الطوباوي الأخ إسطفان نعمة
الراهب الماروني اللبناني

الاساس

الفصل الأوّل: في البيت الوالديّ

   

الطوباوي الأخ إسطفان
مختصر حياة وصلاة
إعداد الأب حنّا اسكندر

 
  مقدمة
 
  الفصل الأوّل: في البيت الوالديّ
  الفصل الثاني: جهود الحياة
  الفصل الثالث: وفاته
 
  خاتمة
 
  زيّاح الطوباوي إسطفان
 
 
معمودية يسوع العائلة المقدسة


 

1-    عائلة مقدسة

ولد الطوباويّ الأخ إسطفان نعمة في 7 أذار عام 1889 في لحفد، فدعي باسم يوسف. نال سرّ العماد في 15 أذار 1889. والداه هما: اسطفان بوهيكل نعمة وخريستينا نعمة. وإخوته هم: نعمةالله وسركيس وهيكل، وأختاه هما: توفيقة وكريستينا. وهو أصغرهم.

كان الوالد إسطفان يعلم أنّ العائلة البشريّة على الأرض هيّ صورة عن العائلة الإلهيّة في السماء. ويدرك أنّ العائلة هي التي تنقل محبّة الله وكلمته عبر الأجيال. فكلّ عائلة هي عائلة مقدّسة لأنّها صورة الله الثالوث القدّوس. لذا كان من عادة الوالد أن يجمع العائلة كلّ مساء فيتلون معا صلاة المسبحة وطلبة العذراء والزيّاح.

والوالدة خريستينا تشرح للعائلة التعاليم الدينيّة والاخلاقيّة. وهي أيضا كانت تعلم أنّ العائلة هي الأساس في مشروع الربّ الخلاصيّ. وتعرف أنّه بتدمير العائلة تتزعزع أساسات مشروع الله. وكلّ قوى الشرّ موجِّهة كلّ شرّها لتدمير العائلة لأنّ العائلة صورة عن الله. وهكذا يعلّمنا الكاتب الملهم في بدء سفر التكوين، يقول: "خلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرا وأنثى "أبا وأمّا" خلقهم وباركهم". ومن بدء التكوين هذا الكون، منذ الخطيئة الأولى والشرّ يركّز على تدمير العائلة، أساس مشروع الله.

وكاهن الرعيّة لا يملّ من تحريض المؤمنين: صونوا عائلاتكم واحفظوها من كيد الشرّير بحضور الله فيها. صونوها واحفظوها بالصلاة والحوار، بالتفاهم والغفران، بالصدق والأمانة، والأهمّ بالإصغاء. أصغوا بعضكم لبعض بآذانكم وعيونكم وقلوبكم وأفواهكم وراحات أكفّ أيديكم، وأبعدوا هدير ضجيج العالم عن بيوتكم، لأنّه مثل العاصفة الهوجاء والموج العاتي، عندما يدخل إلى البيت يجرف كلّ شيء ويفرّق الكلّ. حافظوا على دفء العائلة، لأنّ دفء العالم كلّه لا يقدر أن يعوّضه.

2-    مدرسة مجّانيّة

تعلّم يوسف مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ومبادئ التعليم المسيحيّ، في مدرسة الضيعة تحت الأشجار الموجودة قرب كنيسة مار إسطفان. كان يشترك في القدّاس الإلهيّ كلّ صباح بخشوع ويحسن قراءة الرسائل. وكلّ مساء يسرع إلى كنيسة مار إسطفان ليشارك المؤمنين الكبار والصغار في الصلاة الجمهوريّة والخورسيّة - لأنّ الموارنة كانوا يحسنون اللغة السريانيّة فيشاركون الكهنة في صلاة الخورس. وعندما كبر ذهب أرسله والداه إلى مدرسة سيّدة النعم في سقي رشميّا، التي أسّسها الأب عمانوئيل الجاجي عام 1899، وهناك تعرّف مباشرة إلى بعض رهبان الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة. وكان، في البيت والمدرسة والكنيسة، ليّن العريكة، صافي الطويّة، عاقلا مهذّبا، يطيع بسرعة أوامر والديه ويحترم إخوته وكل من هو أكبر منه سنّا. وما خرجت مرّة من فمه أيّ كلمة سباب أو تجديف.

 

 

3-    بين حقل ومعبد

اعتاد يوسف أن يرعى مواشي أهله مع رفاقه، في حقل مار سابا، حيث كان أغلب الاحيان يترك مواشيه ترعى، أو يقيلها تحت سنديانة، ثمّ يدخل ليصلّي ويختلي بربّه، في معبد قديم على اسم القدّيس سابا. إنّه ولد نشيط في العمل، محبّ الانفراد والصلاة، ويحمل دوما في جيبه كتاب صلاة حتّى وهو في الحقول.

4-    رفيق الطفولة

شهد أحد رفاقه من الصغر قال: كنت في الصغر أسرح أنا وإيّاه لنرعى المواشي، فكان يطربني بأحاديثه الشيّقة، ويخبرني بأخبار الشهداء، لاسيّما الرهبان، وكنت أشعر كأنّي برفقة راهب، يردّد دائما: الله يراني! الله يراني! كنّا نصلي في معبد مار سابا، ونزيّنه بالزهور، وخصوصا يوم عيده المبارك. هناك في هذا المعبد القديم، كان يحلّق في أجواء التأمّلات، التي جعلته ينفرد تاركا العالم الى الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، منبت القدّيسين والقدّيسات.

5-    في معترك الحياة

لمّا كبر يوسف، تابع العمل في بيته الوالدي، وهو يعمل ويكدّ مع والده وإخوته في عزق الكروم وحرث الأرض. عاش مثالا صالحا لرفاقه الشباب، بالطاعة لوالديه، ولإخوته الأكبر منه، وبمواظبته على القدّاس في كلّ صباح وعلى إتمام واجباته الدينيّة بكلّ تدقيق ونشاط.

6-    وفاة الوالد

تُوفّي والده وهو في الخامسة عشرة من عمره. فاستمرّ يساعد إخوته في أعمال الحقل، وهو ذو بنية قويّة. وبعد العمل كان يلزم البيت رافضا الذهاب إلى السهرات والاجتماعات الليليّة، ولا يأوي إلى فراشه إلاّ بعد أن ينهي صلاته الطويلة.

7-    نبع الغرير

شاهد يوما في الحقل حيوانا يدعى بالـ"غُرَيْر"، وقد دخل تحت صخرة، فلحق حالا به وأمسكه؛ ووجد أنّ هناك ماء داخلي فأخرجه، وهذا ما يدعى اليوم بـ"نبع الغرير"، الذي حوّل محيطه جنّة غناء، والمؤمنون يعتبرونه من ذاك الحين ماء مباركا.

 
 
 

pure software code