1-
سيرة السروجي
بقلم البطريرك أفرام
برصوم
ولد مار يعقوب السروجي في قرية (كورتم) الواقعة على ضفة
الفرات . وقيل في بلدة (حورا) من عمل مدينة (سروج) عام 451
وتخرج في مدرسة الرها فأصاب من علومها اللغوية والفلسفية
واللاهوتية السهم الاوفى . وترهب وتنسك . وحين بلوغه من
العمر الثمانية والعشرين ارتجل قصيدته المشهورة في مركبة حزقيال
، في محضر خمسة أساقفة اقترحوها عليه وهو ماثل في بيعة بطنان
سروج أو في رواية ضعيفة ، في بيعة نصيبين فاقروا له بالشاعرية
الممتازة واجازوه واثقين ان الله سبحانه مازه بفضله وهو الوهّاب
الكريم . واستمسك من السيرة الفاضلة بحبل متين حتى تميز
بالورع ، وسيم قسّا ثم قلد رتبة الزائر (البريودوط) لبلدة حورا .
فطفق يطوف على اديار بلاد الفرات وسورية المجوفة ناهضا
بعبء مهمته ، حتى نزل من نفوس مئات بل آلاف من الرهبان اجمل
منزلة ثقة وامنة وتقى وعلما . وفي أواخر عمره سقّف على
أبرشية بطنان سروج عام 519 فاحسن القيام بأمر رعيته سنة واحد عشر
شهرا ومضى إلى جوار ربه في 29 من تشرين الثاني عام 521 وهو اخو
سبعين فعيدت له البيعة . وبعد دهر طويل نقل بعض رفاته إلى
هيكل خاص به في مدينة دياربكر قرأ على الملفان السروجي خلق
انتفعوا به عرف منهم كاتبه حبيب الرهاوي وناسك يقال له دانيال .
وقال ابن العبري أن سبعين ناسخا كانوا يكتبون قصائده التي
جمعت فبلغت سبعمائة وستين اولها في مركبة حزقيال ، وآخرها في
الجلجلة ، وحالت المنبة دون انجازها وكلها على البحر
الاثني عشري الذي استنبطه وعرف بالسروجي نسبة اليه . وهذه
الميامر تتناول شرح أهم أحداث العهدين العتيق والجديد ، والبحث
في الايمان والفضائل والتوبة والبعث وحمد الله على المائدة ،
والموتى وتقريظ العذراء والانبياء والشهداء … وخص بالذكر
القديسين بطرس وبولس وتوما وادي ويوحنا المعمدان وكوريا وشامونا
وحبيب ، وسرجيس وباخوس وأهل الكهف وجرجس وشهداء سبسطية
وافرام وسمعان العمودي والبيعة السريانية تردد في الإصباح
والامساء طائفة من ميامره المختارة في تسبيح رب الكون فتخلد
ذكراه وفي خزائن كتبنا الزعفرانية
والقدسية وماردين وغيرها وفي الواتكانية ولندن ما يزيد على
أربعمائة ميمر منها أكثرها على رقوق1 وإذا علمت أن الراهب بولس
بيجان نشر مائتي ميمر في خمس مجلدات قدرت ان مجموعها يجيء في
تسعة عشر مجلدا . وكان قد اختير منها زهاء سبعة وسبعين
قصيدة ضمت إلى مجموعة الخطب السنوية في مصحف وجدته في باسبرينة
مخالفا المجامع المألوفة . وقر أنا له مداريش بوزن "اللهم يا من
نزل على طور سينا" أولها في القديسين وسوغيثين في الندامة ونسبت
إليه بعض النسخ سوغيثا فلسفيا على الابجدية 22 بيتا بلحن "اسقني
يا ربي من ينبوعك " وهو للرهاوي كما ارتأى منغانة ونظم اناشيد في
آفات الجراد التي نكبت بها البلاد في ربيع سنة 500
أما مصنفاته
المنثورة فهي رسائل غاية في الحسن بديعة كلها بانشاء متين الحبك
محكم النسج متدامج الفقر عذب المشرب . وصل إلينا ديوان يشتمل على
المختار منها وعددها ثلاث وأربعون نشرت عام 1937 في 316 صفحة عن
ثلاثة مصاحف بلندن أقدمها واعظمها انجزت سنة 603 وهذا
ثبتها
إلى اسطيفان ابن صوديلي المبتدع ، ينصح
له ليحسن السلوك بالتقى ناقضا وساوسه وذلك قبيل . خروجه
إلى البدعة وهي تالية لرسالة أولها أنفذها إليه مرشدا وداعيا إلى
الطريقة المثلى . ثم حرمه في مجمع ضم بعض
الاساقفة
2- سيرة
السروجي بقلم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
-
ولد يعقوب السروجي في قرية كورتم على ضفة نهر
الفرات وهى إحدى قرى سروج سنة 451 م. ولذلك لقب
بالسروجي - كان يعقوب والده قسيساً، قضى مدة
طويلة من حياته يسأل الله أن يرزقه طفلاً، فلما رزق
به. عَّد
مولده جزاء له على صلواته ونذوره. - حصل
يعقوب على ثقافته اللاهوتية في مدرسة الفرس
بالرها، وكانت أيامه كلها تحصيل ومذاكرة، حتى
تمكن بعد فترة قصيرة من أن يفوز بشهرة واسعة لعلمه
وفصاحته. - لقد إعتصم يعقوب بالعفاف من صغره،
وبحب الطهارة منذ نعومة أظافره. - وكان يعقوب يطلب
العزلة والإنفراد، ويرغب في الرياضة الروحية،
ويكثر من البكاء، ولا يقتنى شيئاً من حطام
الدنيا، بل طبع على حب التجرد منها، وعلى عيشة الزهد
والتقشف، غير مهموم بشىء.
- وكان
يعقوب كثير التضرعات والتأملات والصلوات بحرارة
لا توصف، لأنه كان ممتلئاً من المعزى فصار
معلماً فاضلاً.
- ظهرت مواهب يعقوب الشعرية وهو في
سن العشرين من عمره، بدأها بميمر عن رؤيا
حزقيال الشاروبيم. - كانت كل جهود يعقوب وقفاً على
الكتابة والتأليف، ولم يقصر جهوده على الشعر،
بل كتب ميامر نثرية عن اعياد الكنيسة، ورثاءاً
نثرياً ضم إلى الطقوس
الجنائزية. - منذ سنة 472 م أخذ يعقوب يؤلف
خطبه، ويذيع مؤلفاته.
- إنتظم يعقوب مثل
أبيه (الكاهن) في سلك آباء الكنيسة
السريانية. - بدأ حياته قيماً في (حَوْرا) سنة
503 م. - وفى الثامنة والستين من عمره وفى عام
519 م، رسم أسقفاً على إبرشية سروج وكان كرسيها الأسقفى في
بطنان، ولم يلبث في الأسقفية غير سنتين ثم
تنيح. - كان يعقوب يميل إلى الهدوء بطبعه،
ولذلك فإنه لم يشترك في الجدل الذى إستمر في
الشرق في أيامه حول طبيعة السيد المسيح، ولهذا
سلم من الاضطهاد الذى صبه يوستين الملك، على
أصحاب الطبيعة الواحدة، بعد أن أبطل القانون الذى
أصدره الملك زينون، الخاص بتوحيد الكنيسة البيزنطية مع ميول
الكنيسة الأنطاكية. - كذلك وإن كان يعقوب لم
يضطهد كزملائه فيلوكسينوس أسقف منبج، وبولس أسقف الرها، فما ذاك
إلآَ لأن يعقوب هذا قضى حياته في الدرس،
بعيداً عن المجادلات والمنازعات التى كانت يومئذ
تشغل المسيحيين الشرقيين. - ومع ذلك فما كان من يعقوب إلآَ أن
يكتب ويعزى المنكوبين، وينهض شجاعتهم، كما صنع
مع بولس أسقف الرها الذى نفى إلى سلوقية
وغيره. - كان يعقوب معاصراً للأنبا ساويرس
بطريرك أنطاكية، وقد ذهب مرة مع جملة من أساقفة المشرق
وتباركوا من البطريرك ساويرس الأنطاكى. -
لقد رسم يعقوب أسقفاً في سنة 519 م، إلآَ أنه لم يعمر طويلاً في
الأسقفية بل إنه تنيح في بطنان، مقر كرسى
إبرشيته سروج، وذلك سنة 521 م وهو في السبعين من
عمره.
3-
ثلاثة مؤلفون كتبوا لنا عن سيرة
السروجي:
- توجد ثلاثة سير باللغة السريانية،
للقديس يعقوب السروجي.
- السيرة الأولى: من وضع يعقوب الرهاوى،
والثانية: لا يُعرف مؤلفها، والثالثة: مدح منظوم مطول لمؤلف اسمه
جرجس، وقد إختلفوا فيمَنْ يكون جرجس هذا،
فيقول البعض إنه جرجس تلميذ يعقوب، ويقول
آخرون بل هو جرجس أسقف سروج!
4-
السروجي أديب سريانى وخطيب وكاتب وشاعر:
- يعتبر القديس يعقوب السروجي علم
من أعلام الأدب السريانى ؛ ويتضح ذلك من
الآتى:
أولاً – السروجي ورسائله:
- كتب يعقوب رسائل متنوعة مثل:
(أ)
رسائل لاهوتية إلى رهبان
دير باسوس الهراطقة.
(ب)
رسالة إلى أهل أرزون في
بلاد فارس يدحض فيها
النسطرة.
(ج)
رسالة موجهة إلى المسيحيين في نجران، يعزيهم
فيها عن المحن التى أصابتهم على يد الملك
نؤاس.
(د)
رسائل إلى أهل الرها، وإلى بولس أسقف هذه
المدينة.
(ه)
رسالة ينقض فيها عقيدة اسطيفان بن صوديلى،
والمظنون أنه كتبها بطنان فيما بين سنتى 519،
520 م.
(و)
هذا وقد بقى هناك عدد من رسائله في مخطوطين بالمتحف
البريطانى.
ثانياً – السروجي له ليتورجية وترتيب للعماد:
-
ينسب إلى القديس يعقوب قداس (ليتورجية)، وقد
قام ((رتودوت)) بنشر ترجمته اللاتينية، كذلك
ليعقوب ترتيب للعماد فضلاً عن ستة اناشيد
للأعياد.
ثالثاً –
السروجي خطيب
وواعظ:
-
عثر للقديس يعقوب على العديد من الخطب
والمواعظ مثل:
(أ)
ستة خطب في
الأعياد.
(ب)
خطبة موضوعها: ((يجب ألآ ننسى خطايانا
ونهملها)).
(ج)
موعظة ليوم الجمعة، من الأسبوع الثالث، من
صيام الأربعين المقدسة.
(د)
موعظة عن الفصح وتآبين.
(ه)
موعظة لسيرة حياة مارحنينا أهداها إلى
فيلوثيؤس.
(و)
موعظة عن سيرة دانيال
الراهب.
رابعاً –
السروجي كاتب قصائد مطولة:
- للقديس يعقوب قصائد كثيرة، وقد
ضاع أكثر من نصف هذه القصائد ولم يبق منها
إلآَ نحو 300 قصيدة، في عدد من المخطوطات،
الموزعة في مكتبات أوروبا. ومن هذه القصائد ما
يلى:
(أ)
قصائد يعقوب
المستقلة عن توما الرسول، وسفره إلى بلاد
الهند للتبشير بالمسيحية، والقصر الذى بناه في السماء لملك
الهند.
(ب)
قصيدة أخرى عن سقوط
الأصنام، ذكر فيها بعض البيانات عن الوثنية
عند السريان،
وفيها يظهر كرهه لهذه
الوثنية.
(ج)
قصيدة عن العصفورين اللذين وردا في شريعة
الأبرص (لاويين 14: 4).
(د)
قصيدة من القصائد الطويلة والملاحم تربو
أبيات بعضها على ثلاثة آلاف في بعض الأحيان،
منها قصيدته عن الاسكندر وتقع في 730
بيتاً.
(ه)
قصيدة عن تيس ذبيحة الخطيئة، في تاريخ العهد
القديم.
(و) قصيدة أخرى طويلة
عن مركبة (بكرة) حزقيال والحيوانات (حزقيال 1:
1 – 28)، الذين ظهروا له في رؤياه، والتى تنبأ
فيها بسقوط آمد (ديار بكر الآن) في أيدى الفرس
وتقع في 1400 بيت.
(ز) قصيدته عن
العقيدة، وأخرى عن يوسف الصديق، وثالثة عن
موسى النبى، وكل واحدة منها مقسمة إلى عشرة
ميامر.
(ح) قصيدة عن أيام
الخليقة الستة مقسمة إلى سبعة
ميامر.
-هذا وقد ترجم الكثير من قصائد
يعقوب السروجي إلى العربية ثم إلى الحبشية ثم
إلى عدد من اللغات الأوروبية، كما وجد لقصائده
بعض المقلدين.
خامساً – السروجي كاتب ميامر عديدة
وغزيرة:
- كتب يعقوب تفاسير كثيرة، ومقالات
عديدة نافعة، وعلوماً فاضلة،وحل فيه الرب
واستراح. - ويقول ابن العبرى أن يعقوب كان يستخدم
70 ناسخاً في كتابة إنتاجه الأدبى. - وللقديس يعقوب
السروجي ميامر (8) كثيرة نذكر منها:
(أ)
له 763
ميمراً..
(ب) ميمر عن تعميد
الإمبراطور قسطنطين.
(ج) ميمر غير كامل عن:
((والدة الإله تحت خشبة
الصليب)).
(د) ميمران عن السيدة
العذراء مريم.
(ه) ميمر عن العذارى
والفسق.
(و) مجموعة من الميامر في
تمجيد القديسين.
(ز) ميمر عن سمعان العمودى،
إذ نرى فيه يعقوب يصف سمعان كيف حارب الشر
والشرير.
(ح) ميمر عن حبيب، وجوريا،
وشامونا، شهداء الرها.
(ط) بعض ميامر في تمجيد
النسك.
(ى) مجموعة ميامر أخرى تعالج
موضوعات من العهدين القديم
والجديد.
(ك) وكان آخر ميامر يعقوب عن
السيد وعلى الجلجلة،ولكنه إنتقل إلى الدار
الباقية قبل أن يتمه ويصل
ختامه.
سادساً – السروجي شاعر رقيق، تعبيره محبب:
- ظهرت مواهب يعقوب الشعرية، وهو في
العشرين من عمره. - غير أن يعقوب هذا إشتهر
على الأخص بالشعر حيث أنه أجاد فيه
ونبغ. - ومن الملاحظ أن شعر يعقوب شعر
سلس،
وله تصورات
بديعة،
وعواطف تأخذ
بمجامع القلب، مع مسحة تقوى تؤثر في القارىء، وتحمله على الزهد
والتمسك بخوف الله وشعائر الدين. - وإن كانت
كتابات يعقوب النثرية قليلة، لكن تقابلها
كتابات هائلة من الكتابات على أوزان مختلفة، أغلبها
من ذات الإثنى عشر مقطعاً،
وبعضها من ذات المقاطع
السبعة. - وللقديس يعقوب السروجي كتابات
شعرية أهمها:
(أ)
له مداريش
أدبية وطقسية صحيحة بالنسبة إليه.
(ب)
له سوغيثا
شعرية منها واحدة عن رثائه للعالم،وأخرى عن الرها، وأنشودة
المناولة.
(ج) له تسابيح، منها
أنشودة الصباح، على وزن المقاطع
السبعة.
- وبصفة عامة شعر
يعقوب شعر رقيق عذب، وأسلوبه شيق وتعبيره ظريف للغاية. - هذا
ولا يجارى يعقوب في بساطة أسلوبه وسهولته أحد
في تاريخ الأدب السريانى. - ويعقوب من هذه الناحية يفوق إفرام
السريانى وإسحق الأنطاكى إلى حد كبير. -
وقد أخذ يعقوب مادته في الشعر من تغير الليل
والنهار، والراحة والعمل، والصلاة في الصباح والمساء وعلى
المائدة بعد الأكل ومن الطبيعة بكل ما فيها من ماء
ورياح وغاب. - ولأجل هذا فقد إنتشرت
كتابات يعقوب السروجي إلى أوسع
مدى.
سابعاً –
السروجي كتب باللغة السريانية:
- كتب يعقوب (كما كتب كل آباء
السريان الأولين) بالسريانية ميامر عديدة منها
نسخة على رف في مكتبة دير الزعفران بالحرف
السطرنجلى في سبعة مجلدات. وقد طبعها بالحرف
الكلدانى الأب بيجان اللعازرى في خمسة مجلدات في
ليبسيك. - هذا وكثير من ميامر يعقوب السريانية
قد نقل إلى اللغة العربية.
ثامناً –
السروجي تنتشر مؤلفاته في المكتبات العالمية:
- للقديس يعقوب ميامر
عديدة معربة متفرقة في مكتبتى باريس
وروما وأكسفورد ولندن وكمبردج، وفى المكتبة الشرقية وفى
مكتبة دير مار شليط يطول تعدادها،
وهى تتناول السيد المسيح، والبتول العذراء،
والشهداء القديسين، ومواضيع أدبية روحية. - قام الأقباط
الأرثوذكس (سنة 1905 م) بطبع 58 ميمراً
عربياً ليعقوب،وذلك عن بعض مخطوطات دار
البطريركية في الاسكندرية.
14- السروجي ومكانته في
الكنيسة السريانية:
- لقبه قدماء السريان بقيثارة الروح
القدس، وعمود الكنيسة
المؤمنة. |