1-
نمط الحياة
هذا
هو نمط الحياة
الذي قرّر يوحنا أن
يسلكه. فهو رجل، على تمرّسه بالفضائل، يمتاز بالطيبة
واللطف. أقام على قمة شديدة الانحدار، في مضرب الريح
الشمالية، والعواصف، فقضى فيها حتى اليوم، خمسًا وعشرين سنة،
متحمّلاً نوائب الطقس، وما سوى ذلك من طعام ولباس وسلاسل حديد
– ولست أذكر كل شيء هنا – كان يمارسه مثل سائر القديسين
الذين تحدّثنا عنهم. ولكنه باغ من التسامي، على جميع
الأمور البشرية، حتى أنه لا يجني منها أي عزاء. اليكم على
ذلك بينة
واضحة.
كان أحد أصدقائه المخلصين، قد غرس شجرة لوز قرب
مرقده، فأصبحت شجرة توفّر له الظلّ وتبهج نظره، فأمر
بقطعها، تجنبًا لما ستؤديه له من عزاء.
2-
نسّاك آخرون في الجبل
اختار نمط الحياة هذا، أيضًا، موسى الذي جاهد على
قمة جبل يشرف على بلدة (Rhama).
كذلك، أنطيوخوس، الرجل العجوز، الذي ابتنى على جبل قفر
دارًا مقفلة. وأنطونينوس الذي جاهد جهاد الشباب، في جسد
هدّته الأيام. الثياب، والطعام، والوقوف، والصلاة،
والتقشفات ليلاً ونهارًا، هي ذاتها عند الجميع، فلا الزمن
ولا الشيخوخة، ولا التعب، نالت من تحمّلهم المشقات، بل بلغ حب
العمل لديهم ذروته.
الله، الذي يحكم على فضيلتهم، فوق جبالنا، وفي
سهولنا، كثير من المناضلين الآخرين، الذين يصعب تعدادهم،
ويعجزنا سردُ قصة حياتهم مفصّلة. لذلك، وبعد أن قدمت،
بمعونة الله، بعض الخدمات الى الذين يريدون
الاستفادة منها، سأنتقل الى مثل آخر، راجيًا الحصول على
بركتهم. |