القديس مايسيماس

Saint Maisimas 
     

 

 

 

 
 
 

 تذكار القديس مايسيماس


 

إني أعرف أنه قد سطعت كواكب كثيرة في سماء الدين ، قرب إنطاكية ، منهم : سويروس الكبير، و بطرس المصري ، وأوتيخيوس، و كيرللس، وموسى، ومالكوس، و كثيرغيرهم ممن سلكوا الطريق ذاتها.إلا أنه لا مجال لنا لنكتب سيرة هؤلاء جميعاً. كما ان معظم الناس تتعبهم القراءات الطويلة. لهذا، وانطلاقاً من الذين دونت سيرتهم، سيحكم القراء، كيف كانت حياة الذين أهملتهم، فيتسنى لهم جميعاً امتداحهم، و الاقتداء بهم، والاستفادة منهم. سأمرّ في مروج قورشية ، باذلاً جهدي في أن أجعل القرّاء يتحسسّون ما فيها من جمال الازهار الظريفة العطرة.
 

2-  كاهن فقير و محب

كان في الأزمنة العابرة ، شخص يدعى مايسيماس ، يتكلم السريانية ، وقد تربى تربية ريفية ، وبرهن على تمرسه بمختلف الفضائل . وبفضل حياة خاصة ممتازة ، عهدت إليه العناية بقرية. وكان في خدمته المقدسة ، ورعايته لخراف اللّه ،يقول ويعمل حسب رسوم الشريعة الإلاهية. ويروي انه لم يغير ثوبه ولا جلد الماعز ، لمدة طويلة ، لكنه كان يرقع ما تمزق منه ، ببعض الاسمال . تلك كانت طريقته في العناية بشيخوخته. و اهتم بالغرباء وبافقراء ، حتى ظلّت أبوابه مشرعة لجيع المارة. ويزعم انه كان عنده جرتان ، واحدة للقمح ، والأخرى للزيت ، لا ينفك يفرغ منها ما يزود به كل محتاج ، وهي أبداً ملآنة . لأن ما خصّ به هاتين الجرتين. (( فالرب ربّ البشر جميعاًيوسع على كل من يدعوه)) (روم 12:10) . وكما أمر بأن يفيض الماء و الزيت من آنية هذه المرأة ، لتتمكن من ان تجمع الحزمة التي بذرت بذورها بضيافتها ، هكذا أفاض على هذا الرجل العجيبمن الخيرات على قدر سخائه

 (3 ملوك ، 17=9-16) .

3- شفاء جسد

انه حصل أيضاً من إله الكون، على موهبة اجتراح العجائب الكثيرة ، لكنني لن أخبر إلّا عن واحدة أو اثنتين، وأهمل الباقي، وأنا اتعجّل الانتقال إلى الحديث عن نساك غيره.

كانت امرأة شريفة مولدا" وإيمانا"، قد عرضت ابنها الحديث السن و المريض، على عدد من الأطباء، ولما تجاوز الأمر مقدرة العلم، وعجز الأطباء عن إنقاذه، وصرحوا بأن الطفل سيموت، لم تفقد المرأة الأمل، واقتدت بالشونميّة (4 ملوك 2004) فأمرت بوضع المحمل على البغال، وركبت مع ابنها، وجاءت رجل اللّه، طالبة إليه ان يساعدها، وهي تعبّر، بدموعها، عن ألمها الطبيعي. فأخذ الصبي على ذراعيه، وطرحه أمام المذبح، ثم سجد، وجبينه إلى الأرض، وهو يتوسل إلى طبيب النفوس والأجساد، فاستجيبت صلاته، وأعاد الولد معافىً إلى أمه. أما أنا، فقد أخذت القصة عن السيدة ذاتها، التي رأت المعجزة، وحصلت على شفاء طفلها.

4- عقاب لاتويوس

يروي أيضاً أن لاتويوس، زعيم هذه القرية، قصد إليه يوماً، وهو يشغل مركزا"رئيساً في مجلس شيوخ انطاكية، غير أن ظلمة الكفر كانت تكتنفه. زار البلدة ليحصّل من المزارعين عنده، حصته من الغلال، ولو بقدركبير من القساوة فحثّه رجل اللّه على الرأفة، و أسدى إليه نصحاً، وحدّثه عن الشفقة والرحمة . لكنه ظلَّ معانداً، فتلقّن من خبرته عقوبة عناده. فلما حان وقت الانصراف، شُدّت المركبة، وقعد، وأمر الحوذي بأن يضرب البغال بالسَوط، فانطلقت بكل قواها، وحاولت ان تجرَّ المركبة. إلا أن العجلات بدت وكأنها مسمّرة بالحديد والرصاص، فتجمع القرويون، وحولوا تحريك العجلات باأمخال ، فلم يفلحوا. وكان يجلس إلى جانب لاتويوسأحد أصدقائه، فكشف له سبب ذلك ، قال: ان الكاهن الشيخ، كان يقذفه باللعنات، وانه من الضروري أن تهدىء غضبه. فقفز لاتويوس من عربته، وتوسل إلى الذي كان احتقره، وارتمى على قدميه، يعانق اسماله القذرة، طالباً إليه أن يُقلعَ عن غضبه. فنقل مايسماس هذا الطلب إلى الرب، فاستجابه ، وحرر العجلات من قيودها الخفية. فعادت العربة تسير سيرها الطبيعي

5- الفضيلة ممكنة في العالم

ما أكثر ما يروون من أخبار مماثلة عن هذا الوجه الإلهي، يمكن ان نستنتج منها انه ليس ما يمنع الذين قرروا أن يسلكوا سيرة الحكمة، من ان يعيشوا في المدن أو القرى. لأن مايسماس، وجميع الذين مثله همّهم ان يخدموا اللّه، بيَّنوا انه يمكن بلوغ قمة الفضائل، وسط العالم الذي يحيط بنا. فمن جهّي، قدَّرني اللّه، بأيْدٍ منهم، ان أرتفع قليلا"، على هذا الجبل !

 
 
 

www.puresoftwarecode.com