فصل
1
سليمان يمسك بزمام الملك
1-
وَأَمْسَكَ سُلَيْمَانُ بْنُ
دَاوُدَ بِزِمَامِ الْمَمْلَكَةَ بِكُلِّ حَزْمٍ وَكَانَ الرَّبُّ إِلَهُهُ
مَعَهُ، وَأَضْفَى عَلَيْهِ عَظَمَةً بَالِغَةً.
2-
وَخَاطَبَ سُلَيْمَانُ
جَمِيعَ رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَالْمِئَاتِ وَالْقُضَاةَ وَكُلَّ رَئِيسٍ
مِنْ رُؤُوسِ عَائِلاَتِ إِسْرَائِيلَ،
3-
طَالِباً إِلَيْهِمْ مُرَافَقَتَهُ
إِلَى الْمُرْتَفَعَةِ الَّتِي فِي جِبْعُونَ حَيْثُ نُصِبَتْ خَيْمَةُ
الاجْتِمَاعِ، خَيْمَةُ اللهِ الَّتِي صَنَعَهَا مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ
فِي الصَّحْرَاءِ.
4-
أَمَّا تَابُوتُ الرَّبِّ فَقَدْ أَصْعَدَهُ دَاوُدُ
مِنْ قَرْيَةِ يَعَارِيمَ إِلَى الْخَيْمَةِ الَّتِي هَيَّأَهَا لَهُ فِي
أُورُشَلِيمَ.
5-
غَيْرَ أَنَّ مَذْبَحَ النُّحَاسِ الَّذِي صَنَعَهُ
بَصَلْئِيلُ بْنُ أُورِي بْنِ حُورَ، كَانَ لاَيَزَالُ قَائِماً أَمَامَ
مَسْكَنِ الرَّبِّ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ وَمُرَافِقُوهُ
لِيُقَرِّبُوا عَلَيْهِ.
6-
وَأَصْعَدَ سُلَيْمَانُ أَلْفَ مُحْرَقَةٍ
أَمَامَ الرَّبِّ عَلَى مَذْبَحِ النُّحَاسِ الَّذِي فِي خَيْمَةِ
الاجْتِمَاعِ.
سليمان يطلب حكمة
7-
فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ
ظَهَرَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ وَسَأَلَهُ: «مَاذَا أُعْطِيكَ؟»
8-
فَأَجَابَ
سُلَيْمَانُ: «لَقَدْ أَسْدَيْتَ إِلَى أَبِي إِحْسَاناً عَظِيماً
وَجَعَلْتَنِي مَلِكاً خَلَفاً لَهُ.
9-
فَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ
لِيَتِمَّ وَعْدُكَ الَّذِي وَعَدْتَ بِهِ أَبِي دَاوُدَ، لأَنَّكَ
وَلَّيْتَنِي حُكْمَ شَعْبٍ كَثِيرٍ كَتُرَابِ الأَرْضِ.
10-
فَهَبْنِي
حِكْمَةً وَمَعْرِفَةً لأَقُودَ هَذَا الشَّعْبَ، لأَنَّهُ مَنْ
يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْكُمَ شَعْبَكَ الْعَظِيمَ هَذَا؟»
11-
فَقَالَ اللهُ
لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ عَزَمْتَ فِي قَلْبِكَ عَلَى
طَلَبِ هَذَا الأَمْرِ، وَلَمْ تَنْشُدْ غِنًى، وَلاَ أَمْوَالاً، وَلاَ
عَظَمَةً، وَلاَ الانْتِقَامَ مِنْ أَعْدَائِكَ، وَلَمْ تَطْلُبْ حَيَاةً
طَوِيلَةً، بَلْ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ حِكْمَةً وَمَعْرِفَةً لِتَحْكُمَ
بِهِمَا شَعْبِي الَّذِي مَلَّكْتُكَ عَلَيْهِ،
12-
فَإِنَّنِي أَهَبُكَ
حِكْمَةً وَمَعْرِفَةً، وَأُنْعِمُ عَلَيْكَ بِالْغِنَى وَالْمَالِ
وَالْعَظَمَةِ، بِحَيْثُ لاَ يُضَاهِيكَ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُلُوكِ
السَّابِقِينَ وَلاَ اللاَّحِقِينَ».
سليمان ينظم قواته
13-
ثُمَّ رَجَعَ سُلَيْمَانُ
مِنْ مُرْتَفَعَةِ جِبْعُونَ مِنْ أَمَامِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ إِلَى
أُورُشَلِيمَ وَمَلَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.
14-
وَبَنَى لِنَفْسِهِ قُوَّةً
تَتَأَلَّفُ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ، وَاثْنَيْ عَشَرَ
أَلْفَ فَارِسٍ، وَزَّعَهَا عَلَى مُدُنِ الْمَرْكَبَاتِ، وَأَبْقَى
بَعْضاً مِنْهَا مَعَهُ فِي أُورُشَلِيمَ.
15-
وَلِفَرْطِ مَا تَوَافَرَ مِنَ
الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فِي أُورُشَلِيمَ، جَعَلَ الْمَلِكُ قِيمَتَهَا
كَقِيمَةِ الْحِجَارَةِ، وَأَصْبَحَ خَشَبُ الأَرْزِ فِي قِيمَةِ خَشَبِ
الْجُمَّيْزِ الَّذِي فِي الْحَقْلِ لِكَثْرَتِهِ.
16-
وَقَدِ اسْتُوْرِدَتْ
خُيُولُ سُلَيْمَانَ مِنْ مِصْرَ، وَمِنْ كُوِي، فَكَانَ تُجَّارُ
الْمَلِكِ يَشْتَرُونَهَا مِنْ كُوِي.
17-
وَكَذَلِكَ الْمَرْكَبَاتُ؛
وَكَانُوا يَدْفَعُونَ سِتَّ مِئَةِ شَاقِلٍ (نَحْوَ سَبْعَةِ
كِيلُوجْرَامَاتٍ) مِنَ الْفِّضَّةِ عَنْ كُلِّ مَرْكَبَةٍ، وَمِئَةً
وَخَمْسِينَ عَنْ كُلِّ فَرَسٍ (نَحْوَ كِيلُوجْرَامَيْنِ)، وَكَانُوا
يُصَدِّرُونَهَا أَيْضاً لِجَمِيعِ مُلُوكِ الْحِثِّيِّينَ
وَالأَرَامِيِّينَ.
فصل
2
الإعداد لبناء الهيكل
1-
وَأَصْدَرَ سُلَيْمَانُ
أَمْرَهُ بِبِنَاءِ هَيْكَلٍ لاِسْمِ الرَّبِّ وَقَصْرٍ لِلْمَلِكِ.
2-
وَاسْتَخْدَمَ فِي ذَلِكَ سَبْعِينَ أَلْفَ حَمَّالٍ، وَثَمَانِينَ أَلْفَ
نَحَّاتٍ فِي الْجَبَلِ، يُشْرِفُ عَلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ آلافٍ وَسِتُّ
مِئَةِ وَكِيلٍ.
رسالة سليمان إلى حورام ملك
صور
3-
وَوَجَّهَ سُلَيْمَانُ
رِسَالَةً إِلَى حُورَامَ مَلِكِ صُورَ قَائِلاً: «كَمَا سَبَقَ أَنْ
تَعَامَلْتَ مَعَ أَبِي، فَأَرْسَلْتَ لَهُ خَشَبَ أَرْزٍ لِيَبْنِيَ لَهُ
قَصْراً يُقِيمُ فِيهِ،
4-
فَهَا أَنَا قَدْ عَقَدْتُ
الْعَزْمَ عَلَى تَشْيِيدِ هَيْكَلٍ لاِسْمِ الرَّبِّ إِلَهِي لأُخَصِّصَهُ
لَهُ، لأُوْقِدَ أَمَامَهُ بَخُوراً عَطِراً وَأُقَرِّبَ خُبْزَ
التَّقْدِمَةِ الدَّائِمَ وَلأُصْعِدَ الْمُحْرَقَاتِ صَبَاحاً وَمَسَاءً،
وَفِي السُّبُوتِ وَمَطَالِعِ الشُّهُورِ وَمَوَاسِمِ أَعْيَادِ إِلَهِنَا،
كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَفْعَلُوا إِلَى الأَبَدِ.
5-
وَالْهَيْكَلُ الَّذِي أَنَا
مُزْمِعٌ عَلَى بِنَائِهِ هُوَ هَيْكَلٌ عَظِيمٌ، لأَنَّ إِلَهَنَا
أَعْظَمُ مِنْ جَمِيعِ الآلِهَةِ.
6-
وَمَنْ يَسْتَطِيعُ حَقّاً
أَنْ يَبْنِيَ لَهُ هَيْكَلاً لأَنَّ السَّمَاوَاتِ وَسَمَاءَ
السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُهُ! وَمَنْ أَنَا حَتَّى أَبْنِيَ لَهُ هَيْكَلاً
إِلاَّ لِيَكُونَ لَهُ هَيْكَلاً لإِيْقَادِ الْبَخُورِ فِي حَضْرَتِهِ!
7-
فَالآنَ أَرْسِلْ لِي
رَجُلاً حَاذِقاً فِي فُنُونِ صَنَاعَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ، وَفِي صَنَاعَةِ الْقُمَاشِ الأَزْرَقِ
وَالْبَنَفْسَجِيِّ وَالأَحْمَرِ، وَمَاهِراً فِي حِرْفَةِ النَّقْشِ،
لِيَعْمَلَ مَعَ الصُّنَّاعِ الْمَهَرَةِ الْمُتَوَافِرِينَ لَدَيَّ فِي
يَهُوذَا وَفِي أُورُشَلِيمَ مِمَّنِ اخْتَارَهُمْ أَبِي دَاوُدُ.
8-
وَزَوِّدْنِي بِخَشَبِ
أَرْزٍ وَسَرْوٍ وَصَنْدَلٍ مِنْ لُبْنَانَ، لأَنَّنِي أَعْرِفُ أَنَّ
رِجَالَكَ مَاهِرُونَ فِي قَطْعِ خَشَبِ لُبْنَانَ، فَيَتَعَاوَنَ رِجَالِي
مَعَ رِجَالِكَ.
9-
وَلْيُجَهِّزُوا لِي خَشَباً
وَفِيراً، لأَنَّ الْهَيْكَلَ الَّذِي عَزَمْتُ عَلَى بِنَائِهِ هُوَ
هَيْكَلٌ عَظِيمٌ وَمُدْهِشٌ،
10-
وَأَنَا
أَدْفَعُ أُجْرَةَ قَاطِعِي الْخَشَبِ: عِشْرِينَ أَلْفَ كُرٍّ مِنَ
الْحِنْطَةِ، وَعِشْرِينَ أَلْفَ كِيسٍ مِنَ الشَّعِيرِ، وَعِشْرِينَ
أَلْفَ بَثِّ خَمْرٍ، وَعِشْرِينَ أَلْفَ بَرْمِيلِ زَيْتٍ».
جواب حورام
11-
فَأَجَابَهُ حُورَامُ مَلِكُ
صُورَ فِي رِسَالَةٍ قَائِلاً: «لأَنَّ الرَّبَّ أَحَبَّ حَقّاً شَعْبَهُ
وَلاَّكَ عَلَيْهِمْ مَلِكاً.
12-
فَتَبَارَكَ الرَّبُّ إِلَهُ
إِسْرَائِيلَ صَانِعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي رَزَقَ دَاوُدَ
الْمَلِكَ ابْناً حَكِيماً مُتَمَيِّزاً بِالْمَعْرِفَةِ وَالْفَهْمِ
لِيَبْنِيَ هَيْكَلاً لِلرَّبِّ وَقَصْراً لِنَفْسِهِ.
13-
وَهَا أَنَا
أُرْسِلُ الآنَ رَجُلاً حَاذِقاً خَبِيراً هُوَ حُورَامُ أَبِي،
14-
ابْنُ
امْرَأَةٍ مِنْ سِبْطِ دَانَ، مُتَزَوِّجَةٍ مِنْ رَجُلٍ صُورِيٍّ، بَارِعٍ
فِي صَنَاعَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ
وَالْحِجَارَةِ وَالْخَشَبِ وَالْقُمَاشِ الأَزْرَقِ وَالْبَنَفْسَجِيِّ
وَالْكَتَّانِ وَالأَحْمَرِ وَسَائِرِ فُنُونِ النَّقْشِ، وَتَنْفِيذِ مَا
يُعْهَدُ بِهِ إِلَيْهِ مِنْ رُسُومَاتٍ، فَيَعْمَلُ حُورَامُ هَذَا
جَنْباً إِلَى جَنْبٍ مَعَ صُنَّاعِكَ وَصُنَّاعِ سَيِّدِي دَاوُدَ
أَبِيكَ.
15-
أَمَّا الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالزَّيْتُ وَالْخَمْرُ
الَّتِي ذَكَرَهَا سَيِّدِي، فَلْيَبْعَثْ بِهَا مَعَ رِجَالِهِ.
16-
وَنَحْنُ نَقُومُ بِقَطْعِ الْخَشَبِ مِنْ لُبْنَانَ، عَلَى مِقْدَارِ
حَاجَتِكَ، وَنَنْقُلُهُ إِلَيْكَ أَرْمَاثاً عَائِمَةً عَلَى الْبَحْرِ
إِلَى مِينَاءِ يَافَا. وَمِنْ هُنَاكَ يَتِمُّ حَمْلُهُ إِلَى
أُورُشَلِيمَ».
17-
وَأَحْصَى سُلَيْمَانُ
جَمِيعَ الْغُرَبَاءِ الْمُقِيمِينَ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ أَنْ
كَانَ أَبُوهُ قَدْ سَبَقَ فَأَحْصَاهُمْ، فَوَجَدَهُمْ مِئَةً وَثَلاَثَةً
وَخَمْسِينَ أَلْفاً وِستَّ مِئَةٍ،
18-
مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفَ حَمَّالٍ،
وَثَمَانُونَ أَلْفَ نَحَّاتٍ لِقَطْعِ حِجَارَةِ الْجَبَلِ، وَثَلاَثَةُ
آلافٍ وَسِتُّ مِئَةٍ أَقَامَهُمْ وُكَلاَءَ لِلإِشْرَافِ عَلَى الْعَمَلِ.
فصل
3
بناء الهيكل
1-
وَأَخَذَ سُلَيْمَانُ فِي
بِنَاءِ هَيْكَلِ الرَّبِّ فِي بَيْدَرِ أُرْنَانَ الْيَبُوسِيِّ فِي
أُورُشَلِيمَ عَلَى جَبَلِ الْمُرَيَّا، حَيْثُ تَرَاءَى الرَّبُّ
لِدَاوُدَ أَبِيهِ، وَحَيْثُ وَقَعَ اخْتِيَارُ دَاوُدَ عَلَى مَكَانِ
الْهَيْكَلِ.
2-
وَشَرَعَ فِي الْبِنَاءِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنَ
الشَّهْرِ الثَّانِي مِنَ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِحُكْمِهِ.
3-
أَمَّا
الْهَيْكَلُ الَّذِي أَنْشَأَهُ سُلَيْمَانُ فَكَانَ سِتِّينَ ذِرَاعاً
(نَحْوَ ثَلاَثِينَ مِتْراً) طُولاً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً (نَحْوَ عَشَرَةِ
أَمْتَارٍ) عَرْضاً.
4-
وَكَانَ طُولُ الرُّوَاقِ الْقَائِمِ أَمَامَ
الْهَيْكَلِ عِشْرِينَ ذِرَاعاً (نَحْوَ عَشَرَةِ أَمْتَارٍ) مُعَادِلاً
لِعَرْضِ الْهَيْكَلِ، وَارْتِفَاعُهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً (نَحْوَ
سِتِّينَ مِتْراً)، وَقَدْ غَشَّاهُ مِنَ الدَّاخِلِ بِالذَّهَبِ
النَّقِيِّ.
5-
وَغَطَّى الْجُدْرَانَ الدَّاخِلِيَّةَ بِخَشَبِ السَّرْوِ
وَغَشَّاهُ بِذَهَبٍ نَقِيٍّ، نَقَشَ عَلَيْهَا أَشْكَالَ نَخِيلٍ
وَسَلاَسِلَ.
6-
وَجَمَّلَ الْهَيْكَلَ فَرَصَّعَهُ بِحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ،
أَمَّا الذَّهَبُ الْمُسْتَخْدَمُ فَكَانَ مِنْ ذَهَبِ فَرَوَايِمَ.
7-
وَغَشَّى أَخْشَابَ الْبَيْتِ وَعَتَبَاتِهِ وَحَوَائِطَهُ وَمَصَارِيعَهُ
بِذَهَبٍ وَنَقَشَ كَرُوبِيمَ عَلَى الْجُدْرَانِ.
8-
وَشَيَّدَ مِحْرَابَ قُدْسِ
الأَقْدَاسِ فَكَانَ طُولُهُ مُسَاوِياً لِعَرْضِ الْهَيْكَلِ، فَكَانَ
مُرَبَّعَ الشَّكْلِ، طُولُهُ يُعَادِلُ عَرْضَهُ، عِشْرُونَ ذِرَاعاً فِي
عِشْرِينَ ذِرَاعاً (أَيْ نَحْوُ عَشَرَةِ أَمْتَارٍ فِي عَشَرَةِ
أَمْتَارٍ)، وَغَشَّاهُ بِسِتِّ مِئَةِ وَزْنَةٍ (نَحْوَ وَاحِدٍ
وَعِشْرِينَ أَلْفاً وَسِتِّ مِئَةِ كِيلُوجْرَامٍ) مِنَ الذَّهَبِ
النَّقِيِّ.
9-
وَكَانَ وَزْنُ مَسَامِيرِ الذَّهَبِ خَمْسِينَ شَاقِلاً
(نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ جْرَامٍ)، وَغَشَّى أَجْزَاءَهُ الْعُلْيَا
بِالذَّهَبِ.
سبك الكروبين
10-
وَصَاغَ سُلَيْمَانُ
كَرُوبَيْنِ (وَهُمَا تِمْثَالاَنِ لِمَلاكَيْنِ) غَشَّاهُمَا بِذَهَبٍ،
وَوَضَعَهُمَا فِي قُدْسِ الأَقْدَاسِ.
11-
وَكَانَ طُولُ كُلِّ جَنَاحٍ
مِنْ أَجْنِحَةِ الكَرُوبَيْنِ خَمْسَ أَذْرُعٍ (نَحْوَ مِتْرَيْنِ
وَنِصْفِ الْمِتْرِ)، فَكَانَتْ فِي جُمْلَتِهَا عِشْرِينَ ذِرَاعاً
(نَحْوَ عَشَرَةِ أَمْتَارٍ). وَمَسَّ طَرَفُ جَنَاحِ الْكَرُوبيِمِ
الْخَارِجِيِّ جِدَارَ الْهَيْكَلِ أَمَّا طَرَفُهُ الدَّاخِلِيُّ
فَتَلاَمَسَ مَعَ طَرَفِ جَنَاحِ الْكَرُوبِيمِ الآخَرِ.
12-
وَكَذَلِكَ مَسَّ طَرَفُ
جَنَاحِ الْكَرُوبِيمِ الثَّانِي الْخَارِجِيِّ جِدَارَ الْهَيْكَلِ أَمَّا
طَرَفُ الْجَنَاحِ الدَّاخِلِيِّ فَتَلاَمَسَ مَعَ طَرَفِ جَنَاحِ
الْكَرُوبِيمِ الأَوَّلِ الدَّاخِلِيِّ.
13-
وَكَانَ هَذَانِ
الكَرُوبَانِ مُنْتَصِبَيْنِ عَلَى أَرْجُلِهِمَا فِي مُوَاجَهَةِ
المِحْرَابِ بَاسِطَيْنِ أَجْنِحَتَهُمَا عَلَى امْتِدَادِ عِشْرِينَ
ذِرَاعاً (نَحْوَ عَشَرَةِ أَمْتَارٍ).
صنع الحجاب
14-
وَصَنَعَ الْحِجَابَ
(الْفَاصِلَ بَيْنَ الْمِحْرَابِ وَبَقِيَّةِ الْهَيْكَلِ) مِنْ قُمَاشٍ
أَزْرَقِ اللَّوْنِ وَبَنَفْسَجِيٍّ وَأَحْمَرَ وَكَتَّانٍ، طُرِّزَ
عَلَيْهِ رَسْمُ الْكَرُوبِيمِ.
إقامة العموديين
15-
وَأَقَامَ أَمَامَ
الْهَيْكَلِ عَمُودَيْنِ، طُولُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسٌ وَثَلاَثُونَ
ذِرَاعاً (نَحْوَ سَبْعَةَ عَشَرَ مِتْراً وَنِصْفِ الْمِتْرِ)، وَضَعَ
عَلَيْهِمَا تَاجَيْنِ، ارْتِفَاعُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسُ أَذْرُعٍ
(نَحْوَ مِتْرَيْنِ وَنِصْفِ الْمِتْرِ).
16-
وَصَنَعَ سَلاَسِلَ مَضْفُورَةً
مُمَاثِلَةً لِسَلاَسِلِ الْمِحْرَابِ وَضَعَهَا عَلَى رَأْسَيِ
الْعَمُودَيْنِ، كَمَا صَنَعَ مِئَةَ رُمَّانَةٍ عَلَّقَهَا
بِالسَّلاَسِلِ.
17-
وَنَصَبَ الْعَمُودَيْنِ أَمَامَ الْهَيْكَلِ، وَاحِداً
عَنْ يَمِينِهِ وَدَعَاهُ يَاكِينَ، وَالآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ وَدَعاهُ
بُوعَزَ.
فصل
4
مذبح النحاس
1-
وَصَنَعَ سُلَيْمَانُ
مَذْبَحَ النُّحَاسِ، طُولُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعاً (نَحْوَ عَشَرَةِ
أَمْتَارٍ) وَعَرْضُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعاً (نَحْوَ عَشَرَةِ أَمْتَارٍ)
وَارْتِفَاعُهُ عَشَرُ أَذْرُعٍ (نَحْوَ خَمْسَةِ أَمْتَارٍ).
سبك البركة
2-
وَسَبَكَ بِرْكَةً مِنَ
النُّحَاسِ مُسْتَدِيرَةً طُولُ قُطْرِهَا مِنْ حَافَتِهَا إِلَى
حَافَتِهَا عَشَرُ أَذْرُعٍ (نَحْوَ خَمْسَةِ أَمْتَارٍ) وَارْتِفَاعُهَا
خَمْسُ أَذْرُعٍ (نَحْوَ مِتْرَيْنِ وَنِصْفِ الْمِتْرِ)، وَطُولُ
مُحِيطِهَا ثَلاَثُونَ ذِرَاعاً (نَحْوَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِتْراً).
3-
وَقَدْ سُبِكَ بِشَكْلٍ
دَائِرِيٍّ، وَكَجُزْءٍ مِنْهَا، تَحْتَ اسْتِدَارَةِ مُحِيطِهَا، صَفَّانِ
مِنَ الْقِثَّاءِ بِمِقْدَارِ عَشْرِ قِثَّاءَاتٍ لِكُلِّ ذِرَاعٍ (نَحْوَ
نِصْفِ مِتْرٍ)، وَقَدْ سُبِكَتْ كَجُزْءٍ مِنَ الْحَوْضِ.
4-
وَكَانَتِ الْبِرْكَةُ
قَائِمَةً عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ ثَوْراً، يَتَّجِهُ ثَلاَثَةٌ مِنْهَا
بِرُؤُوسِهَا نَحْوَ الشِّمَالِ، وَثَلاَثَةٌ أُخْرَى نَحْوَ الْغَرْبِ،
وَثَلاَثَةٌ ثَالِثَةٌ نَحْوَ الْجَنُوبِ، وَالثَّلاَثَةُ الأَخِيرَةُ
نَحْوَ الشَّرْقِ، وَالْبِرْكَةُ تَرْتَكِزُ عَلَى أَعْجَازِهَا
الْمُتَّجِهَةِ نَحْوَ الدَّاخِلِ.
5-
وَبَلَغَ سُمْكُ جِدَارِ
الْبِرْكَةِ شِبْراً، وَصُنِعَتْ حَافَتُهَا عَلَى شَكْلِ كَأْسِ زَهْرِ
السُّوسَنِّ، وَكَانَتْ تَتَّسِعُ لِثَلاَثَةِ آلافِ بَثٍّ (نَحْوَ
اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ أَلْفاً وَخَمْسِ مِئَةِ لِتْرٍ).
صنع الأحواض والمنائر
والموائد
6-
وَصَنَعَ عَشَرَةَ أَحْوَاضٍ
لِغَسْلِ مَا يُقَرِّبُونَهُ كَمُحْرَقَاتٍ، أَقَامَ خَمْسَةً مِنْهَا عَنِ
الْيَمِينِ وَخَمْسَةً عَنِ الشِّمَالِ. أَمَّا الْبِرْكَةُ فَقَدْ
خُصِّصَتْ ِلاغْتِسَالِ الْكَهَنَةِ.
7-
وَصَاغَ عَشَرَ مَنَائِرِ
ذَهَبٍ بِمُوْجِبِ الْمُوَاصَفَاتِ الْمَوْضُوعَةِ لَهَا، وَنَصَبَهَا فِي
الْهَيْكَلِ: خَمْساً عَنِ الْيَمِينِ وَخَمْساً عَنِ الشِّمَالِ.
8-
وَكَذَلِكَ صَنَعَ عَشَرَ
مَوَائِدَ وَضَعَهَا فِي الْهَيْكَلِ خَمْسَةً عَنِ الْيَمِينِ وَخَمْسَةً
عَنِ الشِّمَالِ. كَمَا صَنَعَ مِئَةَ مِنْضَحَةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
9-
وَبَنَى فِنَاءَ الْكَهَنَةِ
وَالدَّارَ الْعَظِيمَةَ مَعَ مَصَارِيعِهَا الَّتِي غَشَّاهَا
بِالنُّحَاسِ.
10-
أَمَّا الْبِرْكَةُ فَقَدْ أَثْبَتَهَا فِي الْجَانِبِ
الأَيْمَنِ فِي الْجِهَةِ الْجَنُوبِيَّةِ الشَّرْقِيَّةِ.
خلاصة
11-
وَعَمِلَ حُورَامُ
الْقُدُورَ وَالرُّفُوشَ وَالْمَنَاضِحَ. وَأَكْمَلَ كُلَّ مَا طَلَبَهُ
الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ لإِتْمَامِ الْهَيْكَلِ:
12-
الْعَمُودَيْنِ وَكُرَتَيِ
التَّاجَيْنِ الْقَائِمَتَيْنِ عَلَى قِمَّتَيِ الْعَمُودَيْنِ،
وَالشَّبَكَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُغَطِّيَانِ كُرَتَيِ التَّاجَيْنِ.
13-
وَالرُّمَّانَاتِ الأَرْبَعَ
مِئَةٍ الْمُعَلَّقَةَ بِالشَّبَكَتَيْنِ، صَفَّيْنِ لِكُلِّ شَبَكَةٍ
لِتُغَطِّيَ كُرَتَيِ التَّاجَيْنِ الْقَائِمَتَيْنِ عَلَى قِمَّتَيِ
الْعَمُودَيْنِ.
14-
كَذَلِكَ صَنَعَ
الْقَوَاعِدَ وَأَحْوَاضَهَا الْمُرْتَكِزَةَ عَلَيْهَا.
15-
وَالْبِرْكَةَ الْقَائِمَةَ
عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ ثَوْراً،
16-
وَالْقُدُورَ وَالرُّفُوشَ
وَالْمَنَاشِلَ، وَكُلَّ أَوَانِيهَا. وَقَدْ صَنَعَ حُورَامُ هَذِهِ
كُلَّهَا لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ مِنْ نُحَاسٍ مَصْقُولٍ، لِتَكُونَ فِي
الْهَيْكَلِ،
17-
فِي غَوْرِ الأُرْدُنِّ
حَيْثُ سَبَكَهَا فِي أَرْضِ الْخَزَفِ بَيْنَ سُكُّوتَ وَصَرَدَةَ.
18-
وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ كُلَّ
هَذِهِ الآنِيَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْسُبَ وَزْنَ
النُّحَاسِ.
19-
وَأَمَرَ سُلَيْمَانُ بِصُنْعِ آنِيَةِ بَيْتِ اللهِ،
وَمَذْبَحِ الذَّهَبِ وَمَوَائِدِ خُبْزِ التَّقْدِمَاتِ،
20-
وَالْمَنَائِرِ
وَسُرُجِهَا الْمُضِيئَةِ دَائِماً أَمَامَ الْمِحْرَابِ بِمُقْتَضَى نَصِّ
الشَّرِيعَةِ، مِنْ ذَهَبٍ خَالِصٍ.
21-
وَالأَزْهَارُ والسُّرُجُ
وَالْمَلاقِطُ، كُلُّهَا صُنِعَتْ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ.
22-
كَمَا سُبِكَتِ
الْمَقَاصُّ وَالْمَنَاضِحُ وَالصُّحُونُ وَالْمَجَامِرُ مِنْ ذَهَبٍ
نَقِيٍّ. وَكَذَلِكَ صُنِعَ بَابُ الْهَيْكَلِ وَمَصَارِيعُ قُدْسِ
الأَقْدَاسِ وَمَصَارِيعُ الْقَاعَةِ الرَّئِيسِيَّةِ مِنْ ذَهَبٍ
فصل
5
1-
وَاكْتَمَلَ جَمِيعُ
الْعَمَلِ الَّذِي قَامَ بِهِ سُلَيْمَانُ لِبِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ،
وَأَتَى بِكُلِّ مُدَّخَرَاتِ دَاوُدَ أَبِيهِ الَّتِي كَرَّسَهَا مِنْ
فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَأَوَانٍ، وَجَعَلَهَا فِي مَخَازِنِ بَيْتِ اللهِ.
الاحتفال بإدخال التابوت إلى
الهيكل
2-
حِينَئِذٍ دَعَا سُلَيْمَانُ
شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ رُؤَسَاءِ الأَسْبَاطِ وَالْعَائِلاتِ إِلَى
أُورُشَلِيمَ، لِيُحْضِرُوا تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ مِنْ صِهْيَوْنَ
مَدِينَةِ دَاوُدَ.
3-
فَالْتَفَّ حَوْلَ الْمَلِكِ جَمِيعُ
شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ فِي أَثْنَاءِ عِيدِ الْمَظَالِّ الْوَاقِعِ فِي
الشَّهْرِ السَّابِعِ.
4-
وَبَعْدَ أَنْ حَضَرَ جَمِيعُ شُيُوخِ
إِسْرَائِيلَ، حَمَلَ اللاَّوِيُّونَ التَّابُوتَ.
5-
وَنَقَلَ الْكَهَنَةُ
وَاللاَّوِيُّونَ أَيْضاً خَيْمَةَ الاجْتِمَاعِ وَسَائِرَ آنِيَةِ
الْقُدْسِ الَّتِي فِي الْخَيْمَةِ.
6-
وَشَرَعَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ
وَكُلُّ الحَاضِرِينَ الْمُحْتَشِدِينَ أَمَامَ التَّابُوتِ يَذْبَحُونَ
مَا لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنْ غَنَمٍ وَبَقَرٍ.
7-
وَأَدْخَلَ
الْكَهَنَةُ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ إِلَى مَكَانِهِ فِي مِحْرَابِ
الْهَيْكَلِ فِي قُدْسِ الأَقْدَاسِ، تَحْتَ جَنَاحَيِ الْكَرُوبَيْنِ،
8-
اللَّذَيْنِ كَانَا بَاسِطَيْنِ أَجْنِحَتَهُمَا فَوْقَ مَوْضِعِ
التَّابُوتِ مُظَلِّلَيْنِ التَّابُوتَ وَعِصِيَّهُ.
9-
وَسَحَبُوا أَطْرَافَ
الْعِصِيِّ فَبَدَتْ رُؤُوسُهَا فِي قُدْسِ الأَقْدَاسِ أَمَامَ
الْمِحْرَابِ وَلَمْ يَسْبِقْ أَنْ شُوهِدَتْ خَارِجَةً مِنْ حَلَقَاتِهَا
وَهِيَ مَا بَرِحَتْ هُنَاكَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.
10-
وَلَمْ يَكُنِ
التَّابُوتُ يَضُمُّ سِوَى لَوْحَيِ الْحَجَرِ اللَّذَيْنِ وَضَعَهُمَا
مُوسَى هُنَاكَ فِي حُورِيبَ حِينَ عَاهَدَ الرَّبُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ
لَدَى خُرُوجِهِمْ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ.
11-
ثُمَّ خَرَجَ الْكَهَنَةُ
مِنَ الْقُدْسِ. وَكَانَ جَمِيعُ الْكَهَنَةِ الْحَاضِرِينَ قَدْ
تَقَدَّسُوا بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الْفِرَقِ الَّتِي يَنْتَمُونَ
إِلَيْهَا.
12-
وَلَبِسَ اللاَّوِيُّونَ الْمُغَنُّونَ أَجْمَعُونَ
كَتَّاناً، وَعَلَى رَأْسِهِمْ آسَافُ وَهَيْمَانُ وَيَدُوثُونُ
وَأَبْنَاؤُهُمْ وَأَقْرِبَاؤُهُمْ، وَرَاحُوا يَعْزِفُونَ عَلَى
الصُّنُوجِ وَالرَّبَابِ وَالْعِيدَانِ وَهُمْ وَاقِفُونَ شَرْقِيَّ
الْمَذْبَحِ، يُرَافِقُهُمْ مِئَةٌ وَعِشْرُونَ كَاهِناً يَنْفُخُونَ
بِالأَبْوَاقِ.
13-
وَعِنْدَمَا تَنَاغَمَتْ أَصْوَاتُ الأَبْوَاقِ
وَالْمُغَنِّينَ وَكَأَنَّهَا صَوْتٌ وَاحِدٌ يَتَغَنَّى بِحَمْدِ الرَّبِّ
وَتَسْبِيحِهِ، ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْغِنَاءِ، مَصْحُوبَةً
بِنَغَمَاتِ الأَبْوَاقِ وَعَزْفِ الصُّنُوجِ مُرَنِّمِينَ لِلرَّبِّ
قَائِلِينَ: «الرَّبُّ صَالِحٌ وَرَحْمَتُهُ إِلَى الأَبَدِ تَدُومُ».
فَامْتلأَ الْهَيْكَلُ سَحَاباً.
14-
وَلَمْ يَسْتَطِعِ الْكَهَنَةُ
الْقِيَامَ بِالْخِدْمَةِ بِسَبَبِ السَّحَابِ لأَنَّ مَجْدَ الرَّبِّ
مَلأَ الْهَيْكَلَ.
فصل
6
خطبة سليمان
1-
عِنْدَئِذٍ قَالَ
سُلَيْمَانُ: «قَالَ الرَّبُّ إِنَّهُ يَسْكُنُ فِي الضَّبَابِ.
2-
وَلَكِنِّي بَنَيْتُ هَيْكَلاً رَائِعاً، مَقَرّاً لِسُكْنَاكَ إِلَى
الأَبَدِ».
3-
ثُمَّ الْتَفَتَ الْمَلِكُ إِلَى كُلِّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ
الْمَاثِلِ هُنَاكَ وَبَارَكَهُمْ،
4-
وَقَالَ: «تَبَارَكَ الرَّبُّ إِلَهُ
إِسْرَائِيلَ الَّذِي حَقَّقَ الْيَوْمَ مَا وَعَدَ بِهِ دَاوُدَ أَبِي
قَائِلاً:
5-
مُنْذُ أَنْ أَخْرَجْتُ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ لَمْ
أَخْتَرْ مَدِينَةً مِنْ بَيْنِ مُدُنِ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ
لِبِنَاءِ هَيْكَلٍ يَكُونُ عَلَيْهِ اسْمِي هُنَاكَ، وَلاَ اصْطَفَيْتُ
رَجُلاً يَمْلِكُ عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ
6-
سِوَى أُورُشَلِيمَ
لِيَكُونَ اسْمِي فِيهَا، وَدَاوُدَ لِيَحْكُمَ عَلَى شَعْبِي
إِسْرَائِيلَ.
7-
وَقَدْ نَوَى أَبِي دَاوُدُ أَنْ يَبْنِيَ هَيْكَلاً
لاِسْمِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ.
8-
فَقَالَ الرَّبُّ لَهُ: لَقَدْ
أَحْسَنْتَ إِذْ نَوَيْتَ فِي قَلْبِكَ أَنْ تَبْنِيَ لِي هَيْكَلاً.
9-
لَكِنْ لَسْتَ أَنْتَ مَنْ يَبْنِيهِ، بَلِ ابْنُكَ الْخَارِجُ مِنْ
صُلْبِكَ هُوَ يَبْنِي الْهَيْكَلَ لاِسْمِي.
10-
وَأَوْفَى الرَّبُّ بِمَا
وَعَدَ، فَخَلَفْتُ أَنَا دَاوُدَ أَبِي عَلَى عَرْشِ إِسْرَائِيلَ كَمَا
تَكَلَّمَ الرَّبُّ، وَأَقَمْتُ هَذَا الْهَيْكَلَ لاِسْمِ الرَّبِّ إِلَهِ
إِسْرَائِيلَ.
11-
وَوَضَعْتُ فِيهِ التَّابُوتَ الَّذِي يَضُمُّ عَهْدَ
الرَّبِّ الَّذِي أَبْرَمَهُ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
صلاة سليمان التدشينية
12-
وَانْتَصَبَ سُلَيْمَانُ
أَمَامَ مَذْبَحِ الرَّبِّ، فِي مُوَاجَهَةِ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ،
وَبَسَطَ يَدَيْهِ،
13-
لأَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ قَدْ صَنَعَ مِنْبَراً مِنْ
نُحَاسٍ أَقَامَهُ فِي وَسَطِ الدَّارِ، طُولُهُ خَمْسُ أَذْرُعٍ (نَحْوَ
مِتْرَيْنِ وَنِصْفِ الْمِتْرِ)، وَعَرْضُهُ خَمْسُ أَذْرُعٍ (نَحْوَ
مِتْرَيْنِ وَنِصْفِ الْمِتْرِ)، وَارْتِفَاعُهُ ثَلاَثُ أَذْرُعٍ (نَحْوَ
مِتْرٍ وَنِصْفِ الْمِتْرِ)، فَوَقَفَ عَلَيْهِ أَوَّلاً، ثُمَّ جَثَا
عَلَى رُكْبَتَيْهِ فِي مُوَاجَهَةِ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ،
وَبَسَطَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ،
14-
وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ
إِسْرَائِيلَ، لَيْسَ إِلَهٌ نَظِيرَكَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَنْتَ
يَامَنْ تُحَافِظُ عَلَى عَهْدِ الرَّحْمَةِ مَعَ عَبِيدِكَ السَّائِرِينَ
أَمَامَكَ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ،
15-
هَا قَدْ حَقَّقْتَ الْيَوْمَ لِعَبْدِكَ
دَاوُدَ كُلَّ مَا وَعَدْتَهُ بِهِ،
16-
وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ
إِسْرَائِيلَ أَوْفِ بِمَا وَعَدْتَ بِهِ عَبْدَكَ أبِي دَاوُدَ قَائِلاً:
إِنْ حَذَا أَوْلاَدُكَ حَذْوَكَ، وَمَارَسُوا شَرِيعَتِي أَمَامِي، فَلَنْ
يَخْلُوَ يَوْماً عَرْشُ إِسْرَائِيلَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ صُلْبِكَ يَجْلِسُ
عَلَيْهِ.
17-
وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ لِيَتَحَقَّقْ
وَعْدُكَ هَذَا الَّذِي قَطَعْتَهُ لِعَبْدِكَ دَاوُدَ.
18-
لأَنَّهُ هَلْ
يَسْكُنُ اللهُ حَقّاً مَعَ الإِنْسَانِ عَلَى الأَرْضِ؟ إِنْ كَانَتِ
السَّمَاوَاتُ بَلِ السَّمَاوَاتُ الْعُلَى لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ
بِالأَحْرَى هَذَا الْهَيْكَلُ الَّذِي بَنَيْتُ!
19-
فَأَصْغِ إِلَى
ابْتِهَالِ عَبْدِكَ وَإِلَى تَضَرُّعِهِ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهِي،
وَاسْتَجِبْ إِلَى اسْتِغَاثَتِي وَالصَّلاةِ الَّتِي يَرْفَعُهَا عَبْدُكَ
أَمَامَكَ.
20-
لِتَظَلَّ عَيْنَاكَ تَرْعَيَانِ هَذَا الْهَيْكَلَ نَهَاراً
وَلَيْلاً، هَذَا الْمَوْضِعَ الَّذِي قُلْتَ عَنْهُ إِنَّكَ تَضَعُ
اسْمَكَ فِيهِ، لِتَسْتَمِعَ إِلَى الصَّلاَةِ الَّتِي يِتَضَرَّعُ بِهَا
عَبْدُكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
21-
وَأَنْصِتْ لاِبْتِهَالاَتِ عَبْدِكَ
وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ،
فَاسْمَعْ أَنْتَ فِي مَقَرِّ سُكْنَاكَ مِنَ السَّمَاءِ، وَمَتَى سَمِعْتَ
فَاغْفِرْ (إِثْمَنَا)
22-
إِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ إِلَى صَاحِبِهِ وَأَوْجَبَ
عَلَيْهِ الْيَمِينَ لِيُحَلِّفَهُ، فَحَضَرَ لِيَحْلِفَ أَمَامَ
مَذْبَحِكَ فِي هَذَا الْهَيْكَلِ،
23-
فَاسْتَمِعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ
وَاعْمَلْ وَاقْضِ بَيْنَ عَبِيدِكَ، إِذْ تَدِينُ الْمُذْنِبَ،
فَتُعَاقِبُهُ عَلَى شَرِّهِ وَتُنْصِفُ الْبَارَّ وَتُنْعِمُ عَلَيْهِ
حَسَبَ بِرِّهِ.
24-
وَإِذَا انْهَزَمَ شَعْبُكَ أَمَامَ عَدُوِّهِمْ مِنْ
جَرَّاءِ خَطِيئَتِهِمْ ثُمَّ تَابُوا مُعْتَرِفِينَ بِاسْمِكَ وَصَلُّوا
مُتَضَرِّعِينَ إِلَيْكَ فِي هَذَا الْهَيْكَلِ،
25-
فَاسْتَجِبْ أَنْتَ مِنَ
السَّمَاءِ وَاصْفَحْ عَنْ خَطِيئَةِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَأَرْجِعْهُ
إِلَى الأَرْضِ الَّتِي وَهَبْتَهَا لِآبَائِهِمْ.
26-
إِذَا أُغْلِقَتْ أَبْوَابُ
السَّمَاءِ وَانْحَبَسَ الْمَطَرُ لأَنَّ الشَّعْبَ قَدْ أَخْطَأَ
إِلَيْكَ، ثُمَّ صَلَّى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُعْتَرِفاً بِاسْمِكَ
وَارْتَدَّ عَنْ خَطِيئَتِهِ لأَنَّكَ أَنْزَلْتَ بِهِ الْبَلاَءَ.
27-
فَاسْتَجِبْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ وَاصْفَحْ عَنْ
خَطِيئَةِ عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَعَلِّمْهُمْ سُبُلَ
الْعَيْشِ بِاسْتِقَامَةٍ، وَأَمْطِرْ غَيْثاً عَلَى أَرْضِكَ الَّتِي
وَهَبْتَهَا مِيرَاثاً لِشَعْبِكَ.
28-
وَإِنْ أَصَابَتِ الأَرْضَ مَجَاعَةٌ،
أَوْ تَفَشَّى فِيهَا وَبَأٌ، أَوِ اعْتَرَتْهَا آفَاتٌ زِرَاعِيَّةٌ أَوْ
جَفَافٌ، أَوْ غَزَاهَا الْجَرَادُ وَالْجُنْدُبُ، أَوْ إِذَا حَاصَرَ
الشَّعْبَ عَدُوٌّ فِي مَدِينَةٍ مِنْ مُدُنِهِ، أَوْ حَلَّتْ بِهِ
كَارِثَةٌ أَوْ مَرَضٌ،
29-
فَحِينَ يُصَلِّي أَوْ يَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ
أَحَدٌ مِنَ الشَّعْبِ أَوْ شَعْبُكَ كُلُّهُ مُعْتَرِفاً بِخَطِيئَتِهِ
وَبَاسِطاً يَدَيْهِ نَحْوَ هَذَا الْهَيْكَلِ
30-
اسْتَجِبْ أَنْتَ مِنَ
السَّمَاءِ مَقَرِّ سُكْنَاكَ، وَاصْفَحْ وَجَازِ كُلَّ إِنْسَانٍ
بِمُقْتَضَى طُرُقِهِ، لأَنَّكَ تَعْرِفُ قَلْبَهُ، فَأَنْتَ وَحْدَكَ
الْمُطَّلِعُ عَلَى دَخَائِلِ النَّاسِ،
31-
لِكَيْ يَتَّقُوكَ وَيَسْلُكُوا
فِي سُبُلِكَ كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي يَحْيَوْنَ فِيهَا عَلَى وَجْهِ
الأَرْضِ الَّتِي وَهَبْتَهَا لِآبَائِنَا.
32-
وَمَتَى جَاءَ الْغَرِيبُ
الَّذِي لاَ يَنْتَمِي إِلَى شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَالَّذِي قَدِمَ مِنْ
أَرْضٍ بَعِيدَةٍ مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ الْعَظِيمِ، وَلأَجْلِ مَا
أَجْرَتْهُ يَدُكَ الْقَوِيَّةُ وَذِرَاعُكَ الْمُقْتَدِرَةُ، وَصَلَّى فِي
هَذَا الْهَيْكَلِ،
33-
فَاسْتَجِبْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَقَرِّ
سُكْنَاكَ، وَافْعَلْ كُلَّ مَا يُنَاشِدُكَ بِهِ الْغَرِيبُ لِيُذَاعَ
اسْمُكَ بَيْنَ كُلِّ أُمَمِ الأَرْضِ، فَيَخَافُوكَ كَمَا يَخَافُكَ
شَعْبُكَ إِسْرَائِيلُ، وَلِيُدْرِكُوا أَنَّ اسْمَكَ قَدْ دُعِيَ عَلَى
هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي بَنَيْتُهُ.
34-
وَإِذَا خَرَجَ شَعْبُكَ
لِمُحَارَبَةِ عَدُوٍّ فِي أَيِّ مَكَانٍ تُرْسِلُهُمْ إِلَيْهِ، وَصَلُّوا
إِلَيْكَ مُتَوَجِّهِينَ نَحْوَ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَرْتَهَا
وَالْهَيْكَلِ الَّذِي بَنَيْتُهُ لاِسْمِكَ،
35-
فَاسْتَجِبْ مِنَ
السَّمَاءِ صَلاَتَهُمْ وَتَضَرُّعَهُمْ، وَانْصُرْ قَضِيَّتَهُمْ.
36-
وَإِذَا أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، إِذْ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يَأْثَمُ،
وَغَضِبْتَ عَلَيْهِمْ وَأَسْلَمْتَهُمْ لِلْعَدُوِّ، فَسَبَاهُمْ
آسِرُوهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ، بَعِيدَةً كَانَتْ أَمْ قَرِيبَةً،
37-
فَإِنْ
تَابُوا فِي أَرْضِ سَبْيِهِمْ، وَرَجِعُوا مُتَضَرِّعِينَ إِلَيْكَ
قَائِلِينَ: قَدْ أَخْطَأْنَا وَانْحَرَفْنَا وَأَذْنَبْنَا،
38-
وَتَابُوا
حَقّاً مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَهُمْ فِي دِيَارِ
آسِرِيهِمْ، وَصَلُّوا إِلَيْكَ مُتَوَجِّهِينَ نَحْوَ أَرْضِهِمِ الَّتِي
وَهَبْتَهَا لِآبَائِهِمْ، نَحْوَ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَرْتَهَا
وَالْهَيْكَلِ الَّذِي بَنَيْتُهُ لاِسْمِكَ،
39-
فَاسْتَجِبْ مِنَ
السَّمَاءِ، مَقَرِّ سُكْنَاكَ، صَلاَتَهُمْ وَتَضَرُّعَهُمْ، وَانْصُرْ
قَضِيَّتَهُمْ، وَاصْفَحْ عَنْ خَطِيئَةِ شَعْبِكَ.
40-
لِتَكُنْ يَاإِلَهِي
عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ وَأُذُنَاكَ مُصْغِيَتَيْنِ لِلصَّلاةِ
الْمَرْفُوعَةِ إِلَيْكَ مِنْ هَذَا الْهَيْكَلِ.
41-
وَالآنَ، انْهَضْ
أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ إِلَى مَكَانِ رَاحَتِكَ، أَنْتَ وَالتَّابُوتُ
رَمْزُ عِزَّتِكَ. لِيَرْتَدِ، أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ، كَهَنَتُكَ
ثَوْبَ خَلاصِكَ، وَلْيَبْتَهِجْ أَتْقِيَاؤُكَ بِالْخَيْرِ.
42-
أَيُّهَا
الرَّبُّ الإِلَهُ، لاَ تَرْفُضِ الْمَلِكَ، وَاذْكُرْ رَحْمَتَكَ الَّتِي
وَعَدْتَ بِهَا دَاوُدَ عَبْدَكَ».
فصل
7
نار من السماء
1-
وَمَا إِنْ أَتَمَّ
سُلَيْمَانُ صَلاَتَهُ حَتَّى نَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ الْتَهَمَتِ
الْمُحْرَقَةَ وَالذَّبَائِحَ، وَملأَ مَجْدُ الرَّبِّ الْهَيْكَلَ،
2-
وَلَمْ يَتَمَكَّنِ الْكَهَنَةُ مِنَ الدُّخُولِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ،
لأَنَّ مَجْدَ الرَّبِّ مَلأَهُ.
3-
وَشَهِدَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ
نُزُولَ النَّارِ وَمَجْدِ الرَّبِّ عَلَى الْهَيْكَلِ، فَخَرُّوا عَلَى
وُجُوهِهِمْ سَاجِدِينَ عَلَى بَلاَطِ الأَرْضِ الْمُجَزَّعِ، وَحَمَدُوا
الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ، وَلأَنَّ رَحْمَتَهُ إِلَى الأَبَدِ تَدُومُ.
تقديم الذبائح
4-
ثُمَّ قَدَّمَ الْمَلِكُ
وَسَائِرُ الشَّعْبِ ذَبَائِحَ أَمَامَ الرَّبِّ.
5-
فَذَبَحَ الْمَلِكُ
سُلَيْمَانُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفاً مِنَ الْبَقَرِ، وَمِئَةً
وَعِشْرِينَ أَلْفاً مِنَ الْغَنَمِ. وَدَشَّنَ الْمَلِكُ وَجَمِيعُ
الشَّعْبِ الْهَيْكَلَ.
6-
وَوَقَفَ الْكَهَنَةُ فِي الأَمَاكِنِ
الْمُخَصَّصَةِ لَهُمْ فِي مُوَاجَهَةِ اللاَّوِيِّينَ، يِنْفُخُونَ
بِالأَبْوَاقِ، بَيْنَمَا شَرَعَ اللاَّوِيُّونَ يَعْزِفُونَ عَلَى آلاتِ
غِنَاءِ الرَّبِّ الَّتِي صَنَعَهَا الْمَلِكُ دَاوُدُ حِينَ سَبَّحَ
الرَّبَّ بِهَا، مُتَرَنِّمِينَ بِحَمْدِ الرَّبِّ لأَنَّ رَحْمَتَهُ إِلَى
الأَبَدِ تَدُومُ، وَذَلِكَ
عَلَى مَرْأَى مِنَ
الشَّعْبِ كُلِّهِ.
تقديس الفناء والاحتفال
بالعيد
7-
وَقَدَّسَ سُلَيْمَانُ
الْفِنَاءَ الْوَاقِعَ أَمَامَ الْهَيْكَلِ حَيْثُ قَرَّبَ هُنَاكَ
الْمُحْرَقَاتِ وَشَحْمَ ذَبَائِحِ السَّلاَمِ، لأَنَّ مَذْبَحَ النُّحَاسِ
الَّذِي صَنَعَهُ سُلَيْمَانُ كَانَ أَصْغَرَ مِنْ أَنْ يَسَعَ
الْمُحْرَقَاتِ وَالتَّقْدِمَاتِ وَالشَّحْمَ.
8-
وَاحْتَفَلَ سُلَيْمَانُ
بِالْعِيدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ طَوَالَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مَعَ كُلِّ
إِسْرَائِيلَ، وَجُمْهُورٍ كَبِيرٍ تَوَاَفَدَ مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى
وَادِي مِصْرَ.
9-
وَاعْتَكَفُوا فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ لِلْعِبَادَةِ
بَعْدَ أَنِ احْتَفَلُوا بِتَدْشِينِ الْمَذْبَحِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ،
وَبِالْعِيدِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ أُخْرَى.
10-
ثُمَّ صَرَفَ الشَّعْبَ إِلَى
بُيُوتِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ
السَّابِعِ، فانْطَلَقُوا بِقُلُوبٍ يَغْمُرُهَا الْفَرَحُ وَالْغِبْطَةُ
مِنْ أَجْلِ كُلِّ الْخَيْرَاتِ الَّتِي أَبْدَاهَا الرَّبُّ نَحْوَ
دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَإِسْرَائِيلَ شَعْبِهِ.
11-
وَهَكَذَا أَكْمَلَ
سُلَيْمَانُ إِقَامَةَ الْهَيْكَلِ وَقَصْرِ الْمَلِكِ، وَحَالَفَهُ
النَّجَاحُ فِي كُلِّ مَا خَطَّطَ أَنْ يَبْنِيَهُ فِيهِمَا.
تجلي الله لسليمان ووعده
12-
وَتَجَلَّى الرَّبُّ
لِسُلَيْمَانَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «قَدِ اسْتَجَبْتُ صَلاَتَكَ،
وَاخْتَرْتُ هَذَا الْمَكَانَ لِي لِيَكُونَ هَيْكَلاً لِلذَّبَائِحِ.
13-
فَإِنْ أَغْلَقْتُ السَّمَاءَ فَانْحَبَسَ الْمَطَرُ، وَإِنْ أَمَرْتُ
الْجَرَادَ أَنْ يَلْتَهِمَ عُشْبَ الأَرْضِ، وَإِنْ جَعَلْتُ الْوَبَأَ
يَتَفَشَّى بَيْنَ شَعْبِي،
14-
ثُمَّ اتَّضَعَ شَعْبِي الَّذِي دُعِيَ
اسْمِي عَلَيْهِمْ، وَتَضَرَّعُوا طَالِبِينَ وَجْهِي، وَتَابُوا عَنْ
غَيِّهِمْ، فَإِنَّنِي أَسْتَجِيبُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَصْفَحُ عَنْ
خَطِيئَتِهِمْ وَأُخْصِبُ أَرْضَهُمْ.
15-
أَمَّا الآنَ فَإِنَّ عَيْنَيَّ
تَظَلاَّنِ مَفْتُوحَتَيْنِ تَرْعَيَانِ هَذَا الْمَكَانَ، وَأُذُنَيَّ
تُصْغِيَانِ إِلَى الصَّلاَةِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ.
16-
لَقَدِ اخْتَرْتُ
هَذَا الْهَيْكَلَ وَقَدَّسْتُهُ حَتَّى أَضَعَ اسْمِي عَلَيْهِ إِلَى
الأَبَدِ، فَتَكُونُ عَيْنَايَ وَقَلْبِي هُنَاكَ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ.
17-
فَإِنْ سَلَكْتَ أَنْتَ أَمَامِي كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ،
وَنَفَّذْتَ كُلَّ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ وَأَطَعْتَ فَرَائِضِي
وَأَحْكَامِي،
18-
فَإِنَّنِي أُثَبِّتُ عَرْشَكَ كَمَا وَعَدْتُ أَبَاكَ
قَائِلاً: لاَ يَنْقَرِضُ مِنْ نَسْلِهِ رَجُلٌ يَحْكُمُ إِسْرَائِيلَ.
19-
وَلَكِنْ إِنِ انْحَرَفْتُمْ وَنَبَذْتُمْ فَرَائِضِي الَّتِي
شَرَّعْتُهَا لَكُمْ، وَضَلَلْتُمْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى
وَعَبَدْتُمُوهَا وَسَجَدْتُمْ لَهَا، 20فَإِنَّنِي أَسْتَأْصِلُكُمْ مِنْ
أَرْضِي الَّتِي وَهَبْتُهَا لَكُمْ، وَأَنْبِذُ هَذَا الْهَيْكَلَ الَّذِي
قَدَّسْتُهُ ِلاسْمِي، وَأَجْعَلُهُ مَثَلاً وَمَثَارَ هُزْءٍ لِجَمِيعِ
الأُمَمِ.
21-
وَيَغْدُو هَذَا الْهَيْكَلُ الَّذِي كَانَ شَامِخاً عِبْرَةً
يُثِيرُ عَجَبَ كُلِّ مَنْ يَمُرُّ بِهِ، فَيَتَسَاءَلُ: لِمَاذَا صَنَعَ
الرَّبُّ هَكَذَا بِهَذِهِ الأَرْضِ وَبِهَذَا الْهَيْكَلِ؟
22-
فَيَأْتِيهُمُ الْجَوَابُ: لأَنَّهُمْ تَرَكُوا الرَّبَّ إِلَهَ
آبَائِهِمِ الَّذِي أَخْرَجَهُمْ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ، وَتَشَبَّثُوا
بِآلِهَةٍ أُخْرَى وَسَجَدُوا لَهَا وَعَبَدُوهَا، لِذَلِكَ جَلَبَ
عَلَيْهِمْ كُلَّ هَذَا الْبَلاَءِ».
فصل
8
العمران في زمن سليمان
1-
وَفِي نِهَايَةِ
الْعِشْرِينَ عَاماً الَّتِي فِيهَا بَنَى سُلَيْمَانُ هَيْكَلَ الرَّبِّ
وَقَصْرَهُ،
2-
أَعَادَ بِنَاءَ الْمُدُنِ الَّتِي أَعْطَاهَا لَهُ الْمَلِكُ
حُورَامُ، وَأَسْكَنَ فِيهَا قَوْماً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
3-
ثُمَّ
تَقَدَّمَ سُلَيْمَانُ مِنْ حَمَاةِ صُوبَةَ وَافْتَتَحَهَا،
4-
وَبَنَى
أَيْضاً تَدْمُرَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَسَائِرَ مُدُنِ الْمَخَازِنِ الَّتِي
أَقَامَهَا عِنْدَ حَمَاةَ.
5-
كَمَا أَعَادَ بِنَاءَ بَيْتِ حُورُونَ
الْعُلْيَا وَبَيْتَ حُورُونَ السُّفْلَى، وَجَعَلَهُمَا مَدِينَتَيْنِ
مَنِيعَتَيْنِ مُحَصَّنَتَيْنِ بِأَسْوَارٍ وَبَوَّابَاتٍ وَأَرْتَاجٍ
6-
كَمَا بَنَى مَدِينَةَ بَعْلَةَ وَكُلَّ الْمُدُنِ الَّتِي جَعَلَهَا
مَخَازِنَ لَهُ، وَجَمِيعَ مُدُنِ حَظَائِرِ الْمَرْكَبَاتِ وَمُدُنِ
الْفُرْسَانِ، وَكُلَّ مَا رَغِبَ فِي بِنَائِهِ وَتَرْمِيمِهِ فِي
أُورُشَلِيمَ وَفِي لُبْنَانَ وَفِي كُلِّ أَرْجَاءِ سَلْطَنَتِهِ.
نسل الأمم الباقية
7-
أَمَّا جَمِيعُ نَسْلِ
الأُمَمِ الْبَاقِينَ مِنَ الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ
وَالْفَرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ الَّذِينَ لاَ
يَنْتَمُونَ ِلإِسْرَائِيلَ،
8-
مِمَّنْ بَقُوا فِي الأَرْضِ مِنْ
بَعْدِهِمْ، وَلَمْ يُفْنِهِمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَقَدْ سَخَّرَهُمْ
سُلَيْمَانُ لِلْخِدْمَةِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.
9-
أَمَّا أَبْنَاءُ
إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يُسَخِّرْ مِنْهُمْ سُلَيْمَانُ أَحَداً، لأَنَّ
مِنْهُمْ كَانَ يَتَأَلَّفُ رِجَالُ الْقِتَالِ وَرُؤَسَاءُ قُوَّادِهِ
وَقَادَةُ مَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانُهُ.
10-
وَكَانَ عَدَدُ الْمُوَكَّلِينَ
عَلَى الإِشْرَافِ عَلَى خِدْمَةِ الْعُمَّالِ الْمُسَخَّرِينَ لِتَنْفِيذِ
أَعْمَالِ سُلَيْمَانَ، مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً.
11-
وَبَعْدَ أَنْ
بَنَى لِبِنْتِ فِرْعَوْنَ قَصْراً نَقَلَهَا إِلَيْهِ قَائِلاً: «لاَ
تُقِيمُ زَوْجَتِي فِي قَصْرِ دَاوُدَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ
الأَمَاكِنَ الَّتِي دَخَلَهَا تَابُوتُ الرَّبِّ هِيَ أَمَاكِنُ
مُقَدَّسَةٌ».
المحرقات
12-
ثُمَّ قَرَّبَ سُلَيْمَانُ
مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي شَيَّدَهُ أَمَامَ
الرُّوَاقِ،
13-
فَكَانَتِ الْمُحْرَقَاتُ تُقَدَّمُ كُلَّ يَوْمٍ بِمُوْجِبِ
مَا نَصَّتْ عَلَيْهِ وَصِيَّةُ مُوسَى، وَفِي السُّبُوتِ، وَفِي مَطْلَعِ
كُلِّ شَهْرٍ قَمَرِيٍّ، وَمَوَاسِمِ الأَعْيَادِ الثَّلاَثَةِ
السَّنَوِيَّةِ: عِيدِ الْفَطِيرِ، وَعِيدِ الْحَصَادِ، وَعِيدِ
الْمَظَالِّ.
تنظيم خدمات الكهنة
واللاويين
14-
وَنَظَّمَ خَدَمَاتِ
وَوَاجِبَاتِ فِرَقِ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ بِمُقْتَضَى مَا
رَتَّبَهُ أَبُوهُ دَاوُدُ، فَكَانَ اللاَّوِيُّونَ يَقُومُونَ
بِالتَّسْبِيحِ وَالْخِدْمَةِ تَحْتَ إِشْرَافِ الْكَهَنَةِ، وَحِرَاسَةِ
الأَبْوَابِ حَسَبَ فِرَقِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ، تَنْفِيذاً
لأَوَامِرِ دَاوُدَ رَجُلِ اللهِ.
15-
وَلَمْ يَنْحَرِفُوا عَنْ تَنْفِيذِ
مَا أَوْصَى الْمَلِكُ بِهِ الْكَهَنَةَ وَاللاوِيِّينَ بِشَأْنِ
الْمَخَازِنِ وَسِوَاهَا مِنَ الأُمُورِ.
16-
وَهَكَذَا اكْتَمَلَ تَنْفِيذُ
كُلِّ مَا خَطَّطَهُ سُلَيْمَانُ مِنْ يَوْمِ إِرْسَاءِ الأَسَاسِ حَتَّى
الانْتِهَاءِ مِنْ تَشْيِيدِ الْهَيْكَلِ.
أسطول سليمان
17-
ثُمَّ ذَهَبَ سُلَيْمَانُ
إِلَى مِينَاءِ عِصْيُونَ جَابِرَ وَإِلَى أَيْلَةَ الْوَاقِعَتَيْنِ عَلَى
شَاطِيءِ بَحْرِ أَدُومَ،
18-
فَبَعَثَ إِلَيْهِ حُورَامُ بِقِيَادَةِ
رِجَالِهِ نُوتِيَّةً خُبَرَاءَ بِمَسَالِكِ الْمِيَاهِ فَأَبْحَرُوا مَعَ
رِجَالِ سُلَيْمَانَ إِلَى أُوفِيرَ وَجَلَبُوا مِنْهَا أَرْبَعَ مِئَةٍ
وَخَمْسِينَ وَزْنَةً مِنَ الذَّهَبِ (نَحْوَ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفاً
وَمِئَتَيْ كِيلُوجْرَامٍ) حَمَلُوهَا إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ.
فصل
9
زيارة ملكة سبأ
1-
وَعِنْدَمَا سَمِعَتْ
مَلِكَةُ سَبَأَ بِشُهْرَةِ سُلَيْمَانَ قَدِمَتْ إِلَى أُورُشَلِيمَ
بِمَوْكِبٍ حَافِلٍ، وَجِمَالٍ مُحَمَّلَةٍ أَطْيَاباً وَذَهَباً وَفِيراً،
وَحِجَارَةً كَرِيمَةً، لِتَطْرَحَ عَلَيْهِ أَسْئِلَةً عَسِيرَةً،
وَأَسَرَّتْ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَا فِي نَفْسِهَا.
2-
فَأَجَابَهَا
سُلَيْمَانُ عَنْ كُلِّ أَسْئِلَتِهَا، وَلَمْ يَخْفَ عَنْهُ شَيْءٌ عَجَزَ
عَنْ شَرْحِهِ لَهَا.
3-
وَلَمَّا رَأَتْ مَلِكَةُ سَبَأَ حِكْمَةَ
سُلَيْمَانَ وَشَاهَدَتِ الْقَصْرَ الَّذِي شَيَّدَهُ
4-
وَمَا يُقَدَّمُ
عَلَى مَائِدَتِهِ مِنْ طَعَامٍ، وَمَجْلِسَ رِجَالِ دَوْلَتِهِ،
وَمَوْقِفَ خُدَّامِهِ وَمَلاَبِسَهُمْ، وَسُقَاتَهُ وَثِيَابَهُمْ،
وَمُحْرَقَاتِهِ الَّتِي كَانَ يُقَرِّبُهَا فِي بَيْتِ الرَّبِّ،
اعْتَرَاهَا الذُّهُولُ الْعَمِيقُ،
5-
فَقَالَتْ لِلْمَلِكِ: «إِنَّ
الأَخْبَارَ الَّتِي بَلَغَتْنِي فِي أَرْضِي عَنْ أُمُورِكَ وَحِكْمَتِكَ
هِيَ حَقّاً صَحِيحَةٌ.
6-
وَلَكِنِّي لَمْ أُصَدِّقْهَا حَتَّى جِئْتُ
وَشَاهَدْتُ، فَوَجَدْتُ مَا سَمِعْتُهُ لاَ يُجَاوِزُ نِصْفَ مَا
تَتَمَتَّعُ بِهِ مِنْ حِكْمَةٍ، فَإِنَّ حِكْمَتَكَ تَتَفَوَّقُ عَلَى مَا
سَمِعْتُهُ مِنْ أَخْبَارِكَ.
7-
فَطُوبَى لِرِجَالِكَ، وَطُوبَى
لِخُدَّامِكَ الْمَاثِلِينَ دَائِماً فِي حَضْرَتِكَ السَّامِعِينَ
حِكْمَتَكَ.
8-
وَلْيَتَبَارَكِ الرَّبُّ إِلَهُكَ الَّذِي سُرَّ بِكَ
وَأَقَامَكَ مَلِكاً لَهُ. لأَنَّهُ بِفَضْلِ مَحَبَّةِ إِلَهِكَ لِبَنِي
إِسْرَائِيلَ جَعَلَكَ مَلِكاً عَلَيْهِمْ لِيَحْفَظَهُمْ إِلَى الأَبَدِ
فَتَقْضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ وَالْبِرِّ.
9-
وَأَهْدَتْهُ مِئَةً
وَعِشْرِينَ وَزْنَةً مِنَ الذَّهَبِ (نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلافٍ وَثَلاَثِ
مِئَةٍ وَعِشْرِينَ كِيلُوجْرَاماً) وَأَطْيَاباً كَثِيرَةً وَحِجَارَةً
كَرِيمَةً، وَلَمْ يُوْجَدْ مَا يُمَاثِلُ الطِّيبَ الَّذِي أَهْدَتْهُ
مَلِكَةُ سَبَأَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ.
10-
وَكَانَ رِجَالُ الْمَلِكِ
حُورَامَ وَرِجَالُ سُلَيْمَانَ قَدْ أَحْضَرُوا ذَهَباً مِنْ أُوفِيرَ،
وَجَلَبُوا مَعَهُمْ أَيْضاً خَشَبَ الصَّنْدَلِ وَحِجَارَةً كَرِيمَةً.
11-
فَاسْتَخْدَمَ الْمَلِكُ خَشَبَ الصَّنْدَلِ فِي صُنْعِ سَلاَلِمَ
لِبَيْتِ الرَّبِّ وَقَصْرِ الْمَلِكِ، كَمَا صَنَعَ مِنْهُ أَعْوَاداً
وَقِيثَارَاتٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَظِيرٌ مِنْ قَبْلُ فِي أَرْضِ
يَهُوذَا.
أبهة سليمان وعظمته
12-
وَأَعْطَى الْمَلِكُ
سُلَيْمَانُ مَلِكَةَ سَبَأَ كُلَّ مَا رَغِبَتْ فِيهِ، فَضْلاً عَمَّا
أَهْدَاهُ إلَيْهَا مُقَابِلَ الْهَدَايَا الَّتِي حَمَلَتْهَا إِلَيْهِ،
ثُمَّ انْصَرَفَتْ هِيَ وَعَبِيدُهَا إِلَى أَرْضِهَا.
13-
وَكَانَ وَزْنُ الذَّهَبِ
الَّذِي حَصَلَ عَلَيْهِ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ سِتَّ
مِئَةٍ وَسِتّاً وَسِتِّينَ وَزْنَةً مِنَ الذَّهَبِ (نَحَوَ ثَلاَثَةٍ
وَعِشْرِينَ أَلْفاً وَتِسْعِ مِئَةٍ وَسِتَّةٍ وَسِتِّينَ
كِيلُوجْرَاماً)،
14-
بِالإِضَافَةِ إِلَى عَوَائِدِ الضَّرَائِبِ مِنَ
التُّجَّارِ، وَمَا كَانَ يُقَدِّمُهُ إِلَيْهِ مُلُوكُ الْعَرَبِ
وَوُلاَةُ الأَرْضِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ.
15-
وَصَنَعَ سُلَيْمَانُ
مِئَتَيْ تُرْسٍ مِنَ الذَّهَبِ الْمُطْرُوقِ، اسْتَهْلَكَ كُلُّ تُرْسٍ
مِنْهَا سِتَّ مِئَةِ شَاقِلٍ مِنَ الذَّهَبِ الْمَطْرُوقِ (نَحْوَ
سَبْعَةِ آلافٍ وَمِئَتَيْ جِرَامٍ)،
16-
وَثَلاَثَ مِئَةِ دِرْعٍ ذَهَبِيٍّ،
اسْتَهْلَكَ كُلُّ دِرْعٍ مِنْهَا ثَلاَثَ مِئَةِ شَاقِلٍ مِنَ الذَّهَبِ
(نَحْوَ ثَلاثَةِ آلافٍ وَسِتِّ مِئَةِ جْرَامٍ)، جَعَلَهَا الْمَلِكُ فِي
قَصْرِ غَابَةِ لُبْنَانَ.
17-
وَصَنَعَ الْمَلِكُ عَرْشاً عَظِيماً مِنْ
عَاجٍ، غَشَّاهُ بِذَهَبٍ خَالِصٍ.
18-
وَكَانَ لِلْعَرْشِ سِتُّ دَرَجَاتٍ
وَمَوْطِيءٌ مِنْ ذَهَبٍ مُتَّصِلٌ بِهِ، وَمَسْنَدَانِ عَلَى جَانِبَيْهِ
حَوْلَ مَوْضِعِ الْجُلُوسِ، وَأَسَدَانِ يَقِفَانِ إِلَى جِوَارِ
الْمَسْنَدَيْنِ.
19-
وَأُقِيمَ عَلَى الدَّرَجَاتِ السِّتِّ اثْنَا عَشَرَ
أَسَداً، سِتَّةٌ عَلَى كُلِّ جَانِبٍ، فَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْعَرْشِ
نَظِيرٌ فِي كُلِّ الْمَمَالِكِ.
20-
أَمَّا جَمِيعُ آنِيَةِ شُرْبِ
الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ وَسَائِرُ آنِيَةِ قَصْرِ غَابَةِ لُبْنَانَ، فَقَدْ
كَانَتْ كُلُّهَا مَصْنُوعَةً مِنَ الذَّهَبِ الْخَالِصِ، فَالْفِضَّةُ
لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ فِي أَيَّامِ سُلَيْمَانَ،
21-
فَقَدْ كَانَ
سُلَيْمَانُ يَمْلِكُ أُسْطُولاً بَحَرِيّاً تِجَارِيّاً يَعْمَلُ
بِالْمُشَارَكَةِ مَعَ رِجَالِ حِيرَامَ، فَكَانَ يَبْحُرُ إِلَى تَرْشِيشَ
ثُمَّ يَعُودُ مَرَّةً كُلَّ ثَلاَثِ سَنَوَاتٍ مُحَمَّلاً بِالذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ وَالْعَاجِ وَالْقُرُودِ وَالطَّوَاوِيسِ.
22-
وَهَكَذَا
تَعَاظَمَ شَأْنُ الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ عَلَى كُلِّ مُلُوكِ الأَرْضِ مِنْ
حَيْثُ الْحِكْمَةِ وَالْغِنَى.
23-
وَسَعَى جَمِيعُ مُلُوكِ الأَرْضِ
لِلْمُثُولِ فِي حَضْرَةِ سُلَيْمَانَ لِيَسْتَمِعُوا إِلَى حِكْمَتِهِ
الَّتِي أَوْدَعَهَا اللهُ قَلْبَهُ.
24-
فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَأْتِي
حَامِلاً هَدِيَّتَهُ مِنْ أَوَانٍ فِضِّيَّةٍ أَوْ ذَهَبِيَّةٍ وَحُلَلٍ
وَسِلاَحٍ
وَتَوَابِلَ وَخَيْلٍ وَبِغَالٍ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ.
25-
وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ
أَرْبَعَةُ آلافِ مِذْوَدٍ لِلْخَيْلِ وَلِلْمَرْكَبَاتِ، وَاثْنَا عَشَرَ
أَلْفَ فَارِسٍ، فَوَزَّعَهُمْ عَلَى مُدُنِ الْمَرْكَبَاتِ، وَاحْتَفَظَ
بِبَعْضٍ مِنْهُمْ مَعَهُ فِي أُورُشَلِيمَ.
26-
وَقَدْ خَضَعَ لَهُ جَمِيعُ
الْمُلُوكِ الْحَاكِمِينَ مِنْ نَهْرِ الْفُرَاتِ إِلَى أَرْضِ
الْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى تُخُومِ مِصْرَ.
27-
وَجَعَلَ الْمَلِكُ
الْفِضَّةَ فِي أُورُشَلِيمَ كَالْحَصَى لِكَثْرَتِهَا، كَمَا جَعَلَ
خَشَبَ الأَرْزِ لِوَفْرَتِهِ لاَ يَزِيدُ قِيمَةً عَنْ خَشَبِ
الْجُمَّيْزِ الَّذِي فِي السَّهْلِ.
28-
أَمَّا خَيْلُ سُلَيْمَانَ فَقَدِ
اسْتُوْرِدَتْ مِنْ مِصْرَ وَمِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي.
موت سليمان
29-
أَمَّا بَقِيَّةُ أَخْبَارِ
سُلَيْمَانَ مِنْ بِدَايَتِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا أَلَيْسَتْ هِي
مُدَوَّنَةً فِي تَارِيخِ نَاثَانَ النَّبِيِّ وَفِي نُبُوءَةِ أَخِيَّا
الشِّيلُونِيِّ، وَفِي رُؤَى النَّبِيِّ يَعْدُو الْمُخْتَصَّةِ بِحُكْمِ
يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ؟
30-
وَدَامَ مُلْكُ سُلَيْمَانَ عَلَى
إِسْرَائِيلَ فِي أُورُشَلِيمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً،
31-
ثُمَّ مَاتَ وَدُفِنَ
مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَخَلَفَهُ ابْنُهُ
رَحُبْعَامُ عَلَى الْعَرْشِ.
فصل
10
موقف رحبعام الفظ من الشعب
1-
وَذَهَبَ رَحُبْعَامُ إِلَى
شَكِيمَ، فَتَوَافَدَ إِلَى هُنَاكَ جَمِيعُ الإِسْرَائِيلِيِّينَ
لِيُنَصِّبُوهُ مَلِكاً.
2-
فَعِنْدَمَا سَمِعَ يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ
وَهُوَ فِي مِصْرَ، الَّتِي لَجَأَ إِلَيْهَا هَرَباً مِنْ سُلَيْمَانَ
الْمَلِكِ، رَجَعَ مِنْهَا.
3-
فَأَرْسَلُوا يَسْتَدْعُونَهُ، فَجَاءَ
يَرُبْعَامُ وَكُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَقَالُوا لِرَحُبْعَامَ:
4-
«إِنَّ أَبَاكَ قَدْ أَثْقَلَ النِّيرَ عَلَيْنَا، فَخَفِّفْ أَنْتَ الآنَ
مِنْ عِبْءِ عُبُودِيَّةِ أَبِيكَ وَثِقَلِ نِيرِهِ الَّذِي وَضَعَهُ
عَلَيْنَا فَنَخْدُمَكَ».
5-
فَأَجَابَهُمْ: «ارْجِعُوا إِلَيَّ بَعْدَ
ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ». فَانْصَرَفُوا.
6-
وَاسْتَشَارَ رَحُبْعَامُ الشُّيُوخَ
الَّذِينَ كَانُوا فِي خِدْمَةِ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ قَائِلاً: «بِمَاذَا
تُشِيرُونَ عَلَيَّ لأَرُدَّ جَوَاباً عَلَى هَذَا الشَّعْبِ؟»
7-
فَأَجَابُوهُ: «إِنْ تَرََّأفْتَ عَلَى هَذَا الشَّعْبِ وَرَاعَيْتَهُ
وَأَحْسَنْتَ مُخَاطَبَتَهُ، يُصْبِحُ لَكَ عَبْداً كُلَّ الأَيَّامِ».
8-
وَلَكِنَّهُ أَهْمَلَ مَشُورَةَ الشُّيُوخِ، وَتَدَاوَلَ مَعَ الشَّبَابِ
الَّذِينَ نَشَأُوا مَعَهُ وَكَانُوا مِنْ جُمْلَةِ حَاشِيَتِهِ،
9-
وَقَالَ
لَهُمْ: «بِمَاذَا تُشِيرُونَ أَنْتُمْ،
فَنَرُدَّ جَوَاباً
عَلَى هَذَا الشَّعْبِ الَّذِي طَالَبَنِي أَنْ أُخَفِّفَ مِنَ النِّيرِ
الَّذِي أَثْقَلَ بِهِ أَبِي كَاهِلَهُمْ؟»
10-
فَأَجَابُوهُ: «هَذَا مَا
تَقُولُهُ لَهُمْ: إِنَّ خِنْصَرِي أَغْلَظُ مِنْ وَسْطِ أَبِي!
11-
أَبِي
أَثْقَلَ عَلَيْكُمُ النِّيرَ
وَأَنَا أَزيِدُ عَلَيْهِ.
أَبِي أَدَّبَكُمْ بِالسِّيَاطِ وَأَنَا أُؤَدِّبُكُمْ بِالْعَقَارِبِ».
تمرد الأسباط العشرة
12-
وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ
مَثَلَ يَرُبْعَامُ وَسَائِرُ الشَّعْبِ أَمَامَ رَحُبْعَامَ كَمَا قَالَ
لَهُمُ الْمَلِكُ.
13-
فَأَجَابَهُمْ بِقَسْوَةٍ لأَنَّهُ
تَجَاهَلَ مَشُورَةَ الشُّيُوخِ، الَّتِي أَسْدَوْهَا إِلَيْهِ.
14-
وَخَاطَبَهُمْ بِمَا أَشَارَ عَلَيْهِ بِهِ الشَّبَابُ قَائِلاً: «أَبِي
ثَقَّلَ عَلَيْكُمُ النِّيرَ وَأَنَا أَزِيدُ عَلَيْهِ. أَبِي أَدَّبَكُمْ
بِالسِّيَاطِ، وَأَنَا أُؤَدِّبُكُمْ بِالْعَقَارِبِ».
15-
وَرَفَضَ
الْمَلِكُ الاسْتِجَابَةَ لِمَطَالِبِ الشَّعْبِ، وَكَانَ السَّبَبُ مِنَ
الرَّبِّ لِيَتِمَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى لِسَانِ أَخِيَّا
الشِّيلُونِيِّ بِشَأْنِ يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ.
16-
فَلَمَّا رَأَى كُلُّ بَنِي
إِسْرَائِيلَ أَنَّ الْمَلِكَ لَمْ يَسْتَجِبْ لِمَطَالِبِهِمْ، قَالُوا:
«أَيُّ نَصِيبٍ لَنَا فِي دَاوُدَ، وَأَيُّ حَظٍّ لَنَا فِي ابْنِ يَسَّى؟
فَلْيَمْضِ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ يَاإِسْرَائِيلُ، وَاعْتَنِ الآنَ
بِبَيْتِكَ يَادَاوُدُ». وَانْصَرَفَ الإِسْرَائِيلِيُّونَ عَنْهُ إِلَى
مَنَازِلِهِمْ.
17-
أَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ الْمُقِيمُونَ
فِي مُدُنِ سِبْطِ يَهُوذَا فَمَلَكَ عَلَيْهِمْ رَحُبْعَامُ.
18-
وَعِنْدَمَا أَرْسَلَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ هَدُورَامَ الْمُوَكَّلَ
عَلَى أَعْمَالِ التَّسْخِيرِ إِلَى أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، رَجَمُوهُ
بِالْحِجَارَةِ فَمَاتَ. فَبَادَرَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ وَاسْتَقَلَّ
مَرْكَبَتَهُ هَارِباً إِلَى أُورُشَلِيمَ.
19-
وَهَكَذَا تَمَرَّدَ
الإِسْرَائِيلِيُّونَ عَلَى حُكْمِ ذُرِّيَّةِ دَاوُدَ إِلَى هَذَا
الْيَوْمِ.
فصل
11
رحبعام يحشد جيشاً
1-
وَحِينَ وَصَلَ رَحُبْعَامُ
إِلَى أُورُشَلِيمَ حَشَدَ جَيْشاً مِنْ سِبْطَيْ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ،
بَلَغَ عَدَدُهُ مِئَةً وَثَمَانِينَ أَلْفاً مِنْ نُخْبَةِ
الْمُقَاتِلِينَ، لِرَدِّ الإِسْرَائِيلِيِّينَ إِلَى طَاعَتِهِ.
2-
فَخَاطَبَ الرَّبُّ نَبِيَّهُ شَمْعِيَا:
3-
«قُلْ لِرَحُبْعَامَ بْنِ
سُلَيْمَانَ مَلِكِ يَهُوذَا وَكُلِّ إِسْرَائِيلَ الْمُقِيمِينَ فِي
يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ:
4-
هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: لاَ تَذْهَبُوا
لِمُحَارَبَةِ إِخْوَتِكُمْ. لِيَرْجِعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ إِلَى
مَنْزِلِهِ، لأَنَّ مِنْ عِنْدِي قَدْ صَدَرَ الأَمْرُ بِانْقِسَامِ
الْمَمْلَكَةِ». فَاسْتَجَابُوا لِكَلاَمِ الرَّبِّ وَرَجَعُوا عَنْ
مُحَارَبَةِ يَرُبْعَامَ.
بناء الحصون
5-
وَأَقَامَ رَحُبْعَامُ فِي
أُورُشَلِيمَ وَبَنَى حُصُوناً فِي مُدُنِ يَهُوذَا.
6-
فِي بَيْتِ لَحْمٍ
وَعِيطَامَ وَتَقُوعَ،
7-
وَبَيْتِ صُورَ وَسُوكُوَ وَعَدُلاَّمَ،
8-
وَجَتَّ
وَمَرِيشَةَ وَزِيْفَ،
9-
وَأَدُورَايِمَ وَلَخِيشَ وَعَزِيقَةَ،
10-
وَصَرْعَةَ وَأَيَّلُونَ وَحَبْرُونَ الَّتِي فِي يَهُوذَا
وَبَنْيَامِينَ، وَجَعَلَهَا مُدُناً مَنِيعَةً.
11-
ذَاتَ حُصُونٍ
قَوِيَّةٍ، وَعَيَّنَ عَلَيْهَا قُوَّاداً، وَخَزَنَ فِيهَا مُؤَناً
وَزَيْتاً وَخَمْراً،
12-
وَأَتْرَاساً وَرِمَاحاً، وَجَعَلَهَا ذَاتَ
مَنَاعَةٍ عَظِيمَةٍ، وَهَكَذَا حَكَمَ عَلَى سِبْطَيْ يَهُوذَا
وَبَنْيَامِينَ.
اللاويون ينضمون إلى يهوذا
13-
وَمَثَلَ أَمَامَهُ جَمِيعُ
الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ الَّذِينَ فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ،
قَادِمِينَ مِنْ جَمِيعِ مَوَاطِنِهِمْ.
14-
بَعْدَ أَنْ هَجَرُوا
مَرَاعِيَهُمْ وَأَمْلاكَهُمْ وَأَقْبَلُوا إِلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ
لأَنَّ يَرُبْعَامَ وَأَبْنَاءَهُ مَنَعُوهُمْ مِنَ الْقِيَامِ بِخِدْمَةِ
عِبَادَةِ الرَّبِّ،
15-
إِذْ عَيَّنَ يَرُبْعَامُ بِنَفْسِهِ كَهَنَةً
يَخْدُمُونَ فِي الْمُرْتَفَعَاتِ، وَيَعْبُدُونَ أَصْنَامَ التُّيُوسِ
وَالْعُجُولِ الَّتِي عَمِلَهَا.
16-
وَمَا لَبِثَ أَنْ تَوَافَدَ إِلَى
أُورُشَلِيمَ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ كُلُّ الَّذِينَ ظَلَّتْ
قُلُوبُهُمْ سَاعِيَةً وَرَاءَ طَلَبِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ،
لِيُقَدِّمُوا ذَبَائِحَ للرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِمْ.
17-
وَكَانُوا مَصْدَرَ
قُوَّةٍ لِلْمَمْلَكَةِ وَلِرَحُبْعَامَ طَوَالَ السَّنَوَاتِ الثَّلاَثِ
الَّتِي عَبَدُوا فِيهَا الرَّبَّ، سَالِكِينَ فِي طَرِيقِ دَاوُدَ
وَسُلَيْمَانَ.
زوجات رحبعام واختيار خلف له
18-
وَتَزَوَّجَ رَحُبْعَامُ
مَحْلَةَ ابْنَةَ يَرِيمُوثَ بْنِ دَاوُدَ وَأَبِيجَايِلَ بِنْتَ أَلِيآبَ
بْنِ يَسَّى،
19-
فَأَنْجَبَتْ لَهُ ثَلاَثَةَ أَبْنَاءٍ هُمْ يَعُوشُ
وَشَمَرْيَا وَزَاهَمُ.
20-
ثُمَّ تَزَوَّجَ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ،
فَأَنْجَبَتْ لَهُ أَبِيَّا وَعَتَّايَ وَزِيزَا وَشَلُومِيثَ.
21-
وَأَحَبَّ
رَحُبْعَامُ مَعْكَةَ ابْنَةَ أَبْشَالُومَ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ
نِسَائِهِ وَمَحْظِيَّاتِهِ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ
امْرَأَةً، وَكَانَتْ لَهُ سِتُّونَ مَحْظِيَّةً، أَنْجَبْنَ لَهُ
ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ابْناً وَسِتِّينَ بِنْتاً.
22-
وَاصْطَفَى
رَحُبْعَامُ أَبِيَّا ابْنَ مَعْكَةَ وَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ إِخْوَتِهِ
وَقَائِداً لَهُمْ لِيَخْلُفَهُ عَلَى الْمُلْكِ.
23-
وَتَصَرَّفَ
بِحِكْمَةٍ، إِذْ وَزَّعَ بَعْضَ أَبْنَائِهِ فِي جَمِيعِ أَرْجَاءِ
يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ، وَفِي الْمُدُنِ الْحَصِينَةِ، وَزَوَّدَهُمْ
بِالْمُؤَنِ الْوَفِيرَةِ وَأَخَذَ (لَهُمْ) نِسَاءً كَثِيرَاتٍ.
فصل
12
شيشق ملك مصر يغزو أورشليم
1-
وَمَا إِنْ تَرَسَّخَتْ
دَعَائِمُ مَمْلَكَةِ رَحُبْعَامَ وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ حَتَّى نَبَذَ
هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ شَرِيعَةَ الرَّبِّ.
2-
فَغَزَا شِيشَقُ
مَلِكُ مِصْرَ أُورُشَلِيمَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ لِحُكْمِ
رَحُبْعَامَ، عِقَاباً لَهُمْ لِخِيَانَتِهِمِ الرَّبَّ.
3-
فَجَاءَ عَلَى
رَأْسِ جَيْشٍ لاَ يُحْصَى مِنْ لُوبِيِّينَ وَسُكِّيِّينَ وَكُوشِيِّينَ،
وَمَعَهُ أَلْفٌ وَمِئَتَا مَرْكَبَةٍ وَسِتُّونَ أَلْفَ فَارِسٍ.
4-
وَاسْتَوْلَى عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا الْحَصِينَةِ، وَحَاصَرَ أُورُشَلِيمَ.
5-
فَجَاءَ شَمْعِيَا
النَّبِيُّ إِلَى رَحُبْعَامَ وَرُؤَسَاءِ يَهُوذَا الَّذِينَ تَجَمَّعُوا
فِي أُورُشَلِيمَ هَرَباً مِنْ وَجْهِ شِيشَقَ وَخَاطَبَهُمْ: «هَذَا مَا
يَقُولُهُ الرَّبُّ: أَنْتُمْ تَخَلَّيْتُمْ عَنِّي، وَأَنَا أَيْضاً
أَتَخَلَّى عَنْكُمْ وَأُسَلِّمُكُمْ لِيَدِ شِيشَقَ».
6-
فَتَذَلَّلَ
رُؤَسَاءُ إِسْرَائِيلَ وَالْمَلِكُ قَائِلِينَ: «صَالِحٌ هُوَ الرَّبُّ».
7-
فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُمُ اتَّضَعُوا، قَالَ لِشَمْعِيَا: «مِنْ
حَيْثُ أَنَّهُمْ قَدْ تَذَلَّلُوا فَلَنْ أُهْلِكَهُمْ بَلْ أُتِيحَ
لَهُمْ فُرْصَةً لِبَعْضِ النَّجَاةِ وَلَنْ يَنْصَبَّ غَضَبِي عَلَى
أُورُشَلِيمَ بِيَدِ شِيشَقَ،
8-
إِنَّمَا يَخْضَعُونَ لَهُ، فَيَعْلَمُونَ
آنَئِذٍ الْفَارِقَ بَيْنَ خِدْمَتِي، وَخِدْمَةِ مُلُوكِ الدُّوَلِ
الأُخْرَى».
9-
وَهَكَذَا هَاجَمَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ أُورُشَلِيمَ،
وَاسْتَوْلَى عَلَى خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ، وَخَزَائِنِ قَصْرِ
الْمَلِكِ، وَغَنِمَ أَتْرَاسَ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ.
10-
فَصَنَعَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ عِوَضاً عَنْهَا أَتْرَاساً نُحَاسِيَّةً
سَلَّمَهَا لِرُؤَسَاءِ حَرَسِ بَابِ قَصْرِ الْمَلِكِ.
11-
فَكَانَ كُلَّمَا
دَخَلَ الْمَلِكُ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ يَحْمِلُهَا الْحُرَّاسُ
أَمَامَهُ ثُمَّ يُعِيدُونَهَا إِلَى غُرْفَةِ الْحَرَسِ.
12-
وَهَكَذَا،
عِنْدَمَا تَذَلَّلَ رَحُبْعَامُ رَجَعَ عَنْهُ غَضَبُ الرَّبِّ فَلَمْ
يُبِدْهُ كُلِّيّاً، إِذْ كَانَتْ لاَ تَزَالُ فِي يَهُوذَا أُمُورٌ
صَالِحَةٌ.
موجز لحكم رحبعام
13-
وَتَقَوَّى الْمَلِكُ
رَحُبْعَامُ فِي أُورُشَلِيمَ وَاسْتَمَرَّ حَاكِماً سَبْعَ عَشْرَةَ
سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الرَّبُّ دُونَ
سَائِرِ مُدُنِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ لِيَضَعَ اسْمَهُ عَلَيْهَا. وَكَانَ
رَحُبْعَامُ ابْنَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ تَوَلَّى الْمُلْكَ،
وَاسْمُ أُمِّهِ نَعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ.
14-
وَارْتَكَبَ الشَّرَّ
لأَنَّهُ لَمْ يُهَيِّىءْ قَلْبَهُ لِطَلَبِ الرَّبِّ.
15-
أَمَّا أَخْبَارُ
رَحُبْعَامَ مِنْ بِدَايَتِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا أَلَيْسَتْ هِيَ
مُدَوَّنَةً فِي تَارِيخِ شَمْعِيَا النَّبِيِّ، وَتَارِيخِ عِدُّو
النَّبِيِّ الْخَاصِّ بِسِجِلِّ الأَنْسَابِ؟ وَظَلَّتْ رَحَى الْحَرْبِ
دَائِرَةً بَيْنَ رَحُبْعَامَ وَيَرُبْعَامَ طَوَالَ أَيَّامِ حَيَاةِ
رَحُبْعَامَ.
16-
ثُمَّ مَاتَ رَحُبْعَامُ فَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي
مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَخَلَفَهُ ابْنُهُ أَبِيَّا عَلَى الْمُلْكِ.
فصل
13
أبيا ملكاً على يهوذا
1-
وَفِي السَّنَةِ
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ مِنْ حُكْمِ الْمَلِكِ يَرُبْعَامَ اعْتَلَى
أَبِيَّا عَرْشَ يَهُوذَا،
2-
وَدَامَ مُلْكُهُ ثَلاَثَ سَنَوَاتٍ فِي
أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ مِيخَايَا ابْنَةُ أُورِيئِيلَ مِنْ
جَبْعَةَ، وَنَشَبَتْ حَرْبٌ بَيْنَ أَبِيَّا وَيَرُبْعَامَ.
حرب أبيا ضد يربعام ملك
إسرائيل
3-
وَخَاضَ أَبِيَّا الْحَرْبَ
بِجَيْشٍ مِنَ الْمُحَارِبِينَ الأَشِدَّاءِ، بَلَغَ عَدَدُهُمْ أَرْبَعَ
مِئَةِ أَلْفٍ مِنْ خِيرَةِ الْمُقَاتِلِينَ. وَاصْطَفَّ يَرُبْعَامُ
لِمُحَارَبَتِهِ بِجَيْشٍ بَلَغَ عَدَدُهُ ثَمَانِي مِئَةِ أَلْفٍ مِنْ
نُخْبَةِ الْمُحَارِبِينَ الأَشِدَّاءِ.
4-
وَوَقَفَ أَبِيَّا عَلَى
جَبَلِ صَمَارَايِمَ فِي مُرْتَفَعَاتِ أَرْضِ أَفْرَايِمَ وَهَتَفَ:
«أَصْغِ إِلَيَّ يَايَرُبْعَامُ وَيَا كُلَّ إِسْرَائِيلَ:
5-
أَلَمْ
تُدْرِكُوا بَعْدُ أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ عَهِدَ
بِالْمُلْكِ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى دَاوُدَ وَذُرِّيَّتِهِ إِلَى
الأَبَدِ بِعَهْدِ مِلْحٍ،
6-
فَقَامَ يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ عَبْدُ
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَتَمَرَّدَ عَلَى سَيِّدِهِ.
7-
فَالْتَفَّ
حَوْلَهُ رِجَالٌ بَطَّالُونَ أَشْرَارٌ، وَثَارُوا عَلَى رَحُبْعَامَ بْنِ
سُلَيْمَانَ، فَلَمْ يَثْبُتْ رَحُبْعَامُ أَمَامَهُمْ لِحَدَاثَتِهِ
وَقِلَّةِ خِبْرَتِهِ.
8-
وَالآنَ أَنْتُمْ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ قَادِرُونَ
عَلَى الثَّبَاتِ أَمَامَ قُوَّاتِ مَمْلَكَةِ الرَّبِّ الَّتِي أَرْسَاهَا
بِيَدِ دَاوُدَ، حَاشِدِينَ جَيْشاً كَبِيراً، وَحَامِلِينَ مَعَكُمْ
عُجُولَ ذَهَبٍ صَنَعَهَا لَكُمْ يَرُبْعَامُ لِتَكُونَ لَكُمْ آلِهَةً.
9-
أَلَمْ تَطْرُدُوا كَهَنَةَ الرَّبِّ أَبْنَاءَ هرُونَ وَاللاَّوِيِّينَ،
وَأَقَمْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ كَهَنَةً كَالأُمَمِ الأُخْرَى، فَيُصْبِحَ
كُلُّ مَنْ يَأْتِي لِيُكَرِّسَ عِجْلاً وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ كَاهِناً
لِمَنْ لَيْسُوا آلِهَةً؟
10-
وَأَمَّا نَحْنُ فَالرَّبُّ هُوَ إِلَهُنَا
لَمْ نَتَخَلَّ عَنْهُ، وَخُدَّامُ الرَّبِّ الْكَهَنَةُ الْقَائِمُونَ
بِخِدْمَةِ الْعِبَادَةِ هُمْ ذُرِّيَّةُ هرُونَ، وَمَعَهُمُ
اللاَّوِيُّونَ،
11-
يُوْقِدُونَ لِلرَّبِّ مُحْرَقَاتٍ كُلَّ صَبَاحٍ
وَمَسَاءٍ، وَيُحْرِقُونَ بَخُورَ أَطْيَابٍ، وَيُعِدُّونَ خُبْزَ
التَّقْدِمَةِ عَلَى الْمَائِدَةِ الطَّاهِرَةِ، وَيُضِيئُونَ مَنَارَةَ
الذَّهَبِ وَسُرُوجَهَا كُلَّ مَسَاءٍ، وَهَكَذَا نَقُومُ بِالْمُحَافَظَةِ
عَلَى فَرَائِضِ الرَّبِّ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَقَدْ تَخَلَّيْتُمْ عَنْهُ.
12-
هَا الرَّبُّ مَعَنَا فِي طَلِيعَتِنَا، وَسَيَهْتِفُ كَهَنَتُهُ
بِأَبْوَاقِهِمْ هُتَافَ الْحَرْبِ ضِدَّكُمْ. فَيَابَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ
تُحَارِبُوا الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِكُمْ لأَنَّكُمْ لاَ تُفْلِحُونَ».
هزيمة يربعام
13-
وَكَانَ يَرُبْعَامُ قَدْ
أَعَدَّ كَمِيناً لِيَدُورَ وَيُهَاجِمَهُمْ مِنَ الْخَلْفِ، فَأَصْبَحَ
جَيْشُ يَهُوذَا وَاقِعاً بَيْنَ الْقُوَّاتِ الإِسْرَائِيلِيَّةِ
وَالْكَمِينِ.
14-
وَتَبَيَّنَ جَيْشُ يَهُوذَا أَنَّهُمْ مُحَاطُونَ
بِالْحَرْبِ مِنْ أَمَامٍ وَمِنْ خَلْفٍ، فَاسْتَغَاثُوا بِالرَّبِّ
وَنَفَخَ الْكَهَنَةُ بِالأَبْوَاقِ.
15-
وَهَتَفَ مُقَاتِلُو يَهُوذَا
بِصَيْحَاتِ الْحَرْبِ، عِنْدَئِذٍ هَزَمَ الرَّبُّ يَرُبْعَامَ
وَإِسْرَائِيلَ أَمَامَ أَبِيَّا وَجَيْشِ يَهُوذَا.
16-
وَانْكَسَرَ
الإِسْرَائِيلِيُّونَ وَأَسْلَمَهُمُ الرَّبُّ لِقُوَّاتِ يَهُوذَا.
17-
وَتَمَكَّنَ أَبِيَّا وَجَيْشُهُ مِنَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ قَضَاءً
مُبْرَماً، فَسَقَطَ مِنَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ خَمْسُ مِئَةِ أَلْفٍ مِنْ
خِيرَةِ الْمُحَارِبِينَ.
18-
فَذَلَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي ذَلِكَ
الْوَقْتِ، وَانْتَصَرَ رِجَالُ يَهُوذَا لأَنَّهُمُ اتَّكَلُوا عَلَى
الرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِمْ.
19-
وَتَعَقَّبَ أَبِيَّا يَرُبْعَامَ
وَاسْتَوْلَى مِنْهُ عَلَى مُدُنِ بَيْتِ إِيلَ وَضِيَاعِهَا وَيَشَانَةَ
وَضِيَاعِهَا وَعَفْرُونَ وَضِيَاعِهَا.
20-
وَلَمْ يَسْتَعِدْ يَرُبْعَامُ
قُوَّتَهُ مُدَّةَ حُكْمِ أَبِيَّا، وَأَخِيراً ضَرَبَهُ الرَّبُّ وَمَاتَ.
21-
وَازْدَادَ أَبِيَّا
قُوَّةً. وَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ امْرَأَةً انْجَبْنَ لَهُ
اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ ابْناً وَسِتَّ عَشْرَةَ بِنْتاً.
22-
أَمَّا بَقِيَّةُ أَخْبَارِ
أَبِيَّا وَطُرُقُهُ وَمُنْجَزَاتُهُ أَلَيْسَتْ هِيَ مُدَوَّنَةً فِي
تَارِيخِ النَّبِيِّ عِدُّو؟
فصل
14
آسا ملكاً على يهوذا
1-
ثُمَّ مَاتَ أَبِيَّا
وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ وَخَلَفَهُ ابْنُهُ آسَا
عَلَى الْعَرْشِ. وَفِي أَيَّامِهِ عَمَّ الأَمْنُ الْبِلاَدَ فَتْرَةَ
عَشْرِ سَنَوَاتٍ.
2-
وَصَنَعَ آسَا كُلَّ مَا
هُوَ صَالِحٌ وَقَوِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلَهِهِ.
3-
وَأَزَالَ
الْمَذَابِحَ الْغَرِيبَةَ وَالْمُرْتَفَعَاتِ وَحَطَّمَ الأَوْثَانَ،
وَقَطَّعَ سَوَارِي عَشْتَارُوثَ.
4-
وَأَوْصَى شَعْبَ يَهُوذَا أَنْ
يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ وَأَنْ يُطَبِّقُوا الشَّرِيعَةَ
وَالْوَصِيَّةَ.
5-
وَاسْتَأْصَلَ مِنْ كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا
الْمُرْتَفَعَاتِ وَتَمَاثِيلَ عِبَادَةِ الشَّمْسِ، فَاسْتَرَاحَتِ
الْمَمْلَكَةُ فِي عَهْدِهِ.
6-
وَبَنَى مُدُناً حَصِينَةً فِي يَهُوذَا،
لأَنَّ الأَمْنَ كَانَ يَسُودُ الْبِلاَدَ إِذْ إِنَّ الرَّبَّ أَرَاحَهُ
مِنَ الْحُرُوبِ.
7-
وَقَالَ لِيَهُوذَا: «لِنَبْنِ هَذِهِ الْمُدُنَ
وَنُقِمْ حَوْلَهَا أَسْوَاراً وَأَبْرَاجاً وَأَبْوَاباً وَأَرْتَاجاً
مَادُمْنَا مُسَيْطِرِينَ عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّنَا طَلَبْنَا الرَّبَّ
إِلَهَنَا، فَأَرَاحَنَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ». فَبَنَوْا وَأَفْلَحُوا.
8-
وَكَانَ لِآسَا جَيْشٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ ثَلاَثِ مِئَةِ أَلْفٍ مِنْ سِبْطِ
يَهُوذَا مِنْ حَمَلَةِ الأَتْرَاسِ وَالرِّمَاحِ، وَمِئَتَيْنِ
وَثَمَانِينَ أَلْفاً مِنْ سِبْطِ بَنْيَامِينَ مِنْ حَمَلَةِ الأَتْرَاسِ
وَرُمَاةِ السِّهَامِ، وَجَمِيعُهُمْ مِنَ الْمُحَارِبِينَ الأَشِدَّاءِ.
آسا يهزم زارح الكوشي
9-
وَزَحَفَ عَلَيْهِمْ زَارَحُ
الْكُوشِيُّ بِجَيْشٍ مُؤَلَّفٍ مِنْ مِلْيُونَ مُحَارِبٍ وَثَلاَثِ مِئَةِ
مَرْكَبَةٍ وَعَسْكَرَ فِي مَرِيشَةَ.
10-
فَهَبَّ آسَا
لِلِقَائِهِ. وَاصْطَفَّ الْجَيْشَانِ لِلْقِتَالِ فِي وَادِي صَفَاتَةَ
عِنْدَ مَرِيشَةَ.
11-
وَتَضَرَّعَ آسَا إِلَى الرَّبِّ إِلَهِهِ قَائِلاً:
«أَيُّهَا الرَّبُّ، لاَ فَرْقَ عِنْدَكَ أَنْ تُسَاعِدَ جَيْشاً قَوِيّاً
أَوْ جَيْشاً ضَعِيفاً، فَأَعِنَّا أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُنَا لأَنَّنَا
عَلَيْكَ اتَّكَلْنَا، وَبِاسْمِكَ جِئْنَا لِنُحَارِبَ هَذَا الْجَيْشَ.
أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْتَ إِلَهُنَا، وَلاَ يَقْوَى عَلَيْكَ إِنْسَانٌ».
12-
فَقَضَى الرَّبُّ عَلَى الْكُوشِيِّينَ أَمَامَ آسَا وَجَيْشِ يَهُوذَا،
فَفَرَّ الْكُوشِيُّونَ.
13-
وَتَعَقَّبَهُمْ آسَا وَالْجَيْشُ إِلَى
جَرَارَ، فَقَتَلَ الْكُوشِيِّينَ فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ
لأَنَّهُمُ انْهَزَمُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَأَمَامَ جَيْشِهِ، فَغَنِمَ
يَهُوذَا مِنْ أَسْلاَبِهِمْ غَنِيمَةً عَظِيمَةً.
انتصارات أخرى
14-
ثُمَّ هَاجَمُوا جَمِيعَ
الْمُدُنِ الْمُجَاوِرَةِ لِجَرَارَ لأَنَّ رُعْبَ الرَّبِّ طَغَى
عَلَيْهِمْ، وَنَهَبُوا كُلَّ الْمُدُنِ لِوَفْرَةِ مَا فِيهَا مِنْ
غَنَائِمَ.
15-
وَهَاجَمُوا أَيْضاً مَضَارِبَ رُعَاةِ الْمَاشِيَةِ
فَسَاقُوا غَنَماً وَجِمَالاً بِأَعْدَادٍ كَبِيرَةٍ. ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى
أُورُشَلِيمَ.
فصل
15
خطاب عزريا النبي لآسا
1-
وَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ
عَلَى عَزَرْيَا بْنِ عُودِيدَ،
2-
فَتَوَجَّهَ لِلِقَاءِ آسَا وَقَالَ لَهْ:
«اسْمَعْ لِي يَاآسَا وَيَاجَمِيعَ أَبْنَاءِ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ:
الرَّبُّ مَعَكُمْ مَا بَرِحْتُمْ مَعَهَ، فَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوْجَدْ
لَكُمْ، وَإِنْ تَخَلَّيْتُمْ عَنْهُ يَنْبِذْكُمْ.
3-
لَقَدْ قَضَى
الإِسْرَائِيلِيُّونَ حِقْبَةً طَوِيلَةً كَانُوا فِيهَا بِلاَ إِلَهٍ
حَقٍّ، وَبِلاَ كَاهِنٍ يُعَلِّمُهُمْ، وَبِلاَ شَرِيعَةٍ.
4-
وَلَكِنْ
لَمَّا رَجَعُوا فِي ضِيقِهِمْ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ
وَطَلَبُوهُ وُجِدَ لَهُمْ. 5فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنِ
الإِنْسَانُ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، لأَنَّ
اضْطِرَابَاتٍ كَثِيرَةً كَانَتْ تَعُمُّ كُلَّ سُكَّانِ الأَرْضِ،
5-
فَأَفْنَتْ أُمَّةٌ أُمَّةً، وَأَبَادَتْ مَدِينَةٌ مَدِينَةً، لأَنَّ
اللهَ أَصَابَهُمْ بِكُلِّ بَلاَءٍ.
6-
فَتَقَوَّوْا أَنْتُمْ، وَلاَ تَخُرْ
عَزِيمَتُكُمْ لأَنَّ لِعَمَلِكُمْ ثَوَاباً».
حركة آسا الإِصلاحية
8-
فَلَمَّا سَمِعَ آسَا كَلامَ
نُبُوءَةِ عُودِيدَ النَّبِيِّ تَقَوَّى وَأَزَالَ الرَّجَاسَاتِ مِنْ
كُلِّ أَرْضِ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ، وَمِنَ الْمُدُنِ الَّتِي
اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ، وَجَدَّدَ مَذْبَحَ
الرَّبِّ الْقَائِمَ أَمَامَ رُوَاقِ هَيْكَلِ الرَّبِّ.
9-
وَاسْتَدْعَى
كُلَّ بَنِي يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ وَالْغُرَبَاءَ مِنْ أَسْبَاطِ
أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى وَشَمْعُونَ، مِمَّنْ تَوَافَدُوا إِلَيْهِ مِنْ
مَمْلَكَةِ إِسْرَائِيلَ، بَعْدَ أَنْ رَأَوْا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَهُ
مَعَهُ.
10-
فَتَجَمَّعُوا فِي
أُورُشَلِيمَ، فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ مِنَ السَّنَةِ الْخَامِسَةَ
عَشْرَةَ لِحُكْمِ آسَا،
11-
وَقَرَّبُوا لِلرَّبِّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ،
سَبْعَ مِئَةٍ مِنَ الْبَقَرِ وَسَبْعَةَ آلافٍ مِنَ الضَّأْنِ مِمَّا
اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْغَنَائِمِ.
12-
وَقَطَعُوا عَهْداً أَنْ
يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ
وَنُفُوسِهِمْ،
13-
وَأَنْ يَقْتُلُوا كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ الرَّبَّ
إِلَهَ إِسْرَائِيلَ. لاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ،
رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ.
14-
وَحَلَفُوا لِلرَّبِّ مُعْلِنِينَ وَلاَءَهُمْ
بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَهُتَافٍ وَبِنَفْخِ أَبْوَاقٍ وَقُرُونٍ.
15-
وَغَمَرَتِ
الْغِبْطَةُ جَمِيعَ أَبْنَاءِ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ الْحَلْفِ، لأَنَّهُمْ
تَعَهَّدُوا لِلرَّبِّ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ، وَطَلَبُوهُ عَنْ رِضًى
كَامِلٍ، فَوُجِدَ لَهُمْ وَأَرَاحَهُمْ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِمِ
الْمُحِيطِينَ بِهِمْ.
خلع الملكة معكة
16-
وَخَلَعَ آسَا أُمَّهُ
مَعْكَةَ مِنْ مَنْصِبِ الأُمِّ الْمَلِكَةِ، لأَنَّهَا أَقَامَتْ
تِمْثَالاً لِعَشْتَارُوثَ، فَحَطَّمَ تِمْثَالَهَا وَدَقَّهُ وَأَحْرَقَهُ
فِي وَادِي قَدْرُونَ.
17-
وَمَعَ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ كُلَّهَا لَمْ
تُسْتَأْصَلْ مِنْ إِسْرَائِيلَ، فَإِنَّ قَلْبَ آسَا كَانَ كَامِلَ
الْوَلاَءِ لِلهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ.
18-
وَأَوْدَعَ خَزَائِنَ
الرَّبِّ كُلَّ مَا خَصَّصَهُ أَبُوهُ وَمَا خَصَّصَهُ هُوَ لِهَيْكَلِ
الرَّبِّ مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالآنِيَةِ.
19-
وَلَمْ تَنْشَبْ
حَرْبٌ إِلَى السَّنَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِحُكْمِ آسَا.
فصل
16
تحالف آسا وبنهدد
1-
وَفِي السَّنَةِ
السَّادِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِحُكْمِ آسَا زَحَفَ بَعْشَا مَلِكُ
إِسْرَائِيلَ عَلَى يَهُوذَا، وَبَنَى الرَّامَةَ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ
عَلَى الْخَارِجِينَ وَالدَّاخِلِينَ إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا.
2-
فَجَمَعَ آسَا فِضَّةً وَذَهَباً مِنْ خَزَائِنِ هَيْكَلِ الرَّبِّ
وَقَصْرِ الْمَلِكِ، وَأَرْسَلَهَا إِلَى بَنْهَدَدَ مَلِكِ أَرَامَ
الْمُقِيمِ فِي دِمَشْقَ قَائِلاً:
3-
«إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ
أَبِي وَأَبِيكَ عَهْداً، وَهَا أَنَا بَاعِثٌ إِلَيْكَ فِضَّةً وَذَهَباً.
فَهَيَّا انْكُثْ عَهْدَكَ مَعَ بَعْشَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فَيَكُفَّ
عَنِّي»
4-
فَلَبَّى بَنْهَدَدُ طَلَبَ آسَا، وَأَرْسَلَ رُؤَسَاءَ جُيُوشِهِ
لِمُهَاجَمَةِ مُدُنِ إِسْرَائِيلَ، فَدَمَّرُوا مُدُنَ: عُيُونَ وَدَانَ
وَآبَلَ الْمِيَاهِ وَجَمِيعَ مَخَازِنِ مُدُنِ نَفْتَالِي.
5-
وَعِنْدَمَا
بَلَغَتْ بَعْشَا أَنْبَاءُ الْهُجُومِ كَفَّ عَنْ بِنَاءِ الرَّامَةِ
وَتَوَقَّفَ عَنْ عَمَلِهِ،
6-
فَاسْتَدْعَى الْمَلِكُ آسَا كُلَّ رِجَالِ
يَهُوذَا، فَحَمَلُوا كُلَّ حِجَارَةِ الرَّامَةِ وَأَخْشَابِهَا الَّتِي
اسْتَخْدَمَهَا بَعْشَا فِي بِنَاءِ الرَّامَةِ وَشَيَّدَ بِهَا آسَا
جَبْعَ وَالْمِصْفَاةَ.
تحذير النبي حناني لآسا
7-
وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ
جَاءَ حَنَانِي النَّبِيُّ إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا وَقَالَ لَهُ:
«لأَنَّكَ اعْتَمَدْتَ عَلَى مَلِكِ أَرَامَ، وَلَمْ تَتَّكِلْ عَلَى
الرَّبِّ إِلَهِكَ، فَإِنَّ جَيْشَ مَلِكِ أَرَامَ قَدْ نَجَا مِنْ يَدِكَ.
8-
أَلَمْ يَزْحَفْ عَلَيْكَ الْكُوشِيُّونَ وَاللُّوبِيُّونَ بِجَيْشٍ
عَظِيمٍ وَمَرْكَبَاتٍ وَفُرْسَانٍ، فَأَظْفَرَكَ الرَّبُّ بِهِمْ لأَنَّكَ
اتَّكَلْتَ عَلَيْهِ؟
9-
إِنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولاَنِ فِي الأَرْضِ
قَاطِبَةً لِيُقَوِّيَ ذَوِي الْقُلُوبِ الْخَالِصَةِ لَهُ، أَمَّا أَنْتَ
فَقَدْ تَصَرَّفْتَ بِحَمَاقَةٍ فِي هَذَا الأَمْرِ لِهَذَا تَثُورُ
ضِدَّكَ حُرُوبٌ».
10-
فَغَضِبَ آسَا عَلَى النَّبِيِّ وَزَجَّ بِهِ فِي
السِّجْنِ لأَنَّهُ اغْتَاظَ مِنْ كَلاَمِهِ، كَذَلِكَ ضَايَقَ آسَا
بَعْضاً مِنْ أَفْرَادِ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْحِينِ.
مرض آسا وموته
11-
أَمَّا أَخْبَارُ آسَا
مِنْ بِدَايَتِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا أَلَيْسَتْ هِيَ مُدَوَّنَةً فِي
تَارِيخِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ؟
12-
فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ
وَالثَّلاَثِينَ مِنْ مُلْكِهِ، أَصَابَهُ مَرَضٌ شَدِيدٌ فِي رِجْلَيْهِ،
وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَغِثْ بِالرَّبِّ، بَلْ لَجَأَ إِلَى
الأَطِبَّاءِ.
13-
ثُمَّ مَاتَ آسَا فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ
وَالأَرْبَعِينَ لِمُلْكِهِ.
14-
فَدَفَنُوهُ فِي قَبْرٍ حَفَرَهُ لِنَفْسِهِ
فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَأَرْقَدُوهُ عَلَى سَرِيرِهِ تَغْمُرُهُ
الأَطْيَابُ وَمُخْتَلَفُ أَصْنَافِ الْعُطُورِ، أعَدَّهَا لَهُ
عَطَّارُونَ مَهَرَةٌ، وَأَشْعَلُوا لَهُ حَرِيقَةً كَبِيرَةً تَكْرِيماً
لَهُ.
فصل
17
يهوشافاط ملكاً على يهوذا
1-
وَخَلَفَ يَهُوشَافَاطُ
أَبَاهُ عَلَى الْمُلْكِ. وَجَعَلَ يُعَبِّىءُ قُوَّاتِهِ لِمُحَارَبَةِ
إِسْرَائِيلَ.
2-
وَوَزَّعَ جُيُوشَهُ عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا الْحَصِينَةِ،
وَأَقَامَ حَامِيَاتٍ فِي سَائِرِ أَرْضِ يَهُوذَا وَفِي مُدُنِ
أَفْرَايِمَ الَّتِي اسْتَوْلَى عَلَيْهَا آسَا أَبُوهُ.
3-
وَكَانَ الرَّبُّ
مَعَ يَهُوشَافَاطَ لأَنَّهُ سَارَ فِي طُرُقِ دَاوُدَ أَبِيهِ وَلَمْ
يَضِلَّ وَرَاءَ الْبَعْلِيمِ.
4-
وَلَكِنَّهُ طَلَبَ إِلَهَ أَبِيهِ
وَسَلَكَ حَسَبَ وَصَايَاهُ، وَتَجَنَّبَ أَعْمَالَ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ.
5-
فَثَبَّتَ الرَّبُّ دَعَائِمَ الْمَمْلَكَةِ فِي يَدِهِ، وَقَدَّمَ لَهُ
شَعْبُ يَهُوذَا الْهَدَايَا، فَازْدَادَ غِنًى وَكَرَامَةً.
6-
وَامْتَلأَ
قَلْبُهُ قُوَّةً بِالرَّبِّ فَسَلَكَ فِي طُرُقِهِ، وَاسْتَأْصَلَ أَيْضاً
الْمُرْتَفَعَاتِ وَتَمَاثِيلَ عَشْتَارُوثَ مِنْ يَهُوذَا.
7-
وَفِي السَّنَةِ
الثَّالِثَةِ لِحُكْمِهِ طَلَبَ مِنْ قَادَتِهِ: بِنْحَائِلَ وَعُوبَدْيَا
وَزَكَرِيَّا وَنَثَنْئِيلَ وَمِيخَايَا أَنْ يَشْرَعُوا فِي التَّعْلِيمِ
فِي مُدُنِ يَهُوذَا،
8-
بِالتَّعَاوُنِ مَعَ اللاَّوِيِّينَ: شَمْعِيَا
وَنَثَنْيَا وَزَبَدْيَا وَعَسَائِيلَ وَشَمِيرَامُوثَ وَيَهُونَاثَانَ
وَأَدُونِيَّا وَطُوبِيَّا وَطُوبَ أَدُونِيَّا، فَضْلاً عَنِ
الْكَاهِنَيْنِ أَلِيشَمَعَ وَيَهُورَامَ.
9-
فَتَجَوَّلُوا فِي جَمِيعِ
أَرْجَاءِ يَهُوذَا حَامِلِينَ مَعَهُمْ سِفْرَ شَرِيعَةِ الرَّبِّ
لِيُعَلِّمُوا الشَّعْبَ.
ازدهار عهد يهوشافاط
10-
وَكَانَتْ هَيْبَةُ الرَّبِّ
عَلَى جَمِيعِ مَمَالِكِ الْبُلْدَانِ الْمُجَاوِرَةِ لِيَهُوذَا فَلَمْ
يُحَارِبُوا يَهُوشَافَاطَ.
11-
بَلْ إِنَّ بَعْضَ
الْفِلِسْطِينِيِّينَ حَمَلُوا إِلَى يَهُوشَافَاطَ هَدَايَا وَفِضَّةً
كَمَا قَدَّمَ إِلَيْهِ الأَعْرَابُ سَبْعَةَ آلافٍ وَسَبْعَ مِئَةِ
كَبْشٍ، وَسَبْعَةَ آلافٍ وَسَبْعَ مِئَةِ تَيْسٍ.
12-
وَعَظُمَ شَأْنُ
يَهُوشَافَاطَ وَبَنَى فِي يَهُوذَا حُصُوناً وَمُدُنَ مَخَازِنَ
لِلتَّمْوِينِ.
13-
وَتَكَاثَرَتْ أَشْغَالُهُ فِي مُدُنِ يَهُوذَا، كَمَا
كَانَ لَهُ فِي أُورُشَلِيمَ جَيْشٌ قَوِيٌّ مِنَ الْمُحَارِبِينَ
الأَشِدَّاءِ.
جيش يهوشافاط
14-
وَهَذَا إِحْصَاءٌ
بَعَدَدِهِمْ بِحَسَبِ انْتِمَائِهِمْ لِبُيُوتِ آبَائِهِمْ: مِنْ يَهُوذَا
رُؤَسَاءُ الأُلُوفِ: عَدَنَةُ الْقَائِدُ الْعَامُّ لِقُوَّاتِ سِبْطِ
يَهُوذَا الْبَالِغَةِ ثَلاَثَ مِئَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمُحَارِبيِنَ
الأَشِدَّاءِ.
15-
وَيَتْلُوهُ يَهُونَاثَانُ قَائِداً لِمِئَتَيْنِ
وَثَمَانِينَ أَلْفَ جُنْدِيٍّ.
16-
ثُمَّ الْقَائِدُ عَمَسْيَا بْنُ زِكْرِي
الْمُتَطَوِّعُ لِخِدْمَةِ الرَّبِّ، عَلَى رَأْسِ مِئَتَيْ أَلْفِ
مُحَارِبٍ جَبَّارٍ.
17-
وَمِنْ سِبْطِ بَنْيَامِينَ: أَلِيَادَاعُ قَائِدٌ
لِمِئَتَيْ أَلْفٍ مِنْ رُمَاةِ السِّهَامِ وَحَمَلَةِ التُّرُوسِ.
18-
وَيَتْلُوهُ يَهُوزَابَادُ الَّذِي تَوَلَّى قِيَادَةَ مِئَةٍ
وَثَمَانِينَ أَلْفاً مِنَ الْجُنُودِ الْمُدَرَّبِينَ عَلَى الْقِتَالِ.
19-
هَؤُلاَءِ هُمْ قَادَةُ الْمَلِكِ، فَضْلاً عَنِ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ
فِي الْمُدُنِ الْحَصِينَةِ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ يَهُوذَا.
فصل
18
اتفاقية يهوشافاط وأَخاب
1-
وَكَانَ يَهُوشَافَاطُ
مَوْفُورَ الثَّرَاءِ وَالْكَرَامَةِ، وَصَاهَرَ أَخْآبَ مَلِكَ
إِسْرَائِيلَ.
2-
وَذَهَبَ بَعْدَ سِنِينَ لِزِيَارَتِهِ فِي السَّامِرَةِ،
فَذَبَحَ أَخْآبُ لَهُ وَلِمُرَافِقِيهِ ذَبَائِحَ كَثِيرَةً مِنْ غَنَمٍ
وَبَقَرٍ، وَأَغْرَاهُ أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُ لِمُوَاجَهَةِ رَامُوتِ
جِلْعَادَ.
3-
قَائِلاً لَهُ: «أَتَذْهَبُ مَعِي لِمُحَارَبَةِ رَامُوتِ
جِلْعَادَ؟» فَأَجَابَهُ يَهُوشَافَاطُ: «مَثَلِي مَثَلُكَ، وَشَعْبِي
كَشَعْبِكَ، وَأَنَا مَعَكَ فِي الْقِتَالِ».
مشورة الأنبياء الكذبة
4-
ثُمَّ أَضَافَ: «إِنَّمَا
اطْلُبْ أَوَّلاً مَشُورَةَ الرَّبِّ».
5-
فَجَمَعَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ
أَرْبَعَ مِئَةِ رَجُلٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ الأَصْنَامِ وَسَأَلَهُمْ:
«أَنَذْهَبُ لِلْحَرْبِ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ أَمْ لا؟» فَأَجَابُوا:
«اذْهَبْ فَإِنَّ الرَّبَّ يُظْفِرُ الْمَلِكَ بِهَا».
6-
فَسَأَلَ
يَهُوشَافَاطُ: «أَلاَ يُوْجَدُ هُنَا نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ الرَّبِّ
فَنَسْأَلَهُ الْمَشُورَةَ؟»
7-
فَأَجَابَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «يُوْجَدُ
بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ يُمْكِنُنَا عَنْ طَرِيقِهِ أَنْ نَطْلُبَ مَشُورَةَ
الرَّبِّ، وَلَكِنَّنِي أَمْقُتُهُ، لأَنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ
بِغَيْرِ الشَّرِّ كُلَّ أَيَّامِهِ. إِنَّهُ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ».
فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «لاَ تَقُلْ هَذَا أَيُّهَا الْمَلِكُ».
8-
فَاسْتَدْعَى الْمَلِكُ خَصِيّاً وَقَالَ: «أَسْرِعْ وَائْتِ لِي بِمِيخَا
بْنِ يَمْلَةَ».
9-
وَكَانَ كُلٌّ مِنْ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطَ
يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّهِ فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ
السَّامِرَةِ، وَقَدِ ارْتَدَيَا حُلَلَهُمَا الْمَلَكِيَّةَ
وَالأَنْبِيَاءُ (الكَذَبَةُ) جَمِيعُهُمْ يَتَنَبَّأُونَ أَمَامَهُمَا.
10-
وَصَنَعَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قَرْنَيْ حَدِيدٍ
وَقَالَ: «هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: بِهَذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ
حَتَّى يَهْلِكُوا».
11-
وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ بِمِثْلِ هَذَا
الْكَلاَمِ قَائِلِينَ: «اذْهَبْ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ فَتَظْفَرَ
بِهَا، لأَنَّ الرَّبَّ يُسَلِّمُهَا إِلَى الْمَلِكِ».
نبوءَة ميخا الصادقة
12-
وَأَمَّا الرَّسُولُ الَّذِي
انْطَلَقَ ِلاسْتِدْعَاءِ مِيخَا فَقَالَ لَهُ: «لَقَدْ تَنَبَّأَ جَمِيعُ
الأَنْبِيَاءِ بِفَمٍ وَاحِدٍ مُبَشِّرِينَ الْمَلِكَ بِالْخَيْرِ،
فَلْيَكُنْ كَلاَمُكَ مُوَافِقاً لِكَلاَمِهِمْ، يَحْمِلُ بَشَائِرَ
الْخَيْرِ».
13-
فَأَجَابَ مِيخَا: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّنِي لَنْ
أَنْطِقَ إِلاَّ بِمَا يَقُولُ الرَّبُّ».
14-
وَلَمَّا مَثَلَ مِيخَا
أَمَامَ الْمَلِكِ، سَأَلَهُ الْمَلِكُ: «يَامِيخَا، أَنَذْهَبُ لِلْحَرْبِ
إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ أَمْ نَمْتَنِعُ؟» فَقَالَ لَهْ (بِتَهَكُّمٍ):
«اذْهَبْ فَتَظْفَرَ بِهَا لأَنَّ الرَّبَّ يُسَلِّمُهَا إِلَى الْمَلِكِ».
15-
فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «كَمْ مَرَّةٍ اسْتَحْلَفْتُكَ بِاسْمِ الرَّبِّ
أَلاَّ تُخْبِرَنِي إِلاَّ الْحَقَّ؟»
16-
عِنْدَئِذٍ قَالَ مِيخَا:
«رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُبَدَّدِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ
بِلاَ رَاعٍ. فَقَالَ الرَّبُّ: لَيْسَ لِهَؤُلاَءِ قَائِدٌ. فَلْيَرْجِعْ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ»
17-
فَقَالَ مَلِكُ
إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّهُ لاَ
يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ بِغَيْرِ الشَّرِّ؟»
18-
فَأَجَابَ مِيخَا: «إِذاً
فَاسْمَعْ كَلاَمَ الرَّبِّ. قَدْ شَاهَدْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى
كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ أَجْنَادِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ
يَسَارِهِ.
19-
فَسَأَلَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ لِيَخْرُجَ إِلَى
الْحَرْبِ وَيَمُوتَ فِي رَامُوتِ جِلْعَادَ؟ فَأَجَابَ كُلٌّ مِنْهُمْ
بِشَيْءٍ.
20-
ثُمَّ بَرَزَ رُوحٌ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا
أُغْوِيهِ. فَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟
21-
فَأَجَابَ: أَخْرُجُ
وَأُصْبِحُ رُوحَ ضَلاَلٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ
الرَّبُّ: إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى إِغْوَائِهِ وَتُفْلِحُ فِي ذَلِكَ،
فَامْضِ وَنَفِّذِ الأَمْرَ.
22-
وَهَا الرَّبُّ قَدْ جَعَلَ الآنَ رُوحَ
ضَلاَلٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ هَؤُلاَءِ، وَقَدْ قَضَى
عَلَيْكَ بِالشَّرِّ».
23-
فَاقْتَرَبَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ مِنْ
مِيخَا وَضَرَبَهُ عَلَى الْفَكِّ قَائِلاً: «مِنْ أَيْنَ عَبَرَ رُوحُ
الرَّبِّ مِنِّي لِيُكَلِّمَكَ؟»
24-
فَأَجَابَهُ مِيخَا: «سَتَعْرِفُ ذَلِكَ
فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَلْجَأُ فِيهِ لِلاِخْتِبَاءِ مِنْ مُخْدَعٍ إِلَى
مُخْدَعٍ».
25-
حِينَئِذٍ أَمَرَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «اقْبِضُوا عَلَى
مِيخَا وَسَلِّمُوهُ إِلَى آمُونَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ وَإِلَى يُوآشَ
ابْنِ الْمَلِكِ،
26-
وَقُولُوا لَهُمَا: إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ أَمَرَ
بِإِيْدَاعِ هَذَا فِي السِّجْنِ وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ
الضِّيقِ، حَتَّى يَرْجِعُ مِنَ الْحَرْبِ بِسَلاَمٍ».
27-
فَأَجَابَهُ
مِيخَا: «إِنْ رَجَعْتَ بِسَلاَمٍ فَإِنَّ الرَّبَّ لاَ يَكُونُ قَدْ
تَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِي، فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ أَيُّهَا الشَّعْبُ
جَمِيعاً».
هزيمة آخاب وموته
28-
وَتَوَجَّهَ مَلِكُ
إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ،
29-
فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «إِنَّنِي سَأَخُوضُ
الْحَرْبَ مُتَنَكِّراً، أَمَّا أَنْتَ فَارْتَدِ ثِيَابَكَ
الْمَلَكِيَّةَ». وَهَكَذَا تَنَكَّرَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَخَاضَا
الْحَرْبَ.
30-
وَأَمَرَ مَلِكُ أَرَامَ قُوَّادَ مَرْكَبَاتِهِ: «لاَ
تُحَارِبُوا صَغِيراً وَلاَ كَبِيراً إِلاَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ
وَحْدَهُ».
31-
فَلَمَّا شَاهَدَ قُوَّادُ الْمَرْكَبَاتِ يَهُوشَافَاطَ
ظَنُّوا أَنَّهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، فَحَاصَرُوهُ لِيُقَاتِلُوهُ،
فَأَطْلَقَ يَهُوشَافَاطُ صَرْخَةً فَأَغَاثَهُ الرَّبُّ وَرَدَّهُمْ
عَنْهُ.
32-
وَعِنْدَمَا أَدْرَكَ رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ أَنَّهُ لَيْسَ
مَلِكَ إِسْرَائِيلَ تَحَوَّلُوا عَنْهُ.
33-
وَلَكِنْ حَدَثَ أَنَّ
جُنْدِيّاً أَطْلَقَ سَهْمَهُ عَنْ غَيْرِ عَمْدٍ، فَأَصَابَ مَلِكَ
إِسْرَائِيلَ بَيْنَ أَوْصَالِ دِرْعِهِ، فَقَالَ لِقَائِدِ مَرْكَبَتِهِ:
«أَخْرِجْنِي مِنَ الْمَعْرَكَةِ لأَنَّنِي قَدْ جُرِحْتُ».
34-
وَاشْتَدَّ
الْقِتَالُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَتَحَامَل مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَلَى
نَفْسِهِ فِي مَرْكَبَتِهِ، وَظَلَّ وَاقِفاً فِي مُوَاجَهَةِ
الأَرَامِيِّينَ إِلَى الْمَسَاءِ ثُمَّ مَاتَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ.
فصل
19
اصلاحات يهوشافاط
1-
وَرَجَعَ يَهُوشَافَاطُ
بِسَلاَمٍ إِلَى قَصْرِهِ فِي أُورُشَلِيمَ،
2-
فَخَرَجَ النَّبِيُّ يَاهُو
بْنُ حَنَانِي لِلِقَائِهِ وَقَالَ لِلْمَلِكِ يَهُوشَافَاطَ: «أَتُعِينُ
الشِّرِّيرَ وَتُحِبُّ مُبْغِضِي الرَّبِّ؟ لِذَلِكَ يَحُلُّ عَلَيْكَ
غَضَبُ الرَّبِّ.
3-
وَلِكَنَّ فِيكَ أُمُوراً صَالِحَةً، فَقَدِ
اسْتَأْصَلْتَ تَمَاثِيلَ عَشْتَارُوثَ مِنَ الأَرْضِ، وَأَعْدَدْتَ
قَلْبَكَ لِطَلَبِ اللهِ».
4-
وَمَكَثَ يَهُوشَافَاطُ فِي
أُورُشَلِيمَ، ثُمَّ شَرَعَ يَتَجَوَّلُ بَيْنَ الشَّعْبِ مِنْ بِئْرِ
سَبْعَ إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ، وَرَدَّهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الرَّبِّ
إِلَهِ آبَائِهِمْ.
5-
وَعَيَّنَ قُضَاةً فِي كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا
الْمُحَصَّنَةِ.
6-
وَقَالَ لَهُمْ: «تَوَخَّوْا الْحِيطَةَ فِي كُلِّ حُكْمٍ
تُصْدِرُونَهُ، لأَنَّكُمْ لاَ تَقْضُونَ لِلإِنْسَانِ بَلْ لِلرَّبِّ
الْحَاضِرِ مَعَكُمْ دَائِماً عِنْدَ إِصْدَارِ أَحْكَامِكُمْ.
7-
وَلْتَكُنْ
هَيْبَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ. فَاحْرِصُوا عَلَى إِقَامَةِ الْعَدْلِ
لأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الرَّبِّ إِلَهِنَا ظُلْمٌ وَلاَ مُحَابَاةٌ وَلاَ
رِشْوَةٌ».
8-
كَذَلِكَ عَيَّنَ يَهُوشَافَاطُ فِي أُورُشَلِيمَ قُضَاةً
لِلرَّبِّ مِنَ اللاَّوِيِّينَ وَالْكَهَنَةِ وَرُؤَسَاءِ بُيُوتَاتِ
الشَّعْبِ لِفَضِّ النِّزَاعَاتِ. وَكَانَ مَقَرُّ إِقَامَتِهِمْ فِي
أُورُشَلِيمَ،
9-
وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «اقْضُوا بِتَقْوَى الرَّبِّ
بِأَمَانَةٍ وَقَلْبٍ خَالِصِ النِّيَّةِ.
10-
وَعَلَيْكُمْ فِي كُلِّ
دَعْوَى يَرْفَعُهَا إِلَيْكُمْ إِخْوَتُكُمُ الْمُقِيمُونَ فِي
مُدُنِهِمْ، تَتَعَلَّقُ بِقَضِيَّةِ قَتْلٍ، أَوْ بَيْنَ شَرِيعَةٍ
وَوَصِيَّةٍ لَهَا مَسَاسٌ بِالْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ، أَنْ
تُحَذِّرُوهُمْ لِئَلاَّ يَأْثَمُوا إِلَى الرَّبِّ فَيَحُلَّ عَلَيْكُمْ
وَعَلَى إِخْوَتِكُمْ غَضَبُهُ. افْعَلُوا هَذَا وَتَفَادَوْا الإِثْمَ.
11-
وَقَدْ خَوَّلْتُ أَمَرْيَا رَئِيسَ الكَهَنَةِ سُلْطَةَ الْفَصْلِ فِي
كُلِّ الأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالشُّؤُونِ الدِّينِيَّةِ، كَمَا
فَوَّضْتُ إِلَى زَبَدْيَا بْنِ يَشْمَعِيئِيلَ رَئِيسِ يَهُوذَا أَمْرَ
الشُّؤُونِ الْمَدَنِيَّةِ (شُّؤُونِ الْمَلِكِ). أَمَّا اللاَّوِيُّونَ
فَيَتَوَلَّوْنَ الإِشْرَافَ عَلَى تَنْفِيذِ الأَحْكَامِ، فَتَصَرَّفُوا
بِحَزْمٍ وَقُوَّةٍ وَلْيَكُنِ الرَّبُّ مَعَ الصَّالِحِ».
فصل
20
صلاة يهوشافاط
1-
ثُمَّ اجْتَمَعَ
الْمُوآبِيُّونَ وَالْمُعُونِيُّونَ لِمُحَارَبَةِ يَهُوشَافَاطَ،
2-
فَأَتَى
قَوْمٌ وَأَبْلَغُوا يَهُوشَافَاطَ أَنَّ جَيْشاً عَظِيماً قَدْ زَحَفَ
عَلَيْهِ قَادِماً مِنْ عَبْرِ الْبَحْرِ مِنْ أَرَامَ، وَهَا هُوَ قَدْ
أَصْبَحَ فِي حُصُونِ تَامَارَ الَّتِي هِيَ عَيْنُ جَدْيٍ.
3-
فَاعْتَرَاهُ
الْخَوْفُ وَعَقَدَ العَزْمَ عَلَى الاسْتِغَاثَةِ بِالرَّبِّ وَنَادَى
بِصَوْمٍ فِي جَمِيعِ يَهُوذَا.
4-
فَاحْتَشَدَ بَنُو يَهُوذَا قَادِمِينَ
مِنْ كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا لِيَطْلُبُوا عَوْنَ الرَّبِّ.
5-
فَوَقَفَ
يَهُوشَافَاطُ أَمَامَ الدَّارِ الْجَدِيدَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، فِي
وَسَطِ جَمَاعَةِ يَهُوذَا وَأَهْلِ أَورُشَلِيمَ،
6-
وَقَالَ: «يَارَبُّ
إِلَهَ آبَائِنَا، أَلَسْتَ أَنْتَ اللهَ فِي السَّمَاءِ، الْمُتَسَلِّطَ
عَلَى جَمِيعِ مَمَالِكِ الأُمَمِ، الْمُتَمَتِّعَ بِالْعِزَّةِ
وَالْجَبَرُوتِ. فَمَنْ إِذاً يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ أَمَامَكَ؟
7-
أَلَسْتَ أَنْتَ إِلَهَنَا الَّذِي طَرَدْتَ أَهْلَ هَذِهِ الأَرْضِ مِنْ
أَمَامِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَوَهَبْتَهَا إِلَى الأَبَدِ لِنَسْلِ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ؟
8-
فَأَقَامُوا فِيهَا وَشَيَّدُوا لَكَ وَلاسْمِكَ
مَقْدِساً قَائِلِينَ:
9-
إِذَا أَصَابَنَا شَرٌّ، سَوَاءٌ سَيْفُ قَضَاءٍ
أَمْ وَبَأٌ، أَمْ جُوعٌ، وَوَقَفْنَا أَمَامَ هَذَا الْهَيْكَلِ، وَفِي
حَضْرَتِكَ، لأَنَّ اسْمَكَ حَالٌّ فِيهِ، وَاسْتَغَثْنَا بِكَ مِنْ
ضِيقِنَا فَإِنَّكَ تَسْمَعُ وَتُخَلِّصُ.
10-
وَالآنَ هَا هِيَ جُيُوشُ
الْعَمُّونِيِّينَ وَالْمُوآبِيِّينَ وَسُكَّانُ جَبَلِ سَعِيرَ الَّذِينَ
مَنَعْتَ إِسْرَائِيلَ مِنَ الدُّخُولِ إِلَى أَرْضِهِمْ عِنْدَ
خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ فَتَحَوَّلُوا عَنْهُمْ وَلَمْ يُهْلِكُوهُمْ.
11-
هَا هُمْ يُكَافِئُونَنَا بِهُجُومِهِمْ عَلَيْنَا لِطَرْدِنَا مِنْ
مُلْكِكَ الَّذِي أَوْرَثْتَنَا إِيَّاهُ.
12-
فَيَا إِلَهَنَا، أَلاَ
تُنْزِلْ بِهِمْ قَضَاءَكَ؟ لأَنَّنَا نَفْتَقِرُ إِلَى الْقُوَّةِ
لِمُحَارَبَةِ هَذَا الْجَيْشِ الْعَظِيمِ الْقَادِمِ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ
لاَ نَدْرِي مَاذَا نَفْعَلُ، إِنَّمَا إِلَيْكَ وَحْدَكَ تَلْتَفِتُ
عُيُونُنَا».
13-
وَبَيْنَمَا كَانَ كُلُّ بَنِي يَهُوذَا مَاثِلِينَ فِي
حَضْرَةِ الرَّبِّ مَعَ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَبَنِيهِمْ،
نبوءة يحزئيل بالنصر
14-
حَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى
يَحْزَئِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ بَنَايَا بْنِ يَعِيئِيلَ بْنِ
مَتَّنِيَّا اللاَّوِيِّ، مِنْ بَنِي آسَافَ، الَّذِي كَانَ وَاقِفاً
وَسَطَ الْجَمَاعَةِ،
15-
فَقَالَ: «اصْغَوْا يَاجَمِيعَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ
أُورُشَلِيمَ، وَيَاأَ يُّهَا الْمَلِكُ يَهُوشَافَاطُ. هَذَا مَا
يَقُولُهُ الرَّبُّ لَكُمْ: لاَ تَجْزَعُوا وَلاَ تَرْتَعِبُوا خَوْفاً
مِنْ هَذَا الْجَيْشِ الْعَظِيمِ، إِذْ لَيْسَتِ الْحَرْبُ حَرْبَكُمْ،
بَلْ هِيَ حَرْبُ اللهِ.
16-
ازْحَفُوا نَحْوَهُمْ غَداً، فَهَا هُمْ
صَاعِدُونَ فِي عَقَبَةِ صِيصَ، فَتَجِدُوهُمْ فِي طَرَفِ الْوَادِي
بِحِذَاءِ صَحْرَاءِ يَرُوئِيلَ.
17-
لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُخُوضُوا
هَذِهِ الْمَعْرَكَةَ، بَلْ قِفُوا وَاثْبُتُوا وَاشْهَدُوا خَلاَصَ
الرَّبِّ الَّذِي يُنْعِمُ بِهِ عَلَيْكُمْ يَابَنِي يَهُوذَا وَيَاأَهْلَ
أُورُشَلِيمَ. لاَ تَجْزَعُوا وَلاَ تَرْتَعِبُوا. انْطَلِقُوا غَداً
لِلِقَائِهِمْ وَالرَّبُّ مَعَكُمْ».
18-
فَأَكَبَّ يَهُوشَافَاطُ عَلَى
وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ، وَسَجَدَ مَعَهُ لِلرَّبِّ جَمِيعُ يَهُوذَا
وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ.
19-
ثُمَّ وَقَفَ اللاَّوِيُّونَ مِنْ بَنِي
قَهَاتَ وَمِنْ بَنِي قُورَحَ لِيُسَبِّحُوا الرَّبَّ بِهُتَافٍ عَظِيمٍ.
هزيمة الموآبيين والعمونيين
20-
وَفِي سَاعَةٍ مُبَكِّرَةٍ
مِنْ صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي تَوَجَّهَ جَيْشُ يَهُوذَا إِلَى
صَحْرَاءِ تَقُوعَ، فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ لَهُمْ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ:
«اصْغَوْا يَارِجَالَ يَهُوذَا وَيَاسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ. آمِنُوا
بِالرَّبِّ إِلَهِكُمْ فَتَأْمَنُوا. آمِنُوا بِأَنْبِيَائِهِ
فَتُفْلِحُوا».
21-
وَبَعْدَ التَّدَاوُلِ مَعَ الشَّعْبِ، جَعَلَ فِرْقَةً
مِنَ الْمُغَنِّينَ الَّذِينَ تَزَيَّنُوا بِالثِّيَابِ الْمُقَدَّسَةِ
تَتَقَدَّمُ مَسِيرَةَ الْمُجَنَّدِينَ لِلْقِتَالِ، لِتُسَبِّحَ الرَّبَّ
قَائِلَةً: «احْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّ رَحْمَتَهُ إِلَى الأَبَدِ
تَدُومُ».
22-
وَعِنْدَمَا شَرَعُوا فِي الْغِنَاءِ وَالتَّسْبِيحِ أَثَارَ
الرَّبُّ كَمَائِنَ عَلَى الْعَمُّونِيِّينَ وَالْمُوآبِيِّينَ، وَأَهْلِ
جَبَلِ سَعِيرَ الْقَادِمِينَ لِمُحَارَبَةِ يَهُوذَا، فَانْكَسَرُوا.
23-
فَقَدِ انْقَلَبَ الْعَمُّونِيُّونَ وَالْمُوآبِيُّونَ علَىَ سُكَّانِ
جَبَلِ سَعِيرَ وَقَضَوْا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ انْقَلَبُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ فَأَفْنَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً.
24-
وَحِينَ بَلَغَ جَيْشُ
يَهُوذَا بُرْجَ الْمُرَاقَبَةِ فِي الصَّحْرَاءِ، الْتَفَتُوا نَحْوَ
جَيْشِ الأَعْدَاءِ، وَإِذَا بِهِمْ جُثَثٌ مُتَنَاثِرَةٌ عَلَى الأَرْضِ،
لَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ حَيٌّ.
25-
فَهَبَّ يَهُوشَافَاطُ وَجَيْشُهُ
لِنَهْبِ الْغَنَائِمِ، فَوَجَدُوا بَيْنَ الْجُثَثِ أَمْوَالاً
وَأَسْلاباً هَائِلَةً وَأَمْتِعَةً ثَمِينَةً وَفِيرَةً فَغَنِمُوهَا
لأَنْفُسِهِمْ حَتَّى عَجَزُوا عَنْ حَمْلِهَا، وَظَلُّوا يَنْهَبُونَ
الْغَنِيمَةَ طَوَالَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِوَفْرَتِهَا.
26-
ثُمَّ
اجْتَمَعُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فِي وَادِي الْبَرَكَةِ لأَنَّهُمْ
هُنَاكَ بَارَكُوا الرَّبَّ، فَدَعَوْا ذَلِكَ الْمَكَانَ وَادِي
الْبَرَكَةِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.
27-
ثُمَّ رَجَعَ رِجَالُ يَهُوذَا
وَأُورُشَلِيمَ وَعَلَى رَأْسِهِمْ يَهُوشَافَاطُ إِلَى أُورُشَلِيمَ
بِفَرَحٍ، لأَنَّ الرَّبَّ هَزَمَ أَعْدَاءَهُمْ.
28-
وَدَخَلُوا
أُورُشَلِيمَ عَازِفِينَ عَلَى الرَّبَابِ وَالْعِيدَانِ وَالأَبْوَاقِ،
وَتَوَجَّهُوا إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ.
29-
وَطَغَتْ هَيْبَةُ الرَّبِّ
عَلَى كُلِّ مَمَالِكِ الأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ بَعْدَ أَنْ سَمِعُوا
أَنَّ الرَّبَّ حَارَبَ أَعْدَاءَ إِسْرَائِيلَ.
30-
وَتَمَتَّعَتْ
مَمْلَكَةُ يَهُوشَافَاطَ بِالسَّلامِ، وَوَفَّرَ لَهُ الرَّبُّ أَمَاناً
شَامِلاً مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.
موت يهوشافاط
31-
وَكَانَ يَهُوشَافَاطُ حِينَ
تَوَلَّى الْمُلْكَ عَلَى يَهُوذَا فِي الْخَامِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ مِنْ
عُمْرِهِ، وَاسْمُ أُمِّهِ عَزُوبَةُ بِنْتُ شَلْحِي.
32-
وَسَارَ فِي
طَرِيقِ أَبِيهِ آسَا لَمْ يَحِدْ عَنْهَا وَصَنَعَ مَا هُوَ قَوِيمٌ فِي
عَيْنَيِ الرَّبِّ.
33-
غَيْرَ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ يَتِمَّ
اسْتِئْصَالُهَا، لأَنَّ الشَّعْبَ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ أَعَدَّ
قَلْبَهُ لِلإِخْلاَصِ لإِلَهِ آبَائِهِمْ.
34-
أَمَّا بَقِيَّةُ أَخْبَارِ
يَهُوشَافَاطَ مِنْ بِدَايَتِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا فَهِيَ مُدَوَّنَةٌ
فِي تَارِيخِ يَاهُو بْنِ حَنَانِي، الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ مُلُوكِ
إِسْرَائِيلَ.
35-
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَقَدَ يَهُوشَافَاطُ اتِّفَاقاً مَعَ
أَخَزْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَسَاءَ فِي تَصَرُّفَاتِهِ.
36-
فَبَنَيَا مَعاً أُسْطُولاً مِنَ السُّفُنِ فِي عِصْيُونَ جَابِرَ
لِتَبْحُرَ إِلَى تَرْشِيشَ.
37-
وَلَكِنَّ أَلِيعَزَرَ بْنَ دُودَاوَاهُو
مِنْ مَرِيشَةَ تَنَبَّأَ عَلَى يَهُوشَافَاطَ قَائِلاً: «لأَنَّكَ
عَقَدْتَ اتِّفَاقاً مَعَ أَخَزْيَا، سَيُدَمِّرُ الرَّبُّ مَا بَنَيْتَ».
فَتَحَطَّمَتِ السُّفُنُ وَلَمْ تَبْحُرْ إِلَى تَرْشِيشَ
فصل
21
يهورام ملكاً على يهوذا
1-
وَمَاتَ يَهُوشَافَاطُ
فَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَخَلَفَهُ عَلَى الْمُلْكِ
ابْنُهُ يَهُورَامُ.
2-
وَكَانَ لِيَهُورَامَ إِخْوَةٌ هُمْ عَزَرْيَا
وَيَحِيئِيلُ وَزَكَرِيَّا وَعَزَرْيَاهُو وَمِيخَائِيلُ وَشَفَطْيَا،
وَجَمِيعُهُمْ أَبْنَاءُ يَهُوشَافَاطَ.
3-
فَوَهَبَهُمْ أَبُوهُمْ عَطَايَا
كَثِيرَةً مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَتُحَفٍ، فَضْلاً عَنْ مُدُنٍ حَصِينَةٍ
فِي يَهُوذَا. أَمَّا عَرْشُ الْمَمْلَكَةِ فَأَوْرَثَهُ لِيَهُورَامَ
لأَنَّهُ بِكْرُهُ.
4-
وَلَمَّا اسْتَتَبَّ لَهُ
الأَمْرُ عَلَى عَرْشِ الْمَمْلَكَةِ قَتَلَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ
بِالسَّيْفِ، كَمَا قَضَى عَلَى بَعْضِ الزُّعَمَاءِ.
5-
وَكَانَ يَهُورَامُ
فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّلاَثِينَ مِنْ عُمْرِهِ حِينَ تَوَلَّى الْمُلْكَ،
ثُمَّ حَكَمَ ثَمَانِيَ سَنَوَاتٍ فِي أُورُشَلِيمَ،
6-
وَسَلَكَ فِي نَهْجِ
مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ، مُقْتَفِياً خُطَى بَيْتِ أَخْآبَ لأَنَّهُ كَانَ
مُتَزَوِّجاً مِنِ ابْنَةِ أَخْآبَ، فَارْتَكَبَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ
الرَّبِّ.
7-
وَلَمْ يَشَأ الرَّبُّ أَنْ يُفْنِيَ ذُرِّيَّةَ دَاوُدَ،
بِسَبَبِ الْعَهْدِ الَّذِي أَبْرَمَهُ مَعَ دَاوُدَ قَائِلاً: إِنَّهُ
يُبْقِي وَاحِداً مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَلَى الْعَرْشِ كُلَّ الأَيَّامِ.
تمرد الأدوميين
8-
وَفِي عَهْدِهِ تَمَرَّدَ
الأَدُومِيُّونَ عَلَى يَهُوذَا، وَنَصَّبُوا عَلَيْهِمْ مَلِكاً.
9-
فَاجْتَازَ يَهُورَامُ نَهْرَ الأُرْدُنِّ مَعَ قَادَتِهِ وَجَمِيعِ
مَرْكَبَاتِهِ. وَعِنْدَمَا حَاصَرَهُ الأَدُومِيُّونَ مَعَ قَادَةِ
مَرْكَبَاتِهِ هَبَّ لَيْلاً وَاقْتَحَمَ خُطُوطَهُمْ.
10-
وَمُنْذُ ذَلِكَ
الْحِينِ ظَلَّ الأَدُومِيُّونَ خَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ يَهُوذَا إِلَى
هَذَا الْيَوْمِ، حِينَئِذٍ تَمَرَّدَتْ عَلَيْهِ لِبْنَةُ أَيْضاً
لأَنَّهُ تَرَكَ الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِ.
إيليا ينذر بوعيد الرب
11-
كَمَا شَيَّدَ مَعَابِدَ
الْمُرْتَفَعَاتِ أَيْضاً فِي جِبَالِ يَهُوذَا، وَأَغْوَى أَهْلَ
أُورُشَلِيمَ عَلَى خِيَانَةِ الرَّبِّ وَأَضَلَّ يَهُوذَا.
12-
وَتَسَلَّمَ خِطَاباً مِنْ
إِيلِيَّا النَّبِيِّ وَرَدَ فِيهِ: «هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ إِلَهُ
دَاوُدَ أَبِيكَ: لأَنَّكَ لَمْ تَسْلُكْ فِي نَهْجِ يَهُوشَافَاطَ
أَبِيكَ، وَلاَ فِي طُرُقِ آسَا مَلِكِ يَهُوذَا،
13-
بَلْ سَلَكْتَ فِي
طُرقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَيْتَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ
فَخَانُوا الرَّبَّ كَخِيَانَةِ بَيْتِ أَخْآبَ، وَقَتَلْتَ أَيْضاً
إِخْوَتَكَ أَبْنَاءَ بَيْتِ أَبِيكَ، مَعَ أَنَّهُمْ خَيْرٌ مِنْكَ.
14-
فَإِنَّ الرَّبَّ سَيُعَاقِبُ شَعْبَكَ وَأَبْنَاءَكَ وَنِسَاءَكَ،
وَكُلَّ مَا لَكَ عِقَاباً شَدِيداً.
15-
وَسَيَضْرِبُكَ بِأَمْرَاضٍ
كَثِيرَةٍ، فَتُعَانِي مِنْ دَاءٍ عُضَالٍ فِي أَمْعَائِكَ حَتَّى
تَتَسَاقَطَ أَمْعَاؤُكَ مِنْ جَرَّائِهِ يَوْماً فَيَوْماً».
موت يهورام
16-
وَأَثَارَ الرَّبُّ عَلَى
يَهُورَامَ عَدَاءَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَالْعَرَبِ الْمُسْتَوْطِنِينَ
إِلَى جِوَارِ الْكُوشِيِّينَ.
17-
فَهَاجَمُوا يَهُوذَا وَاسْتَوْلَوْا
عَلَيْهَا، وَنَهَبُوا كُلَّ الأَمْوَالِ الْمُدَّخَرَةِ فِي قَصْرِ
الْمَلِكِ، وَسَبَوْا أَبْنَاءَهُ وَنِسَاءَهُ. وَلَمْ يَبْقَ لَهُ ابْنٌ
إِلاَّ يَهُوآحَازَ أَصْغَرَ أَوْلاَدِهِ.
18-
وَمَا لَبِثَ أَنْ ضَرَبَهُ
الرَّبُّ بِدَاءٍ عُضَالٍ فِي أَمْعَائِهِ.
19-
وَمَعَ مُرُورِ الأَيَّامِ،
وَبَعْدَ انْقِضَاءِ سَنَتَيْنِ تَسَاقَطَتْ أَمْعَاؤُهُ مِنْ جَرَّاءِ
الدَّاءِ، فَمَاتَ وَهُوَ يُقَاسِي مِنْ مُخْتَلَفِ الأَمْرَاضِ
الخَبِيثَةِ، وَلَمْ يُشْعِلْ لَهُ شَعْبُهُ حَرِيقَةً كَبِيرَةً
كَحَرِيقَةِ آبَائِهِ،
20-
وَكَانَ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّلاَثِينَ مِنْ
عُمْرِهِ حِينَ تَوَلَّى الْمُلْكَ، وَحَكَمَ ثَمَانِيَ سَنَوَاتٍ فِي
أُورُشَلِيمَ، ثُمَّ مَاتَ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ، فَدَفَنُوهُ فِي
مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي مَقَابِرِ الْمُلُوكِ.
فصل
22
أخزيا ملكاً على يهوذا
1-
وَنَصَّبَ سُكَّانُ
أُورُشَلِيمَ أَخَزْيَا أَصْغَرَ أَبْنَائِهِ مَلِكاً عَلَيْهِمْ خَلَفاً
لَهُ، لأَنَّ الْغُزَاةَ الَّذِينَ انْضَمُّوا إِلَى الْعَرَبِ وَأَغَارُوا
عَلَى أُورُشَلِيمَ قَتَلُوا سَائِرَ إِخْوَتِهِ، فَمَلَكَ أَخَزْيَا بْنُ
يَهُورَامَ عَلَى يَهُوذَا.
2-
وَكَانَ أَخَزْيَا فِي
الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ حِينَ تَوَلَّى الْمُلْكَ،
وَدَامَ حُكْمُهُ سَنَةً وَاحِدَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ
عَثَلْيَا، وَهِيَ حَفِيدَةُ عُمْرِي.
3-
وَقَدْ سَلَكَ أَيْضاً فِي طَرِيقِ
بَيْتِ أَخْآبَ، لأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ تُشِيرُ عَلَيْهِ بِارْتِكَابِ
الشَّرِّ.
4-
فَاقْتَرَفَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى غِرَارِ
بَيْتِ أَخْآبَ، إِذْ أَصْبَحُوا لَهُ مُشِيرِينَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ،
مِمَّا أَفْضَى إِلَى هَلاَكِهِ.
5-
وَبِمُقْتَضَى مَشُورَتِهِمِ انْضَمَّ
إِلَى يَهُورَامَ بْنِ أَخْآبَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، لِمُحَارَبَةِ
حَزَائِيلَ مَلِكِ أَرَامَ فِي رَامُوتِ جِلْعَادَ، فَهَزَمَ
الأَرَامِيُّونَ يُورَامَ.
6-
فَرَجَعَ يُورَامُ إِلَى يَزْرَعِيلَ رَيْثَمَا
يَبْرَأُ مِنْ جِرَاحِهِ الَّتِي أَصَابَهُ بِهَا الأَرَامِيُّونَ فِي
الرَّامَةِ فِي أَثْنَاءِ مَعْرَكَتِهِ مَعَ حَزَائِيلَ مَلِكِ أَرَامَ،
فَجَاءَ أَخَزْيَا بْنُ يَهُورَامَ مَلِكُ يَهُوذَا لِيَعُودَ يَهُورَامَ
بْنَ أَخْآبَ الَّذِي كَانَ مَرِيضاً فِي يَزْرَعِيلَ.
ياهو يغتال أخزيا
7-
وَلَكِنَّ الرَّبَّ شَاءَ
أَنْ تَكُونَ زِيَارَةُ أَخَزْيَا لِيُورَامَ سَبَباً فِي هَلاَكِهِ، حِينَ
خَرَجَ مَعَ يَهُورَامَ لِلِقَاءِ يَاهُو بْنِ نِمْشِي، الَّذِي اخْتَارَهُ
الرَّبُّ لِلْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ عَلَى بَيْتِ أَخَآبَ.
8-
وَفِيمَا كَانَ يَاهُو
يُبِيدُ بَيْتَ أَخْآبَ، صَادَفَ قَادَةَ يَهُوذَا وَأَبْنَاءَ إِخْوَةِ
أَخَزْيَا، الَّذِينَ كَانُوا فِي خِدْمَةِ أَخَزْيَا، فَقَتَلَهُمْ.
9-
وَسَعَى وَرَاءَ أَخَزْيَا، فَقَبَضَ عَلَيْهِ رِجَالُ يَاهُو وَهُوَ
مُخْتَبِيءٌ فِي السَّامِرَةِ، فَأَتَوْا بِهِ إِلَى يَاهُو، وَقَتَلُوهُ
وَدَفَنُوهُ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ يَهُوشَافَاطَ الَّذِي
طَلَبَ الرَّبَّ مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ». فَلَمْ يَكُنْ مَنْ يَتَوَلَّى
الْعَرْشَ فِي بَيْتِ أَخَزْيَا.
القضاء على العائلة المالكة
10-
وَلَمَّا رَأَتْ عَثَلْيَا
أُمُّ أَخَزْيَا أَنَّ ابْنَهَا قَدْ مَاتَ قَبَضَتْ عَلَى جَمِيعِ
النَّسْلِ الْمَلَكِيِّ مِنْ بَيْتِ يَهُوذَا وَأَبَادَتْهُمْ.
11-
غَيْرَ
أَنَّ يَهُوشَبْعَةَ ابْنَةَ الْمَلِكِ يَهُورَامَ اخْتَطَفَتْ يُوآشَ بْنَ
أَخَزْيَا مِنْ بَيْنِ أَبْنَاءِ الْمَلِكِ الَّذِينَ شَرَعَتْ عَثَلْيَا
فِي قَتْلِهِمْ، وَأَخْفَتْهُ هُوَ وَمُرْضِعَتَهُ فِي مُخْدَعِ النَّوْمِ،
لأَنَّ يَهُوشَبْعَةَ كَانَتْ أُخْتَ أَخَزْيَا، وَابْنَةَ الْمَلِكِ
يَهُورَامَ، وَزَوْجَةَ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ. وَهَكَذَا خَبَّأَتْ
يَهُوشَبْعَةُ يُوآشَ مِنْ عَثَلْيَا، فَلَمْ تَقْتُلْهُ.
12-
وَمَكَثَ
مَعَهُمْ مُخْتَبِئاً فِي هَيْكَلِ اللهِ سِتَّ سَنَوَاتٍ، كَانَتْ
عَثَلْيَا فِي أَثْنَائِهَا تَمْلِكُ عَلَى عَرْشِ يَهُوذَا.
فصل
23
ثورة بقيادة يهوياداع
1-
وَفِي السَّنَةِ
السَّابِعَةِ تَشَجَّعَ يَهُويَادَاعُ، وَقَطَعَ عَهْداً مَعَ رُؤَسَاءِ
الْمِئَاتِ: عَزَرْيَا بْنِ يَرُوحَامَ، وَإِسْمعِيلَ بْنِ يَهُوحَانَانَ،
وَعَزَرْيَا بْنِ عُوبِيدَ، وَمَعَسِيَا بْنِ عَدَايَا، وَأَلِيشَافَاطَ
بْنِ زِكْرِي.
2-
وَطَافُوا فِي أَرْجَاءِ يَهُوذَا يَسْتَدْعُونَ
اللاَّوِيِّينَ مِنْ جَمِيعِ مُدُنِ يَهُوذَا وَرُؤَسَاءَ بُيُوتَاتِ
إِسْرَائِيلَ لِلْحُضُورِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
3-
فَأَقْسَمَ كُلُّ
الْمَجْمَعِ يَمِينَ الْوَلاَءِ لِلْمَلِكِ فِي هَيْكَلِ اللهِ، وَقَالَ
لَهُمْ يَهُويَادَاعُ: «هُوَذَا ابْنُ الْمَلِكِ يَحْكُمُ، كَمَا وَعَدَ
الرَّبُّ ذُرِّيَّةَ دَاوُدَ.
4-
وَإِلَيْكُمْ مَا يَجِبُ أَنْ تَفْعَلُوا:
لِيَقُمْ ثُلُثُ الْحُرَّاسِ مِنَ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ، الَّذِينَ
يَتَوَلَّوْنَ الْخِدْمَةَ يَوْمَ السَّبْتِ بِحِرَاسَةِ الأَبْوَابِ.
5-
وَالثُّلُثُ الثَّانِي يَحْرُسُ قَصْرَ الْمَلِكِ، وَالثُّلُثُ الثَّالِثُ
يَحْرُسُ بَابَ الأَسَاسِ، أَمَّا بَقِيَّةُ الشَّعْبِ فَلْيَحْتَشِدُوا
فِي دِيَارِ الْهَيْكَلِ.
6-
وَيُحَظَّرُ عَلَى غَيْرِ الْكَهَنَةِ
وَالَّذِينَ يَخْدُمُونَ مِنَ اللاَّوِيِّينَ دُخُولُ هَيْكَلِ الرَّبِّ،
لأَنَّهُمْ وَحْدَهُمْ مُقَدَّسُونَ. أَمَّا بَقِيَّةُ الشَّعْبِ
فَلْيَقُومُوا بِحِرَاسَةِ مَا عَهَدَ الرَّبُّ إِلَيْهِمْ بِهِ.
7-
وَعَلَى
اللاَّوِيِّينَ الإِحَاطَةُ بِالْمَلِكِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
مُدَجَّجٌ بِسِلاَحِهِ. وَلْيُقْتَلْ كُلُّ مَنْ يَتَسَلَّلُ إِلَى
الْهَيْكَلِ مِنَ الْغُرَبَاءِ. رَافِقُوا الْمَلِكَ فِي غَدَوَاتِهِ
وَرَوْحَاتِهِ».
8-
فَنَفَّذَ اللاَّوِيُّونَ وَكُلُّ أَبْنَاءِ يَهُوذَا
أَوَامِرَ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ، وَجَنَّدَ كُلُّ قَائِدٍ رِجَالَهُ
الْقَائِمِينَ عَلَى الْخِدْمَةِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ وَالْمُعْفَيْنَ
مِنْهَا، لأَنَّ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ لَمْ يُسَرِّحْ أَيَّةَ
فِرْقَةٍ.
9-
فَسَلَّمَ يَهُويَادَاعُ رُؤَسَاءَ الْمِئَاتِ حِرَابَ
الْمَلِكِ دَاوُدَ وَدُرُوعَهُ وَأَتْرَاسَهُ، الَّتِي كَانَتْ مَحْفُوظَةً
فِي الْهَيْكَلِ،
10-
وَأَوْقَفَ جَمِيعَ الْحُرَّاسِ وَكُلُّ وَاحِدٍ
سِلاَحُهُ بِيَدِهِ مُحِيطِينَ بِالْمَلِكِ، إِلَى جَانِبِ الْمَذْبَحِ
وَالْهَيْكَلِ، مِنَ الطَّرَفِ الأَيْمَنِ لِلْهَيْكَلِ حَتَّى الطَّرَفِ
الأَيْسَرِ مِنْهُ.
11-
ثُمَّ أَخْرَجُوا ابْنَ الْمَلِكِ وَتَوَّجُوهُ،
وَأَعْطَوْهُ نُسْخَةً مِنْ شَهَادَةِ الْعَهْدِ، وَنَصَّبُوهُ مَلِكاً.
وَمَسَحَهُ يَهُويَادَاعُ وَأَبْنَاؤُهُ هَاتِفِينَ: «لِيَحْيَ الْمَلِكُ!»
موت عثليا
12-
فَعِنْدَمَا سَمِعَتْ
عَثَلْيَا جَلَبَةَ رَكْضِ الشَّعْبِ، وَهُتَافَاتِ الشَّعْبِ لِلْمَلِكِ،
انْدَسَّتْ بَيْنَ الشَّعْبِ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ،
13-
فَشَاهَدَتِ
الْمَلِكَ مُنْتَصِباً عَلَى مِنْبَرِهِ فِي الْمَدْخَلِ، مُحَاطاً
بِالرُّؤَسَاءِ وَنَافِخِي الأَبْوَاقِ، وَقَدْ غَمَرَ الْفَرَحُ شَعْبَ
الأَرْضِ، الَّذِي امْتَزَجَتْ هُتَافَاتُهُ بِنَفْخِ الأَبْوَاقِ
وَغِنَاءِ الْمُغَنِّينَ الْعَازِفِينَ عَلَى الآلاَتِ الْمُوسِيقِيَّةِ
وَتَسْبِيحِ الْمُسَبِّحِينَ، فَشَقَّتْ عَثَلْيَا ثِيَابَهَا وَصَاحَتْ:
«خِيَانَةٌ! خِيَانَةٌ!»
14-
فَبَعَثَ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ رُؤَسَاءَ
الْمِئَاتِ الْمُوَكَّلِينَ عَلَى الْجَيْشِ قَائِلاً: «خُذُوهَا إِلَى
خَارِجِ الصُّفُوفِ وَاقْتُلُوا بِالسَّيْفِ كُلَّ مَنْ يُحَاوِلُ
إِنْقَاذَهَا». وَأَمَرَ الْكَاهِنُ أَنْ لاَ تُقْتَلَ دَاخِلَ بَيْتِ
الرَّبِّ.
15-
فَقَبَضُوا عَلَيْهَا وَجَرُّوهَا إِلَى الْمَدْخَلِ الَّذِي
تَعْبُرُ مِنْهُ الْخَيْلُ إِلَى سَاحَةِ الْقَصْرِ، وَقُتِلَتْ هُنَاكَ.
العهد والاحتفال
16-
وَأَبْرَمَ يَهُويَادَاعُ
عَهْداً بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلِّ الشَّعْبِ وَبَيْنَ الْمَلِكِ، حَتَّى
يَكُونُوا شَعْباً لِلرَّبِّ.
17-
وَانْدَفَعَ جَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى
مَعْبَدِ الْبَعْلِ، وَهَدَمُوهُ وَحَطَّمُوا مَذَابِحَهُ وَتَمَاثِيلَهُ،
وَقَتَلُوا مَتَّانَ كَاهِنَ الْبَعْلِ أَمَامَ الْمَذْبَحِ.
18-
وَعَيَّنَ
يَهُويَادَاعُ مُشْرِفِينَ عَلَى الْهَيْكَلِ مِنَ الْكَهَنَةِ
اللاَّوِيِّينَ، مِمَّنْ وَزَّعَ دَاوُدُ عَلَيْهِمْ وَاجِبَاتِ خِدْمَةِ
الْهَيْكَلِ، لِيُقَرِّبُوا مُحْرَقَاتِ الرَّبِّ بِمُوجِبِ شَرِيعَةِ
مُوسَى، فَرِحِينَ مُغَنِّينَ حَسَبَ مَا أَمَرَ دَاوُدُ.
19-
وَأَقَامَ
حُرَّاساً عَلَى أَبْوَابِ الْهَيْكَلِ لِئَلاَّ يَدْخُلَ إِلَيْهِ أَيُّ
وَاحِدٍ غَيْرِ طَاهِرٍ لِسَبَبٍ مَا.
20-
ثُمَّ اصْطَحَبَ مَعَهُ رُؤَسَاءَ
الْمِئَاتِ وَالْعُظَمَاءَ وَحُكَّامَ الأُمَّةِ وَسَائِرَ الشَّعْبِ
وَأَنْزَلَ الْمَلِكَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ مُجْتَازِينَ مِنْ وَسَطِ
الْبَابِ الأَعْلَى إِلَى قَصْرِ الْمَلِكِ، حَيْثُ أَجْلَسُوهُ عَلَى
عَرْشِ الْمَمْلَكَةِ.
21-
وَعَمَّ الْفَرَحُ شَعْبَ الْبِلاَدِ، وَغَمَرَ
السَّلاَمُ الْمَدِينَةَ، بَعْدَ مَقْتَلِ عَثَلْيَا بِالسَّيْفِ.
فصل
24
يوآش ملكاً على يهوذا
1-
كَانَ يُوآشُ فِي
السَّابِعَةِ مِنْ عُمْرِهِ حِينَ تَوَلَّى الْمُلْكَ، وَدَامَ حُكْمُهُ
أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ ظَبْيَةُ مِنْ
بِئْرِ سَبْعٍ.
2-
وَصَنَعَ يُوآشُ مَا هُوَ صَالِحٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ
كُلَّ أَيَّامِ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ.
3-
وَاتَّخَذَ يَهُويَادَاعُ
لِيُوآشَ امْرَأَتَيْنِ أَنْجَبَتَا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ.
العمل على ترميم الهيكل
4-
وَإِذْ كَانَ فِي عَزْمِ
يُوآشَ أَنْ يُرَمِّمَ بَيْتَ الرَّبِّ،
5-
جَمَعَ الْكَهَنَةَ
وَاللاَّوِيِّينَ وَقَالَ لَهُمْ: «انْطَلِقُوا إِلَى مُدُنِ يَهُوذَا
وَاجْمَعُوا الْمُخَصَّصَاتِ السَّنَوِيَّةَ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ،
فِضَّةً مِنْ أَجْلِ تَرْمِيمِ بَيْتِ إِلَهِكُمْ، وَبَادِرُوا بِتَنْفِيذِ
ذَلِكَ الآنَ». غَيْرَ أَنَّ اللاَّوِيِّينَ تَقَاعَسُوا عَنْ إِنْجَازِ
الأَمْرِ.
6-
فَاسْتَدْعَى الْمَلِكُ يَهُويَادَاعَ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ
وَسَأَلَهُ: «لِمَاذَا لَمْ تَطْلُبْ مِنَ اللاَّوِيِّينَ أَنْ يَجْمَعُوا
مِنْ بَنِي يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ الضَّرِيبَةَ الَّتِي فَرَضَهَا مُوسَى
عَبْدُ الرَّبِّ وَجَمَاعَةُ إِسْرَائِيلَ لِصِيَانَةِ خَيْمَةِ
الشَّهَادَةِ؟».
7-
وَكَانَ أَبْنَاءُ عَثَلْيَا الْخَبِيثَةِ قَدْ هَدَمُوا
بَيْتَ اللهِ وَاسْتَخْدَمُوا مُقَدَّسَاتِ الْهَيْكَلِ لِعِبَادَةِ
الْبَعْلِيمِ.
8-
وَأَمَرَ الْمَلِكُ فَصَنَعُوا صُنْدُوقاً وَضَعُوهُ عِنْدَ
الْمَدْخَلِ الْخَارِجِيِّ لِهَيْكَلِ الرَّبِّ،
9-
وَأَذَاعُوا فِي كُلِّ
أَرْجَاءِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ دَاعِينَ الشَّعْبَ أَنْ يُقَدِّمُوا
لِلرَّبِّ الضَّرِيبَةَ الَّتِي فَرَضَهَا مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ عَلَى
إِسْرَائِيلَ
فِي الصَّحْرَاءِ.
10-
فَفَرِحَ كُلُّ الرُّؤَسَاءِ وَسَائِرُ الشَّعْبِ، وَتَبَرَّعُوا
بِالْمَالِ حَتَّى امْتَلأَ الصُّنْدُوقُ.
11-
وَكُلَّمَا كَثُرَتِ
الْفِضَّةُ فِي الصُّنْدُوقِ يَجِيءُ اللاَّوِيُّونَ وَيَحْمِلُونَهُ إِلَى
مَقَرِّ وِكَالَةِ مُوَظَّفِي الْمَلِكِ، فَيَأْتِي كَاتِبُ الْمَلِكِ
وَوَكِيلُ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَيُفْرِغَانِ الصُّنْدُوقَ، ثُمَّ
يَحْمِلاَنِهِ وَيَرُدَّانِهِ إِلَى مَوْضِعِهِ. هَكَذَا كَانُوا
يَفْعَلُونَ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى جَمَعُوا فِضَّةً وَفِيرَةً،
12-
دَفَعَهَا
الْمَلِكُ وَيَهُويَادَاعُ لِلْمُشْرِفِينَ عَلَى أَعْمَالِ خِدْمَةِ
بَيْتِ الرَّبِّ، فَكَانَ هَؤُلاَءِ يَسْتَأْجِرُونَ نَحَّاتِينَ
وَنَجَّارِينَ وَحَدَّادِينَ لِصِيَانَةِ هَيْكَلِ الرَّبِّ وَتَرْمِيمِهِ.
13-
وَجَدَّ الْمُشْرِفُونَ فِي عَمَلِهِمْ فَأَفْلَحُوا، وَأَعَادُوا
تَرْمِيمَ بَيْتِ الرَّبِّ بِمُوْجِبِ رَسْمِهِ الأَصْلِيِّ، وَثَبَّتُوهُ.
14-
وَلَمَّا تَمَّ إِنْجَازُ الْعَمَلِ حَمَلُوا مَا تَبَقَّى مِنْ فِضَّةٍ
إِلَى الْمَلِكِ وَيَهُويَادَاعَ، فَصَاغُوا آنِيَةً لِلْهَيْكَلِ
وَلِتَقْرِيبِ الْمُحْرَقَاتِ، وَصُحُوناً وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ.
وَثَابَرُوا عَلَى إِصْعَادِ الْمُحْرَقَاتِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ بِصُورَةٍ
دَائِمَةٍ كُلَّ أَيَّامِ يَهُويَادَاعَ.
موت يهوياداع
15-
وَشَاخَ يَهُويَادَاعُ
وَطَعَنَ فِي السِّنِّ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ مِنَ الْعُمْرِ
مِئَةً وَثَلاَثِينَ سَنَةً،
16-
فَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ فِي
مَقَابِرِ الْمُلُوكِ، اعْتِرَافاً بِفَضْلِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَمَا
بَذَلَهُ مِنْ خَيْرٍ فِي خِدْمَةِ اللهِ وَهَيْكَلِهِ.
شر يوآش
17-
وَبَعْدَ وَفَاةِ
يَهُويَاداعَ جَاءَ قَادَةُ يَهُوذَا وَأَظْهَرُوا وَلاَءَهُمْ لِلْمَلِكِ
وَأَمَالُوا قَلْبَهُ،
18-
فَهَجَرُوا هَيْكَلَ الرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِمْ،
وَعَبَدُوا تَمَاثِيلَ عَشْتَارُوثَ وَالأَصْنَامَ، فَانْصَبَّ غَضَبُ
اللهِ عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ مِنْ جَرَّاءِ إِثْمِهِمْ هَذَا.
19-
وَأَرْسَلَ اللهُ أَنْبِيَاءَ يُنْذِرُونَهُمْ وَيَدْعُونَهُمْ
لِلتَّوْبَةِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَرْتَدِعُوا
20-
فَحَلَّ رُوحُ اللهِ
عَلَى زَكَرِيَّا بْنِ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ، فَوَقَفَ أَمَامَ
الشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ: «هَذَا مَا يَقُولُهُ اللهُ : لِمَاذَا
تَتَعَدَّوْنَ أَوَامِرَ الرَّبِّ فَلاَ تُفْلِحُونَ؟ لَقَدْ نَبَذْتُمُ
الرَّبَّ فَنَبَذَكُمُ الرَّبُّ».
21-
فَكَادُوا لَهُ حَتَّى
أَمَرَ الْمَلِكُ بِرَجْمِهِ بِالْحِجَارَةِ فِي سَاحَةِ الْهَيْكَلِ.
22-
وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَلِكُ الْفَضْلَ الَّذِي أَسْدَاهُ إِلَيْهِ
يَهُويَادَاعُ، بَلْ قَتَلَ ابْنَهُ، وَفِيمَا هُوَ يَلْفِظُ أَنْفَاسَهُ
قَالَ: «لِيَنْظُرِ الرَّبُّ وَيُجْرِ قَضَاءَهُ».
هزيمة يوآش واغتياله
23-
وَفِي خِتَامِ السَّنَةِ
الْعِبْرِيَّةِ هَاجَمَ جَيْشُ الأَرَامِيِّينَ يُوآشَ، وَأَغَارُوا عَلَى
يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ، وَأَفْنَوْا قَادَةَ الشَّعْبِ، وَأَرْسَلُوا مَا
اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنْ غَنَائِمَ إِلَى مَلِكِ دِمَشْقَ.
24-
وَمَعَ
أَنَّ جَيْشَ الأَرَامِيِّينَ لَمْ يَكُنْ سِوَى شِرْذِمَةٍ قَلِيلَةٍ،
فَإِنَّ الرَّبَّ نَصَرَهُمْ عَلَى جَيْشٍ كَبِيرٍ، لأَنَّ بَنِي يَهُوذَا
قَدْ تَخَلَّوْا عَنِ الرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِمْ، فَأَنْزَلُوا قَضَاءَ
الرَّبِّ بِيُوآشَ.
25-
وَعِنْدَمَا انْسَحَبَ جَيْشُ الأَرَامِيِّينَ كَانَ
يُوآشُ يُعَانِي مِمَّا تَكَبَّدَهُ مِنْ جِرَاحٍ فِي الْقِتَالِ،
فَتَآمَرَ عَلَيْهِ ضَابِطَانِ مِنْ رِجَالِهِ ثَأْراً لِدِمَاءِ ابْنِ
يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ، وَقَتَلاَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَدَفَنُوهُ فِي
مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي مَقَابِرِ الْمُلُوكِ.
26-
أَمَّا
الْمُتَآمِرَانِ عَلَيْهِ فَهُمَا زَابَادُ ابْنُ شِمْعَةَ
الْعَمُّونِيَّةِ، وَيَهُوزَابَادُ ابْنُ شِمْرِيتَ الْمُوآبِيَّةِ.
27-
وَقَدْ وَرَدَتْ فِي كِتَابِ تَارِيخِ الْمُلُوكِ سِيَرُ أَبْنَائِهِ،
وَمَا جَاءَ مِنْ نُبُوءَاتٍ ضِدَّهُ، وَبَيَانٌ بِتَرْمِيمِهِ
لِلْهَيْكَلِ. وَخَلَفَهُ ابْنُهُ أَمَصْيَا عَلَى الْمُلْكِ.
فصل
25
أمصيا ملكاً على يهوذا
1-
كَانَ أَمَصْيَا فِي
الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ عِنْدَمَا تَوَلَّى الْمُلْكَ،
وَدَامَ حُكْمُهُ فِي أُورُشَلِيمَ تِسْعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَاسْمُ
أُمِّهِ يَهُوعَدَّانُ مِنْ أُورُشَلِيمَ.
2-
وَصَنَعَ مَا هُوَ قَوِيمٌ فِي
عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَائِماً بِقَلْبٍ مُخْلِصٍ.
3-
وَعِنْدَمَا سَيْطَرَ عَلَى
زِمَامِ الْمَمْلَكَةِ قَتَلَ الْمُتَآمِرَيْنِ اللَّذَيْنِ اغْتَالاَ
وَالِدَهُ،
4-
وَلَكِنَّهُ عَفَا عَنْ أَبْنَائِهِمَا، عَمَلاَ بِمَا وَرَدَ
فِي كِتَابِ شَرِيعَةِ مُوسَى، حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلاً: «لاَ
يُقْتَلُ الآبَاءُ عِوَضاً عَنِ الأَبْنَاءِ، وَلاَ يُقْتَلُ الأَبْنَاءُ
بَدَلاً مِنَ الآبَاءِ فَكُلُّ إِنْسَانٍ يَتَحَمَّلُ وِزْرَ نَفْسِهِ».
5-
وَعَبَّأَ أَمَصْيَا جَيْشاً
مِنْ يَهُوذَا وَمِنْ بِنْيَامِينَ وَوَزَّعَهُمْ بِحَسَبِ بُيُوتِ
الآبَاءِ لِيَكُونُوا تَحْتَ إِمْرَةِ رُؤَسَاءِ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءِ
مِئَاتٍ، وَأَحْصَاهُمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا فَوْقُ،
فَبَلَغَ عَدَدُهُمْ ثَلاَثَ مِئَةِ أَلْفٍ مِنَ الْجُنُودِ
الْمُدَرَّبِينَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الرِّمَاحِ وَالتُّرُوسِ.
6-
وَاسْتَأْجَرَ مِنْ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ مُرْتَزِقٍ مِنَ
الْمُحَارِبِينَ الأَشِدَّاءِ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ (نَحْوَ
ثَلاَثَةِ آلافٍ وَسِتِّ مِئَةِ كِيلُوجْرَامٍ).
كلمة رجل الله
7-
فَجَاءَهُ رَجُلُ اللهِ
قَائِلاً: «أَيُّهَا الْمَلِكُ، لاَ يَذْهَبَنَّ مَعَكَ جَيْشُ
إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَخَلَّى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ
شَعْبِ إِسْرَائِيلَ
8-
وَحَتَّى لَوْ خُضْتَ الْمَعْرَكَةَ وَحَارَبْتَ
بِإِقْدَامٍ وَشَجَاعَةٍ فَإِنَّهُ يَهْزِمُكَ أَمَامَ أَعْدَائِكَ لأَنَّ
لِلهِ وَحْدَهُ أَنْ يُؤْتِيَكَ النَّصْرَ أَوِ الْهَزِيمَةَ».
9-
فَسَأَلَ
أَمَصْيَا رَجُلَ اللهِ: «وَمَاذَا عَنِ الْمَالِ الَّذِي دَفَعْتُهُ
لِمُرْتَزِقَةِ إِسْرَائِيلَ؟» فَأَجَابَهُ: «إِنَّ الرَّبَّ قَادِرٌ أَنْ
يُعَوِّضَكَ أَكْثَرَ مِمَّا دَفَعْتَ».
10-
فَصَرَفَ أَمَصْيَا
الْمُرْتَزِقَةَ الَّذِينَ تَوَافَدُوا عَلَيْهِ مِنْ أَفْرَايِمَ
وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى أَرْضِهِمْ. فَاحْتَدَمَ غَضَبُهُمْ عَلَى يَهُوذَا،
وَرَجَعُوا إِلَى بِلاَدِهِمْ سَاخِطِينَ.
11-
أَمَّا أَمَصْيَا، فَقَدْ
تَشَجَّعَ وَاقْتَادَ شَعْبَهُ إِلَى وَادِي الْمِلْحِ، وَقَتَلَ مِنْ
رِجَالِ سَعِيرَ عَشَرَةَ آلافٍ.
12-
وَسَبَى بَنُو يَهُوذَا عَشَرَةَ آلافٍ
آخَرِينَ أَتَوْا بِهِمْ إِلَى قِمَّةِ جَبَلِ سَالِعَ حَيْثُ طَرَحُوهُمْ
مِنْ فَوْقِهَا،
فَتَهَشَّمَتْ عِظَامُهُمْ
جَمِيعاً.
13-
أَمَّا الْمُرْتَزِقَةُ الَّذِينَ صَرَفَهُمْ أَمَصْيَا عَنْ
خَوْضِ الْقِتَالِ مَعَهُ، فَقَدْ أَغَارُوا عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا، مَا
بَيْنَ السَّامِرَةِ وَبَيْتِ حُورُونَ، وَقَتَلُوا ثَلاَثَةَ آلافٍ مِنْ
أَهْلِهَا، وَنَهَبُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً.
خيانة أمصيا لله
14-
وَبَعْدَ رُجُوعِ أَمَصْيَا
مِنْ مُحَارَبَةِ الأَدُومِيِّينَ مُنْتَصِراً، حَمَلَ مَعَهُ آلِهَةَ
بَنِي سَاعِيرَ وَنَصَبَهَا لَهُ آلِهَةً، وَسَجَدَ لَهَا وَأَوْقَدَ لَهَا
بَخُوراً.
15-
فَاحْتَدَمَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْهِ
وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ نَبِيّاً يَقُولُ: «لِمَاذَا ضَلَلْتَ وَرَاءَ آلِهَةِ
قَوْمٍ عَجَزُوا عَنْ إِنْقَاذِ شَعْبِهِمْ مِنْ يَدِكَ؟»
16-
فَقَاطَعَهُ
الْمَلِكُ وَقَالَ: «هَلْ أَقَمْنَاكَ أَحَدَ مُشِيرِي الْمَلِكِ؟ كُفَّ
لِئَلاَّ تُقْتَلَ». فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ وَهُوَ يَقُولُ: «قَدْ
أَيْقَنْتُ أَنَّ اللهَ قَضَى
بِإِهْلاَكِكَ، لأَنَّكَ
ارْتَكَبْتَ هَذَا وَأَبَيْتَ أَنْ تَسْمَعَ لِمَشُورَتِي».
الحرب بين يهوذا وإِسرائيل
17-
ثُمَّ بَعْدَ أَنْ تَدَاوَلَ
أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا مَعَ مُسْتَشَارِيهِ، بَعَثَ إِلَى يُوآشُ بْنِ
يَهُوآحَازَ بْنِ يَاهُو مَلِكِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: «تَعَالَ
نَتَوَاجَهُ لِلْقِتَالِ».
18-
فَأَجَابَهُ يُوآشُ مَلِكُ
إِسْرَائِيلَ بِهَذا الْمَثَلِ: «أَرْسَلَ الْعَوْسَجُ النَّابِتُ فِي
لُبْنَانَ إِلَى الأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَقُولُ: زَوِّجِ ابْنَتَكَ مِنِ
ابْنِي. فَمَرَّ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ كَانَ هُنَاكَ وَدَاسَ الْعَوْسَجَ.
19-
أَنْتَ تَقُولُ فِي نَفْسِكَ: لَقَدْ هَزَمْتُ الأَدُومِيِّينَ،
فَانْتَابَكَ الْغُرُورُ، وَلَكِنْ خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَمْكُثَ فِي
قَصْرِكَ. لِمَاذَا تَسْعَى فِي طَلَبِ الشَّرِّ فَتُسَبِّبَ دَمَارَكَ
وَدَمَارَ يَهُوذَا مَعَكَ؟» 20فَلَمْ يُصْغِ أَمَصْيَا إِلَيْهِ لأَنَّ
الرَّبَّ قَضَى بِالْهَزِيمَةِ عَلَيْهِ لأَنَّهُمْ عَبَدُوا آلِهَةَ
أَدُومَ.
20-
وَزَحَفَ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ بِجَيْشِهِ، وَتَوَاجَهَ
مَعَ أَمَصْيَا مَلِكِ يَهُوذَا فِي بَيْتِ شَمْسٍ التَّابِعَةِ
لِيَهُوذَا.
21-
فَانْدَحَرَ يَهُوذَا أَمَامَ جَيْشِ إِسْرَائِيلَ
وَهَرَبُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ.
22-
وَوَقَعَ أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا فِي
أَسْرِ يُوآشَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ شَمْسٍ، فَأَخَذَهُ يُوآشُ
إِلَى أُورُشَلِيمَ حَيْثُ هَدَمَ سُورَهَا مِنْ بَابِ أَفْرَايِمَ إِلَى
بَابِ الزَّاوِيَةِ عَلَى امْتِدَادِ نَحْوِ مِئَتَيْ مِتْرٍ،
23-
وَاسْتَوْلَى عَلَى كُلِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجَمِيعِ الآنِيَةِ
الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ اللهِ الَّتِي فِي عُهْدَةِ أَبْنَاءِ عُوبِيدَ
أَدُومَ وَخَزَائِنِ قَصْرِ الْمَلِكِ، وَأَخَذَ رَهَائِنَ، ثُمَّ عَادَ
إِلَى السَّامِرَةِ.
مصرع أمصيا
25-
وَعَاشَ أَمَصْيَا بْنُ
يُوآشَ مَلِكُ يَهُوذَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بَعْدَ وَفَاةِ يُوآشَ بْنِ
يَهُوآحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ.
26-
أَمَّا بَقِيَّةُ أَخْبَارِ أَمَصْيَا
مِنْ بِدَايَتِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا أَلَيْسَتْ هِيَ مُدَوَّنَةً فِي
كِتَابِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ؟
27-
وَمُنْذُ أَنْ تَحَوَّلَ
أَمَصْيَا عَنِ الرَّبِّ ثَارَتْ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ فِي أُورُشَلِيمَ،
فَلَجَأَ إِلَى لَخِيشَ. وَلَكِنَّهُمْ أَرْسَلُوا مَنْ تَعَقَّبَهُ إِلَى
هُنَاكَ وَاغْتَالَهُ،
28-
ثُمَّ نَقَلُوهُ عَلَى الْخَيْلِ حَيْثُ دَفَنُوهُ
مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ.
|