرِ
صَوْتِهِ، وَيَضْرِبُهُ بِقَضِيبِهِ. 32وَيُوْقِعُ الرَّبُّ كُلَّ ضَرْبَةٍ
عَلَيْهِ بِقَضِيبِ عِقَابِهِ عَلَى أَنْغَامِ الدُّفُوفِ وَالْعِيدَانِ،
وَيُحَارِبُ أَشُّورَ بِحُرُوبٍ ثَائِرَةٍ. 33لأَنَّ مُحْرَقَةَ الْمَوْتِ
جَاهِزَةٌ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ وَحُفْرَتَهَا وَاسِعَةٌ، تَكَوَّمَتْ
فِيهَا الأَخْشَابُ لِيُلْقَى فِيهَا مُولَكُ إِلَهُ الأَشُورِيِّينَ،
فَتُضْرِمُهَا نَفْخَةُ الرَّبِّ كَسَيْلٍ مِنْ كِبْرِيتٍ.
فصل
31
نتيجة الاعتماد على غير الرب
وَيْلٌ لِلْمُنْحَدِرِينَ
إِلَى مِصْرَ طَلَباً لِلْعَوْنِ، الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى الْخَيْلِ،
الْوَاثِقِينَ بِكَثْرَةِ الْمَرْكَبَاتِ وَبِبَأْسِ الْفُرْسَانِ، مِنْ
غَيْرِ أَنْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، أَوْ يَطْلُبُوا
مَشُورَةَ الرَّبِّ. 2وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ حَكِيمٌ يَجْلِبُ الشَّرَّ،
وَلاَ يَنْقُضُ كَلاَمَهُ بَلْ سَيَهُبُّ لِيُعَاقِبَ بَيْتَ الأَشْرَارِ
وَنَاصِري فَعَلَةِ الإِثْمِ. 3لَيْسَ الْمِصْرِيُّونَ آلِهَةً بَلْ
بَشَراً،
وَخُيُولُهُمْ مُجَرَّدُ
أَجْسَادٍ وَلَيْسَتْ أَرْوَاحاً، وَعِنْدَمَا يَمُدُّ الرَّبُّ يَدَهُ،
يَتَعَثَّرُ الْمُعِينُ وَيَسْقُطُ الْمُسْتَعِينُ، وَيَهْلِكَانِ
كِلاَهُمَا مَعاً.
4لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ
الرَّبُّ لِي: «كَمَا يُزَمْجِرُ الأَسَدُ أَوِ الشِّبْلُ عَلَى
فَرِيسَتِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْشَى مِنْ صَرَخَاتِ جَمَاعَةِ
الرُّعَاةِ الْمُتَأَلِّبِينَ عَلَيْهِ، أَوْ يَفْزَعَ مِنْ جَلَبَتِهِمْ،
هَكَذَا يُقْبِلُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ لِيُحَارِبَ عَنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ.
5وَيَرِفُّ الرَّبُّ الْقَدِيرُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِحِمَايَتِهَا
كَالطُّيُورِ الْمُحَوِّمَةِ فَوْقَ أَعْشَاشِهَا، فَيَحْمِي وَيُنْقِذُ
وَيَعْفُو وَيُخَلِّصُ.
6ارْجِعُوا أَيُّهَا
الإِسْرَائِيلِيُّونَ إِلَى مَنْ تَمَرَّدْتُمْ عَلَيْهِ أَشَدَّ
التَّمَرُّدِ، 7لأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَنْبِذُ كُلُّ وَاحِدٍ
أَصْنَامَهُ الْفِضِّيَّةَ وَأَوْثَانَهُ الذَّهَبِيَّةَ الَّتِي صَنَعَهَا
بِيَدِهِ الْخَاطِئَةِ. 8وَيُصْرَعُ الأَشُورِيُّونَ وَيُلْتَهَمُونَ،
وَلَكِنْ لَيْسَ بِسَيْفِ بَشَرٍ، وَيَفِرُّونَ مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ،
وَيُسَاقُ فِتْيَانُهُمْ إِلَى الأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ، 9وَتَفْنَى
صُخُورُهُمْ مِنَ الْفَزَعِ، وَيُوَلِّي قَادَتُهُمُ الأَدْبَارَ عِنْدَمَا
يَرَوْنَ عَلَمَ إِسْرَائِيلَ». هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الَّذِي
نَارُهُ فِي صِهْيَوْنَ، وَتَنُّورُهُ فِي أُورُشَلِيمَ.
فصل
32
العدل في حكم المسيا
انْظُرُوا هَا إِنَّ مَلِكاً
يَمْلِكُ بِالْبِرِّ، وَرُؤَسَاءَ يَحْكُمُونَ بِالْعَدْلِ. 2وَيُصْبِحُ
كُلُّ إِنْسَانٍ كَمَلاَذٍ مِنَ الرِّيحِ، وَكَمَلْجَاءٍ مِنَ
الْعَاصِفَةِ، أَوْ كَجَدَاوِلِ مِيَا هٍ فِي صَحْرَاءَ، أَوْ كَظِلِّ
صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فِي أَرْضٍ جَدْبَاءَ. 3عِنْدَئِذٍ تَنْفَتِحُ عُيُونُ
النَّاظِرِينَ، وَتُصْغِي آذَانُ السَّامِعِينَ (لاحْتِيَاجَاتِ
شَعْبِهِمْ) 4فَتَفْهَمُ وَتَعْلَمُ الْعُقُولُ الْمُتَهَوِّرَةُ، تَنْطِقُ
بِطَلاَقَةٍ الأَلْسِنَةُ الثَّقِيلَةُ. 5وَلاَ يُدْعَى اللَّئِيمُ بَعْدُ
كَرِيماً، وَلاَ يُقَالُ لِلْمَاكِرِ شَرِيفٌ، 6لأَنَّ اللَّئِيمَ يَنْطِقُ
بِاللُّؤْمِ، وَقَلْبُهُ يَتَآمَرُ بِالإِثْمِ لِيَرْتَكِبَ شَرّاً
وَلِيَفْتَرِيَ عَلَى الرَّبِّ، تَارِكاً الْمُتَضَوِّرَ جُوعاً مِنْ
غَيْرِ شِبَعٍ، وَحَارِماً الظَّامِيءَ مِنَ الشُّرْبِ. 7إِنَّ أَسَالِيبَ
الْمَاكِرِ شِرِّيرَةٌ، وَمُؤَامَرَاتِهِ خَبِيثَةٌ لِيُهْلِكَ
الْبَائِسِينَ بِالأَكَاذِيبِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمِسْكِينُ يَنْطِقُ
بِالْحَقِّ. 8أَمَّا الْكَرِيمُ فَبِالْمَآثِرِ يَفْتَكِرُ
وَبِالْمَكَارِمِ يَشْتَهِرُ.
إنذار لنساء أورشليم
9أَيَّتُهَا النِّسَاءُ
الْمُتْرَفَاتُ الْمُتَكَاسِلاَتُ، انْهَضْنَ وَاسْتَمِعْنَ إِلَى صَوْتِي.
أَيَّتُهَا الْبَنَاتُ الْمُطْمَئِنَّاتُ اصْغَيْنَ إِلَى أَقْوَالِي.
10مَا تَكَادُ تَنْقَضِي أَيَّامٌ عَلَى سَنَةٍ حَتَّى تَعْتَرِيكُنَّ
رِعْدَةٌ أَيَّتُهَا الآمِنَاتُ، لأَنَّ الْقِطَافَ قَدْ تَلِفَ،
وَمَوْعِدَ جَنْيِ الأَثْمَارِ قَدْ أَخْلَفَ. 11ارْتَعِدْنَ أَيَّتُهَا
النِّسَاءُ الْمُطْمَئِنَّاتُ وَارْتَجِفْنَ أَيَّتُهَا الْفَتَيَاتُ
الآمِنَاتُ. تَجَرَّدْنَ مِنْ ثِيَابِكُنَّ وَتَعَرَّيْنَ وَمَنْطِقْنَ
أَحْقَاءَكُنَّ بِالْمُسُوحِ. 12اضْرِبْنَ عَلَى صُدُورِكُنَّ حَسْرَةً
عَلَى الْمُرُوجِ الْمُبْهِجَةِ وَالْكُرُومِ الْمُثْمِرَةِ. 13لأَنَّ
أَرْضَ شَعْبِي تُنْبِتُ الشَّوْكَ وَالْحَسَكَ، فَتَنْمُو حَتَّى فِي
كُلِّ بُيُوتِ الْفَرَحِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُبْتَهِجَةِ. 14لأَنَّ
الْقَصْرَ يُصْبِحُ مَهْجُوراً، وَالْمُدُنَ الْعَامِرَةَ خَالِيَةً،
وَالتِّلاَلَ وَالْبُرُوجَ مَغَاوِرَ إِلَى الأَبَدِ، وَمَرَاحاً
لِلْحَمِيرِ الْوَحْشِيَّةِ وَمَرْعًى لِلْقُطْعَانِ، 15حَتَّى تَنْسَكِبَ
عَلَيْنَا رُوحٌ مِنَ السَّمَاءِ،
فَتَتَحَوَّلُ
البَرِّيَّةُ إِلَى مَرْجٍ مُخْصِبٍ، وَيُحْسَبُ المَرْجُ غَابَةً.
الأمن والفرح في ظل المسيا
16عِنْدَئِذٍ يَسْكُنُ
الْعَدْلُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَيُقِيمُ الْبِرُّ فِي الْمَرْجِ
الْمُخْصِبِ، 17فَيَكُونُ ثَمَرُ الْبِرِّ سَلاَماً، وَفِعْلُ الْبِرِّ
سَكِينَةً وَطُمَأْنِينَةً إِلَى الأَبَدِ، 18فَيَسْكُنُ شَعْبِي فِي
دِيَارِ سَلاَمٍ، وَفِي مَسَاكِنَ آمِنَةٍ، وَفِي أَمَاكِنَ رَاحَةٍ
مُطْمَئِنَّةٍ، 19مَعَ أَنَّ الْبَرَدَ يُسَوِّي الْغَابَةَ بِالأَرْضِ،
وَتُدَمَّرُ الْمَدِينَةُ حَتَّى الْحَضِيضِ. 20طُوبَاكُمْ أَيُّهَا
الزَّارِعُونَ عِنْدَ كُلِّ مَاءٍ، الَّذِينَ سَرَّحْتُمْ قَوَائِمَ
الثَّوْرِ وَالْحِمَارِ لِتَرْعَى طَلِيقَةً.
فصل
33
دمار الخائن
وَيْلٌ لَكَ أَيُّهَا
الْمُدَمِّرُ الَّذِي لَمْ تُدَمَّرْ بَعْدُ، وَالنَّاهِبُ الَّذِي لَمْ
يَنْهَبُوكَ، فَعِنْدَمَا تَكُفُّ عَنِ التَّدْمِيرِ تُدَمَّرُ، وَحِينَ
تَمْتَنِعُ عَنِ النَّهْبِ يَنْهَبُونَكَ. 2يَارَبُّ ارْحَمْنَا. إِيَّاكَ
انْتَظَرْنَا، كُنْ عَضُدَنَا فِي الصَّبَاحِ، وَخَلاَصَنَا فِي أَثْنَاءِ
الْمِحْنَةِ. 3مِنْ صَوْتِ ضَجِيجِكَ هَرَبَتِ الشُّعُوبُ، وَمِنَ
ارْتِفَاعِكَ تَبَدَّدَتِ الأُمَمُ، 4وَكَمَا يَلْتَهِمُ الْجَرَادُ كُلَّ
مَا هُوَ أَخْضَرُ، هَكَذَا يُجْمَعُ سَلَبُكُمْ، وَيَتَوَاثَبُ النَّاسُ
عَلَيْهِ كَتَوَاثُبِ الْجَنَادِبِ. 5الرَّبُّ مُتَعَظِّمٌ لأَنَّهُ
سَاكِنٌ فِي الْعَلاَءِ. يَمْلأُ صِهْيَوْنَ عَدْلاً وَحَقّاً. 6هُوَ
ضَمَانُ أَزْمَانِكَ وَوَفْرَةُ خَلاَصٍ وَحِكْمَةٍ وَمَعْرِفَةٍ،
وَتَكُونُ مَخَافَةُ الرَّبِّ كَنْزَهُ.
7هَا رُسُلُكُمْ يَنُوحُونَ
خَارِجاً، وَمُمَثِّلُو السَّلاَمِ يَبْكُونَ بِمَرَارَةٍ. 8أَقْفَرَتِ
الطُّرُقُ وَخَلَتْ مِنْ عَابِرِي السَّبِيلِ، نَقَضَ الْعَهْدَ وَازْدَرَى
شُهُودَهُ، وَلَمْ تَعُدْ لِلإِنْسَانِ قِيمَةٌ. 9نَاحَتِ الأَرْضُ
وَذَوَتْ. خَجِلَ لُبْنَانُ وَذَبُلَ، وَصَارَ شَارُونُ كَالْبَرِّيَّةِ،
وَنَفَضَ بَاشَانُ وَالْكَرْمَلُ عَنْهُمَا أَوْرَاقَهُمَا.
10فَقَالَ الرَّبُّ: «الآنَ
أَقُومُ، الآنَ أَنْهَضُ وَأَتَعَظَّمُ، 11فَكُلُّ مَا بَذَلْتُمُوهُ مِنْ
جَهْدٍ أَيُّهَا الأَشُورِيُّونَ لاَ جَدْوَى مِنْهُ كَالْحَشِيْشِ
وَالتِّبْنِ وَصَارَتْ أَنْفَاسُكُمْ نَاراً تَلْتَهِمُكُمْ. 12وَتُصْبِحُ
الشُّعُوبُ كَوَقُودِ الْكِلْسِ، كَأَشْوَاكٍ مُسْتَأْصَلَةٍ مُحْتَرِقَةٍ
بِالنَّارِ.
13اسْمَعُوا أَيُّهَا
الْبَعِيدُونَ مَا صَنَعْتُ، وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْقَرِيبُونَ اعْرِفُوا
قُوَّتِي. 14قَدِ ارْتَعَبَ الْخُطَاةُ فِي صِهْيَوْنَ، وَاسْتَوْلَتِ
الرَّعْدَةُ عَلَى الْكَافِرِينَ، فَهَتَفُوا: مَنْ مِنَّا يَقْدِرُ أَنْ
يَسْكُنَ مَعَ نَارٍ آكِلَةٍ؟ وَمَنْ مِنَّا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِيمَ فِي
وَقَائِدَ أَبَدِيَّةٍ؟ 15السَّالِكُ فِي الْبِرِّ، وَالنَّاطِقُ
بِالْحَقِّ، وَالنَّابِذُ رِبْحَ الظُّلْمِ، وَالنَّافِضُ يَدَيْهِ مِنْ
قَبْضِ الرِّشْوَةِ، الصَّامُّ أُذُنَيْهِ عَنِ الاسْتِمَاعِ إِلَى
مُؤَامَرَاتِ سَفْكِ الدِّمَاءِ، الْمُغْمِضُ عَيْنَيْهِ عَنِ التَّأَمُّلِ
فِي الشَّرِّ، 16هُوَ الَّذِي يَسْكُنُ فِي الْعَلاَءِ، وَمَلْجَأُهُ
مَعَاقِلُ الصُّخُورِ، يُؤَمَّنُ لَهُ خُبْزُهُ. وَيُكْفَلُ لَهُ مَاؤُهُ.
17سَتَشْهَدُ عَيْنَاكَ
الْمَلِكَ فِي بَهَائِهِ، وَتُبْصِرُ أَرْضاً تَمْتَدُّ بَعِيداً.
18يَتَذَكَّرُ قَلْبُكَ أَزْمِنَةَ الرُّعْبِ فَتَتَسَاءَلُ: أَيْنَ
الْكَاتِبُ الْحَاسِبُ؟ أَيْنَ جَابِي الْجِزْيَةِ؟ أَيْنَ مَنْ يُحْصِي
الأَبْرَاجَ؟ 19لَنْ تَرَى الشَّعْبَ الشَّرِسَ فِيمَا بَعْدُ، الَّذِي
يَتَكَلَّمُ لُغَةً أَجْنَبِيَّةً لاَ تَفْهَمُهَا. 20التَفِتْ إِلَى
صِهْيَوْنَ مَدِينَةِ أَعْيَادِنَا، فَتَكْتَحِلَ عَيْنَاكَ بِمَرْأَى
أُورُشَلِيمَ، الْمَسْكَنِ الْمُطْمَئِنِّ وَالْخَيْمَةِ الثَّابِتَةِ
الَّتِي لاَ تُقْلَعُ أَوْتَادُهَا إِلَى الأَبَدِ وَلاَ تَنْقَطِعُ
حِبَالُهَا 21هُنَاكَ يَكُونُ الرَّبُّ لَنَا بِجَلاَلِهِ مَكَانَ
أَنْهَارٍ وَجَدَاوِلَ وَاسِعَةٍ لاَ يَبْحُرُ فِيهَا قَارِبٌ ذُو
مِجْدَافٍ، وَلاَ تَمْخُرُ فِيهَا سَفِينَةٌ عَظِيمَةٌ، 22لأَنَّ الرَّبَّ
هُوَ قَاضِينَا، الرَّبُّ هُوَ مُشْتَرِعُنَا، هُوَ مَلِكُنَا
وَسَيُخَلِّصُنَا 23لَقَدِ اسْتَرْخَتْ حِبَالُ أَشْرِعَتِكَ، فَلاَ
يُمْكِنُهَا شَدُّ قَاعِدَةِ السَّارِيَةِ أَوْ نَشْرُ الشِّرَاعِ،
حِينَئِذٍ نَقْسِمُ الْغَنَائِمَ الْوَفِيرَةَ. حَتَّى الْعُرْجُ
يَنْهَبُونَ السَّلَبَ. 24لَنْ يَقُولَ مُقِيمٌ فِي صِهْيَوْنَ إِنَّهُ
مَرِيضٌ، وَيَنْزِعُ الرَّبُّ إِثْمَ الشَّعْبِ السَّاكِنِ فِيهَا.
فصل
34
دينونة الأمم
اقْتَرِبُوا أَيُّهَا
الأُمَمُ لِلاسْتِمَاعِ، اصْغَوْا أَيُّهَا الشُّعُوبُ. لِتَسْمَعِ
الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا، الْمَسْكُونَةُ وَكُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا،
2لأَنَّ الرَّبَّ سَاخِطٌ عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ، وَغَضَبُهُ مُنْصَبٌّ
عَلَى جَمِيعِ أَجْنَادِهِمْ. قَضَى عَلَيْهِمْ بِالْفَنَاءِ،
وَأَسْلَمَهُمْ إِلَى الذَّبْحِ، 3فَتُطْرَحُ قَتْلاَهُمْ وَيَنْتَشِرُ
نَتْنُ جِيَفِهِمْ فِي الْفَضَاءِ، وَتَفِيضُ الْجِبَالُ بِدِمَائِهِمْ،
4وَتَنْحَلُّ كُلُّ كَوَاكِبِ السَّمَاءِ، وَتُطْوَى السَّمَاوَاتُ
كَدَرْجٍ، وَتَتَسَاقَطُ كُلُّ نُجُومِهَا كَتَسَاقُطِ أَوْرَاقِ
الْكَرْمَةِ أَوْ حَبَّاتِ التِّينِ الْمُتَغَضِّنَةِ.
5لأَنَّ سَيْفِي قَدْ
تَشَرَّبَ بِالسَّخَطِ فِي السَّمَاءِ، وَهَا هُوَ يَنْزِلُ لِيُعَاقِبَ
أَدُومَ، وَيَنْتَقِمَ مِنَ الشَّعْبِ الَّذِي قَضَيْتُ عَلَيْهِ
بِالفَنَاءِ. 6لِلرَّبِّ سَيْفٌ مُشْبَعٌ بِالدَّمِ، مَطْلِيٌّ
بِالشَّحْمِ، بِدَمِ حُمْلاَنٍ وَتُيُوسٍ، وَبِشَحْمِ كُلَى كِبَاشٍ،
لأَنَّ لِلرَّبِّ ذَبِيحَةً فِي بُصْرَةَ، وَمَذْبَحَةً فِي أَدُومَ.
7وَيَسْقُطُ مَعَهُمُ الْبَقَرُ الْوَحْشِيُّ، وَالْعُجُولُ وَالثِّيرَانُ
الْقَوِيَّةُ، فَتَتَشَبَّعُ أَرْضُهُمْ بِالدِّمَاءِ، وَيُخْصِبُ
تُرَابُهُمْ بِالشَّحْمِ، 8لأَنَّ
لِلرَّبِّ يَوْمَ انْتِقَامٍ، سَنَةَ ثَأْرٍ لِدَعْوَى صِهْيَوْنَ،
9فَتَنْقَلِبُ أَنْهَارُ
أَدُومَ إِلَى زِفْتٍ، وَتُرَابُهُمْ إِلَى كِبْرِيتٍ، وَتُصْبِحُ
أَرْضُهَا قَاراً مُشْتَعِلاً. 10فَلاَ تَنْطَفِيءُ لَيْلاً وَنَهَاراً،
وَيُحَلِّقُ دُخَانُهَا إِلَى الْفَضَاءِ مَدَى الدَّهْرِ، وَتَظَلُّ
خَرَاباً جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ، فَلاَ يَعْبُرُ بِهَا أَحَدٌ إِلَى
الأَبَدِ، 11وَلاَ يَرِثُهَا سِوَى الصُّقُورِ وَالْقَنَافِذِ، وَيَسْكُنُ
فِيهَا الْبُومُ وَالْغُرَابُ، وَيَمُدُّ الرَّبُّ عَلَيْهَا خَيْطَ
الدَّمَارِ وَمِطْمَارَ الْهَلاَكِ، 12وَلاَ يَجِدُ فِيهَا أَشْرَافُهَا
أَثَراً لِلْمَلِكِ، وَيَنْقَرِضُ جَميِعُ رُؤَسَائِهَا. 13يَنْمُو
الشَّوْكُ فِي قُصُورِهَا، وَيَزْحَفُ الْعَوْسَجُ عَلَى حُصُونِهَا،
فَتُصْبِحُ مَأْوًى لِبَنَاتِ آوَى، وَمَسْكِناً لِلنَّعَامِ.
14وَتَجْتَمِعُ فِيهَا الْوُحُوشُ الْبَرِّيَّةُ مَعَ الذِّئَابِ، وَوَعْلُ
الْبَرِّ يَدْعُو صَاحِبَهُ، وَهُنَاكَ تَسْتَقِرُّ وُحُوشُ اللَّيْلِ
وَتَجِدُ لِنَفْسِهَا مَلاَذَ رَاحَةٍ.
15هُنَاكَ تَعِيشُ الْبُومُ
وَتَبِيضُ وَتُفْرِخُ وَتَرْعَى صِغَارَهَا تَحْتَ أَجْنِحَتِهَا،
وَهُنَاكَ أَيْضاً تَتَلاَقَى الصُّقُورُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.
16ابْحَثُوا فِي سِفْرِ
الرَّبِّ وَاقْرَأُوا: فَكَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ لاَ يُمْكِنُ أَنْ تَسْقُطَ،
إِذْ كُلُّ أَلِيفٍ سَيَجْتَمِعُ بِأَلِيفِهِ، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ قَدْ
أَمَرَ، وَرُوحَهُ يَجْمَعُهَا مَعاً. 17فَهُوَ قَدْ أَلْقَى عَلَيْهَا
الْقُرْعَةَ، وَيَدُهُ قَدْ وَزَّعَتْهَا بِقِسْطَاسٍ، فَتَرِثُهَا إِلَى
الأَبَدِ وَتُقِيمُ فِيهَا جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ.
فصل
35
الوعد بقدوم المسيا
سَتَفْرَحُ الصَّحْرَاءُ
وَالْقَفْرُ الأَجْرَدُ، وَتَبْتَهِجُ الْبَرِّيَّةُ وَتُزْهِرُ
كَالْوَرْدِ. 2تَزْدَهِرُ ازْدِهَاراً، وَتَبْتَهِجُ أَشَدَّ بَهْجَةٍ
وَيُضْفَى عَلَيْهَا مَجْدُ لُبْنَانَ وَجَلاَلُ الْكَرْمَلِ وَشَارُونَ
وَيَشْهَدُونَ مَجْدَ الرَّبِّ وَبَهَاءَ إِلَهِنَا. 3شَدِّدُوا الأَيْدِي
الْمُسْتَرْخِيَةَ، وَثَبِّتُوا الرُّكَبَ الْمُرْتَعِشَةَ. 4قُولُوا
لِذَوِي الْقُلُوبِ الْخَائِرَةِ: «تَقَوَّوْا وَلاَ تَفْزَعُوا، فَهَا
هُوَ إِلَهُكُمْ قَادِمٌ، مُقْبِلٌ بِالنِّقْمَةِ، حَامِلٌ جَزَاءَهُ.
سَيَأْتِي وَيُخَلِّصُكُمْ».
5عِنْدَئِذٍ تُبْصِرُ
عُيُونُ الْمَكْفُوفِينَ وَتَنْفَتِحُ أَذَانُ الصُّمِّ، 6وَيَطْفُرُ
الأَعْرَجُ كَالظَّبْيِ، وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَبْكَمِ فَرَحاً، إِذْ
تَنْفَجِرُ الْمِيَاهُ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَتَتَدَفَّقُ الْجَدَاوِلُ فِي
الصَّحْرَاءِ، 7وَيَتَحَوَّلُ السَّرَابُ إِلَى وَاحَةٍ،
وَالأَرْضُ
الْظَّمْأَى إِلَى جَدَاوِلَ. وَفِي الأَوْجِرَةِ حَيْثُ كَانَتْ تَأْوِي
بَنَاتُ آوَى، يَنْمُو الْعُشْبُ وَالْقَصَبُ وَالْبَرْدِيُّ. 8وَتَكُونُ
هُنَاكَ طَرِيقٌ تُدْعَى طَرِيقَ الْقَدَاسَةِ، لاَ يَسْلُكُ فِيهَا مَنْ
هُوَ دَنِسٌ، إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ نَصِيبِ السَّالِكِينَ فِي تِلْكَ
الطَّرِيقِ، وَلاَ يَضِلُّ فِيهَا حَتَّى الْجُهَّالُ. 9لاَ يَطْرُقُهَا
أَسَدٌ، وَلاَ يَأْتِيهَا حَيَوَانٌ مُفْتَرِسٌ. إِنَّمَا يَسْلُكُ فِيهَا
الْمَفْدِيُّونَ 10وَيَرْجِعُ إِلَيْهَا مَفْدِيُّو الرَّبِّ وَيُقْبِلُونَ
إِلَى صِهْيَوْنَ مُتَرَنِّمِينَ يُكَلِّلُ رُؤُوسَهُمْ فَرَحٌ أَبَدِيٌّ،
وَتَغْمُرُهُمُ الْغِبْطَةُ وَالسُّرُورُ، وَيَهْرُبُ الْحُزْنُ
وَالأَنِينُ.
فصل
36
سنحاريب يحقر حزقيا
وَفِي السَّنَةِ
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ حُكْمِ الْمَلِكِ حَزَقِيَّا، اجْتَاحَ
سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُورَ جَمِيعَ مُدُنِ يَهُوذَا الْمُحَصَّنَةِ
وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا. 2وَوَجَّهَ مَلِكُ أَشُورَ رَبْشَاقَى (أَيْ
الْقَائِدَ العَامَّ) مِنْ لَخِيشَ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى الْمَلِكِ
حَزَقِيَّا عَلَى رَأْسِ جَيْشٍ جَرَّارٍ، فَوَقَفَ عِنْدَ قَنَاةِ
الْبِرْكَةِ الْعُلْيَا عَلَى طَرِيقِ حَقْلِ الْقَصَّارِ. 3فَخَرَجَ
لِلِقَائِهِ كُلٌّ مِنْ أَلْيَاقِيمَ بْنِ حِلْقِيَّا مُدِيرِ شُؤُونِ
الْقَصْرِ، وَشَبْنَةَ الْكَاتِبِ وَيُوآخَ بْنِ آسَافَ الْمُسَجِّلِ.
4فَقَالَ لَهُمُ رَبْشَاقَى
الْقَائِدُ الْعَامُّ: «بَلِّغُوا حَزَقِيَّا: هَذَا مَا يَقُولُهُ
الْمَلِكُ الْعَظِيمُ، مَلِكُ أَشُّورَ: عَلَى مَاذَا تَتَّكِلُ؟
5أَظَنَنْتَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْكَلاَمِ يُشَكِّلُ خُطَّةً وَقُوَّةً
لِخَوْضِ الْحَرْبِ؟ عَلَى مَنِ اعْتَمَدْتَ حَتَّى تَمَرَّدْتَ عَلَيَّ؟
6أَنْتَ تَتَّكِلُ عَلَى عُكَّازِ هَذِهِ القَصَبَةِ الْمَرْضُوضَةِ
مِصْرَ، الَّتِي تَثْقُبُ كَفَّ كُلِّ مَنْ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا. هَكَذَا
يَكُونُ فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ لِكُلِّ مَنْ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِ.
7وَإِذَا قُلْتُمْ لِي: إِنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى الرَّبِّ
إِلَهِكُمْ، أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي هَدَمَ حَزَقِيَّا مُرْتَفَعَاتِهِ
وَمَذَابِحَهُ، وَأَمَرَ شَعْبَ يَهُوذَا وَأَهْلَ أُورُشَلِيمَ أَنْ
يَسْجُدُوا فَقَطْ أَمَامَ الْمَذْبَحِ الْقَائِمِ فِي أُورُشَلِيمَ؟
8وَالآنَ لِيَعْقِدْ حَزَقِيَّا رَهَاناً مَعَ سَيِّدِي مَلِكِ أَشُورَ:
فَأُعْطِيكَ أَلْفَي فَرَسٍ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَجِدَ لَهَا فُرْسَاناً
يَمْتَطُونَهَا! 9فَكَيْفَ يُمْكِنُكَ أَنْ تَصُدَّ قَائِداً وَاحِداً مِنْ
أَقَلِّ قَادَةِ سَيِّدِي شَأْناً فِي حِينِ أَنَّكَ تَعْتَمِدُ عَلَى
مِصْرَ لإِمْدَادِكَ بِالْمَرْكَبَاتِ وَالْفُرْسَانِ؟ 10ثُمَّ هَلْ مِنْ
غَيْرِ مَشُورَةِ الرَّبِّ زَحَفْتُ عَلَى هَذِهِ الدِّيَارِ
لأُدَمِّرَهَا؟ لَقَدْ قَالَ لِي الرَّبُّ: هَاجِمْ هَذِهِ الدِّيَارَ
وَخَرِّبْهَا».
الدعوة للاستسلام
11فَقَالَ أَلِيَاقِيمُ
وَشَبْنَةُ وَيُوآخُ لِرَبْشَاقَى: «خَاطِبْ عَبِيدَكَ بِالآرَامِيَّةِ
لأَنَّنَا نَفْهَمُهَا، وَلاَ تُكَلِّمْنَا بِاللُّغَةِ الْيَهُودِيَّةِ
عَلَى مَسْمَعِ الشَّعْبِ الْمُتَجَمِّعِ عَلَى السُّورِ». 12فَأَجَابَ
رَبْشَاقَى: «أَتَظُنُّ أَنَّ سَيِّدِي قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى سَيِّدِكَ
وَإِلَيْكَ فَقَطْ لِكَيْ أَتَحَدَّثَ بِهَذَا الْكَلاَمِ؟ أَلَيْسَ هَذَا
الْكَلاَمُ أَيْضاً مُوَجَّهاً إِلَى الرِّجَالِ الْمُتَجَمِّعِينَ عَلَى
السُّورِ، الَّذِينَ سَيَأْكُلُونَ مِثْلَكُمْ بِرَازَهُمْ وَيَشْرَبُونَ
بَوْلَهُمْ؟»
13ثُمَّ وَقَفَ القَائِدُ
الْعَامُّ وَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ قَائِلاً بِالْيَهُودِيَّةِ:
«اسْمَعُوا كَلاَمَ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ مَلِكِ أَشُورَ: 14لاَ
يَخْدَعَنَّكُمْ حَزَقِيَّا لأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إِنْقَاذِكُمْ، 15وَلاَ
يُقْنِعَنَّكُمْ بِالاتِّكَالِ عَلَى الرَّبِّ قَائِلاً: إِنَّ الرَّبَّ
حَتْماً يُنْقِذُنَا، وَلَنْ يَسْتَوْلِيَ مَلِكُ أَشُورَ عَلَى هَذِهِ
الْمَدِينَةِ. 16لاَ تُصْغُوا إِلَيْهِ، لأَنَّهُ هَكَذَا يَقُولُ مَلِكُ
أَشُّورَ: اعْقِدُوا مَعِي صُلْحاً وَاسْتَسْلِمُوا إِلَيَّ فَيَأْكُلَ
عِنْدَئِذٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مِنْ كَرْمِهِ وَمِنْ تِينَتِهِ،
وَيَشْرَبَ مِنْ مَاءِ بِئْرِهِ، 17إِلَى أَنْ آتِيَ وَأَنْقُلَكُمْ إِلَى
أَرْضٍ كَأَرْضِكُمْ، أَرْضِ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ وَخُبْزٍ وَكُرُومٍ.
18فَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ حَزَقِيَّا بِقَوْلِهِ: إِنَّ الرَّبَّ
يُنْقِذُنَا. هَلْ أَنْقَذَ أَحَدُ آلِهَةِ الأُمَمِ أَرْضَ شَعْبِهِ مِنْ
يَدِ مَلِكِ أَشُورَ؟ 19أَيْنَ آلِهَةُ حَمَاةَ وَأَرْفَادَ؟ أَيْنَ
آلِهَةُ سَفَرْوَايِمَ؟ هَلْ أَنْقَذَتِ السَّامِرَةَ مِنْ يَدِي؟ 20مَنْ
مِنْ كُلِّ آلِهَةِ هَذِهِ الْبِلاَدِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُنْقِذَ أَرْضَهُ
مِنْ يَدِي؟ فَكَيْفَ يُنْقِذُ الرَّبُّ أُورُشَلِيمَ مِنِّي؟»
21فَاعْتَصَمُوا بِالصَّمْتِ وَلَمْ يُجِيبُوا بِكَلِمَةٍ، لأَنَّ
الْمَلِكَ أَمَرَ بِعَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ.
22وَرَجَعَ أَلِيَاقِيمُ
بْنُ حِلْقِيَّا مُدِيرُ شُؤُونِ الْقَصْرِ وَشَبْنَةُ الْكَاتِبُ وَيُوآخُ
بْنُ آسَافَ الْمُسَجِّلُ إِلَى حَزَقِيَّا بِثِيَابٍ مُمَزَّقَةٍ
وَأَبْلَغُوهُ كَلاَمَ الْقَائِدِ الأَشُورِيِّ.
فصل
37
حزقيا يستغيث بالله
وَعِنْدَمَا سَمِعَ
الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذَلِكَ الْكَلاَمَ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَارْتَدَى
مِسْحاً وَدَخَلَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، 2ثُمَّ أَرْسَلَ أَلِيَاقِيمَ
مُدِيرَ شُؤُونِ الْقَصْرِ وَشَبْنَةَ الْكَاتِبَ وَرُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ
مُرْتَدِينَ الْمُسُوحَ إِلَى النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ،
3وَقَالُوا لَهُ: يَقُولُ حَزَقِيَّا: «هَذَا الْيَوْمُ يَوْمُ ضِيقٍ
وَإِهَانَةٍ وَكَرْبٍ، صِرْنَا فِيهِ كَامْرَأَةٍ تُقَاسِي الْمَخَاضَ
وَهِيَ عَاجِزَةٌ عَنِ الْوِلاَدَةِ. 4لَعَلَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ قَدْ
سَمِعَ وَعِيَد رَبْشَاقَى الَّذِي أَوْفَدَهُ سَيِّدُهُ مَلِكُ أَشُورَ
لِيُهِينَ الإِلَهَ الْحَيَّ،
فَيُعَاقِبَهُ الرَّبُّ
إِلَهُكَ عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ مِنْ تَعْييِرٍ، فَصَلِّ مِنْ أَجْلِ
الْبَقِيَّةِ النَّاجِيَةِ».
5فَعِنْدَمَا مَثُلَ رِجَالُ
حَزَقِيَّا أَمَامَ إِشَعْيَاءَ، 6قَالَ لَهُمْ: «بَلِّغُوا سَيِّدَكُمْ،
هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: لاَ تَجْزَعْ مِمَّا سَمِعْتَهُ مِنْ
تَجْدِيفِ رِجَالِ مَلِكِ أَشُورَ عَلَيَّ، 7فَهَا خَبَرٌ سَيءٌ يَرِدُ
إِلَيْهِ مِنْ بِلاَدِهِ يَحْمِلُهُ عَلَى الْعَوْدَةِ إِلَى أَرْضِهِ،
حَيْثُ أَقْضِي عَلَيْهِ بِحَدِّ السَّيْفِ فِي عُقْرِ دَارِهِ».
8وَعِنْدَمَا عَلِمَ
رَبْشَاقَى أَنَّ مَلِكَ أَشُورَ قَدِ ارْتَحَلَ عَنْ لَخِيشَ وَشَرَعَ فِي
مُحَارَبَةِ لِبْنَةَ انْسَحَبَ هُوَ أَيْضاً وَانْضَمَّ إِلَيْهِ هُنَاكَ.
9ثُمَّ بَلَغَ مَلِكَ أَشُورَ أَنَّ تِرْهَاقَةَ مَلِكَ كُوشَ قَدْ خَرَجَ
لِمُحَارَبَتِهِ، فَبَعَثَ مَرَّةً أُخْرَى رُسُلَهُ إِلَى حَزَقِيَّا
قَائِلاً لَهُمْ: 10«هَذَا مَا تُبَلِّغُونَهُ إِلَى حَزَقِيَّا مَلِكِ
يَهُوذَا: لاَ يَخْدَعَنَّكَ إِلَهُكَ الَّذِي تَتَّكِلُ عَلَيْهِ
عِنْدَمَا يَقُولُ: لَنْ تَسْقُطَ أُورُشَلِيمُ فِي قَبْضَةِ مَلِكِ
أَشُورَ. 11فَهَا أَنْتَ قَدْ عَلِمْتَ بِمَا أَلْحَقَهُ مُلُوكُ أَشُورَ
بِكُلِّ الْبُلْدَانِ مِنْ تَدْمِيرٍ كَامِلٍ، فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ
تَنْجُوَ أَنْتَ؟ 12هَلْ أَنْقَذَتْ آلِهَةُ الأُمَمِ الأُخْرَى أَهْلَ
جُوزَانَ وَحَارَانَ وَرَصَفَ وَأَبْنَاءَ عَدَنَ فِي تَلَسَّارَ الَّذِينَ
أَفْنَاهُمْ آبَائِي؟ 13أَيْنَ مَلِكُ حَمَاةَ، وَمَلِكُ أَرْفَادَ،
وَمَلِكُ مَدِينَةِ سَفَرْوَايِمَ، وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟»
صلاة حزقيا إلى الرب
14فَتَنَاوَلَ حَزَقِيَّا
الْكِتَابَ مِنْ أَيْدِي الرُّسُلِ وَقَرَأَهُ، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى
بَيْتِ الرَّبِّ وَبَسَطَهُ أَمَامَهُ، 15وَصَلَّى قَائِلاً: 16«أَيُّهَا
الرَّبُّ الْقَدِيرُ، إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الْمُتَرَبِّعُ فَوْقَ
الْكَرُوبِيمِ، أَنْتَ وَحْدَكَ إِلَهُ كُلِّ مَمَالِكِ الأَرْضِ، وَأَنْتَ
وَحْدَكَ صَانِعُ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. 17أَرْهِفْ يَارَبُّ أُذُنَيْكَ
وَاصْغَ. افْتَحْ يَارَبُّ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ، وَاسْمَعْ كُلَّ
تَهْدِيدَاتِ سَنْحَارِيبَ الَّتِي بَعَثَ بِهَا لِيُعَيِّرَ اللهَ
الْحَيَّ. 18حَقّاً يَارَبُّ، إِنَّ مُلُوكَ أَشُّورَ قَدْ أَبَادُوا
الأُمَمَ وَدَمَّرُوا دِيَارَهُمْ 19وَطَرَحُوا آلِهَتَهُمْ إِلَى النَّارِ
وَأَبَادُوهَا لأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِعْلاً آلِهَةً بَلْ خَشَباً
وَحِجَارَةً صَنْعَةَ أَيْدِي النَّاسِ 20فَخَلِّصْنَا الآنَ أَيُّهَا
الرَّبُّ إِلَهُنَا، أَنْقِذْنَا مِنْ يَدِهِ، فَتُدْرِكَ مَمَالِكُ
الأَرْضِ بِأَسْرِهَا أَنَّكَ أَنْتَ وَحْدَكَ الرَّبُّ الإِلَهُ».
الوعد بالخلاص
21عِنْدَئِذٍ بَعَثَ
إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ رِسَالَةً إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلاً: «هَذَا مَا
يَقُولُهُ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَضَرَّعْتَ إِلَيْهِ
لِيُنْقِذَكَ مِنْ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُورَ 22وَهَذَا هُوَ رَدُّ
الرَّبِّ عَلَيْهِ: هَا الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ قَدِ
احْتَقَرَتْكَ وَاسْتَهْزَأَتْ بِكَ، وَهَزَّتِ ابْنَةُ أُورُشَلِيمَ
رَأْسَهَا سُخْرِيَةً مِنْكَ. 23مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ؟ وَعَلَى مَنْ
رَفَعْتَ صَوْتَكَ وَشَمَخْتَ بِعَيْنَيْكَ زَهْواً؟ أَعَلَى قُدُّوسِ
إِسْرَائِيلَ؟ 24لَقَدْ عَيَّرْتَ السَّيِّدَ عَلَى لِسَانِ رُسُلِكَ،
وَقُلْتَ: بِكَثْرَةِ مَرْكَبَاتِي قَدْ صَعِدْتُ إِلَى أَعَالِي
الْجِبَالِ، وَبَلَغْتُ أَقَاصِي لُبْنَانَ قَاطِعاً أَطْوَلَ أَرْزِهِ
وَخِيَارَ سَرْوِهِ وَاخْتَرَقْتُ أَبْعَدَ رُبُوعِهِ وأَفْضَلَ
غَابَاتِهِ. 25قَدْ حَفَرْتُ آبَاراً وَشَرِبْتُ مِيَاهاً، وَبِبَاطِنِ
قَدَمَيَّ جَفَّفْتُ جَمِيعَ خُلْجَانِ مِصْرَ. 26أَلَمْ تَسْمَعْ؟ مُنْذُ
زَمَنٍ طَوِيلٍ قَدْ قَدَّرْتُ ذَلِكَ. مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ
قَرَّرْتُهُ وَهَا أَنَا الآنَ أُحَقِّقُهُ، إِذْ أَقَمْتُكَ لِتَدْمِيرِ
مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ فَتُحَوِّلُهَا إِلَى رَوَابِي خَرِبَةٍ. 27خَارَتْ
قُوَى أَهْلِهَا فَأَصْبَحُوا مُرْتَاعِينَ خَجِلِينَ، صَارُوا كَعُشْبِ
الْحَقْلِ، كَالنَّبَاتِ الأَخْضَرِ وَكَحَشِيشِ السُّطُوحِ الذَّاوِي
قَبْلَ نُمُوِّهِ. 28ولَكِنِّي مُطَّلِعٌ عَلَى حَرَكَاتِكَ وَسَكَنَاتِكَ
وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ. 29وَلأَنَّ ثَوْرَتَكَ عَلَيَّ وَعَجْرَفَتَكَ قَدْ
بَلَغَتَا مَسَامِعِي، فَإِنِّي سَأَشْكُمُكَ بِخِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ،
وَأَضَعُ لِجَامِي فِي فَمِكَ، وَأُعِيدُكَ فِي نَفْسِ الطَّرِيقِ الَّذِي
أَقْبَلْتَ مِنْهُ.
إتمام وعد الله
30وَهَذِهِ عَلاَمَةٌ لَكَ
يَاحَزَقِيَّا: فِي هَذِهِ السَّنَةِ تَأْكُلُونَ مِمَّا يَنْبُتُ مِنْ
نَفْسِهِ، وَفِي السَّنَةِ التَّالِيَةِ تَأْكُلُونَ مِمَّا يَنْبُتُ
عَنْهُ وَأَمَّا فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَتَزْرَعُونَ فِيهَا
وَتَحْصُدُونَ وَتَغْرِسُونَ كُرُوماً وَتَجْنُونَ ثِمَارَهَا. 31وَيعُودُ
النَّاجُونَ البَاقُونَ مِنْ بَيْتِ يَهُوذَا فَتَتَأَصَّلُ جُذُورُهُمْ
فِي الأَرْضِ وَيَزْدَهِرُونَ وَيَتَكَاثَرُونَ. 32لأَنَّ مِنْ
أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ بَقِيَّةٌ وَمِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ يَأْتِي
النَّاجُونَ فَغَيْرَةُ الرَّبِّ الْقَدِيرِ تَصْنَعُ هَذَا.
33لِذَلِكَ، فَهَذَا مَا
يَقُولُهُ الرَّبُّ عَنْ مَلِكِ أَشُورَ: «لَنْ يَدْخُلَ هَذِهِ
الْمَدِينَةَ وَلَنْ يُطْلِقَ عَلَيْهَا سَهْماً أَوْ يَتَقَدَّمَ
نَحْوَهَا بِتُرْسٍ وَلاَ يُقِيمُ عَلَيْهَا مِقْلاَعاً. 34بَلْ يَرْجِعُ
فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ وَلَنْ يَدْخُلَ هَذِهِ الْمَدِينَةَ،
يَقُولُ الرَّبُّ. 35لأَنَّنِي أُدَافِعُ عَنْهَا وَأُنْقِذُهَا مِنْ
أَجْلِ نَفْسِي وَإِكْرَاماً لِدَاوُدَ عَبْدِي».
36وَحَدَثَ فِي تِلْكَ
اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ قَتَلَ مِئَةً وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ
أَلْفاً مِنْ جَيْشِ الأَشُورِيِّينَ، وَمَا إِنْ طَلَعَ الصَّبَاحُ حَتَّى
كَانَتْ جُثَثُ الْقَتْلَى تَمْلَأُ الْمَكَانَ 37فَانْسَحَبَ سَنْحَارِيبُ
مَلِكُ أَشُورَ وَارْتَدَّ إِلَى بِلاَدِهِ وَمَكَثَ فِي نِينَوَى
38وَفِيمَا هُوَ يَتَعَبَّدُ فِي هَيْكَلِ إِلهِهِ نِسْرُوخَ اغْتَالَهُ
ابْنَاهُ أدْرَمَلَّكُ وَشَرَآصَرُ وَفَرَّا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ،
فَخَلَفَهُ ابْنُهُ آسَرْحَدُّونَ عَلَى الْعَرْشِ.
فصل
38
صلاة حزقيا في مرضه
وَمَرِضَ حَزَقِيَّا فِي
تِلْكَ الأَيَّامِ حَتَّى أَوْشَكَ عَلَى الْمَوْتِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ
النَّبِيُّ إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ، وَقَالَ لَهُ: «هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ: نَظِّمْ شُؤُونَ بَيْتِكَ لأَنَّكَ لَنْ تَبْرَأَ بَلْ حَتْماً
تَمُوتُ». 2فَأَدَارَ حَزَقِيَّا وَجْهَهُ نَحْوَ الْحَائِطِ وَصَلَّى
إِلَى الرَّبِّ، 3قَائِلاً: «آهِ يَارَبُّ، اذْكُرْ كَيْفَ سَلَكْتُ
أَمَامَكَ بِالأَمَانَةِ وَبِقَلْبٍ خَالِصٍ، وَصَنَعْتُ مَا يُرْضِيكَ».
وَبَكَى حَزَقِيَّا بُكَاءً مُرّاً.
4فَأَوْحَى الرَّبُّ إِلَى
إِشَعْيَاءَ قَائِلاً: 5«اذْهَبْ بَلِّغْ حَزَقِيَّا: هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ إِلَهُ دَاوُدَ أَبِيكَ: قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ وَرَأَيْتُ
دُمُوعَكَ، وَهَا أَنَا أُضِيفُ إِلَى عُمْرِكَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً،
6وَأُنْقِذُكَ أَنْتَ وَهَذِهِ الْمَدِينَةَ مِنْ مَلِكِ أَشُورَ،
وَأُدَافِعُ عَنْهَا. 7وَهَذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ
أَنَّهُ لاَبُدَّ أَنْ يُحَقِّقَ مَا وَعَدَ بِهِ: 8سَأُرْجِعُ ظِلَّ
الشَّمْسِ إِلَى الْوَرَاءِ عَشَرَ دَرَجَاتٍ عَلَى مِقْيَاسِ دَرَجَاتِ
آحَازَ». وَهَكَذَا تَرَاجَعَتِ الشَّمْسُ عَشَرَ دَرَجَاتٍ إِلَى
الْوَرَاءِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ قَدْ تَخَطَّتْهَا.
تسبيحة حزقيا بعد شفائه
9وَحِينَ شُفِيَ حَزَقِيَّا
كَتَبَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ: 10قُلْتُ هَا أَنَا فِي رِيْعَانِ أَيَّامِي
أَنْحَدِرُ إِلَى عَالَمِ الْمَوْتَى وَتَفْنَى بَقِيَّةُ سَنَوَاتِ
عُمْرِي 11وَقُلْتُ لَنْ أَرَى الرَّبَّ بَعْدُ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ،
وَلَنْ أُبْصِرَ أَحَداً مِنَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا
الْفَانِيَةِ. 12قَدْ خُلِعَ عَنِّي مَسْكِنِي، وَانْتَقَلَ كَخَيْمَةِ
الرَّاعِي. طَوَى حَيَاتِي كَحَائِكٍ: قَطَعَنِي مِنَ النَّوْلِ. أَنْتَ
تُفْنِينِي لَيْلَ نَهَارَ. 13انْتَظَرْتُ بِصَبْرٍ حَتَّى الصَّبَاحِ،
وَلَكِنَّهُ كَأَسَدٍ هَشَّمَ كُلَّ عِظَامِي. أَنْتَ تُفْنِينِي لَيْلَ
نَهَارَ . 14أَصِيحُ كَسُنُونَةٍ، وَأَنُوحُ كَهَدِيلِ الْحمَامَةِ.
كَلَّتْ عَيْنَايَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى السَّمَاءِ، يَارَبُّ إِنِّي
مُتَضَايِقٌ فَكُنْ لِي مَأْمَناً. 15وَلَكِنْ مَاذَا أَقُولُ؟ فَقَدْ
خَاطَبَنِي هُوَ. هُوَ نَفْسُهُ قَضَى بِذَلِكَ عَلَيَّ. طَارَ النَّوْمُ
مِنِّي لِفَرْطِ مَرَارَةِ رُوحِي. 16يَارَبُّ، بِمِثْلِ هَذِهِ يَحْيَا
النَّاسُ، وَفِي هَذِهِ حَيَاةُ رُوحِي، فَرُدَّ لِي عَافِيَتِي
وَأَحْيِنِي. 17حَقَّا إِنَّ مَا قَاسَيْتُهُ مِنْ مَرَارَةٍ كَانَ مِنْ
أَجْلِ خَيْرِي، فَقَدْ حَفِظْتَنِي بِحُبِّكَ مِنْ حُفْرَةِ الْهَلاَكِ،
وَأَلْقَيْتَ جَمِيعَ خَطَايَايَ خَلْفَ ظَهْرِكَ. 18لأَنَّهُ لَيْسَ فِي
وُسْعِ الْهَاوِيَةِ أَنْ تَحْمَدَكَ، وَالْمَوْتُ لاَ يُسَبِّحُكَ، وَلاَ
يَقْدِرُ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ أَنْ يَرْجُوا
أَمَانَتَكَ. 19الأَحْيَاءُ وَحْدَهُمْ يُسَبِّحُونَكَ كَمَا أَفْعَلُ
الْيَوْمَ، وَيُحَدِّثُ الآبَاءُ أَبْنَاءَهُمْ عَنْ أمَانَتِكَ 20الرَّبُّ
يُنْقِذُنِي. فَلْنَشْدُ بِآلاَتٍ وَتَرِيَّةٍ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِنَا
فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ».
21ثُمَّ قَالَ إِشَعْيَاءُ:
«ضَمِّدُوا الْقُرْحَةَ بِقُرْصِ تِينٍ فَيَبْرَأَ». 22وَكَانَ حَزَقِيَّا
قَدْ سَأَلَ: «مَا هِيَ الْعَلاَمَةُ الَّتِي تُؤَكِّدُ لِي أَنَّنِي
سَأَذْهَبُ لِلصَّلاَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ؟»
فصل
39
وفد من بابل
فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ
الْفَتْرَةِ، بَعَثَ مَرُودَخُ بَلاَدَانَ بْنُ بَلاَدَانَ مَلِكُ بَابِلَ
رَسَائِلَ وَهَدَايَا إِلَى حَزَقِيَّا بَعْدَ أَنْ سَمِعَ بِمَرَضِهِ
وَشِفَائِهِ مِنْهُ، 2فَرَحَّبَ بِهِمْ حَزَقِيَّا تَرْحِيباً حَارّاً،
وَأَطْلَعَهُمْ عَلَى مَا فِي خَزَائِنِهِ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ
وَأَطْيَابٍ وَعُطُورٍ، وَعَلَى مَخَازِنِ أَسْلِحَتِهِ. لَمْ يَبْقَ
شَيْءٌ فِي قَصْرِهِ وَفِي حَوْزَتِهِ لَمْ يُرِهِمْ إِيَّاهُ.
إنذار إشعياء لحزقيا
3فَجَاءَ النَّبِيُّ
إِشَعْيَاءُ إِلَى الْمَلِكِ حَزَقِيَّا وَسَأَلَهُ: «مَاذَا قَالَ
هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ، وَمِنْ أَيْنَ قَدِمُوا إِلَيْكَ؟» فَأَجَابَهُ:
«قَدْ أَقْبَلُوا إِلَيَّ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ، مِنْ بَابِلَ». فَعَادَ
يَسْأَلُهُ: «مَاذَا شَاهَدُوا فِي قَصْرِكَ؟» 4فَأَجَابَ حَزَقِيَّا:
«شَاهَدُوا كُلَّ مَا فِي قَصْرِي. لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فِي مَخَازِنِي لَمْ
أُطْلِعْهُمْ عَلَيْهِ». 5عِنْدَئِذٍ قَالَ إِشَعْيَاءُ لِحَزَقِيَّا:
«اسْمَعْ قَوْلَ الرَّبِّ الْقَدِيرِ: 6هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يُنْقَلُ
فِيهَا إِلَى بَابِلَ كُلُّ مَا فِي قَصْرِكَ مِمَّا ادَّخَرَهُ
أَسْلاَفُكَ وَلاَ يَبْقَى مِنْهَا شَيْءٌ. 7وَيُسْبَى بَعْضُ أَبْنَائِكَ
الْخَارِجِينَ مِنْ صُلْبِكَ لِيَكُونُوا خِصْيَاناً فِي قَصْرِ مَلِكِ
بَابِلَ». 8فَقَالَ حَزَقِيَّا لإِشَعْيَاءَ: «صَالِحٌ هُوَ قَوْلُ
الرَّبِّ الَّذِي أَعْلَنْتَهُ». ثُمَّ حَدَّثَ نَفْسَهُ: «لِيَكُنْ فَقَطْ
سَلاَمٌ وَأَمْنٌ فِي عَهْدِي».
فصل
40
رسول الرب القادم
يَقُولُ إِلَهُكُمْ:
«وَاسُوا، وَاسُوا شَعْبِي! 2طَيِّبُوا خَاطِرَ أُورُشَلِيمَ وَبَلِّغُوهَا
أَنَّ أَيَّامَ مِحْنَتِهَا قَدِ انْتَهَتْ، وَإِثْمَهَا قَدْ غُفِرَ،
وَتَلَقَّتْ مِنْ يَدِ الرَّبِّ ضِعْفَيْنِ عَنْ جَمِيعِ مَا ارْتَكَبَتْهُ
مِنْ خَطَايَا».
3صَوْتٌ يَصْرُخُ وَيَقُولُ:
«أَعِدُّوا فِي الْبَرِّيَّةِ طَرِيقَ الرَّبِّ، وَأَقِيمُوا طَرِيقاً
مُسْتَقِيماً لإِلَهِنَا. 4كُلُّ وَادٍ يَرْتَفِعُ، وَكُلُّ تَلٍّ
يَنْخَفِضُ. وَتُمَهَّدُ كُلُّ أَرْضٍ مُعْوَجَّةٍ وتُعَبَّدُ كُلُّ
بُقْعَةٍ وَعِرَةٍ 5وَيَتَجَلَّى مَجْدُ اللهِ، فَيُشَاهِدُهُ كُلُّ ذِي
جَسَدٍ، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ قَدْ تَكَلَّمَ». 6وَعِنْدَئِذٍ قَالَ
صَوْتٌ: «نَادِ بِرِسَالَةٍ». فَأَجَبْتُ: «أَيَّةُ رِسَالَةٍ؟» فَقَالَ:
«كُلُّ ذِي جَسَدٍ عُشْبٌ، وَكُلُّ بَهَائِهِ كَزَهْرِ الصَّحْرَاءِ.
7يَذْبُلُ الْعُشْبُ وَيَذْوِي الزَّهْرُ لأَنَّ نَفْخَةَ الرَّبِّ تَهُبُّ
عَلَيْهِ. حَقّاً إِنَّ الشَّعْبَ عُشْبٌ. 8يَذْبُلُ الْعُشْبُ وَيَذْوِي
الزَّهْرُ، أَمَّا كَلِمَةُ إِلَهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ».
9اصْعَدِي إِلَى جَبَلٍ
شَامِخٍ يَاحَامِلَةَ الْبِشَارَةِ إِلَى صِهْيَوْنَ. ارْفَعِي صَوْتَكِ
بِقُوَّةٍ يَامُبَشِّرَةَ أُورُشَلِيمَ. اهْتِفِي وَلاَ تَجْزَعِي. قُولِي
لِمُدُنِ يَهُوذَا: هَا إِلَهُكُمْ قَادِمٌ 10بِقُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ،
وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ، وَهَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَمُكَافَأَتُهُ
أَمَامَهُ. 11يَرْعَى قَطِيعَهُ كَرَاعٍ، وَيَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ
بِذِرَاعِهِ، وَفِي أَحْضَانِهِ يَحْمِلُهَا وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ
بِرِفْقٍ.
قوة الرب وحكمته
12مَنْ كَالَ الْمِيَاهَ
بِكَفِّهِ وَقَاسَ السَّمَاوَاتِ بِالشِّبْرِ وَكَالَ تُرَابَ الأَرْضِ
بِالْكَيْلِ وَوَزَنَ الْجِبَالَ بِقَبَّانٍ، وَالتِّلاَلَ بِمِيزَانٍ؟
13مَنْ أَرْشَدَ رُوحَ الرَّبِّ أَوْ كَانَ لَهُ مُشِيراً فَعَلَّمَهُ؟
14هَلْ طَلَبَ الرَّبُّ مَشُورَةً مِنْ أَحَدٍ؟ مَنْ عَلَّمَهُ طَرِيقَ
الْعَدْلِ وَلَقَّنَهُ الْمَعْرِفَةَ وَأَرَاهُ سَبِيلَ الْفَهْمِ؟ 15إِنَّ
الشُّعُوبَ كَنُقْطَةٍ مِنْ دَلْوٍ، وَكَغُبَارِ الْمِيزَانِ. يَرْفَعُ
الْجَزَائِرَ وَكَأَنَّهَا ذَرَّةُ هَبَاءٍ. 16لُبْنَانُ بِأَسْرِهِ لاَ
يَكْفِي أَنْ يَكُونَ لِلْوَقُودِ، وَحَيَوَانُهُ لاَ يَكْفِي لِذَبِيحَةِ
مُحْرَقَةٍ. 17جَمِيعُ الأُمَمِ لاَ تُحْسَبُ لَدَيْهِ شَيْئاً، وَهِي فِي
عَيْنَيْهِ عَدَمٌ وَخَوَاءٌ.
التباين بين الأوثان والإِله
الحي
18بِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهَ
وَبِمَنْ تُقَارِنُونَهُ؟ 19إِنْ كَانَ تِمْثَالاً فَالْتِّمْثَالُ
يَصُوغُهُ الصَّانِعُ وَيُغَشِّيهِ الصَّائِغُ بِالذَّهَبِ، وَيَسْبِكُ
لَهُ سَلاَسِلَ مِنَ الْفِضَّةِ. 20أَمَّا الْفَقِيرُ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ
قِطْعَةَ خَشَبٍ لاَ تُنْخَرُ، وَيَلْتَمِسُ صَانِعاً حَاذِقاً يَنْحَتُ
لَهُ مِنْهَا صَنَماً ثَابِتاً.
21أَلَمْ تَعْلَمُوا؟ أَلَمْ
تَسْمَعُوا؟ أَلَمْ يَبْلُغْكُمْ مُنْذُ الْبَدْءِ؟ أَلَمْ تَفْهَمُوا مِنْ
إِرْسَاءِ أُسُسِ الأَرْضِ؟ 22إِنَّهُ هُوَ الْجَالِسُ عَلَى كُرَةِ
الأَرْضِ وَسُكَّانُهَا كَالْجَرَادِ. هُوَ الْبَاسِطُ السَّمَاوَاتِ
كَسُرَادَقَ، وَيَنْشُرُهَا كَخَيْمَةٍ لِلسُّكْنَى، 23يَجْعَلُ
الْعُظَمَاءَ كَالْعَدَمِ، وَالْحُكَّامَ كَلاَ شَيْءٍ. 24فَمَا كَادُوا
يُغْرَسُونَ وَيُزْرَعُونَ وَيَتَأَصَّلُونَ فِي الأَرْضِ حَتَّى نَفَخَ
عَلَيْهِمْ، فَذَوَوْا وَعَصَفَتْ بِهِمْ زَوْبَعَةٌ كَالتِّبْنِ.
25فَبِمَنْ إِذاً تُقَارِنُونَنِي فَأَكُونَ نَظِيرَهُ؟ يَقُولُ
الْقُدُّوسُ. 26ارْفَعُوا عُيُونَكُمْ إِلَى الْعَلاَءِ وَانْظُرُوا. مَنْ
خَلَقَ هَذِهِ؟ وَمَنْ يُبْرِزُ كَوَاكِبَهَا بِمَجْمُوعَاتٍ وَيَدْعُوهَا
بِأَسْمَاءَ؟ إِنَّ وَاحِدَةً مِنْهَا لاَ تُفْقَدُ لأَنَّهُ يُحَافِظُ
عَلَيْهَا بِعَظَمَةِ قُدْرَتِهِ، وَلأَنَّهُ شَدِيدُ الْقُوَّةِ.
الإله السرمدي
27فَكَيْفَ تَجْرُؤُ
يَاإِسْرَائِيلُ أَنْ تَقُولَ إِنَّ الرَّبَّ لاَ يَرَى مِحْنَتِي
وَطَرِيقِي خَافِيَةٌ عَلَيْهِ؟ 28أَلَمْ تَعْلَمُوا؟ أَلَمْ تَسْمَعُوا؟
إِنَّ الرَّبَّ هُوَ إِلَهٌ سَرْمَدِيٌّ وَخَالِقُ أَقَاصِي الأَرْضِ. لاَ
يَهِنُ وَلاَ يَخُورُ، وَفَهْمُهُ لاَ يُسْتَقْصَى. 29يَهِبُ الْمَنْهُوكَ
قُوَّةً وَيَمْنَحُ الضَّعِيفَ قُدْرَةً عَظِيمَةً. 30إِنَّ الشَّبِيبَةَ
يَنَالُهَا الإِعْيَاءُ وَالإِرْهَاقُ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ
أَشَدَّ تَعَثُّرٍ، 31أَمَّا الرَّاجُونَ الرَّبَّ فَإِنَّهُمْ
يُجَدِّدُونَ قُوَّتَهُمْ، وَيُحَلِّقُونَ بِأَجْنِحَةِ النُّسُورِ.
يَرْكُضُونَ وَلاَ يُعْيُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ.
فصل
41
دينونة الأمم
اصْمُتِي وَاسْمَعِي لِي
أَيَّتُهَا الْجَزَائِرُ. لِتُجَدِّدِ الأُمَمُ قُوَّتَهَا
وَلْيَتَقَدَّمُوا لِيَعْرِضُوا حُجَجَهُمْ. لِنَجْتَمِعْ مَعاً
لِلْمُثُولِ أَمَامَ الْقَضَاءِ. 2مَنْ أَقَامَ مِنَ الْمَشْرِقِ قَائِداً
مُظَفَّراً، يُوَاكِبُ النَّصْرُ كُلَّ خُطْوَةٍ مِنْ خَطَوَاتِهِ،
وَأَسْلَمَ الأُمَمَ إِلَيْهِ وَأَخْضَعَ لَهُ الْمُلُوكَ، وَجَعَلَهُمْ
كَالتُّرَابِ بِسَيْفِهِ، وَكَالْعُصَافَةِ الْمُذَرَّاةِ بِقَوْسِهِ؟
3يَتَعَقَّبُهُمْ وَيَجُوزُ آمِناً فِي دُرُوبٍ لَمْ يَطَأْهَا
بِقَدَمَيْهِ. 4مَنْ فَعَلَ هَذَا وَأَنْجَزَهُ دَاعِياً الأَجْيَالَ
مُنْذُ الْبَدْءِ؟ أَنَا الرَّبُّ. أَنَا الأَوَّلُ وَالآخِرُ.
5شَاهَدَتِ الْجَزَائِرُ
فِعْلِي وَخَافَتْ، وَارْتَجَفَتْ أَقَاصِي الأَرْضِ فَتَجَمَّعُوا مَعاً.
6شَرَعَ كُلُّ وَاحِدٍ يُشَجِّعُ جَارَهُ قَائِلاً لَهُ: تَشَدَّدْ.
7فَشَجَّعَ الصَّانِعُ الصَّائِغَ، وَالصَّاقِلُ بِالْمِطْرَقَةِ
الضَّارِبَ عَلَى السَّنْدَانِ قَائِلاً عَنِ الإِلْحَامِ: هَذَا عَمَلٌ
جَيِّدٌ. ثُمَّ يُثَبِّتُ الصَّنَمَ بِمَسَامِيرَ كَيْ لاَ يَتَقَلْقَلَ.
8أَمَّا أَنْتَ
يَاإِسْرَائِيلُ عَبْدِي. يَايَعْقُوبُ الَّذِي اصْطَفَيْتُهُ،
يَاذُرِّيَّةَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِي، 9يَامَنْ أَخَذْتُكَ مِنْ أَقَاصِي
الأَرْضِ، وَدَعَوْتُكَ مِنْ أَبْعَدِ أَطْرَافِهَا قَائِلاً لَكَ: أَنْتَ
عَبْدِي. لَقَدِ اصْطَفَيْتُكَ وَلَمْ أَنْبِذْكَ. 10لاَ تَخَفْ لأَنِّي
مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ حَوْلَكَ جَزَعاً، لأَنِّي إِلَهُكَ، أُشَدِّدُكَ
وَأُعِينُكَ وَأَعْضُدُكَ بِيَمِينِ بِرِّي 11يَعْتَرِي الْخِزْيُ
وَالْعَارُ كُلَّ مَنْ يَغْتَاظُ مِنْكَ، وَيَتَلاَشَى مُقَاوِمُوكَ
كَالْعَدَمِ. 12تَبْحَثُ عَنْ خُصُومِكَ فَلاَ تَجِدُ أَحَداً مِنْهُمْ،
وَيُصْبِحُ مُحَارِبُوكَ كَلاَ شَيْءٍ، 13لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ
الَّذِي يُمْسِكُ بِيَمِينِكَ قَائِلاً لَكَ: لاَ تَخَفْ. سَأُعِينُكَ.
14لاَ تَخَفْ يَايَعْقُوبُ
الضَّعِيفُ كَالْحَشَرَةِ، وَيَاإِسْرَائِيلُ الْعَلِيلُ كَالشِّرْذِمَةِ،
لأَنِّي سَأُعِينُكَ، يَقُولُ الرَّبُّ فَادِيكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ.
15وَهَا أَنَا أَجْعَلُكَ نَوْرَجاً مُحَدَّداً جَدِيداً مُسَنَّناً،
فَتَدْرُسُ الْجِبَالَ وَتَجْعَلُ التِّلاَلَ كَالْعُصَافَةِ،
16فَتُذَرِّيهَا، وَتَحْمِلُهَا الرِّيحُ بَعِيداً، وَتُبَدِّدُهَا
الزَّوْبَعَةُ. أَمَّا أَنْتَ فَتَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَتُمَجِّدُ
قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ.
إزدهار شعب الله
17وَعِنْدَمَا يَلْتَمِسُ
الْبَائِسُونَ وَالْمَسَاكِينُ مَاءً وَلاَ يَجِدُونَهُ، وَتَتَشَقَّقُ
أَلْسِنَتُهُمْ مِنَ الْعَطَشِ، أَنَا الرَّبُّ أَسْتَجِيبُ لَهُمْ، أَنَا
إِلَهُ إِسْرَائِيلَ لاَ أَتَخَلَّى عَنْهُمْ. 18فَأُفَجِّرُ أَنْهَاراً
عَلَى الْهِضَابِ وَيَنَابِيعَ فِي وَسَطِ الأَوْدِيَةِ، وَأُحَوِّلُ
الْبَرِّيَّةَ إِلَى وَاحَةِ مَاءٍ وَالأَرْضَ الْقَاحِلَةَ إِلَى
جَدَاوِلَ. 19وَأُنْبِتُ فِي الصَّحْرَاءِ الأَرْز وَالسَّنْطَ وَالآسَ
وَشَجَرَ الزَّيْتُونِ، وَأُنَمِّي فِي الْبَرِّيَّةِ أَشْجَارَ السَّرْوِ
وَالسِّنْدِيَانَ وَالشَّرْبِينَ جَمِيعاً، 20حَتَّى يَرَى النَّاسُ
وَيُدْرِكُوا وَيَتَأَمَّلُوا وَيَفْهَمُوا مَعاً أَنَّ يَدَ الرَّبِّ هِيَ
الَّتِي صَنَعَتْ هَذَا، وَأَنَّ قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ هُوَ الَّذِي
أَبْدَعَهُ.
الله وحده العليم بالمستقبل
21اعْرِضُوا دَعْوَاكُمْ
يَقُولُ الرَّبُّ، وَقَدِّمُوا حُجَجَكُمْ يَقُولُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ.
22أَحْضِرُوا أَصْنَامَكُمْ لِيُنْبِئُونَا عَمَّا يَأْتِي بِهِ
الْمُسْتَقْبَلُ، وَعَنِ الأُمُورِ الْغَابِرَةِ. 23أَطْلِعُونَا عَلَى
أَحْدَاثِ الْغَيْبِ فَنَعْلَمَ أَنَّكُمْ آلِهَةٌ حَقّاً. إِيتُوا
بِمُعْجِزَةٍ خَيْراً كَانَتْ أَمْ شَرّاً، تُثِيرُ دَهْشَتَنَا أَوْ
رُعْبَنَا. 24وَلَكِنْ أَنْتُمْ لاَ شَيْءَ، وَفِعْلُكُمْ عَدَمٌ، وَلاَ
يَصْطَفِيكُمْ سِوَى الرِّجْسِ.
25قَدْ آثَرْتُ رَجُلاً مِنَ
الشَّمَالِ، هَا هُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ يَدْعُو بِاسْمِي،
يَطَأُ الْوُلاَةَ كَمَا يَطَأُ فَوْقَ الْوَحْلِ، وَيَدُوسُ عَلَيْهِمْ
كَمَا يَدُوسُ الْخَزَّافُ فَوْقَ الطِّينِ. 26مَنْ أَنْبَأَ بِهَذَا
الْحَدَثِ مُنْذُ الْبَدْءِ حَتَّى نَعْلَمَ بِهِ؟ وَقَبْلَ أَوَانِ
حُدُوثِهِ حَتَّى نَقُولَ: هُوَ صَادِقٌ. لَمْ يُوْجَدْ مُنْبِيءٌ أَوْ
مُعْلِنٌ، وَلَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ كَلِمَةً مِنْكُمْ. 27أَنَا أَوَّلُ
قَائِلٍ لِصِهْيَوْنَ: انْظُرُوا هَاهُمْ، وَأَوَّلُ مَنْ أَقَامَ فِي
أُورُشَلِيمَ بَشِيراً، 28وَلَكِنْ عِنْدَمَا تَطَلَّعْتُ إِلَى
الأَصْنَامِ لَمْ أَجِدْ أَحَداً، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيْنَهُمْ
مُشِيرٌ أَسْأَلُهُ فَيُجِيبُ. 29انْظُرُوا، إِنَّهُمْ جَمِيعاً وَهْمٌ
بَاطِلٌ، وَأَعْمَالَهُمْ وَأَصْنَامَهُمُ الْمَسْبُوكَةَ رِيحٌ وَخَوَاءٌ.
فصل
42
مهمة خادم الرب
هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي
أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي ابْتَهَجَتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي
عَلَيْهِ لِيَسُوسَ الأُمَمَ بِالْعَدْلِ. 2لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَصْرُخُ
وَلاَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي الطَّرِيقِ. 3لاَ يَكْسِرُ قَصَبَةً
مَرْضُوضَةً، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِيءُ. إِنَّمَا بِأَمَانَةٍ
يُجْرِي عَدْلاً. 4لاَ يَكِلُّ وَلاَ تُثَبَّطُ لَهُ هِمَّةٌ حَتَّى
يُرَسِّخَ الْعَدْلَ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ.
5هَذَا مَا يَقُولُهُ اللهُ
، الرَّبُّ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَبَاسِطُهَا، وَنَاشِرُ الأَرْضِ وَمَا
يُسْتَخْرَ جُ مِنْهَا. الْوَاهِبُ أَهْلَهَا نَسَمَةً، وَالْمُنْعِمُ
بِالرُّوحِ عَلَى السَّائِرِينَ عَلَيْهَا: 6«أَنَا هُوَ الرَّبُّ قَدْ
دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ. أَمْسَكْتُ بِيَدِكَ وَحَافَظْتُ عَلَيْكَ
وَجَعَلْتُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ وَنُوراً لِلأُمَمِ 7لِتَفْتَحَ عُيُونَ
الْعُمْيِ، وَتُطْلِقَ سَرَاحَ الْمَأْسُورِينَ فِي السِّجْنِ، وَتُحَرِّرَ
الْجَالِسِينَ فِي ظُلْمَةِ الْحَبْسِ.
8أَنَا هُوَ الرَّبُّ
وَهَذَا اسْمِي. لاَ أُعْطِي مَجْدِي لِآخَرَ، وَلاَ حَمْدِي
لِلْمَنْحُوتَاتِ. 9هَا هِيَ النُّبُوَّاتُ السَّالِفَةُ تَتَحَقَّقُ،
وَأُخْرَى جَدِيدَةٌ أُعْلِنُ عَنْهَا وَأُنْبِيءُ بِهَا قَبْلَ أَنْ
تَحْدُثَ».
أنشودة حمد للرب
10غَنُّوا لِلرَّبِّ
أُغْنِيَةً جَدِيدَةً، سَبِّحُوهُ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ أَيُّهَا
الْمُسَافِرُونَ فِي عُبَابِ الْبَحْرِ وَكُلُّ مَا فِيهِ وَيَاسُكَّانَ
الْجَزَائِرِ. 11لِتَهْتِفِ الصَّحْرَاءُ وَمُدُنُهَا، وَدِيَارُ قِيدَارَ
الْمَأْهُولَةُ. لِيَتَغَنَّ بِفَرَحٍ أَهْلُ سَالِعَ وَلْيَهْتِفُوا مِنْ
قِمَمِ الْجِبَالِ. 12ولْيُمَجِّدُوا الرَّبَّ وَيُذِيعُوا حَمْدَهُ فِي
الْجَزَائِرِ. 13يَبْرُزُ الرَّبُّ كَجَبَّارٍ، يَسْتَثِيرُ حَمِيَّتَهُ
كَمَا يَسْتَثِيرُهَا الْمُحَارِبُ، وَيُطْلِقُ صَرْخَةَ حَرْبٍ دَاوِيَةً،
يُظْهِرُ جَبَرُوتَهُ أَمَامَ أَعْدَائِهِ.
14لَكَمِ اعْتَصَمْتُ
بِالصَّمْتِ، وَلَزِمْتُ السَّكِينَةَ وَلَجَمْتُ نَفْسِي. أَمَّا الآنَ
فَأَنَا أَصِيحُ وَأَزْفِرُ كَامْرَأَةٍ تُقَاسِي مِنَ الْمَخَاضِ.
15أُخَرِّبُ الْجِبَالَ وَالتِّلاَلَ، وَأُيَبِّسُ كُلَّ عُشْبِهَا،
وَأُحَوِّلُ الأَنْهَارَ إِلَى قَفْرٍ وَأُجَفِّفُ الْبُحَيْرَاتِ،
16وَأَقُودُ الْعُمْيَ فِي سَبِيلٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا مِنْ قَبْلُ،
وَأَهْدِيهِمْ فِي مَسَالِكَ يَجْهَلُونَهَا، وَأُحِيلُ الظَّلاَمَ
أَمَامَهُمْ إِلَى نُورٍ، وَالأَمَاكِنَ الْوَعِرَةَ إِلَى أَرْضٍ
مُمَهَّدَةٍ. هَذِهِ الأُمُورُ أَصْنَعُهَا وَلَنْ أَتَخَلَّى عَنْهُمْ.
17أَمَّا الْمُتَوَكِّلُونَ عَلَى الأَصْنَامِ، الْقَائِلُونَ
لِلأَوْثَانِ: «أَنْتُمْ آلِهَتُنَا» فَإِنَّهُمْ يُدْبِرُونَ مُجَلَّلِينَ
بِالْخِزْيِ.
خطيئة الأمة والعقوبة
18اسْمَعُوا أَيُّهَا
الصُّمُّ، انْظُرُوَا أَيُّهَا الْعُمْيُ لِتُبْصِرُوا. 19مَنْ هُوَ
أَعْمَى سِوَى عَبْدِي؟ وَمَنْ هُوَ أَصَمُّ كَرَسُولِي الَّذِي
أَرْسَلْتُهُ؟ مَنْ هُوَ أَعْمَى مِثْلَ مَنْ يَكُنُّ لِي الْوَلاَءَ؟
وَمَنْ هُوَ كَفِيفٌ كَعَبْدِ الرَّبِّ؟ 20تَشْهَدُ أُمُوراً كَثِيرَةً
وَلاَ تُلاَحِظُهَا، وَأُذُنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ وَلَكِنْ لاَ تَسْمَعُ
شَيْئاً. 21قَدْ سُرَّ الرَّبُّ مِنْ أَجْلِ بِرِّهِ أَنْ يُعَظِّمَ
شَرِيعَتَهُ وَيُمَجِّدَهَا، 22لَكِنَّ شَعْبَهُ مَنْهُوبٌ وَمَسْلُوبٌ.
قَدْ وَقَعُوا جَمِيعُهُمْ فِي الْحُفْرَةِ وَاقْتُنِصُوا وَزُجَّ بِهِمْ
فِي أَقْبِيَةِ السُّجُونِ. صَارُوا فَرِيسَةً وَلَيْسَ مِنْ مُنْقِذٍ،
وَأَصْبَحُوا غَنِيمَةً وَلَيْسَ مَنْ يَقُولُ: «رُدَّهَا».
23مَنْ مِنْكُمْ يَسْمَعُ
هَذَا وَيُنْصِتُ وَيُصْغِي لِلزَّمَنِ الْمُقْبِلِ؟ 24مَنْ أَسْلَمَ
يَعْقُوبَ لِلنَّهْبِ، وَإِسْرَائِيلَ لِلسَّالِبِينَ؟ أَلَيْسَ هُوَ اللهُ
الَّذِي أَخْطَأْنَا فِي حَقِّهِ؟ لأَنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يَسْلُكُوا فِي
طُرُقِهِ وَأَنْ يُطِيعُوا شَرِيعَتَهُ. 25لِذَلِكَ صَبَّ عَلَيْهِمْ جَامَ
غَضَبِهِ فِي وَطِيسِ الْحَرْبِ فَاكْتَنَفَتْهُمْ بِضِرَامِهَا
وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا، وَأَحْرَقَتْهُمْ بِنِيرَانِهَا وَلَمْ
يَتَّعِظُوا.
فصل
43
مخلص بني إسرائيل الوحيد
أَمَّا الآنَ، فَهَذَا مَا
يَقُولُهُ الرَّبُّ خَالِقُكَ يَايَعْقُوبُ وَجَابِلُكَ يَاإِسْرَائِيلُ:
«لاَ تَجْزَعْ لأَنِّي افْتَدَيْتُكَ، دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي.
2إِذَا اجْتَزْتَ فِي وَسَطِ الْمِيَاهِ أَكُونُ مَعَكَ، وَإِنْ خُضْتَ
الأَنْهَارَ لاَ تَغْمُرُكَ. إِنْ عَبَرْتَ فِي النَّارِ لاَ تَلْذَعُكَ.
وَاللهِيبُ لاَ يُحْرِقُكَ. 3لأَنِّي أَنَا هُوَ الرَّبُّ إِلَهُكَ،
قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ مُخَلِّصُكَ، قَدْ جَعَلْتُ مِصْرَ فِدْيَةً عَنْكَ
وَكُوشَ وَسَبَا عِوَضاً عَنْكَ. 4إِذْ أَصْبَحْتَ كَرِيماً فِي عَيْنَيَّ،
وَعَزِيزاً وَمَحْبُوباً، فَقَدْ بَادَلْتُ أُنَاساً بِكَ، وَقَايَضْتُ
أُمَماً عِوَضاً عَنْ حَيَاتِكَ. 5لاَ تَجْزَعْ لأَنِّي مَعَكَ. سَأَلِمُّ
شَتَاتَ ذُرِّيَّتِكَ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَأَجْمَعُكَ مِنَ الْمَغْرِبِ.
6أَقُولُ لِلشَّمَالِ: أَطْلِقْهُمْ مِنْ عِقَالِكَ، وَللْجَنُوبِ لاَ
تَحْجِزْهُمْ. اجْمَعْ أَبْنَائِي مِنْ بَعِيدٍ وَبَنَاتِي مِنْ أَقَاصِي
الأَرْضِ، 7كُلَّ مَنْ يُدْعَى بِاسْمِي مِمَّنْ خَلَقْتُهُ لِمَجْدِي
وَجَبَلْتُهُ وَصَنَعْتُهُ». 8أَخْرِجِ الشَّعْبَ الأَعْمَى وَإِنْ كَانَتْ
لَهُ عُيُونٌ، وَالأَصَمَّ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ آذَانٌ.
9لِتَجْتَمِعِ الأُمَمُ
بِأَسْرِهَا، وَلْتَحْتَشِدِ الشُّعُوبُ. مَنْ مِنْهُمْ يُنْبِيءُ بِهَذَا،
وَيُخْبِرُنَا بِالأُمُورِ السَّالِفَةِ؟ لِيُقَدِّمُوا شُهُودَهُمْ
إِثْبَاتاً لِصِدْقِهِمْ، أَوْ لِيَسْمَعُوا وَيَقُولُوا: هَذَا صِدْقٌ.
10أَنْتُمْ شُهُودِي يَقُولُ الرَّبُّ، وَعَبْدِي الَّذِي اصْطَفَيْتُهُ،
لِتَعْلَمُوا وَتُؤْمِنُوا بِي، وَتُدْرِكُوا أَنِّي أَنَا أَنَا هُوَ
اللهُ ، لَمْ يُوْجَدْ إِلَهٌ قَبْلِي وَلاَ يَكُونُ إِلَهٌ بَعْدِي.
11أَنَا هُوَ الرَّبُّ، وَلاَ مُخَلِّصَ غَيْرِي. 12إِنِّي أَنْبَأْتُ
وَخَلَّصْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنَا، وَلَيْسَ إِلَهٌ غَرِيبٌ بَيْنَكُمْ.
أَنْتُمْ شُهُودِي أَنِّي أَنَا اللهُ، يَقُولُ الرَّبُّ. 13مُنْذُ
الْبَدْءِ أَنَا هُوَ اللهُ وَلَيْسَ مُنْقِذٌ مِنْ يَدِي. أَفْعَلُ
وَمَنْ يُبْطِلُ
عَمَلِي؟
الفادي يفك أسر شعبه
14هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ فَادِيكُمْ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ، هَا أَنَا مِنْ أَجْلِكُمْ
أَرْسَلْتُ إِلَى بَابِلَ لأُحَطِّمَ الْمَغَالِيقَ، فَيُصْبِحُ
الْبَابِلِيُّونَ فِي سُفُنِهِمِ الَّتِي يُبَاهُونَ بِهَا مَطْرُودِينَ
هَارِبِينَ. 15أَنَا هُوَ الرَّبُّ قُدُّوسُكُمْ خَالِقُ إِسْرَائِيلَ
وَمَلِكُكُمْ. 16هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الصَّانِعُ فِي الْبَحْرِ
طَرِيقاً، وَمَمَرّاً فِي اللُّجَجِ الْعَمِيقَةِ، 17الَّذِي يَسْتَدْرِجُ
الْمَرْكَبَاتِ وَالْخُيُولَ
وَالْجَيْشَ
وَالْمُقَاتِلِينَ، فَيَسْقُطُونَ صَرْعَى جَمِيعاً وَلاَ يَقُومُونَ،
وَيَخْمُدُونَ كَذُبَالَةٍ وَيَنْطَفِئُونَ.
18وَلَكِنَّكُمْ لاَ
تَتَذَكَّرُونَ الأُمُورَ السَّالِفَةَ وَلاَ تَعْتَبِرُونَ بِالأَحْدَاثِ
الغَابِرَةِ 19انْظُرُوا، هَا أَنَا أُنْجِزُ أَمْراً جَدِيداً يَنْشَأُ
الآنَ، أَلاَ تَعْرِفُونَهُ؟ أَشُقُّ فِي الْبَرِّيَّةِ طَرِيقاً، وَفِي
الصَّحْرَاءِ أَنْهَاراً، 20فَيُكْرِمُنِي وَحْشُ الصَّحْرَاءِ: الذِّئَابُ
وَالنَّعَامُ لأَنِّي فَجَّرْتُ فِي الْقَفْرِ مَاءً، وَفِي الصَّحْرَاءِ
أَنْهَاراً لأَسْقِيَ شَعْبِي الَّذِي اخْتَرْتُهُ، 21وَجَبَلْتُهُ
لِنَفْسِي لِيُذِيعَ حَمْدِي.
آثام بني إسرائيل
22وَلَكِنَّكَ لَمْ
تَلْتَمِسْنِي يَايَعْقُوبُ، بَلْ سَئِمْتَ مِنِّي يَاإِسْرَائِيلُ. 23لَمْ
تَأْتِنِي بِشَاةٍ لِذَبِيحَةِ مُحْرَقَةٍ، وَلَمْ تُكْرِمْنِي
بِقَرَابِينِكَ، مَعَ أَنِّي لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكَ بِتَقْدِمَةٍ، وَلاَ
أَرْهَقْتُكَ بِطَلَبِ اللُّبَانِ. 24لَمْ تَشْتَرِ لِي بَخُوراً ذَكِىَّ
الرَّائِحَةِ، وَلَمْ تُشْبِعْنِي بِشَحْمِ ذَبَائِحِكَ. إِنَّمَا
أَعْيَيْتَنِي بِثِقْلِ آثَامِكَ وَأَرْهَقْتَنِي بِذُنُوبِكَ. 25أَنَا،
أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ مِنْ أَجْلِ ذَاتِي، وَخَطَايَاكَ لَنْ
أَذْكُرَهَا.
26هَيَّا إِلَى
الْمُحَاكَمَةِ، وَاعْرِضْ عَلَيَّ دَعْوَاكَ، لِتَتَبَرَّرَ 27قَدْ
أَخْطَأَ أَبُوكَ الأَوَّلُ، وَوُسَطَاؤُكَ عَصَوْا عَلَيَّ، 28لِذَلِكَ
أُدَنِّسُ عُظَمَاءَ مَقَادِسِي وَأَقْضِي عَلَى إِسْرَائِيلَ بِالهَلاَكِ
وَأَتْرُكُهُ عُرْضَةً لِلْخِزْيِ وَالْعَارِ.
فصل
44
بركات الرب على الأمة
أَمَّا الآنَ فَاسْمَعْ
يَايَعْقُوبُ عَبْدِي، وَيَاإِسْرَائِيلُ الَّذِي اصْطَفَيْتُهُ. 2أَنَا
خَالِقُكُمْ مِنَ الرَّحِمِ وَمُعِينُكُمْ، لاَ تَخَفْ يَا عَبْدِي
يَعْقُوبُ وَلاَ تَجْزَعِي يَا أُورُشَلِيمُ الَّتِي اخْتَرْتُهَا.
3لأَنِّي سَأَسْكُبُ مَاءً عَلَى الأَرْضِ الْظَمْأَى، وَأُجْرِي
السُّيُولَ عَلَى التُّرْبَةِ الْيَابِسَةِ، وَأَفِيضُ بِرُوحِي عَلَى
ذُرِّيَّتِكَ، وَبَرَكَاتِي عَلَى نَسْلِكَ. 4فَيَنْبُتُونَ بَيْنَ
الْعُشْبِ مُزْهِرِينَ كَالْصَّفْصَافِ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ.
5وَيَقُولُونَ بِمِلْءِ أَفْوَاهِهِمْ: «أَنَا عَبْدُ الرَّبِّ. أَنَا
ابْنُ يَعْقُوبَ». وَيَكْتُبُ عَلَى يَدِهِ اسْمَ اللهِ، وَبِاسْمِ
إِسْرَائِيلَ يُلَقَّبُ.
إدانة الله لعبادة الأصنام
6هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ الْقَدِيرُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ: «أَنَا هُوَ
الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرِي. 7مَنْ مِثْلِي؟ فَلْيُخْبِرْ
بِذَلِكِ، وَيُعْلِنْهُ وَيَعْرِضْ أَمَامِي أَحْدَاثَ الأَيَّامِ
الْغَابِرَةِ مُنْذُ أَنْ أَنْشَأْتُ شَعْبِي الْقَدِيمَ، وَمَا سَيَجِيءُ
بِهِ الْغَدُ، وَلْيَكْشِفْ عَنْ حَوَادِثِ الزَّمَنِ الْمُقْبِلِ. 8لاَ
تَجْزَعُوا وَلاَ تَفْزَعُوا، أَلَمْ أُخْبِرْكُمْ بِهَذَا وَأُنْبِئْكُمْ
بِهِ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ؟ أَنْتُمْ شُهُودِي. هَلْ هُنَاكَ إِلْهٌ
غَيْرِي؟ هَلْ هُنَاكَ صَخْرَةٌ أُخْرَى لاَ عِلْمَ لِي بِوُجُودِهَا؟
9كُلُّ صَانِعِي التَّمَاثِيلِ لاَ جَدْوَى مِنْهُمْ، وَمُشْتَهَيَاتُهُمْ
لاَ طَائِلَ مِنْهَا. وَهُمْ شُهُودٌ عَلَيْهَا أَنَّهَا لاَ تُبْصِرُ
وَلاَ تَعْلَمُ لِكَيْ يَخْزَوْا. 10مَنْ يُصَوِّرُ صَنَماً أَوْ يَسْبِكُ
تِمْثَالاً لاَ تُرْتَجَى مِنْهُ فَائِدَةٌ؟ 11هَذَا وَأَمْثَالُهُ
يَلْحَقُ بِهِمِ الْعَارُ لأَنَّ الصُّنَّاعَ لَيْسُوا سِوَى بَشَرٍ.
فَلْيَجْتَمِعُوا إِذاً وَيَمْثُلُوا أَمَامِي، فَيَنْتَابَهُمْ رُعْبٌ
وَيَخْزَوْا مَعاً.
12يَصْنَعُ الْحَدَّادُ
فَأْساً بَعْدَ أَنْ يُقَلِّبَهَا فِي جَمَرَاتِ الْكُورِ وَيَطْرُقَهَا،
وَيُشَكِّلَهَا بِذِرَاعِهِ الْقَوِيَّةِ. لاَ يَعْبَأُ بِالْجُوعِ وَلاَ
بِنُضُوبِ قُوَّتِهِ، وَلاَ بِالْعَطَشِ وَالإِعْيَاءِ. 13ثُمَّ يَأْتِي
نَجَّارٌ فَيَتَنَاوَلُ قِطْعَةَ خَشَبٍ وَيَمُدُّ عَلَيْهَا الْخَيْطَ
وَيُعَلِّمُهَا وَيُنَعِّمُهَا وَيَحْفُرُ عَلَيْهَا بِالبِرْكَارِ صُورَةَ
إِنْسَانٍ سَاحِرِ الْجَمَالِ لِيَنْصُبَهُ صَنَماً فِي مَنْزِلٍ.
14يَقْطَعُ شَجَرَةَ أَرْزٍ أَوْ يَخْتَارُ سِنْدِيَاناً أَوْ بَلُّوطاً.
يَتْرُكُهَا تَنْمُو بَيْنَ أَشْجَارِ الْغَابَةِ. أَوْ يَزْرَعُ شَجَرَةَ
صَنُوبَرٍ فَيُنْمِيهَا الْمَطَرُ. 15ثُمَّ تُصْبِحُ وَقُوداً لِنِيرَانِ
النَّاسِ: يَأْخُذُ بَعْضاً مِنْهَا لِيُدْفِيءَ نَفْسَهُ، أَوْ يُوْقِدَهُ
لِيَخْبِزَ خُبْزَهُ، أَوْ يَنْحَتَ مِنْهُ إِلَهاً يَعْبُدُهُ، يَصْنَعُ
مِنْهُ تِمْثَالاً يَخُرُّ أَمَامَهُ سَاجِداً. 16يُوْقِدُ نِصْفَهُ فِي
النَّارِ وَعَلَى نِصْفِهِ الآخَرِ يَأْكُلُ لَحْماً، يَشْوِي شِوَاءً
وَيَشْبَعُ، وَيُدْفِيءُ نَفْسَهُ قَائِلاً: آهِ، أَنَا مُسْتَدْفِيءٌ،
وَأَرَى نَاراً. 17وَيَصْنَعُ مَا تَبَقَّى مِنْهُ إِلَهاً، صَنَماً
يَخُرُّ أَمَامَهُ سَاجِداً مُبْتَهِلاً إِلَيْهِ قَائِلاً: أَنْقِذْنِي.
أَنْتَ إِلَهِي.
18إِنَّهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ
وَلاَ يُدْرِكُونَ، إِذْ غُشِيَ عَلَى عُيُونِهِمْ فَلاَ يُبْصِرُونَ،
وَأُغْلِقَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يَفْهَمُونَ. 19لَيْسَ مِنْ
مُتَأَمِّلٍ أَوْ ذِي مَعْرِفَةٍ أَوْ إِدْرَاكٍ يَقُولُ: قَدْ أَحْرَقْتُ
نِصْفَ الشَّجْرَةِ بِالنَّارِ وَخَبَزْتُ خُبْزِي عَلَى جَمَرَاتِهَا،
شَوَيْتُ لَحْماً عَلَيْهَا وَأَكَلْتُهُ. أَفَأَصْنَعُ مِنْ بَقِيَّتِهَا
رِجْساً وَأَسْجُدُ أَمَامَ قِطْعَةِ خَشَبٍ؟ 20لَكَأَنَّهُ يَأْكُلُ
الرَّمَادَ! يَجْرِي وَرَاءَ سَرَابٍ وَيعْجَزُ عَنْ إِنْقَاذِ نَفْسِهِ
أَوْ الاعْتِرَافِ أَنَّ الصَّنَمَ الَّذِي يُمْسِكُهُ بِيَدِهِ هُوَ
مَحْضُ ضَلاَلٍ!
21اذْكُرْ هَذِهِ الأُمُورَ
يَايَعْقُوبُ، لأَنَّكَ أَنْتَ عَبْدِي يَاإِسْرَائِيلُ، قَدْ جَبَلْتُكَ
فَأَنْتَ عَبْدِي، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكَ يَاإِسْرَائِيلُ. 22قَدْ مَحَوْتُ
كَغَيْمَةٍ عَابِرَةٍ ذُنُوبَكَ، وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ. ارْجِعْ
تَائِباً إِلَيَّ لأَنِّي قَدْ فَدَيْتُكَ. 23تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا
السَّمَاوَاتُ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَنْجَزَ فِعْلَهُ. اهْتِفِي
يَاأَعْمَاقَ الأَرْضِ، وَتَفَجَّرِي غِنَاءً يَاجِبَالُ وَيَاغَابَاتُ
وَكُلُّ مَا فِيهَا مِنْ شَجَرٍ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ افْتَدَى يَعْقُوبَ
وَتَمَجَّدَ فِي إِسْرَائِيلَ.
24هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ فَادِيكَ وَجَابِلُكَ مِنَ الرَّحْمِ: «أَنَا هُوَ الرَّبُّ
صَانِعُ كُلِّ الأَشْيَاءِ، الَّذِي نَشَرَ السَّمَاوَاتِ وَحْدَهُ،
وَبَسَطَ الأَرْضَ بِنَفْسِهِ. مَنْ كَانَ مَعِي حِينَذَاكَ؟ 25يَكْشِفُ
نِفَاقَ الْمُخَادِعِينَ، وَيَفْضَحُ حُمْقَ الْعَرَّافِينَ، وَيُبْطِلُ
مَشُورَةَ الْحُكَمَاءِ تَسْفِيهاً لِعِلْمِهِمْ. 26أَنَا هُوَ مُتَمِّمُ
كَلاَمِ عَبْدِهِ، وَمُحَقِّقُ مَشُورَةِ رُسُلِهِ، الْقَائِلُ عَنْ
أُورُشَلِيمَ: لاَبُدَّ أَنْ تَعُودَ عَامِرَةً وَعَنْ مُدُنِ يَهُوذَا:
لاَبُدَّ أَنْ تُبْنَى، وَأَنَا أُعِيدُ تَشْيِيدَ خِرَبِهَا. 27الْقَائِلُ
لِلُّجَّةِ: جِفِّي وَأَنَا أُنَشِّفُ أَنْهَارَكِ. 28الْقَائِلُ عَنْ
كُورُشَ: هُوَ رَاعِيَّ الَّذِي يُلَبِّي كُلَّ رَغَبَاتِي وَالْقَائِلُ
عَنْ أُورُشَلِيمَ: لاَبُدَّ أَنْ تُبْنَى وَعَنِ الْهَيْكَلِ: لاَبُدَّ
أَنْ يُؤَسَّسَ (مِنْ جَدِيدٍ)».
فصل
45
رسالة الله إلى كورش
هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ لِكُورُشَ مُخْتَارِهِ، الَّذِي أَخَذْتُ بِيَمِينِهِ حَتَّى
أُخْضِعَ أَمَامَهُ أُمَماً وَأَكْسِرَ شَوْكَةَ مُلُوكٍ، لأَفْتَحَ
أَمَامَهُ كُوَّاتٍ وَلاَ تُوْصَدُ فِي وَجْهِهِ مَصَارِيعُ. 2هَا أَنَا
أَتَقَدَّمُكَ لأُسَوِّيَ الْجِبَالَ بِالأَرْضِ وَأُحَطِّمَ أَبْوَابَ
النُّحَاسِ، وَأُكَسِّرَ مَغَالِيقَ الْحَدِيدِ، 3وَأَهَبَكَ كُنُوزَ
الأَقْبِيَةِ الْمُظْلِمَةِ وَذَخَائِرَ الْمَخَابِيءِ، لِتَعْرِفَ أَنِّي
أَنَا هُوَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي دَعَاكَ بِاسْمِكَ.
4لأَجْلِ عَبْدِي يَعْقُوبَ، وَإِسْرَائِيلَ مُخْتَارِي دَعَوْتُكَ
بِاسْمِكَ، لَقَّبْتُكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْرِفَنِي. 5أَنَا هُوَ
الرَّبُّ وَلاَ إِلَهَ غَيْرِي. لَيْسَ هُنَاكَ آخَرُ، شَدَّدْتُكَ مَعَ
أَنَّكَ لَمْ تَعْرِفْنِي. 6حَتَّى يُدْرِكَ النَّاسُ مِنْ مَشْرِقِ
الشَّمْسِ وَمِنْ مَغْرِبِهَا أَنِّي أَنَا هُوَ الرَّبُّ وَلَيْسَ هُنَاكَ
آخَرُ. 7أَنَا مُبْدِعُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ، أَنَا صَانِعُ
الْخَيْرِ وَخَالِقُ الضُّرِّ، أَنَا هُوَ الرَّبُّ فَاعِلُ كُلِّ هَذِهِ.
8اهْطِلِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقُ، وَأَمْطِرِي يَاغَمَامُ
بِرّاً، لِتَنْفَتِحِ الأَرضُ حَتَّى يُثْمِرَ الْخَلاَصُ، وَيَنْبُتَ
الْبِرُّ. أَنَا خَلَقْتُهُ.
حماقة محاربة الله
9وَيْلٌ لِمَنْ يُخَاصِمُ
صَانِعَهُ وَهُوَ لَيْسَ سِوَى قِطْعَةِ خَزَفٍ مِنْ خَزَفِ الأَرْضِ.
أَيَقُولُ الطِّينُ لِجَابِلِهِ: مَاذَا تَصْنَعُ؟ أَوْ إِنَّ مَا
عَمِلْتَهُ تَنْقُصُهُ يَدَانِ؟ 10وَيْلٌ لِمَنْ يَقُولُ لِوَالِدٍ: مَاذَا
أَنْجَبْتَ؟ أَوْ لأُمٍّ:
بِمَاذَا تَتَمَخَّضِينَ؟
11هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ وَصَانِعُهُ: أَتَسْأَلُونَنِي فِي سِيَاقِ
الأَحْدَاثِ الآتِيَةِ عَنْ أَبْنَائِي، أَمْ تُوصُونَنِي بِعَمَلِ يَدِي؟
12لَقَدْ صَنَعْتُ الأَرْضَ وَخَلَقْتُ الإِنْسَانَ عَلَيْهَا، وَيَدَايَ
هُمَا اللَّتَانِ بَسَطَتَا السَّمَاوَاتِ، وَأَنَا أَمَرْتُ كَوَاكِبَهَا.
13أَنَا أَقَمْتُ كُورُشَ لِيُجْرِيَ الْعَدْلَ، وَأَنَا أُمَهِّدُ
طُرُقَهُ كُلَّهَا، فَيَبْنِي مَدِينَتِي وَيُطْلِقُ سَرَاحَ أَسْرَاي، لاَ
بِثَمَنٍ وَلاَ لِقَاءَ مُكَافَأَةٍ، يَقُولُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ.
14يَقُولُ الرَّبُّ: يَأْتِي إِلَيْكُمُ الْمِصْرِيُّونَ وَالْكُوشِيُّونَ
وَالسَّبَئِيُّونَ بِكُلِّ مَا يَمْلِكُونَهُ مِنْ ثَرْوَاتٍ،
وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَقْدَامِكُمْ، وَيَصِيرُونَ رَعَايَاكُمْ،
يَمْشُونَ خَلْفَكُمْ مُصَفَّدِينَ بِالأَغْلاَلِ، وَيَخُرُّونَ سَاجِدِينَ
أَمَامَكُمْ قَائِلِينَ: حَقّاً إنَّ الرَّبَّ مَعَكُمْ ولاَ إِلَهَ سِوَى
إِلَهِكُمْ. هُوَ وَحْدَهُ الإِلَهُ لاَ غَيْرَهُ.
15حَقّاً أَنْتَ هُوَ إِلَهٌ
يَحْجِبُ نَفْسَهُ، إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الْمُخَلِّصُ. 16لَقَدْ خَزُوا
وَخَجِلُوا جَمِيعُهُمْ، وَمَضَى صَانِعُو الأَصْنَامِ وَهُمْ يَجُرُّونَ
أَذْيَالَ الْعَارِ. 17أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَقَدْ خَلَّصَهُ الرَّبُّ
بِخَلاَصٍ أَبَدِيٍّ، وَلَنْ يَلْحَقَكُمْ عَارٌ أَوْ خِزْيٌ مَدَى
الدُّهُورِ، 18لأَنَّ هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ،
«إِنَّهُ اللهُ مَكَوِّنُ الأَرْضِ وَصَانِعُهَا، وَمُرْسِي قَوَاعِدِهَا:
لَمْ يَخْلُقْهَا لِتَكُونَ خَوَاءً، بَلْ لِتُصْبِحَ آهِلَةً
بِسُكَّانِهَا. أَنَا هُوَ الرَّبُّ وَلَيْسَ هُنَاكَ آخَرُ. 19لَمْ
أَتَكَلَّمْ خِفْيَةً بِكَلاَمِي فِي أَرْضِ الْظُّلْمَةِ، وَلَمْ أَطْلُبْ
مِنْ ذُرِّيَّةِ يَعْقُوبَ أَنْ يَلْتَمِسُونِي بَاطِلاً. أَنَا الرَّبُّ
النَّاطِقُ بِالْحَقِّ، أُعْلِنُ مَا هُوَ صِدْقٌ.
20اجْتَمِعُوا وَتَعَالَوْا.
اقْتَرِبُوا مَعاً أَيُّهَا النَّاجُونَ مِنَ الأُمَمِ، فَإِنَّ
الْجُهَّالَ وَحْدَهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الأَصْنَامَ
الْخَشَبِيَّةَ وَيُوَاظِبُونَ عَلَى الصَّلاَةِ ِلإِلَهٍ لاَ يُخَلِّصُ.
21أَعْلِنُوا، وَاعْرِضُوا دَعْوَاكُمْ. لِيَتَشَاوَرُوا مَعاً. مَنْ
أَنْبَأَ بِهَذَا مُنْذُ الْقِدَمِ، وَمَنْ أَخْبَرَ بِهِ مِنْ زَمَنٍ
بَعِيدٍ؟ أَلَسْتُ أَنَا الرَّبُّ وَلاَ إِلَهَ غَيْرِي؟ بَارٌّ
وَمُخَلِّصٌ، وَلَيْسَ هُنَاكَ آخَرُ. 22الْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا
يَاجَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيسَ هُنَاكَ آخَرُ.
23لَقَدْ أَقْسَمْتُ بِذَاتِي، وَخَرَجَتْ مِنْ فَمِي، بِكُلِّ صِدْقٍ،
كَلِمَةٌ لاَ تُنْقَضُ: إِنَّهُ سَتَجْثُو لِي كُلُّ رُكْبَةٍ وَيُقْسِمُ
بِي كُلُّ لِسَانٍ. 24وَيَقُولُونَ عَنِّي: إِنَّمَا بِالرَّبِّ وَحْدَهُ
الْبِرُّ وَالْقُوَّةُ، وَكُلُّ مَنْ يَغْتَاظُ مِنْه يَأْتِي إِلَى
الرَّبِّ وَيَخْزَى. 25أَمَّا ذُرِّيَّةُ إِسْرَائِيلَ فَبِالرَّبِّ
يَتَبَرَّرُونَ وَبِهِ يَزْهُوْنَ.
فصل
46
الرب وأصنام بابل
قَدْ خَرَّ وَانْحَنَى بِيلُ
وَنَبُو إِلَهَا بَابِلَ وَحَمَّلُوا تَمَاثِيلَهُمَا عَلَى الْحَمِيرِ
الْمُرْهَقَةِ الَّتِي نَاءَتْ بِأَثْقَالِهَا. 2سَقَطَتْ جَمِيعُهَا
وَعَجَزَتْ عَنْ حِمَايَةِ نَفْسِهَا بَلْ أُخِذَتْ هِيَ نَفْسُهَا إِلَى
السَّبْيِ مَعَ المَأْسُورِينَ.
3اصْغُوا إِلَيَّ يَابَيْتَ
يَعْقُوبَ، وَيَابَقِيَّةَ ذُرِّيَّةِ إِسْرائِيلَ الَّذِينَ حَمَلْتُهُمْ
مُنْذُ أَنْ حُبِلَ بِهِمْ، وَتَكَفَّلْتُ بِهِمْ مُنْذُ مَوْلِدِهِمْ،
4وَبَقِيتُ أَنَا أَنَا حَتَّى زَمَنِ شَيْخُوخَتِكُمْ، وَحَمَلْتُكُمْ فِي
مَشِيبِكُمْ. أَنَا صَنَعْتُكُمْ، لِذَلِكَ أَنَا أَحْمِلُكُمْ،
وأَخَلِّصُكُمْ. 5بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُعَادِلُونَنِي
وَتُقَارِنُونَنِي حَتَّى نَكُونَ مُتَمَاثِلَيْنِ؟
6هَلْ بِالَّذِينَ
يُفْرِغُونَ الذَّهَبَ مِنَ الْكِيسِ وَيَزِنُونَ الْفِضَّةَ
بِالْمِيزَانِ، وَيَسْتَأْجِرُونَ صَائِغاً لِيَسْبُكَهَا إِلَهاً،
وَيَخُرُّونَ لَهَا سَاجِدِينَ؟ 7يَرْفَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِهِمْ
وَيَنْقُلُونَهَا لِيَنْصِبُوهَا فِي مَوْضِعِهَا حَيْثُ تَسْتَقِرُّ
هُنَاكَ لاَ تَبْرَحُ مِنْ مَكَانِهَا، وَإِنِ اسْتَغَاثَ بِهَا أَحَدٌ لاَ
تَسْتَجِيبُ وَلاَ تُنَجِّيهِ مِنْ مِحْنَتِهِ؟
8اذْكُرُوا هَذَا
وَاتَّعِظُوا. انْقُشُوهُ فِي أَذْهَانِكُمْ يَاعُصَاةُ! 9تَذَكَّرُوا
الأُمُورَ الْغَابِرَةَ الْقَدِيمَةَ لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ.
10وَقَدْ أَنْبَأْتُ بِالنِّهَايَةِ مُنْذُ الْبَدْءِ، وَأَخْبَرْتُ مِنَ
الْقِدَمِ بِأُمُورٍ لَمْ تَكُنْ قَدْ حَدَثَتْ بَعْدُ، قَائِلاً:
مَقَاصِدِي لاَبُدَّ أَنْ تَتِمَّ، وَمَشِيئَتِي لاَبُدَّ أَنْ
تَتَحَقَّقَ. 11أَدْعُو مِنَ الْمَشْرِقِ الطَّائِرَ الْجَارِحَ، وَمِنَ
الأَرْضِ الْبَعِيدَةِ رَجُلَ مَشُورَتِي. قَدْ نَطَقْتُ بِقَضَائِي
وَلاَبُدَّ أَنْ أُجْرِيَهُ، وَمَا رَسَمْتُهُ مِنْ خِطَّةٍ لاَبُدَّ أَنْ
أُنَفِّذَهُ.
12أَصْغُوا إِلَيَّ
يَاغِلاَظَ الْقُلُوبِ أَيُّهَا الْبَعِيدُونَ عَنِ الْبِرِّ، 13لَقَدْ
جَعَلْتُ أَوَانَ بِرِّي قَرِيباً. لَمْ يَعُدْ بَعِيداً، وَخَلاَصِي لاَ
يُبْطِيءُ. سَأَجْعَلُ خَلاَصاً فِي صِهْيَوْنَ، وَفِي إِسْرَائِيلَ
مَجْدِي.
فصل
47
سقوط بابل
انْزِلِي وَاجْلِسِي عَلَى
التُّرَابِ أَيَّتُهَا الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ بَابِلَ. اجْلِسِي عَلَى
الأَرْضِ لاَ عَلَى الْعَرْشِ يَاابْنَةَ الْكَلْدَانِيِّينَ، لأَنَّكِ
لَنْ تُدْعَيْ مِنْ بَعْدُ النَّاعِمَةَ الْمُتَرَفِّهَةَ. 2خُذِي حَجَرَيِ
الرَّحَى وَاطْحَنِي الدَّقِيقَ. اكْشِفِي نِقَابَكِ، وَشَمِّرِي عَنِ
الذَّيْلِ، وَاكْشِفِي عَنِ السَّاقِ، وَاعْبُرِي الأَنْهَارَ، 3فَيَظَلَّ
عُرْيُكِ مَكْشُوفاً وَعَارُكِ ظَاهِراً، فَإِنِّي أَنْتَقِمُ وَلاَ
أَعْفُو عَنْ أَحَدٍ. 4إِنَّ فَادِينَا، الرَّبَّ الْقَدِيرَ اسْمَهُ، هُوَ
قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ. 5اجْلِسِي صَامِتَةً وَأَوْغِلِي فِي الظَّلاَمِ
يَاابْنَةَ الْكَلْدَانِيِّينَ، لأَنَّكِ لَنْ تُدْعَيْ بَعْدُ سَيِّدَةَ
الْمَمَالِكِ.
6قَدْ سَخِطْتُ عَلَى
شَعْبِي وَنَجَّسْتُ مِيرَاثِي. أَسْلَمْتُهُمْ إِلَى يَدَيْكِ، فَلَمْ
تُبْدِي نَحْوَهُمْ رَحْمَةً بَلْ أَرْهَقْتِ الشَّيْخَ بِنِيرِكِ
الثَّقِيلِ جِدّاً. 7وَقُلْتِ: سَأَظَلُّ السَّيِّدَةَ إِلَى الأَبَدِ.
لِذَلِكَ لَمْ تُفَكِّرِي بِهَذِهِ الأُمُورِ فِي نَفْسِكِ وَلاَ
تَأَمَّلْتِ بِمَا تَؤُولُ إِلَيْهِ. 8فَالآنَ اسْمَعِي هَذَا أَيَّتُهَا
الْمُتَرَفِّهَةُ الْمُتَنَعِّمَةُ الْمُطْمَئِنَّةُ، الْقَائِلَةُ فِي
قَلْبِهَا: أَنَا وَحْدِي وَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْرِي، لَنْ أَعْرِفَ
التَّرَمُّلَ وَلَنْ أُثْكَلَ 9لِذَلِكَ سَتُبْتَلِينَ بِكِلاَ
الأَمْرَيْنِ مَعاً فِي لَحْظَةٍ، فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، إِذْ تُثْكَلِينَ
وَتَتَرَمَّلِينَ حَتَّى النِّهَايَةِ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ كَثْرَةِ
سِحْرِكِ وَقُوَّةِ رُقَاكِ. 10قَدْ تَوَلَّتْكِ طُمَأْنِينَةٌ فِي
شَرِّكِ، وَقُلْتِ: لاَ يَرَانِي أَحَدٌ وَلَكِنَّ حِكْمَتَكِ
وَمَعْرِفَتَكِ أَضَلاَّكِ، فَقُلْتِ فِي نَفْسِكِ: أَنَا وَحْدِي،
وَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْرِي. 11سَيَدْهَمُكِ شَرٌّ لاَ تَدْرِينَ كَيْفَ
تَدْفَعِينَهُ عَنْكِ، وَتُبَاغِتُكِ دَاهِيَةٌ تَعْجَزِينَ عَنِ
التَّكْفِيرِ عَنْهَا، وَيُفَاجِئُكِ خَرَابٌ لاَ تَتَوَقَّعِينَهُ.
12تَشَبَّثِي بِرُقَاكِ
وَكَثْرَةِ سِحْرِكِ الَّتِي تَعِبْتِ فِيهَا مُنْذُ صِبَاكِ، فَقَدْ
يُحَالِفُكِ النَّجَاحُ أَوْ تُثِيرِينَ الرُّعْبَ. 13لَقَدْ ضَعُفْتِ مِنْ
كَثْرَةِ طَلَبِ الْمَشُورَةِ، فَادْعِي الْمُنَجِّمِينَ وَالْفَلَكِيِّينَ
لِيَكْشِفُوا لَكِ طَوَالِعَ الْمُسْتَقْبَلِ وَيُنْقِذُوكِ مِمَّا يَأْتِي
عَلَيْكِ. 14غَيْرَ أَنَّهُمْ أَنْفُسَهُمْ أَصْبَحُوا كَالهَشِيمِ الَّذِي
تَلْتَهِمُهُ النَّارُ عَاجِزِينَ عَنْ إِنْقَاذِ أَنْفُسِهِمْ
وَإِنْقَاذِكِ مِنْ شِدَّةِ اللَّهَبِ المُحْرِقِ، فَلاَ هُوَ جَمْرٌ
لِلاسْتِدْفَاءِ وَلاَ هِيَ نَارٌ لِلْجُلُوسِ حَوْلَهَا. 15هَكَذَا
يَجْرِي عَلَى الَّذِينَ تَعِبْتِ فِيهِمْ وَتَاجَرُوا مَعَكِ مُنْذُ
صِبَاكِ، قَدْ شَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي طَرِيقِهِ وَلَيْسَ مَنْ
يُنْقِذُكِ.
فصل 48
إسرائيل المتمردة
اسْمَعُوا هَذَا يَابَيْتَ
يَعْقُوبَ الْمَدْعُوِّينَ بِاسْمِ إِسْرَائِيلَ الْخَارِجِينَ مِنْ صُلْبِ
يَهُوذَا، الْحَالِفِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ، الْمُسْتَشْهِدِينَ بِإِلَهِ
إِسْرَائِيلَ بَاطِلاً وَكَذِباً 2الَّذِينَ يَدْعُونَ أَنْفُسَهُمْ أَهْلَ
الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَيَعْتَمِدُونَ عَلَى إِلَهِ إِسْرَائِيلَ،
الرَّبِّ الْقَدِيرِ: 3قَدْ أَنْبَأْتُ بِالأُمُورِ الْغَابِرَةِ مُنْذُ
الْقِدَمِ، نَطَقْتُ بِهَا وَأَذَعْتُهَا، ثُمَّ فَجْأَةً صَنَعْتُهَا
وَأَتْمَمْتُهَا 4لأَنِّي عَالِمٌ بِعِنَادِكَ، وَأَنَّ رَقَبَتَكَ ذَاتُ
عَضَلٍ مِنْ حَدِيدٍ وَجَبْهَتَكَ مِنْ نُحَاسٍ. 5لِهَذَا أَنْبَأْتُ بِهَا
مُنْذُ الْقِدَمِ وَأَعْلَنْتُهَا لَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَحَقَّقَ،
لِئَلاَّ تَقُولَ: إِنَّ وَثَنِي قَدْ صَنَعَهَا، وَتِمْثَالِي
الْمَنْحُوتَ وَإِلَهِي الْمَسْبُوكَ قَدَ قَضَى بِهَا. 6قَدْ سَمِعْتَ،
فَتَأَمَّلْ فِيهَا كُلِّهَا، أَلاَ تُقِرُّ بِهَا؟ مُنْذُ الآنَ
وَصَاعِداً سَأُطْلِعُكَ عَلَى أُمُورٍ جَدِيدَةٍ، عَلَى أَسْرَارٍ لَمْ
تَعْرِفْهَا مِنْ قَبْلُ. 7قَدْ خُلِقَتِ الآنَ وَلَيْسَ مُنْذُ زَمَنٍ
بَعِيدٍ، لَمْ تَسْمَعْ بِهَا قَطُّ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ، لِئَلاَّ
تَقُولَ: كُنْتُ أَعْرِفُهَا. 8أَنْتَ لَمْ تَسْمَعْ قَطُّ وَلَمْ تَعْرِفْ
أَبَداً، فَمُنْذُ الْقِدَمِ لَمْ تَنْفَتِحْ أُذُنَاكَ، لأَنِّي عَرَفْتُ
أَنَّكَ تَتَصَرَّفُ بِغَدْرٍ، وَمُنْذُ مَوْلِدِكَ دُعِيتَ مُتَمَرِّداً
9وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ اسْمِي أُبَطِّيءُ غَضَبِي، وَأَكْبَحُهُ عَنْكَ
مِنْ أَجْلِ حَمْدِي حَتَّى لاَ أَسْتَأْصِلَكَ. 10نَقَّيْتُكَ وَلَيْسَ
كَالْفِضَّةِ وَامْتَحَنْتُكَ فِي كُورِ الأَلَمِ. 11قَدْ فَعَلْتُ هَذَا
مِنْ أَجْلِ ذَاتِي، نَعَمْ مِنْ أَجْلِ ذَاتِي إِذْ كَيْفَ يُدَنَّسُ
اسْمِي؟ أَنَا لاَ أُعْطِي مَجْدِي لِآخَرَ.
الوعد بخراب بابل
12اسْمَعْ لِي يَايَعْقُوبُ،
وَيَاإِسْرَائِيلُ الَّذِي دَعَوْتُهُ. أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ.
13قَدْ أَرْسَتْ يَدِي قَوَاعِدَ الأَرْضِ، وَبَسَطَتْ يَمِينِي
السَّمَاوَاتِ، أَدْعُوهُنَّ فَيَمْثُلْنَ مَعاً. 14اجْتَمِعُوا كُلُّكُمْ
وَأَنْصِتُوا: مَنْ مِنْ بَيْنِ الأَصْنَامِ أَنْبَأَ بِهَذِهِ؟ إِنَّ
الرَّبَّ أَحَبَّ كُورُشَ، وَهُوَ يُنَفِّذُ قَضَاءَهُ عَلَى بَابِلَ
وَيَكُونُ ذِرَاعُهُ عَلَى الْكَلْدَانِيِّينَ. 15لَقَدْ دَعَوْتُ أَنَا
بِذَاتِي (كُورُشَ) وَعَهِدْتُ إِلَيْهِ بِمَا أُرِيدُ، وَسَأُكَلِّلُ
أَعْمَالَهُ بِالْنَّجَاحِ 16اقْتَرِبُوا مِنِّي وَاسْمَعُوا: مُنْذُ
الْبَدْءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ خُفْيَةً، وَلَدَى حُدُوثِهَا كُنْتُ حَاضِراً
هُنَاكَ. وَالآنَ، قَدْ أَرْسَلَنِي السَّيِّدُ الرَّبُّ وَرُوحُهُ
بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ:
17هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ فَادِيكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا هُوَ الرَّبُّ إِلَهُكَ
الَّذِي يُعَلِّمُكَ مَا فِيهِ نَفْعٌ لَكَ، وَيَهْدِيكَ فِي النَّهْجِ
الَّذِي عَلَيْكَ أَنْ تَسْلُكَهُ. 18لَيْتَكَ أَطَعْتَ وَصَايَايَ لَكَانَ
سَلاَمُكَ كَالنَّهْرِ، وَبِرُّكَ كَأَمْوَاجِ الْبَحْرِ، 19وَلَكَانَتْ
ذُرِّيَّتُكَ كَالرَّمْلِ، وَنَسْلُ أَحْشَائِكَ كَعَدَدِ حَبَّاتِهِ،
فَلاَ يُسْتَأْصَلُ أَوْ يَنْقَرِضُ اسْمُهُ مِنْ أَمَامِي.
20اكْسِرُوا أَغْلاَلَ
الأَسْرِ. ارْحَلُوا عَنْ بَابِلَ. ارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْغِنَاءِ
حَتَّى يَذِيعَ فِي أَرْجَاءِ الدُّنْيَا أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَدَى
عَبْدَهُ يَعْقُوبَ. 21لَمْ يَعْطَشُوا عِنْدَمَا اجْتَازَ بِهِمْ عَبْرَ
الصَّحْرَاءِ. فَجَّرَ لَهُمُ الْمِيَاهَ مِنَ الصَّخْرِ. شَقَّهُ
فَتَدَفَّقَتْ مِنْهُ الْمِيَاهُ. 22أَمَّا الأَشْرَارُ فَلاَ سَلاَمَ
لَهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.
فصل
49
دعوة خادم الرب ومهمته
أنْصِتِي إِلَيَّ أَيَّتُهَا
الْجَزَائِرُ، وَاصْغَوْا يَاشُعُوبَ الْبِلاَدِ الْبَعِيدَةِ: قَدْ
دَعَانِي الرَّبُّ وَأَنَا مَازِلْتُ جَنِيناً، وَذَكَرَ اسْمِي وَأَنَا
مَا بَرِحْتُ فِي رَحِمِ أُمِّي. 2جَعَلَ فَمِي كَسَيْفٍ قَاطِعٍ،
وَوَارَانِي فِي ظِلِّ يَدَيْهِ؛ صَنَعَ مِنِّي سَهْماً مَسْنُوناً
وَأَخْفَانِي فِي جَعْبَتِهِ، 3وَقَالَ لِي: «أَنْتَ عَبْدِي إِسْرَائِيلُ
الَّذِي بِهِ أَتَمَجَّدُ 4وَلَكِنَّنِي أَجَبْتُ: لَقَدْ تَعِبْتُ
بَاطِلاً. وَأَفْنَيْتُ قُوَّتِي سُدًى وَعَبَثاً. غَيْرَ أَنَّ حَقِّي
مَحْفُوظٌ عِنْدَ الرَّبِّ، وَمَكَافَأَتِي عِنْدَ إِلَهِي.
5وَالآنَ قَالَ لِيَ
الرَّبُّ الَّذِي كَوَّنَنِي فِي رَحِمِ أُمِّي لأَكُونَ لَهُ خَادِماً،
حَتَّى أَرُدَّ ذُرِّيَّةَ يَعْقُوبَ إِلَيْهِ، فَيَجْتَمِعَ بَنُو
إِسْرَائِيلَ حَوْلَهُ، فَأَتَمَجَّدَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَيَكُونَ
إِلَهِي قُوَّتِي: 6لَكَمْ هُوَ يَسِيرٌ أَنْ تَكُونَ لِي عَبْداً
لِتَسْتَنْهِضَ أَسْبَاطَ يَعْقُوبَ، وَتَرُدَّ مَنْ نَجَّيْتُ مِنَ
إِسْرَائِيلَ، لِذَلِكَ سَأَجْعَلُكَ نُوراً لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي
إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. 7وَهَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ فَادِي
إِسْرَائِيلَ وَقُدُّوسُهُ لِمَنْ صَارَ مُحْتَقَراً وَمَرْذُولاً لَدَى
الأُمَمِ وَعَبْداً لِلْمُتَسَلِّطِينَ: يَرَاكَ الْمُلُوكُ وَيَنْهَضُونَ،
وَيَسْجُدُ لَكَ الرُّؤَسَاءُ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ الأَمِينِ، قُدُّوسِ
إِسْرَائِيلَ الَّذِي اصْطَفَاكَ.
8وَهَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ: «اسْتَجَبْتُكَ فِي وَقْتِ رِضًى، وَفِي يَوْمِ خَلاَصِي
أَعَنْتُكَ فَأَحْفَظُكَ وَأُعْطِيكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ لَتَسْتَرِدَّ
الأَرْضَ وَتُوَرِّثَ الأَمْلاَكَ الَّتِي دَاهَمَهَا الدَّمَارُ،
9لِتَقُولَ لِلأَسْرَى: اخْرُجُوا،
وَلِلَّذِينَ فِي
الظُّلْمَةِ اظْهَرُوا، فَيَرْعَوْنَ فِي الطُّرُقَاتِ وَتُصْبِحُ
الرَّوَابِي الْجَرْدَاءُ مَرَاعِيَ لَهُمْ. 10لاَ يَجُوعُونَ وَلاَ
يَعْطَشُونَ، وَلاَ يُعْيِيهُمْ لَهِيبُ الصَّحْرَاءِ وَلاَ لَفْحُ
الشَّمْسِ، لأَنَّ رَاحِمَهُمْ يَهْدِيهِمْ وَيَقُودُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ
الْمِيَاهِ. 11وَأَجْعَلُ كُلَّ جِبَالِي سَبِيلاً، وَطُرُقِي تَرْتَفِعُ.
12انْظُرُوا، هَا هُمْ يُقْبِلُونَ مِنْ دِيَارٍ بَعِيدَةٍ، هَؤُلاَءِ مِنَ
الشَّمَالِ وَالْغَرْبِ، وَهَؤُلاَءِ مِنْ أَرْضِ سِينِيمَ. 13فَاهْتِفِي
فَرَحاً أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ، وَابْتَهِجِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ،
وَأَشِيدِي بِالتَّرْنِيمِ أَيَّتُهَا الْجِبَالُ، لأَنَّ الرَّبَّ عَزَّى
شَعْبَهُ وَرَأَفَ بِبَائِسِيهِ.
تأكيد محبة الرب
14«لَكِنَّ أَهْلَ
صِهْيَوْنَ قَالُوا: لَقَدْ أَهْمَلَنَا الرَّبُّ وَنَسِيَنَا. 15هَلْ
تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا وَلاَ تَرْحَمُ ابْنَ أَحْشَائِهَا؟ حَتَّى
هَؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، أَمَّا أَنَا فَلاَ أَنْسَاكُمْ. 16انْظُرُوا هَا
أَنَا قَدْ نَقَشْتُكِ يَاصِهْيَوْنُ عَلَى كَفِّي، وَأَسْوَارُكِ لاَ
تَبْرَحُ مِنْ أَمَامِي. 17أَسْرَعَ إِلَيْكِ أَوْلاَدُكِ بَنَّاؤُوكِ،
وَفَارَقَكِ هَادِمُوكِ وَمُخَرِّبُوكِ. 18ارْفَعِي عَيْنَيْكِ
وَتَلَفَّتِي حَوْلَكِ وَانْظُرِي، فَقَدِ اجْتَمَعَ أَبْنَاؤُكِ
وَتَوَافَدُوا إِلَيْكِ. حَيٌّ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ، فَإِنَّكِ
سَتَتَزَيَّنِينَ بِهِمْ كَالْحُلِيِّ وَتَتَقَلَّدِينَهُمْ كَعَرُوسٍ
19وَتَعِجُّ أَرْضُكِ الْخَرِبَةُ وَدِيَارُكِ الْمُتَهَدِّمَةُ،
وَمَنَاطِقُكِ الْمُدَمَّرَةُ بِالسُّكَّانِ حَتَّى تَضِيقَ بِهِمْ،
وَيَبْتَعِدَ عَنْكِ مُبْتَلِعُوكِ. 20وَيَقُولُ أَيْضاً فِي مَسَامِعِكِ
بَنُوكِ الْمَوْلُودُونَ فِي أَثْنَاءِ ثُكْلِكِ: إِنَّ الْمَكَانَ
أَضْيَقُ مِنْ أَنْ يَسَعَنَا، فَأَفْسِحِي لَنَا حَتَّى نَسْكُنَ.
21فَتَسْأَلِينَ نَفْسَكِ: مَنْ أَنْجَبَ لِي هَؤُلاَءِ وَأَنَا ثَكْلَى
وَعَاقِرٌ، مَنْفِيَّةٌ وَمَنْبُوذَةٌ؟ مَنْ رَبَّى لِي هَؤُلاَءِ؟ فَقَدْ
تُرِكْتُ وَحْدِي، أَمَّا هَؤُلاَءِ فَمِنْ أَيْنَ جَاءُوا؟
22وَهَذَا مَا يَقُولُهُ
السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا أَنَا أَرْفَعُ يَدِي إِلَى الأُمَمِ وَأَنْصِبُ
رَايَتِي إِلَى الشُّعُوبِ، فَيَحْمِلُونَ أَبْنَاءَكِ فِي أَحْضَانِهِمْ
وَبَنَاتِكِ عَلَى أَكْتَافِهِمْ. 23يَكُونُ لَكِ الْمُلُوكُ آبَاءَ
مُرَبِّينَ، وَمَلِكَاتُهُمْ مُرْضِعَاتٍ، يَنْحَنُونَ أَمَامَكِ بِوُجُوهٍ
مُطْرِقَةٍ إِلَى الأَرْضِ، وَيَلْحَسُونَ تُرَابَ قَدَمَيْكِ. عِنْدَئِذٍ
تُدْرِكِينَ أَنَّنِي أَنَا الرَّبُّ، وَكُلُّ مَنْ يَتَّكِلُ عَلَيَّ لاَ
يَخْزَى».
24هَلْ تُسْلَبُ
الْغَنِيمَةُ مِنَ الْمُحَارِبِ الْجَبَّارِ؟ أَوْ يُفْلِتُ الأَسْرَى مِنْ
قَبْضَةِ الْغَالِبِ؟ 25نَعَمْ سَبْيُ الْجَبَّارِ يُسْلَبُ مِنْهُ،
وَتُسْتَرَدُّ الْغَنِيمَةُ مِنَ الْغَالِبِ، لأَنَّنِي أُخَاصِمُ
مُخَاصِمِيكِ وَأُنْقِذُ أَبْنَاءَكِ، 26وَأَجْعَلُ مُضْطَهِدِيكِ
يَلْتَهِمُونَ لُحُومَ أَجْسَادِهِمْ، وَيَسْكَرُونَ بِدَمِهِمْ كَمَنْ
يَشْرَبُ خَمْراً. عِنْدَئِذٍ يُدْرِكُ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَنَّنِي أَنَا
الرَّبُّ مُخَلِّصُكِ وَفَادِيكِ إِلَهُ يَعْقُوبَ الْقَدِيرُ.
فصل
50
الخطيئة تفصل عن الله
هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ: أَيْنَ كِتَابُ طَلاَقِ أُمِّكُمُ الَّذِي طَلَّقْتُهَا بِهِ؟
لِمَنْ مِنْ دَائِنِيَّ بِعْتُكُمْ؟ إِنَّمَا مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِكُمْ قَدْ
تَمَّ بَيْعُكُمْ، وَمِنْ جَرَّاءِ خَطَايَاكُمْ قَدْ طُلِّقَتْ أُمُّكُمْ.
2فَمَالِي إِذاً حِينَ أَتَيْتُ لَمْ أَجِدْ أَحَداً؟ نَادَيْتُ وَلاَ مِنْ
مُجِيبٍ؟ هَلْ قَصَرَتْ يَدِي عَنِ الْفِدَاءِ؟ أَمْ لَمْ تَعُدْ لِي
طَاقَةٌ عَلَى الإِنْقَاذِ؟ هَا أَنَا بِزَجْرَتِي أُجَفِّفُ الْبَحْرَ
وَأُحَوِّلُ الأَنْهَارَ إِلَى صَحْرَاءَ يُنْتِنُ سَمَكُهَا لِخُلُوِّهَا
مِنَ الْمَاءِ، فَيَمُوتُ مِنَ الْعَطَشِ. 3أُغَلِّفُ السَّمَاوَاتِ
بالظُّلْمَةِ وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءً لَهَا.
4السَّيِّدُ الرَّبُّ
وَهَبَنِي مَنْطِقَ الْعُلَمَاءِ لأَعْرِفَ كَيْفَ أُغِيثُ الْمُتْعَبَ
بِكَلِمَةٍ، يُنَبِّهُنِي فِي كُلِّ صَبَاحٍ، وَيُرْهِفُ أُذُنِي حَتَّى
أَسْمَعَ بِانْتِبَاهِ الْمُتَعَلِّمِينَ. 5قَدْ فَتَحَ السَّيِّدُ
الرَّبُّ أُذُنِي فَلَمْ أُعَانِدْ أَوْ أَتَرَاجَعْ إِلَى الْوَرَاءِ
6بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ، وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ، وَلَمْ
أَحْجُبْ وَجْهِي عَنِ الإِهَانَةِ وَالْبَصْقِ.
7لأَنَّ السَّيِّدَ الرَّبَّ
يُغِيثُنِي فَلاَ أَخْزَى، لِذَلِكَ جَعَلْتُ وَجْهِي كَالصَّوَّانِ،
لأَنِّي عَالِمٌ أَنَّنِي لَنْ أَخْزَى. 8إِنَّ مُنْصِفِي قَرِيبٌ، فَمَنْ
إِذاً يُخَاصِمُنِي؟ فَلْنَمْثُلْ مَعاً. مَنْ هُوَ خَصْمِي؟
فَلْيَتَقَدَّمْ مِنِّي. 9انْظُرُوا، هَا السَّيِّدُ الرَّبُّ يُغِيثُنِي
فَمَنْ يَسْتَذْنِبُنِي؟ هَا هُمْ جَمِيعاً كَثَوْبٍ يَبْلَوْنَ
وَيَأْكُلُهُمُ الْعُثُّ.
10مَنْ مِنْكُمْ يَتَّقِي
الرَّبَّ وَيُطِيعُ صَوْتَ خَادِمِهِ؟ مَنِ الَّذِي يَسْلُكُ فِي
الظُّلْمَةِ مِنْ غَيْرِ نُورٍ؟ فَلْيَتَّكِلْ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ
وَيَعْتَمِدْ عَلَى إِلَهِهِ. 11انْظُرُوا، يَاجَمِيعَ مُوْقِدِي النَّارِ،
الَّذِينَ يُضِيئُونَ لأَنْفُسِهِمْ مَشَاعِلَ، سِيرُوا فِي نُورِ
نِيرَانِكُمْ، وَعَلَى وَهْجِ مَشَاعِلِكُمُ الَّتِي أَوْقَدْتُمُوهَا،
وَهَذَا مَا تَنَالُونَهُ مِنْ يَدِي؛ تَضْطَجِعُونَ وَأَنْتُمْ
تَتَضَوَّرُونَ مِنَ الأَلَمِ.
فصل 51
التشجيع على الثقة بالله
اسْمَعُوا لِي
يَامُلْتَمِسِي الْبِرِّ، السَّاعِينَ وَرَاءَ الرَّبِّ: تَلَفَّتُوا إِلَى
الصَّخْرِ الَّذِي مِنْهُ نُحِتُّمْ، وَإِلَى الْمَحْجَرِ الَّذِي مِنْهُ
اقْتُلِعْتُمْ. 2انْظُرُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَبِيكُمْ وَإِلَى سَارَةَ
الَّتِي أَنْجَبَتْكُمْ، فَقَدْ دَعَوْتُهُ حِينَ كَانَ فَرْداً وَاحِداً
وَبَارَكْتُهُ وَأَكْثَرْتُهُ. 3الرَّبُّ يُعَزِّي صِهْيَوْنَ وَيُعَزِّي
خَرَائِبَهَا، وَيُحَوِّلُ قَفْرَهَا إِلَى عَدْنٍ وَصَحْرَ اءَهَا إِلَى
جَنَّةٍ رَائِعَةٍ، فَتَفِيضُ بِالْفَرَ حِ وَالْغِبْطَةِ وَالشُّكْرِ
وَهُتَافِ تَرْنِيمٍ.
4اسْمَعُوا لِي يَاشَعْبِي،
وَاصْغِي إِلَيَّ يَاأُمَّتِي، فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ تَصْدُرُ مِنِّي،
وَعَدْلِي يُصْبِحُ نُوراً لِلشُّعُوبِ. 5بِرِّي بَاتَ قَرِيباً،
وَتَجَلَّى خَلاَصِي، وَذِرَ اعَايَ تَقْضِيَانِ لِلشُّعُوبِ، وَإِيَّايَ
تَرْتَقِبُ الْجَزَائِرُ، وَتَنْتَظِرُ بِرَجَاءٍ ذِرَاعِي.
6ارْفَعُوا عُيُونَكُمْ
إِلَى السَّمَاوَاتِ وَتَفَرَّسُوا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، فَإِنَّ
السَمَاوَاتِ كَدُخَانٍ تَضْمَحِلُّ، وَالأَرْضَ كَثَوْبٍ تَبْلَى،
وَيَبِيدُ سُكَّانُهَا كَالذُّبَابِ. أَمَّا خَلاَصِي فَيَبْقَى إِلَى
الأَبَدِ، وِبِرِّي يَثْبُتُ مَدَى الدَّهْرِ. 7اسْتَمِعُوا إِلَيَّ
يَاعَارِفِي الْبِرِّ، أَيُّهَا الشَّعْبُ الَّذِي شَرِيعَتِي فِي
قُلُوبِكُمْ. لاَ تَخْشَوْا تَعْيِيرَ النَّاسِ وَلاَ تَرْتَعِبُوا مِنْ
شَتَائِمِهِمْ، 8لأَنَّ الْعُثَّ يَأْكُلُهُمْ كَثَوْبٍ، وَيَقْرِضُهُمُ
السُّوسُ كَالصُّوفِ، أَمَّا بِرِّي فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، وَخَلاَصِي
يَثْبُتُ مَدَى الدَّهْرِ. 9اسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي، تَسَرْبَلِي
بِالْقُوَّةِ يَاذِرَاعَ الرَّبِّ، اسْتَيْقِظِي كَالْعَهْدِ بِكِ فِي
الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ، وَفِي الأَجْيَالِ الْغَابِرَةِ. أَلَسْتِ أَنْتِ
الَّتِي مَزَّقْتِ رَهَبَ إِرْباً إِرْباً، وَطَعَنْتِ التِّنِّينَ؟
10أَلَسْتِ أَنْتِ الَّتِي جَفَّفْتِ الْبَحْرَ، وَمِيَاهَ اللُّجَجِ
الْعَمِيقَةِ، وَجَعَلْتِ أَعْمَاقَ الْبَحْرِ طَرِيقاً يَعْبُرُ فَوْقَهُ
الْمَفْدِيُّونَ؟ 11سَيَرْجِعُ الَّذِينَ افْتَدَاهُمُ الرَّبُّ
وَيَأْتُونَ إِلَى صِهْيَوْنَ بِتَرَنُّمٍ، يُكَلِّلُ رُؤُوسَهُمْ فَرَحٌ
أَبَدِيٌّ، فَتَطْغَى عَلَيْهِمْ بَهْجَةٌ وَغِبْطَةٌ، أَمَّا الْحُزْنُ
وَالتَّنَهُّدُ فَيَهْرُبَانِ بَعِيداً.
الله سيخلص شعبه
12أَنَا، أَنَا هُوَ
مُعَزِّيكُمْ، فَمَنْ أَنْتِ حَتَّى تَخْشَيْ إِنْسَاناً فَانِياً أَوْ
بَشَراً يَبِيدُونَ كَالْعُشْبِ؟ 13وَنَسِيتَ الرَّبَّ صَانِعَكَ، بَاسِطَ
السَّمَاوَاتِ وَمُرْسِي قَوَاعِدِ الأَرْضِ فَتَظَلُّ فِي رُعْبٍ دَائِمٍ
مِنْ غَضَبِ الْمُضَايِقِ حِينَ يُوَطِّدُ الْعَزْمَ عَلَى التَّدْمِيرِ؟
أَيْنَ هُوَ غَضَبُ الْمُضَايِقِ؟ 14عَمَّا قَرِيبٍ يُطْلَقُ سَرَاحُ
الْمُنْحَنِي فَلاَ يَمُوتُ فِي أَعْمَاقِ الْجُبِّ وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى
الْخُبْزِ.
15لأَنِّي أَنَا هُوَ
الرَّبُّ إِلَهُكَ الَّذِي يُهَيِّجُ الْبَحْرَ فَتَصْطَخِبُ أَمْوَاجُهُ،
الرَّبُّ الْقَدِيرُ اسْمُهُ. 16قَدْ وَضَعْتُ كَلاَمِي فِي فَمِكَ،
وَوَارَيْتُكَ فِي ظِلِّ يَدِي، لأُقِرَّ السَّمَاوَاتِ فِي مَوْضِعِهَا
وَأُرْسِي قَوَاعِدَ الأَرْضِ، وَأَقُولَ لِصِهْيَوْنَ: أَنْتِ شَعْبِي.
كأس غضب الله
17اسْتَيْقِظِي،
اسْتَيْقِظِي، انْهَضِي يَاأُورُشَلِيمُ، يَامَنْ تَجَرَّعَتْ مِنْ يَدِ
الرَّبِّ كَأْسَ غَضَبِهِ، يَامَنْ شَرِبَتْ ثُمَالَةَ كَأْسِ
التَّرَنُّحِ. 18لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَبْنَائِهَا الَّذِينَ أَنْجَبَتْهُمْ
مَنْ يَهْدِيهَا، وَلاَ مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِهَا مِنْ كُلِّ الْبَنِينَ
الَّذِينَ رَبَّتْهُمْ. 19لَقَدِ ابْتُلِيتِ بِهَاتَيْنِ الْمِحْنَتَيْنِ،
فَمَنْ يَرْثِي لَكِ: التَّدْمِيرِ وَالْخَرَابِ، وَالْمَجَاعَةِ
وَالسَّيْفِ، فَمَنْ يُعَزِّيكِ؟ 20قَدْ أَعْيَا أَبْنَاؤُكِ وَانْطَرَحُوا
عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ شَارِعٍ كَوَعْلٍ وَقَعَ فِي شَبَكَةٍ. امْتَلَأُوا
مِنْ غَضَبِ الرَّبِّ وَمِنْ زَجْرِ إِلَهِكِ.
21لِذَلِكَ اسْمَعِي هَذَا
أَيَّتُهَا الْمَنْكُوبَةُ، وَالسَّكْرَى وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ خَمْرٍ.
22هَذَا مَا يَقُولُهُ سَيِّدُكِ الرَّبُّ، إِلَهُكِ الَّذِي يُدَافِعُ
عَنْ دَعْوَى شَعْبِهِ: هَا أَنَا قَدْ أَخَذْتُ مِنْ يَدِكِ كَأْسَ
التَّرَنُّحِ، وَلَنْ تَجْرَعِي مِنْ كَأْسِ غَضَبِي بَعْدُ. 23وَأَضَعُهَا
فِي يَدِ مُعَذِّبِيكِ الَّذِينَ قَالُوا لَكِ: انْحَنِي حَتَّى نَدُوسَ
عَلَيْكِ عَابِرِينَ. فَجَعَلْتِ ظَهْرَكِ لَهُمْ أَرْضاً، وَطَرِيقاً
لَهُمْ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ.
فصل 52
نبوءة عن أُورشليم
اسْتَيْقِظيِ، اسْتَيْقِظِي
تَسَرْبَلِي بِقُوَّتِكِ يَاصِهْيَوْنُ، ارْتَدِي ثِيَابَ بَهَائِكِ
يَاأُورُشَلِيمُ، الْمَدِينَةُ الْمُقَدَّسَةُ، إِذْ لَنْ يَدْخُلَكِ
بَعْدَ الْيَوْمِ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ. 2انْفُضِي عَنْكِ الْغُبَارَ،
وَانْهَضِي وَاجْلِسِي وَفُكِّي عَنْ عُنُقِكِ الأَغْلاَلَ
يَاأُورُشَلِيمُ، أَيَّتُهَا الْمَسْبِيَّةُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ، 3لأَنَّ
هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: قَدْ تَمَّ بَيْعُكُمْ مَجَّاناً،
وَمَجَّاناً مِنْ غَيْرِ فِضَّةٍ تُفْدَوْنَ. 4قَدْ نَزَلَ شَعْبِي
أَوَّلاً إِلَى مِصْرَ لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ، ثُمَّ جَارَ عَلَيْهِ
الأَشُورِيُّونَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ. 5وَالآنَ مَاذَا لَدَيَّ هُنَاكَ؟
يَقُولُ الرَّبُّ، فَقَدْ اسْتُعْبِدَ شَعْبِي مَجَّاناً، صَاحَ عَلَيْهِ
الْمُتَسَلِّطُونَ سَاخِرِينَ، وَظَلُّوا يُجَدِّفُونَ عَلَى اسْمِي كُلَّ
يَوْمٍ. 6لِذَلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِي اسْمِي، وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ
يُدْرِكُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ الْمُتَكَلِّمُ، وَأَنِّي أَنَا هُنَا.
7مَا أَجْمَلَ عَلَى
الْجِبَالِ وَقْعَ قَدَمَيِ الْمُبَشِّرِ الَّذِي يُذِيعُ سَلاَماً
وَيَنْشُرُ بَشَائِرَ الْخَيْرِ، الْقَائِلِ لِصِهْيَوْنَ: قَدْ مَلَكَ
إِلَهُكِ! 8هَا رُقَبَاؤُكِ قَدْ رَفَعُوا صَوْتَهُمْ مَعاً وَشَدَوْا
بِفَرَحٍ، لأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عِيَاناً رُجُوعَ الرَّبِّ إِلَى
صِهْيَوْنَ. 9اهْتِفِي مُتَرَنِّمَةً يَاأَرْضَ أُورُشَلِيمَ الْخَرِبَةَ،
لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ عَزَّى شَعْبَهُ وَافْتَدَى أُورُشَلِيمَ. 10شَمَّرَ
الرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ الأُمَمِ، فَتَرَى
أَقَاصِي الأَرْضِ خَلاَصَ إِلَهِنَا.
11انْصَرِفُوا، انْصَرِفُوا
وَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَلاَ تَمَسُّوا نَجِساً. اخْرُجُوا مِنْ وَسَطِ
بَابِلَ، وَطَهِّرُوا أَنْفُسَكُمْ يَاحَامِلِي آنِيَةِ الرَّبِّ.
12لأَنَّكُمْ لَنْ تَخْرُجُوا مِنْ بَابِلَ فِي عَجَلَةٍ، وَلَنْ
تُغَادِرُوهَا هَارِبِينَ، لأَنَّ الرَّبَّ سَيَسِيرُ أَمَامَكُمْ،
وَإِلَهَ إِسْرَائِيلَ يَحْرُسُ مُؤُخَّرَةَ قَافِلَتِكُمْ. 13هَا هُوَ
عَبْدِي يُفْلِحُ، وَيَتَعَظَّمُ وَيَتَعَالَى وَيَتَسَامَى جِدّاً.
14وَكَمَا دُهِشَ مِنْهُ كَثِيرُونَ، إِذْ تَشَوَّهَ مَنْظَرُهُ أَكْثَرَ
مِنْ أَيِّ رَجُلٍ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي الْبَشَرِ،
15فَإِنَّهُ هَكَذَا يُذْهِلُ أُمَماً عَدِيدَةً فَيَكُمُّ مُلُوكٌ
أَفْوَاهَهُمْ أَمَامَهُ، إِذْ شَهِدُوا مَا لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ،
وَأَدْرَكُوا مَالَمْ يَسْمَعُوهُ.
فصل 53
عبد الرب المتألم
مَنْ آمَنَ بِكَلاَمِنَا،
وَلِمَنْ ظَهَرَتْ يَدُ الرَّبِّ؟ 2نَمَا كَبُرْعُمٍ أَمَامَهُ، وَكَجِذْرٍ
فِي أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ يَسْتَرْعِيَانِ
نَظَرَنَا، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. 3مُحْتَقَرٌ وَمَنْبُوذٌ مِنَ
النَّاسِ، رَجُلُ
آلاَمٍ وَمُخْتَبِرُ
الْحُزْنِ، مَخْذُولٌ كَمَنْ حَجَبَ النَّاسُ عَنْهُ وُجُوهَهُمْ فَلَمْ
نَأْبَهْ لَهُ.
4لَكِنَّهُ حَمَلَ
أَحْزَانَنَا وَتَحَمَّلَ أَوْجَاعَنَا، وَنَحْنُ حَسِبْنَا أَنَّ الرَّبَّ
قَدْ عَاقَبَهُ وَأَذَلَّهُ، 5إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مَجْرُوحاً مِنْ أَجْلِ
آثَامِنَا وَمَسْحُوقاً مِنْ أَجْلِ مَعَاصِينَا، حَلَّ بِهِ تَأْدِيبُ
سَلاَمِنَا، وَبِجِرَاحِهِ بَرِئْنَا. 6كُلُّنَا كَغَنَمٍ شَرَدْنَا
مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى سَبِيلِهِ، فَأَثْقَلَ الرَّبُّ كَاهِلَهُ
بِإِثْمِ جَمِيعِنَا. 7ظُلِمَ وَأُذِلَّ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ،
بَلْ كَشَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ
جَازِّيهَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8بِالضِّيقِ وَالْقَضَاءِ قُبِضَ
عَلَيْهِ، وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ اسْتُؤْصِلَ مِنْ
أَرْضِ الأَحْيَاءِ، وَضُرِبَ مِنْ أَجْلِ إِثْمِ شَعْبِي؟ 9جَعَلُوا
قَبْرَهُ مَعَ الأَشْرَارِ، وَمَعَ ثَرِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. مَعَ أَنَّهُ
لَمْ يَرْتَكِبْ جَوْراً، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ.
10وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ
سُرَّ اللهُ أَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. وَحِينَ يُقَدِّمُ نَفْسَهُ
ذَبِيحَةَ إِثْمٍ فَإِنَّهُ يَرَى نَسْلَهُ وَتَطُولُ أَيَّامُهُ،
وَتُفْلِحُ مَسَرَّةُ الرَّبِّ عَلَى يَدِهِ. 11وَيَرَى ثِمَارَ تَعَبِ
نَفْسِهِ وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ يُبَرِّرُ بِمَعْرِفَتِهِ
كَثِيرِينَ وَيَحْمِلُ آثَامَهُمْ. 12لِذَلِكَ أَهَبُهُ نَصِيباً بَيْنَ
الْعُظَمَاءِ، فَيَقْسِمُ غَنِيمَةً مَعَ الأَعِزَّاءِ، لأَنَّهُ سَكَبَ
لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ، وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. وَهُوَ حَمَلَ خَطِيئَةَ
كَثِيرِينَ، وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.
فصل 54
المجد الآتي
تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا
الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تُنْجِبْ، أَشِيدِي بِالتَّرَنُّمِ وَالْهُتَافِ
يَامَنْ لَمْ تُقَاسِي مِنَ الْمَخَاضِ، لأَنَّ أَبْنَاءَ
الْمُسْتَوْحِشَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَبْنَاءِ ذَاتِ الزَّوْجِ، يَقُولُ
الرَّبُّ. 2وَسِّعِي فَسْحَةَ خَيْمَتِكِ وَابْسُطِي سَتَائِرَ
مَسَاكِنِكِ، لاَ تُضَيِّقِي. أَطِيلِي حِبَالَ خَيْمَتِكِ وَرَسِّخِي
أَوْتَادَكِ، 3لأَنَّكِ سَتَمْتَدِّينَ يَمِيناً وَشَمَالاً، وَيَرِثُ
نَسْلُكِ أُمَماً وَيُعْمِرُونَ الْمُدُنَ الْخَرِبَةَ، 4لاَ تَجْزَعِي
لأَنَّكِ لَنْ تَخْزَيْ، وَلاَ تَخْجَلِي لأَنَّهُ لَنْ يَلْحَقَ بِكِ
عَارٌ، فَأَنْتِ سَتَنْسَيْنَ خِزْيَ صِبَاكِ، وَلَنْ تَذْكُرِي مِنْ
بَعْدُ عَارَ تَرَمُّلِكِ. 5لأَنَّ صَانِعَكِ هُوَ بَعْلُكِ، وَالرَّبُّ
الْقَدِيرُ اسْمُهُ، وَفَادِيكِ هُوَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي
يُدْعَى إِلَهَ كُلِّ الأَرْضِ. 6قَدْ دَعَاكِ الرَّبُّ كَزَوْجَةٍ
مَهْجُورَةٍ مَكْرُوبَةِ الرُّوحِ، كَزَوْجَةِ عَهْدِ الصِّبَا
الْمَنْبُوذَةِ، يَقُولُ الرَّبُّ. 7لَقَدْ هَجَرْتُكِ لَحْظَةً،
وَلَكِنِّي بِمَرَاحِمَ كَثِيرَةٍ أَجْمَعُكِ. 8فِي لَحْظَةِ غَضَبٍ
جَامِحٍ حَجَبْتُ وَجْهِي عَنْكِ، وَلَكِنِّي بِحُبٍّ أَبَدِيٍّ
أَرْحَمُكِ، يَقُولُ الرَّبُّ فَادِيكِ. 9لأَنَّ هَذَا الأَمْرَ نَظِيرُ
أَيَّامِ نُوحٍ، حِينَ أَقْسَمْتُ أَنْ لاَ تَعُودَ مِيَاهُ طُوفَانٍ
تَفِيضُ عَلَى الأَرْضِ، كَذَلِكَ أَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَغْضَبَ عَلَيْكِ
أَوْ أَزْجُرَكِ. 10إِنَّ الْجِبَالَ تَزُولُ وَالتِّلاَلَ تَتَزَحْزَحُ،
أَمَّا رَحْمَتِي الثَّابِتَةُ فَلاَ تُفَارِقُكِ، وَعَهْدُ سَلاَمِي لاَ
يَتَزَعْزَعُ، يَقُولُ الرَّبُّ رَاحِمُكِ.
11أَيَّتُهَا الْمَنْكُوبَةُ
وَغَيْرُ الْمُتَعَزِّيَةِ، الَّتِي اقْتَلَعَتْهَا الْعَاصِفَةُ، هَا
أَنَا أَبْنِي بِالأُثْمُدِ حِجَارَتَكِ، وَأُرْسِي أَسَاسَاتِكِ
بِالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ، 12وَأَصْنَعُ شُرَفَكِ مِنْ يَاقُوتٍ،
وَأَبْوَابَكِ مِنْ حِجَارَةِ بَهْرَمَانَ، وَكُلَّ أَسْوَارِكِ مِنْ
حِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ 13يَكُونُ جَمِيعُ أَبْنَائِكِ تَلاَمِيذَ الرَّبِّ،
وَيَعُمُّهُمْ سَلاَمٌ عَظِيمٌ. 14بِالْبِرِّ يَتِمُّ تَرْسِيخُكِ،
وَتَكُونِينَ بَعِيدَةً عَنْ كُلِّ ضِيقٍ فَلَنْ تَخَافِي، وَنَائِيَةً
عَنِ الرُّعْبِ لأَنَّهُ لَنْ يَقْتَرِبَ مِنْكِ. 15فَإِذَا حَشَدَ عَدُوٌّ
جُيُوشَهُ لِقِتَالِكُمْ،
فَلَنْ يَكُونَ ذَلِكِ
بِأَمْرٍ مِنِّي، لِهَذَا أَقْضِي عَلَى كُلِّ مَنْ يُعَادِيكُمْ
وَأَحْمِيكُمْ 16هَا أَنَا قَدْ خَلَقْتُ الْحَدَّادَ الَّذِي يَنْفُخُ
الْفَحْمَ فِي النَّارِ، وَيُخْرِجُ أَدَاةً يَعْمَلُ بِهَا، وَأَنَا
الَّذِي خَلَقْتُ الْمُهْلِكَ الْمُدَمِّرَ.
17لاَ يُحَالِفُ
التَّوْفِيقُ أَيَّ سِلاَحٍ صُنِعَ لِمُهَاجَمَتِكِ، وَكُلُّ لِسَانٍ
يَتَّهِمُكِ أَمَامَ الْقَضَاءِ تُفْحِمِينَهُ، لأَنَّ هَذَا هُوَ مِيرَاثُ
عَبِيدِ الرَّبِّ، وَبِرُّهُمُ الَّذِي أَنْعَمْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ»،
يَقُولُ الرَّبُّ.
فصل 55
الدعوة العظمى
تَعَالَوْا أَيُّهَا
الْعِطَاشُ جَمِيعاً إِلَى الْمِيَاهِ، وَهَلُمُّوا أَيُّهَا
الْمُعْدِمُونَ مِنَ الْفِضَّةِ، ابْتَاعُوا وَكُلُوا، ابْتَاعُوا خَمْراً
وَلَبَناً مَجَّاناً مِنْ غَيْرِ فِضَّةٍ. 2لِمَاذَا تُنْفِقُونَ
الْفِضَّةَ عَلَى مَا لَيْسَ بِخُبْزٍ، وَتَتْعَبُونَ لِغَيْرِ شَبَعٍ؟
أَحْسِنُوا الاسْتِمَاعَ إِلَيَّ، وَكُلُوا الشَّهِيَّ وَلْتَتَمَتَّعْ
أَنْفُسُكُمْ بِالدَّسَمِ. 3أَرْهِفُوا السَّمْعَ وَتَعَالَوْا إِلَيَّ؛
أَصْغُوا فَتَحْيَا نُفُوسُكُمْ، وَأُعَاهِدَكُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً، هِيَ
مَرَاحِمُ دَاوُدَ الثَّابِتَةُ الأَمِينَةُ 4هَا أَنَا قَدْ جَعَلْتُهُ
شَاهِداً لِلشُّعُوبِ زَعِيماً وَقَائِداً لِلأُمَمِ. 5انْظُرْ، إِنَّكَ
تَدْعُو أُمَماً لاَ تَعْرِفُهَا، وَتَسْعَى إِلَيْكَ أُمَمٌ لَمْ
تَعْرِفْكَ، بِفَضْلِ الرَّبِّ إِلَهِكَ، وَمِنْ أَجْلِ قُدُّوسِ
إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَجَّدَكَ.
6اطْلُبُوا الرَّبَّ
مَادَامَ مَوْجُوداً، ادْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ. 7لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ
طَرِيقَهُ وَالأَثِيمُ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ
فَيَرْحَمَهُ، وَلْيَرْجِعْ إِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ
الْغُفْرَانَ. 8لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ مُمَاثِلَةً لأَفْكَارِكُمْ،
وَلاَ طُرُقَكُمْ مِثْلُ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ. 9فَكَمَا ارْتَفَعَتِ
السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، كَذَلِكَ ارْتَفَعَتْ طُرُقِي عَنْ
طُرُقِكُمْ، وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ. 10وَكَمَا تَهْطِلُ
الأَمْطَارُ وَيَنْهَمِرُ الثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ، وَلاَ تَرْجِعُ إِلَى
هُنَاكَ، بَلْ تُرْوِي الْحُقُولَ وَالأَشْجَارَ، وَتَجْعَلُ الْبُذُورَ
تُنْبِتُ وَتَنْمُو وَتُثْمِرُ زَرْعاً لِلْفَلاَحِ وَخُبْزاً لِلْجِيَاعِ،
11هَكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَصْدُرُ عَنِّي مُثْمِرَةً دَائِماً،
وَتُحَقِّقُ مَا أَرْغَبُ فِيهِ وَتُفْلِحُ بِمَا أَعْهَدُ بِهِ إِلَيْهَا.
12لأَنَّكُمْ سَتَتْرُكُونَ بَابِلَ بِفَرَحٍ وَسَلاَمٍ فَتَتَرَنَّمُ
الْجِبَالُ وَالتِّلاَلُ أَمَامَكُمْ بَهْجَةً وَتُصَفِّقُ أَشْجَارُ
الْحَقْلِ بِأَيْدِيهَا غِبْطَةً، 13وَحَيْثُ كَانَ الشَّوْكُ
وَالْقُرَّاصُ، تَنْمُو أَشْجَارُ السَّرْوِ وَالآسِ: فَيَكُونُ ذَلِكَ
تَخْلِيداً لاسْمِ الرَّبِّ وَعَلاَمَةً أَبَدِيَّةً لاَ تُمْحَى.
فصل 56
خلاص الأمم
هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ: أَجْرُوا الْحَقَّ، وَاصْنَعُوا الْعَدْلَ، لأَنَّ خَلاَصِي
بَاتَ وَشِيكاً وَبِرِّي حَانَ أَنْ يُسْتَعْلَنَ. 2طُوبَى لِمَنْ
يُمَارِسُ هَذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا وَيُكَرِّمُ سُبُوتِي؛ وَطُوبَى لِمَنْ
يَصُونُ يَدَهُ عَنِ ارْتِكَابِ
الشَّرِّ.
3لاَ يَقُلِ ابْنُ
الْغَرِيبِ الْمُنْضَمُّ إِلَى الرَّبِّ: إِنَّ الرَّبَّ يَفْصِلُنِي عَنْ
شَعْبِهِ. وَلاَ يَقُولَنَّ الْخَصِيُّ: أَنَا شَجَرَةٌ يَابِسَةٌ. 4لأَنَّ
هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ لِلْخِصْيَانِ الَّذِينَ يُحَافِظُونَ عَلَى
سُبُوتِي، وَيَخْتَارُونَ مَا يَسُرُّنِي وَيَتَشَبَّثُونَ بِعَهْدِي:
5أَهَبُهُمْ دَاخِلَ بَيْتِي وَأَسْوَارِي نَصِيباً وَاسْماً أَفْضَلَ مِنَ
الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ. أُعْطِيهِمِ اسْماً مُخَلَّداً لاَ يَنْقَرِضُ.
6وَأَمَّا أَبْنَاءُ الْغُرَبَاءِ الْمُنْضَمُّونَ إِلَى الرَّبِّ
لِيَخْدِمُوهُ وَيُحِبُّوا اسْمَهُ لِيَكُونُوا لَهُ عَبِيداً، فَكُلُّ
مَنْ يُحَافِظُ عَلَى السَّبْتِ مِنْهُمْ وَلاَ يَنْقُضُهُ، وَيَتَشَبَّثُ
بِعَهْدِي، 7فَهَؤُلاَءِ آتِي بِهِمْ إِلَى جَبَلِي الْمُقَدَّسِ وَأَفِيضُ
عَلَيْهِمِ الْفَرَحَ فِي بَيْتِ صَلاَتِي، وَتَكُونُ مُحْرَقَاتُهُمْ
وَقَرَابِينُهُمْ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، لأَنَّ بَيْتِي سَيُدْعَى
بَيْتَ الصَّلاَةِ لِجَمِيعِ الأُمَمِ. 8وَهَذَا مَا يَقُولُهُ السَّيِّدُ
الرَّبُّ الَّذِي يَلُمُّ شَتَاتَ إِسْرَائِيلَ: سَأَجْمَعُ إِلَيْهِ
آخَرِينَ بَعْدُ، فَضْلاً عَنِ الَّذِينَ جَمَعْتُهُمْ.
إخفاق قادة إسرائيل
9تَعَالَيْ يَاجَمِيعَ
وُحُوشِ الصَّحْرَاءِ لِلالْتِهَامِ، وَيَاجَمِيعَ وُحُوشِ الْغَابِ
أَيْضاً. 10فَإِنَّ رُقَبَاءَهُمْ عُمْيٌ، وَكُلَّهُمْ جُهَّالٌ، وَكِلاَبٌ
بُكْمٌ عَاجِزُونَ عَنِ النُّبَاحِ، حَالِمُونَ رَاقِدُونَ مُوْلَعُونَ
بِالنَّوْمِ. 11هُمْ كِلاَبٌ نَهِمَةٌ لاَ تَعْرِفُ الشَّبَعَ، وَرُعَاةٌ
أَيْضاً مُجَرَّدُونَ مِنَ الْفَهْمِ، كُلٌّ مَالَ إِلَى طَرِيقِهِ طَمَعاً
فِي الرِّبْحِ، 12قَائِلِينَ: تَعَالَوْا نَأْتِي بِالْخَمْرِ، وَنَشْرَبُ
مُسْكِراً حَتَّى الثُّمَالَةِ، فَالْغَدُ يَكُونُ مُمَاثِلاً لِهَذَا
الْيَوْمِ، بَلْ أَعْظَمَ مِنْهُ.
فصل 57
إدانة عبادة الأصنام
هَلَكَ الصِّدِّيقُ فَلَمْ
يَتَأَمَّلْ أَحَدٌ فِي نَفْسِهِ وَيَعْتَبِرْ، وَمَاتَ الأَتْقِيَاءُ
وَلَمْ يُدْرِكْ أَحَدٌ أَنَّ الصِّدِّيقَ قَدْ أُخِذَ تَفَادِياً
لِلْكَارِثَةِ. 2وَالسَّالِكُونَ بِالاسْتِقَامَةِ يَنْعَمُونَ
بِالسَّلاَمِ، وَفِي مَضَاجِعِهِمْ يَسْتَرِيحُونَ.
3أَمَّا أَنْتُمْ
يَاأَبْنَاءَ السَّاحِرَةِ، يَانَسْلَ الْفَاسِقِ وَالْعَاهِرَةِ،
فَادْنُوا مِنْ هُنَا. 4بِمَنْ تَسْخَرُونَ؟ وَعَلَى مَنْ تَفْغَرُونَ
أَشْدَاقَكُمْ وَاسِعَةً وَتَدْلَعُونَ أَلْسِنَتَكُمْ؟ أَلَسْتُمْ
أَنْتُمْ أَبْنَاءَ الْخُطَاةِ وَالْمُنَافِقِينَ؟ 5أَيُّهَا
الْمُتَوَهِّجُونَ شَهْوَةً بَيْنَ أَشْجَارِ الْبَلُّوطِ، وَتَحْتَ كُلِّ
شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، يَامَنْ تَذْبَحُونَ أَوْلاَدَكُمْ فِي الأَوْدِيَةِ
تَحْتَ شُقُوقِ الصُّخُورِ. 6إِنَّ نَصِيبَكُمْ هُوَ أَصْنَامُكُمْ مِنْ
حَصَى الْوَادِي الْمَلْسَاءِ. هِيَ قُرْعَتُكُمْ، وَلَهَا سَكَبْتُمْ
سَكِيبَ تَقْدِمَاتِكُمْ، وَأَصْعَدْتُمْ قَرَابِينَكُمْ، فَهَلْ أَرْضَى
عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ؟ 7نَصَبْتُمْ مَضَاجِعَ زِنَاكُمْ عَلَى جَبَلٍ
شَامِخٍ مُرْتَفِعٍ، وَإِلَى هُنَاكَ صَعِدْتُمْ لِتُقَرِّبُوا
ذَبَائِحَكُمْ، 8وَخَلْفَ الْبَابِ وَقَوَائِمِهِ أَقَمْتُمْ
أَصْنَامَكُمْ، وَإِذْ هَجَرْتُمُونِي كَشَفْتُمْ عَنْ مَضَاجِعِكُمْ
وَعَلَوْتُمُوهَا وَوَسَّعْتُمُوهَا، وَأَبْرَمْتُمْ مَعَ أَصْنَامِكُمْ
عَهْدَ زِنًى لأَنَّكُمْ أَحْبَبْتُمْ مَضَاجِعَهُمْ، وَتَأَمَّلْتُمْ فِي
عُرْيِهِمْ. 9ارْتَحَلْتُمْ إِلَى مُلُوكٍ مُحَمَّلِينَ بِالدُّهْنِ،
وَبِكَثْرَةِ الأَطْيَابِ، وَأَرْسَلْتُمْ سُفَرَاءَكُمْ إِلَى أَرْضٍ
بَعِيدَةٍ، وَانْحَدَرْتُمْ حَتَّى إِلَى الْهَاوِيَةِ. 10أَصَابَكُمُ
الإِعْيَاءُ مِنْ طُولِ الْمَسِيرِ، وَلَمْ تَقُولُوا: «يَئِسْنَا» بَلْ
تَجَدَّدَتْ قُوَاكُمْ وَلَمْ تَخُورُوا. 11مِمَّنْ خِفْتُمْ
وَارْتَعَبْتُمْ حَتَّى كَذِبْتُمْ وَلَمْ تَذْكُرُونِي أَوْ تُفَكِّرُوا
فِيَّ؟ هَلِ اعْتَصَمْتُ بِالسَّكِينَةِ زَمَناً طَوِيلاً حَتَّى لَمْ
تَعُودُوا تَخَافُونَنِي؟ 12سَأَتَحَدَّثُ عَنْ بِرِّكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ،
وَلَكِنَّهَا لَنْ تُجْدِيَكُمْ نَفْعاً.
13عِنْدَمَا تَسْتَغِيثُونَ،
فَلْتُنْقِذْكُمْ مَجْمُوعَاتُ أَصْنَامِكُمْ! إِنَّ الرِّيحَ تَحْمِلُهَا
جَمِيعاً، وَنَفْخَةٌ تَطْرَحُهَا بَعِيداً. أَمَّا مَنْ يَلُوذُ بِي
فَإِنَّهُ يَرِثُ الأَرْضَ وَيَمْلِكُ جَبَلَ قُدْسِي.
تعزية التائب
14وَيُقَالُ آنَئِذٍ:
مَهِّدُوا! مَهِّدُوا السَّبِيلَ، أَزِيلُوا كُلَّ مَعْثَرَةٍ مِنْ طَرِيقِ
شَعْبِي. 15لأَنَّهُ هَكَذَا يَقُولُ الْعَلِيُّ السَّامِي، الْمُقِيمُ فِي
الأَبَدِ، الَّذِي يُدْعَى اسْمُهُ الْقُدُّوسَ: إِنَّنِي أَسْكُنُ فِي
الْعُلَى وَفِي الْمَوْضِعِ الْمُقَدَّسِ، وَأُقِيمُ مَعَ الْمُنْسَحِقِ،
وَذَوِي الرُّوحِ الْمُتَوَاضِعَةِ، لأُحْيِيَ أَرْوَاحَ
الْمُتَوَاضِعِينَ، وَأُنْعِشَ قُلُوبَ الْمُنْسَحِقِينَ. 16لأَنَّنِي لاَ
أُخَاصِمُ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ أَظَلُّ عَلَى الدَّوَامِ غَاضِباً،
لِئَلاَّ تَبِيدَ أَمَامِي رُوحُ الإِنْسَانِ الَّتِي خَلَقْتُهَا. 17قَدْ
غَضِبْتُ عَلَى إِسْرَائِيلَ مِنْ جَرَّاءِ جَشَعِهِ، وَعَاقَبْتُهُ
وَحَجَبْتُ عَنْهُ وَجْهِي سَخَطاً، وَلَكِنَّهُ أَوْغَلَ فِي عِصْيَانِهِ
وَرَاءَ غِوَايَةِ قَلْبِهِ. 18لَقَدْ رَأَيْتُ طُرُقَهُ الْمَكْتُوبَةَ،
إِنَّمَا سَأُقَوِّمُهُ وَأَقُودُهُ وَأَرُدُّ لَهُ وَلِنَائِحِيهِ
الطُّمَأْنِينَةَ 19وَأَسْتَبْدِلُ نُوَاحَهُ بِالْحَمْدِ، يَقُولُ
الرَّبُّ؛ فَيَكُونُ سَلاَمٌ لِلْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ لأَنَّنِي
سَأَشْفِيهِ. 20أَمَّا الأَشْرَارُ فَهُمْ كَالْبَحْرِ الْهَائِجِ الَّذِي
لاَ يَهْدَأُ، تَقْذِفُ مِيَاهُهُ الْقَذَرَ وَالطِّينَ 21إِذْ لَيْسَ
سَلاَمٌ لِلأَشْرَارِ، قَالَ إِلَهِي.
فصل 58
الصوم الحقيقي
نَادِ بِأَعْلَى صَوْتِكَ،
لاَ تَصْمُتْ. اهْتُفْ بِصَوْتِكَ كَنَفِيرِ بُوقٍ، وَأَخْبِرْ شَعْبِي
بِإِثْمِهِمْ، وَذُرِّيَّةَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ. 2وَمَعَ ذَلِكَ،
فَإِنَّهُمْ يَلْتَمِسُونَنِي يَوْمِيّاً، وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ
طُرُقِي وَكَأَنَّهُمْ أُمَّةٌ تَصْنَعُ بِرّاً، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ
يُهْمِلُوا أَحْكَامَ إِلَهِهِمْ، يَطْلُبُونَ مِنِّي أَحْكَامَ بِرٍّ،
وَيَغْتَبِطُونَ بِالتَّقَرُّبِ مِنَ اللهِ. 3وَيَسْأَلُونَ: مَا بَالُنَا
صُمْنَا وَأَنْتَ لَمْ تُلاَحِظْ، وَتَذَلَّلْنَا وَلَمْ تَحْفِلْ
بِذَلِكَ؟. إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تَلْتَمِسُونَ مَسَرَّةَ
أَنْفُسِكُمْ وَتُسَخِّرُونَ جَمِيعَ عُمَّالِكُمْ. 4وَهَا أَنْتُمْ
تَصُومُونَ لِكَيْ تَتَخَاصَمُوا وَتَتَشَاجَرُوا فَقَطْ، وَتَتَضَارَبُوا
بِكَلِمَاتٍ أَثِيمَةٍ. إِنَّ مِثْلَ صَوْمِكُمُ الْيَوْمَ لاَ يَجْعَلُ
أَصْوَاتَكُمْ مَسْمُوعَةً فِي الْعَلاَءِ. 5أَيَكُونُ الصَّوْمُ الَّذِي
أَخْتَارُهُ فِي إِذْلاَلِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ يَوْماً، أَوْ فِي إِحْنَاءِ
رَأْسِهِ كَالْقَصَبَةِ، أَوِ افْتِرَاشِ الْمِسْحِ وَالرَّمَادِ؟
أَتَدْعُو هَذَا صَوْماً مَقْبُولاً لَدَى الرَّبِّ؟ 6أَلَيْسَ الصَّوْمُ
الَّذِي أَخْتَارُهُ يَكُونُ فِي فَكِّ قُيُودِ الشَّرِّ، وَحَلِّ عُقَدِ
النِّيرِ، وَإِطْلاَقِ سَرَاحِ الْمُتَضَايِقِينَ، وَتَحْطِيمِ كُلِّ
نِيرٍ؟ 7أَلاَ يَكُونُ فِي مُشَاطَرَةِ خُبْزِكَ مَعَ الْجَائِعِ،
وَإِيْوَاءِ الْفَقِيرِ الْمُتَشَرِّدِ فِي بَيْتِكَ. وَكُسْوَةِ
الْعُرْيَانِ الَّذِي تَلْتَقِيهِ، وَعَدَمِ التَّغَاضِي عَنْ قَرِيبِكَ
الْبَائِسِ؟
البار محفوظ ومبارك
8عِنْدَئِذٍ يَشِعُّ نُورُكَ
كَالصَّبَاحِ، وَتُزْهِرُ عَافِيَتُكَ سَرِيعاً، وَيَتَقَدَّمُكَ بِرُّكَ،
وَيَحْرُسُ مَجْدُ الرَّبِّ مُؤَخَّرَةَ سَاقَتِكَ. 9عِنْدَئِذٍ تَدْعُو
فَيَسْتَجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ هَا أَنَا. إِنْ أَزَلْتَ
مِنْ وَسَطِ بَيْتِكَ النِّيرَ، وَالإِيمَاءَ بِالأُصْبُعِ احْتِقَاراً،
وَالنُّطْقَ بِالشَّرِّ، 10إِن بَذَلْتَ نَفْسَكَ لِلْجَائِعِ،
وَأَشْبَعْتَ حَاجَةَ الذَّلِيلِ، فَإِنَّ نُورَكَ يُشْرِقُ فِي
الظُّلْمَةِ، وَلَيْلَكَ الدَّامِسَ يُصْبِحُ كَالظُّهْرِ، 11وَيَهْدِيكَ
الرَّبُّ دَائِماً وَيَسُدُّ حَاجَتَكَ حَتَّى فِي زَمَنِ الْقَحْطِ
وَالأَرْضِ الْمُجْدِبَةِ، فَيُقَوِّي عِظَامَكَ فَتُصْبِحُ كَرَوْضَةٍ
مَرْوِيَّةٍ، وَكَجَدْوَلِ مَاءٍ لاَ يَنْقَطِعُ، 12وَيَبْنِي أَوْلاَدُكَ
الْخَرَائِبَ الْقَدِيمَةَ وَيُقِيمُونَ أَسَاسَاتِهَا، وَيُسَمُّونَ
بَعْدَ ذَلِكَ الشَّعْبَ الَّذِي بَنَى أَسْوَارَهُ وَرَمَّمَ أَحْيَاءَ
مُدُنِهِ.
13إِنْ كَفَفْتَ قَدَمَكَ
عَنْ نَقْضِ يَوْمِ السَّبْتِ، وَعَنِ السَّعْيِ وَرَاءَ مَرَامِكَ فِي
يَوْمِي الْمُقَدَّسِ، وَدَعَوْتَ يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَ مَسَرَّةٍ
لِلرَّبِّ، وَجَعَلْتَهُ يَوْماً مُكَرَّماً لِلهِ. إِنْ أَكْرَمْتَهُ
وَلَمْ تَسْلُكْ حَسَبَ أَهْوَائِكَ أَوْ تَلْتَمِسْ قَضَاءَ مَصَالِحِكَ،
أَوْ تُنْفِقْهُ فِي لَغْوِ الْكَلاَمِ، 14عِنْدَئِذٍ تَبْتَهِجُ
بِالرَّبِّ، وَأَجْعَلُكَ تَمْتَطِي مُرْتَفَعَاتِ الأَرْضِ، وَأُنْعِمُ
عَلَيْكَ بِمِيرَ اثِ يَعْقُوبَ أَبِيكَ، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ قَدْ
تَكَلَّمَ.
فصل 59
الخطيئة تمنع الخلاص
انْظُرُوا، إِنَّ ذِرَاعَ
الرَّبِّ لَيْسَتْ قَاصِرَةً حَتَّى تَعْجِزَ عَنْ أَنْ تُخَلِّصَ، وَلاَ
أُذُنَهُ ثَقِيلَةٌ حَتَّى لاَ تَسْمَعَ. 2إِنَّمَا خَطَايَاكُمْ أَضْحَتْ
تَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلَهِكُمْ، وَآثَامُكُمْ حَجَبَتْ وَجْهَهُ
عَنْكُمْ، فَلَمْ يَسْمَعْ، 3لأَنَّ أَيْدِيَكُمْ تَلَوَّثَتْ بِالدَّمِ
وَأَصَابِعَكُمْ بِالإِثْمِ، وَنَطَقَتْ شِفَاهُكُمْ بِالْكَذِبِ،
وَلَهَجَتْ أَلْسِنَتُكُمْ بِالشَّرِّ. 4لَيْسَ بَيْنَكُمْ مَنْ يُطَالِبُ
بِالْعَدْلِ، أَوْ يَحْكُمُ بِالْحَقِّ. يَتَّكِلُونَ عَلَى الْبَاطِلِ
وَيَتَفَوَّهُونَ بِالزُّورِ، يَحْبَلُونَ بِالْغِشِّ، وَيَلِدُونَ
بِالإِثْمِ. 5يَفْقِسُونَ بَيْضَ أَفْعَى، وَيَنْسِجُونَ خُيُوطَ
الْعَنْكَبُوتِ. مَنْ يَأْكُلُ مِنْ بَيْضِهِمْ يَمُوتُ، وَمِنَ
الْبَيْضَةِ الْمَكْسُورَةِ تَخْرُجُ حَيَّةٌ. 6لاَ تَصْلُحُ خُيُوطُهُمْ
لِنَسِيجِ الثِّيَابِ، وَلاَ يَكْتَسُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، لأَنَّ
أَعْمَالَهُمْ هِيَ أَعْمَالُ إِثْمٍ، وَأَفْعَالُ الظُّلْمِ قَدِ
ارْتَكَبَتْهَا أَيْدِيهِمْ. 7تُسْرِعُ أَرْجُلُهُمْ لاِقْتِرَافِ
الشَّرِّ، وَيُهَرْوِلُونَ لِسَفْكِ دَمِ الْبَرِيءِ، أَفْكَارُهُمْ
أَفْكَارٌ أَثِيمَةٌ، وَفِي طُرُقِهِمْ دَمَارٌ وَخَرَابٌ 8لَمْ يَعْرِفُوا
سَبِيلَ السَّلاَمِ، وَلاَ عَدْلَ فِي مَسَالِكِهِمْ. عَوَّجُوا
طُرُقَهُمْ، وَالسَّالِكُ فِيهَا لاَ يَعْرِفُ سَلاَماً.
9الْحَقُّ ابْتَعَدَ عَنَّا،
وَلَمْ يُدْرِكْنَا الْعَدْلُ. نَرْتَقِبُ نُوراً، فَيُحْدِقُ بِنَا
الظَّلاَمُ، وَنَنْشُدُ ضَوْءاً فَنَسْلُكُ فِي الْعَتْمَةِ. 10نَتَحَسَّسُ
الْحَائِطَ كَالأَعْمَى، وَنَتَلَمَّسُ كَالْمَكْفُوفِ، نَتَعَثَّرُ فِي
الظَّهِيرَةِ كَمَا لَوْ كُنَّا نَسِيرُ فِي عَتْمَةِ اللَّيْلِ وَنَكُونُ
كَالأَمْوَاتِ بَيْنَ الْمُتَدَفِّقِينَ بِالْحَيَاةِ 11كُلُّنَا
نُزَمْجِرُ كَالدِّبَبَةِ، وَنَنُوحُ كَالْحَمَامِ. نَبْحَثُ عَنِ
الْعَدْلِ فَلاَ نَجِدُهُ، وَعَنِ الْخَلاَصِ وَإِذَا بِهِ قَدِ ابْتَعَدَ
عَنَّا، 12لأَنَّ مَعَاصِينَا كَثُرَتْ أَمَامَكَ، وَآثَامَنَا تَشْهَدُ
عَلَيْنَا. فَمَعَاصِينَا مَعَنَا، وَذُنُوبُنَا نَعْرِفُهَا.
13تَمَرَّدْنَا وَتَنَكَّرْنَا لِلرَّبِّ. ارْتَدَدْنَا عَنِ اتِّبَاعِ
طُرُقِ إِلَهِنَا، تَفَوَّهْنَا بِالظُّلْمِ وَالْعِصْيَانِ افْتِرَاءً،
وَبِكَلاَمِ زُورٍ مِنَ الْقَلْبِ. 14قَدِ ارْتَدَّ عَنَّا الإِنْصَافُ،
وَوَقَفَ الْعَدْلُ بَعِيداً، إِذْ سَقَطَ الْحَقُّ صَرِيعاً فِي
الشَّوَارِعِ، وَالْبِرُّ لَمْ يَسْتَطِعِ الدُّخُولَ. 15أَضْحَى الْحَقُّ
مَفْقُوداً، وَالْحَائِدُ عَنِ الشَّرِّ ضَحِيَّةً. رَأَى الرَّبُّ ذَلِكَ
فَأَسْخَطَهُ فُقْدَانُ الإِنْصَافِ.
16وَإِذْ لَمْ يَجِدْ
إِنْسَاناً يَنْتَصِرُ لِلْحَقِّ، وَأَدْهَشَهُ أَنْ لاَ يَرَى شَفِيعاً،
أَحْرَزَتْ لَهُ ذِرَاعُهُ انْتِصَاراً، وَعَضَدَهُ بِرُّهُ. 17فَتَدَرَّعَ
بِالْبِرِّ وَارْتَدَى عَلَى رَأْسِهِ خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَاكْتَسَى
بِثِيَابِ الانْتِقَامِ، وَالْتَفَّ بِعَبَاءَةِ الْغَضَبِ. 18فَهُوَ
يُجَازِيهِمْ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِهِمْ. يُجَازِي أَعْدَاءَهُ،
وَيُعَاقِبُ خُصُومَهُ، وَيُنْزِلُ الْقَصَاصَ بِالْجَزَائِرِ،
19فَيَتَّقُونَ مِنَ الْمَغْرِبِ اسْمَ الرَّبِّ، وَمِنَ الْمَشْرِقِ
يَخْشَوْنَ مَجْدَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ سَيَأْتِي الْعَدُوُّ كَنَهْرٍ
مُتَدَفِّقٍ فَتَدْفَعُهُ رِيحُ الرَّبِّ.
20وَيُقْبِلُ الْفَادِي
إِلَى صِهْيَوْنَ، وَإِلَى التَّائِبِينَ عَنْ مَعَاصِيهِمْ مِنْ
ذُرِّيَّةِ يَعْقُوبَ، يَقُولُ الرَّبُّ. 21أَمَّا أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ،
فَهَذَا عَهْدِي مَعَهُمْ: إِنَّ رُوحِي الْحَالَّ عَلَيْكَ وَكَلاَمِي
الَّذِي لَقَّنْتُكَ إِيَّاهُ، لاَ يَزُولُ مِنْ فَمِكَ أَوْ مِنْ فَمِ
أَبْنَائِكَ أَوْ أَحْفَادِكَ، مِنَ الآنَ وَإِلَى الأَبَدِ.
فصل 60
إشراق نور الرب
قُومِي اسْتَضِيئِي، فَإِنَّ
نُورَكِ قَدْ جَاءَ، وَمَجْدَ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. 2هَا إِنَّ
الظُّلْمَةَ تَغْمُرُ الأَرْضَ، وَاللَّيْلَ الدَّامِسَ يَكْتَنِفُ
الشُّعُوبَ، وَلَكِنَّ الرَّبَّ يُشْرِقُ عَلَيْكِ، وَيَتَجَلَّى مَجْدُهُ
حَوْلَكِ، 3فَتُقْبِلُ الأُمَمُ إِلَى نُورِكِ، وَتَتَوَافَدُ الْمُلُوكُ
إِلَى إِشْرَاقِ ضِيَائِكِ. 4تَأَمَّلِي حَوْلَكِ وَانْظُرِي، فَهَا هُمْ
جَمِيعاً قَدِ اجْتَمَعُوا، وَأَتَوْا إِلَيْكِ. يَجِيءُ أَبْنَاؤُكِ مِنْ
مَكَانٍ بَعِيدٍ، وَتُحْمَلُ بَنَاتُكِ عَلَى الأَذْرُعِ. 5عِنْدَئِذٍ
تَنْظُرِينَ وَتَتَهَلَّلِينَ، وَتَطْغَى الإِثَارَةُ عَلَى قَلْبِكِ،
وَتَمْتَلِئِينَ فَرَحاً لأَنَّ ثَرْوَاتِ الْبَحْرِ تَتَحَوَّلُ إِلَيْكِ
وَغِنَى الأُمَمِ يَتَدَفَّقُ عَلَيْكِ. 6تَكْتَظُّ أَرْضُكِ بِكَثْرَةِ
الإِبِلِ. مِنْ أَرْضِ مِدْيَانَ وَعِيفَةَ تَغْشَاكِ بُكْرَانٌ،
تَتَقَاطَرُ إِلَيْكِ مِنْ شَبَا مُحَمَّلَةً بِالذَّهَبِ وَاللُّبَانِ
وَتُذِيعُ تَسْبِيحَ الرَّبِّ. 7جَمِيعُ قُطْعَانِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ
إِلَيْكِ، وَكِبَاشُ نَبَايُوتَ تَخْدُمُكِ، تُقَدِّمُ قَرَابِينَ
مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، وَأُمَجِّدُ بَيْتِي الْبَهِيَّ.
8مَنْ هُؤُلاَءِ
الطَّائِرُونَ كَالسَّحَابِ وَكَالْحَمَامِ إِلَى أَعْشَاشِهَا؟
9فَالْجَزَائِرُ تَنْتَظِرُنِي، وَفِي الطَّلِيعَةِ سُفُنُ تَرْشِيشَ
حَامِلَةٌ أَبْنَاءَكِ لِتَأْتِيَ بِهِمْ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ،
وَمَعَهُمْ فِضَّتُهُمْ وَذَهَبُهُمْ، تَكْرِيماً ِلاسْمِ الرَّبِّ
إِلَهِكِ وَلِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَجَّدَكِ.
10يُعَمِّرُ الْغُرَبَاءُ
أَسْوَارَكِ، وَيَخْدُمُكِ مُلُوكُهُمْ، لأَنِّي فِي غَضَبِي عَاقَبْتُكِ،
وَفِي رِضَايَ رَحَمْتُكِ. 11تَنْفَتِحُ أَبْوَابُكِ دَائِماً وَلاَ
تُوْصَدُ لَيْلَ نَهَارَ، لِيَحْمِلَ إِلَيْكِ النَّاسُ ثَرْوَةَ الأُمَمِ،
وَفِي مَوْكِبٍ يُسَاقُ إِلَيْكِ مُلُوكُهُمْ، 12لأَنَّ الأُمَّةَ
وَالْمَمْلَكَةَ الَّتِي لاَ تَخْضَعُ لَكِ تَهْلِكُ، وَهَذِهِ الشُّعُوبُ
تَتَعَرَّضُ لِلْخَرَابِ السَّاحِقِ. 13يَأْتِي إِلَيْكِ مَجْدُ لُبْنَانَ
بِسَرْوِهِ وَسِنْدِيَانِهِ وَشِرْبِينِهِ لِتَزْيِينِ مَوْضِعِ مَقْدِسِي،
فَأَجْعَلُ مَوْطِيءَ قَدَمَيَّ مَجِيداً.
14وَيُقْبِلُ إِلَيْكِ
أَبْنَاءُ مُضَايِقِيكِ خَاضِعِينَ، وَكُلُّ الَّذِينَ احْتَقَرُوكِ
يَنْحَنُونَ عِنْدَ قَدَمَيْكِ، وَيَدْعُونَكِ مَدِينَةَ الرَّبِّ،
صِهْيَوْنَ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ. 15وَبَعْدَ أَنْ كُنْتِ مَهْجُورَةً
مَمْقُوتَةً لاَ يَعْبُرُ بِكِ أَحَدٌ، سَأَجْعَلُكِ بَهِيَّةً إِلَى
الأَبَدِ، وَفَرَحَ كُلِّ الأَجْيَالِ، 16وَتَشْرَبِينَ لَبَنَ الأُمَمِ،
وَتَرْضَعِينَ ثُدِيَّ الْمُلُوكِ، وَتُدْرِكِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ
مُخَلِّصُكِ وَفَادِيكِ عَزِيزُ يَعْقُوبَ. 17وَعِوَضاً عَنِ النُّحَاسِ
أَجْلِبُ لَكِ الذَّهَبَ، وَبَدَلَ الْحَدِيدِ آتِي لَكِ بِالْفِضَّةِ،
وَعِوَضَ الْخَشَبِ نُحَاساً، وَبَدَلَ الْحِجَارَةِ حَدِيداً، وَأَجْعَلُ
وُلاَتَكِ مَصْدَرَ سَلاَمٍ، وَمُسَخِّرِيكِ يَعَامِلُونَكِ بِالْعَدْلِ.
18وَلاَ يُسْمَعُ بِظُلْمٍ
فِي أَرْضِكِ، وَلاَ بِدَمَارٍ أَوْ خَرَابٍ دَاخِلَ تُخُومِكِ،
وَتَدْعِينَ أَسْوَارَكِ خَلاَصاً، وَبَوَّابَاتِكِ تَسَابِيحَ. 19وَلاَ
تَعُودُ الشَّمْسُ نُوراً لَكِ فِي النَّهَارِ وَلاَ يُشْرِقُ ضَوْءُ
الْقَمَرِ عَلَيْكِ لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ نُورَكِ الأَبَدِيَّ،
وَإِلَهُكِ يَكُونُ مَجْدَكِ. 20وَلاَ تَغْرُبُ شَمْسُكِ مِنْ بَعْدُ،
وَلاَ يَتَضَاءَلُ قَمَرُكِ، لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ نُورَكِ الأَبَدِيَّ،
وَتَنْقَضِي أَيَّامُ مَنَاحَتِكِ. 21وَيَكُونُ شَعْبُكِ جَمِيعاً
أَبْرَاراً وَيَرِثُونَ الأَرْضَ إِلَى الأَبَدِ، فَهُمْ غُصْنُ غَرْسِي
وَعَمَلُ يَدَيَّ لأَتَمَجَّدَ. 22وَيَضْحَى أَقَلُّهُمْ أَلْفاً،
وَأَصْغَرُهُمْ أُمَّةً قَوِيَّةً، أَنَا الرَّبُّ أُسْرِعُ فِي تَحْقِيقِ
ذَلِكَ فِي حِينِهِ.
فصل 61
بشائر الخلاص
رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ
عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي
لأُضَمِّدَ جِرَاحَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ
لِلْمَسْبِيِّينَ بِالعِتْقِ وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالْحُرِّيَّةِ،
2لأُعْلِنَ سَنَةَ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةَ، وَيَوْمَ انْتِقَامٍ
لإِلَهِنَا، لأُعَزِّيَ جَمِيعَ النَّائِحِينَ. 3لأَمْنَحَ نَائِحِي
صِهْيَوْنَ تَاجَ جَمَالٍ بَدَلَ الرَّمَادِ، وَدُهْنَ السُّرُورِ بَدَلَ
النَّوْحِ، وَرِدَاءَ تَسْبِيحٍ بَدَلَ الرُّوحِ الْيَائِسَةِ،
فَيُدْعَوْنَ أَشْجَارَ الْبِرِّ وَغَرْسَ الرَّبِّ لِكَيْ يَتَمَجَّدَ.
4فَيُعَمِّرُونَ
الْخَرَائِبَ الْقَدِيمَةَ، وَيَبْنُونَ الدَّمَارَ الْغَابِرَ،
وَيُرَمِّمُونَ الْمُدُنَ الْمُتَهَدِّمَةَ، وَالْخِرَبَ الَّتِي انْقَضَتْ
عَلَيْهَا أَجْيَالٌ. 5وَيَقُومُ الْغُرَبَاءُ عَلَى رِعَايَةِ
قُطْعَانِكُمْ، وَأَبْنَاءُ الأَجَانِبِ يَكُونُونَ لَكُمْ حُرَّاثاً
وَكَرَّامِينَ. 6أَمَّا أَنْتُمْ فَتُدْعَوْنَ كَهَنَةَ الرَّبِّ،
وَيُسَمِّيكُمُ النَّاسُ خُدَّامَ إِلَهِنَا، فَتَأْكُلُونَ ثَرْوَةَ
الأُمَمِ وَتَتَعَظَّمُونَ بِغِنَاهِمْ.
7وَعِوَضاً عَنْ عَارِكُمْ
تَنَالُونَ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَعِوَضاً عَنِ الْهَوَانِ
تَبْتَهِجُونَ بِنَصِيبِكُمْ، لِهَذَا تَمْلِكُونَ فِي أَرْضِكُمْ
نَصِيبَيْنِ، وَيَكُونُ فَرَحُكُمْ أَبَدِيّاً. 8لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ
أُحِبُّ الْعَدْلَ وَأَمْقُتُ الاخْتِلاَسَ وَالظُّلْمَ، وَأَكَافِئُهُمْ
بِأَمَانَةٍ، وَأَقْطَعُ مَعَهُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. 9وَتَشْتَهِرُ
ذُرِّيَّتُهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ، وَنَسْلُهُمْ وَسَطَ الشُّعُوبِ، وَكُلُّ
مَنْ يَرَاهُمْ يَعْرِفُهُمْ، وَيُقِرُّ أَنَّهُمْ شَعْبٌ بَارَكَهُ
الرَّبُّ.
البر لجميع الأمم
10إِنَّنِي أَبْتَهِجُ
حَقّاً بِالرَّبِّ وَتَفْرَحُ نَفْسِي بِإِلَهِي، لأَنَّهُ كَسَانِي
ثِيَابَ الْخَلاَصِ وَسَرْبَلَنِي بِرِدَاءِ الْبِرِّ، مِثْلَ عَرِيسٍ
يُزَيِّنُ رَأْسَهُ بِتَاجٍ، وَكَعَرُوسٍ تَتَجَمَّلُ بِحُلِيِّهَا.
11لأَنَّهُ كَمَا تُنْبِتُ الأَرْضُ مَزْرُوعَاتِهَا، وَالْحَدِيقَةُ
تُخْرِجُ نَبَاتَاتِهَا الَّتِي زُرِعَتْ فِيهَا، هَكَذَا السَّيِّدُ
الرَّبُّ يَجْعَلُ الْبِرَّ وَالتَّسْبِيحَ يَنْبُتَانِ أَمَامَ جَمِيعِ
الأُمَمِ.
فصل 62
المجد المنتظر
إِكْرَاماً لِصِهْيَوْنَ لاَ
أَصْمُتُ، وَمِنْ أَجْلِ أُورُشَلِيمَ لاَ أَسْتَكِينُ حَتَّى يَتَجَلَّى
كَضِيَاءٍ بِرُّهَا وَخَلاَصُهَا كَمِشْعَلٍ مُتَوَهِّجٍ، 2فَتَرَى
الأُمَمُ بِرَّكِ وَكُلُّ الْمُلُوكِ مَجْدَكِ، وَتُدْعَيْنَ بِاسْمٍ
جَدِيدٍ يُطْلِقُهُ عَلَيْكِ فَمُ الرَّبِّ. 3وَتَكُونِينَ تَاجَ جَمَالٍ
فِي يَدِ الرَّبِّ، وَإِكْلِيلاً مَلَكِيّاً فِي كَفِّ إِلَهِكِ. 4وَلاَ
تَعُودِينَ تُدْعَيْنَ بِالْمَهْجُورَةِ، وَلاَ يُقَالُ لأَرْضِكِ مِنْ
بَعْدُ خَرِبَةً، بَلْ تُدْعَيْنَ «حَفْصِيبَةَ» (أَيْ مَسَرَّتِي بِهَا)،
وَأَرْضُكِ تُدْعَى ذَاتَ بَعْلٍ، لأَنَّ الرَّبَّ يُسَرُّ بِكِ،
وَأَرْضُكِ تُصْبِحُ ذَاتَ بَعْلٍ. 5فَكَمَا يَتَزَوَّجُ الشَّابُ
عَذْرَاءَ هَكَذَا يَتَزَوَّجُكِ أَبْنَاؤُكِ، وَكَمَا يَفْرَحُ الْعَرِيسُ
بِعَرُوسِهِ هَكَذَا يَبْتَهِجُ الرَّبُّ بِكِ.
حمد وصلاة
6عَلَى أَسْوَارِكِ
يَاأُورُشَلِيمُ أَقَمْتُ حُرَّاساً يَبْتَهِلُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً.
يَاذَاكِرِي الرَّبِّ لاَ تَكُفُّوا. 7وَلاَ تَدَعُوهُ يَسْتَكِينُ حَتَّى
يُعِيدَ تَأْسِيسَ أُورُشَلِيمَ وَيَجْعَلَهَا مَفْخَرَةَ الأَرْضِ. 8قَدْ
أَقْسَمَ الرَّبُّ بِيَمِينِهِ وَبِذِرَاعِهِ الْقَدِيرَةِ قَائِلاً: لَنْ
أُعْطِيَ حِنْطَتَكِ مِنْ بَعْدُ طَعَاماً لأَعْدَائِكِ، وَلَنْ يَشْرَبَ
الْغُرَبَاءُ خَمْرَكِ الَّتِي تَعِبْتِ فِيهَا، 9بَلْ يَأْكُلُهَا
الَّذِينَ تَكَبَّدُوا مَشَقَّةَ زَرْعِهَا، وَيَحْمَدُونَ اللهَ .
وَالَّذِينَ جَنَوْا الْكَرْمَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فِي سَاحَاتِ
مَقْدِسِي.
10اُعْبُرُوا بِالأَبْوَابِ،
وَأَعِدُّوا طَرِيقاً لِلشَّعْبِ. عَبِّدُوا السَّبِيلَ، وَنَقُّوهُ مِنَ
الْحِجَارَةِ، ارْفَعُوا رَايَةً لِلشَّعْبِ. 11الرَّبُّ قَدْ أَذَاعَ فِي
كُلِّ أَقَاصِيِ الأَرْضِ: قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ قَدْ أَقْبَلَ
مُخَلِّصُكِ. هَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَجَزَاؤُهُ يَتَقَدَّمُهُ.
12وَيَدْعُونَهُ شَعْباً مُقَدَّساً، مَفْدِيِّي الرَّبِّ. وَأَنْتِ
تُدْعَيْنَ «الْمُبْتَغَاةَ» وَالْمَدِينَةَ غَيْرَ الْمَهْجُورَةِ.
فصل 63
سنة الفداء
مَنْ هَذَا الْمُقْبِلُ مِنْ
أَدُومَ، بِثِيَابٍ حَمْرَاءَ مِنْ بُصْرَةَ؛ هَذَا الْمُتَسَرْبِلُ
بِالْبَهَاءِ. السَّائِرُ بِخُيَلاَءِ قُوَّتِهِ؟ إِنَّهُ أَنَا الرَّبُّ
النَّاطِقُ بِالْبِرِّ، الْعَظِيمُ لِلْخَلاَصِ. 2مَا بَالُ رِدَائِكَ
أَحْمَرُ وَثِيَابِكَ كَمَنْ دَاسَ عِنَبَ الْمِعْصَرَةِ؟ 3لَقَدْ دُسْتُ
الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَلَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ مِنَ الشُّعُوبِ. قَدْ
دُسْتُهُمْ فِي سَخَطِي وَوَطِئْتُهُمْ فِي غَيْظِي، فَتَنَاثَرَ دَمُهُمْ
عَلَى رِدَائِي وَلَطَخْتُ ثِيَابِي. 4لأَنَّ يَوْمَ الانْتِقَامِ كَانَ
كَامِناً فِي قَلْبِي، وَسَنَةَ مَفْدِيِّيَّ قَدْ أَتَتْ. 5تَلَفَّتُّ
فَلَمْ أَعْثُرْ عَلَى مُعِينٍ، وَعَجِبْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاصِرٍ،
فَانْتَصَرْتُ بِقُوَّةِ ذِرَاعِي، وَتَأَيَّدْتُ بِنَجْدَةِ سَخَطِي،
6فَدُسْتُ الشُّعُوبَ فِي غَيْظِي، وَأَسْكَرْتُهُمْ فِي غَضَبِي،
وَسَكَبْتُ دِمَاءَهُمْ فَوْقَ الأَرْضِ.
7أَلْهَجُ بِرَأَفَاتِ
الرَّبِّ وَتَسَابِيحِهِ وَإحْسَانَاتِهِ الَّتِي أَغْدَقَهَا عَلَى بَيْتِ
إِسْرَائِيلَ بِفَضْلِ خَيْرِهِ وَرَحْمَتِهِ. 8لأَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُمْ
حَقّاً شَعْبِي وَأَبْنَاءُ أَوْفِيَاءُ، لَنْ يَعُودُوا لِلْبَاطِلِ.
فَخَلَّصَهُمْ. 9فَتَضَايَقَ فِي كُلِّ ضِيقَاتِهِمْ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ
أَنْقَذَهُمْ، وَبِفَضْلِ مَحَبَّتِهِ وَحَنَانِهِ افْتَدَاهُمْ
وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ طَوَالَ الأَيَّامِ الْغَابِرَةِ.
10لَكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا
وَأَحْزَنُوا رُوحَهُ فَاسْتَحَالَ إِلَى عَدُوٍّ لَهُمْ وَحَارَبَهُمْ
بِنَفْسِهِ. 11ثُمَّ تَذَكَّرُوا الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ، أَيَّامَ مُوسَى
عَبْدِهِ وَتَسَاءَلُوا: أَيْنَ مَنْ أَصْعَدَنَا مِنَ الْبَحْرِ مَعَ
رَاعِي قَطِيعِهِ؟ أَيْنَ مَنْ أَقَامَ رُوحَهُ الْقُدُّوسَ فِي وَسَطِنَا؟
12مَنْ جَعَلَ ذِرَاعَ قُوَّتِهِ الْمَجِيدَةِ تَسِيرُ إِلَى يَمِينِ
مُوسَى؟ مَنْ شَقَّ مِيَاهَ الْبَحْرِ أَمَامَنَا لِيَكْتَسِبَ اسْماً
أَبَدِيّاً؟ 13مَنِ اقْتَادَنَا فِي اللُّجَجِ؟ فَسِرْنَا كَفَرَسٍ فِي
الْبَرِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَعْثُرَ؟ 14كَقَطِيعٍ مُنْحَدِرٍ إِلَى
وَادٍ، أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ رُوحُ الرَّبِّ بِالرَّاحَةِ، هَكَذَا هَدَيْتَ
شَعْبَكَ لِتَصْنَعَ لِنَفْسِكَ اسْماً مَجِيداً.
15تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاءِ
وَانْظُرْ مِنْ مَسْكِنِكَ الْمُقَدَّسِ وَالْمَجِيدِ. أَيْنَ غَيْرَتُكَ
وَاقْتِدَارُكَ؟ قَدِ امْتَنَعَ عَنِّي لَهِيبُ أَشْوَاقِكَ
وَإِحْسَانَاتِكَ. 16فَأَنْتَ هُوَ أَبُونَا، مَعَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لاَ
يَعْرِفُنَا، وَإِسْرَائِيلَ لاَ يَعْتَرِفُ بِنَا، فَأَنْتَ أَيُّهَا
الرَّبُّ، هُوَ أَبُونَا، وَاسْمُكَ فَادِينَا مُنْذُ الْقَدِيمِ.
17لِمَاذَا يَارَبُّ
تَرَكْتَنَا نَضِلُّ عَنْ طُرُقِكَ وَقَسَّيْتَ قُلُوبَنَا حَتَّى لَمْ
نَعُدْ نَتَّقِيكَ؟ ارْجِعْ إِلَيْنَا مِنْ أَجْلِ عَبِيدِكَ، أَسْبَاطِ
مِيرَاثِكَ. 18قَدْ دَاسَ أَعْدَاؤُنَا هَيْكَلَكَ الَّذِي امْتَلَكَهُ
شَعْبُكَ الْمُقَدَّسُ زَمَناً يَسِيراً، 19وَأَصْبَحْنَا نَظِيرَ
الَّذِينَ لَمْ تَتَسَلَّطْ عَلَيْهِمْ قَطُّ وَلَمْ يُدْعَ عَلَيْهِمْ
بِاسْمِكَ.
فصل 64
مذنب في حضرة الله
لَيْتَكَ تَشُقُّ
السَّمَاوَاتِ وَتَنْزِلُ فَتَتَزَلْزَلُ الْجِبَالُ مِنْ حَضْرَتِكَ!
2فَتَكُونُ كَالنَّارِ الَّتِي تُضْرِمُ الْهَشِيمَ، وَتَجْعَلُ الْمِيَاهَ
تَغْلِي لِكَيْ تُعَرِّفَ أَعْدَاءَكَ اسْمَكَ، فَتَرْتَعِبُ الأُمَمُ مِنْ
حَضْرَتِكَ. 3عِنْدَمَا أَجْرَيْتَ أَعْمَالاً مُخِيفَةً لَمْ
نَتَوَقَّعْهَا، نَزَلْتَ فَتَزَلْزَلَتِ الْجِبَالُ مِنْ حَضْرَتِكَ.
4مُنْذُ الأَزَلِ لَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ وَلَمْ تُصْغِ أُذُنٌ وَلَمْ تَرَ
عَيْنٌ إِلَهاً سِوَاكَ يُجْرِي مَا تَصْنَعُهُ لِلَّذِينَ
يَنْتَظِرُونَكَ. 5أَنْتَ تُلاَقِي مَنْ يَفْرَحُ بِعَمَلِ الْبِرِّ وَمَنْ
يَسْلُكُ دَائِماً فِي طُرُقِكَ. لَكَمْ سَخِطْتَ عَلَيْنَا لأَنَّنَا
وَاظَبْنَا عَلَى ارْتِكَابِ الآثَامِ زَمَاناً طَوِيلاً، فَكَيْفَ
لِمِثْلِنَا أَنْ يَخْلُصَ؟ 6كُلُّنَا أَصْبَحْنَا كَنَجِسٍ، وَأَضْحَتْ
جَمِيعُ أَعْمَالِ بِرِّنَا كَثَوْبٍ قَذِرٍ، فَذَبُلْنَا كَأَوْرَاقِ
الشَّجَرِ وَعَبَثَتْ بِنَا آثَامُنَا كَالرِّيحِ. 7لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ
يُنَادِي بِاسْمِكَ، وَيَحْرِصُ عَلَى التَّمَسُّكِ بِكَ لأَنَّكَ حَجَبْتَ
وَجْهَكَ عَنَّا ولاَشَيْتَنَا بِسَبَبِ مَعَاصِينَا. 8وَمَعَ ذَلِكَ
فَأَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ أَبُونَا، نَحْنُ الطِّينُ وَأَنْتَ
الْخَزَّافُ، وَكُلُّنَا عَمَلُ يَدَيْكَ.
9لاَ تُوْغِلْ فِي غَضَبِكَ
عَلَيْنَا يَارَبُّ، وَلاَ تَذْكُرِ الإِثْمَ إِلَى الأَبَدِ. إِنَّمَا
انْظُرْ إِلَيْنَا، فَكُلُّنَا شَعْبُكَ. 10قَدِ اسْتَحَالَتْ مَدِينَتُكَ
الْمُقَدَّسَةُ إِلَى قَفْرٍ، وَأَصْبَحَتْ صِهْيَوْنُ بَرِّيَّةً
وَأُورُشَلِيمُ مُوحِشَةً، 11وَاحْتَرَقَ بِالنَّارِ هَيْكَلُنَا
الْمُقَدَّسُ الْبَهِيُّ، الَّذِي شَدَا آبَاؤُنَا فِيهِ بِتَسْبِيحِكَ،
وَصَارَ كُلُّ مَا هُوَ أَثِيرٌ لَدَيْنَا خَرَاباً. 12هَلْ بَعْدَ هَذَا
كُلِّهِ تَسْكُتُ يَارَبُّ، وَتَعْتَصِمُ بِالصَّمْتِ وَتُنْزِلُ بِنَا
أَشَدَّ الْبَلاَءِ؟
فصل 65
إسرائيل شعب عاصٍ
«قَدْ أَعْلَنْتُ ذَاتِي
لِمَنْ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِّي، وَوَجَدَنِي مَنْ لَمْ يَطْلُبْنِي،
وَقُلْتُ: هَأَنَذَا لأُمَّةٍ لَمْ تُدْعَ بِاسْمِي. 2بَسَطْتُ يَدَيَّ
الْيَوْمَ كُلَّهُ إِلَى شَعْبٍ مُتَمَرِّدٍ يَسْلُكُ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ
صَالِحٍ، تَابِعِينَ أَهْوَاءَهُمْ، 3شَعْبٍ يُثَابِرُ عَلَى إِغَاظَتِي
فِي وَجْهِي، إِذْ يُقَرِّبُ ذَبَائِحَ لأَصْنَامِهِ فِي الْحَدَائِقِ
وَيُحْرِقُ بَخُوراً فَوْقَ مَذَابِحِ الآجُرِّ. 4يَجْلِسُ بَيْنَ
الْمَقَابِرِ وَيَبِيتُ اللَّيْلَ فِي أَمَاكِنَ سِرِّيَّةٍ، وَيَأْكُلُ
لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَفِي أَوَانِيهِ مَرَقُ لُحُومٍ نَجِسَةٍ.
5وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ لِلآخَرِ: لاَ تَقْتَرِبْ مِنِّي لِئَلاَّ
تُدَنِّسَنِي، لأَنِّي أَقْدَسُ مِنْكَ. (فَيُثِيرُونَ غَيْظِي) كَدُخَانٍ
فِي أَنْفِي وَنَارٍ تَتَّقِدُ طُولَ النَّهَارِ. 6انْظُرُوا قَدْ كُتِبَ
أَمَامِي: لَنْ أَصْمُتَ بَلْ أُجَازِي، وَأُلْقِي فِي أَحْضَانِهِمْ
7خَطَايَاهُمْ وَخَطَايَا آبَائِهِمْ مَعاً يَقُولُ الرَّبُّ. لأَنَّهُمْ
أَحْرَقُوا بَخُوراً عَلَى الْجِبَالِ، وَأَهَانُونِي عَلَى الآكَامِ،
فَإَِّنِي أَكِيلُ أَعْمَالَهُمُ الأُولَى وَأَطْرَحُهَا فِي أَحْضَانِهِمْ
عِقَاباً لَهُمْ.
8وَلَكِنْ هَذَا مَا
يَقُولُهُ الرَّبُّ: كَمَا أَنَّ (الكَرَّامَ) لاَ يَطْرَحُ العُنْقُودَ
الفَاسِدَ إِذْ يُقَالُ لَهُ إِنَّ فِي عِنَبِهِ بَعْضَ الْخَمْرِ
الطَيِّبِ، كَذَلِكَ لَنْ أَطْرَ حَ مِنْ أَمَامِي كُلَّ إِسْرَائِيلَ
لِئَلاَّ أَقْضِيَ عَلَى خُدَّامِي جَمِيعاً. 9بَلْ أُخْرِجُ مِنْ صُلْبِ
يَعْقُوبَ ذُرِّيَّةً، وَمِنْ يَهُوذَا وَارِثاً لِجِبَالِي، فَيَمْلِكُهَا
مُخْتَارِيَّ، وَيُقِيمُ فِيهَا عَبِيدِي، 10وَتُصْبِحُ أَرْضُ شَارُونَ
مَرْعًى لِلْقُطْعَانِ، وَوَادِي عَخُورَ مَرْبِضَ بَقَرٍ لِشَعْبِي
الَّذِي طَلَبَنِي.
11أَمَّا أَنْتُمُ الَّذِينَ
نَبَذْتُمُ الرَّبَّ وَنَسِيتُمْ جَبَلِي الْمُقَدَّسَ، وَهَيَّأْتُمْ
مَذْبَحاً ِلإِلَهِ «الْحَظِّ» وَمَلَأْتُمُ الْكُؤُوسَ خَمْراً
مَمْزُوجَةً ِلإِلَهِ «الْقَدَرِ»، 12فَأجْعَلُ مَصِيرَكُمُ الْهَلاَكَ
بِالسَّيْفِ، وَتَسْجُدُونَ جَمِيعاً لِذَابِحِيكُمْ لأَنَّنِي دَعَوْتُ
فَلَمْ تُجِيبُوا، تَكَلَّمْتُ فَلَمْ تَسْمَعُوا، وَارْتَكَبْتُمُ
الشَّرَّ عَلَى مَرْأَى مِنِّي وَاخْتَرْتُمْ مَا أُبْغِضُهُ. 13لِذَلِكَ
هَكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا عَبِيدِي يَأْكُلُونَ وَأَنْتُمْ
تَجُوعُونَ، وَيَشْرَبُونَ وَأَنْتُمْ تَظْمَأُونَ، وَيَفْرَحُونَ
وَأَنْتُمْ تَخْزَوْنَ، 14وَيَتَرَنَّمُونَ فِي غِبْطَةِ الْقَلْبِ
وَأَنْتُمْ تُعْوِلُونَ مِنْ أَسَى الْقَلْبِ، وَتُوَلْوِلُونَ مِنِ
انْكِسَارِ الرُّوحِ، 15وَتُخْلِفُونَ اسْمَكُمْ لَعْنَةً عَلَى شِفَاهِ
مُخْتَارِيَّ، وَيُمِيتُكُمُ الرَّبُّ وَيُطْلِقُ عَلَى عَبِيدِهِ اسْماً
آخَرَ. 16فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يُبَارِكُ نَفْسَهُ فِي الأَرْضِ إِنَّمَا
يُبَارِكُ نَفْسَهُ بِالإِلَهِ الْحَقِّ، وَمَنْ يُقْسِمُ فِي الأَرْضِ
إِنَّمَا يُقْسِمُ بِالإِلَهِ الْحَقِّ، لأَنَّ الضِّيقَاتِ الأُولَى قَدْ
نُسِيَتْ وَاحْتَجَبَتْ عَنْ عَيْنَيَّ.
17لأَنَّنِي هَا أَنَا
أَخْلُقُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، تَمْحُو ذِكْرَ
الأُولَى فَلاَ تَعُودُ تَخْطُرُ عَلَى بَالٍ 18إِنَّمَا افْرَحُوا
وَابْتَهِجُوا إِلَى الأَبَدِ بِمَا أَنَا خَالِقُهُ، فَهَا أَنَا أَخْلُقُ
أُورُشَلِيمَ بَهْجَةً، وَشَعْبَهَا فَرَحاً. 19وَأَبْتَهِجُ
بِأُورُشَلِيمَ وَأَغْتَبِطُ بِشَعْبِي، وَلاَ يَعُودُ يُسْمَعُ فِيهَا
صَوْتُ بُكَاءٍ أَوْ نَحِيبٍ، 20وَلاَ يَكُونُ فِيهَا بَعْدُ طِفْلٌ لاَ
يَعِيشُ سِوَى أَيَّامٍ قَلاَئِلَ، أَوْ شَيْخٌ لاَ يَسْتَوْفِي
أَيَّامَهُ. وَمَنْ يَمُوتُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ يُعْتَبَرُ فَتًى، وَمَنْ
لاَ يَبْلُغُهَا يَكُونُ مَلْعُوناً. 21يَغْرِسُ النَّاسُ كُرُومَهُمْ
وَيَأْكُلُونَ ثِمَارَهَا، وَيَبْنُونَ بُيُوتَهُمْ وَيُقِيمُونَ فِيهَا،
22لاَ يَبْنُونَ لِيَأْتِيَ آخَرُ فَيَسْكُنَ فِيهَا، وَلاَ يَغْرِسُونَ
كُرُوماً لِيَجْنِيَهَا آخَرُ، لأَنَّ أَيَّامَ شَعْبِي تَكُونُ مَدِيدَةً
كَأَيَّامِ الشَّجَرِ، وَيَتَمَتَّعُ مُخْتَارِيَّ بِعَمَلِ أَيْدِيهِمْ.
23فَهُمْ لَنْ يَتْعَبُوا بَاطِلاً وَلاَ تُنْجِبُ نِسَاؤُهُمْ أَوْلاَداً
لِلرُّعْبِ، لأَنَّهُمْ يَكُونُونَ ذُرِّيَّةَ مُبَارَكِي الرَّبِّ،
وَيَتَبَارَكُ أَوْلاَدُهُمْ مَعَهُمْ. 24وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوا
أَسْتَجِيبُ، وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ أُنْصِتُ إِلَيْهِمْ.
25وَيَرْعَى الذِّئْبُ وَالْحَمَلُ مَعاً، وَيَأْكُلُ الأَسَدُ التِّبْنَ
كَالْبَقَرِ، وَتَأْكُلُ الْحَيَّةُ التُّرَابَ. لاَ يُؤْذُونَ وَلاَ
يُهْلِكُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، يَقُولُ الرَّبُّ.
فصل 66
العبادة الحقيقية والعبادة
المزيفة
هَذَا مَا يَقُولُهُ
الرَّبُّ: السَّمَاءُ عَرْشِي وَالأَرْضُ مَوْطِيءُ قَدَمَيَّ، فَأَيَّ
بَيْتٍ تُشَيِّدُونَ لِي؟ وَأَيْنَ مَقَرُّ رَاحَتِي؟ 2جَمِيعُ هَذِهِ
صَنَعَتْهَا يَدِي فَوُجِدَتْ كُلُّهَا، لَكِنَّنِي أُسَرُّ بِالرَّجُلِ
الْمُتَوَاضِعِ الْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ الَّذِي يَرْتَعِدُ مِنْ كَلِمَتِي.
3إِنَّ مَنْ يَنْحَرُ ثَوْراً كَمَنْ يَقْتُلُ إِنْسَاناً، وَمَنْ
يُقَرِّبُ حَمَلاً كَمَنْ يَكْسِرُ عُنُقَ كَلْبٍ، وَمَنْ يُصْعِدُ
تَقْدِمَةَ حِنْطَةٍ كَمَنْ يُقَدِّمُ دَمَ خِنْزِيرٍ، وَمَنْ يُحْرِقُ
بَخُوراً كَمَنْ يُبَارِكُ وَثَناً، لأَنَّ هَؤُلاَءِ آثَرُوا طُرُقَهُمْ،
وَاسْتَطَابَتْ نُفُوسُهُمْ أَرْجَاسَهُمْ. 4لِهَذَا أَنَا أَيْضاً
أَخْتَارُ بَلاَيَاهُمْ لَهُمْ وَأُوْقِعُ بِهِمِ الْمَخَاوِفَ، لأَنِّي
عِنْدَمَا دَعَوْتُ لَمْ يَسْتَجِيبُوا، وَحِينَ تَكَلَّمْتُ لَمْ
يُصْغُوا، إِنَّمَا ارْتَكَبُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ وَاخْتَارُوا مَا
لاَ أُسَرُّ بِهِ.
5اسْمَعُوا قَوْلَ الرَّبِّ
أَيُّهَا الْمُرْتَعِدُونَ مِنْ كَلاَمِهِ: يَسْخَرُ مِنْكُمْ إخْوَتُكُمُ
الَّذِينَ يَكْرَهُونَكُمْ وَيَنْبِذُونَكُمْ لأَنَّكُمْ تَخَافُونَ اسْمِي
قَائِلِينَ: لِيَتَمَجَّدِ الرَّبُّ حَتَّى نَشْهَدَ فَرَحَكُمْ.
وَلَكِنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ أَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَخْزَوْنَ.
6اسْمَعُوا صَوْتَ جَلَبَةٍ فِي الْمَدِينَةِ، صَوْتاً مِنَ الْهَيْكَلِ،
صَوْتَ الرَّبِّ يُجَازِي أَعْدَاءَهُ. 7شَعْبِي مِثْلُ امْرَأَةٍ وَلَدَتْ
قَبْلَ أَنْ تَتَمَخَّضَ، وَقَبْلَ أَنْ تُقَاسِيَ مِنَ الطَّلْقِ
أَنْجَبَتْ ذَكَراً. 8مَنْ سَمِعَ مِثْلَ هَذَا، وَمَنْ رَأَى نَظِيرَهُ؟
أَتُوْلَدُ بِلاَدٌ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ؟ أَمْ تُخْلَقُ أُمَّةٌ دَفْعَةً
وَاحِدَةً؟ فَمَا إِنْ تَمَخَّضَتْ صِهْيَوْنُ حَتَّى أَنْجَبَتْ
أَبْنَاءَهَا. 9يَقُولُ الرَّبُّ: هَلْ أُمْخِضُ وَلاَ أُوَلِّدُ؟ هَلْ
أُغْلِقُ الرَّحِمَ وَأَنَا الْمُوَلِّدُ؟ 10تَهَلَّلُوا مَعَ أُورُشَلِيمَ
وَافْرَحُوا لَهَا يَاكُلَّ مُحِبِّيهَا، ابْتَهِجُوا مَعَهَا بِفَرَحٍ
يَاجَمِيعَ النَّائِحِينَ عَلَيْهَا. 11لِكَيْ تَرْضَعُوا وَتَشْبَعُوا
مِنْ ثَدْيِ تَعْزِيَاتِهَا، وَلِكَيْ تَحْلِبُوا بِوَفْرَةٍ
وَتَتَلَذَّذُوا مِنْ دِرَّةِ مَجْدِهَا.
12لأَنَّهُ هَكَذَا يَقُولُ
الرَّبُّ: هَا أَنَا أُسْبِغُ عَلَيْهَا الْخَيْرَ كَنَهْرٍ، وَأُجْرِي
إِلَيْهَا ثَرْوَةَ الأُمَمِ كَسَيْلٍ مُتَدَفِّقٍ، فَتَرْضَعُونَ،
وَتُحْمَلُونَ فِي الْحِضْنِ، وَعَلَى رُكْبَتَيْهَا تُدَلَّلُونَ.
13وَأُعَزِّيكُمْ كَمَنْ تُعَزِّيه أُمُّهُ، وَفِي أُورُشَلِيمَ
تُعَزَّوْنَ. 14وَتَشْهَدُونَ فَتُسَرُّ قُلُوبُكُمْ وَتَزْدَهِرُ
عِظَامُكُمْ كَالْعُشْبِ، فَتُصبِحُ يَدُ الرَّبِّ مَعْرُوفَةً عِنْدَ
عَبِيدِهِ، وَيَنْصَبُّ غَضَبُهُ عَلَى أَعْدَاِئهِ. 15لأَنَّهُ هَا هُوَ
الرَّبُّ مُقْبِلٌ بِنَارٍ، وَمَرْكَبَاتُهُ كَالْعَاصِفَةِ، لِيَسْكُبَ
غَضَبَهُ بِسَخَطٍ، وَزَجْرَهُ بِلَهِيبِ نَارٍ. 16لأَنَّ الرَّبَّ
يُعَاقِبُ أَهْلَ الأَرْضِ بِنَارِهِ وَسَيْفِهِ، وَيَكْثُرُ قَتْلَى
الرَّبِّ. 17وَالَّذِينَ يَتَطَهَّرُونَ وَيَتَقَدَّسُونَ وَيَقْصِدُونَ
إِلَى الْحَدَائِقِ حَيْثُ يَعْبُدُونَ وَثَناً قَائِماً وَرَاءَ
أَشْجَارِهَا، يَأْكُلُونَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَالْفِئْرَانِ، وَكُلَّ
اللُّحُومِ الْمُحَرَّمَةِ، مَصِيرُهُمُ الْهَلاَكُ.
الله يتمجد بشعبه
18وَلأَنِّي عَالِمٌ
بِأَعْمَالِهِمْ وَأَفْكَارِهِمْ فَأَنَا مُزْمِعٌ أَنْ آتِيَ لأَجْمَعَ
كُلَّ الأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ، فَيَتَوَافَدُونَ وَيَرَوْنَ مَجْدِي
19وأَجْعَلُ بَيْنَهُمْ آيَةً وَأَبْعَثُ بَعْضَ النَّاجِينَ مِنْهُمْ
إِلَى الأُمَمِ: إِلَى تَرْشِيشَ، وَفُولَ، وَلُودَ، الْمَهَرَةِ فِي
رَمْيِ السِّهَامِ، وَإِلَى تُوبَالَ وَيَاوَانَ وَإِلَى الْجَزَائِرِ
الْبَعِيدَةِ مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِشُهْرَتِي أَوْ يَرَوْا مَجْدِي،
فَيُذِيعُونَ مَجْدِي بَيْنَ الأُمَمِ. 20وَيُحْضِرُونَ جَميِعَ
إِخْوَتِكُمْ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ، تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ، عَلَى مُتُونِ
الْجِيَادِ، وَفِي الْمَرْكَبَاتِ وَالْهَوَادِجِ، وَعَلَى ظُهُورِ
الْبِغَالِ وَأَسْنِمَةِ الْجِمَالِ، إِلَى أُورُشَلِيمَ جَبَلِ قُدْسِي،
كَمَا يُحْضِرُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ تَقْدِمَةَ الْحِنْطَةِ فِي آنِيَةٍ
طَاهِرَةٍ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ 21وَمِنْهُمْ أَصْطَفِي كَهَنَةً
وَلاَوِيِّينَ يَقُولُ الرَّبُّ. 22لأَنَّهُ كَمَا تَدُومُ أَمَامِي
السَّمَاوَاتُ الْجَدِيدَةُ وَالأَرْضُ الْجَدِيدَةُ الَّتِي أَنَا
أَصْنَعُهَا هَكَذَا تَدُومُ ذُرِّيَّتُكُمْ وَذِكْرُكُمْ. 23وَيَأْتِي
مِنْ رَأْسِ شَهْرٍ إِلَى رَأْسِ شَهْرٍ، وِمِنْ سَبْتٍ إِلَى سَبْتٍ كُلُّ
بَنِي الْبَشَرِ لِيَعْبُدُونِي، 24ثُمَّ يَمْضُونَ لِمُشَاهَدَةِ جُثَثِ
الرِّجَالِ الَّذِينَ تَمَرَّدُوا عَلَيَّ، لأَنَّ دُودَهُمْ لاَ يَمُوتُ
وَنَارَهُمْ لاَ تَخْمَدُ. وَيَكُونُونَ مَثَارَ اشْمِئْزَازِ جَمِيعِ
النَّاسِ.
|