الطوباوي الأب يعقوب حداد الكبّوشيّ الغزيريّ
1875 - 1954

         Return   

Free Programming Courses On Line  -  www.puresoftwarecode.com

 

هذه هي وصيّتي أن يحبّ بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم      -    ابونا يعقوب

 
 
 

أبونا يعقوب
 
 
 
 
     
     
 

   المكرّم "أبونا يعقوب" في انتظار التطويب   

   مراحل الدعوى: جرت دعوى التطويب على ثلاث مراحل رئيسيّة:

1.   الدعوى الأسقفيّة:
إفتُتحت في 17/9/1960 وتأسّست بموجبها محكمة كنسيّة استمعت إلى الشهود وتفحّصت الوثائق والكتابات.

2.   الدعوى الحبريّة:
 إفتُتحت في 28/11/1979. أعادت التدقيق بوقائع الدعوى الأولى واستمعت إلى شهود جدد مع وثائق إضافيّة. وانتهت هذه المرحلة بإعلان بطولة الفضائل.
 
بطلب من الكرسيّ الرسوليّ، نُقلت رفات "أبونا يعقوب"، في الثلاثين من شهر تشرين الأوّل سنة 1982، إلى كنيسة سيّدة البحر، مهد الجمعيّة، التي أصبحت مزارًا يؤمّه المؤمنون للتبرّك والصلاة، وطلب الشفاعة، على رجاء إعلان تطويبه ثمّ قداسته.

3.   الإعلان الحبريّ:
 بتاريخ 21/12/1992، أعلن قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني "أبونا يعقوب" مكرَّمًا بانتظار  أعجوبة واحدة تحصل بشفاعته، تتفحّصها محكمة جديدة لدراسة صحّتها

 
     
     
 
 

     حياة الطوباوي الجديد الأب يعقوب الكبوشي

 الاب صلاح هادى خدور

ولادته ونسبه

ولد خليل "المكرم الأب يعقوب" في الاول من شباط سنة 1875 في بلدة غزير ( لبنان)

والده بطرس صالح الحداد والدته شمس يواكيم الحداد ، وهما والدان صالحان يتحليان بروح التقوى والفضائل .

يقول الأب يعقوب

علمتني امي أن اعمل كل شي واحتمل كل شي حبا بالله؟.

يابني في ساعات الشدة صل بمسبحة امك العذراء مريم. ايماني ايمان بطرس.

وعلمني ابي الواقعية وصواب الرأي مع حب النكتة البريئة وشيئاً من تصلب الارادة .

نشأته

قَبِلَ خليل سر العماذ في كنيسة سيدة الحبشية في 21 شباط 1875، ونشأ في بلدة غزير، يتعلم في مدرسة الرعية / مار فرنسيس ، ثم انتقل الى مدرسة القديس لويس المعروفة بمدرسة المزار، ليلتحق فيما بعد بمدرسة الحكمة في بيروت متخرجا سنة 1891.

كان طالبا ذكيا متفوقا بارزا في تقواه وتعبده للعذراء مريم .

سافر الى الاسكندرية سنة 1892 مزاولا التعليم ، كي يَعِينَ والديه على تربية اخوته، فكان معلما ناجحا يغذى طلابه بالفضيلة والمعرفة، وشابا تقيا عاكفا على العبادة والتامل في حياة المسيح.

وهناك سمع صوت الدعوة ليهجر العالم ويحمل الصليب ويتبع المسيح قال: " ساصير كاهنا "

ثم عاد بعده الى غزير ، وراح يجاهد بالسيرة والروح والصلاة ليقنع اباه بطرس بدعوته الرهبانية الكبوشية الى ان تحققت له امنيته ، ودخل دير مار انطانيوس خشباو للاباء الكبوشيين في الخامس والعشرين من آب سنة 1893يذكر انه قال في حينها:" دخلت طيب وما بِظهَر الا ميت".

لبث في الطالبية الكبوشية ثمانية اشهر عاملاً في جنينة الدير ، متمثلا بيسوع فتى الناصرة. مُبدياً الميل الى الحياة الرهبانية ومايترتب عليها من فقر وعفة وطاعة ، مبرهنا عن دعوة صافية للترهب ،ممتلئا بحب الخدمة والصلاة .

مرحلة الابتداء

دخل مرحلة الابتداء الرهباني في دير مار انطونيوس خشباو ، ليتعلم طريق السلوك الرهباني وما تستلزمه الحياة الرهبانية من فضائل وكمال ، وفي السادس والعشرين من اذار 1894البسه رئيس الدير ثوب الابتداء متخذا له اسم الاخ يعقوب. عاش الاخ يعقوب الحداد الكبوشي طريق الابتداء ، بكل قناعة ومثالية ، فكان قدوة صالحة في جميع تصرفاته ، مستسلما للعناية الالهية ، متجاوبا مع ارادة المسؤولين عنه بطاعة  وفرح واناة ولطف ودماثة خُلق متمثلا بالقول الالهي:" مامن احد يضع يده على المحراث ويلتفت الى الوراء يصلح لملكوت السماوات" ( لوقا 9/62). وكان كلما شعر بشدة او ضيق يلجأ الى الصليب ، متمثلا بقداسة ابيه مار فرنسيس الاسيزى، ومستنيرا بفضائله  ، فيزداد ارتياحا الى الحياة الرهبانية، حياة الصليب والقداسة . قبل النذور اقترع الرهبان بالاجماع على اهلية الاخ يعقوب وفي الرابع والعشرين من نيسان 1895، ابرز النذر البسيط ، وبعد ثلاث سنوات ابرز النذر المؤبد في الرابع والعشرين من نيسان 1898 .

 كهنوته

انتقل الاخ يعقوب الى دير القرية اتماما لدروسه الكهنوتية ، التي كان قد بدأها في دير مار انطونيوس خشباو ، منتظرا يوم سيامته كاهنا ، تائقا الى النهار الذى يقدم فيه الذبيحة الالهية للمرة الاولى كما يقول:" اعطني يالهي ان اقدم ولو ذبيحة واحدة ، وبعده اذا شئت ان تأخذني اليك فأكون مُعزّى ومسرورا" .

إقتبل بعد الرسامة الرسائلية سنة 1899، درجة الشماسية الانجلية سنة 1900 وفي اول تشرين الثاني سنة 1901 رقاه المونسنيور دوفال الدومنيكي الفرنسي، القاصد الرسولي في لبنان وسوريا الى درجة الكهنوت، واقام قداسه الاول في كنيسة مار لويس في بيروت (باب ادريس).

ثم شخص الى بلدته غزير ليحتفل بقداسه الثاني على مذبح دير مار فرنسيس ، تعزية لوالديه واخوته وابناء بلدته .

رسول الشعب

اقام الأب يعقوب في دير بيروت وراح يعمل بجد ونشاط وغيرة رسولية وثابتة ، فنال اعجاب رئيسه لما راى فيه من جهاد حيٍّ في خدمة الرب ، فوجهه الى اعمال الرسالة ، فشرع ينشي المدارس الابتدائية للصبيان والبنات في قرى لبنان منتقيا لها المعلمين الصالحين  الجديرين بهذه الرسالة الشريفة .

كان الأب يعقوب يتعهد بنفسه مدارسه، يزورها مشيا على قدميه متفقدا شوؤنها، غير مبال  بالتعب والعناء والمشقة. وكانت غيريته الابوية الرسولية تدفعه الى العناية باعداد الاحداث للمناولة الاولى فيشرف بنفسه على تعليمهم لقبول القربان الاقدس. وقد شهد معاصروه على أنه كان يقيم المهرجانات الروحية  والتطوافات المقدسة بالقربان المقدس او بايقونة العذراء ويأخذ طلابه في زيارات حج الى معابد العذراء وخاصة معبد سيدة لبنان .

ومع المشاريع المدرسية  انشاء الرهبنة الثالثة للرجال والنساء تيمنا بابيه القديس فرنسيس الاسيزى، ونشر مبادئها ونظامها في المدن والقرى سنة 1906، وكان يوهب اعضاءها بالرياضات الروحية، والوعظ والارشاد ويزورهم مشيا من قرية الى قرية ، ليلتقي بالأعضاء ويحرضهم على ان يكونوا مثالا صالحا بالسيرة والسلوك والصلاة .

وهذا ما أمّنَ للرهبانية الثالثة الانتشار والديمومة والاستمرار كان يريدهم رسلا جددا في كنيسة المسيح وخميرة في عجين المجتمع

اما اليوم فمازالت هذه الرهبانية تنتشر في القرى والمدن يسهر عليها مؤسسها بقداسته وصلواته، ويدير شوؤنها نخبة من العلمانيين الذين عرفوا بالتقوى والصلاة والوفاء ، ويسهر عليها الاخوة الكبوشيين .

لم يقتصر الهم الرسولي عند الأب يعقوب الكبوشي على بلاده وحسب بل تعداه الى فلسطين والشام وبغداد ، وكانت جوارحه تحن الى التبرك بزيارة الاماكن المقدسة في فرنسا وايطاليا فسهّل له روساؤه امنيته وسافر الى فرنسا، ثم الى روما حيث حظي بمقابلة قداسة الحبر الاعظم مار بيوس العاشر سنة 1910.

سنة 1914 اشتعلت الحرب العالمية الاولى، فاضطر رفاقه الكهنة الفرنسيون الى مغادرة لبنان ، ففوض اليه رئيسه الاب جيروم كل امور الرسالة ومن ضمنها رعاية اديرة الراهبات الاوربيات على الصعيدين الروحي والمادى .

تعرض الأب يعقوب خلال تلك الحرب، لأهوال مميتة وأخطار شريرة، إلا ان يد الرب كانت معه ترد عنه المكايد والمخاطر وتنقذه من ايدي الشر.

رسول الرحمة في مملكة الصليب

في غمرة اعماله المتواصلة واتعابه الدائمة ، راود الراهب التقي الأب يعقوب حلم رفع صليب جبار على احدى التلال ، لانه رأى ما دهى لبنان في الحرب الاولى من كوارث ومآسٍ، وقد مات عشرات الالوف من ابنائه جوعا وشنقا ونفيا ، دون ان يقم الصليب على قبورهم، ليصبح هذا المشروع مكانا لتجمع الثالثيين وللصلاة على نية كل الذين ماتوا اثناء الحرب للصلاة على نية المغتربين.

في اطار تفتيشه عن مكان لرفع الصليب لفتت انظاره رابية في جبل الديب وكان المكان يدعى بتلة الجن، فاشتراها بعد طول عناء في25-8-1919 واقبل على تحقيق المشروع متكلا على عناية الله وفلس الارملة. انتظر الأب يعقوب زيارة الرئيس العام للكبوشيين. الاب جوزيف رسيستو لوضع الحجر الاساس ومباركته وكان ذلك بتاريخ 19-8-1921 وارتفع البناء وانتهت الكنيسة اولا، ثم كُرست على اسم سيدة البحر وتم تدشينها في 3-5-1923 بوجود عدد كبير من الثالثيين. وقد وضع تمثال للسيدة العذراء حاملة الطفل يسوع ، وعلى قدميها مركب مسافرين. واخيرا رفع في الجهة الغربية للكنيسة صليب كبير فتحقق الحلم ، حلم الأب يعقوب .

كان مؤمنا بان الكاهن هو سفير الله على الارض ووزيره . لذلك وبعد التدشين استقبل في 4-10-1926 اول كاهن وجده مهملا ومتروكا في احد  المستشفيات، لينهي حياته بكرامةٍ في الصلاة والقداسة ، وإستقبل فيما بعد كهنة آخرين، ومرضى ومقعدين من اديان ومذاهب مختلفة. ولما ضاق بهم المكان، فتح لهم مراكز اخرى خاصة باولئك الكهنة المرضى، فبدأ مشروعه الكبير، متكلا على العناية الالهية، مع مجموعة صغيرة من الفتيات الثالثيات عهد بتنشئتهن الى الراهبات الفرنسيسكانيات، لتصبحن فيما بعد جمعية راهبات الصليب الفرنسيسكانيات اللبنانيات .  

الأب يعقوب ورجال لبنان

ان اشغاله العمرانية الكثيرة جعلته على اتصال بالحكومات المتسلسلة ، وبرجالات لبنان . وقد زار دير الصليب اكثر من شخصية مسوؤلة من بينهم ؛ الرئيس اميل اده الذى منحه وسام الاستحقاق اللبناني ذا السعف في 5-1-1938 والرئيس بشارة الخوري الذي منحه وسام الاستحقاق اللبناني المُذهَّب في 2-6-1949، واتبعه في 26-11-1951 بوسام الارز اللبناني برتبة ضابط، والرئيس كميل شمعون منحه لدى وفاته وسام الارز المذهب في حزيران 1954 اما هو فكان يقول:" انا وسامي الصليب".

وكرمه رجال وشخصيات كثيرة وكبيرة ، هذا بالاضافة الى شهرتهِ العالمية اذ كتبت عنه صحف ايطاليا واسبانيا وكلها تغدق المديح والثناء على الاب المؤسس ومشاريعِهِ الانسانية الخيرية .

الأب يعقوب واليوبيل الذهبي الكهنوتي

سنة 1951، بلغ الأب يعقوب السنة الخمسين من ارتقائِهِ الى درجة الكهنوت المقدس 1901 وتحول في هذه السنة عينها دير الصليب من ماوى إلى مستشفى للامراض العقلية والنفسية ، إثر اعتراف الحكومة البنانية به رسميا ، فكان الاحتفال اليوبيلي مزدوجا مُنح خلاله وسام الارز اللبناني.

الأب يعقوب يُسلّم الامانة   

بعد هذا العمرالحافل بالجهاد المستمر الذي أودى بالأب يعقوب الى انحطاط جسدي، وتغلب عليه المرض، وعندما اخبروه بأن حالته الصحية متدهورة فرح كثيرا وقال اني ذاهب الى الاب السماوي، وقد قال للراهبة المهتمة به الأُم ماري لم يعد من الضروري ان تتبعيني ، اتركيني لأذهب للقاء ربي، وقد اعتبر موته انتقالاً من غرفة الى غرفة فقال اني سأنتقل الى السماء فلا تخافي إنني اوصيك بالراهبات، ثم بارك بناته الراهبات على مثال يسوع المسيح عندما صعد الى السماء وبارك تلاميذه. أما الأب يعقوب فقد اوصى الراهبات بالمحبة والطاعة .

وفي صبيحة السبت 26 حزيران 1954 قال بأنه آخر نهار من حياته ، وبعد النزاع وسط الدموع والصلوات والمدائح من قبل الراهبات أسلم روحه بين يدي العائلة المقدسة معانقا الصليب قائلا:" ياصليب الرب ياحبيب القلب". وكان ذلك في تمام الساعة الثالثة عصرا.

عاش الأب يعقوب ثمانين عاما مليئة بالحصاد ، وعابقة بالجهاد والفضائل وأسلم روحه بهدوء القديسين وراحتهم.

مأتمه   

ما أن انتشر خبر وفاته في لبنان والعالم حتى بكاه الجميع وزحفت الجماهير الى دير الصليب للتبرك بلثم يده الطاهرة ، ولرؤيته للمرة الاخيرة. وفي صباح يوم الاحد27 حزيران 1954، احتُفِلَ بالذبيحة الالهية، برئاسة ممثل الحبر الاعظم، السفير البابوي المونسنيور بلتراميي وحضر الجناز حشد كبير من الاساقفة والكهنة والرهبان والراهبات ووفود الرهبانية الثالثة والمؤمنين ورجال الدولة والمعالي وذوو المناصب الرفيعة وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى سيادة المطران بول تأبيناً رائعا عدّد فيه مناقب وشخصية الراحل الكبير، وانهالت البرقيات من جميع انحاء العالم ومن ضمنها برقية قداسة الحبر الاعظم البابا بيوس الثاني عشر ، وبرقية المغفور له البطريرك انطون عريضة وكل رجال الدولة وغيرهم كثيرون.

في 28 نيسان 1957 وبحضور جمعٍ كبير من المسؤلين الروحيين والزمنيين والمؤمنين ازيح الستار عن تمثال الراحل الأب يعقوب وسط مملكة المحبة، المدينة التي بنيت على جبل، ليبقى هو نبراسها ومنارتها ، ثم نقل سنة 1979 الى مدخل بلدة جل الديب .

مؤلفاته

لقد اهتم الأب يعقوب بالناحية الرسولية المكتوبة ، مؤمناً بأن الكلمة هي من مشاغله الكثيرة ومتطلبات مشاريعه الملحة فقد اعطى التاليف والكتابة وقتا ثمينا.

1-       مجلة صديق العائلة انشأها سنة 1913 واستمرت حتى سنة 1939، جُمِعَ منها ستةُ وعشرون مجلدا. عالج فيها شوؤن العائلة والكنيسة والوطن فضلا عن روايات تاريخية مبتكرة حافلة بالعبر والمواعظ.

2-       سيرة القديس فرنسيس الاسيزى 1922.

3-       كتاب التراتيل الدينية للنفوس المتعبدة سنة 1954 ط4 – 1992 ط5 / رواية بعنوان اسرار الميلاد 1909.

4-       كتيب يحوى على رياضتين لدرب الصليب يوم الجمعة العظيمة 25-3-1950

5-       رواية ارتفاع الصليب المقدس سنة 1951.

6-       وهناك حوالي 8000 صفحة مكتوبة بخط يده لم تجمع بعد في كتاب.

روحانيته

+ الاتكال على العناية حتى انه لُقب برجل العناية.

+ كان الصليب حلاوة قلبه ونبض انفاسه ، كان يدعو دائما الى التسلح به ، وكان يمارس رياضة درب الصليب كل يوم وفي نهار الجمعة العظيمة مع المؤمنين في ساحة الدير وقد جعلها من صلوات الراهبات القانونية .

+ كان يكرر قائلاً:" يا صليب الرب يا حبيب القلب" .

+ كان يبدأ نهاره بالتامل راكعا امام القربان المقدس ، الذى اعتبره مصدر قوته ونجاحه ،وقد تاق الى تكريمه مع المؤمنين وقد خاطب القربان قائلا:" كم افضل ان اطوف بك في الشوارع من أن أقفل عليك بيت القربان".

+ كان يقول للناس:" إن اكبر جرم عصرنا الابتعاد عن القربان ، بدون القربان كنيستنا فارغة باردة حزينة".

+ كان يُكرم العذراء مريم فهو رسول مريمي، واحبها حباً جماً فيقول:" ان العبادة لمريم مهما كانت مقدسة ليست سوى الباب المؤدي الى يسوع . مريم هي الواسطة، يسوع هو الغاية مريم هي الطريق . يسوع هوالبلد المقصود"... ويقول أيضاً :" إن أحسن واسطة لارشاد النساء هي ان نقدم لهن مريم العذراء للاقتداء بها، انها بتولٌ وامٌ".

+كان يتوج نهارهُ اكراماً لمريم العذراء بتلاوة المسبحة الوردية كاملة كل يوم. وبعد الوعظ كان يقضي ساعات متتالية في منبر الاعتراف ليغسل النفوس ويصالحها مع ابيها .

وصيته

كانت وصية الاب يعقوب لبناته راهبات الصليب قبل وفاته خلال اجتماع للرئيسات مع مجلسهن في 23 ايار 1954 في دير سيدة البير هذه:" يا بناتي، كيف اترككن، لا تخفن، إن الله هو معكن.

يا بناتي شرفن رهبنتكن باعمالكن، خُذن روح ابيكن واعطينها لاخواتكن.

لاهم لي الا انتن يا بناتي، الا تقديسكن. اريدكن كاملات لكي افرح بكن. احببن بعضكن بعضا. هذه هي وصيتي لكن.

هذا سر نجاحكن وثباتكن ان تكن متفقات وتسود المحبة بينكن . فلا يقدر احدعليكن ، اريد ان تُضحّي كل واحدة بحياتها في سبيل اختها"...

اعلان الأب يعقوب طوباويا في لبنان

في صباح يوم الاحد 22 حزيران 2008 في تمام  الساعة  الحادية عشر والنصف ، اعلن الاب يعقوب طوباويا من لبنان وذلك في قداس احتفالي اقيم في ساحة بيروت وسط اجراءات امنية مكثفة وقد ترأس الذبيحة الالهية رئيس مجمع دعاوى القديسين خوسه سارا إيفا مارتينيز ممثلا عن قداسة الحبر الاعظم البابا بندكتس السادس عشر.

وشارك في حفل التطويب أشخاص روحانيون ومدنيون ومن كافة الشرائح والملل والطوائف.

وتوافد الالاف من اللبنانيين منذ ساعات الصباح. كما وقد شارك في الاحتفال السيد رئيس الجمهورية العماد ميشيل سليمان وعقيلته السيدة وفاء ، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وعقيلته السيدة هدى.

وفي بداية الاحتفال ألقى الاب سليم رزق الله الكبوشي ملخص حياة الأب يعقوب وبعدها تلا الكردينال مارتينز الرسالة البابوية لاعلان الأب يعقوب طوباويا

 
 
 

    الطوباوي يعقوب حداد الكبوشي - من كتاب "المكرم يعقوب الكبوشي" للأب سليم رزق الله – 1994

ولد في الاول من شباط 1875 في غزير، هو خليل حداد، الولد الثالث من عائلة مؤلفة من 14 ولد عاش منهم 8.

أبوه بطرس صالح حداد. نموذج من رجال الجبل اللبناني. ماروني متديّن دون مبالغة، مشهور بروحه المرحة وسرعة خاطره. كان في طليعة من حارب المسونية حين تسرّبت إلى غزير.

أمّه شمس يواكيم حداد، همّها زوجها و بيتها وتربية اولادها. أخذ خليل عن أمه صوتها الحلو، تعبّدها للعذراء، تمسّكها القوي بالإيمان وحبّ الفقراء.

تعلّم في مدرسة مار فرنسيس الابتدائية، مدرسة المزار التكميلية وبعدها مدرسة الحكمة.

سافر إلى الاسكندرية للعمل. هناك دعاه الرب نهائياً لحياة الرهبنة بعد أن رأى راهباً مات منه الجسد فقال :  "أنا أيضا سأكون كاهنا مثل هذا"  وسمع أحاديث عن اخر ماتت فيه الروح فقال : "سأصيركاهنا لأعوض عن هذا".

دخل دير مار انطونيوس البادواني - خاشبو في 25 اب 1893، متخذاً اسم يعقوب و بانياً مع الرب العهد:  "لقد دخلت حيًا، و لن أخرج إلاّ ميتاً".

لبس الثوب في 26 اذار 1894. قام بنذوره الأولى في 14 نيسان 1895 وسيم كاهناً في 1 تشرين الأول 1901.

عُيّن سنة 1905 مديراً لمدارس الآباء الكبوشيين في لبنان، فاستحدَث فكرة إنشاء مدارس صغيرة.

كان موهوباً في تنظيم رحلات الحج، الزياحات والمناولات الأولى، التبشير والارشاد. و كان يُدعى للوعظ في سوريا، تركيا، العراق، فلسطين، الاردن...

هو أوّل من أقام قداس على قمة جبل صنين سنة 1912، مستمطراً البركات للبنان.

كان يمشي في الليل ليلحق بمراكز خدماته الكثيرة، قاطعاً المسافات وهو يصلي المسبحة أو ينظم الأناشيد الدينيّة.

كان يتقن الوعظ، يشدّد على التربية والأخلاق.

ترك أكثر من 8000 صفحة بين مذكّرات وكتب دينية وروايات وإرشاد وعظات.

كان رجل الصليب، رسوله وحبيبه. وكان متعبداً للعذراء.

أسّس سنة 1908 رهبنة مار فرنسيس للعلمانيين.

أصدر سنة 1913 مجلة شهرية "صديق العائلة".

أسّس سنة 1930جمعية راهبات الصليب.

خلال الحرب، نوى الحاكم العثماني به شراً وأراد الحكم عليه بالإعدام، لكنه غيّر رأيه حين رأى صدقه و براءته، فأبدى له كل الاحترام والإعجاب.

لاقام بنشاطات ومشاريع عديدة، منها:

-   مدرسة القديس فرنسيس- جل الديب (1919)، المعروفة اليوم باسم فال بار جاك - بقنّايا

-   سيدة الجبل- جل الديب(1921)، لتجمع الرهبنة الثالثة، وللصلاة عن نفوس شهداء الحرب ومن تغربوا بعيداً عن وطنهم

-         مستشفى الصليب - جل الديب (1926) للأمراض العقلية والنفسية

-         مستشفى راهبات الصليب- دير القمر(1933) للفتيات المعوقات

-         مستشفى السيّدة- أنطلياس (1946) للأمراض المزمنة

-         مستشفى مار يوسف - الدورة (1948)

-         دار يسوع الملك - ذوق مصبح (1950) للكهنة المرض والمسنين

-         دير سيدة البير - بقنّايا (1941)

في آخر سنين عمره، أصيب بمرض في كبده، بالعمى وسرطان الدم.

في صباح السبت 26 حزيران 1954 (غد يوم قلب يسوع)، و في تمام الساعة الثالثة (على مثال معلمه على صليب الجلجلة)، توفّاه الله و هو في ال80 من عمره، و شفتاه تتمتمان "يا صليب الربّ يا صليب القلب". و كانت حوله راهباته ال150 (على عدد حبات الورديّة التي تلاها في كنيسة البشارة في الناصرة حيث طلب شفاعة العذراء لراهباته).

مراحل دعوى التطويب:


 

-         الدعوى الأسقفية (1960- 1964)

-         الدعوى الحبرية (1979-1981 )

-         أعلنه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني مكرماً  1992

-         أعلنه الكردينال خوسه سارايفا مارتينس، باسم قداسة البابا بنديكتس السادس عشر، طوباويا في لبنان، للمرة الأولى خارج حاضرة الفاتيكان، في احتفال ديني وشعبي كبير في وسط بيروت في 22 حزيران 2008.

 

 من أقواله:

لا سماءَ إلاّ بالصليب، روحي وقلبي في الصليب".

"لبنان تكريمُ الصليب وديعةٌ

فلأنتَ كنتَ لحِفظِها المختارا

فارفعْ صليبَك فوقَ أرزِكَ فاخرا

فكفاك مجدا أن يكونَ شعارا"

صليبنا انتصر إفرحوا يا شعوب

قد علّمَ المصلوب سعادةَ البشر.

لا فخراً إلاّ بالصليب ينبوع نعمتنا العجيب. 

ليتنا عندَ النهوض من النوم ننظُر إلى الصليب بدل المرآة.

فرّحتَ قلبي يا أيها الصليبْ

صليبَ ربّي ومُنقذي العجيب.

يا صليب الربّ يا حبيب القلب.

كلّنا للصليبْ  للعُلى للسّما

كلّنا للحبيب لأمّه مريما.

إنّ اكبر صليب هو الخوف من الصليب.

موضوع المحبّة اثنان: الله والقريب.

وفي الواقع الموضوعُ واحد: أي الله وصورتُه.

حبّ يسوع لنا صادقٌ.

لأنّه ليس من الذين يأتون واضعين العسل على الشفّة

والسمّ في القلب.

 

الموتُ ولا العيشُ نصف مسيحي.

لا تُمسك الجريدة الرديئة إنّها تُسَوّدُ الأصابع،

وهكذا قراءتُها فهي تُسَوِّدُ عقول البشر وقلوبهم.

إنّ نشرَ الكتابة الجيّدة هو أهمُ عملٍ

وأنفعُه في الأيام الحاضرة.

 

الخطيئة هي عمل الإنسان

والإنسان عمل الله

أحبِبْ عمل الله

واكرَه عملَ الإنسان.

 

أكبر جُرْم في عصرِنا هوَ الإبتعاد عن القربان.

إزرعوا برشاناً تحصدوا قدّيسين.

"أنموا واكثروا" ملأت الأرض بشراً

وهذا هو جسدي "ملأت الأرضَ يسوعا

صنعَ القربان ليمكُث معنا.

تأكل الخبز فيقودُكَ إلى القبر،

تأكل جسد الربّ فيعطيكَ الحياة...

 

"إنّ سعادة الإنسان ليست في المال الذي يملكه بل في الخير الذي يصنعه.

الذهب ثمين، والوقت ثمين به نشتري الأبديّة.

والوقت لا عوَضَ له، كالماء الخارج من العين، لا يعودُ إليها."

 
 
 

   الاحتفال بتطويب المكرم يعقوب الحداد الكبوشي، رسول الصليب
 

في بيروت، وتحديداً في ساحة الشهداء، في ٢٢ يونيو ٢۰۰٨ خلال الاحتفال بالذبيحة الإلهية التي ترأسها رئيس المجمع الكاثوليكي لدعاوى القديسين، الكردينال خوسيه سارايفا مارتينز.

سنة ١٩٩٢، وقع يوحنا بولس الثاني المرسوم الذي اعتبرالأب يعقوب "مكرماً" بسبب بطولية فضائله الإنسانية والمسيحية، كما ذكر الأب طانيوس رزق، رئيس رهبنة الآباء الكبوشيين في الشرق الأوسط.

وسنة ١٩٩٨، جاء شفاء السيدة مريم قطان من مغدوشة، التي كانت مصابة بسرطان خبيث وعضال، ليمهد طريق تطويبه.

 ولادته ونسبه

وُلد خليل (الطوباوي "أبونا يعقوب") في أوّل شباط سنة ١٨٧٥، في بلدة غزير.
والده بطرس صالح الحدّاد، والدته شمس يواكيم الحدّاد، وهما والدان صالحان يتحلّيان بروح التقوى والفضائل المسيحيّة. يقول أبونا:

علّمتني أمّي:

" إعمل كلّ شيء واحتمل كلّ شيء حبًّا لله"؛
" يا ابني في ساعات الشدّة، صلِّ بمسبحة أمّكَ "؛
" إيماني إيمان بطرس ".

وعلّمني أبي:

الواقعيّة، وصواب الرأي مع حبّ النكتة البريئة وشيءٍ من تصلّب الإرادة...

قبلَ خليل سرّ العماد في كنيسة سيّدة الحبشيّة في الحادي والعشرين من شهر شباط سنة ١٨٧٥، ونشأ في بلدته غزير، يتعلّم في مدرسة الرعيّة – مار فرنسيس، ثمّ انتقل إلى مدرسة القدّيس لويس المعروفة بمدرسة المزار، ليلتحق، فيما بعد، بمدرسة الحكمة في بيروت، متخرّجا منها سنة ١٨٩١. وكان طالبًا ذكيًّا متفوّقًا بارزاً في تقواه وتعبّده للعذراء مريم.

سافر إلى الإسكندريّة سنة ١٨٩٢ مزاولاً التعليم، كي يُعين والديه على تربية إخوته، فكان معلّما ناجحا يغذّي طلاّبه بالفضيلة والمعرفة، وشابًّا تقيًّا عاكفا على العبادة والتأمّل في حياة المسيح. وهناك سمع صوت الدعوة ليهجر العالم ويحمل الصليب ويتبع المسيح. قال: "سأصير كاهنًا".

عاد إلى غزير، وراح يجاهد بالسيرة والرّوح والصلاة ليقنع أباه بطرس بدعوته الرّهبانيّة الكبّوشيّة إلى أن تحقّقت له أمنيته، ودخل دير مار أنطونيوس خشباو للآباء الكبّوشيّين في ٢٥ آب سنة ١٨٩٣. يُذكَر أنّه قال حينها: "دخلت طيِّب وما بضهر إلاّ ميِّت".

لبث في الطالبيّة الكبّوشيّة ثمانية أشهر عاملاً في جنينة الدير، متمثّلاً بيسوع فتى النّاصرة، مبديا الميل إلى الحياة الرّهبانيّة وما يترتّب عليها من فقر وعفّة وطاعة، مبرهنا عن دعوة صافية للترهّب، ممتلئا بحبّ الخدمة والصلاة.

مرحلة الابتداء

دخل مرحلة الابتداء الرّهبانيّ، وهو بعدُ في دير مار أنطونيوس خشباو، ليتعلّم طريق السلوك الرّهبانيّ وما تستلزمه الحياة الرّهبانيّة من فضائل وكمال. وفي السادس والعشرين من شهر آذار سنة ١٨٩٤، ألبسه رئيس الدير ثوب الابتداء متّخذًا له اسم الأخ يعقوب.

سار الأخ يعقوب الحدّاد الكبّوشيّ طريق الابتداء بكلّ قناعة ومثاليّة، فكان قدوة صالحة في جميع تصرّفاته، مستسلما للعناية الإلهيّة، متجاوبا مع إرادة المسؤولين عنه بطاعةٍ وفرحٍ وأناةٍ ودماثة خُلقٍ، متمثّلاً بالقول الإلهيّ: "ما مِن أحدٍ يضع يده على المحراث، ثمّ يلتفت إلى الوراء، يصلح لملكوت الله" (لو٩ : ٦٢). وكان، كلّما شعر بشدّة أو ضيق، يلجأ إلى الصليب، متمثّلاً بقداسة أبيه مار فرنسيس الأسيزيّ، ومستنيرًا بفضائله، فيزداد ارتياحًا إلى الحياة الرّهبانيّة، حياة الصليب والقداسة.>

إقترع الرّهبان بالاجماع على أهليّة الأخ يعقوب قبل النّذور. وفي الرّابع والعشرين من شهر نيسان سنة ١٨٩٥، أبرز النّذر البسيط؛ وبعد ثلاث سنوات، أبرز النّذر المؤبّد في اليوم الرابع والعشرين من نيسان سنة ١٨٩٨.

كهنوته

إنتقل الأخ يعقوب إلى دير القريّة إتماما لدروسه الكهنوتيّة، التي كان قد بدأها في دير مار أنطونيوس خشباو، منتظرًا يوم سيامته كاهنا، تائقا إلى النّهار الذي يقدّم فيه الذبيحة الإلهيّة للمرّة الأولى: "أعطني، يا إلهي، أن أقدّم ولو ذبيحة واحدة، وبعد إذا شئتَ أن تأخذني إليكَ فأكون معزًّى ومسرورًا".

إقتبل درجات الكهنوت شمّاسا رسائليا (١٨٩٩)، وشمّاسا إنجيليا (١٩۰۰)، وفي أوّل تشرين الثاني سنة ١٩۰١، رقّاه المونسنيور دوفال الدومينيكانيّ الفرنسيّ، القاصد الرّسوليّ في لبنان وسوريا، إلى درجة الكهنوت. وأقام قدّاسه الأوّل في كنيسة مار لويس في بيروت (باب ادريس).

شخَصَ إلى بلدته غزير ليحتفل بقدّاسه الثاني على مذبح دير مار فرنسيس، تعزيةً لوالدَيه وإخوته وأبناء بلدته.

رسول الشّعب

أقام "أبونا يعقوب" في دير بيروت، وراح يعمل بجدّ ونشاط وغيرة رسوليّة وثّابة، فنال إعجاب رئيسه لما رأى فيه من جهاد حيّ في خدمة الربّ، فوجّهه إلى أعمال الرّسالة، فشرع يُنشئ المدارس الابتدائيّة للصبيان والبنات في قرى لبنان منتقيا لها المعلّمين الصالحين الجديرين بهذه الرّسالة الشّريفة.

كان "أبونا يعقوب" يتعهّد بنفسه مدارسه، فيزورها مشيا على قدميه، متفقّدًا شؤونها، غير آبهٍ بالتعب والعناء والمشقّة. وكانت غيرته الأبويّة الرّسوليّة تدفعه إلى العناية بإعداد الأحداث للمناولة الأولى، فيشرف بنفسه على تعليمهم لقبول القربان الأقدس. وقد شهد معاصروه على أنّه كان يقيم المهرجانات الرّوحيّة والتطوافات المقدّسة بالقربان الأقدس أو بأيقونة العذراء، ويأخذ طلاّبه والثالثيّين في زيارات حجّ إلى معابد العذراء وبخاصّة معبد سيدة لبنان.

ومع المشاريع المدرسيّة أنشأ "أبونا يعقوب" "الرّهبانيّة الثّالثة" للرجال والنّساء، تيمّنًا بأبيه القدّيس فرنسيس الأسّيزي، ونشر مبادئها ونظامها في المدن والقرى سنة ١٩۰٦. وكان يؤهّب أعضاءها بالرياضات الرّوحيّة، والوعظ، والإرشاد، ويزورهم مشيا من قرية إلى قرية، ليلتقي بالأعضاء ويحرّضهم على أن يكونوا المثال الصالح بالسيرة والسلوك والصلاة، وهذا ما أمّن للرّهبانيّة الثالثة الانتشار والديمومة والاستمرار. كان يريدهم رسلاً جددًا في كنيسة المسيح، وخميرةً في عجين المجتمعات اللّبنانيّة...

أمّا اليوم فما زالت هذه الرّهبانيّة الثّالثة تنتشر في ضياعنا ومدننا، يسهر عليها مؤسّسها بقداسته وصلواته، ويدير شؤونها نخبة من العلمانيّين، الذين عُرفوا بالتّقوى والصّلاة والوفاء، ويسهر عليها الإخوة الكبّوشيّون.

لم يقتصر الهمّ الرّسولي عند "أبونا يعقوب" الكبّوشيّ على بلاده وحسب، بل تعدّاه إلى فلسطين والشام وبغداد، وكانت جوارحه تحنّ إلى التبرّك بزيارة الأماكن المقدّسة في فرنسا وإيطاليا، فسهّل له رؤساؤه أمنيته وسافر إلى فرنسا، ثمّ الى روما حيث حظي بمقابلة قداسة الحبر الأعظم البابا بيوس العاشر سنة ١٩١۰.

سنة ١٩١٤، اشتعلت الحرب العالميّة الأولى، فاضطرّ رفاقه الكهنة الفرنسيّون إلى مغادرة لبنان، ففوّض إليه رئيسه الأب جيروم كلّ أمور الرّسالة، ومن ضمنها رعاية أديرة الرَاهبات الأوروبيّات، على الصعيدَين الرّوحيّ والمادّيّ. تعرّض "أبونا يعقوب" خلال تلك الحرب، لأهوال مميتة وأخطار شرّيرة، إلاّ أنّ يد الرّب كانت معه تردّ عنه المكايد والمخاطر وتنقذه من أيدي الشرّ.

رسول الرّحمة في مملكة الصليب

في غمرة أعماله المتواصلة وأتعابه الدّائمة، راود "أبونا يعقوب" حلم رفع صليب جبّار على إحدى التلال، لأنّه رأى ما دهى لبنان في الحرب الأولى من كوارث ومآسٍ، وقد مات عشرات الألوف من أبنائه جوعاً وشنقا ونفيا، دون أن يُقام الصليب على قبورهم، ليُصبح هذا المشروع مكانًا لتجمّع الثالثيّين، للصلاة على نيّة كلّ الذين ماتوا أثناء الحرب وللصلاة على نيّة المغتربين.

في إطار تفتيشه عن مكان لرفع الصليب، لفتت أنظاره رابية في جلّ الديب، كانت تُدعى "تلّة الجنّ"، فاشتراها بعد طول عناء في ٢٥ آب سنة ١٩١٩، وأقبل على تحقيق المشرروع متّكلاً على عناية الله وفلس الأرملة. إنتظر "أبونا يعقوب" زيارة الرّئيس العامّ للكبّوشيّين، الأب جوزف برسيستو، لوضع الحجر الأساسيّ ومباركته، وكان ذلك بتاريخ ١٩ كانون الثاني سنة ١٩٢١. وارتفع البناء، وانتهت الكنيسة أوّلاً، فكُرّست على اسم سيّدة البحر، وتمّ تدشينها في ٣ أيّار سنة ١٩٢٣ بوجود عدد كبير من الثالثيّين. وقد وُضعَ تمثال للسيّدة العذراء حاملة الطّفل يسوع، وعلى قدميها مركب مسافرين. وأخيرًا رُفع من الجهة الغربيّة للكنيسة صليب كبير، فتحقّق الحلم، حلم "أبونا يعقوب".

كان مؤمنًا بأنّ الكاهن هو سفير الله على الأرض ووزيره. لذلك، وبعد التّدشين، استقبل في ٤ تشرين الأوّل سنة ١٩٢٦، أوّل كاهن وجده مهملاً ومتروكًا في أحد المستشفيات، لينهيَ حياته بكرامة في الصلاة والقداسة، وتبعه فيما بعد كهنة آخرون. ومرضى ومُقعَدون من أديان ومذاهب مختلفة. ولمّا ضاق بهم المكان، فتح لهم مراكز أخرى خاصّة بهم. يومها شعر أبونا يعقوب، في الصّميم، بالحاجة الماسّة إلى تأسيس جمعيّة رهبانيّة تُعنى خاصّةً بأولئك الكهنة والمرضى، فبدأ مشروعه الكبير، متّكلاً على العناية الإلهيّة، مع مجموعة صغيرة من الفتيات الثالثيّات، عهد بتنشئتهنّ إلى الراهبات الفرنسيسكانيّات اللونس لو سونيه، ليصبحن فيما بعد جمعيّة راهبات الصليب الفرنسيسكانيّات اللبنانيّات.

   
   

"أبونا يعقوب" ورجال لبنان

إنّ أشغاله العمرانيّة الكثيرة جعلته على اتّصال بالحكومات المتسلسلة وبرجالات لبنان. وقد زار دير الصليب أكثر من شخصيّة مسؤولة، منهم:

الرّئيس اميل ادّه، الذي منحه وسام الاستحقاق اللبنانيّ ذا السعف (في ٥ كانون الثاني ١٩٣٨)؛ والرّئيس بشارة الخوري الذي منحه وسام الاستحقاق اللبنانيّ المذهّب (في ٢ حزيران ١٩٤٩)، وأتبعه (في ٢٦ تشرين الثاني ١٩٥١) بوسام الأرز اللبنانيّ برتبة ضابط؛ والرّئيس كميل شمعون منحه لدى وفاته وسام الأرز المذهّب (في حزيران ١٩٥٤). أمّا هو فكان يقول: "أنا وِسامي الصليب".

ومثلما قدّره وكرّمه رؤساء الجمهوريّة، قدّره وساعده كبار الشخصيّات اللبنانيّة، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر دولة الرئيس سامي الصّلح، والوزير حكمت جنبلاط، والمير مجيد إرسلان، والرئيس عمر الداعوق... هذا بالإضافة إلى شهرة عالميّة إذ كتبت عنه صحف إيطاليا وإسبانيا، وكلّها تغدق المديح والثناء على الأب المؤسّس ومشاريعه الإنسانيّة الخيّرة.

"أبونا يعقوب" واليوبيل الذهبيّ الكهنوتيّ

سنة ١٩٥١، بلغ "أبونا يعقوب" السنة الخمسين من ارتقائه إلى درجة الكهنوت المقدّس (١٩۰١)، وتحوّل في هذه السنة عينها دير الصليب من مأوى إلى مستشفى للأمراض العقليّة والنّفسيّة، إثر اعتراف الحكومة اللبنانيّة به رسميًّا، فكان الاحتفال اليوبيليّ مزدوجًا، مُنح خلاله وسام الأرز اللبنانيّ.

"أبونا يعقوب" يسلّم الأمانة

بعد هذا العمر الحافل بالجهاد المستمرّ، انتهى "أبونا يعقوب" إلى انحطاط جسديّ، غالَبَ فيه المرض وقلّة النظر. وعندما أنبأه صديقه الأب دوبري لاتور حقيقة وضعه الصحيّ، فرح وابتهج لأنّه ذاهب إلى لقاء أبيه السماويّ. ولمّا اشتدّ عليه المرض قال للرّئيسة العامّة الأم ماري عبدة المصلوب زغيب المهتمّة بمعالجته والعناية به: "لم يعد من لزوم أن تتعذّبي، يا ابنتي، لقد عملتِ كلّ واجباتك فاتركيني أذهب للقاء ربّي". وقد اعتبر موته انتقالاً من غرفة إلى غرفة فقال: "إنّي سأنتقل إلى السّماء، ولا أزال أعاونكِ...فلا تخافي...أوصيكِ بالرَاهبات". ثمّ بارك بناته الرَاهبات وأوصاهنّ بالمحبّة والطّاعة.

وفي صبيحة نهار السبت ٢٦ حزيران ١٩٥٤ قال: "هذا آخر نهار". وبعد نزاع، ووسط دموع بناته الرَاهبات والصّلوات والمدائح ليسوع ومريم ويوسف، أسلم روحه معانقًا صليب الرّبّ، حبيب القلب. وكان ذلك في تمام السّاعة الثّالثة بعد الظهر.

عاش "أبونا يعقوب" ثمانين عامًا مليئةً بالحصاد، وعابقةً بالجهاد والفضائل، وقد أسلم الروح بهدوء القدّيسين وراحتهم.

إنتشر نبأ وفاة "أبونا يعقوب" الكبّوشيّ في لبنان والعالم، فبكاه الجميع، وزحفت الجماهير إلى دير الصليب للتبرّك بلثم يده الطّاهرة، ولرؤيته للمرّة الأخيرة. وفي صباح يوم الأحد ٢٧ حزيران، احتُفل بالذّبيحة الإلهيّة برئاسة ممثّل الحبر الأعظم السفير البابويّ المونسنيور بلترامي. وحضر صلاة الجنّاز حشد كبير من الأساقفة والكهنة والرّهبان والراهبات، ووفود الرّهبانيّة الثالثة، والمؤمنين، كما شارك فيه أصحاب الدّولة والمعالي والنوّاب والأعيان، وذوو المناصب الرّسميّة والاجتماعيّة... وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى سيادة المطران بولس عقل تأبينًا قيّمًا مناسبًا لشخصيّة الرّاحل الكبير معدّدًا مناقبه ومحامده ومبرّاته ومشاريعه...

بالإضافة إلى ذلك، انهالت على الرّئيسة العامّة الأم ماري عبدة المصلوب زغيب برقيّات التّعزية من الوطن وخارجه، وكلّها تعرب عن مكانة الفقيد الغالي وشهرة مشاريعه الواسعة وفضائله وقداسته، نذكر منها رقيم قداسة البابا بيوس الثّاني عشر، ورقيم المغفور له البطريرك أنطون عريضة... وكلمات فخامة الرّئيس الشيخ بشارة الخوري، واللّواء فؤاد شهاب قائد الجيش، كما راحت الصّحف والمجلاّت تفرد لأعماله وشخصيّته الصّفحات المدبّجة بعطر الوفاء والتقدير.

دُفن "أبونا يعقوب" في ضريح قرب المذبح في الكنيسة الجديدة، وكان قد قال: "هذه الجورة ستخلق لكم المشاكل". وبالفعل بعد ستّة أشهر أمرت السّلطات الكنسيّة بنقل جثمانه إلى مدفن آخر بعيدًا عن المذبح ليبقى الإكرام موجّها فقط للمذبح والقربان.

في الثّامن والعشرين من شهر نيسان سنة ١٩٥٧، وبحضور رهط كبير من المسؤولين الرّوحيّين والزمنيّين، وحشود غفيرة من محبّي صاحب الذّكرى، أُزيح السّتار عن تمثال "أبونا يعقوب" في وسط مملكة المحبّة، المدينة التي بُنيت على جبل، ليبقى هو نبراسها ومنارتها، ثمّ نُقل في سنة ١٩٧٩ إلى مدخل بلدة جلّ الديب نزولاً عند طلب البلديّة.

مؤلّفات "أبونا يعقوب"

لقد اهتمّ "أبونا يعقوب" بالنّاحية الرّسولية المكتوبة، مؤمنا بأثر الكلمة. فهو، بالرغم من مشاغله الكثيرة، ومتطلّبات مشاريعه المتعدّدة والملحّة، قد أعطى التّأليف والكتابة وقتًا ثمينا.
من آثاره:

- مجلّة صديق العائلة: أنشأها سنة ١٩١٣ واستمرّ يصدرها إلى سنة ١٩٣٩. جمع منها ستة وعشرين مجلّدًا. وقد ضمّنها أبحاثا ومقالات قيّمة عالج فيها شؤون العائلة والمجتمع والكنيسة والوطن، فضلاً عن روايات تاريخيّة مبتكرة حافلة بالعبر والمواعظ.

-  سيرة القدّيس فرنسيس الأسّيزي

- كتاب التراتيل الدّينيّة للنّفوس المسيحيّة (١٩٥٤- طبعة رابعة، ١٩٩٢ – طبعة خامسة). يقول في مقدّمة هذا المؤلَّف: "... ولهذا فقد آلينا على نفسنا وفاءً لله، وخدمةً لأبنائه المخلصين، أن نضع هذه المجموعة من التراتيل لكلّ عيد من الأعياد، ولكلّ مناسبة من المناسبات الدّينيّة، لكي يُتاح للمؤمن أن يعبّر عن تقواه وشعوره الحيّ بإنشادها والتغنّي بها في معبده، وفي نزهته، وفي وحدته".

- رواية بعنوان: أسرار الميلاد (١٩۰٩)

-  - كتيّب يحوي على رياضتَين لدرب الصليب
 في يوم الجمعة العظيمة (٢٥/٣/١٩٥۰)

-  - رواية ارتفاع الصليب المقدّس (١٩٥١)

 وهناك حوالي ٨۰۰۰ صفحة مكتوبة بخطّ يده، لم تُجمع بعد في كتاب.

روحانيّة "أبونا يعقوب"

الاتّكال على العناية الإلهيّة طبع شخصيّة "أبونا يعقوب"، حتّى إنّه لُقّب بـِ "رجل العناية". ترسّخت ثقته بهذه العناية أكثر فأكثر لمّا بدأ مشروع دير الصليب، ولم يحصل من رئيسه سوى على بركته فاكتفى بها كعربون لبركة الله. ولولا إلحاح زملائه، لما كتب لإحدى المحسنات في فرنسا؛ ولكم كان انذهاله عظيمًا لمّا تسلّم منها رسالة وفيها فرنك واحد. قال في نفسه: "أستحقّ ذلك. وإنّ الله الصّالح أراد أن يريني أنّه هو المحسن الأوّل والأوحد لهذا المشروع. ومنذ ذلك الحين، وضعتُ فيه وحده رجائي. إيّاك يا ربّ رجوتُ فلا أخزى... وأمّا الفرنك، فإنّي أحتفظ به إلى اليوم كذكر وكأمثولة". وكثيرًا ما كان يردّد: "العناية الإلهيّة ساعدتني... ألله اهتمّ بي... ألله بارك مشروعي... عناية الله لا حدّ لها... غريب كيف أنّ كلّ شيء ينبت على قدم الصليب..."

كان الصليب حلاوة قلبه ونبض أنفاسه.كان يدعو دائمًا إلى التّسلّح بإشارة الصليب ورسمها جيّدًا؛ وكان يمارس رياضة درب الصليب المقدّسة كلّ يوم وقد جعلها للراهبات جزءًا من صلواتهنّ القانونيّة. وفي نهار الجمعة العظيمة، يجتمع المؤمنون في باحة دير الصليب ليشتركوا مع "أبونا يعقوب" وراهباته بالاحتفال بدرب الصليب.

كان "أبونا يعقوب" يحمل الصليب بطيبة خاطر حتّى أصبح أليفه المحبوب، ويدعو بناته الرَاهبات إلى عدم الخوف من الصليب. وكثيرًا ما كان يردّد: "أمّا أنا فنصيبي الصليب"، "أوقيّة صليب خير من مليون كتاب صلاة"، ولعلّ أحبّ صلاة على قلبه كانت: "يا صليب الرّب يا حبيب القلب".

كان يبدأ نهاره بالتأمّل راكعًا أمام القربان، الذي اعتبره مصدر قوّته ونجاحه. وقد تاق إلى تكريمه مع الجماهير، ولطالما خاطبه قائلاً: "كم أفضّل أن أطوف بكَ في الشوارع بدل أن أقفل عليك بيت القربان". لذلك راح يغتنم الأعياد والمناسبات ليقيم التطوافات والزيّاحات وساعات السّجود.

بتأسّفٍ شديد على فتور النّاس تجاه القربان، كان يقول: "أكبر جرم عصرنا، الابتعاد عن القربان. بدون قربان كنيستنا فارغة باردة حزينة..."

"أبونا يعقوب" رسول مريميّ، أحبّ أمّنا مريم العذراء حبًّا مميّزًا طبع كلّ حياته. كان يقول: "إنّ العبادة لمريم مهما كانت مقدّسة ليست سوى الباب المؤدّي إلى يسوع. مريم هي الواسطة، يسوع هو الغاية. مريم هي الطريق، يسوع هو البلد المقصود". ويقول: "... أحسن واسطة لإرشاد النّساء هي أن نقدّم لهنّ مريم العذراء للاقتداء بها: إنّها بتول وأمّ". وكان يتوّج إكرامه لأمّه الطاهرة بتلاوة مسبحة الورديّة الكاملة كلّ يوم.

إنطلاقا من هذا الإيمان بالصليب والقربان وأمّ المصلوب، امتلأ "أبونا يعقوب" بحبّ الله والقريب، ومشى في طريق الرّسالة فظهرت خصائصه العديدة في مجالات الوعظ والرّسالة، إذ كان واعظًا عمليا ينطق بالحقّ، يعظ ليفيد النّفوس، ولا يستعمل إلاّ الكلام السّهل الممتنع البعيد عن كلّ تعقيد. ولدينا نماذج كثيرة من عظاته، مكتوبة بخطّ يده. وهي كلّها تشهد على عنايته الفائقة، وحرصه الجدّيّ الشديد، في تهيئة عظاته واحدة فواحدة، حتّى ولو تردّدت فيها الموضوعات والأفكار بتعدّد جمهور السّامعين. وفي كلّ عظة، وهذا أمر يدهش القارئ، وكم بالأحرى الذين سمعوه آنذاك، تتخلّل شروحه الشخصيّة ثلاثة عناصر أخرى ثابتة، لا غنى له عنها، وهي: آيات وأحداث وأمثال من الكتب المقدّسة، تتناول العهدَين القديم والجديد؛ ثمّ أقوال وأمثال من آباء الكنيسة، وأعلام الحياة الروحيّة والمكرّسة، قدّيسين وقدّيسات؛ ثمّ أخبار وأمثولات وتطبيقات عمليّة من رجالات التاريخ، أو من الأحداث اليوميّة المعاصرة. ويمكننا التأكيد أنّ تلك العناصر الثلاثة الثابتة في عظاته كلّها، هي حقًّا الينابيع الكبرى التي نهل منها "أبونا يعقوب" جوهر روحانيّته المميّزة.

وبعد الوعظ، كان يمضي ساعات متتالية في كرسيّ الاعتراف ليغسل النّفوس ويريح الضّمائر.

أمّا بالنسبة إلى الرّسالة، فعُرف برسول لبنان الذي قال فيه: "لبنان موطن الآباء والجدود، هو قطعة هبطت من السماء على الأرض لتكون موطئاً لقدَمي المسيح عند مجيئه، ولذلك بارك المسيح لبنان، يوم زار صور وصيدا فأضحى لبنان الصّخرة الحقيقيّة للإيمان والينبوع الصّافي للمحبّة".كان يهدف إلى تعزيز الإيمان في قلوب مواطنيه، فسعى إلى تحقيق ذلك بكلّ عزم واضعًا أمامه أهدافًا ثلاثة:

- وجوب تخليص الإيمان المهدّد: "لبنان المزروع الآن بألوف القصور، يزداد جمالاً في الظّاهر، أمّا نفوس سكّانه فتفقد إيمان أجدادها أكثر فأكثر".

- تخليص الإيمان بواسطة العائلة: "ويجب أن يتناول عمل التوعية والتثقيف عناصر العائلة الثلاثة: الأولاد، والأمّهات، والآباء".

- خلق نخبة شهود للإنجيل: "هذا هو الهدف من نشر وتعزيز الرّهبنة الثالثة في لبنان: إيجاد شهود علمانيّين يشهدون للإيمان بعيش الإنجيل بالتزام

 
 
 

    الاب يعقوب الحداد الكبوشي، ولادته ونسبه

 

وُلد خليل (المكرّم "أبونا يعقوب") في أوّل شباط سنة 1875، في بلدة غزير.

والده بطرس صالح الحدّاد، والدته شمس يواكيم الحدّاد، وهما والدان صالحان يتحلّيان بروح التقوى والفضائل المسيحيّة.  يقول أبونا

 

علّمتني أمّي:

" إعمل كلّ شيء واحتمل كلّ شيء حبًّا لله"؛

" يا ابني في ساعات الشدّة، صلِّ بمسبحة أمّكَ "؛

" إيماني إيمان بطرس ".

وعلّمني أبي:

الواقعيّة، وصواب الرأي مع حبّ النكتة البريئة وشيءٍ من تصلّب الإرادة...

 

نشأته

    قبلَ خليل سرّ العماد في كنيسة سيّدة الحبشيّة في الحادي والعشرين من شهر شباط سنة 1875، ونشأ في بلدته غزير، يتعلّم في مدرسة الرعيّة – مار فرنسيس، ثمّ انتقل إلى مدرسة القدّيس لويس المعروفة بمدرسة المزار، ليلتحق، فيما بعد، بمدرسة الحكمة في بيروت، متخرّجا منها سنة 1891. وكان طالبًا ذكيًّا متفوّقًا بارزاً في تقواه وتعبّده للعذراء مريم.

  سافر إلى الإسكندريّة سنة 1892 مزاولاً التعليم، كي يُعين والديه على تربية إخوته، فكان معلّما ناجحا يغذّي طلاّبه بالفضيلة والمعرفة، وشابًّا تقيًّا عاكفا على العبادة والتأمّل في حياة المسيح. وهناك سمع صوت الدعوة ليهجر العالم ويحمل الصليب ويتبع المسيح. قال: "سأصير كاهنًا".

عاد إلى غزير، وراح يجاهد بالسيرة والرّوح والصلاة ليقنع أباه بطرس بدعوته الرّهبانيّة الكبّوشيّة إلى أن تحقّقت له أمنيته، ودخل دير مار أنطونيوس خشباو للآباء الكبّوشيّين في 25 آب سنة 1893. يُذكَر أنّه قال حينها: "دخلت طيِّب وما بضهر إلاّ ميِّت".

لبث في الطالبيّة الكبّوشيّة ثمانية أشهر عاملاً في جنينة الدير، متمثّلاً بيسوع فتى النّاصرة، مبديا الميل إلى الحياة الرّهبانيّة وما يترتّب عليها من فقر وعفّة وطاعة، مبرهنا عن دعوة صافية للترهّب، ممتلئا بحبّ الخدمة والصلاة.

 

مرحلة الابتداء
دخل مرحلة الابتداء الرّهبانيّ، وهو بعدُ في دير مار أنطونيوس خشباو، ليتعلّم طريق السلوك الرّهبانيّ وما تستلزمه الحياة الرّهبانيّة من فضائل وكمال. وفي السادس والعشرين من شهر آذار سنة 1894، ألبسه رئيس الدير ثوب الابتداء متّخذًا له اسم الأخ يعقوب.

سار الأخ يعقوب الحدّاد الكبّوشيّ طريق الابتداء بكلّ قناعة ومثاليّة، فكان قدوة صالحة في جميع تصرّفاته، مستسلما للعناية الإلهيّة، متجاوبا مع إرادة المسؤولين عنه بطاعةٍ وفرحٍ وأناةٍ ودماثة خُلقٍ، متمثّلاً بالقول الإلهيّ: "ما مِن أحدٍ يضع يده على المحراث، ثمّ يلتفت إلى الوراء، يصلح لملكوت الله" (لو62:9). وكان، كلّما شعر بشدّة أو ضيق، يلجأ إلى الصليب، متمثّلاً بقداسة أبيه مار فرنسيس الأسيزيّ، ومستنيرًا بفضائله، فيزداد ارتياحًا إلى الحياة الرّهبانيّة، حياة الصليب والقداسة.

إقترع الرّهبان بالاجماع على أهليّة الأخ يعقوب قبل النّذور. وفي الرّابع والعشرين من شهر نيسان سنة 1895، أبرز النّذر البسيط؛ وبعد ثلاث سنوات، أبرز النّذر المؤبّد في اليوم الرابع والعشرين من نيسان سنة 1898.

كهنوته

 

إنتقل الأخ يعقوب إلى دير القريّة إتماما لدروسه الكهنوتيّة، التي كان قد بدأها في دير مار أنطونيوس خشباو، منتظرًا يوم سيامته كاهنا، تائقا إلى النّهار الذي يقدّم فيه الذبيحة الإلهيّة للمرّة الأولى: "أعطني، يا إلهي، أن أقدّم ولو ذبيحة واحدة، وبعد إذا شئتَ أن تأخذني إليكَ فأكون معزًّى ومسرورًا".

 

إقتبل درجات الكهنوت شمّاسا رسائليا (1899)، وشمّاسا إنجيليا (1900)، وفي أوّل تشرين الثاني سنة 1901، رقّاه المونسنيور دوفال الدومينيكانيّ الفرنسيّ، القاصد الرّسوليّ في لبنان وسوريا، إلى درجة الكهنوت. وأقام قدّاسه الأوّل في كنيسة مار لويس في بيروت (باب ادريس).

شخَصَ إلى بلدته غزير ليحتفل بقدّاسه الثاني على مذبح دير مار فرنسيس، تعزيةً لوالدَيه وإخوته وأبناء بلدته.
 

المتحف

 يضمّ معبد سيّدة البحر رفات المكرّم "أبونا يعقوب"، مع غرفته ومكتبته، ومتحفًا يُعتبر تراثا ثمينا لما يحوي من أشياء مقدّسة استعملها الأب المؤسّس في حياته، وبخاصّة سبحته التي برت حبوبَها رؤوسُ أنامله والتي كانت تردّد مع قلبه وعقله على طرقات لبنان: "السّلام عليكِ يا مريم" أو "يا يسوع الوديع والمتواضع القلب"

ثيابه الكهنوتية غرفته
 
 
 

    تأسيس الجمعيّة

إبتدأت مرحلة التّأسيس سنة 1926، عند قبول أوّل كاهن مريض. في هذا الوقت، كانت الراهبات الفرنسيسكانيّات اللونس لو سونيه، مساعدات "أبونا يعقوب" في البدايات، يظهرن اندفاعًا كبيرًا في خدمة الكهنة. ولكن تبيّن له أنّ مشروعه الجديد "دير الصليب" يتطلّب "عددًا أكبر من الأيادي التي تعمل، والقلوب التي تحبّ". لذلك سعى إلى تأسيس رهبانيّة أطلق عليها اسم جمعيّة راهبات الصليب، لتتابع الرّسالة وتنشر الخير والفضيلة.
 

في البداية، شرع "أبونا يعقوب" بقبول فتيات ثالثيّات، من بينهنّ مَن أبدَين الرغبة في الترهّب. فألبسهنَّ ثوب الرّهبانيّة الثّالثة، وعهد بتنشئتهنَّ إلى الراهبات الفرنسيسكانيّات، وكان في طليعة مَن التحق بالرّهبنة، الفتاة ماري الياس زغيب، من ذوق مكايل، وقد بدّل الأب المؤسّس اسمها بالأم "ماري عبدة المصلوب"، التي أصبحت فيما بعد، الرّئيسة العامّة الأولى والمشارِكة في التأسيس، فرافقت سير المشاريع وأكملتها بعد وفاته في سنة 1954، إذ بقيت تدير شؤون الجمعيّة الروحيّة والحياتيّة حتى سنة 1972. تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات الكنسيّة أنعمت عليها بلقب رئيسة عامّة فخريّة للجمعيّة مدى الحياة.

يُعتبر 8 كانون الأوّل سنة 1930 تاريخ تأسيس الجمعيّة الجديدة حيث سمح القاصد الرّسولي، المونسنيور جيانيني، شفهيًّا للراهبات بلبس الثوب خارج الدّير. وكانت الراهبات يرتبطن بنذر فرديّ غير علنيّ ولم يكنّ خاضعات لرسوم معيّنة ثابتة. وبعد سنتَين، أي في شباط 1932، أصبحت جمعيّة راهبات الصليب مستقلّة تدير شؤونها بنفسها. وهي تعدّ اليوم 244 راهبة و 9 مبتدئات و3 طالبات، يعملنَ في الأديرة والمشاريع، في كلّ المناطق اللّبنانيّة وفي إيطاليا وسوريا ومصر والقدس والأردن.

أمّا الرّسوم التي كتبها "أبونا يعقوب" قبل موته، وتركها بين أيدي بناته لعيشها واختبارها، فأُعيدَ النظر فيها بعد المجمع الفاتيكانيّ الثاني، بناءً على طلب الكنيسة. وبعد دراسة طويلة وعميقة وتطبيق حياتيّ لمضمونها، حصلت الجمعيّة على مرسوم التثبيت النهائيّ، الصّادر في 14 أيلول 1983 عن المجمع المقدّس للكنائس الشّرقيّة، بروتوكول رقم 467/65 وهذا نصّه:

إنّ جمعيّة راهبات الصليب الفرنسيسكانيّات اللبنانيّات، ويقع ديرهنَّ الأم في ولاية النائب الرسولي في بيروت، نشأت حول سنة 1926، الموافقة لمرور القرن السابع على الإنتقال السعيد من هذه الدّنيا للقدّيس فرنسيس الأسّيزيّ، وذلك بفضل جهد وغيرة خادم الله الأب يعقوب الكبّوشيّ الغزيريّ.

وسنة 1949، في اليوم الأوّل من آب، أُثبتَتْ هذه المؤسّسة، بموجب مرسوم صادر عن الأسقف المكانيّ، جمعيّة رهبانيّة من حقّ أبرشيّ. وفي اليوم الخامس والعشرين من شهر تمّوز سنة 1967 مسيحيّة، الموافق لعيد القدّيس الرسول يعقوب الكبير، خصّ الكرسيّ الرسوليّ هذه الجمعيّة بمرسوم الثناء وأثبت رسومها على سبيل الإختبار.

ومن وقت قريب، قدّمت الرئيسة العامّة لهذه الجمعيّة الزاهرة حقًّا للراهبات الفرنسيسكانيّات اللبنانيّات، الرسوم المنبثقة عن عمل المجمع المنعقد سنة 1978 مسيحيّة والمطابقة للقرار المجمعيّ "في المحبّة الكاملة" وهي تلتمس من المجمع المقدّس للكنائس الشرقيّة إثباتها بطريقة نهائيّة.

ولذا، فالمجمع المقدّس، بعد اطّلاعه على رأي الآباء المستشارين والتفكير في الأمر مليًّا، وقد تبيّن له أنّ أمنيات الرئيسة العامّة تتجاوب تمامًا مع رغبة المؤسّس الحارّة والمجاهدة في اتّباع درب الصليب السلطانيّة، وذلك إن في العناية بالمرضى من كلّ نوع ولا سيّما بالرجال الكنسيّين، وإن في إعالة الأيتام وتربيتهم، يثبّت نهائيًّا، بقوّة الصلاحيّات المعطاة له من الحبر الأعظم البابا يوحنّا بولس الثاني، جمعيّة راهبات الصليب الفرنسيسكانيّات اللبنانيّات مع رسومها الموضوعة في اللّغة الفرنسيّة، وفق النصّ الملحق بهذا المرسوم والمحفوظة نسخة عنه في خزانة هذا المجمع المقدّس.

 يلغى كلّ نص مخالف.

أُعطيَ في روما، عن صرح المجمع المقدّس للكنائس الشرقيّة، يوم الرابع عشر من أيلول، عيد ارتفاع الصليب المقدّس، سنة 1983 مسيحيّة.

أمين السرّ

ميرولاوس ماروسين

المعاون
           
جوزيف خوري

 
 
 

    تنظيم الجمعيّة     

   تضمّ الجمعيّة أخوات اخترنَ بإرشاد الروح القدس أن يعشنَ الحياة الرّهبانيّة الفرنسيسكانيّة ويعملنَ معًا على بناء الكنيسة في المحبّة. تقوم بإدارتها رئيسة عامّة مع مجلس مؤلّف من أربع مدبّرات، وتعاون الإدارة العامّة أمينة سرّ عامّة، وقيّمة عامّة، تعيّنهما الرئيسة العامّة بموافقة مجلسها. تقوم بإدارة كلّ دير رئيسة محلّيّة تساعدها نائبة رئيسة، بمشاركة مجلس محلّيّ لدى الاقتضاء. إنّ السلطة في الجمعيّة هي خدمة هدفها مساعدة الأخوات على اكتشاف إرادة الله وتتميمها، وعلى عيش تكريسهنَّ في جماعة ديريّة ينعشها الإنجيل.

 

1) إعتناق الحياة الرهبانيّة في جمعيّة راهبات الصليب

        "إنّ الله الجوّاد إنّما يدعو كلّ المعمّدين إلى كمال المحبّة في شتّى حالات الحياة لكي يتمّ خلاص العالم، فعلى نداء الله هذا يلتزم كلّ مؤمن أن يؤدّي بملء حرّيّته جواب حبّه".

* الطّالبيّة:

هي فترة تساعد المرشّحات على أن يميّزنَ بصورة أوضح ما يريد الله منهنَّ، لكي يبلغنَ إلى اختيار أكثر حرّيّة ووضوحاً.

* الابتداء:

تُعطى المبتدئات تنشئة مناسبة وكاملة على الحياة الرهبانيّة والرّوحيّة، تغذّيها كلمة الله. هذه الفترة تُكسب المبتدئات معرفة عمليّة وجدّيّة للرّوح الفرنسيسكانيّة، بدراسة حياة القدّيس فرنسيس وروحانيّته، وتاريخ الجمعيّة وتقاليدها الحيّة، وباتّباع مَثَل المؤسّس واستثمار إرثه الروحيّ الثمين من خلال التعرّف إلى حياته وكتاباته وتفكيره.

* النّذور:

إنّ النّذر الرّهبانيّ يدعو إلى عيش المشورات الإنجيليّة الثّلاث، ويدفع نحو تحقيق كمال المحبّة، فتصبح الرّاهبة المكرّسة لله عضواً في الجمعيّة مع كلّ الحقوق والالتزامات النّاتجة عن هذا التّكريس.

2) الرّياضات الرّوحيّة والتنشئة

تقيم الراهبات، كلّ سنة، رياضة روحيّة تدوم ستّة أيّام على الأقلّ، وذلك لتجديد حياتهنّ الرّوحيّة. كما تخصّص كلّ أخت نهارًا في الشهر للصلاة والتأمّل تحقيقًا لتجديد روحيّ مستمرّ. في هذا الإطار، ومن أجل التعمّق في الحياة الروحيّة وفي الثقافة العقائديّة والمهنيّة، تنظّم الجمعيّة دورات تنشئة كي تتمكّن الأخوات باستمرار من تلبية متطلّبات دعوتهنّ في الكنيسة بطريقة أفضل. 

3)    المجامع

إنّ المجمع العام، وهو المعبّر عن الوحدة في المؤسّسة، يمثّل السّلطة العليا في الجمعيّة بموجب الرّسوم، ويمارس هذه السّلطة بانتخاب الرّئيسة العامّة والمدبّرات، وباتّخاذ القرارات الهامّة المتعلّقة بحياة الجمعيّة ورسالتها.

 
     
     
     
 

     مستشفى راهبات الصليب - دير القمر

إختار "أبونا يعقوب" سنة 1932 تلّة فريدة، نصب عليها صليبا عاليا يُطلّ على جبل الباروك والكنَيْسة، ويجمع بين ذراعيه الممدودتَين الساحل الجنوبيّ من الدّامور إلى صور. في سنة 1933، بنى في بلدة دير القمر مؤسّسة لجميع الأمراض المزمنة من عجزة وفتيات معاقات جسديًّا وعقليًّا... وسنة 1937، نمت "حبّة الخردل" وارتفعت المؤسّسة لتضمّ، إلى جانب المريضات، مدرسة داخليّة للبنات اليتيمات، تقدّم لهنّ العلوم الابتدائيّة والتّدريب المهنيّ، وتحاول أن تعوّض عليهنّ عطف العائلة ومحبّتها.

   بقي الميتم يجاور المؤسّسة حتىّ سنة 1971، حين نُقلت الفتيات إلى برمّانا، وتوسّعت المؤسّسة للمريضات. أثناء الحرب اللّبنانيّة سنة 1975، تحوّل قسم من أبنية المؤسّسة إلى مستشفى ميدانيّ نظرًا لافتقار المنطقة، التي كانت آنذاك محاصرة، إلى مراكز صحّيّة تستقبل الجرحى والمرضى وتؤمّن لهم الإسعافات الضروريّة والملحّة. خلال حرب سنة 1983، لجأ ألوف المواطنين من 56 قرية في الجبل إلى دير القمر، فتفانت الراهبات في خدمتهنَّ،

 

     وتقاسمت مع الاهالي بالإضافة إلى الخوف والحصار والجوع والأهوال، جميع محتويات المؤسّسة من ألبسة ووسائل تدفئة ومواد غذائيّة... أمّا سنة 1989، فاستقبلت الراهبات جميع الجرحى دون تمييز. سنة 1998، وبعد استتباب الأمن وسهولة الوصول إلى المؤسّسات الاستشفائيّة، ونظرًا لضيق المكان وعدم توفّر الإمكانيّات الفنّيّة، والماديّة والتقنيّة، قرّرت الجمعيّة توقيف مستشفى الصحّة فيما أبقت على استقبال الحالات الطارئة البسيطة في المستوصف. وتابعت المؤسّسة رسالتها مع الفتيات المعاقات، فطوّرت الأبنية بفضل المساعدات، واستحدثت العلاجات الفيزيائيّة واليدويّة والفنّيّة...
إلى جانب الخدمة داخل المستشفى، تقوم الراهبات بالتعليم المسيحيّ في المدرسة الرسميّة وبتهيئة الأولاد للقربانة الأولى.

مؤسسات اخرى

> مستشفى السيدة للأمراض المزمنة-انطلياس
>  دار المسيح الملك-ذوق مصبح
> مؤسّسة راهبات الصليب-اجدبرا
> مؤسّسة راهبات الصليب- شليفا

> مؤسّسة راهبات الصليب- حلبا

>بيت العناية الإنسانية - الفحيص

 
 

 

 

مستشفى الصليب للأمراض العقليّة والنفسيّة - جلّ الدّيب          

 هو من أهمّ المشاريع التي تجسّد الغاية الخاصّة بالجمعيّة وطابعها المميّز. يحتوي على الطبقة الأشدّ بؤسًا، المصابة بالإعاقات العقليّة والنفسيّة على اختلافها، ويشمل بعنايته جميع الطوائف والجنسيّات وكلّ مَن يأتي إليه، متشبّهًا بالينبوع، حسب وصيّة المؤسّس.

ظلّ دير الصليب يتبدّل ويتطوّر إلى أن تحوّل في 5 شباط 1951 إلى مستشفى للأمراض العقليّة والنفسية، إثر اعتراف الحكومة اللبنانيّة به رسميًّا. عندها، فصل "أبونا يعقوب" العجزة والمقعدين والكهنة عن المرضى العقليّين، وأرسلهم إلى المؤسّسات التي  أُنشئت خصّيصًا لهم. واليوم، يتّسع مستشفى الصليب لألف مريض 54% منهم غير مسيحيّين، وهو يُعتبر من أكبر مستشفيات الشرق الأوسط، ويضمّ الأجنحة الاستشفائيّة الآتية: جناح مار الياس، جناح مار ميخائيل، جناح مار يعقوب، جناح السيّدة، جناح القدّيس دومينيك، الصيدليّة المركزيّة وصالة المسرح والسينما، بالإضافة إلى قسم المطابخ والمصبغة.

إنّ تطوّر طرق العلاج في المستشفى قد تزامن مع التطوّر في بلاد الغرب.

* التشخيص: يعتمد التشخيص الأساسيّ للمرض على:

-   التصنيفات العالميّة الحديثة للأمراض النفسيّة مثل تصنيف الجمعيّة الأميركيّة، وتصنيف منظّمة الصحّة العالميّة للأمراض العقليّة.

-       الرّوائز أو الاختبارات النّفسيّة: ومنها روائز الذكاء، روائز القدرات، وروائز الشخصيّة.

 

* قسم العمل الاجتماعيّ المتخصّص بالأمراض العقليّة والنّفسية:تأسس سنة 1964. من أهدافه: تخفيف عبء المرض عن المريض وعائلته، وتنمية التّفاعل بين المريض ومحيطه بما يسمّى "بالانخراط الاجتماعيّ".

* قسم علم النّفس: في مستشفى الصليب عدد من الاختصاصيّين النّفسيّين موزّعين على سائر الأقسام، يقومون بالمهام الآتية:

-   العلاجات النّفسيّة: وهي متعدّدة منها العلاجات السّلوكيّة - الإدراكيّة، والعلاجات التّحليليّة، والعلاج التّمثيليّ- الاسترخاء، والمساندة العلاجيّة، والعلاج النّفسيّ الجماعيّ. هدف هذه العلاجات النّفسيّة مساعدة المريض على التّعبير عن مشاعره وأفكاره السّلبيّة من قلق وخوف وتوتّر وإجهاد نفسيّ.

- العلاج بواسطة الفنّ: يساهم في إبراز طاقات الخلق لدى المريض. في مستشفى الصليب ثلاثة محترفات فنّيّة، حيث يقوم المرضى بالرّسم والتّلوين واللّصق. يشرف على المحترفات الفنّيّة إختصاصيّون من راهبات وعلمانيّين.

العلاج بواسطة العمل: يساهم في إعادة تأهيل المريض للحياة العمليّة والانخراط بشكل إيجابيّ في الجماعة. من مجالات هذا العلاج: الحدادة، والنّجارة، والتّطريز، والخياطة، وصناعة القشّ، والصّناعات الحرفيّة، والنّول، وتنسيق الأزهار، وصناعة الشّموع والرّسم عليها... بواسطة العلاج بالعمل، يستطيع المريض إعطاء حركاته معنىً وظيفيًّا، كذلك يساعده هذا العلاج على إعادة تكيّفه من الناحية الحسيّة والحركيّة. كلّ ما يقوم به المرضى من أشغال يدويّة وحِرَفيّة، يكوّن مادّة المعرض السنويّ الذي يلقى نجاحًا كبيرًا سنة بعد سنة.

 

* النّشاطات التّربويّة والأكاديميّة: بصفته مستشفًى جامعيًّا أكاديميًّا، يؤمّن مستشفى الصليب للطّلاّب والعاملين في مجال الصّحّة، دورات تدريبيّة وتحصيلاً أكاديميًّا في حقل الصّحّة النّفسيّة. الجدير ذكره أنّ المستشفى يمنح الرّاغبين شهادة المجلس العربيّ للطّبّ النّفسيّ ضمن برنامج المجلس العربيّ للاختصاصات الطّبيّة. كما يمنح أيضًا شهادة جامعيّة في العلاجات المسلكيّة والإدراكيّة وفي الاضطرابات الغذائيّة بالتّعاون مع جامعة القدّيس يوسف والجامعات الفرنسيّة. حاليًّا، هناك توأمة بين مستشفى الصليب ومستشفى "سانت آن" ومركز تولون للأولاد المعاقين في فرنسا.

        إنّ إدارة المستشفى التي نقلت إلى مبناها المستوصف، تُعدّ لافتتاح قسم أشعّة ومختبر لمساعدة المرضى المعوزين؛ وهي تُصدر مرّتين في السنة مجلّة "السبيل" بالعربيّة، والفرنسيّة والإنكليزيّة، تعالج من خلالها مواضيع علميّة، وطبّيّة وإجتماعيّة. كما وتُحيي مؤتمرًا سنويًّا يشارك فيه أشهر الأطبّاء من لبنان والخارج.

    أمّا النشاطات الرّوحيّة والترفيهيّة التي تقوم بها الإدارة، فتحتلّ مكانةً مهمّة بالنسبة إلى المرضى وكلّ مَن يُعنى بهم.






لمزيد من المعلومات:    www.hopitalpsychiatriquedelacroix.org.lb
 
 
 
 

مستشفى مار يوسف - الدورة - ومركز ريمون وعايدة نجّار الطبي
 

أسّس المكرّم "أبونا يعقوب"، في الدّورة، سنة 1948 دارًا صغيرة ليأوي إليها المشرّدين والمهمّشين والعجزة والمهمُلين، وفي سنة 1952، اكتشف ضرورة تأمين العناية الطّبية لهم، ولسكّان الجوار، فاستدعى بعض الأطبّاء الشباب الغيورين ليساعدوه، وحوّل الدّار إلى مستشفى صغير راح يتوسّع تدريجيّا مع الأيّام، بفضل جهود راهباته ودأبهنّ على الخدمة، فعملن على بناء أجنحة جديدة حتى اكتملت صورته. منذ البداية، اتّسم المستشفى بميزات العطاء والمحبّة المسيحيّة المتجرّدة. وسرعان ما ازدهر وأضحى، بفضل تفاني راهباته وكفاءة أطبّائه وإخلاص جسمه الإداريّ والتمريضيّ، في مصاف المؤسّسات الصحيّة الكبرى في لبنان. وبالرغم من الحرب التي تركت بصماتها على مبانيه، بقي المستشفى يعمل وسط أتّون النّار، وصمد في خدمة الإنسان، يكمّل رسالته بين جراح الحجر والبشر، ويؤدّي طيلة هذه السنوات خدمات جُلّى.

وتدخّلت العناية الإلهيّة مرّةً جديدة في مشاريع رجل العناية "أبونا يعقوب"، فأرسلت للمستشفى السيّد ريمون نجّار، الذي وعقيلته السيّدة عايدة، بنيا المركز الطبّي ريمون وعايدة نجّار، الذي جاء في منتهى الإتقان بناءً وتجهيزًا.

لقد هُدم المستشفى القديم ليقوم مكانه مثلّث مؤلّف من:

v  المركز الطبّي ريمون وعايدة نجّار

v  الجناح الاستشفائيّ

v  الجناح التّقنيّ

إنّ المركز الطبّيّ مؤلّف من أربعة طوابق. أمّا الجناح الاستشفائيّ الذي يتّسع لمئتَي سرير، فيرتفع إلى ثمانية طوابق شيّدت ستّة منها جمعيّة راهبات الصليب وتبرّع ببناء وتجهيز الطّابق الأوّل منها الذي يضمّ قسم التّوليد والأمراض النسائيّة السيّد ريمون نجّار لراحة نفسَي والدَيه المرحومين إسكندر ومنيرفا نجّار، كما تبرّعت ببناء وتجهيز الطّابق الثّاني المخصّص لأمراض وجراحة القلب السيّدة عايدة نفّاع نجّار، تذكارًا خالدًا لروح والدَيها المرحومَين جرجي وملفينا نفّاع.

 

أمّا الجناح التّقنيّ، فهو البناء الوحيد الباقي من أبنية المستشفى القديم التي هُدمت وأُقيم محلّها موقف فسيح للسيّارات. وهو مؤلّف من أربعة طوابق ومخصّص للتّجهيزات التّقنيّة والمعاينات الخارجيّة في الطابقَين الأوّلَين، وإقامة الراهبات.

هكذا أصبح المستشفى متكاملاً، يضاهي أهمّ المراكز الطبيّة العالميّة على جميع الأصعدة؛ تقنيًّا وفنيًّا وطبيًّا كما على صعيد التنشئة والنشاطات الرّوحيّة للمرضى وكلّ من يُعنى بهم. تمّ تدشينه في 27 حزيران 2003، برعاية وحضور صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصر الله بطرس صفير الكلّيّ الطوبى. يستقبل للتدريب، طلاّب الطبّ والتمريض من الجامعة اليسوعيّة وغيرها من الجامعات. بتاريخ 22 تشرين الأوّل 2002، وقّع المستشفى اتّفاقيّة توأمة مع مستشفى القدّيس يوسف في باريس بغية تبادل الخبرات وتفعيل التدريب الطبّيّ والتقنيّ المستمرّ.

يلتزم المستشفى وسائر الأطبّاء والعاملين فيه بالقانون اللبنانيّ للآداب الطبّيّة، وكذلك بالشرعة الفاتيكانيّة لراعويّة الصحّة. وهو يتمّم سائر المعايير والمقاييس الدوليّة الواردة في برنامج اعتماد المؤسّسات الاستشفائيّة المقرّر من قِبل وزارة الصحّة اللبنانيّة.

لمزيد من المعلومات:     
www.hopital-stjoseph.com, www.centremedical-ranajjar.com
 
 
 

    دير سيدة البير-بقنايا | الوكالة العامة - روما

 

                         

أثناء العمل في دير الصليب، كان همّ "أبونا يعقوب" تأمين المياه للدير. فاشترى قطعة أرض في "الدّورات"، من أجل حفر خزّان لجمع المياه. مع بدء العمل، اعترضت "أبونا يعقوب" مشكلة إذ تشقّقت جدران الخزّان وانسابت المياه إلى الخارج. وصدف يومًا أن مرّ بدير الآباء الكّبوشيّين في باب ادريس، فوقع نظره بين مهملات المكتبة على صورة عتيقة تمثّل العذراء، حاملة الطّفل يسوع، وأمامها بئر وتحت الصّورة هذه الكتابة: "سيّدة البير". وكانت هذه المصادفة مصدر دير ومعبد جديدَين، لإكرام العذراء. فقد نذر "أبونا يعقوب" للعذراء سيّدة البير, أنّه إذا تمكّن بشفاعتها، من تأمين المياه، في خزّان الدّورات، سيبني كنيسة على اسم سيّدة البير، وهكذا حدث. بعد الحرب العالميّة الثانية، أصلح حال الخزّان الكبير، وبنى فوقه كنيسة جميلة ترتكز بكاملها على جدران البئر. ولم يكن "أبونا يعقوب" يعلم، أنّ بيت سيّدة البير سيكون، يوما، مركزًا مهمًّا في الجمعيّة. فقد تحوّل، في البدء ، إلى مركز للفتيات الرّاغبات في الحياة الرّهبانيّة، وبعد وفاته، أُعلن رسميًّا ديرًا للابتداء في 25 أذار 1964. بالإضافة إلى بيتَي الطالبيّة والابتداء، يستقبل الدير الرّياضات الرّوحيّة السّنويّة والمؤتمرات الدّينيّة والعلميّة والكتابيّة.

تجدر الإشارة إلى استقبال دير سيّدة البير لمئات المهجّرين من أبناء الدّامور لدى اندلاع أولى شرارات الحرب اللبنانيّة سنة 1976. في إطار يوبيل سنة 2000، أُدرجت كنيسة سيّدة البير بين المزارات التي خصّصتها الكنيسة بنعمة الغفران للحجّاج. وسنة 2004، انتقل إليها مركز الرئاسة العامة للجمعيّة.
 
 

    مدرسة  فال بار جاك-بقنايا | مدرسة راهبات الصليب - حراجل | ثانوية مار فرنسيس-غزير

                              

 

هي أقدم مدارس "أبونا يعقوب"، فتحت أبوابها سنة 1919، متنقّلة من بيت "أبو أمين" في جلّ الدّيب، إلى دار المير، فبيت "سليمان نصّار"، ثمّ بيت "جرجس خليل"، إلى أن استقرّت في بيت "بو سمعان"، حيث اشترى الأب المؤسّس الأرض، وبنى عليها مدرسة عُرفت باسم مدرسة مار فرنسيس.


   تولّت في البدء إدارتها راهبات الفرنسيسكان لمدّة عشر سنوات ونيّف
، يعاونهنّ كاهن الرّعية وبعض مثقّفي البلدة. إزدهرت بعد الحرب العالميّة الثّانية، وأُضيف إليها فرع داخليّ ثمّ تحوّلت إلى مدرسة ثانويّة قامت بجوارها، بعد موت "أبونا يعقوب"، مدرسة ثانية حملت اسمه هي مدرسة مار يعقوب المجّانيّة.
سنة 1979 انتقلت المدرسة إلى جوار ديرسيّدة البير
، وقد أُطلق عليها اسم "فال بير جاك" تيمُّنًا بمؤسّسها ونظرًا لموقعها الجغرافيّ، وهي إحدى المدارس الكاثوليكيّة الكبيرة التي تفخر بنتائجها الرّسميّة، وبأهدافها التّربويّة المستندة إلى توجّهات الكنيسة، ومبادئ "أبونا يعقوب" في التّربية، ومناهج الدّولة اللّبنانيّة. تحافظ المدرسة على الخطّ الذي رسمه لها المؤسّس. تضمّ ألفَي طالبٍ من الروضة حتّى الصفوف النهائيّة، و134 معلّمًا ومعلّمة يتفانون بتقديم التعليم بأفضل الوسائل. كما وتؤمّن كافّة أنواع النشاطات من روحيّة ووطنيّة وفنّيّة ورياضيّة وعلميّة وثقافيّة ولاصفّيّة وكشفيّة ومهرجان ثقافيّ وفنيّ سنويّ... وللجان الأهل، والطلاّب، والقدامى، والأساتذة دورهم الفعّال في المدرسة.

 
 
 

مدرسة راهبات الصليب - برمّانا 
 

سنة 1950، ابتاع "أبونا يعقوب" أرضا جديدة في برمّانا، في وسطها بيت قديم كان مسكنًا لجمعيّة إنكليزيّة، يديرها القسّ الإنكليزي دانيال أوليفر.

 ما كان هذا الملْك ليُباع، لو لم يكن شاريه "أبونا يعقوب". لكنّ القس أوليفر كان يقدّر "الأبونا" كما  تشهد تلك الرّسالة، التي وجّهها، وهو على فراش الموت، إلى "أبونا يعقوب" الذي عاده، يقول: "كان لزيارتك، في قلبي أجمل الأثر، ليس لأنّك قطعت مسافة طويلة كي تعودني - وأنا أشكر لك هذه الالتفاتة – ولكن للرّوح التي تحيا فيها، وللأعمال التي تسعى من أجلها... أسألك، يا صديقي، أن تذكروني بصلواتكم..." وكرّس المكرّم "أبونا يعقوب" بيت برمّانا على اسم مار الياس، وحوّل البيت إلى مدرسة، ومسكن النّاطور إلى كنيسة. فَمار الياس خلّص "أبونا يعقوب" من موت محتّم مرّتين: الأولى عندما نجا بأعجوبة من حادث سير على طريق انطلياس سنة 1892، والثّانية عندما استجاب طلبه وخلّصه من المشنقة سنة 1915.

تأسّست المدرسة بهدف ترقية الفتاة اللّبنانية جسدًا وعقلاً وروحا، وخصوصًا الفتاة التي حُرمت من عطف الوالدين أمواتًا أو "أحياء"، بحسب تعبير قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني. تضمّ المدرسة 150 فتاة، يتابعن دروسهنَّ في المدرسة الرسميّة – برمّانا – ضمن الدّوام الرّسميّ ثم يعدْنَ إلى مدرستهنَّ الأمّ ليعشنَ بعهدة الرَاهبات الّلواتي يرافقنهنَّ في دروسهنَّ وتثقيفهنَّ علمًا ومهنةً، روحًا وجسدًا، بغية إعدادهنَّ لمستقبل زاهر ومطمئن وكريم.
 
 


     المراكز الأخرى التي تعمل فيها الجمعية في لبنان

السفارة البابوية- حريصا | مستشفى سيدة زغرتا  
 


 

تلبيةً لطلب القاصد الرّسوليّ، المونسنيور لو برتر، ممثّل قداسة البابا بيوس الثاني عشر، وتحقيقًا لرغبة المؤسّس في الخدمة المباشرة للكنيسة والكاهن، ابتدأت ثلاث راهبات العمل في السفارة البابويّة في لبنان منذ سنة 1943.

         على أثر اندلاع الحرب، انتقلت السفارة البابويّة سنة 1976 من مركزها الأساسيّ في شارع جورج بيكو – بيروت إلى أمكنة أخرى في بيروت، حتّى استقرّت سنة 1983 في المركز الصيفيّ أي المقرّ الحاليّ في حريصا، حيث بنات "أبونا يعقوب" باقيات على عهده في العمل الدؤوب، بغيرة مقدّسة وهمّة رسوليّة.

 
 


 
  
المراكز الأخرى التي تعمل فيها الجمعية في الخارج

 

> السّفارة البابويّة - الشّام

> دار الكاهن المسنّ - المعادي

> ميتم الفرنسيسكان - القدس

> دير القديسة لوسيّا - الاسكندرية  
 

                العمل في السفارة هو استمرار لروح خدمة الكاهن العزيزة على قلب المؤسّس المكرّم، والمشبعة من روحانيّة القدّيس فرنسيس، الذي يحترم الكهنة ويجلّهم. ابتدأت خدمة الجمعيّة في السّفارة البابويّة -  الشام سنة 1974، استجابةً لإلحاح القاصد الرسوليّ المونسنيور إميليو بودجي آنذاك، وذلك محبّةً وأمانةً للكرسيّ الرسوليّ وخدمةً  للكنيسة. منذ ذلك التاريخ، تتفانى أخوات ثلاث في هذه الخدمة.
 
 
 
    يعقوب الكبوشي أول طوباوي يعلن من خارج حاضرة الفاتيكان
 
إمجلة الجيش  العدد 277 - July, 2008
عداد:جان دارك أبي ياغي
 
البطريرك صفير:نسأل الله أن يوثق بين اللبنانين روابط الإخاء والمحبة

الأخت مخلوف: سنبقى الخادمات الساهرات من أجل المرضى والمهمشين والطلاب



ارتدت ساحة الشهداء في وسط بيروت يوم 22 حزيران حلّة فاتيكانية كاملة مع الاحتفال الضخم الذي أقيم في مناسبة إعلان طوباوية الأب يعقوب الحداد الكبوشي. واكتسب الحدث بُعداً فريداً لكونها المرة الأولى التي يُعلن فيها طوباوي خارج الفاتيكان، وفي وطنه،

 

حضور حاشد
وسط حضور حاشد لمئات الآلاف من اللبنانيين الذين أتوا من كل حدب وصوب، أجريت مراسم التطويب في حضور رسمي وسياسي وديني كثيف لمختلف الطوائف والقوى تقدمه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة وعقيلته، فيما تقدم المشاركين في الاحتفال الديني رئيس مجمع دعاوى القديسين الكاردينال خوسيه ساراييفا مارتينيز ممثلاً الحبر الأعظم والذي أعلن التطويب، ورئيس مجلس البطاركة الكاثوليك البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير.

رفع يسوع الملك في صدر خيمة المذبح في ساحة الشهداء، وعند أقدامه صورة الأب يعقوب الحداد الكبوشي حاملاً مسبحته وصليبه «المبري» من كثرة الصلاة. أمّا عند المسرح فصورة من احتفل بإعلانه طوباوياً من وطنه للمرة الأولى في تاريخ لبنان، ومن طوبه المساكين والمعذبون بلسماً لجراحهم.

تمثال الشهداء ومن الشعلة في قبضة شهدائه بدا وكأنه يحيي شهيد القداسة الوافد من عالم المحبة بمعناها المجرد.
وعلى وقع أجراس الكنائس وترنيمة «لبنان لبنان، إلبس ثوب الأفراح، لبنان لبنان يوم التطويب لاح»، بدأت الذبيحة الإلهية من على المذبح الذي احتفل عليه البابا يوحنا بولس الثاني بالقداس يوم زار لبنان، وقد ازدان بلوني العلم البابوي الأصفر والأبيض، وبالورود التي صنعتها راهبات الصليب من البرشان، ووضعت على يسار المذبح أيقونة للعذراء مريم وعلى يمينه الصليب الذي طالما أحبه الأب يعقوب وكرّمه.

الرسالة البابوية
في بداية الاحتفال، ألقى الأب الكبوشي سليم رزق الله ملخصاً عن حياة الأب يعقوب الكبوشي، بعد ذلك، تلا الكاردينال مارتينيز الرسالة البابوية لإعلان الأب يعقوب طوباوياً والتي جاء فيها: «نحن نزولاً عند رغبة أخينا بولس دحدح رئيس أساقفة أريه في نوميديا شرفا والنائب الرسولي في بيروت للاتين، وعند رغبة كثيرين من اخوتنا في الأسقفية وعدة مؤمنين، بعد أن اطلعنا على رأي مجمع دعاوى القديسين، وبسلطتنا الرسولية، نمنح أن يدعى طوباوياً من الآن وصاعداً خادم الله يعقوب الغزيري، كاهن ناذر في رهبنة الأخوة الأصاغر الكبوشيين مؤسس «جمعية راهبات الصليب» الذي قضى حياته كالسامري الصالح في مساعدة البؤساء والمرضى.

يعمل بذلك في الاماكن ووفق تدابير الحق القانوني، ويحتفل بعيده كل سنة في 26 حزيران يوم ولادته في السماء، باسم الآب والأبن والروح القدس آمين».

بعد ذلك أزيحت الستارة عن صورة الطوباوي الجديدة التي رسمتها الفنانة الروسية ناتاليا تساركوفا، المعروفة بلقب «رسامة البابوات الرسمية»، والتي قدّمت الصورة للبابا بنديكتوس السادس عشر في الفاتيكان ليباركها لهذه المناسبة بحضور الرئيسة العامة لجمعية راهبات الصليب الأخت ماري مخلوف.

عظة البطريرك صفير
بعد الإنجيل المقدس ألقى البطريرك صفير عظة بعنوان «حينئذٍ يسطع الأبرار كالشمس في ملكوت الله» قال فيها:
«نحمد الله على أنه حقق الأمنية التي طالما صلّت من أجلها «جمعية راهبات الصليب اللبنانيات»، وكثير من المؤمنين والمؤمنات في لبنان وسواه من البلدان. وهذه الأمنية هي رؤية صورة الأب يعقوب الكبوشي ترتفع على مذابح الكنيسة الكاثوليكية، بعد أن أعلنته الكنيسة المقدسة طوباوياً». وقد جاء في هذا اليوم صاحب النيافة الكردينال خوسيه سارايفا مارتينيز، رئيس مجمع دعاوى القديسين السامي الاحترام، ليحتفل بالذبيحة الإلهية شكراً لله على هذه النعمة، ويعلن رسمياً باسم صاحب القداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، هذا الحدث التقوي التاريخي الكبير. وبعد أن كان مثل هذا الاعلان يجري في روما، عاصمة الكثلكة، أمر صاحب القداسة أن يجري التطويب في بلد الطوباوي، حثاً للمؤمنين على الاقتداء بفضائله، ودفعاً لهم على السير في طريق القداسة. وقد قال أحد المفكرين المؤمنين الكبار: «هناك أسف واحد وهو ألا نكون قديسين».

وقد أراد أركان الدولة اللبنانية، وعلى رأسهم فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان أن يحضروا هذا الاحتفال تقديراً منهم لفضائل الطوباوي الأب يعقوب الكبوشي، واستمطاراً، بشفاعته، لنعمة السلام الذي يتوق اليه لبنان منذ سنوات.
طريق القداسة ليست طريقاً سهلة. وهذا ما أشار اليه السيد المسيح بقوله: «ادخلوا من الباب الضيق: لأنه واسع الباب، ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون فيه وقد اختار الأب يعقوب هذا الطريق الضيق منذ صباه. فمارس الفضائل المسيحية التي رأى أبويه يمارسانها، في بلدتهما غزير. وهذا ما دفعه الى دخول الرهبانية الكبوشية في مار أنطونيوس خاشبو في بلدته، وكان ابن ثماني عشرة سنة. وعاش مآسي الحرب الكونية الأولى. وقد امتاز بممارسته من الفضائل ثلاثاً». الاستسلام للارادة الالهية والبساطة المسيحية، وعمل الرحمة.

• الاستسلام للارادة الالهية:
كان الطوباوي الأب يعقوب الحداد شديد الإيمان بالعناية الإلهية. لقد قام بأعمال باهرة يقتضي لها مبالغ طائلة. وتساءل الناس: كيف لهذا الراهب الفقير أن يجد هذه المبالغ الوافرة من المال ليقوم بما  قام به من أعمال باهرة. فبنى المستشفيات، والمدارس، ودور العجزة، واستقبل من مرضى الجسسد والعقل من ترفضهم سائر المستشفيات العادية. وغالباً ما كان يردد: «ان العناية الإلهية تساعدني. ان اتكالي على الله» وعندما سأله أحدهم: «كيف محاسبتك. أجاب: لا تحدثني عن محاسبتي. هذا أمر أجهله. محاسبي هو الله. ولا أحتفظ بشيء، وإن ما يصل الى يدي أنفقه فوراً في سبيل الفقراء». ورداً على سؤال طرحه عليه أحد الصحافيين، قال: «إن كل ما يعطيناه الله هو لله ولفقراء لبنان، وهو ليس لي، ولا لأهلي الذين يهتم بهم الله». وقال لراهباته: «إن الفقراء هم شكات بأيدينا لأمر العناية الإلهية. إذا فهمتن جيداً ذلك الذي يمثله الفقراء على الأرض، تخدمنهم وأنتن راكعات. ثقوا أن مصرف العناية عصي على الإفلاس». كم كان اتكاله على العناية الإلهية كبيراً!!

• البساطة المسيحية:
عاش عيش الفقر والتقشف والبساطة المسيحية، اقتداء بالقديس فرنسيس الأسيزي.  وعملاً بقول السيد المسيح الذي قال: «للثعالب أوجار، ولطيور السماء أوكار، أما ابن الانسان فليس له موضع يُسند اليه رأسه. والطوباوي قال: «تأمل فقر يسوع من المغارة الى اللحد (مولده - هربه الى مصر - شغله في الناصرة ليدفع الجزية - الجلجلة). ان فقر ابن الله يظهر بكل فظاظته على الصليب حيث لا محل ليُسند اليه رأسه، ولا نقطة ماء ليُروي عطشه، ولا قطعة قماش ليغطي جسده، شرابه الخل، الممزوج بمرارة وبالقرب منه جلادون يلقون القرعة ليتقاسموا ثيابه، في المغارة وجدت أمه أقمطة لتقي جسد الطفل من البرد، أما على الصليب، فالفقر المدقع، ابنها عريان».

وفي وعظه تعمد السهولة، وهل أسهل من التعبير عن هذه النصيحة التي أعطى بموجبها أربع قواعد للتواضع فقال:
- القاعدة الأولى: لا تنسب لذاتك شيئا أو صفة ليست فيك.
- القاعدة الثانية: أن ننسب الى الله ما هو حسن فينا.
- القاعدة الثالثة: لا تمدح نفسك أمام الناس.
- القاعدة الرابعة: لا تعدد نقائص القريب لتعلي صفاتك.

• عمل الرحمة:
جاء في كتاب الاقتداء بالمسيح: «قياس المحبة أن تحب دون قياس». هذه كانت محبة الطوباوي الأب يعقوب. محبته للمنبوذين من الناس، الذين يأنف أقربهم اليهم من الاهتمام بهم، فاستقبلهم واحتضنهم وأشعرهم بأنهم بشر مفتدون بدم الحمل الالهي، وان مصيرهم العودة الى الله الذي منه أتوا». وقد جاء في إحدى كتاباته: «الباري تعالى هو رحوم صالح، لا عن اضطرار لأن قوة تضغط عليه، ولا بقصد الانتفاع، لأنه كامل لا يحتاج الى الخليقة، بقي أن نقول أن الله صالح من مجرد محبته ايانا وتعطفه علينا. هو إله جيد حتى نحو الأشياء التي لا يمكنها أن تقر بعرفان الجميل كالبقول، والنبات، والأشجار، والحيوانات. هو جيد حتى نحو الأشرار الذين يهينونه. «إنه يشرق شمسه على الأخيار والأشرار».
إنا، وقد أسبغ الله علينا جميعاً هذه النعمة، فأقام من بيننا طوباوياً، كان يعيش مثلنا على هذه الأرض، ليدعونا جميعا الى الاقتداء بفضائله، ولا سيما بالاتكال على العناية الإلهية، وعيش البساطة والإقبال على أعمال الرحمة نسأله تعالى، بشفاعة الطوباوي الجديد، أن يحل سلامه الالهي في قلوب جميع اللبنانيين، ويوثق في ما بينهم روابط الاخاء والمحبة، ويهدينا جميعا الى الإقتداء بمثل هذا الطوباوي لنصبح يوما، بعد قضاء ما يكتبه الله لنا من عمر في الدنيا، في عداد القديسين».

كلمة الأخت ماري مخلوف
وألقت الرئيسة العامة لجمعية راهبات الصليب الأخت ماري مخلوف كلمة قالت فيها:

... وكأنني بأبونا يعقوب الحداد الكبوشي يسمع ويرى يسوع مشيراً الى من هو قريبي فلا يأبه بعدها للفوارق والحواجز والانتماءات في وطن الرسالة والبشارة، في وطن الانفتاح والتعاون والاحترام المتبادل، فتكونت عنده القناعة الراسخة راسية اساساتها على الصخر ومنه اصلب. أعلن بعدها طائفتي لبنان والمتألمون ارض القداسة، والقداسة ليست حكراً على أحد، بل هي فضيلة، والفضيلة هي صلة التواصل بين الخالق وخليقته، وبالتالي هي رسالة الخلاص...».

أضافت: «من أين لنا نحن جمعية راهبات الصليب، أن نمثل في هذا اليوم التاريخي الفريد في حضرة ابونا يعقوب الطوباوي لتتبادر الى اذهاننا قبل كل شيء وتتحرك في قلوبنا وضمائرنا كلمات تعلمناها وحفظناها منذ الطفولة وأيام الصبا: لسنا اهلاً ولا مستحقات لهذه النعمة! ولكن النعمة مجانية وأنت يا أبونا قد زرعت روح المجانية حيثما حللت ونفحتها في روحانية جمعيتك التي أردت لها الصليب رمزا للفداء والتضحيات والقيامة».

وتابعت: «من أين لنا نحن جمعية راهبات الصليب أن نتواجد في ساحة الشهداء حيث جمعت حبال مشانق الظلم عظماء من لبنان افتدوه بأرواحهم، قرابين على مذابح الحرية، ورفعة الجباه، وقد نجا أبونا بأعجوبة يومذاك. هنا امتزجت دماء اللبنانيين كل اللبنانيين لتجعل من الفرادة أهم ميزات وطننا. وطن صغير بجغرافيته، وأكبر من الكبير بتضامن جهود ابنائه، وما حضوركم في هذا اليوم الذي يخرج من مدار الايام في هذه السنة التي لا تعلق في مدارات السنين، إلا البرهان الساطع على أن لبنان لا يحتله الإرهاب ولا تعيش فيه الفتن. وطن لكل أبنائه وطن الخير والسلام والحب، فضائل جسدها الطوباوي ابونا يعقوب وتمرّس بها وجعلها صلاته وقربانه.

وطن أبونا يعقوب، وطن القداسة والقديسين. وما القديسون شربل ورفقا ونعمة الله الذين اعلنت قداستهم إلا رمز للتراث النسكي وقداسة أرض وشعب هذا الوطن الذي يشهد اليوم تطويب أبونا يعقوب: السامري الذي لم يتعب فكره ولا توانت يداه ولا خارت قواه في العمل الدؤوب والمتواصل في خدمة القريب، يلتحق بخمسة عشر قديساً وأربعة وأربعين طوباوياً من رهبنة الاخوة الأصاغر الكبوشيين. وقد ذاع عُرف قداستهم فعطّر الكون كله، فكان للقديس فرنسيس المؤسس التأثير العظيم في مسارات القداسة شرقاً وغرباً.

في هذه المناسبة نطلب شفاعتهم ونجدد احترامنا ونعبّر عن عواطفنا البنوية لأمنا الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية المقدسة، متمنين على صاحب النيافة أن يحمل الى صاحب القداسة الصورة الحقيقية عن لبنان الحقيقي، بلد تفاعل الديانات الالهية المؤمنة والمبشرة بأن الله واحد والانسانية بكليتها هي خليقته مع كل ما يتخللها من فروقات واختلافات وتمايزات.
«اليوم نجدد عهدنا لأبونا يعقوب بأننا لن نحيد عن طريق الصليب. ولن ينال منا التعب ولن ندع سرجنا التي سلمتناها ينقص زيتها.

اليوم نعاهد رئيس كنيسة لبنان، ورئيس البلاد والمسؤولين كل المسؤولين، والمواطنين والمواطنات بأن نبقى كما دوماً الخادمات الساهرات السامريات ننحني على الآلام، وتبقى خدمة المرضى والمهمشين والضعفاء والطلاب تحتل كل اهتماماتنا».

وختمت: «يا أبانا الطوباوي، لحظات وينتهي هذا الاحتفال، فترجع بناتك الى أديارهن ومؤسساتهن يعملن تحت ناظريك، وبوحي من فيض إلهاماتك وإرشاداتك، طالبات منك أن تكون شفيع لبنان والكنيسة لدى الله. فيبقى أبناء وطننا كما هم الآن، في ساحة واحدة، لا تخترقها تفرقة ولا تستبد بها انانيات، بل تكون الفروقات بيننا مصدر غنى ووفاق وتعاون...».

«أيها الطوباوي، لقد أمضيت سنواتك لكل لبنان وعملت لكل اللبنانيين.
لتكن شفاعتك مقبولة ويبقى لبنان».
وفي ختام الاحتفال، أعطى الكاردينال مارتينيز البركة النهائية.

تقدمة القرابين
وقدّم جورج قطان ابن شقيقة ماري قطان التي شفاها الطوباوي يعقوب شهادتين:

- الشهادة الاولى هي التساعية التي صلاها لشفاء عمته، والثانية شهادة الأعجوبة التي تحققت بفعل شفيع الصليب الأب يعقوب.
- الشهادة الثالثة من رئيس بلدية غزير ابراهيم حداد مسقط رأس الأب يعقوب، الذي قدّم مفتاح غزير لقلوب طافحة بالحب لكل مؤمن وزائر.
- الشهادة الرابعة: فيكتور حداد ابن شقيق أبونا يعقوب الذي قدّم شجرة آل حداد.
- الشهادة الخامسة: نص الرسوم والقوانين التي عاش بها الأب يعقوب قدّمها راهب كبوشي.
- الشهادة السادسة: شعار الرهبنة علامة التخلي والتجرد والسير على خطى مار فرنسيس في خدمة البشارة.
- الشهادة السابعة: رئيس الرهبنة الثالثة يحمل قانون الرهبنة بخط يد الأب يعقوب الذي أراد هذه الرهبنة خميرة في العالم وقدوة في المجتمعات.
- الشهادة الثامنة: نائبة رئيس الرهبنة الثالثة حاملة الـ«سكابولير».
- الشهادة التاسعة: راهبة شيخة من راهبات الصليب تحمل قانون الجمعية ورسومها بخط يد الأب يعقوب وتسير معها راهبة شابة حاملة شعار رهبنة الصليب (صليب الرب حبيب القلب).
- الشهادة العاشرة: خريطة تتضمن طريقة انتشار جمعيات راهبات الصليب على مساحة الأرض اللبنانية والخارج قدّمتها راهبة من راهبات الصليب يرافقها معلم يحمل شجرة أرز رمز مجد لبنان وعزته.
- الشهادة الحادية عشرة: أحد الأطباء العاملين في بيوت المحبة يحمل سماعته لتتبارك آلة الطب وتبقى آلة لخير الانسان وشفائه وراحته، ترافقه ممرضة تبلسم الجراح زارعة الطمأنينة في نفوس المؤمنين حاملة أدوات التطبيب.
- الشهادة الثانية عشرة: ممرض آخر برفقة ولد معوق يعمل في مشاريع رسول الصليب يحملان القربان الذي سيتحول في المذبح الى جسد الرب.
- الشهادة الثالثة عشرة: الأب يوسف عقل ومعه الأخت منى سعد من جمعيات راهبات الصليب تحمل ما يزيد على العشرة آلاف صفحة وهو الارث الثمين الذي يبقى ذكراً خالداً.
- الشهادة الرابعة عشرة: تلميذان من المؤسسة التربوية للأب يعقوب في غزير وبرمانا.

ثم قدّمت ست نوايا على نية لبنان.

رئيس الأخوة الأصاغر
ثم ألقى رئيس الأخوة الأصاغر الذي أتى خصيصاً من روما الى لبنان، كلمة عبّر فيها عن سروره للمشاركة في هذا الاحتفال المخصص لتقديم الشكر للرب الذي أظهر محبته من خلال أعمال الأب يعقوب.

وقال:
إن الأخـوة الكبوشيـيـن وبـنات الصليـب يفرحـون اليـوم في هذا العيد، لافتاً الى أن البساطة الفرنسيسـكانيـة للأب يعقـوب وإيمانـه بلغـا قلـوب العديد من المؤمنين والضحايا والمتألمين.
وتوجّـه بالشكر الى الرب وجميع الأشخاص الذين التـزموا نـشر قداسـة الأب يعقـوب، ودـعا الى العمـل للخـير والسـلام من أجـل الجميـع.

لقطات
• صمّم المذبح على شكل سفينة فينيقية في أعلاه صورة للمسيح الملك وصورة الأب الكبوشي الرسمية.
• زيّن المذبح باللونين الأصفر والأبيض لوني العلم البابوي ووضعت سجادة باللونين الأخضر والأحمر فرشت بالورود من البرشان ووضعت على يسار المذبح أيقونة للعذراء مريم وعن يمينه الصليب.
• خدمت القداس جوقة جامعة سيدة اللويزة، جوقة الجامعة الانطونية، جوقة جبل لبنان البيزنطية وجوقة راهبات الصليب، جوقة المعهد الوطني العالي للموسيقى بإدارة الأب خليل رحمة المريمي والأب توفيق معتوق الأنطوني، جوزف يزبك وعزف الأوركسترا الوطنية. إنشاد منفرد جومانا مدور وسينتيا سماحة.


روما: البابا يهنئ الشعب اللبناني بتطويب الأب يعقوب الكبوشي
بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي هنأ البابا بنديكتوس السادس عشر لبنان بتطويب الأب يعقوب الكبوشي فقال: «اليوم في بيروت، عاصمة لبنان، يعلن تطويب يعقوب الحداد الغزيري - خليل - الكاهن في رهبنة الإخوة الأصاغر الكبوشيين، ومؤسس جمعية راهبات الصليب في لبنان.
أهنئ بناته بالروح وأتمنى من كل قلبي، وبشفاعة أبونا يعقوب، وشفاعة القديسين اللبنانيين، أن ينعم لبنان بالسلام العادل والمستقر».
الفاتيكان، الاحد 22 حزيران 2008.


3 مراحل
يمر إعلان القداسة من قبل الفاتيكان بثلاث مراحل: المكرم والطوباوي وصولاً إلى مرحلة القداسة.
وكان البابا يوحنا بولس الثاني وقّع العام 1992 مرسوم تكريم الأب يعقوب بسبب ميزاته الانسانية والمسيحية. وأقر البابا بنديكتوس السادس عشر رسمياً في 30 أيار الماضي بالمعجزة التي فتحت الطريق لتطويبه.
وكان الفاتيكان أعلن قداسة ثلاثة لبنانيين هم: شربل مخلوف
(1828 - 1898) ورفقا (1832 - 1914) ونعمة الله الحرديني (1808 - 1858).

 

 
 
 

   قديس في زمن الفتنة!

Monday, June 23rd, 2008

كتب الأستاذ طلال سلمان في السفير:

ما زال للقديسين مكان في هذا الوطن المجرّح بالفتن المتنقلة والتي لا تبدو لها خاتمة مطمئنة في المدى المنظور.
ولقد كان المشهد أجمل من أن يكون حقيقياً، صباح أمس، وبيروت تفتح قلبها لحشود المؤمنين الآتين من مختلف أنحاء لبنان، لكي يشاركوا بالحضور الشخصي، في مناسبة تطويب الأب يعقوب الحداد الكبوشي،
لا يتعلق الأمر بالفارق في الإيمان بين متصدري الصف الأول في الاحتفال، وبين المحتشدين في الخلف ومعهم المسابح والأدعية والتضرعات،
بل هو يتعلق أيضاً بأن أخبار انفجار الوضع الأمني في طرابلس مجدداً كانت تشوّش على الاحتفال بهذا الكاهن الذي سيرسم قديساً، بعد أيام، وهو القائل «إن طائفتي لبنان والمتألمون»،
.. و«المتألمون» في تزايد مستمر، وفي مختلف أنحاء لبنان، حيث تتنقل «الفتنة»، بغير قيود، لأن المناخ المسموم يحتل مساحات إضافية على مدار الساعة، يقتحم البيوت والنفوس، ويفسد علاقات الأخوة والمصاهرة وصداقات العمر فضلاً عن «المواطنة» وأثقال أعباء الحياة التي تنهك كواهل الجميع… بغير تمييز.
باشرت «الفتنة» ضرب وحدة الشعب، وأقامت حدوداً بالدم، في بعض الحالات القابلة للتكرار، بين الطوائف والمذاهب…
لم تعد الأزمة سياسية، وإن ظلت تمد الفتنة أو هي تموهها بعناوين سياسية، فاتخذت بداية من تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية الذريعة، أما بعد انتخابه عبر وساطات وشفاعات تجاوزت «المحلي» إلى «العربي» فالإقليمي فالدولي، فقد أطلت علينا عبر تعقيدات تشكيل الحكومة… وها أن هذا التشكيل السحري معطل! وكلما تأخر «استيلاد» الحكومة العتيدة انتفت الحاجة إليها، لأن «الأمر الواقع» سيقيم «حكوماته» على مستوى الأحياء في المدن، وعلى مستوى أدنى بين القرى التي كانت متجاورة إلى حد التآخي وغدت متباعدة إلى حد الخصومة الآخذة الى الاحتراب!
… ومع التأخر أو التعطيل المقصود لتشكيل الحكومة سيتآكل موقع رئاسة الجمهورية الذي افترض اللبنانيون أن ملء سدته بمرشح الإجماع سيمكن من استعادة صورة الدولة، وسيكون البشرى بالمباشرة في إعادة بنائها.

«الفتنة» لم تكن في أي يوم، محلية، ولا هي كذلك اليوم… حتى لو كانت «لبنانية» أطرافها مؤكدة بالصورة والصوت وتذكرة الهوية!
الساحة محلية، لكن للفتنة «آباء» كثيرين…
للمزيد الرجاء النقر على هذه الوصلة.

 
 
 
 
 

 

www.puresoftwarecode.com