1- نمط حياته
عندنا بلدة تدعى أوميروس، ابتنى فيها ماريس الملهم
بيتًا صغيرًا ضيقًا، احتبس فيه ثلاثين سنة، فكان الجبل
القريب منه يجلب له الكثير من الرطوبة، وفي الشتاء ترشح
منه الماء فتغمره. المدنيون والقرويون يعرفون ما يجره ذلك من
أذى، فالأمراض التي يسببها للقرويين بادية للعين. ومع ذلك،
فإن هذه العقبات لم تحمل هذا الوجه الطاهر على تغيير
مسكنه، بل قاوم وقرّ فيه حتى بلغ
أجَلَه.
2-
عفّته
قضى
المرحلة الأولى
من حياته في ما تتطلب الفضيلة من جهود، فتسنى له أن
يحفظ طهارة نفسه وجسده.هذا ما كشفه لي هو بنفسه، عندما
أخبرني أن جسده ما زال بكرًا، وانه على ما خرج من أحشاء أمه.
ويظهر ذلك، وهو شاب، فكان يسحر الجموع بعذوبة صوته، في جميع
احتفالات الأعياد التي يكرم فيها الشهداء، وقد أمّن
الترنيم الطقسي مدة طويلة وهو في سني شبابه. ومع ذلك، فلا
جمال جسمه، ولا نبرة صوته، ولا علاقاته مع الناس، لطّخت
جمال نفسه. وقد بلغ ذروة الفضيلة، بما أتاه في عزلته من
إماتات.
3- فضائله
الأخرى
من حظّي اني ترددت عليه كثيرًا، فكان يفك الحصار عن
بابه، ويعانقني متى دخلت، ثم يسترسل في حديث طويل عن
الحكمة. كان يمتاز ببساطته، ويكره، أشد الكره، الأساليب
المعقدة، ويفضل الفقر على الثروات الطائلة، فعاش تسعين عامًا وهو
يلبس عباءة من شعر الماعز، وطعامه قليل من الخبز
والملح.
4- شوقه الى القربان
المقدس
منذ
زمن بعيد، كان يتشوق الى الذبيحة الروحية والسرية، فطلب أن
تقام عنده الذبيحة الالهية. وافقت عن طيبة خاطر، لأن
المكان لم يكن بعيدًا، فحملت الكؤوس المقدسة، وقدمت ذبيحة
السلام الالهية، على أيدي الشمامسة، بدلاً من المذبح.
وفيما هو طافح فرحًا روحيًا، كان يؤمن بأنه يرى السماء عينها،
ويعلن بأنه لم يشعر قط بمثل هذا
الحبور.
أما انا، وقد أحبني أشد الحب، فأعتقد أنني ألحق به
اهانة، ان لم امتدحه بعد موته. وارتكب اهانة بحق الآخرين
أيضًا، إذ لم أقترح اتباع هذه الحكمة الممتازة. والآن،
بعد ان توسلت مساعدته، أنهي قصتي. |