الكتاب المقدس - العهد الجديد
 
رسالة غلاطية
الكتاب المقدس العهد الجديد  
 
فصل
1 2 3 4 5 6                                      
 
 
  رسالة غلاطية - فصل 1

حية وسلام

1- مِنِّي أنا بولُسَ، رَسولٌ لا مِنَ الناسِ ولا بِدَعوةٍ مِنْ إنسانٍ، بَلْ بِدَعوَةٍ مِنْ يَسوعَ المَسيحِ والله الآبِ الذي أقامَهُ مِنْ بَينِ الأمواتِ،
2-
ومِنْ جميعِ الإخوَةِ الذينَ مَعي، إلى كنائِسِ غَلاطيةَ.
3-
علَيكُمُ النِّعمَةُ والسَّلامُ مِنَ الله أبينا ومِنَ الرَّبِّ يَسوعَ المَسيحِ،
4-
الذي ضَحَّى بِنَفسِهِ مِنْ أجلِ خَطايانا ليُنقِذَنا مِنْ هذا العالَمِ الشِّرِّيرِ، عمَلاً بِمَشيئَةِ إلَهِنا وأبينا،
5-
لَه المَجدُ إلى أبَدِ الدُّهورِ. آمين.

بشارة واحدة

6- عَجيبٌ أمرُكُم! أَبِمِثلِ هذِهِ السُّرعَةِ تَترُكونَ الذي دَعاكُم بِنِعمَةِ المَسيح وتَتبَعونَ بِشارةً أُخرى؟
7-
وما هُناكَ «بِشارةِ أُخرى«، بَلْ جَماعةِ تُثيرُ البَلبلَةَ بَينَكُم وتُحاوِلُ تَغييرَ بِشارَةِ المَسيحِ.
8-
فلَو بَشَّرناكُم نَحنُ أو بَشَّرَكُم مَلاكٌ مِنَ السَّماءِ بِبِشارَةٍ غَيرِ التي بَشَّرناكُم بِها، فلْيكُنْ مَلعونًا.
9-
قُلْنا لكُم قَبلاً وأقولُ الآنَ: إذا بَشَّرَكُم أحَدٌ بِبِشارَةٍ غَيرِ التي قَبلتُموها مِنَّا، فاللَّعنَةُ علَيهِ.
10-
هَلْ أنا أستَعطِفُ الناسَ؟ كلاّ، بَل أستَعطِفُ الله. أيكونُ أنِّي أطلُبُ رِضا الناسِ فلَو كُنتُ إلى اليومِ أطلُبُ رِضا الناسِ، لما كُنتُ عَبدًا لِلمَسيحِ.

كيف صار بولس رسولاً

11- فاَعلَموا، أيُّها الإخوَةُ، أنَّ البِشارَةَ التي بَشَّرتُكُم بِها غَيرُ صادِرَةٍ عَنِ البَشَرِ.
12-
فأنا ما تَلقَّيتُها ولا أخَذتُها عَنْ إنسانٍ، بَل عَنْ وَحيٍ مِنْ يَسوعَ المَسيحِ.
13-
سَمِعتُم بِسيرَتي الماضِيَةِ في ديانَةِ اليَهودِ وكيفَ كُنتُ أضْطَهِدُ كَنيسةَ الله بِلا رَحمَةٍ وأُحاوِلُ تَدميرَها
14-
وأفوقُ أكثرَ أبناءِ جِيلي مِنْ بَني قَومي في دِيانَةِ اليَهودِ وفي الغَيرَةِ الشَّديدَةِ على تَقاليدِ آبائي.
15-
ولكِنَ الله بِنِعمَتِهِ اَختارَني وأنا في بَطنِ أُمِّي فدَعاني إلى خِدمَتِهِ.
16-
وعِندَما شاءَ أنْ يُعلِنَ اَبنَهُ فيَّ لأُبشِّرَ بِه بَينَ الأُمَمِ، ما اَستَشَرتُ بَشَرًا
17-
ولا صَعِدتُ إلى أُورُشليمَ لأرى الذينَ كانوا رُسُلاً قَبلي، بل ذَهَبتُ على الفَورِ إلى بلادِ العَرَبِ ومِنها عُدتُ إلى دِمَشقَ.
18-
وبَعدَ ثلاثِ سَنواتٍ صَعِدتُ إلى أُورُشليمَ لأرى بُطرُسَ، فأقَمتُ عِندَهُ خَمسةَ عشَرَ يومًا،
19-
وما رَأَيتُ غَيرَهُ مِنَ الرُّسُلِ سِوى يَعقوبَ أخي الرَّبِّ.
2
0-
ويَشهَدُ الله أنِّي لا أكذِبُ في هذا الذي أكتبُ بِه إلَيكُم.
2
1-
ثُمَ سافَرتُ إلى بلادِ سورِيَّةَ وكيليكيَّةَ، 22وما كُنتُ مَعروفَ الوَجهِ عِندَ كنائِسِ المَسيحِ في اليَهودِيَّةِ،
2
2-
وإنَّما سَمِعوا أنَّ «الذي كان يَضطَهدُنا هوَ الآنَ يُبَشِّرُ بالإيمانِ الذي كانَ يُريدُ أنْ يُدَمِّرَهُ«،
2
3-
فمَجَّدوا الله مِنْ أجلي.


رسالة غلاطية
- فصل 2

بولس والرسل في أورشليم

1- وبَعدَ أربعَ عَشرَةَ سنَةً، صَعِدْتُ ثانِيَةً إلى أُورُشليمَ معَ بَرنابا وأخَذتُ مَعي تِيطُسَ،
2-
وكانَ صُعودي إلَيها بِوَحْيٍ. وعَرَضتُ على كِبارِ المُؤمِنينَ دُونَ غَيرِهِم، البِشارَةَ التي أُعلِنُها بَينَ الأُمَمِ، لِئَلاّ يكونَ سَعيي في الماضي والحاضِرِ باطِلاً.
3-
فَما أجبَروا رَفيقي تيطُسَ، وهوَ يونانيًّ، على الاختِتانِ،
4-
معَ أنَّ إخوَةً دُخَلاءَ كَذّابـينَ دَسُّوا أنفُسَهُم بَينَنا لِيَتَجَسَّسوا الحُرِّيَّةَ التي لنا في المَسيحِ يَسوعَ، فيَستَعبِدونا.
5-
وما اَستَسْلَمْنا لهُم خاضِعينَ ولَو لَحظَةً، حتى نُحافِظَ على صِحَّةِ البِشارَةِ كما عَرَفتُموها.
6-
أمَّا الذينَ كانوا يُعتَبَرونَ مِنْ كبارِ المُؤمنينَ -ولا فَرقَ عِندي ما كانَت علَيهِ مكانتُهُم لأنَّ الله لا يُحابي أحدًا فما أضافوا شيئًا،
7-
بَل رأَوا أنَّ الله عَهِدَ إليَ في تَبشيرِ غَيرِ اليَهودِ كما عَهِدَ إلى بُطرُسَ في تَبشيرِ اليَهودِ،
8-
لأنَّ الذي جعَلَ بُطرُسَ رَسولاً لِليَهودِ، جعَلَني أنا رَسولاً لِغَيرِ اليَهودِ،
9-
ولمَّا عَرَفَ يَعقوبُ وبُطرُسُ ويوحنَّا، وهُم بِمكانَةِ عُمَداءِ الكنيسَةِ، ما وهَبَني الله مِنْ نِعمَةٍ، مَدُّوا إليَ وإلى بَرنابا يَمينَ الاتِّفاقِ على أنْ نَتوجَّهَ نَحنُ إلى غَيرِ اليَهودِ وهُم إلى اليَهودِ.
10-
وكُلُّ ما طَلَبوهُ مِنَّا أنْ نتَذكَّرَ الفُقَراءَ، وهذا ما بَذَلتُ في سَبيلِهِ كُلَ جَهدٍ.

بولس وبطرس في أنطاكية

11- وعِندَما جاءَ بُطرُسُ إلى أنطاكِيَةَ، قاوَمْتُه وجهًا لِوَجهٍ لأنَّهُ كانَ يَستحِقُّ اللَّومَ.
12-
فقَبْلَ أنْ يَجيءَ قَومٌ مِنْ عِندِ يَعقوبَ، كانَ بُطرُسُ يأكُلُ معَ غَيرِ اليَهودِ. فلمَّا وصَلوا تَجنَّبَهُم واَنفَصَلَ عَنهُم خَوفًا مِنْ دُعاةِ الخِتانِ.
13-
وجاراهُ سائِرُ اليَهودِ في ريائِهِ، حتى إنَّ بَرنابا نَفسَهُ اَنقادَ إلى رِيائِهِم.
14-
فلمَّا رَأيتُ أنَّهُم لا يَسيرونَ سِيرَةً مُستقيمَةً معَ حَقيقةِ البِشارَةِ، قُلتُ لِبُطرُسَ بِمَحضَرٍ مِنهُم كُلِّهِم: «إذا كُنتَ أنتَ اليَهوديُّ تعيشُ كغَيرِ اليَهودِ لا كاليَهودِ، فكيفَ تُلزِمُ غَيرَ اليَهودِ أنْ يَعيشوا كاليَهودِ؟«

الجميع يخلصون بالإيمان

15- نَحنُ يَهودٌ بالوِلادَةِ لا مِنَ الأُمَمِ الخاطِئينَ كما يُقالُ لهُم.
16-
ولكنَّنا نَعرِفُ أنَّ الله لا يُبرِّرُ الإنسانَ لأنَّهُ يَعمَلُ بأحكامِ الشَّريعَةِ، بَل لأنَّهُ يُؤمِنُ بيَسوعَ المَسيحِ. ولذلِكَ آمَنا بِالمَسيحِ يَسوعَ ليُبرِّرَنا الإيمانُ بِالمَسيحِ، لا العَمَلُ بأحكامِ الشَّريعَةِ. فالإنسانُ لا يتَبَرَّرُ لِعمَلِهِ بأحكامِ الشَّريعَةِ.
17-
فإنْ كُنا ونَحنُ نَسعى إلى التَبَرُّرِ في المَسيحِ وُجِدنا أيضًا مِنَ الخاطِئينَ، فهَلْ يَعني هذا أنَّ المَسيحَ يَعمَلُ لِلخَطيئَةِ؟ كلاَ.
18-
ولكنِّي إذا عُدتُ إلى بِناءِ ما هَدَمتُهُ، جَعَلتُ مِنْ نَفسي مُخالِفًا لِلشَّريعَةِ،
19-
لأنِّي بالشَّريعَةِ مُتُّ عَنِ الشَّريعَةِ لأحيا لله.
2
0-
معَ المَسيحِ صُلِبتُ، فما أنا أحيا بَعدُ، بَل المَسيحُ يَحيا فـيَّ. وإذا كُنتُ أحيا الآنَ في الجَسَدِ. فحَياتي هِيَ في الإيمانِ باَبنِ الله الذي أحبَّني وضَحَّى بِنَفسِهِ مِنْ أجلي.
2
1-
فكيفَ أكفرُ بِنِعمَةِ الله؟ ولَو كانَ الإنسانُ يَتبَرَّرُ بالشَّريعَةِ، لكانَ موتُ المَسيحِ عَبَثًا؟


رسالة غلاطية
- فصل 3

الشريعة أم الإيمان

1- أيُّها الغَلاطِيُّونَ الأغبِياءُ! مَنِ الذي سحَرَ عُقولَكُم، أنتُمُ الذينَ اَرتَسَمَ المَسيحُ أمامَ عُيونِهِم مَصلوبًا؟
2-
أسألُكُم سُؤالاً واحدًا: هَلْ نِلتُم رُوحَ الله لأنَّكُم تَعْمَلونَ بأحكامِ الشَّريعَةِ، أمْ لأَنَّكُم تُؤمنونَ بالبِشارَةِ؟
3-
هَل وصَلَتْ بِكُمُ الغَباوَةُ إلى هذا الحَدِّ؟ أتَنتَهونَ بالجَسَدِ بَعدَما بَدَأْتُم بالرُّوحِ؟
4-
أكانَت تَجارِبُكم عَبَثًا؟ وكيفَ تكونُ عبَثًا؟
5-
هَلِ الذي يهَبُكُمُ الرُّوحَ القُدُسَ ويَعمَلُ المُعجِزاتِ بَينَكم يَفعَلُ هذا لأنَّكُم تَعمَلونَ بأحكامِ الشَّريعَةِ، أمْ لأنَّكُم تُؤمِنونَ بالبِشارَةِ؟
6-
هكذا «آمَنَ إبراهيمُ بالله، فبَرَّرَهُ الله لإيمانِهِ«.
7-
إذًا، فأهلُ الإيمانِ هُمْ أبناءُ إبراهيمَ الحَقيقيّونَ.
8-
ورأى الكِتابُ بِسابقِ عِلمِه إنَّ الله سيُبَرِّرُ غَيرَ اليَهودِ بالإيمانِ، فبَشَّرَ إبراهيمَ قائِلاً لَه: «فيكَ يُبارِكُ الله جميعَ الأُمَمِ«.
9-
لذلِكَ فأهلُ الإيمانِ مُبارَكونَ معَ إبراهيمَ المُؤمِنِ.
10-
أمَّا الذينَ يَتَّكِلونَ على العمَلِ بِأحكامِ الشَّريعَةِ، فهُمْ مَلعونونَ جميعًا. فالكِتابُ يَقولُ: «مَلعونِ مَنْ لا يُثابِرُ على العَمَلِ بِكُلِّ ما جاءَ في كِتابِ الشَّريعَةِ! «
11-
وواضِحٌ أنَّ ما مِنْ أحَدٍ يَتبرَّرُ عِندَ الله بالشَّريعَةِ، لأنَّ «البارَ بالإيمانِ يَحيا«،
12-
ولكِنَ الشَّريعَةَ لا تَقومُ على الإيمانِ، لأنَّ «كُلَ مَنْ عَمِلَ بِهذِهِ الوَصايا يَحيا بِها«.
13-
والمَسيحُ حَرَّرَنا مِنْ لَعنَةِ الشَّريعَةِ بأنْ صارَ لَعنةً مِنْ أجلِنا، فالكِتابُ يَقولُ: «مَلعونِ كُلُّ مَنْ ماتَ مُعَلَّقًا على خشَبَةٍ«.
14-
وهذا ما فعَلَهُ المَسيحُ لِتَصيرَ فيهِ بَركَةُ إبراهيمَ إلى غَيرِ اليَهودِ، فنَنالُ بالإيمانِ الرُوحَ المَوعودَ بهِ.

الشريعة والوعد

15- خُذوا، أيُّها الإخوَةُ، مَثلاً بَشَريُا: لا يَقدِرُ أحدٌ أن يُبطِلَ عَهدَ إنسانٍ أو يَزيدَ علَيهِ إذا كانَ ثابِتًا،
16-
فكيفَ بِوَعدِ الله لإبراهيمَ ولِنَسلِهِ؟ هوَ لا يَقولُ: «لأنسالِهِ« بِصيغَةِ الجَمعِ، بَل «لِنَسلِهِ« بِصيغَةِ المُفرَدِ، أي المَسيحِ.
17-
وما أُريدُ أنْ أقولَهُ هوَ أنَّ الشَّريعَةَ التي جاءَت بَعدَ مُرورِ أربَعمِئةٍ وثَلاثينَ سنَةً لا تَقدِرُ أنْ تَنقُضَ عَهدًا أثبَتَهُ الله، فتَجعَلَ الوَعدَ بُطْلاً.
18-
فإذا كانَ ميراثُ الله يَستَنِدُ إلى الشَّريعَةِ، فهوَ لا يكونُ وَعدًا، ولكِنَ الله أنعَمَ بِالميراثِ على إبراهيمَ بِوَعدٍ.

غاية الشريعة

19- فلِماذا الشَّريعَةُ، إذًا؟ إنَّها أُضيفَت مِنْ أجلِ المَعاصي إلى أنْ يَجيءَ النَّسلُ الذي جعَلَ الله لَه الوَعدَ. أعْلَنَتْها الملائِكةُ على يَدِ وسيطٍ،
2
0-
والوَسيطُ يَفتَرِضُ أكثرَ مِنْ واحدٍ. والله واحدٌ.
21-
فهَلْ تُخالِفُ الشَّريعَةُ وُعودَ الله؟ كلاّ! فلَو أعطى الله شَريعَةً قادِرَةً أنْ تُحيي، لكانَ التَّبريرُ حقُا يَتِمُّ بالشَّريعَةِ.
2
2-
ولكِنَ الكِتابَ حَبَسَ كُلَ شيءٍ تَحتَ سُلطانِ الخَطيئَةِ، حتى يَنالَ المُؤمِنونَ الوَعدَ لإيمانِهِم بِيَسوعَ المَسيحِ.
2
3-
فقَبلَ أنْ يَجيءَ الإيمانُ، كُنا مَحبوسينَ بِحِراسَةِ الشَّريعَةِ إلى أنْ يَنكشِفَ الإيمانُ المُنتَظَرُ.
2
4-
فالشَّريعَةُ كانَت مُؤدِّبًا لنا إلى أنْ يَجيءَ المَسيحُ حتى نَتبَرَّرَ بالإيمانِ.
2
5-
فلمَّا جاءَ الإيمانُ، تحَرَّرْنا مِنْ حِراسَةِ المُؤَدِّبِ.
2
6-
فأنتُم كُلُّكُم أبناءُ الله بالإيمانِ بِالمَسيحِ يَسوعَ،
2
7-
لأنَّكُم تعَمَّدتُم جميعًا في المَسيحِ فلَبِستُم المَسيحَ،
2
8-
ولا فَرقَ الآنَ بَينَ يَهودِيٍّ وغيرِ يَهودِيٍّ، بَينَ عَبدٍ وحُرٍّ، بَينَ رَجُلٍ واَمرأةٍ، فأنتُم كُلُّكُم واحدٌ في المَسيحِ يَسوعَ.
2
9-
فإذا كُنتُم لِلمَسيحِ فأنتُم، إذًا، نَسلُ إبراهيمَ ولكمُ الميراثُ حسَبَ الوَعدِ.


رسالة غلاطية
- فصل 4

نحن أبناء الله

1- أُتابِعُ كلامي فأقولُ إنَّ الوارِثَ لا فَرقَ بَينَهُ وبَينَ العَبدِ ما دامَ قاصِرًا، معَ أنَّهُ صاحِبُ المالِ كُلِّهِ.
2-
لكنَّهُ يَبقى في حُكمِ الأوصِياءِ والوُكلاءِ إلى الوَقتِ الذي حَدَّدَهُ أبوهُ.
3-
وهكذا كانَت حالُنا: فحينَ كُنا قاصِرينَ، كُنا عَبيدًا لِقِوى الكَونِ الأوَّلـيَّةِ.
4-
فلمَّا تمَ الزَّمانُ، أرسَلَ الله اَبنَهُ مَولودًا لاَمرَأةٍ، وعاشَ في حُكمِ الشَّريعَةِ،
5-
ليفتَدِيَ الذينَ هُم في حُكمِ الشَّريعَةِ، حتى نَصيرَ نَحنُ أبناءَ الله.
6-
والدَّليلُ على أنَّكُم أبناؤُهُ هوَ أنَّهُ أرسَلَ رُوحَ اَبنِهِ إلى قُلوبِنا هاتِفًا: «أبي، يا أبي«.
7-
فَما أنتَ بَعدَ الآنَ عَبدٌ، بَل اَبنِ، وإذا كُنتَ اَبنًا فأنتَ وارِثٌ بِفَضلِ الله.

قلق بولس على الغلاطيين

8- وحينَ كُنتُم تَجهَلونَ الله، كنتُم عَبيدًا لآلِهَةٍ، ما هِيَ بالحقيقةِ آلهَةِ.
9-
أمَّا الآنَ، بَعدَما عَرَفتُم الله، بَل عَرَفَكُمُ الله، فكيفَ تَعودونَ إلى عِبادَةِ قِوى الكَونِ الأوَّليَّةِ الضَّعيفَةِ الحَقيرَةِ وتُريدونَ أنْ تَعودوا عبيدًا لها كما كُنتُم مِنْ قَبلُ؟
10-
تُراعونَ الأيامَ والشُّهورَ والفُصولَ والسِّنينَ!
11-
أخافُ أنْ أكونَ تعِبتُ عبَثًا مِنْ أجلِكُم.
12-
فأُناشِدُكُم أيُّها الإخوةُ أنْ تَصيروا مِثلي، لأنِّي صِرتُ مِثلَكم. ما أسأتُم إليَ،
13-
بَل تَعرِفونَ أنِّي كُنتُ مَريضًا عِندَما بَشَّرتُكُم أوَّلَ مرَّةٍ،
14-
وكانَت حالَتي الجسَدِيَّةُ مِحنَةً لكُم، فما اَحتَقرتُموني ولا كَرِهتُموني، بَل قَبِلتُموني كأنِّي مَلاكُ الله، بَلِ المَسيحُ يَسوعُ.
15-
فأينَ ذلِكَ الفَرَحُ؟ أنا أشهَدُ أنَّهُ، لَو أمكَنَ الأمرُ، لكنتُم تَقتَلِعونَ عُيونَكُم وتُعطوني إيّاها.
16-
فهَلْ صِرتُ الآنَ عَدُوُا لكُم لأنِّي قُلتُ لكُم الحَقَ؟
17-
وإذا كانَ الآخرونَ يَغارونَ علَيكُم، فغَيرتُهُم لا صِدقَ فيها. فهُم يُريدونَ أنْ يَفصِلوكم عنِّي لِتَغاروا علَيهِم.
18-
ما أحسَنَ الغَيرَةَ إذا كانَت عَنْ حُسنِ نِـيَّةٍ. ويَصدُقُ هذا دائِمًا، لا عِندَ حُضوري بَينَكُم فَقط.
19-
فيا أبنائي الذينَ أتَوَجَّعُ بِهِم مرَّةً أُخرى في مِثلِ وجَعِ الوِلادَةِ حتى تَتكوَّنَ فيهِم صورَةُ المَسيحِ،
2
0-
كم أتمنـى لَو كُنتُ عِندَكم الآنَ لأُغيِّرَ لَهجَتي، لأنِّي تَحيَّرتُ في أمرِكُم.

مَثَلُ هاجرَ وسارة

21- قولوا لي، أنتُمُ الذينَ يُريدونَ أنْ يكونوا في حُكمِ الشَّريعَةِ: أما تَسمَعونَ الشَّريعَةَ؟
2
2-
يقولُ الكِتابُ: كانَ لإبراهيمَ اَبنانِ، أحَدُهُما مِنَ الجارِيَةِ والآخرُ مِنَ الحُرَّةِ.
2
3-
أمَّا الذي مِنَ الجارِيَةِ فوُلِدَ حسَبَ الجسَدِ، وأمَّا الذي مِنَ الحُرَّةِ فوُلِدَ بِفَضلِ وَعدِ الله.
2
4-
وفي ذلِكَ رَمزٌ، لأنَّ هاتَينِ المَرأتَينِ تُمَثِّلانِ العَهدَينِ. فإحداهُما هاجَرُ مِنْ جبَلِ سيناءَ تلِدُ لِلعُبودِيَّةِ،
2
5-
وجبَلُ سيناءَ في بِلادِ العَرَبِ، وهاجَرُ تَعني أُورُشليمَ الحاضِرةَ التي هِيَ وبَنوها في العُبودِيَّةِ.
2
6-
أمَّا أُورُشليمُ السَّماوِيَّةُ فَحُرَّةِ وهِـيَ أُمُّنا،
2
7-
فالكِتابُ يَقولُ: إفرَحي أيَّتُها العاقِرُ التي لا وَلَدَ لَها. إهتِفي وتَهَلَّلي أيَّتُها التي ما عَرَفَت آلامَ الوِلادَةِ! فأبناءُ المَهجورَةِ أكثرُ عَدَدًا مِنْ أبناءِ التي لها زَوجٌ«.
2
8-
فأنتُم، يا إخوَتي، أبناءُ الوَعدِ مِثلُ إسحقَ.
2
9-
وكما كانَ المَولودُ بِحُكمِ الجسَدِ يَضطَهِدُ المَولودَ بِحُكُمِ الرُّوحِ، فكذلِكَ هيَ الحالُ اليومَ.
30-
ولكِنْ ماذا يَقولُ الكِتابُ؟ يَقولُ: «اَطرُدِ الجارِيَةَ واَبنَها، لأنَّ اَبنَ الجارِيَةِ لنْ يَرِثَ معَ اَبنِ الحُرَّةِ«.
31-
فما نَحنُ إذًا، يا إخوَتي، أبناءُ الجارِيَةِ، بَل أبناءُ الحُرَّةِ.


رسالة غلاطية
- فصل 5

الحريّة المسيحية

1- فالمَسيحُ حَرَّرَنا لِنكونَ أحرارًا. فاَثبُتوا، إذًا، ولا تَعودوا إلى نِيرِ العُبودِيَّةِ.
2-
فأنا بولُسُ أقولُ لكُم: إذا اَخْتَتَنتُم، فلا يُفيدُكمُ المَسيحُ شيئًا.
3-
وأشهَدُ مَرَّةً أُخرى لِكُلِّ مَنْ يَختَتِنُ بِأنَّهُ مُلزَمٌ أنْ يَعمَلَ بأحكامِ الشَّريعَةِ كُلِّها.
4-
والذينَ مِنكُم يَطلُبونَ أنْ يَتَبَرَّروا بالشَّريعَةِ، يَقطَعونَ كُلَ صِلَةٍ لهُم بالمَسيحِ ويَسقُطونَ عَنِ النِّعمَةِ.
5-
أمَّا نَحنُ، فنَنتَظِرُ على رَجاءِ أنْ يُبرِّرَنا الله بالإيمانِ بقُدرَةِ الرُّوحِ.
6-
فَفي المَسيحِ يَسوعَ لا الخِتانُ ولا عَدَمُهُ يَنفَعُ شيئًا، بَلِ الإيمانُ العامِلُ بالمحبَةِ.
7-
كُنتُم في سَيْرِكُم على ما يُرامُ، فمَنْ صَدَّكُم ورَدَّكُم عَنْ طاعَةِ الحقِّ؟
8-
ما كانَ هذا الإغراءُ مِنَ الذي دَعاكُم.
9-
قليلٌ مِنَ الخَميرِ يُخمِّرُ العَجينَ كُلَّهُ.
10-
ولي ثِقَةِ بِكُم في الرَّبِّ أنَّكُم لَنْ تَقبَلوا رأيًا آخرَ. وكُلُّ مَنْ يُوقِـعُ البَلبَلَةَ بَينَكُم سيَنالُ عِقابَهُ، أيُا كانَ.
11-
وأنا، أيُّها الإخوَةُ لَو كُنتُ أدعو إلى الخِتانِ، فلِماذا أُعاني الاضطهادَ إلى اليومِ، أما كانَ يَزولُ العائِقُ الذي في الصَّليبِ؟
12-
لَيتَ الذينَ يُوقِعونَ البَلبَلَةَ بَينَكُم يَقطَعونَ هُم أعضاءَهُم!
13-
فأنتُم، يا إخوَتي، دَعاكُمُ الله لتَكونوا أحرارًا، ولكِنْ لا تَجعَلوا هذِهِ الحُرِيَّةَ حُجَّةً لإرضاءِ شَهَواتِ الجسَدِ، بَل اَخدُموا بَعضُكُم بَعضًا بِالمَحبَّةِ.
14-
فالشَّريعَةُ كُلُّها تكتَمِلُ وَصيةٍ واحدةٍ: «أَحِبَ قَريبَكَ مِثلَما تُحِبُّ نَفسَكَ«.
15-
أمَّا إذا كُنتُم تَنهَشونَ وتَأكُلونَ بَعضُكُم بَعضًا، فاَنتَبِهوا أنْ لا يُفني واحِدُكُمُ الآخرَ.

الروح والجسد

16- وأقولُ لكُم: اَسلُكوا في الرُّوحِ ولا تُشبِعوا شَهوَةَ الجَسَدِ.
17-
فما يَشتَهيهِ الجَسَدُ يُناقِضُ الرُّوحَ، وما يَشتَهيهِ الرُّوحُ يُناقِضُ الجَسَدَ. كُلًّ مِنهُما يُقاوِمُ الآخَرَ لِئَلاّ تَعمَلوا ما تُريدونَ.
18-
فإذا كانَ الرُّوحُ يَقودُكُم، فَما أنتُم في حُكمِ الشَّريعَةِ.
19-
وأمَّا أعمالُ الجَسَدِ فهِيَ ظاهِرَةِ: الزِّنى والدَّعارَةُ والفجورُ
2
0-
وعِبادَةُ الأوثانِ والسِّحرُ والعَداوَةُ والشِّقاقُ والغَيرَةُ والغَضَبُ والدَّسُّ والخِصامُ والتَّحزبُ
2
1-
والحسَدُ والسِّكرُ والعَربدةُ وما أشبَهُ. وأُنبِّهُكمُ الآنَ، كما نَبَّهْتُكمُ مِنْ قَبلُ، أنَّ الذينَ يَعمَلونَ هذِهِ الأعمالَ لا يَرِثونَ مَلكوتَ الله.
2
2-
أمَّا ثمَرُ الرُّوحِ فهوَ المَحبَّةُ والفَرَحُ والسَّلامُ والصَّبرُ واللُطفُ والصَّلاحُ والأمانَةُ
2
3-
والوَداعَةُ والعَفافُ. وما مِنْ شَريعَةٍ تنهى عَنْ هذِهِ الأشياءِ.
2
4-
والذينَ هُم لِلمَسيحِ يَسوعَ صلَبوا جَسَدَهُم بِكُلِّ ما فيهِ مِنْ أهواءٍ وشَهواتٍ.
2
5-
فإذا كُنا نَحيا بالرُّوح، فعلَينا أنْ نَسلُكَ طريقَ الرُّوحِ،
2
6-
فلا نَتكبَّرُ ولا يَتَحدَّى ولا يَحسُدُ بَعضُنا بَعضًا.


رسالة غلاطية
- فصل 6

وصايا أخيرة

1- يا إخوَتي، إنْ وقَعَ أحَدُكُم في خَطأٍ، فأقيموهُ أنتُمُ الرُوحيّينَ بِرُوحِ الوَداعَةِ. واَنتَبِهْ لِنَفسِكَ لِئَلاّ تَتَعَرَّضَ أنتَ أيضًا لِلتَّجرِبَةِ.
2-
ساعِدوا بَعضُكُم بَعضًا في حَملِ أثقالِكُم، وبِهذا تُتمِّمونَ العمَلَ بِشريعَةِ المَسيحِ.
3-
ومَنْ ظنَ أنَّهُ شيءٌ، وهوَ في الحقيقَةِ لا شيءَ، خَدَعَ نَفسَهُ.
4-
فلْيُحاسِب كُلُّ واحدٍ نَفسَهُ على عَمَلِهِ، فيكونُ اَفتِخارُهُ بِما عَمِلَهُ هوَ لا بِما عَمِلَهُ غَيرُهُ،
5-
لأنَّ على كُلِّ واحدٍ أنْ يَحمِلَ حِملَهُ.
6-
ومَنْ يتَعَلَّمُ كلامَ الله، فلْيُشارِكْ مُعَلِّمَهُ في جميعِ خَيراتِهِ.
7-
لا تَخدَعوا أنفُسَكم: هوَ الله لا يُستَهزَأُ بِه، وما يَزرَعُهُ الإنسانُ فإياهُ يَحصُدُ:
8-
فمَنْ زَرَعَ في الجَسَدِ حصَدَ مِنَ الجَسَدِ الفَسادَ، ومَنْ زَرَعَ في الرُّوحِ حَصَدَ مِنَ الرُّوحِ الحياةَ الأبدِيَّةَ.
9-
ولا نَيأَس _في عَمَلِ الخَيرِ، فإنْ كُنا لا نَتَراخى جاءَ الحَصادُ في أَوانِهِ.
10-
وما دامَت لنا الفُرصَةُ، فَلْنُحسِنْ إلى جميعِ الناسِ، وخُصوصًا إخوتِنا في الإيمانِ.

الخاتمة

11- اَنظُروا ما أكبَرَ الحُروفَ التي أخُطُّها لكُم بِيَدي.
12-
هَؤُلاءِ الذينَ يُريدونَ التَّفاخُرَ بِظاهِرِ الجَسَدِ هُمُ الذينَ يَفرِضونَ علَيكُمُ الخِتانَ، وما غايَتُهُم إلاّ التَّهَرُّب مِنَ الاضطِهادِ في سَبيلِ صَليبِ المَسيحِ،
13-
لأنَّ الذينَ يُمارِسونَ الخِتانَ هُمْ أنفُسُهُم لا يَعمَلونَ بأحكامِ الشَّريعَةِ، ولكنَّهُم يُريدونَ أنْ تَختَتِنوا ليُفاخِروا بِجسَدِكُم.
14-
أمَّا أنا فلَنْ أُفاخرَ إلاّ بِصَليبِ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ. بِه صارَ العالَمُ مَصلوبًا بِالنسبَةِ إليَ، وصِرتُ أنا مَصلوبًا بِالنسبَةِ إلى العالَمِ.
15-
فلا الخِتانُ ولا عدَمُهُ يَنفَعُ الإنسانَ، بَلِ الذي يَنفَعُهُ أنْ يكونَ خَليقَةً جَديدَةً.
16-
والسَّلامُ والرَّحمةُ على الذينَ يَسلُكونَ هذا السَّبيلَ، وعلى إِسرائيلِ الله.
17-
فلا يُزْعِجْني أحدٌ بَعدَ الآنَ، لأنِّي أحمِلُ في جَسَدي سِماتِ يَسوعَ.
18-
ولتكنْ معَ رُوحِكُم، أيُّها الإخوةُ، نِعمَةُ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ. آمين.