Pure Software code

Humanities Institute

 
www.puresoftwarecode.com

SOFTWARE Institute
Teach YourSelf
100 Software Programming Training Courses
For Free Download


CHRISTIANITY Institute
HUMANITIES Institute
more the 400 Subjects, All for Free Download.
Lebanon  

تاريخ الموارنة، تاريخ تسلسلي، من عام 350م الى 2018

 
 
مارونيات
 تاريخ الموارنة  مقدمة  

1- جزء اول

2- جزء ثاني

3- جزء ثالث

4- جزء رابع

5- جزء خامس

6- جزء سادس

Home
  Home, Humanities Institute, History of the Maronites, Part 2.2

this Page: www.puresoftwarecode.com/maro22.htm

    <<<  حمل كتاب: تاريخ الموارنة، جزء ثاني

Download the Maronite History, Part 1 -  (1 zip file, 1.75 MB)    download

المارونية تاريخ

 
تاريخ الموارنة، جزء ثاني، فصل ثاني: الموارنة والاحتلال المملوكي، (1250 – 1517)
 
 1250 – 1517  حقبة الاحتلال المملوكي
 المجمع البطريركي الماروني 2005 في ظل المماليك بين أواخر القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر، يقول المجمع البطريركي الماروني 2005، أن الموارنة هم أكثر مسيحيي المشرق اختلاطًا بالعمل السياسي.
   
شهادة ... على طوال 200 سنة من حكم المماليك عاش الموارنة أبشع مرحلة من تاريخهم بحيث قاسوا خلالها مختلف أنواع القهر والظلم والتنكيل والقتل الذي لم يعرفه شعب على هذه الأرض، لكنهم وإن تشتتوا في وديان جبالهم فلم يتركوها إطلاقاً.
تجدر الإشارة إلى أنه ظهر لاحقاً في الخزائن المملوكية في مصر رسائل من قادة جيوش المماليك الذين يقاتلون في جبل لبنان وفي بعضها وصف لما يعانوه مع المقاتلين الذين يواجهونهم، الذين بحسب وصفهم يقاتلون بشراسة لا يمكن أن يقوم بها كائن بشري.
   
من عام 1250 الى 1517
 
بعد انهزام الصليبيون،
ظهر المماليك كقوة عسكرية، مرتكزة على نظام أولفرشي بعد أن كانوا عبيداً، وكمُنقذي العالم الإسلامي من الضياع والزوال بعد سُقُوط بغداد عاصمة الدولة العبَّاسيَّة والخِلافة الإسلاميَّة في يد المغول بِقيادة هولاكو خان.
ابتداءً من مصر، استلم المماليك الحكم في سنة 1250، فاجتاحوا لبنان وسوريا.
على عكس العرب الذين لم يروا أية منفعة عسكرية من احتلال جبال لبنان.
فهم المماليك في صراعهم ضد الصليبيين أهمية جبال لبنان الستراتيجية وكيف يجب كسر شوكة حلفاء الصليببين الموارنة المتمركزين وراء جبالهم الصعبة المنال والتي كانوا يطلقون منها هجماتهم المفاجأة.
أنتعشت تجارة مدينة بيروت وأصبحت من أهم موانئ التجارة بين أوروبا والعالم العربي.
في هذه الفترة، قدمت عدد من القبائل العربية واستوطنت مناطق وادي التيم وساحل بيروت والشوف، ومن هؤلاء: الشهابيون، التلحوقيون، المعنيون، وآل نكد.
كان المماليك عنيفين جداً في حروبهم ضد الموارنة وقتلوا عدداً كبيراً منهم. عدة غارات فتاكة ضد الموارنة، وعدة بطاركة موارتة أهينوا أو قُتلوا خلال هذه الغارات.
احتفظ  المماليك بالحكم لغاية سنة 1517 حيث انكسروا وحلّ محلّهم العثمانيون.
1231 ملاحظة، ظهر جليا :
في العام 1231، اختلف رجال الدين الموارنة حول تسمية بطريركهم الجديد بعد رحيل العمشيتي، وطلبوا من الفاتيكان التدخل في الأمر، ما سمح لتدخلات مستقبلية من الفاتيكان في شؤون الموارنة، وتمت تسمية دانيال الشاماتي بطريركاً جديدا
   
1-  عهد المماليك البحرية
1250 - 1382م
عهد المماليك البحرية
 
خلالها، انتهجت السلطة المملوكية سياسة قمع واضطهاد الأقليات الدينية، ولم تول بلاد الشام أية أهمية،
فانهارت زراعتها وانخفض عدد سكانها إلى الثلث، وغاب الأمن من الطرقات بين مدنها فتقلصت المبادلات التجارية،
كما كانت السلطة المركزية وسلطة الولايات شبه غائبة عن الأرياف، ما أدى إلى بروز الزعامات والتنظيمات السياسية المحلية،
وهذه الزعامات عرفت عند الموارنة باسم "مقدّم"، ويرأس المقدمين أجمعهم "مقدم بشري"

خلال حكم الظاهر بيبرس، قتل 16 ألف شخصًا لدى استرجاعه أنطاكية
وهدم حصن طرابلس بمن فيه،
فضلاً عن مذبحتي عاصي الحدث وقلعة الحوقا،
لذلك يوصف أنه قد أفرط في استعمال القوة بحق شعبه
   
عام 1251 وفي العام 1251 وجه لويس ملك فرنسا الكاثوليكية رسالة إلى موارنة لبنان اعتبرهم فيها جزءاً من الأمة الفرنسية ومنحهم حمايته
   
عام 1264 فى عهد البطريرك الماروني دانيال الحدشيتي: من حدشيت في جبة بشري، وصلت حملة المماليك بقيادة الملك الظاهر إلى طرابلس سنة 1264 وفتصدى لها الموارنة الهابطون من جبالهم وأوقفوا تقدم المماليك إلى جبل لبنان، الذين أعادوا الكرة سنة 1266 دون أن يحرزوا أي نجاح
عام 1266 هاجم المماليك جبة بشري للمرة الثانية
عام 1268
خارطة لفتوحات المماليك
في العام 1268،
 خرج سلطان مماليك مصر الملك الظاهر ( ركن الدين بيبرس البندقداري) من القاهرة قاصداً يافا، التي، وبعد معركة كبيرة، استسلمت له فى 7 آذار
1268
.
 من هناك سار إلى قلعة الشقيف التي كانت وقتها تحت سيطرة فرسان الهيكل، فنزل تحتها بوادي العواميد وحاصرها ولما وجدها حصينة منيعة، انتقل ليفتتحها من أعلاها فلم يقدر عليها، ولما أتى الليل وكان أهل القلعة نيام قام بذبح عددٍ من الغنم والبقر وقام برميها في الماء، ولما حل الصباح وجد أهل القلعة ماءهم قد تلوثت فسلموا بعد حصار دام 10 أيام فاحتلها الملك الظاهر في 15 آذار 1268.
بعدها توجه الملك الظاهر إلى القليعات وعرقة في عكار فاحتلها، وأغار على طرابلس فقطع أشجارها وخرّب 24 قرية ونزل على صفد فحاصرها مدة 40 يوماً وفتحها وقتل أهلها عن آخرهم فهاجمه الموارنة من الجبال وواجهوه ففر هاربا الى حصن الأكراد ومن هناك توجه إلى أنطاكيا.
بعد هجوم عسكرى كبير شنه الظاهر بيبرس سقطت انطاكيا من يد الصليبين، وقد كان ذلك في عهد البطريرك الّلاتيني الإنطاكي إيليّا، ولما لم يبقى منهم إلا بقية من الشعب والإكليروس يرثى لهم،
عام 1280
 
ابتداءاً من سنة 1280 ابتدأت نهاية الحكم الصليبي وابتدأ حكم المماليك الذي مارس اشد الإجراءات التعسفية والتمييز.
تجدر الإشارة إلى أنه عندما زال الحكم الصليبي من الشرق إلتجأ إلى جبال الموارنة من بقي من الأوروبيين واندمجوا مع أهالي البلاد، فمنح البابا الكسندر الرابع البطريرك الماروني "سمعان" كل التفويضات والصلاحيات لرعاية المنتسبين إلى الطقس اللاتيني وإعتبارهم كأبناء الطائفة المارونية،
كما منح البابا البطريركالماروني لقب بطريرك أنطاكية كما كان قبلاً قد منحه إياه البابا زخيا الثالث.

ومن هؤلاء المقاتلين الصليبيين الأوروبيين اللاتينيين تتحدر عشرات العائلات المارونية اللبنانية التي ما زال بعضها يحمل أسماء أوروبية.
من سلطان المماليك الى امير انطاكية
من بييرس الى
بوهيموند الأول
رسالة سخرية...

"لو رأيت كنائسك وصلبانها قد كُسِّرت"
بعد سقوط انطاكيا، بعت بيبرس رسالة إلى بوهيموند الأول أمير أنطاكيه يسخر فيها منه ويصف له ما حصل لمملكته كالتالي:
” قد علم الأمير الجليل ، المبجل، المعزز، الهمام، الأسد الضرغام، فخر الأمة المسيحية، رئيس الطائفة الصليبية، كبير الأمة العيسوية، … ألهمه الله رشده، وقرن بالخير قصده، وجعل النصيحة محفوظة عنده، … قد علم غزونا له فى عقر داره، وما شاهده بعد رحيلنا من إخراب العمائر، وهدم الأعمار، وكيف كُنِسَتْ الكنائس من على بساط الارض، ودارت الدوائر على كل دار، وكيف جُعِلت تلك الجزائر من الأجساد على ساحل البحر كالجزائر، وكيف قُتِلت الرجال، واستخدمت الأولاد، وتُمُلُكَّت الحرائر، وكيف قُطِعت الأشجار، ولم يُترَك إلا ما يصلح لأعواد المجانيق والستائر، وكيف نَهَبْتُ لك ولرعيتك الأموال والحريم والأولاد والمواشى، … هذا وأنت تنظر نظر المغشى عليه من الموت.“

” وقد فتحناها بالسيف فى الساعه الرابعة من يوم السبت رابع شهر رمضان، وقتلنا كل من اختَرتَه لحفظها، والمحاماة عنها، وما كان أحد منهم ومنها، فلو رأيتَ خيالتك وهم صرعى تحت أرجل الخيل، وديارك والنَهابة فيها تصول والكسابة فيها تجول، … ولو رأيت كنائسك وصلبانها قد كُسِّرت وصحفها من الأناجيل المزورة وقد نشرت، وقبور البطاركة وقد بعثرت، ولو رأيت عدوك المسلم، وقد داس مكان القداس والمذبح، وقد ذبح فيها الراهب والقسيس والشماس والبطاركة …ولو شاهدت النيران وهى فى قصورك تحترق، والقتلى بنار الدنيا قبل نار الآخرة تحترق، وقصورك وأحوالها قد حالت، وكنيسة بولس وكنيسة القسيان قد زَلَّت كل منهما وزالت، لكنت تقول {يا ليتنى كنت تراباً ويا ليتنى لم أؤت بهذا الخبر كتاباً} ولكانت نفسك تذهب من حسرتك، ولكنت تطفىء تلك النيران بماء عبرتك. ولو رأيت مغانيك وقد أقفَرَت من مغانيك ومراكبك وقد أخذت فى السويدية بمراكبك، … لأيقنت أن الإله الذى أنطاك أنطاكية منك استرجعها، والرب الذى أعطاك قلعتها منك قلعها ومن الارض اقتلعها، … واستنزلنا أصحابك من الصياصى وأخذناهم بالنواصى، وفرقناهم فى الدانى والقاصى ولم يبق شىء يطلق عليه اسم العصيان إلا النهر، فلو استطاع لما تسمى بالعاصي، وقد أجرى دموعه ندماً، وكان يذرفها عبرة صافية فها هو أجراها بما سفكناه فيه دماً. “

و ختم كلامه بقوله :
” وكتابنا هذا يتضمن البشرى لك بما وهبك الله السلامة، وطول العمر بكونك لم يكن لك فى أنطاكية فى هذه المدة إقامة، وكونك ما كنت بها فتكون إما قتيلا وإما أسيرا وإما جريحاً وإما كسيراً، و سلامة النفس هى التى يفرح بها الحي إذا شاهد الأموات، و لعل الله ما أخّرَك إلا لأن تستدرك من الطاعة والخدمة ما فات، و لما لم يسلم أحد يخبرك بما جرى خبرناك، ولما لم يقدر احد يباشرك بالبشرى بسلامة نفسك وهلاك ما سواها باشرناك بهذه المفاوضة وبشرناك، لتحقق الأمر على ما جرى، و بعد هذه المكاتبة ألا ينبغى لك أن تُكّذِّب لنا خبراً، كما أن بعد هذه المخاطبة يجب أن لا تسأل غيرها مخبراً.

   
عام 1282\1283
رواية واستنتاج رقم واحد
مطلع سنة 1282 وجه المماليك حملة كبيرة إلى جبل لبنان بقيادة السلطان قلاوون ولاقاه حسام الدين من دمشق وحاصروا جبة بشري واجتاحوا حصرون والحدث وحاصروا الموارنة المتحصنين في إهدن بقيادة البطريرك دانيال الحدشيتي الذي كان يقود المقاتلين الموارنة بنفسه مدة 40 يوماً، ولم يتمكنوا من إقتحام إهدن إلا بالحيلة بعد أن قبضوا على البطريرك وقتلوه  في أسره، ودفن في إيليج سنة 1282
سبب هذا التدهور والفتنة في صفوف الموارنة  بسبب بدعة اليعاقبة وانقسام الجسم الماروني عندما قام الموارنة المتورطون في بدعة اليعاقبة والمناوؤن للبطريرك دانيال الحدشيتي، بتسهيل القبض على البطريرك دانيال الحدشيتي. اذ وفروا للماليك ذريعة للقبض عليه. فوشوا به وشايات كاذبة كما يقول الدويهي والقلاعي.

إن أزمة العام 1282 هامة جداً في تاريخ الموارنة، الانقسام الخطير في رئاسة الكنيسة حيث انتخب الموارنة بطريركان.
ظاهرة الانحراف والخيانة والخروج عن الصف الواحد الموحد ليست بظاهرة جديدة، فهي ظاهرة قديمة في كل المجتمعات، يجب أن نفهمها على حقيقتها وببعدها التاريخي وبالتالي نأخذ المثل والاستنتاج منها
كيف يجب على المجتمع وبشكل موحد أن يأخذ القرارات حتى لا يسمح لهكذا ظواهر أن تكبر وأن تؤدي بنتائجها إلى مآسي كبرى للشعوب!

 فكان لهذه الفتنة الاثر السلبي  مارونيا، بانتخاب بطريركين للموارنة:
  1. على اثر ذلك، في سنة 1282، وفي دير سيدة إيليج، انتخب البطريرك لوقا البهراني

    وقد اتخذ مركزاً له في حدث الجبّة
    ، (انه لوقا الاول من بنهران، الكورة، وتسلم من بعد البطريرك دانيال الحدشيتي).
    كان هذا البطريرك  لوقا البهراني من الموارنة الخارجين عن طاعة بابا روما وعن طاعة الفرنج، "الصليبيين" وبهذا الانتخاب اعتمد الًبطريرك جديد على حصانة
     حدث الجبّة
    وموقعها في منطقة جبلية وعرة، كمنطلق يتحدى الموالين لكنيسة روما والفرنج معاً، حتى استفحل أمرُه في منطقته إلى درجة أنه كان يقطع الطرقات والدروب في الجبال، وتسبب في إزعاج الناس وأذيتهم، وامتد أذاه إلى أطراف بلاد المسلمين المحيطة بجبة بشري والحدث، وشكل فرقة مسلحة وأظهر العصيان والإفساد في البلاد، وصار مصدر إزعاج للفرنج والمسلمين معاً، وعجز الفرنج في طرابلس عن القضاء على حركته.
    وقد كتب المؤرخ "ابن عبد الظاهر" مدوّن سيرة الملك "المنصور قلاوون" في حوادث سنة 682هـ/ 1283م. النص التالي:
    "اتفق أن في بلاد طرابلس بَطْركا عتا وتجبّر، واستطال وتكبّر، وأخاف صاحب طرابلس (بوهموند السابع) وجميع الفرنجية، واستقوى أهل تلك الجبال، وأهل تلك الأهوية من ذوي الضلال، واستمر أمره حتى خافه كل مجاور، وتحصّن في الحَدَث وشمخ بأنفه، وما قدر أحد على التحيّل عليه من بين يديه ولا من خلفه. ولولا خوفه من سطوة مولانا السلطان (قلاوون) لخرّب تلك البلاد، وفعل ذلك أو كاد، فاتفق أن النواب ترصدوه مراراً فما وجدوه، فقصد التركمان في مكانٍ وتَحَيّلوا عليه حتى أمسكوه وأحضروه أسيراً حسيراً.  وكان إمساك لوقا البنهراني ه فتوحًا عظيمًا، أعظم من افتتاح حصن أو قلعة"، كما سجّل ابن عبد الظاهر كاتب سيرة السلطان قلاوون في "تشريف الأيّام والعصور بسيرة الملك المنصور".

    وذكر البطريرك "إسطفان الدويهي" في كتابه تاريخ الأزمنة أن أهل القرية "الحدث" (أو الحدَد) كما يسميها الطرابلسيون، هربوا إلى مغارةٍ تُعرف بالعاصي، وهي مغارة جميلة منيعة في وادي قنوبين، فيها صهاريج ماء، فاستمر عليها الحصار مدة سبع سنين، وبنوا برجاً قبالة المغارة، وأبقوا فيه كميناً من العسكر، ثم هدموا جميع الأماكن الحصينة.
     
  2.  في هذه الظروف القاسية والخطيرة اجتمع الأساقفة والكهنة والمقدمين في دير سيدة الدوير الفيدار واشترك في هذا الاجتماع أمير جبيل(اجنبي) "غويدو جبلات" وانتخبوا أرميا الثالث الدملصاوي بطريركا وأرسلوه إلى روما ليطلع البابا "مرتين الرابع" وملوك الغرب على الحالة في جبل لبنان.
    وبما ان السفن في جبيل كانت على إربة الابحار نحو أوروبا اضطر البطريرك إلى مغادرة دير سيدة الدوير على عجل في الليل ليسافر بحراً إلى روما.
    وصل إلى روما بثياب فقيرة حقيرة فأدمع البابا مرتين الرابع لما رآه بهذه الحالة فنزع غفارته وألبسه إياها اذ ظن ان اللصوص سلبوه ثيابه وسأله: "من اعتدى عليك وعرّاك من ثيابك؟" فأخذ البطريرك الإنجيل الذي كان معه وأجاب: "هذا الذي سلبني راحتي وأمرني بالقدوم مسرعاً إليك". فتعجب البابا والحاضرون من تواضعه وقداسته. كان هذا الإنجيل الشهير "انجيل رابولا" الذي رافق البطاركة الموارنة في ترحالهم. هو تراث سرياني نسخه سنة 586  الراهب ربولا في دير مار يوحنا بيت زغبا الذي يقع ما بين انطاكيه وحلب.
     

    على الهامش الأيسر تجاه صورة ابن ارملة نائين في انجيل "رابولا" كتب البطريرك الماروني ارميا الدملصاوي الكتابة السريانية التي ترجمتها ما يلي:  

     "في سنة ألف وخمسماية وتسعين لليونان  الموافقة لسنة 1279  في اليوم التاسع من شهر شباط أتيت انا الحقير أرميا من قرية دملصا المباركة، إلى دير القديسة سيدتنا مريم بميفوق في وادي إيليج من بلاد البترون، لدى سيدي بطرس بطريرك الموارنة ورُسمت بيديه المقدستين مطراناً على دير كفتون ذلك المبني على شاطئ النهر.
    وبقيت هناك أربع سنوات بأيام الرهبان سكان الدير وهم الراهب يشوع ورفيقه إيليا والراهب داود والباقون وعددهم اثنان وثلاثون.
    وبعد أربع سنوات طلبني ملك جبيل والأساقفة والخوارنة والكهنة وألقوا القرعة فأصابيتني وصيّروني بطريركاً بدير حالات المقدس. وبعد ذلك أرسلوني إلى روما المدينة العظمى وتركت اخانا المطران تاودوروس ليدبر الرعية ويسهر عليها".

نجح  المماليك في خرق الصف الماروني، كنيسة وشعب، بالدسائس منها:

دسّ حكام المماليك بعض العملاء في صفوف سكان جبل لبنان، فزرعوا بذور الانشقاق بين الاهالي، و قد أثر ذلك على وحدة وتعايش الاهالي.  و من النكسات التي ادت اليها، دخول الحاكم بزواش من بعلبك الى طرابلس و لكن سرعان ما رئب الصدع   و ازيل الانشقاق و طهرت الصفوف من الشوائب،  و تمّ ذلك على يد البطريرك دانيال الحدشيتي الماروني انذاك.

و لكن الازمة لم تنطفىء فاستغلها الحكام و أرسلوا مزيد من المندسين الذين توافدوا الى وادي قنوبين ومحيطها وبعضهم بلباس رهبان فزرعوا بذور الفتنة من جديد، متسترين بالكرم و العطاء و السخاء. و لكن اهالي جبة بشري ثاروا عليهم وعينوا مقدما، تتبعهم و طهر المنطقة مجددا منهم. و بعد ان توفي المقدم، تجددت الازمة لغايات:

  1. شكل من اشكال الخيانة المارونية، المتكررة ليومنا:
    خلف مقدم جبة بشرى ابنه سالم، فاستدعى أعدادا من الأغراب و الهراطقة و العملاء وفك الارتباط مع سائر المقدمين الموارنة الذين كانوا يحاربون المماليك.  
    المقدم سالم الذي كان حاكماً لمنطقة جبة بشرى وإهدن، هدفه هو أن يتحول إلى أمير على  كل جبل لبنان المسيحي فوق كل المقدمين الآخرين. ولكن بما أنه لم يتمكن من خوض هذه المعركة سياسياً ولا عسكرياً، إستنجد بقوة خارجية.
    فالمماليك الموجودين في البقاع والمحيطين بجبل لبنان كان هدفهم القضاء على الصليبيين في طرابلس وفي الوقت نفسه الإنتهاء من الكيان المستقل الحر الموجود في جبل لبنان. فاتفق السلطان المملوكي مع المقدم سالم على أن يفتح هذا الأخير له ممرات الجبال الوعرة في الشمال أمام جيوش المماليك كي تمر هذه الجيوش في منطقة الشمال وأن تنزل نحو الشواطئ وتحاصر الصليبيين.
    جيش المماليك

    وفي المقابل وعد المماليك المقدم سالم إذا سمح لهم بمرور الجيوش المملوكية وبعد ان ينتصروا على الصليبيين أن ينصبّوه حاكماً مطلقاً على لبنان، أي في جبل لبنان آنذاك.    
     وزّع المقدم سالم مجموعاته العسكرية على بعض الممرات التي كانت عصية على الغزاة  والتي لم تستطع ولم تتمكن من اختراقها. وفي هذه العملية الخيانية، تمكنت القوات المملوكية ولأول مرة منذ على الأقل ستة أو سبعة قرون من اجتياز هذه الممرات ومن دخول جبة بشري وإهدن والتوجه نحو طرابلس.
    لكن جيوش المماليك لم تتوجه فوراً نحو طرابلس، فلقد استوطنت في منطقة  الشمال ودخلت القرى والبلدات من حصرون وبزعون وبشرى وإهدن والحدث وكل هذه المناطق التي كانت محصنة وحرّة، حيث دمّروها وأحرقوها وارتكبوا فيها مجازر كبرى.  

     أذاً استخدم المماليك المقدم سالم لدخول مناطق الشمال فاحتلوها وهجّروا أهاليها في العام 1283 وانسحبت قوات المردة الجراجمة من مناطق الشمال وتمركزت في مناطق جبيل والبترون بانتظار العودة.
     

  2. هذا الزمن غامض برواياته:
     
    اما كنسيا، انقسام الكنيسة المارونية الى جناحين نتيجة الحروب الصليبية وفشلها في الجوهر وانحرافها نحو التسلط والخسارة.
    فالفريق الاول قراءوا بالعودة الى الجزور االسريانية اليعقوبية والتعاون مع الفتواحة  الاسلامية يحفظون وجودهم  بعد فشل الصليبين وانهزامهم.
    اما الفريق الثاني، فضلوا كنيستهم على اتحاد مع الغرب وروما والكثلكة هو الاحسن.
    اما النتيجة فكانت سوداء،  الفريق الاول و
    بطريرك لوقا البهراني، او بطلرك الحرب، قدم المساعدة غير المحدودة للمماليك، فما حصد من هذا الصديق المسلم الذي بشرعه الاسلمة والقتل، سوى التدمير والالغاء للشعب الماروني الحالم بهذا الصديق المملوك.
    اما الفريق الثاني،
     بالرغم من استغلال المماليك ضعف الصليبيين عمدوا إلى رسم خريطة جديدة للبلاد إلّا أن هؤلاء الموارنة ونساكهم ثاروا ودعموا البطريرك ارميا  الدملصاوي رجل الصلاة فأخافوا سيف الدين قلاوون الوالي المملوكي”

 ملاحظة تحليلية من واقع الشعب الماروني في القرن العشرين، لكن العجيب انه في اي زمن ضعف ماروني تخرج قوة وتعيد التوازن للمارونية . كانه عند فشل كنيسة الار ض تتدخل كنيسة السماء!!
للاسف هذا الذي يتكرر، انه الخروج عن سياق المشروع النهضوي الماروني الذي رعته  كنيسة مارون، فيسقط نتيجة تهورسياسي موارني لغايات سلطوية.!
   
عام 1282\1283
روايات واستنتاج، عدد  2
إن أزمة العام 1282 هامة جداً في تاريخ الموارنة، لكن يشوبها كلام عن انقسام الخطير في رئاسة الكنيسة حيث انتخب الموارنة بطريركان. ما حقيقة ذلك!
  1. رواية رقم 1
    اولا، أراد المماليك إنهاء كل الانحرافات داخل الاسلام وأرادوا أن يقضوا على كل المجموعات الغير مرتبطة مباشرةً بالخلافة الإسلامية السنية، من شيعة في المتن وبعض كسروان، ومن دروز.
     اي ان الحملة قام بها الحكم المملوكي كحكم إسلامي سني على الشيعة وسائر المنبثقين عن الإسلام
     ثانيا، إستهدف المماليك  إزالة القوة المسيحية المستقلة في كسروان وسحقها نهائياً وذلك لعدة أسباب أهمها تعامل المسيحين مع الصليبيين ورفضهم الحكم العربي. اي أدّت إلى سقوط المقاومة المسيحية اللبنانية كلها. كما كانت نتائجها المفترضة، انتهاءً للوجود المسيحي الحر في لبنان وتحويله إما إلى وجود مسيحي ذمي أو إلى لا وجود،
    لولا بعض الظروف الاستراتيجية الاقتصادية التي سنستعرضها لاحقاً.
    مع العلم بأن بعض المؤرخين يقولون أن الحملة الأولى ضد المسلمين المنشقين، جرت في العام 1304، أما الحملة الكبيرة ضد المسيحيين في كسروان فجرت في العام 1305.

     بحسب التعريف المتبع في المتحف البناني، بين العامين 1988 و1993، عثر أعضاء من "الجمعيَّة اللبنانيَّة للأبحاث الجوفيَّة" على مجموعةٍ من الأجساد البشريَّةٍ المحنَّطة طبيعيّاً مع العديد من قطع الثياب والحلي في مغارة من مغارات وادي قاديشا تقع في منطقة حَدَث الجِبَّة. وتحديدا ان هذه المومياوات قد اكتُشفت العام 1989 في وادي قاديشا المدرج على قائمة منظمة يونيسكو للتراث العالمي، وهو الوادي الذي يُعرف محلياَ بـ"الوادي المقدّس". وفي العام 1995، تمّ إيداع المكتشفات في مديرية الآثار ، وعُرض بعض هذه المكتشفات في ركن من المتحف من الطابق السفلي الذي خصّص للفنون الجنائزية في لبنان.
     

    بحسب الروايات المتناقلة، لجأ الموارنة إلى هذا الوادي في الماضي هرباً من اضطهاد الروم البيزنطيين ومن ثم المماليك المسلمين، وبات قلعتهم الحصينة. وبناءا على رواية  نقلها البطريرك الماروني العلامة اسطفان الدويهي وسجلها في كتابه "تاريخ الأزمنة" (اي تاريخ الموارنة)، ما نصه الحرفي: "في شهر أيار (العام 1283)، سارت العساكر الإسلامية إلى فتح جبة بشري فصعد شرقي طرابلوس العسكر في وادي حيرونا وحاصر إهدن حصاراً شديداً، وفي نهار الأربعين ملكها بشهر حزيران، فنهبوا وقتلوا وسبوا ودكوا للأرض القلعة التي بوسط القرية والحصن الذي على رأس الجبل، ثم انتقلوا إلى بقوفا وفتحوها في شهر تموز، وقبضوا على أكابرها وأحرقوهم بالبيوت ونهبوا وسبوا ودكوها إلى الأرض، وبعدما ضربوا بالسيف أهالي حصرون وكفرسالون في الكنيسة، توجهوا في الاثنين وعشرين من شهر آب إلى الحدث، فهربوا أهلها إلى العاصي، وهي مغارة منيعة فيها صهريج للماء، فقتلوا الذين لحقوهم وخربوا الحدث، وبنوا برجاً قبال المغارة، وابقوا فيه عسكر يكمن عليهم، ثم هدموا جميع الأماكن العاصية. واذ لم يقدروا يفتحوا قلعة حوقا التي قبال الحدث، أشار عليهم ابن الصبحا من كفرسغاب بجر النبع الذي فوق بشري وتركيبه عليها، فملكوها بقوة الماء لأنها داخل الشير، واذنوا لابن الصبحا بلبس عمامة بيضه يانس وان تقيم العبيد بخدمته. ولما رجع العسكر وتاب عن سوء فعله عمر دير سيدة حوقا لسكنة الرهبان، وهو بالقرب من برج الذي كان في الشير". فهذا الذي ذكره  البطريرك  اسطفان الدويهي، كان السند االداعم "لجمعيَّة اللبنانيَّة للأبحاث الجوفيَّة" في رحلتها في استكشاف منطقة حدث الجبة وما عثروا عليه ذاك المعروض في المتحف .
     
  2. رواية رقم 2
    اولا، أراد المماليك إنهاء كل الانحرافات داخل الاسلام وأرادوا أن يقضوا على كل المجموعات الغير مرتبطة مباشرةً بالخلافة الإسلامية السنية، من شيعة في المتن وبعض كسروان، ومن دروز. اي ان الحملة قام بها الحكم المملوكي كحكم إسلامي سني على الشيعة وسائر المنبثقين عن الإسلام
     ثانيا، إستهدف المماليك  إزالة القوة المسيحية المستقلة في كسروان وسحقها نهائياً وذلك لعدة أسباب أهمها تعامل المسيحين مع الصليبيين ورفضهم الحكم العربي. اي أدّت إلى سقوط المقاومة المسيحية اللبنانية كلها. كما كانت نتائجها المفترضة، انتهاءً للوجود المسيحي الحر في لبنان وتحويله إما إلى وجود مسيحي ذمي أو إلى لا وجود،

       مع العلم بأن بعض المؤرخين يقولون أن الحملة الأولى ضد المسلمين المنشقين، جرت في العام 1304، أما الحملة الكبيرة ضد المسيحيين في كسروان فجرت في العام 1305.

     
    بحسب هذه الرواية، شن المماليك في العام 1283 حملة على جبة بشري في شمال لبنان، وحاصروا إهدن، ثم توجّهوا إلى الحدث، فلجأ أهلها إلى "مغارة منيعة فيها صهريج للماء"، فقطعوا عنها الماء.
     تأتي هذه الأحداث في زمن نهاية حكم الفرنجة وانهيار "كونتية طرابلس"، وهي المقاطعة التي أنشأها الصليبيون في مطلع القرن الثاني عشر، وكانت تمتد من المنطقة التي تُعرف اليوم بجسر المعاملتين قرب جونية، إلى مدينة طرطوس، على الساحل السوري، وتضمّ جبل لبنان "التاريخي"، أي جبة بشري، وبلاد جبيل والبترون، وجبة المنيطرة.

    وبحسب مؤرخ الفرنجة، وليم، رئيس أساقفة صور ومستشار الملك بدوين الرابع ملك "مملكة أورشليم"، جرى أول اتصال للموارنة مع الصليبيين في العام 1099، واتحدوا بكنيسة روما في العام 1182.
    "لم يكن هؤلاء الناس الموارنة قليلي العدد"، يقول مؤرّخ الفرنجة، "وقدّروا بأنّهم أكثر من أربعين ألف، وكانوا شعبًا قوي البنية ومقاتلين شجعان، وقدّموا فوائد عظيمة للمسيحيين في المعارك الصعبة التي كانوا قد خاضوها مرارًا مع العدو"، فمنحوهم "جميع الحقوق الكنسية والمدنية التي كانت لأبناء الكنيسة الرومانية الكاثوليكية".
    لكن هذا الإتحاد لم يكن ثابتاً، إذ تعرّض لأكثر من انشقاق كما يقول المؤرّخون الذي عاصروا هذه الحقبة الشائكة.

    في العام 1268 شنّ السلطان بيبرس حملة عسكرية على جبّة بشري، وتلا هذه الحملة تساقط المناطق التابعة لكونتية طرابلس الواحدة بعد الأخرى. بعدها عقد السلطان قلاوون في العام 1281، معاهدة صلح لمدة عشر سنوات مع صاحب طرابلس بوهيموند السابع، وشملت هذه المعاهدة جميع أراضي الكونتية.
    في ظلّ هذه الهدنة، شنّ المماليك العام 1283 حملة أخرى على منطقة جبة بشري وشرّد أهلها، وهي الحملة التي أشار إليها البطريرك إسطفان الدويهي "تاريخ الأزمنة"،
    وتقابلها رواية "إسلامية" نقلها محي الدين بن عبد الظاهر في كتابه "تشريف الأيّام والعصور بسيرة الملك المنصور". تقول هذه الرواية المملوكية: "إتّفق أنّ في بلاد طرابلس بطريركًا عتا وتجبّر واستطال وتكبّر وأخاف صاحب طرابلس وجميع الفرنجة، واستمرّ أمره حتى خافه كل مجاور. وتحصّن في الحدث وشمخ بأنفه، وما قدر أحد على التحيّل عليه من بين يديه ولا من خلفه. ولولا خوفه من سطوة مولانا السلطان لخرب تلك البلاد، وفعل ذلك أو كاد. فاتفق أن النواب ترصّدوه مراراً فما وجدوه. فقصده التركمان في مكانه وتحيّلوا عليه حتى أمسكوه وأحضروه أسيرا وحسيرا. وكان من دعاة الكفر وطواغيهم، واستراح المسلمون منه وآمنوا شره. وكان إمساكه فتوحًا عظيمًا، أعظم من افتتاح حصن أو قلعة، وكفى الله مكره".


اما المفارقة هنا:

  • يتحدّث مؤرّخ المماليك عن "بطرك الحدث من بلاد طرابلس"، ولا يذكر اسمه.
  •  في المقابل ، يتحدّث البطريرك إسطفان الدويهي عن البطريرك لوقا من بنهران الذي انتخب يطريركا مارونيا. في نفس الزمن الذي تحدث فيه  مؤرّخ المماليك
  • اما في الاستنتاج، بين 1982 و1983:
    • من الظاهر ان هذا البطريرك لوقا والشعب الماروني في منطقة جبة بشري، كانوا مشمازون من معاهدة الصلح عام 1281 بين صاحب طرابلس الصليبي بوهيموند السابع واللمماليك، وفقدوا الثقة بفريقي الصلح
    • وخوفا من تكرار مصيبة الابادة لتي حلت بالموارنة زمن البطريرك الاسبق دانيل الحتشيني.على يد المماليك، كانت جهوزيتهم مع البطريرك لوقا من بنهران للتصدي وحيدين لاي هجوم من المماليك
    • وما وصف المماليك لهذا البطريرك الا لشرعنة جريمتهم.
      مضمون الوصف: "ان هذا البطريرك عتا وتجبّر واستطال وتكبّر وأخاف صاحب طرابلس وجميع الفرنجية حتى المماليك، لدرجة انه خرج عن الملّة وتحرّك ضد الفرنجة".
    • مما يعني ان صاحب طرابلس الصليبي كان على خلاف مع موارنة جبة بشري، ولكي يثار منهم تم تفويض المماليك بالمهمة. بحجة ان البطريرك كان خارج عن الملة (الكاثولبكبة). اي ان البطريرك لوقا قد اتبع نهج اليعاقة.
    • اما الغموض هو هنا، بطريرك متهم باتباع نهج اليعاقبة لا الكثلكة يهاجم من الجيش المملوكي بواسطة تعاون بين رهبان يعاقبة ومقدم بشري لتسهيل فتح الممرات الجبلية عبر بشري  للمماليك. اي منطق هو ان رهبان مسيحيين يعاقبة كانوا وراء هلاك بطريرك ماروني انتهج خط المسيحيين اليعاقبة !!
    • اما الاوضح هو ان خسارة صاحب طرابلس الصليبي امام الممليك، انفجرحقدا على الموارنة وبطريكهم فالصقوا بهم التهم حتى تخوينهم دينيا. اما المماليك هم اصلا مسلمين متطرفيين نهجم ابادة كل من يرفض الخنوع  للاسلمة.
    • ونتيجة لسقوط وابادة موارنة جبة بشري وتدميرها ووفقا للتواريخ التقريبية،  كان على أهالي جبة المنيطرة منعا الفراغ ان ينتخبوا بطريركا للطائفة ، فكان البطريرك أرميا الدلمصاوي المنتخب في دير حالات بحضور امير حبيل الصليبي، حنا الماروني. فقيل انه بات للطائفة المارونية بطريرك مناصر لروما  في حالات
    • بعد سقوط جبة بشري، اضطر البطاركة إلى هجرة مركزهم في دير سيدة يانوح
   
عام 1282\1283
رواية واستنتاج رقم  3
إن أزمة العام 1282، هل هي واقعا تاريخ صحيح عن انقسام خطير في رئاسة الكنيسة المارونية حيث انتخب الموارنة بطريركان؟
يقول
بطرس ضو في تاريخ الموارنة الجزء الثالث (صفحة 532 ) نقلا عن نصوص لجبرائيل ابن القلاعي بخصوص البطريرك لوقا البنهراني المعروف ب (بطرس الثاني) بما يلي:

اولا : لقد اثبت جبرائيل ابن القلاعي وجود البطريرك لوقا البنهراني الماروني في سنة 1145 و ليس بين سنتي 1281 و 1282 كما اكد سقوطه في البدعة الجديدة المعروفة ببدعة ابوليناريوس التي احدثت بين الموارنة انشقاقا . فكان من جرائها و لو بعد سنين طويلة هجوم السلطان قلاوون على كسروان في سنة 1305 (و ليس في سنة 1308 ) فاستولى على كسروان و احرقها و بدد شمل اهلها الذين ظلوا عائشين فيها .
ثانيا : اكد ابن القلاعي ان بابا روما لما عرف بتفشي هذه البدعة بين بعض الموارنة ارسل من قبله الى البطريرك لوقا البنهراني قصادا للنظر فيها و حث هذا البطريرك على الابتعاد عنها و الرجوع الى الايمان القويم .
 لكن هذا البطريرك لم يقبلهم لعلمه بان "احتكاكات كثيرة حصلت بين الموارنة و الصليبيين و هي ناتجة عن اختلاف المزاج الفرنجي و المزاج الشرقي الماروني "(الاب بطرس ضو صفحة 470 ) فضلا عن الضغوط الناشئة من جهة الكنيسة الرومانية على الكنيسة المارونية باتجاه (الليتنة ) في مجال الطقوس و العادات و التنظيم الكنسي .
و السبب الاهم في حصول هذا الاحتكاك و التباعد بين الموارنة و الصليبيين كان تعاون بعض الموارنة في جبال بشري و الجبة مع حملة التركي بزواش على طرابلس و للاسف تصرف الفرنج على اثر هذه الحادثة بعنف و فظاظة و قساوة زادت في سوء الوضع اذ انتقموا من هؤلاء الموارنة بشراسة منقطعة النظير و اعتقلوا الذين من نصارى الجبل عاونوا بزواش مع نساءهم و اولادهم حتى الاطفال منهم و اقتادوهم الى طرابلس حيث اعدموهم جميعا فكان هذا التصرف السيئ منطلقا لأزمة خطيرة انفجرت بين الفرنج و شطر كبير من الموارنة و على رأسهم رأس كنيستهم المارونية البطريرك لوقا البنهراني من جبة بشري و ذلك سنة 1145, و بلغت ذروتها العسكرية بأخذ نور الدين لحصن المنيطرة في سنة 1165 ... و بتوغل صلاح الدين في جبل الموارنة في سنة 1186.

كما قال العلامة الدويهي بهذا الخصوص ما يلي : و في سنة 1165 سار الى جرد بلاد جبيل نور الدين التركي و افتتح حصن المنيطرة . و عقب على ذلك الأب ضو قائلا : لو لم يكن بعض الموارنة آنذاك متضامنا مع نور الدين (ردا على افعال الفرنج ضد بعض الموارنة ) لما كان استطاع هذا الاخير اخذ حصن المنيطرة المنيع و دخل تلك المنطقة الحصينة التي لم يتعرض لها المسلمون قبل ذلك الزمن ابدا .
و هذا ما يعطي فكرة واضحة عن مدى تمسك الموارنة بكرامتهم و استقلال قرارهم و تعلقهم برأس كنيستهم المارونية مستعدين للموت فداء عنه كما هو يرفض التخلي عن رعيته بل 
الموت معهم عندما لا يستطيع انقاذهم من الشرور و المخاطر خاصة عندما يكون الظلم ظلم ذوي القربى و الدين و من كنا بالامس سبب انتصارهم. و هذا ما جعل الموارنة يتعاونون مع نور الدين التركي فقط للثأر لأجل كرامتهم و ثأرا لمن اعدمهم الافرنج .
   
عام 1282\1283
رواية  رقم  4
 

استفاد  السلطان المملوكي قلاوون، من الهدنة مع الصليبيين سنة 1283 وتوغل جيشه الى معاقل الموارنة في اعالي لبنان الشمالي، فاحتل القرى والبلدات التي تحيط بطرابلس والتي كانت تساعد المدينة دائما ضد المماليك حتى وصل الى بشري واهدن وحدث الجبة وخربها، فنزحت جماعات كبيرة من الاهالي الى الوديان العميقة والجبال العاصية والى جزيرة قبرص.

لم يتحرك الصليبيون لنجدة هؤلاء الموارنة الاقحاح الذين كانوا يدافعون عنهم ويتكبدون الخسائر في كل مرة كان المماليك يتقدمون باتجاه طرابلس لاحتلالها، الامر الذي ادى الى التنكيل بقرى اهدن وبشري والحدث بعنف بالغ.
 
يقول البطريرك الدويهي: «… في شهر ايار سنة 1283،سارت عساكر المماليك الى فتح جبة بشري وصعدت الى وادي حيرونا شرقي طرابلس، وحاصرواقرية اهدن حصارا شديدا وملكوها بعد اربعين يوما في شهر حزيران، وسلبوا ما وجدوا،وضربوا القلعة التي في وسطها، والحصن الذي كان على رأس الجبل، ثم انتقلوا الى ميفوق ففتحوها في شهر تموز وقبضوا على اكابرها واحرقوهم في البيوت ودكّوها للأرض واكثروا من النهب والسلب.

وبعد ان اعملوا السيف بأهل حصرون وكفرسارون وذبحوهم في الكنيسة رجعوا في 22 اب الى حدث الجبة فهرب اهلها الى  مغارة عاصي الحدث.  

إستمر حصار مغارة عاصي الحدث 7 سنوات تمكن من خلالها أهالي الحدث من الصمود في وجه المماليك الذين احتلوا البلدة ونكلوا باهلها واحرقوا منازلها ولم تسلم كنيسة مار دانيال من الخراب التي أصابها. تمكن أهالي الحدث من الصمود داخل المغارة وذلك بعد أن جرّوا اليها  قناة ماء من عين كوسا، حيث كانت تصل الى المغارة بطريقة سرّية. وكان الأهالي يؤمّنون المؤن من حبوب وطحين وزيوت ومواشي وذلك عبر التنقل بدهاليز تصل المغارة بالبلدة.  

إستعان المماليك بالخيل لمساعدتهم في إيجاد الطريقة للدخول الى المغارة. فعطّشوا الخيل ثلاثة أيام، واطلقوها فوق المغارة لأكتشاف مصادر المياه اليها،  ولم تمض ثلاثة أيام على تعطيش الخيل حتى إكتشفت مجرى للماء فجلبوا الحيوانات، وذبحوها على قنوات الماء، وإمتزج الماء بالدم، وتلوّثت كليّاً المياه. فأستسلم الأهالي بعد سبع سنوات من الحصار. منهم مَن مات داخل المغارة جوعاً وعطشاً، ومنهم مَن هرب الى خارج المغارة فقتله المماليك، ومنهم لا يتعد عدد أصابع اليد، تمكنوا من الهرب إلى جبيل.

 
ملحق رواية، قصة ابن الصبحا والبطريركين: 
بعد هزيمة الافرنج على يد المماليك ،عينوا البطريرك أرميا، بينما انتخب اكليروس الجبل البطريرك لوقا البنهراني . غضب الافرنج من البطريرك لوقا الذي كان يحكم ناحية حدث الجبة .فتآمروا مع السلطان قلاوون للقبض على البطريرك فأعطوه صندوقا مملؤا من الذهب وخارطة اهدن بان حصرون حدث الجبة .
تحرك المماليك ناحية اهدن صيف 1283 فسقطت القلعة في وسط الضيعة (الكتلة) فالتجأ الاهالي الى قلعة سيدة الحصن وبعد حصار اربعين يوم سقطت القلعة و ذبح كل من التجأ اليها .ومن بعدها هاجموا بقوفا واحرقوا البيوت قبل ان يتوجهوا الى حصرون حيث ارتكبوا مذبحة في حق المؤمنين .
التجأ الاهالي والبطريرك الى مغارة عاصي الحدث وعبثاً حاول المماليك الوصول اليها لوعورة المسالك المؤدية اليها .وبعد سبعة اشهر من الحصار الشديد اراد البطريرك الاستسلام وطلب من الاهالي الانتقال الى المغارة المقابلة اي مغارة حوقا .حاول المماليك لعدة اشهر احتلال المغارة لكن عبثاً ...واذ بقروي يدعى ابن الصبحا من قرية كفرصغاب، كان والده مدير شؤون البطريرك لوقا الذي طرده البطريرك لوقا من دون سبب واراد ابن الصبحا الثأر لوالده فألتقى المماليك وعرض عليهم خطة بتحويل مجرى ساقية مار سمعان التي تنبع من بشري الى المغارة. و بالفعل تم حفر قنوات لمدة يومين تصب مباشرة في اعالي مغارة حوقا التي غمرتها المياه فخرج الجميع فأطبق عليهم المماليك و ذبحوا الجميع ...

   
عام 1287

إن المردة الجراجمة بفقدانهم جبة بشري وإهدن، فقدوا مرتكزاً أساسياً من مرتكزات المقاومة ولكن بعد صمود ونضال طويلين تمكنوا من استعادة مناطق الشمال في العام 1287 وانقضوا بدفعات متتالية على جيوش المماليك المتواجدة في هذه المناطق وحول طرابلس وتمكنوا من استرجاع كل المناطق التي كانت محتلة.
ولكن الاحتلال المملوكي دمّر وقتها النظام الإقتصادي والإجتماعي وقضى على كل معالم الحضارة في منطقة الشمال. من هنا، حتى ولو كانت العودة بعد خمس او ست سنوات، فالخزان البشري من اللبنانيين في الشمال كان قد استضعف ودمّر تدميراً شبه تام.

من عام 1291 فتحت جيوش المماليك صور، وكان فيها عدد كبير من المسلمين، فأمروا بإخلائها وهدمها،
بعدها توجّهت الجيوش الإسلامية إلى صيدا ودخلتها ودكّت المدينة وجزيرتها للأرض
ومن ثم انتقلت إلى بيروت فهدمت أسوارها ودكّت قلعتها وحولت كنيسة مار يوحنا جامعاً، وجعلت على صُوَرِها طيناً بقصد إخفائها وطمس معالمها.
بعد بيروت، توجّه المماليك إلى جبيل، فطردوا الصليبيين منها، وقد كان يتولى حكمها وقتذاك الأمير حنّا الماروني، فطلب الهدنة من المسلمين ودخل تحت طاعتهم، وفي الليل، راح يهيّىء مراكب وملأها من الناس بهدف نقلهم إلى جزيرة قبرص، وقبل أن يبتعد في البحر، أشعل النار في المدينة، التي، لما وصلها العسكر الإسلامي  ووجد أبواب سورها مقفلة والنار تتّقد في البيوت، احتلها بلا مقاومة.
عام 1293

معركة جبيل – الفيدار – المدفون التي انتصرت فيها مقاومتنا
عرف البطريرك ارميا الدملصاوي بالراعي الصالح وبتشدده في المحافظة على التقاليد الدينية والوطنية أرسى الوحدة المارونية الدرزية في جبل لبنان. قاد وتابع من دير سيدة الدوير في الفيدار معركة جبيل ضد المماليك الذين حاولوا اجتياح المدينة سنة 1293 وهزموا بين نهري الفيدار والمدفون.

وقيل عن سكان جبل لبنان:
"انهم أناس يعيشون فوق هضاب لبنان، في منطقة فينيقيا، على مقربة من مدينة جبيل وعددهم لا يستهان به وانهم مدربون وبارعون في استعمال القوس والسهم في الحروب واسمهم الموارنة".

تفاصيل المعركة:  

توطئة: 
الهجوم الثاني الكبير الذي حصل على ساحل جبل لبنان والذي يمكننا أن نعتبره أكبر انتصارٍ عسكري استراتيجي لسكان جبل لبنان على جحافل وجيوش همجية محتلة، هذه المعركة الكبرى التي لا نراها في كتب التاريخ في المدارس والجامعات ولا في أية كتب تربية رسمية في لبنان أو في منطقة الشرق. هذه المعركة الاستراتجية التي جرت في أصعب الظروف وقعت في العام 1293 وعرفت بمعركة "المثلث" الفيدار-جبيل-المدفون.  

قرار السلطان المملوكي: 
هذه المعركة بدأت عندما قرر السلطان محمد بن الناصر بن قلوون المملوكي أن يتخلص ويخضع نهائياً جبل لبنان. جمع هذا السلطان نائب الشام جمال الدين اقوش الأفرم ونائب طرابلس وسيف الدين اسندمر والنائب شمس الدين سنقر المنصوري التابعين مباشرة للسلطنة المملوكية واستدعى الأمراء وكل القبائل والعشائر الموالية لهم والمستوطنة في لبنان وأمرهم بجمع جيوشهم , كانت هذه الجيوش توازي نحو مئة ألف عسكري وقتذاك أي العام 1293.

وأمرهم بالتوجه نحو عمق  وقلب جبل لبنان وسحق مناطق جبيل وكسروان, وقال لهمكما جاء في مقطع من كتاب "أخبار الأعيان": "كل من نهب امرأة كانت له جارية وكل من احتل أرضاً أو قرية اقتطعها..."  

توجهت هذه الجيوش المملوكية بمحورين، محور تقدم من بيروت إلى جبيل قوامه 60 ألف مقاتل ومحور تقدم من طرابلس إلى جبيل أيضاً من 40 ألف مقاتل. هدفهم احتلال مدينة جبيل ومن ثم

تطويق وعزل الجبل باستيلائهم على كل السواحل وبالتالي منع الإتصال بين عمق الجبل والخارج وبالتالي إسقاط هذا الجبل من خلال الحصار.   

خطة المواجهة: 
استنفر المقدمون وعددهم ثلاثون واشهرهم خالد مقدّم مشمش وسنان واخوه سليمان مقدّمي ايليج وسعادة وسركيس مقدّمي لحفد وعنتر مقدّم العاقورة وبنيامين مقدّم حردين (دون المقدم سالم الخائن) وهم القادة في السلم و الحرب و جمعوا رجالهم الثلاثين الف وتجمعوا في إهمج ومشمش ولحفد وميفوق ونظموا صفوفهم ووضعوا الخطة التالية:  

وضع قوة في منطقة المدفون تتوجه من قلعة "سمار جبيل"، ووضع قوة أخرى في منطقة الفيدار، والجزء الأكبر من القوة  يتمركز على الهضاب فوق مدينة جبيل، كانت مهمة المقاتلين

المتحصنين في تلال الفيدار نصب كمين و قطع طريق الامداد عن القادمين من الجنوب,
والمقاتلين المتحصنين فوق جبيل الانقضاض على الجيش المملوكي في المدينة,   والمقاتلين  في وادي المدفون نصب كمين و قطع طريق الامداد عن القادمين من طرابلس والانقضاض على المنسحبين.  

المعركة: 
عندما توجه الجيش المملوكي من الجنوب نحو جبيل، قطع أمام الكمين الموجود في الفيدار ووصل إلى مدينة جبيل فلم تعترضه القوة الموجودة في الفيدار, وكان المقدمين  طلبوا مسبقاً من أهالي

جبيل أن ينسحبوا من المدينة وأن يتركوها بكل ما فيها من مقومات وغنى ومحاصيل وأن يصعدوا إلى المراكب البحرية.  

وصل الجيش المملوكي إلى جبيل، فرأى السكان في البحر وكان ذلك وقت غروب الشمس، فظنّ المماليك أن سكان مدينة جبيل هربوا خوفاً وتركوا كل شيء في المدينة, فدخلوا إلى البيوت وانصرفوا

الى النهب والحرق والسرقة واللهو والاحتفال فتضعضع الوضع التنظيمي داخل الجيش المملوكي الذي كان  منتشيا بالنصر السهل والمغانم.  

في بداية المساء، تجمعّت قوات المقدمين الموجودة على الهضاب فوق جبيل وتوجهت مباشرة إلى المدينة وشقت صفوف الجيش المملوكي الذي كان مربكاً ومفككاً كلياً ووصلت إلى القيادة وضربتها, ووثب مقدم مشمش على قائد الجيش المملوكي حمدان و ارداه قتيلا. 

 
فتقهقر الجيش المملوكي في جميع أنحاء المدينة وقُضِيَ على ثلاثة أرباعه وغنموا بامتعتهم واسلحتهم واخذوا اربعة آلاف
رأس من خيلهم؛
  وعندما قدمت الأكراد لنجدتهم وقعوا بيد المكمنين على هضاب وضفاف نهر الفيدار فلم يخلص منهم إلاّ القليل.  


قتل من الإمارة التنّوخيّة نجم الدين محمّد وأخوه شهاب الدين أحمد ولدي جمال الدّين حجّي وغزت الجرديّة بلادهم فاحرقوا منها عين صوفر وشمليخ وعين زوينه وبحطوش وغيرها من بلاد الغرب؛ وقتل أيضًا من المقدّمين بنيامين صاحب حردين فدفنوه عند صاحب الأركان في جبيل..."  

 اما الفلول المملوكية الأخرى التي انسحبت صوب الشمال وقعت في مكمن جسر المدفون وقضي عليها, ومن يومها أصبح وادي المدفون يعرف بهذا الاسم لكثرة ما دفن فيه من قتلى المماليك. بعد أن كان يعرف بوادي حربا أي وادي الحرب في اللغة السريانية، وكان اسم وادي حربا أخذ من المعركة التي جرت نحو 693 بين الموارنة المتحصنين في قلعة سمار جبيل والجيش البيزنطي. 
 

وعندما توجه الجيش المملوكي الثاني الذي أتى من طرابلس ليلاقي الجيش الأول في منطقة جبيل صباح يوم المعركة وصل إلى المدفون ورأى نتائج وخسائر المعركة الكبيرة والمذهلة. تراجع إلى طرابلس ولم يكمل مسيرته نحو جبيل.  

 المقدم نقولا: 
يقول ابن القلاعي في مديحة جبل لبنان أن صبيّا يدعى نقولا، كان سائرًا على ضفاف نهر رشعين لما كانت المعركة ما بين المقدمين والمماليك في مدينة جبيل، التقي هذا الفتى بمجموعة من المماليك وكان هو وحده فقتل عشرين منهم واكمل سيره الى جبيل حيث كانت المعركة قد انتهت.

فعين البطريرك الفتى نقولا هذا مقدما لمنطقة جبة بشري والزاوية بدل الخائن سالم الذي سمح لليعاقبة والمندسين ان ينشروا الفساد في الجبة والزاوية.

 الخلاصة: 
بظرف ثماني أو تسع ساعات أي بمعنى ما يسمونها حرب البرق Guerre éclair تمكن مقاتلو المقدمين  والمردة الجراجمة من القضاء على جيش نظامي كبير يتألف من  اكثر من 100 ألف جندي.  
 وهكذا انتصر مقدّمي جبيل والمردة، بعد ان صدّوا المماليك ومنعوهم من الدّخول إلى بلاد جبيل الممتدّة بين نهري المدفون وابراهيم، فأضحت تلك المنطقة بامتدادها حتّى جرود بعلبك، ملجأ للذين نجوا من حملة المماليك، وبقيت ملجأ لهم وخصوصا منطقة العاقورة  وجوارها إلى أن قوّض العثمانيّون أركان الدّولة المملوكية في معركة مرج دابق سنة  1516

   
عام 1297 توفي البطريرك أرميا الدملصاوي سنة 1297 وخلفه البطريرك شمعون أو سمعان الخامس، الذي أقام في إيليج وفي عهده بدأت أفظع حملة تنكيل قام بها المماليك ضد الموارنة وبشكل لم يعرفه التاريخ الماروني من قبل. 
 
   
بين 1260 و 1303 في السنوات الأخيرة من الحملات الصليبية، تعرض لبنان لاربع موجات عسكرية من المواجهات مع المغول، التي خلفت الخراب والانتقام الوحشي ضد الموارنة وبلداتهم  لاذلالهم:
فتعرضعت كنائسهم لاطلاق النار، وقراهم نهبت، وكرومهم دمرت، فهدم الجيش المملوكي عمق الأراضي المارونية المتظللة بالارز : من يشري، إهدن، الحدث، والجبة...
   
في 1302 و1306-1308  تم توجيه حملات المماليك أساسا ضد كسروان كما الانتقام لم تؤخذ فقط ضد الموارنة ولكن أيضا ضد المسلمين انشقاقين، كاشيعة. وكانت كسروان، قديما ووفقا للتقاليد سميت أمير الموارنة ، في الوقت التي يقطنها خليط سكاني من الموارنة والشيعة وبعض الدروز. 
   
عام 1305

 

  إنّ حملة كسروان سنة 1305، غيّرت مرّةً أخرى وجه التاريخ.
فالحملة التي قادتها قوات المماليك ضد قوات المردة الجراجمة اللبنانية، أدّت بنتائجها إلى سيطرة الحكم العربي على كل جبل لبنان، أي ما تبقى من بقعة حرية في منطقة الشرق الأدنى.  فخربت قرى وكنائس وأديرة الموارنة وقرى الشيعة
انه تطوّر الصراع ما بين الاحتلال المملوكي العربي المنبثق عملياً عن الوجودين العباسي والأموي، وبين المقاومة المسيحية اللبنانية في جبل لبنان.
 انه إستمرّ لللكيان المستقلّ الذي دافعت عنه المقاومة حوالي سبعة قرون، من الصمودً العظيمً والتضحياتٍ الجسام، وفي نفس الوقت التنظيم الداخلي، القوة الذاتية والإيمان بالصمود.
عيّن المماليك هدفاً وأرادوا من خلاله الانتهاء من الكيان الحرّ. هذا الهدف كان منطقة كسروان (العاصية) بعد أن عيّنوا الشمال هدفاً وتمكّنوا من تدمير مقدّراته. الخزّان البشري الثاني كان منطقة كسروان والمناطق المحيطة بها، وكان هدف المماليك أن يدخلوا إلى هذه المنطقة وأن يسحقوها هكذا:

 منطقة كسروان-العاصية، القاعدة الثانية للمسيحيين والموارنة بعد جبة بشري وإهدن في الشمال. وقد كانت هذه الأرض غنية، فيها كثافة سكانية، منيعة، ومن هنا سميت "العاصية" ، فأهالي كسروان لم يظنوا يوماً أنّه باستطاعة جندي مملوكي أو عربي أن يدخل هذه المنطقة والتي هي ملجأ المضطهدين ولم يتصوروا يوماً أنه يمكن للعرب أن يستهدفوها لوحدها دون هجوم كامل وشامل على جبل لبنان.
كما سميت بكسروان نسبة للأمير "كسرى" والذي كان مشهوراً بعلاقاته المميزة مع بيزنطية.

ملاحظة مميزة:
  1. أراد المماليك إنهاء كل الانحرافات داخل الاسلام وأرادوا أن يقضوا على كل المجموعات الغير مرتبطة مباشرةً بالخلافة الإسلامية السنية، من شيعة في المتن وبعض كسروان، ومن دروز.
     اي ان الحملة قام بها الحكم المملوكي كحكم إسلامي سني على الشيعة وسائر المنبثقين عن الإسلام
  2. اولا، أراد المماليك إنهاء كل الانحرافات داخل الاسلام وأرادوا أن يقضوا على كل المجموعات الغير مرتبطة مباشرةً بالخلافة الإسلامية السنية، من شيعة في المتن وبعض كسروان، ومن دروز.
     اي ان الحملة قام بها الحكم المملوكي كحكم إسلامي سني على الشيعة وسائر المنبثقين عن الإسلام
  3. ثانيا، إستهدف المماليك  إزالة القوة المسيحية المستقلة في كسروان وسحقها نهائياً وذلك لعدة أسباب أهمها تعامل المسيحين مع الصليبيين ورفضهم الحكم العربي. اي أدّت إلى سقوط المقاومة المسيحية اللبنانية كلها. كما كانت نتائجها المفترضة، انتهاءً للوجود المسيحي الحر في لبنان وتحويله إما إلى وجود مسيحي ذمي أو إلى لا وجود، 
     مع العلم بأن بعض المؤرخين يقولون أن الحملة الأولى ضد المسلمين المنشقين، جرت في العام 1304، أما الحملة الكبيرة ضد المسيحيين الموارنة في كسروان فجرت في العام 1305.
    ففي معركة 1305، حيث ً. فللمرة الأولى نشهدُ تحالفاً لبنانياً بين المسيحيين الموارنة والشيعة على تنوع مذاهبهم، وبعض الدروز خصوصاً  ولم يكن هذا الموقف إلا تعبيراً عن الدفاع عن الخاص اللبناني، وعن مواقع الطوائف والمذاهب المتميز كل في منطقته. وكان لانتصار المماليك دورٌ في إعادة التوزيع الديموغرافي في لبنان، وفي ازدياد العزلة عن المحيط. وتكمن أهمية الخاص في لبنان أنَّ الأسر الكردية والتركمانية التي أسكنها المماليك على الساحل بين أنطلياس وعكار اندمجت في المجتمع اللبناني ونسيت هويتها الأساسية لتصبح لبنانيةً من حيث التقاليد والعادات بما في ذلك التنافس السياسي
الهجوم ...
حدد المماليك هدفهم لاسيما أن هذه المنطقة بعمقها الاستراتيجي وغناها، فأحاطوا المنطقة بقوة يقدر عددها حوالي 100 ألف جندي ولكن بالفعل شنّت الجيوش العربية هجوماً رهيباً على هذه المنطقة من كل المحاور:
فتقدم جيش طرابلس على الخط الساحلي وانفصل إلى محورين، محور نحو خليج جونية ومحور نحو غزير،
وتقدم جيش بعلبك صوب المنيطرة،
وتقدم جيش الشام نحو قهمز- حراجل
وتقدم جيش بيروت نحو جونية ومن ثم تقدم نحو عجلتون.
وقوات الشوف تقدمت في الجبل نحو عمق كسروان.
إنتشرت قوات الجراجمة على جميع المحاور وبدأت بإعاقة التقدم العربي المملوكي. ولكن ما العمل مع مائة ألف يهاجمون حوالي 15 ألف من المقاتلين.

 دارت المعارك بشراسة بين قرية وقرية ومن وادي إلى وادي ومن قمة إلى قمة ومن تلة إلى تلة، حسب ما يقول المؤرخون.
كل هذه الجيوش التقت في مناطق ريفون حيث دارت أعنف وأشرس المعارك بين المقاومة المسيحية اللبنانية في كسروان وجيوش الغزاة لعدة اسابيع كما يقال
ولكن في النهاية كانت الغلبة للجيوش النظامية الكبرى، في الوقت الذي لم يكن لدى المردة الجراجمة حلفاء خارجيين. ناهيك على ان  الخزان البشري في الشمال قد ضرب من جراء الحملة المملوكية الأولى.
من هنا سقطت منطقة كسروان-العاصية في العام 1305 وتمكنت جيوش المماليك من السيطرة نهائياً على هذه المنطقة الحرة وبدأت بعملية تدمير هذه المنطقة من خلال الدخول إلى القرى وتدميرها وارتكاب مجازر جماعية لكل السكان وتهجير ما تبقى،
ويقال: "حتى أن الأنهر اختلطت بالدم وكانت تجري المياه باللون الأحمر على مدى أشهر"، شهادة لأحد المؤرخين. ودونت المجزرة في التاريخ تحت إسم "إحراق كسروان".

       لم يكتفِ المماليك بتدمير القرى وقتل أهاليها وتهجير من تبقى منهم إلى خارج المنطقة، بل أيضا
  • اولا، أراد المماليك إنهاء كل الانحرافات داخل الاسلام وأرادوا أن يقضوا على كل المجموعات الغير مرتبطة مباشرةً بالخلافة الإسلامية السنية، من شيعة في المتن وبعض كسروان، ومن دروز.<br> اي ان الحملة قام بها الحكم المملوكي كحكم إسلامي سني على الشيعة وسائر المنبثقين عن الإسلام
  •  ثانيا، إستهدف المماليك  إزالة القوة المسيحية المستقلة في كسروان وسحقها نهائياً وذلك لعدة أسباب أهمها تعامل المسيحين مع الصليبيين ورفضهم الحكم العربي. اي أدّت إلى سقوط المقاومة المسيحية اللبنانية كلها.
    كما كانت نتائجها المفترضة، انتهاءً للوجود المسيحي الحر في لبنان وتحويله إما إلى وجود مسيحي ذمي أو إلى لا وجود، لولا بعض الظروف الاستراتيجية الاقتصادية التي سنستعرضها لاحقاً.

 مع العلم بأن بعض المؤرخين يقولون أن الحملة الأولى كانت ضد المسلمين المنشقين، جرت في العام 1304،
 أما الحملة الكبيرة ضد المسيحيين في كسروان فجرت في العام 1305، حيث:
  • قطع المماليك الأشجار ودمروا كل النظام الزراعي،
  •  وهدموا الجلال وأصبحت منطقة كسروان منطقة قاحلة كلياً.
  • وأصبح هناك فرق بينها وبين جبيل وبينها وبين المتن من جراء الحملة المملوكية. فكان اقتلاعٌ الوجود المسيحي سريعا، لكن استغرق مئات السنين لاسترجاعه.
  • وبسقوط كسروان سقطت المقاومة المسيحية اللبنانية في كل جبل لبنان، وتراجع الوجود المسيحي الديموغرافي إلى مناطق جبيل والبترون وما تبقى منه في منطقة بشري، بينما امتدت القبائل والعشائر العربية إلى كل المناطق التي سقطت، وأصبح هناك عامل ديموغرافي جديد في جبل لبنان هو العامل العربي الاسلامي.
      إذن، بسقوط منطقة كسروان سقط جبل لبنان، وبسقوط جبل لبنان، سقطت استقلالية وسيادة الشعب المسيحي في لبنان ودخل مرحلةً مصيريةً جديدةً من تاريخه لأول مرةٍ هي مرحلة الاحتلال، مرحلة التذويب.

أهمية الأرض:
فخسارة الأرض هي خسارة صعبة جداً فما تخسره في ساعات وأيام، يحتاج إلى سنوات وقرون لاسترجاعه. فعندما سقطت الاستقلالية المسيحية في كسروان عام 1305، عملت أجيال وأجيال بهدوءٍ وصمتٍ وصبرٍ وتضحية للعودة إلى هذه الأرض، وقد استغرق ذلك أربعة قرون.
 من هنا ، تاتي أهمية التمسك بالأرض بالذات، التي هي الاستقلال  والصمود للحفاظ على الكيان باستقلاله


بشكل اخر من الوصف، اليكم موجز لوقائع «الحملات الكسروانيَّة» التي يقدر انها ثلاثا:

  1. توجَّهت الحملة الأولى  إلى جبال كسروان وعرة المسالك، في عام 1292م، بقيادة نائب السَّلطنة في مصر، الأمير بدر الدِّين بيدرا ، يعاونه كبار أمراء الشَّام، وكان هدفها الاقتصاص من (الكسروانيين) المتَّهمين بالتَّعاون مع الفرنج. وبسبب المقاومة الشَّرسة التّي تعرَّضت لها الحملة، اضطرَّ بيدرا إلى الانسحاب من المنطقة، وعاد بقوَّاته إلى دمشق بعد أن مُنيَت حملته بالإخفاق الذَّريع. وقيل إنَّه أخذ رشوة من أعيان كسروان في مقابل انسحابه من بلادهم، وإنَّ السُّلطان عاتبه سرّاً على ذلك.

  2. وفي عام 1300م، جرَّد المماليك حملتهم الثانية على كسروان. وكان السَّبب في ذلك، وفق ما ذكره المؤرِّخون، أنَّه في أثناء تقهقر فلول عساكر المماليك إلى مصر على أثر هزيمتهم في وقعة وادي الخزندار، قرب حمص، أمام المغول بقيادة غازان، واحتلال المغول دمشق، تعرَّضوا لسوء المعاملة والسَّلب والنَّهب على إيدي الكسروانيين وسكان منطقة جزين، وانَّ الكسروانيين أمسكوا ببعض العساكر الهاربين وباعوهم للفرنج. وبعد أن رحل المغول عن الشَّام، واستتبَّ الأمر للمماليك، انطلق نائب دمشق، الأمير جمال الدين الأفرم، بقوَّاته إلى (جبال الجرد وكسروان)، بمساعدة نائبي طرابلس وصفد، واستولى عليها، وأرغم سكَّانها على دفع ضرائب باهظة، وأُخذت منهم أراضيهم وممتلكاتهم وأُقْطِعَت للتنّوخيين جزاءً لهم على حسن استضافتهم للقوَّات المملوكية المهزومة أمام جحافل المغول.
     

  3. أمَّا الحملة الثالثة  فجرت تموز 1305م. وكان سببها أنَّ أهالي كسروان عادوا إلى مناوأة المماليك والتَّمرد عليهم، وأنَّهم لم يستجيبوا لـ (المساعي الحميدة) التي قام بها وفد من الأمراء، ترأسه كبير الحنابلة في دمشق الشَّيخ تقي الدِّين، ابن تيمية، لإقناع الكسروانيين بالرجوع إلى الطَّاعة والولاء، ما دفع الأمير جمال الدَّين آقوش الأفرم إلى تجهيز حملة كبيرة توجَّه بها من دمشق إلى جرود كسروان لقتال أهلها.
    شارك في الحملة نائبا طرابلس وصفد، فضلاً عن أمراء الغرب التَّنّوخيين،
    كما رافقها الشَّيخ ابن تيمية، المدون هذه الواقعة في رسالة ارسلها إلى السُّلطان المملوكي محمّد بن قلاوون.
    يذكر في الرسالة، انه بعد أن استنفر أهل الشَّام برسائل (ذرعها) في أرجاء البلاد داعياً إيَّاهم للإسهام في الحملة.
    حاصرت القوَّات المملوكيَّة بلاد كسروان من جميع الجهات، ثمَّ عمدت إلى اجتياحها، فـ «وطئ العسكر أرضا لم يكن أهلها يظنُّون أنَّ أحداً يطأها»
    .وعلى الأثر، أمر نائب الشَّام بقطع الأشجار وتخريب المنازل، وأعمل السَّيف في رقاب السُّكان، وأسر عدداً كبيراً منهم، ونقلهم إلى طرابلس؛ حيث أُدخلوا في جند الحلقة، وتفرَّق من نجا منهم في غير اتِّجاه، وبخاصَّة في مناطق جزين والبقاع.

  4. لاحقاً،  في 28 كانون الأول 1304، نزل الموارنة من المتن وكسروان وهاجموا التنوخيين عند نهر الدامور، فضربوا عساكر المسلمين في عين صوفر وشملك وعين زوينة وبحطوش وغيرها من بلاد الغرب فقتلوا هناك فخر الدين عبد الحميد بن جمال الدين حجي التنوخي وأسروا شقيقه شمس الدين عبدالله الذي افتداه ناصر الدين الحسين بن خضر بـــ 3000 دينار.

    جراء ذلك، رفعت الشكاوى على الموارنة إلى جمال الدين أقوش الأفرم نائب دمشق، الذي بعث الشريف زين الدين بن عدنان إلى الجرديين (المتنيين) والكسروانيين يدعوهم إلى الرجوع إلى الطاعة، فلم يحصل اتّفاق، فعاد وأرسل تقي الدين بن التيمية ومعه الأمير بهاء الدين قراقوش فلم يحصل اتّفاق أيضاً، فأفتى بنهب الموارنة لأنهم فتكوا بجيش الإسلام وخرجوا عن الطاعة، فاجتمع جمال الدين آقوش الافرم نائب دمشق وسيف الدين أسندمر نائب طرابلس وشمس الدين سنقر المنصوري وحشدوا جيوش الشام وهاجموا المتن وكسروان.
    ذوداً عن المتن وكسروان، اجتمع 30 مقدماً مارونياً من الجبال، اشتهر منهم خالد مقدم مشمش، سنان وأخوه سليمان مقدما إيليج، سعاده وسركيس مقدما لحفد، عنتر مقدم العاقورة، وبنيامين مقدم حردين، وجمعوا 30000 مقاتل واستعدوا للقاء الجيوش الإسلامية فأبادوها وقتلوا حمدان قائدها، وغنموا أمتعتهم وسلاحهم وأخذوا 4000 خيل. عندها هرع المسلمون الأكراد لنجدة الجيوش الشامية، وقد جرى صدّهم  والفتك بهم عند الفيدار حيث كان يكمن لهم 2000 مقاتل و2000 آخرين عند  المدفون فلم ينج منهم إلا القليل.

    تبع ذلك،  سنة 1305، توجه العساكر الشامية إلى جبال كسروان بهدف الانتقام وإبادة اهلها وتسويتها بالأرض، بحجة أن أهلها قد كثروا وطغوا واشتدت شوكتهم وتطاولوا فأذوا عساكر المسلمين ولأنهم قد وثقوا بجموعهم المارونية الكثيرة وعللوا النفس بأن لا يمكن الوصول اليهم، فهاجم نائب دمشق جمال الدين الأفرم بــ 50000 من العسكر الجرد (المتن) وكسروان، وقد التقت جيوش المسلمين بجيوش الموارنة عند عين صوفر، فجرى قتالٌ عظيم كانت الدائرة فيه على الموارنة فنتج عن هذه الخسارة قتل ونهب وتهجير وقد أحرقت قرى كثيرة، وهربت جماعة تزيد عن 300 شخص من النساء والأولاد ومن ضمنهم 10 أمراء واحتموا في مغارة غربي كسروان (المعروفة بمغارة نابيه وهي فوق أنطلياس بالقرب من مغارة البلاّنة)، فدافعوا عن أنفسهم، ولم يقدر المسلمون عليهم فأمر نائب دمشق ببناء سدّ من الحجر والجير على باب المغارة وأمر بهدم  تلّةً عظيمةً من التراب وجعل الأمير قطلوبك حارساً على المغارة مدة 40 يوماً فهلك من بالداخل وبقيت رفاتهم إلى الآن.

    ومن ذلك الوقت خربت كسروان، فأذلّ مجتمع،  والذين سلموا من أهلها تشتتوا في كل صُقعٍ فنزح قسم من الموارنة إلى قبرص التي كان يحكمها آل لوزينيان الصليبيون حتى بلغ عدد النازحين 80000 فسكنوا 72 قرية، وسكن مكانهم المسلمون، فاستوطنوا سواحل كسروان في الأزواق وغدير وساحل علما وغزير وغيرها وامتد وا إلى الجرود مثل حراجل وميروبا وفاريا، فدخل الموارنة في عهد تميز بالفقر والمهانة والانطواء على الذات


ويقال ايضا عن الموارنة وتلك الحقبة:

استقلّ الموارنة بإدارة شؤونِهم، بعدما أقاموا عليهم سابقًا "مُقدَّمِين" (رؤساء محلّيّين مدنيّين)، يتقدّمهم مُقدَّم بشرّي، يخضعون لسلطة البطاركة. آنذاك، قاومت الكنيسة المارونيّة المدّ اليعقوبيّ في الجبّة، وتفعّل اتّصال أبنائها بالغرب وعلاقة بطريركيّـتهم بروما، خصوصًا عن طريق المطارنة اللاتين المُعيَّنين لرعاية الأجانب في لبنان.
بالرغم من قساوة المماليك، لم يكن الموارنة وحدهم ضحية، فطوائف أخرى إسلامية اضطهدت من قبل إخوانهم في الدين ولجأت إلى جبال لبنان.
هذا كان حال النصيريين والشيعيين والدروز الذين سكنوا منطقة كسروان.
مارونيا،تمكن الذين نجوا من الموت من إعادة حياتهم الجماعية حول بطريركهم.
ومن إنشاء استقلالية نسبية وحتى من امتداد ديموغرافي بفضل النسبة العالية للولادات عندهم.
فثارت هذه الطوائف ضد المماليك وظلمهم إبّان الحرب القائمة بين المماليك وبين الصليبيين والمغول.
ولكن بعد انتصار المماليك على الصليبين، ارتد المماليك ضدهم وقمعوا ثورتهم بسرعة.
فالذين نجوا من هذه الجماعات من القتل نُفوا: فالنصيريون أبعدوا إلى عكار والدروز إلى الشوف والشيعيون إلى الجنوب.
فيقال: انه هكذا تمكن الموارنة من املاء الفراغ الذي حصل في كسروان، دون أن يزعجوا المماليك.
وهكذا امتدت رقعة التوسع الديموغرافي الماروني تدريجياً حتى بلغت كل أجزاء لبنان
وخلقت وضعاً جديداً وهو التعايش بين الطوائف،  وترتيب العلاقات بينها .
فالتعايش هو غنى لبنان. وفي آنٍ واحد، كوّن لبنان خبرة وحيدة من نوعها في التعايش والحوار بين الحضارات
اما من  ناحية ثانية، فكان التعايش وسيلة بيد المحتل أو بيد الذين أراد ان يتسلط  فاستثمر التعايش للتفرقة بين الطوائف ليسودو عليها بطريقة أسهل.
   
 

  الحملات المملوكية والدفاع عن الخصوصية اللبنانية

قد تكون هذه الحملات على اختلاف دوافعها أكسبتْ قسماً كبيراً من اللبنانيين وضعاً خاصاً، وأضفتْ على بعض المناطق اللبنانية أيضاً وضعاً خاصاً. فللمرة الأولى نشهدُ تحالفاً لبنانياً بين المسيحيين والشيعة على تنوع مذاهبهم، وبعض الدروز خصوصاً في معركة 1305 ولم يكن هذا الموقف إلا تعبيراً عن الدفاع عن الخاص اللبناني، وعن مواقع الطوائف والمذاهب المتميز كل في منطقته. وكان لانتصار المماليك دورٌ في إعادة التوزيع الديموغرافي في لبنان، وفي ازدياد العزلة عن المحيط. وتكمن أهمية الخاص في لبنان أنَّ الأسر الكردية والتركمانية التي أسكنها المماليك على الساحل بين أنطلياس وعكار اندمجت في المجتمع اللبناني ونسيت هويتها الأساسية لتصبح لبنانيةً من حيث التقاليد والعادات بما في ذلك التنافس السياسي.

 

عام 1354، مرسوم اسلامي سلطاني مملوكي بحق المسيحيين واليهود. سنة 1354، قرىء في جامع دمشق مرسوم سلطاني يأمر أهل الذمة* بملازمة الشروط العمرية التي كان سنّها عمر ابن الخطّاب بعد فتحه لسوريا والتي تنصّ على:
  • عدم استخدام النصارى في الدواوين السلطانية ولا في شيء من الأشياء
  • أن يُحمَلَ حُكم مواريثهم إلى الأحكام الشرعية
  • أن لا يزيد أحدهم عمامته على 10 أذرع
  • أن لا يركبوا الخيل والبغال بل الحمير
  • أن يدخلوا الحمامات بعلامات تميزهم عن غيرهم تكون كناية عن (خُرْص) أي حلقة أو خواتم من نحاس أو رصاص
  • أن لا تدخل نساؤهم الحمامات مع المسلمات بل ليكن لهن حمامات تختص بهن
  • أن يكون إزار النصرانيّة كتاناً أزرق واليهودية أصفر
  • أن يكون أحد خِفّيْ النصرانيّة واليهودية أسوداً والآخر أبيض

  * اهل الذمة:
  • كفَار”، وهم الذين أُقروا فى دار الإسلام على كفرهم، بالتزام الجزية ونفوذ أحكام الإسلام فيهم، وهذا القسم معصوم الدم والمال، فلا يجوز لأحد من المسلمين الاعتداء عليهم، لأنهم فى ذمة المسلمين وحمايتهم.
  • “كفَار هدنة”، وهم الكفار الذين صالحهم المسلمون على إنهاء الحرب مدة محددة لمصلحةٍ يراها الإمام، ولا يجوز أن يكون الصلح إلى الأبد، لأن فى هذا تعطيلاً لأصل الجهاد، وإنما يعاهدهم المسلمون فى حالة الاستضعاف. وهذا القسم معصوم

عام 1367

 

ويقول اليطريرك الدويهي قام امير قبرص الصليبي بمهاجمة الاسكندرية، وعبث فيها تدميرا وسرقتا، دون تميز بين مسلم ومسيحي قبطي، وقيل ان الموارنة شاركوا بالحملة بادعى المماليك. والحقيقة ان موارنة قبرص هم المشاركين ولا علم لموارنة لبنان بذلك.

 عندها، هاجم المماليك 1367 معاقل الموارنة الجبليّة وألقوا القبض على رهبان واقارب للبطريرك. فما كان من البطريرك الا ان سلم نفسه طوعا بعد اطلاق المعتقلين.
 انه البطريرك  جبرائيل الحجولاويّ (1357 - 1367)، المُقيم في دير سيّدة إيليج في ميفوق. الذي اعتقال ونقل البطريرك جبرائيل حجولا بموكب رهيب، من حي منزله الى طرابلس.
وفي  طرابلس حرق المماليك البطريرك وهو على قيد الحياة على المحك، على أبواب طرابلس خارج جامع طيلان في الناحية الجنوبيّة من المدينة
ان قبر البطريرك  لا يزال قائما في باب الرمل، طرابلس،لبنان، في ساحة مفابر الجامع، تحت اسم الشيخ مسعود. ويقال ان مدفنه غدا مزار حج

ويقال، انكسرت شوكة البطريركية المارونية، وبات خلفاء جبرائيل الحجولاوي تحت رحمة دولة المماليك في طرابلس، وأصبح لمقدمي القرى الكلمة النافذة في الطائفة.
اما  سابقا وفي بلاد الشام فكان المماليك قد قضوا على آخر معاقل الفرنجة، وقسّموا هذه الأراضي ست ممالك، هي دمشق، حلب، طرابلس، حماه، صفد، والكرك، فأصبحت المناطق المارونية من جبل لبنان تابعة لمملكة طرابلس.
عام 1382 ذكر الدويهي ان يعقوب بن ايوب تسلم الحكم في جبة بشري سنة 1382 "تلك الاسرة من المقدمين التي حكمت جبة بشري في ظل دولة المماليك البرجية بلقب الكاشف اي المسؤول عن جمع الضرائب ، وبحصانة حيال تدخّل الدولة المباشر في الشؤون الداخلية لتلك المنطقة. وقد إستمرّت مقدميّة بشرّي في سلالة يعقوب بن أيوب عن طريق الذكور , ثم عن طريق الإناث حتى قضي عليها أخيراً عام 1621 على يد فخر الدين المعني الثاني .
عام 1383

 

 ابتداء من سنة 1383 تحسنت احوال المسيحيين وعادوا الى بناء الاديار والكنائس التي تهدمت بفعل الحروب الطويلة التي مرت عليهم ، لكن العودة الى الاستقلال والحرية التي كانوا يتمتعون بها كانت ما تزال بعيدة المنال. وقد ذكر المؤرخ القلشقندي المتوفي سنة 1418 في كتابه " صبح الأعشى في صناعة الإنشاء " ما نصّه :
  • " وقد اصبحت جبة المنيطرة وجبة بشري وجبة انفة من لواصق والي طرابلس الّذي يعيّن حكامها ".
  • " ولم تذكر أية وثيقة عربية أو غير عربية قبل هذا التاريخ المناطق المارونية في عداد المقاطعات التابعة للدولة الإسلامية ."
  • " ومع ذلك ظلّ الموارنة يتمتعون باستقلال نسبي في ادارة شؤونهم وتميّز هذا الاستقلال خاصة بأمور أربع :
    •  صيانة الارض المارونية من تملك الاجانب واقامتهم فيها (خاصة تجاه الانشقاقات والبدع)

    • المهارة في الفنون الحربية والعسكرية،

    • رفض الموارنة اي تثبيت لبطريركهم واساقفتهم من جانب اي سلطة غير الكرسي الرسولي

    • ادارة شؤونهم بموجب نظام خاص."

  اما الدليل على استقلال البنية الكنسية فهو عدم ورود أي ذكر في التواريخ العربية أو غيرها عن تثبيت بطاركة الموارنة من قبل السلطات الاسلامية، كما أن الموارنة ظلّوا على اتصال مستمر مع الفرنج وملوكهم ، خاصة مع البابا الذي كانوا يستمدون منه التثبيت ومعه كانوا يتبادلون البعثات والوفود طوال عهد الصليبيين وعهد المماليك وغيرهم .
في عهد المماليك " أوكلت البابوية إلى الرهبان الفرنسيسكان مهمة السهر على شؤون الموارنة والإتصال بالبطريركية في ميفوق  من بلاد البترون
   
2-   عهد المماليك البرجية
1382 - 1517
عهد المماليك البرجية

 
منحوا الأقليات والمناطق شيءًا من حقوق إدارتها الذاتية واعترفوا بالمقدمين وقلّدوا مقدم بشري يعقوب بن أيوب منصب "الكاشف" في سلسلة المراتب المملوكية
تم توارث هذه المرتبة بين أبناءه، وانتشار الأمن في شمال جبل لبنان
عام 1402  حصلت مشقة كبيرة، اي مأساة لم يسبق لها مثيل: حيث ظل العديد من القتلى دون دفن، والكثيرمات من الجوع.. " (الدويهي، حوليات، 338).
الكنائس التي نجت من اجرام المماليك عددها  صغير، ولكنها تشهد على التجدد في جبالنا بربنا يسوع المسيح، وأسراره وبشرى كلمة الله. 
بالرغم من المخاطر التي واجهها الموارنة يوميا، لم يضعف عند الموارنة تصميمهم على البقاء على قيد الحياة، بغض النظر لما لقوه من عذاب فاستوعبوه. 
من خلال الممارسة المسيحية وبتحد، تمكن الموارنة  من الحفاظ على الاتصال مع روما على مر السنين الصعبة.
عام 1439 دعا البابا أوجين الرابع (1431-1447) البطريرك الماروني لحضور مجلس فلورنسا شخصيا،
لكن البطريرك أرسل فرا خوان مندوبا عنه، وبالرغم من القلق حول مخاطر الرحلة. فقد التقى فرا خوان البابا، على هامش اعمال المجلس الذي كان يرأسة البابا.
وبعودته فرا خوان إلى لبنان، حمل طيلسان البابا للبطريرك الماروني.
وبعد عودة الراهب فرا خوان الى طرابلس، جاء حشد كبير لتحيته. 
 في نفس الوقت، حصلت قلاقل مع السلنطة المملوكية، ما حدا بالبطريرك يوحنا الجاجي الى مغادرة الكرسي البطريركي في ميفوق وانتقاله إلى وادي قاديشا في قنوبين.
لكن في نفس الوقت، كان الحاكم المملوكي في طرايلس قد ارسال جنود لإلقاء القبض على فرا خوان.
لان المماليك قد شكوا من ان يكون فرا خون قد أقنع المسيحيين في لقاء فلورنسا للإعداد لإطلاق حملة أخرى ضد المسلمين في سوريا. 
لكن مع علم البطريرك  بامر اعتقال فرا خون حتى ارسل مبعوثا للحاكم لطمأنته حول نوايا فرا خوان. 
وبعد دفع رشوة كبيرة للسجان المملوكي، اطلق سراح فرا خوان واخذ طريقه إلى سيدة ميفوق مقر البطريرك، حيث سلم فرا خون البطريرك الماروني طيلسان البابا مع رسالة من البابا اوجين الرابع. 
لكن خوف فرا خوان دفعه لترك لبنان عائدا الى روما عبر بيروت متجاهلا وعد البطريرك في وقت سابق لحاكم طرابلس.
فغضب الحاكم وأرسل جنوده لاعتقال كل من البطريرك والشخصيات البارزة الأخرى.
وبعد بحث لم يعثر على أحد في الكرسي البطريركي، فقام الجنود بنهب وإضرام النار في المنازل المحيطة بالمفر وقتلوا عدد من السكان المحليين. ومع مواصلة الجنود البحث عن البطريرك، فدمروا الدير، مما أسفر عن مقتل بعض الرهبان وأخذ آخرون في السلاسل إلى طرابلس. 
اما البطريرك فكان قد التجا ليعيش تحت حماية المقدم يعقوب من بشري، منذ تاريخ اضطراره لمغادرة دير ميفوق. 
 (حوليات، 21 الماروني0).
   
 1439 - مطلع القرن السابع عشر
دولة المماليك البرجية
خلال حكم السلطان برقوق ومن تلاه، كرم الموارنة وجعل دير قنوبين متقدمًا على سائر الأديار.
دعم المماليك المقدمين، وهم حكام محليين موارنة في القرى، وجعل أيوب مقدم بشري رئيسًا عليهم.
وكانت علاقة المماليك بالكنيسة والبطريركيّة قوية للغاية حتى أن المماليك  قبلوا رتبة الشدياق الكنسية كعلامة خضوعهم لها.
عام 1439،
   
القرن الخامس عشر
انتشار ماروني اوسع في لبنان

وفي القرن الخامس عشر، إزداد عدد الموارنة في لبنان الشمالي، فانتشروا في لبنان الوسط، خصوصاً في منطقة كسروان، التي افرغتها عن سكانها جيوش المماليك سنة ١٣٠٥. وكان مقر البطريرك الماروني في قنويين (وادي الأرز العميق). وفي القضايا الزمنية، كان الموارنة يخضعون لعدة رؤساء يحملون لقب “مقدم”، وكانوا تابعين رسمياً لنيابة طرابلس المملوكية.

الموارنة كانوا يعملون بمدأ أن الملكية الخاصة هي حق طبيعي للإنسان. ولكنهم كانوا يقدمون قسماً من املاكهم للكنيسة (أوقاف)، لكي تصرف وردتها، بواسطة البطريرك، لمصلحة الفقراء والمعوزين حسب الحاجة.

   
عام 1440 سنة 1440، انتقل الجاجي مِن ميفوق إلى دير سيّدة قنّوبين في وادي قاديشا قرب بشري، هربًا مِن المماليك، وبقي هذا الدير مقرًّا بطريركيًّا حتّى أواسط القرن التاسع عشر.
أرسل البابا أوجانيوس الرابع "رسالة تثبيتٍ ودرع الرّئاسة وتاجًا وبدلة ً جميلة ً" إلى البطريرك يوحنّا الجاجي، ليُصبح تقليدًا مستمِرًّا عند بطاركة الموارنة.
ثم اعتراف البطريرك بالسلطة الزمنية للمقدم ومنحه رتبة "شدياق" في الكنيسة كنوع من العلاقة الطيبة بين السلطة الكنيسة والسلطة الزمنية.
 
يقال ان شقاء الموارنة من الممليك لم يكن كافيا بل كان لغضب الطبيعة دور ملحق بشقاء الموارنة، الذي تمثل في شكل من الزلازل والأوبئة والجفاف والمجاعة. في المائتين والخمسين سنة من حكم المماليك،
ويقال إن لبنان وجيرانه فقدوا ثلثي سكانهم.  

وفي نهاية المطاف، وللخروج من هذه الحالة، قرر الموارنة نقل المقعد البطريركي من الجبل الى الوادي، فكان خيار على وادي قاديشا بالسريانية أو الوادي المقدس.

الوادي المقدس

وبصف احدهم الوادي: كقطعة أعماق، قاديشا، تحيط بها جبال شاهقة ، كحصن سقفه رقعة ضيفة من نور السماء.
جبال صخرية  مرتفعة تغرق الى الأعماق. إنها أرض لا تزال تحمل بصمة من خلقها، ومصدر للوحي والإلهام للعمل. وإذا نظرنا إلى الأسفل من كتف احد الجبال العظيمة فينتابنا الشعور بالقوة لهذه الأعماق من ثلاثة آلاف قدم اقله.
فمن الصعوبة قدرة الاستيلاء على هكذا وادي شكله كجذع ملتوية تغرق بين الفضاء الشاسع وبين المنحدرات.
ويروى أحد الرحالة الأوروبي: كيف ان البطريرك، وكأنه موسى الثاني ارتفع من صفحات العهد القديم، مسترشدا شعبه للتقشف بين الصخور.

وكيف ان بطاركة الموارنة في هذا الوادي، كانوا عبيد شعبهم. 
وادي يقف شاهدا على القداسة وصدق السعي في سبيل الله من خلال التقشف والاقتصاد. حتى قيل بهؤلاء البطاركة الموارنة: ان صلبانهم من خشب، واما قلوبهم فمن ذهب ".

فالشعب الماروني واجه المعاناة موحدا تحت سلطة قادتهم والذين بدورهم كانوا موحدين تحت سلطة البطريرك.
كان مقدم بشري رئيس المنطقة كلها فأسس بعض مظاهر السلام والنظام.

تحمل الموارنة الجوع والحرمان على الاذعان للأعداء،  فكان وادي قنوبين معقلهم الأخير،
في هذا الوادي كانت تتجدد القوة والمبادرة عند الشعب الماروني بالصلاة والنسك من جهة، وزيادة العدد بالانجاب من جهة اخرى.
ففتحت المدارس وتدفق التلاميذ في تأسيس الادبرة والصوامع الدينية.

عام 1450  إن الأخ غريفون الفرنسيسكاني  هو أول مستشار مقيم لدى البطريرك  الماروني من قبل البابوية سنة 1450 , وقد ساهم بالنهضة العلمية والثقافية مع إرسال ثلاثة من  أبناء الموارنة  للتعلم الى إيطاليا  بعد ان ادخلهم في الرهبنة الفرنسيسكانية
عام 1469 منذ العام 1469، أطلق الكرسيّ الرّسوليّ على راعي الكنيسة المارونيّة لقب "بطريرك أنطاكيا" ، وهكذا كان بطرس الحدثي (1458 - 1492)، ، الأوّل بين حاملي اللقب.
واستمرّت الكنيسة المارونيّة منفرِدة ً على طاعة روما في الشرق.
ك
انت روما تلقب بطريرك الموارزة "بيطريرك الموارنة
لكن هذه الخطوة نحو الموارنة كان سببها المباشر سقوط القسطنطينية بيد العثمانيّن سنة 1453 وفقدان الأمل بأي وحدة أو إستيعاب للكنائس الأورثوذكيّة أو الملكيّة.
عام 1475

لكن حتى في أوقات السلم كانت بعض المتاعب قائمة، فالناس كانوا يخشون باستمرار على حياتهم. وهذا تقرير لمسافر زار قنوبين في 1475:
"عاشت الأمة المارونية تحت الاحتلال الدائم والقمع المستمر والطغيان. فما خلت ناحية من لبنان الا وتشهد على الخراب، والدموع، والإرهاب. 
وتحت ذريعة جمع الضريبة التي تسمى "الجزية" كانت السلطات تعمد لمصادرة ممتلكات الفلاحين والاعتدى عليهم بالضرب بالعصي، وتعذيبهم لانتزاع منهم كل ما يملكون.
 اعددا لقيوا حتفهم فما كان من البطريرك الا ان يهب لنجدتهم،
فالرعب كان من المخاطر فائمة التي كانت تهدد الشعب الماروني.
لهذا خصص البطريرك بعضا من إيرادات الكنيسة لتلبية الجشع من الطغاة. 
حتى احيانا كان يغلق باب الدير البطريركي، واحيانا اخرى كان البطريرك يهروب الى الكهوف للاختباء. كما فعل احيانا بعض الباباوات، كالحضري وسيلفستر.

في وادي قنوبين، عاش الموارنة الإنجيل. وحياة التضحية التي استوحوها من الايمان الحقيقي والرجاء بيسوع الله. كانوا مثالا للوحدة والمحبة. 
فوادي قنوبين كان بحد ذاته للموارنة دعوة لنسيان الذات، والتأمل، والصلاة
ففي هذا الوادي قضى الموارنة وقتهم كما فعل المسيحيون الأوائل، تلاميذ الرسل" (أع II: 42). 
ورأى البعض منهم ضرورة عيش حياة التكرس لله بشكل كامل بالصلاة. فسعى العديد من الرجال والنساء للاتحاد بالله بعيدا عن الحياة العادية،
فغدت كهوف الوادي تعج بحياة النساك للاتحاد بالله الخالق.

ففي ذاك الوقت، كان الموارنة يعيشون تهديدان: تهديد المجاعة في حال فشلت المحاصيل. وتهديد الهجوم على شخاصهم كلما خرجوا إلى حقولهم. 
بالرغم من ذلك، لم يعرفوا الكراهية تجاه أيا كان، حريصين فقط على أداء رسالتها في هذا العالم.
فكانوا رسل يسوع المسيح. فجاهدوا في عيش الصبر والرجاء. 
فنظروا الى أعدائهم من الناس ابعين يسوع الذي مات من اجل االانسان، فحملوا رسالة الإنجيل. وجعلوها طريقا لنموهم  في الفضيلة

عام 1493

 

عاد أول تلامذة  مدرسة روما، جبرائيل بن بطرس بن غوريا من لحفد المعروف بالقلاعي والذي اصبح اسقفا  لقبرص ، وهو عندما عاد من روما سنة 1493 واستقر في دير قنوبين , حيث يذكر المؤرخ كمال الصليبي انه كتب زجلياته التاريخّية المشهورة بعنوان "مديحة على جبل لبنان" (مؤلفة من 280 رباعية عامية على الوزن المعروف بالقرّادة ) عن الطائفة المارونية " كشعب مختار , اصطفاه الله , وألجأه الى مناعة جبل لبنان , حيث أوكل اليه المحافظة على الإيمان الصحيح وكرامة المسيحية في الشرق"
عام 1515

كالوردة بين الأشواك
اثبتت الكنيسة المارونية وحدها من بين البيع الشرقية في طاعة روما، فكافأها البابا أوجينيوس، واعترف ببطريركها بطريركاً على الكرسي الأنطاكي. خشي المماليك من تنامي سلطة هذه البطريركية، وخرّبوا مركزها في ميفوق، فانتقل البطريرك إلى دير سيدة قنوبين في جبة بشري. تقوّت الكنيسة المارونية بعناية روما، واستعاد بطاركتها بفضل هذه العناية سلطتهم الأولى، ونجحوا في تحجيم سلطة المقدّمين. في العام 1515، وهي السنة الأخيرة من حكم المماليك لبلاد الشام، كتب البابا لاوون العاشر إلى البطريرك الماروني شمعون الحدثي ممتدحاً:
"نشكر القدر الإلهي الذي شاء، بحلمه العظيم، أن يبقي عبيده المؤمنين، من بين الكنائس الشرقية، مصيبين في وسط الكفر والبدع كالوردة بين الأشواك".
"لا من حيث سلامة الايمان فحسب ولكن من حيث ان بلادهم جنة أو جزيرة خضراء وافرة الخصب والهناء وسط بحر من العذابات والخراب."

   
في الخلاصة   المرحلة المملوكية التي استمرت حوالي القرنين نجد المسيحيين والموارنة خاصة يرزحون تحت حكم الاقطاعيات العربية التي شلًت استقلالهم وجزًأت مناطقهم الى إمارات يرأسها شيوخ وامراء عرب وتركمان واكراد لكن المقاومة على الصعيد القومي والثقافي واللغوي تواصلت رغم الانكماش الجغرافي وصعوبة التواصل مع الغرب حيث تراجعت اللغة الوطنية السريانية امام العربية. لكن المسيحيين ومنعاً للذوبان الثقافي واللغوي نقلوا قيمهم الفكرية والدينية الى اللغات المسيحية المستمرة ، فبعد ان لجأوا الى اللاتينية انتقلوا الى الايطالية وهي لغة مسيحيي قبرص وتجار البندقية.
ناهيك, لم تكن بلاد الشام في العهد المملوكي منفتحة تجارياً الا على دولة البندقية . من نتائج هذه العلاقات الجيدة ، السماح بانشاء مركزين للرهبنة الفرنسيسكانية في القدس وبيروت باسم ارسالية الاراضي المقدسة
   
 

البطاركة الموارنة في هده الفترة


البطاركة الموارنة في هده الفترة
   أرميا الثاني العمشيتي 1199-1230
  دانيال الاول من حادشية  1230-1239
  يوحنا بطرس الثامن الجاجي 1239-1245
  سمعان الرابع من القبيات 1245-1277
   يعقوب الثاني 1278-1277
  دانيال الثاني الحدشيتي  ؟ – 1282
  لُوقا البنهراني من بنهران. 1282-؟
  أرميا الثالث دماصاوي من قرية دملصا 1282-1297
   شمعون الخامس من بلوزى  1297-1339
   يوحنا التاسع العاقوري  1339-1357
  جبرائيل الثاني من حجول، أحرقه المماليك 1357-1367
  داود الثاني او يوحنا 1367-1404
  جون من جاج 1404-1445
  يعقوب الحدثي، من الحدث 1445-1468
  يوسف الحدثي، من الحدث 1468-1492
  سمعان الحدثي، من الحدث 1492-1524
عام 1282 او 1283 ، يقال عن انقسام الكنيسة المارونية الى جناحين نتيجة الحروب الصليبية ...
     1- البطريرك لُوقا البنهراني قتل زمن قيادته الموارنة في جبة بشري لصد المماليك، الذين ابادوا موارنة هذه المنطقة. يقال ان هذا البطريرك كان خارج عن طاعة بابا روما
     2- البطريرك أرميا الثالث دماصاوي،  بعد ابادة المماليك لجبة بشري، انتخب هذا البطريرك في حالات بعد الابادة لجبة بشري.  يقال انه كان ملتزم بطاعة بابا روما

اما واقعا ويعد البحث:
عام 1282 انتخب الموارنة
البطريرك لُوقا البنهراني خلفا للبطريرك دانيال الثاني الحدشيتي الذي استشهد بعد غدر تعرض له نتيجة تصديه عسكريا على راس قوة مارونية ولاربعين يوما بمنع عسكر المماليك من احتلال زغرتا - اهدن - جبة بشري.
تابع البطريرك لُوقا البنهراني عمل سلفه لكن قوة عسكره لم تصمد امام المماليك . فاحتل المماليك  منطقة زغرتا - اهدن - جبة بشري فدمروا الحجر والبشر.حتى يقال ان اكثر من سبعين الف انسان هجر المنطقة. التي تصحرت.
وللتنويه يقال ان المماليك في ذلك الزمن وبعد طرد الصليبيين من طرابلس ابرموا اتفاق عدم اعتداء مع الصليبيين الذي بنتيجته استفرد المماليك الموارنة ودمروهم. اما البطريرك مع رفاقه من الموارنة العسكر وبعض ابناء قرى المنطقة من اطفال ونساء  ورجال، لجاوا
إلى مغارة عاصي الحدث .
يقال، "إستمر حصار مغارة عاصي الحدث 7 سنوات تمكن من خلالها أهالي الحدث والاجئين من الصمود في وجه المماليك الذين احتلوا البلدة ونكلوا باهلها واحرقوا منازلها ولم تسلم كنيسة مار دانيال من الخراب التي أصابها. تمكن أهالي الحدث من الصمود داخل المغارة وذلك بعد أن جرّوا اليها  قناة ماء من عين كوسا، حيث كانت تصل الى المغارة بطريقة سرّية. وكان الأهالي يؤمّنون المؤن من حبوب وطحين وزيوت ومواشي وذلك عبر التنقل بدهاليز تصل المغارة بالبلدة.

 إستعان المماليك بالخيل لمساعدتهم في إيجاد الطريقة للدخول الى المغارة. فعطّشوا الخيل ثلاثة أيام، واطلقوها فوق المغارة لأكتشاف مصادر المياه اليها،  ولم تمض ثلاثة أيام

على تعطيش الخيل حتى إكتشفت مجرى للماء فجلبوا الحيوانات، وذبحوها على قنوات الماء، وإمتزج الماء بالدم، وتلوّثت كليّاً المياه. فأستسلم الأهالي بعد سبع سنوات من الحصار. منهم مَن مات داخل المغارة جوعاً وعطشاً، ومنهم مَن هرب الى خارج المغارة فقتله المماليك، ومنهم على عدد أصابع اليد، تمكنوا من الهرب إلى جبيل.
وانتهت المعركة بتسليم البطريرك لوقا البنهراني نفسه للمماليك

 في هذه الظروف القاسية والخطيرة والمجهولة في شمال لبنان المحتل وبعد سنة تقريبا لانتخاب البطريرك لوقا البنهراني، اجتمع الأساقفة والكهنة والمقدمين في دير سيدة الدوير الفيدار واشترك في هذا الاجتماع أمير جبيل(اجنبي) "غويدو جبلات" وانتخبوا أرميا الثالث الدملصاوي بطريركا وأرسلوه إلى روما ليطلع البابا "مرتين الرابع" وملوك الغرب على الحالة في جبل لبنان.

 
فصل:   1  2  تاريخ الموارنة، جزء ثاني، 
 www.puresoftwarecode.com  :    HUMANITIES Institute  ART Institute & Others
 SOFTWARE Institute  CHRISTIANITY Institute    
"Free, 100 Software Programming Training Courses"       History of the MARONITES in Arabic  Basilica Architecture, in the Shape of a Cross
 VISUAL STUDIO 2010 in English  Holy BIBLE in 22 Languages and Studies ...  Le HANDICAP c'est quoi ?   (in French)  Old Traditional Lebanese houses
 VISUAL STUDIO .NET, Windows & ASP in En  220 Holy Christian ICONS  Drugs and Treatment in English, french, Arabic  5 DRAWING Courses & 3 Galleries
 VISUAL STUDIO 6.0 in English  Catholic Syrian MARONITE Church  Classification of Wastes from the Source in Arabic  Meteora, Christianity Monasteries - En, Ar, Fr
 Microsoft ACCESS in English  HOLY MASS of  Maronite Church - Audio in Arabic  Christianity in the Arabian Peninsula in Arabic  Monasteries of Mount Athos & Pilgrimage
 PHP & MySQL in English  VIRGIN MARY, Mother of JESUS CHRIST GOD  Summary of the Lebanese history in Arabic  Carved Rock Churches, Lalibela - Ethiopia
 SOFTWARE GAMES in English  SAINTS of the Church  LEBANON EVENTS 1840 & 1860, in Arabic  
 WEB DESIGN in English  Saint SHARBEL - Sharbelogy in 10 languages, Books  Great FAMINE in LEBANON 1916,  in Arabic  my PRODUCTS, and Statistiques ...
 JAVA SCRIPT in English  Catholic RADIO in Arabic, Sawt el Rab  Great FAMINE and Germny Role 1916,  in Arabic  
 FLASH - ANIMATION in English  Читать - БИБЛИЯ и Шарбэль cвятой, in Russe  Armenian Genocide 1915  in Arabic  4 Different STUDIES
 PLAY, 5 GAMES    Sayfo or Assyrian Genocide 1915 in Arabic  SOLAR Energy & Gas Studies
     Christianity in Turkey in Arabic  WELCOME to LEBANON
 SAADEH BEJJANE Architecture  Andree Zouein Foundation    YAHCHOUCH, my Lebanese Village
 CARLOS SLIM HELU Site, new design
 REPORT, Cyber Attack Attacks the Current Site
 Prononce English and French and Arabic Letters  ZOUEIN, my Family - History & Trees
       Chucri Simon Zouein, Computer engineer
     
echkzouein@gmail.com
© pure software code - Since 2003