اثار مسيحية في مملكة البحرين، قبل الفتح الاسلامي
 
يسوع المسيح الله
 

   1- الوجود المسيحي في البحرين، اليوم

في 2010 تقريبا، في مملكة البحرين جماعة مسيحية اصيلة قليلة العدد متجذرة في المملكة تاريخياً وجغرافياً... مع فارق، إن المسيحيين في البحرين لا يتمتعون بالحقوق ذاتها التي لغيرهم من المواطنين من دين آخر...
فإن المسيحيين يشكلون نحو 10% من سكان البلاد الذين يحملون الهوية البحرينية وهم يتوزعون على اكثر من 1000 عائلة من اصل بحراني... 

بالإضافة الى وجود 250 آلاف من المسيحيين الوافدين من جاليات عربية وغربية وآسيوية من اصل 500 الف اجنبي وافد.
اليوم في البحرين، يتمتع المسيحيون بحرية العبادة فقط، لا التبشير، ضمن كنائس مرخصة من الحكومة

 
   2- التبشير بالمسيحية في شبه الجزيرة العربية، حصل ...
في القرن الرابع الميلادي، اعترفت واعتمدت الإمبراطورية الرومانية الدين المسيحي، كدين الدولة. فسعى قياصرة الروم الى نشر المسيحية في العالم عن طريق البعثات خصوصا بلاد الشرق وقد أنشئت الكثير من الكنائس في شبه الجزيرة العربية وعلى سواحل الخليج، عدن وظفار وهرمز سوقطرى ونجران.

وفي زمانه، كان للتداخل السياسي واللغوي في المفاهيم المسيحية، اثر تطور الى جدل ديني لاهوتي، اوجد عدة مذاهب في المسيحية.

  • لكن المبشرين من بعض المذاهب المسيحية قاموا بدور كبير في نشر المسيحية وتعاليمها بمفهومهم بين صفوف القبائل الوثنية العربية. فكانت مجموعة من الملتزمين بالمسيحية عربا.
    فكان من العرب أساقفة  بدليل أسمائهم العربية الخالصة. فعرف بعضهم بأساقفة الخيام، لمرافقتهم للاعراب ومعيشتهم بينهم في الخيام معيشة الأعراب.
    وايضا كان من أساقفة الأعراب،أسقف عرف باسم «بطرس»، وقد وقع على أعمال مجمع «أفسوس» بصفة كونه «أسقف محلة العرب»، واخر الأسقف «تاوتيموس أسقف العرب» الذي وقع على أعمال مجمع انطاكية الذي انعقد العام 363 للميلاد، وقد كان بين أساقفة القدس في نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس للميلاد، أسقف من أصل عربي، اسمه الياس «494- 513 م»
  • وكان لمرافقة المبشرين قوافل التنقل والانتقال في أطراف شبه الجزيرة وعلى السواحل مع البحارة والتجار اثر في نشر المسيحية. فكان لنصارى الحيرة في العراق التابعين لدولة المناذرة دور كبير في نشر تعاليم المذهب النسطوري.  
    وكان يعض المبشرين الروم قد دخلوا جزيرة العرب من البحر أيضا. فانتشرت المسيحية في مواضع منها مثل البحربن، وقطر، وهجر وبعض جزرالخليج. اما اغلب من اقبل على المسيحية من العرب كانوا على المذهب النسطوري والماخوذ من نصارى الحيرة، حيث كان رجال الدين المسيحيين على هذا المذهب على اتصال وثيق بالمنطقة ويسافرون إليها باستمرار للتبشير.
  • ان الصراع الحاد بين القوى العظمى آنذاك الامبراطوريتين الرومانية والفارسية. انعكس ولاء وتبعية، اقتصادية وسياسية ودينية،  بين الدويلات العربية وقبائلها للقوى الكبرى.
    فإمارة الغساسنة وموقعها غربا على الحدود الشرقية للشام، التي كان وولاؤها للبيزنطيين وحماية حدودهم. فعرفت المسيحية دينا على مذهب اليعاقبة.
    اما امارة المناذرة وموقعها في الشرق على التخوم الغربية لنهرالفرات، كان وولاؤها للفرس وحماية حدودهم. وعرفت المسيحية دينا على مذهب  النسطورية. ففي الحيرة في شرق العراق، والتابعة للفرس، كان يكثر فيها أتباع المذهب النسطوري،  المنبوذين من الكنيسة البيزنطية او اليعاقبة
    .
    لهذا من مدينة الحيرة، انتشرت المسيحية على المذهب النسطوري الى الجزيرة العربية واقليم البحرين وجزرها بما فيها جزيرة محرق حيث قرية سماهيج.
   3- المسيحية في البحري، تاريخيا
في تقرير  أعدّه  أحد الباحثين عن تاريخ الوجود المسيحي في البحرين، يقول أن المسيحية دخلت البحرين منذ القرون الأولى لنشأتها حيث تم العثور على آثار أديرة وكنائس ونقوش بلغات سريانية وآرامية.
اما السؤال  الذي لا جواب عليه، اين هذه الاثار وصورها وتوثيقاتها؟
للاسف، ان سياسة الحاضر لاغلب دول الجزيرة العربية هو التعتيمة ودثر اي شواهد عن اي حضارة تختلف عن الاسلام. لاعتقادهم لغاية ما، ان التقوقع وتغيب الاخر يحصن الاسلام.
واما الاسف الثاني، هو هشاشة البحث التاريخي وشخصنته. فالباحث في حضارة ما يجب ان يكون متجرد في فكره وحكيما متجذرا في هذه الحضارة ومفاهيمها وتطورها ماضيا وحاضرا، لكي يخرج ببحثه بالتصور الاقرب امانة لاحداث هذه الحضارة في حينه. 
  3.1- المسيحية وأسقفية باسم "مسماهيج" في إقليم البحرين
   وهنا باحث اخر يقول: "ليومنا، لا توجد أدلة ملموسة لها صلة بوجود المسيحية وأسقفية باسم "مسماهيج" في إقليم البحرين".
بالرغم من ان مراجع توثقية بالسريانية، من نصوص المجامع النسطورية  للكنيسة الشرقية (النسطورية)، ذكر فيها  اسم أسقفية مسماهيج في إقليم البحرين.


لكن يضيف الباحث قائلا: " ان في البحرين شواهد  تدلل على تراث مسيحي سرياني. على الشكل التالي:
  • فالسريانية كانت اللغة الرسمية للكنيسة الشرقية (النسطورية)، كما توضح نصوص المجامع النسطورية المكتوبة بالسربانية.
  جزيرة المحرق
  • هناك في البحرين، شواهد لغوية حية متداولة لمسميات لثلاث قرى لا تزال باقية ليومنا،  وهي:
    • قلالي: اصل الكلمة من اللغة اليونانية ( KELLION)، ومعناه غرفة راهب أو ناسك، وتطلق تسميتها مسيحيا مرادفة للصومعة والدير, وترجمت الى السريانية "قليتا". والقلالي، جمع قلاية، عادة ما تكون بعيدة عن الكنيسة ومنطقة السكن,
    • الدير: ايضاً هي كلمة سريانية وتعني مكان إقامة رجال الدين المسيحيين (الرهبان)....وكانت هذه القرية قديما تُعرف بقرية دير الراهب ولكن تم حذف الراهب في وقت لاحق...حتى اليوم هناك في  القرية حيّ اسمه حي الراهب...
    • الراهب: تعبير يطلق على رجل دين مسيحيين، وجمعها رهبان, والراهب هو المتبتل المنقطع إلى العبادة, وعمله هو الرهبانية.
    هذه القرى الثلاث تقع في الشمال الشرقي لجزيرة المحرق وهي ثاني اكبر جزيرة في الممكلة البحرينية...
     
  • اما موقع أسقفية مسماهيج، بالشكل:
    لنحدد موقع جغرافية مسماهيج في الأصل قبل التحدث عن تحديد مكان الأسقفية. ففي البحرين، قرية اسمها سماهيج تقع في الشمال الشرقي لجزيرة المحرق، وفي السابق كان يطلق على جزيرة المحرق، اسم سماهيج، وهو أمر مسلم به تاريخيا كما تثبت ذلك الخرائط الجغرافية. اضافة الى ان قرية سماهيج، تتوسط قرية قلالي في الجنوب وقرية الدير في الغرب...
    ومن خلال تطابق المسمى الفارسي والنسطوري والعربي الذي يشير لسماهيج وجغرافيتها في السابق مع المصادر الأجنبية والعربية اللاحقة لها يمكن الاستنتاج بوجود موقع الأسقفية في موضع معيّن من جزيرة المحرق الحالية وهي قرية سماهيج وبالتحديد في الشمال الشرقي منها وذلك لعدة أسباب:
    • المناخ الجيد للعيش على الساحل الشمالي الشرقي للجزيرة،  أوجد تمركز سكاني على دفعات زمنية متلاحقة .

    • كثرة الموارد المائية الطبيعية على الساحل من عيون طبيعية عذبة غزيرة في تدفقها, ويالاحصاء تعدت السبعة والستين مورد مائي تقريبا.

    • البيئة البحرية الغنية بالأسماك والحيوانات البحرية, والمطلة على أماكن استخراج اللؤلؤ، على طول الساحل.

    • الموقع الاستراتيجي الممتاز جعلها تخضع في بعض المنعطفات التاريخية لأطماع حكام المنطقة كما يلاحظ ذلك في فترة لاحقة بعدت سنوات بعد دخول أهلها للديانة الإسلامية .

    • التربة الصالحة للزراعة ووجود الفلاحة ما أوجد ذلك في كثرة البساتين التي تنوعت في محاصيلها من الأشجار والنخيل والحشائش.

    • تعرض المنطقة قديما وباستمرار لعمليات النهب والسلب والتخريب من قبل الغزاة وقراصنة البحر, وما حادثة عبيد الصلاح المشهورة إلا واحدة من عشرات الحوادث التي عصفت بالمنطقة فيما بعد.

    • الموقع الجغرافي القريب من وسط الخليج جعلها تتميز عن غيرها من المناطق والجزر.

    • اعتبر الساحل الشمالي الشرقي قديما محلا تجاريا واقتصاديا إقليميا لبيع وتثمين اللؤلؤ, وربما النصوص القديمة التي ذكرت مرفأ مسماهيج  تشير إلى الساحل

   3.2- بالاستنتاج من ما ورد، ان اسقفية مسماهيح
من المعروف في الديانة المسيحية أن الكنائس يتم إيجادها في المناطق المأهولة بالسكان، على عكس الأديرة والقلايات التي تكون ذات بعد معين عن مناطق السكن,
فبالاستنتاج يظهر ان أسقفية مسماهيج إو كنيستها أي كرسي الأسقفية كان في هذه المنطقة، في الشمال الشرقي لجزيرة المحرق وبالتحديد قرية سماهيج حاليا.
مما يعني  أن الكنيسة بطابعها الرمزي كانت تتوسط البيوتات والسكن والموارد المائية ومصائد الأسماك التي تعتبر مهنة السكان، وكذلك ربما كانت تحيطها البساتين من كل جانب وإلى مرفأ بحري كان يعتبر سوقا رائجة لتجارة وتثمين اللؤلؤ في ذلك الوقت,
 ويضاف ان لوجود الأسقفية في المنطقة، دور الفاعل في حضارة المحيط لما لها من معالم وثقافة خاصة.
 
  3.3- الرابط المسيحي للاسقفية النسطورية وثلاث قرى، اسمائها مسيحية، قي البحرين. الاسقفية هي لكنيسة المشرق النسطورية

تقع هذه القرى الثلاث، قلالي والدير والراهب، في الشمال الشرقي لجزيرة المحرق الحالية. اما قرية سماهيج، فتتوسط كلا من قرية قلالي في الجنوب والدير في الغرب ومن خلال المعطيات التاريخية وتطابق الاسم لسماهيج بالموقع والأسقفية، يلاحظ ما يلي:
  • فقرية سماهيج تبقى من أكبر الشواهد الدالة على وجود الأسقفية، التي كانت هناك. مع الملاحظة الشديدة التي لا يشوبها اللبس أن أسماء قريتي الدير وقلالي أسماء دينية بحتة ولها صلة بالمسيحية والسريانية، لغة الكنيسة الشرقية النسطورية.
     

  • أن قرية الدير كانت في السابق خالية من السكن وأهلها حاليا من أهل سماهيج وكانت تسمى في السابق بـ (ديرالراهب) على غرار تسمية الأديرة، ديركلوني ودير السيدة العذراء إلخ،
    وبعد ذلك حذف منها اسم الراهب وبقية كلمة الدير إلى الآن،
    اما قرية قلالي هي بعيده نوعا ما عن سماهيج بالنسبة لقرية الدير ولم يكن بها سكن إلى وقت قريب كما يروي كبار السن، الى ان أول من سكنها قبيلة المنانعة، مما يدلل على وجود القلايات والدير وربما مجموعة من الأديرة حوالي سماهيج إبان وجود الأسقفية فيها.
     

  • ففي وسط قرية الدير حي يسميه الأهالي (الراهب)، وله تسمية أخرى (الكلية) بضم الكاف، والحي في مكان مرتفع وبه مسجد يطلق عليه الراهب. ويعتقد أنه كان في السابق هو الدير نفسه الذي سكنه الراهب او رهبان. وبسبب حدوث الفتح الاسلامي والحروب والهيمنة بالقوة اضطر المسيحيون الى ترك بيوتهم وأرزاقهم ليتوزعوا على دول محيطة مشتتين بسبب إيمانهم  بالمسيح..
    وهكذا، من خلال الاسمين يتبين مدى الصلة بين الألفاظ ذاتها والوجود المسيحي هناك.
     

  • يقال انه شوهدت في موضع بقرية سماهيج في بدايات القرن العشرين بعض الآثار المسيحية المندثرة, وهو موضع مرتفع ويقع حاليا بأحد أحياء القرية يطلق عليه (العالي) ويبعد عن مسجد الراهب بألف قدم تقريبا, ويعتقد أنه أحد أماكن العبادة للمسيحين في الماضي مما يقرب المعنى لوجود الأسقفية في المنطقة.
     

  • لاتزال تستخدم بعض الكلمات باللهجة العامية الدارجة في الوسط الشعبي كما هي في ضمائر (انتين) و(انتون) والذي يراها بعض الباحثين أنها مفردات لها صلة باللغة الآرامية, وربما تكون هذه الألفاظ من تأثيرات النساطرة(كنيسة المشرق النسطورية) الذين كانوا يتحدثون بالسريانية.

 
 
©   pure software code 2016