القدّيس نعمةالله كسّاب
الحرديني، كما شهد معاصروه،
إعداد الأب حنّا اسكندر الراهب اللبناني، كتاب بثلاثة فصول. يقع في 85 صفحة
من الحجم الكبير.
أوّل المشوار
عنوان الفصل الأوّل، جهود الحياة عنوان الفصل الثاني، طريق المجد،
عنوان الفصل الثالث. عناوين ثلاثة تلقي ضوءً ساطعا على حياة نعمةالله كسّاب
الحرديني منذ ولادته 1808 حتّى إعلانه مكرّما في 28\12\1981، فطوباويّا في
10\5\1998، فقدّيسا في 16\5\2004.
الفصل الأوّل:
خبر عن ولادته في حردين في بيت عائلة مقدّسة يليه إعلان عن ذهابه إلى
المدرسة في تنّورين مسقط رأس والدته، واعتناقه الحياة الرهبانيّة، وسيامته
كاهنا في دير مار قبريانوس كفيفان في 25\12\1835. ويطلع القارئ في هذا
الفصل على المناصب التي شغلها في الرهبنة: معلّم، أستاذ لاهوت، مدير
الإخوة، مدبّر عام، وكيل دير. وما يجد ذكره أن الحرديني، طيلة هذه الفترة
من حياته تحمّل مسؤوليّاته بأعلى درجة من الخلقيّة الرهبانيّة والالتزام
الكهنوتي.
الفصل الثاني:
تعداد لصفاته وفضائله ونهج حياته بإيجاز كلّي:
كان الحرديني معتدل القامة،
جميل التكوين جسديّا. محبّا، فطنا، قنوعا... سليم العقل، قويّ الإرادة،
عفيفا، رزينا في مشيته وحركاته وحديثه، مطرقا متأمّلا. أمّا نهج حياته
فيظهر أنّه يتحاشى الاجتماعات واللقاءات في شتّى المناسبات. وإذا ما اضطر
إلى المشاركة في تجمّع، سرعان ما كان يغادر دون أن ينظر نظرة واحدة إلى ما
هو حوله... وتظهر بعض عناوين الفصل الثاني أنّه كان فقيرا، عفيفا، مطيعا،
متواضعا، فرحا، محبّا، على إيمان راسخ، ورجاء كبير، وإنّها لصفات المؤمنين
القدّيسين.
الفصل الثالث:
وخلاصة ما جاء فيه كلام على أيّام الحرديني الأخيرة. عن مرضه وعن وفاته في
قلايته حيث فاحت رائحة سماويّة... ذكيّة... دامت فيها أيّاما. وعقب وفاته
علّق البطرك بولس مسعد قائلا: بالحقيقة إنّ هذا الراهب عرف أن يعيش راهبا.
وتبع هذا الكلام شهادات تقول:
كان نورا، يختلف عن النور الاعتيادي، يتلألأ فوق المقبرة، المدفون فيها
جثمان الأب نعمةالله، دلالة على قداسته. وينتهي الفصل بذكر شفاءات، تكاد لا
تحصى.
حصلت بشفاعته، لدى كل الأمم في
لبنان وسوريا، مسيحيين ومسلمين، هذه الشفاءات؛ علاوة على أحداث غير مألوفة
جرت على يد الراهب نعمةالله استحقت له لاحقا التطويب والتقديس.
خاتمة الكتاب لائحة بالشهود
والأصول والمراجع.
إنّ كتاب القدّيس نعمةالله
كسّاب الحرديني ...كما شهد معاصروه، كتاب روحي للتأمّل والرجوع إلى
الذات من منطلق الإيمان والرجاء والمحبّة. يلقي أضواء على قدّيس، منارة من
منارات تاريخنا الماروني. تاريخ جماعة آمنت بالربّ، واعتصمت برضاه، وتعلّقت
بقدّيسيه وبكنيسته.
في هذا الكتاب، دعوة لنا نحن
الموارنة، إلى التعرّف على تراثنا البعيد والقريب. وتراثنا القريب الملتصق
بنا، ما زلنا نعيش تجلّياته: إنّه تراث شربل رفقا والحرديني والأخ إسطفان
نعمة والبطرك إسطفان الدويهي، وسواهم ممّن هم كبار في حكم الله العلي
العليم، وفي حياة بنيهم، وبني بنيهم، من الموارنة الذين لا يزالون على
القيم والتراث يقيمون.
إنّه كتاب سهل فهمه، أقرب ما
يكون أسلوبا ومحتوى إلى النمط الشعبي، في الكتابة والقراءة والتصديق وأخذ
بما ورد فيه. إنّه كتاب جدير بالقراءة ترغب فيه نفوس عطشى إلى الارتواء من
مياه الحياة الإنجيليّة. البشرى السعيدة للمتطلّعين إلى ما وراء خيرات
الدنيا وقيمها وأمجادها. إنّه ليس بكتاب إبداع وابتكار وفكر جديد، بل هو
كتاب تجميع معلومات ووقائع وحقائق، وتبويبها، وعرضها مضاءة بقناعات
إيمانيّة تقويّة، هدفها دعوة القارئ إلى تبنّي أنماط تفكير وعيش من سبقونا
من أسلافنا على دروب القداسة، بهدى منه تعالى.
للأب حنّا اسكندر الراهب
اللبناني، الرسول في الأقاصي الشماليّة من الوطن، من دير سيّدة القلعة،
منجز، عكار، تقديرنا وتشجيعنا. وللقرّاء، ندعو، إلى أن ينهلوا من هذا
الكتاب، ما فيه من خيرهم الروحي والأخلاقي والإنساني: خبز مودّة، وعيش
وئام، وسلوك أخوّة، وحياة سلام، وتطلّعا إلى الكمال والقداسة على خطى
نعمةالله كسّاب الحرديني.
كفرحي في 20 تشرين الثاني 2008
المطران بولس أميل سعاده،
راعي أبرشيّة البترون
المارونيّة
|
من
مقدّمة هذا الكتاب لسيادة المطران بولس أميل سعاده، راعي
أبرشيّة البترون المارونيّة |
|
كانت عائلة الحرديني، عائلة
مقدسة، على مثال عائلة الناصرة: والدان صالحان أرضعا أولادهما التقوى مع
الحليب، فزرعا بذور القداسة في قلوب أولادهما، فكان من بيهنم: أنطونيوس
كاهن متزوّج قدّيس، وأليشاع حبيس عامل مصلٍّ قدّيس، ومسيحيّة راهبة مصليّة
حبيسة، ونعمةالله قدّيس على مذابح الكنيسة.
ساهم الحرديني في قيادة سفينة
الرهبانيّة نحو ميناء الأمان، ولو تمزّق قلبه بسبب انشقاقها في آخر
حياته... عمل لتوحيدها بعد مماته؛ كما كان من مجدّدي مدرسة القداسة في
الرهبانيّة التي لمع فيها القدّيس شربل، لذا أصبح الحرديني:
بطل حريّة:
عاش الحرّية بالروح القدس: "إن ثبتّم في كلامي تعرفون الحقّ، والحقّ
يحرّركم" (يو 8/
32-33)
لذا لم يكن قلبه متعلّقا إلاّ
بالله، لا يهمّه إلاّ مجد الله؛ لا يحابي أحدا، ولا يهاب غير الحقّ، ولا
يخاف في أمور الحقّ أحدا؛ فما كان يهمّه، لا رضى الكبار، ولا غضبهم. كان
قويّ الإرادة، لا يستهويه مديح ولا يغيّره ذمّ. ولم يكن يتزلّف للرؤساء
طمعا بوظيفة، بل أقنعوه بالمدبّريّة أنّ في ذلك رغبة الرؤساء.
واحة سلام:
حصل على سلام الابن "سلامي أعطيكم" (يو 14\27)
لذا
كان يحتمل صابرا
البلايا والأتعاب سواء كانت جسديّة أم روحيّة؛ كما صبر على المقاومات
والأحزان والمصائب العامّة والخاصّة، فلم يكن يظهر عليه حزن ولا غمّ
بسببها، بل كان على حالة واحدة، مسلِّما للمشيئة الإلهيّة، في كلّها.
واجتهد في زرع السلام في قلوب كثيرين، وسط عصر مضطرب سياسيّا ورهبانيّا.
أنشودة فرح:
حصل على السعادة من قلب الآب،
فكان لطيفا بأخلاقه بشوشا؛
يقدّس فرحانا، مبتهجا؛ وكلّ من يحضر قدّاسه، كان يرى السرور طافحا على
وجهه؛ وكان لمّا يلفظ كلمات القدّاس، يشعر الناس بأنّه ملتذّ جدّا بما
يقول، كمن يأكل طعاما سماويّا. وكانت على وجهه علامات الفرح بصورة دائمة.
قربان حبّ:
لقد شغف نعمةالله بالله المحبّة،
فكان حبّه له حارّا وتعلّق
قلبه به شديدا؛ لم يكن قلبه ليأنس إلاّ أمام حبيبه القربان المقدّس، فكان
غائبا عن الحس في محبّة الله. كان يحبّ الرهبان بالتساوي: قاسيا على ذاته،
شفوقا على إخوانه. وكان بليغ الغيرة على خلاص القريب، فما تأخّر عن الموت
في سبيل خدمته حبّا لله، ويعطي الفقراء صدقة حسب ما يسمح له، ولو ممّا يوضع
أمامه للأكل؛ كما كان يستعمل هذه الرحمة مع الخطأة في إرشادهم والصلاة
لأجلهم.
هذا الكتاب هو "كتاب تجميع
معلومات ووقائع وحقائق، سهل فهمه؛ كتاب روحي للتأمّل والرجوع إلى الذات،
جدير بالقراءة، ترغب فيه نفوس عطشى إلى الارتواء من مياه الحياة
الإنجيليّة؛ وندعو القرّاء إلى الكمال والقداسة على خطى نعمةالله كسّاب
الحرديني".
|
توضيح
كتابُنا هذا يَستَندُ بشَكْلٍ
أَساسيّ، إلى مخطوطات ووثائق
نشر أكثرها،
لكنّنا لم نتّبع الطريقة نفسها في النشر، بسبب التَكرار المُملّ فيها، وعدم
تَرْتيبها في سَرْد الأَحْداث والمواضيع،
لذ
اقتبسنا منها كُلِّها بدقَّة
بالغَة، وجمعنا في نَصٍّ واحد مُوَحَّد، وفي قصَّة مُشْترَكَة ذَكَرَها
الشُهود وكرَّرها كُلٌّ على حِدَة. وقد استَعَنّا بأُصُول ومَراجِع أُخرى
لمَلء فراغٍ، وتَوْضيح نُقْطَة مُعَيَّنَة. وفضَّلْنا سرد الأحداث من مختلف
مصادرها، دون نقد أو تحليل أو تعليق، إلاّ نادرا.
وقد رتّبنا الشهادات كما يلي:
الفصل الأوّل: سرد شبه تاريخيّ
لأحداث طفولة الحرديني وما رافقها، حتّى دخوله الرهبنة وسيامته الكهنوتيّة،
وأوضاع الرهبانية، وتسلّمه المسؤوليّة في السلطة العامّة في الرهبنة.
الفصل الثاني: سرد 22 موضوع من
حياة القدّيس نعمةالله، وفي كلّ منها: تعريف للموضوع، حسب الشهود، ثمّ
روايات وأحداث تخصّ هذا الموضوع.
الفصل الثالث: سرد شبه تاريخيّ
لأيّامه الأخيرة، ونزاعه، ودفنه، والنور، وفتح القبر، والعجائب، ومسار دعوى
التطويب...
وذكرنا إسم الشاهد، في
الحاشية، في خاتمة شهادته. وحرصنا دوما، في كُلّ نقطة، أن نثبت، بإختصار،
الأصول والمراجع، وقد فصّلناها في آخر الكتاب.
ولتشابه حياة الحرديني بحياة
المسيح، وضعنا، أحيانا، بإزاء الحدث في حياة القدّيس نعمةالله، حدثاً من
الأناجيل، مع ذكر المرجع الإنجيليّ. وأحياناً وضعنا عنوانا إنجيليّاً، لحدث
ما في حياة الحرديني.
الأب حنّا
اسكندر ر. ل. م. -
دير
سيّدة القلعة- منجز- عكّار
في 14\12\2008
ذكرى
200
سنة لميلاد الحرديني،
و150 سنة لوفاته،
و10 سنوات لتطويبه
|