1- أصله وطريقة
حياته
أظن
أنني أسيء الى الفضيلة إذا تركت حياة سلامانيس
العجيب طيّ النسيان، بدلاً من اطلاع الخلف
عليها. لذلك قررت أن أوجزها لهم.
سلامانيس من قرية كابرسانة، على الضفة
الغربية لنهر فرات. كرّس نفه لحياة الصمت،
فوجد بيتًا صغيرًا في بلدة على الضفة
المقابلة، احتبس فيه، لا باب له ولا نافذة، بل كان يفتخ، مرة
واحدة في السنة، ثغرة في الحائط، مع الأرض، يتلقى
منها طعامه للسنة كلها، دون ان يكلّم أحدًا.
وعلش على هذا النمط وقتًا طويلاً
جدًا.
2- رسامته كاهنًا
لكن
أسقف المدينة التابعة له هذه البلدة، بلغ اليه
صيت فاضلة هذا الرجل، فجاء ليمنحه درجة
الكهنوت، فثقب فتحة في البيت الصغير ودخل. وضع
يده عليه، وأقام الصلوات، وأطال الحديث معه، وشرح له
النعمة التي تلقاها، ولكن الأسقف لم يسمع نبرة صوته،
وانصرف عنه بعد ان سدّ الثلمة في
الحائط.
3- خطفه المؤمنون
ذات
مرة اجتاز سكان بلدته الأصلية، مخاضة النهر،
فثقبوا صومعته، وأخذوه، وهو لا يقاوم ولا
يوافق. وحملوه على الراحات الى بلدتهم،
وابتنوا له، سَحَرًا، بيتًا صغيرًا مماثلاً، حبسوه فيه. فواظب
على حياته الصامتة لا يتحدّث الى أحد. ولكن، لم
تمض بضعة ايام، حتى أقبل، ليلاً، سكان الضفة
المقابلة، فثقبوا التصوينة ونقلوه الى ديارهم،
وهو لا يقاومهم، سيّان عنده المكوث حيث هو أو
الرحيل. كان يتصرف تصرّف من مات عن العالم، ويردد قول الرسول:"
انا مصلوب مع المسيح، ولست أنا الذي أحيا إنما
المسيح حيّ فينا، وفيما أنا أتابع العيش في
الجسد، أعيش في الايمان بابن الله الذي
أحبّني، وأسلم ذاته من أجلي" (غلا :19:2). |